رواية دائرة العشق الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم ياسمين رجب
تتجوزيني؟؟
قالها وصمت يتنظر ردها الذي طال ، عيناها مصدومتين وكأنه سكب فوقها دلو ماء بارد !!توترت عيناه للحظة على تسرعه بعرض الزواج، لكنه خشي أن تضيع من بين يده، خشي ان ينتظر فيسبقه غيره إليها ،
تسارعت نبضات قلبها الصغير و كأنه في سباق ماراثوني ، تعالت أنفاسها وقد شعرت بالارض تميد بها، فأستندت بيدها على حافة مكتبه تقام شعور الدوار المفاجئ ، نظراتها زائغة بينما جف حلقها وهي تبلع ريقها بتوتر، لاحظ هو حالتها فخفق قلبه بخوف، وهو يقترب منها قائلا بقلق..
:_ همس انتي بخير؟؟
رفعت عيناها إليه، صوته بدي بعيدا عنها رغم قربه الشديد، لكنها اغمضت عيناها و هي تضع يدها على يسار صدرها، فما كان منه إلا ان امسك ذراعيها وهو يسندها حتى ساعدها للجلوس على الأريكة خلفها، ليجلس بعدها امامها علي عقبيه سائلا بتوتر بدي ظاهرا لعينيها التائهتين....
:_يا همس انتي كويسة؟؟ تحبي أطلب دكتور؟؟
هدأت الضربات قليلا وقد تباينت ملامحه من ذاك القرب... جالسا امامها على عقبيه ممسكا بكفيها الصغيرين .....
اتسعت زرقة عيناه بخوف!! و قد تلاشي الغضب الذي كان عليه قبل قليل ليحل محله تلك النظرة بعيناه نظرة خوف و يتم عجيب، يشعرها كأنه طفلا صغيراً فقد والديه... وبتلك اللحظة تذكرت عرضه فتعلثمت الكلمات على شفتيها وقد ضاقت عيناها محاولة تهدئت العواصف بداخلها ، خرج صوتها مهزوز وهي تطالعه من ذاك القرب...
:_ انت شو قلت؟؟
بين أنين ضميره و صوت عقله طالعها بصمت يراقب ملامحها الشاحبة، و تلك الرعشة التي يستشعرها بكفيها !!جعلته يبتلع لعابه قائلا بنبرة صادقة لما ينتوي فعله...
:_ تقبلي تتجوزيني؟!
شهقة خفيفة خرجت من بين شفتيها!! و قد اتبعها اتساع حدقتاها، وهي تراقب الجدية على وجهه ، رفرف العصفور خارجا من قفصه وهو يحلق بين ضلوعها، لكنه كسر جناحه حينما تذكرت حبه لأخري!! فتغضنت زوايتا عيناها وهي تحاول التماسك كي لا تبكي فقالت بنبرة خرجت مرهقة....
:_ ليش انا؟!
عيناها جميلتين، و كأن الحزن يليق بهم، لكنه لم يشاء لها الحزن يريد جبر العطب بروحه ، و إسعاد قلبها ،يريدها ان تحظى بمن تحب، ان تمتلك ما تهوي دون فقده، حتى لا تتآلم ذات يوم..... طال صمته وهو يتآملها من قرب و نظراته الثابتة اربكت حصونها ......
:_ علشان انتي همس،
رمقته بعدم فهم !!بينما تابع هو بصدق و ابتسامة حلوة تزين شفتيه حتي شعرت بأن ملامحه كلها تبتسم ليس شفتيه فقط ....
:_ علشان محتاج ليكي فحياتي، محتاج همس البنت اللي مستعدة تخاطر بنفسها و روحها علشان الي حواليها،
صمت قليلا وهو يحدق فيها و قد تشكل الآلم بعيناه فتابع....
:_محتاج ليكي تشاركيني عمري الجاي، وتكوني النور الي يمحي عتمة قلبي، محتاج تكوني الونس ليا، شريكة عمري و سنيني الجاية...
حدقت به وهي تمنع دموعها محاولة التماسك امامه، عماد امامها يطلب يدها، و يخبرها بأنه يحتاج ، اي جبر لقلبها الصغير هذا ،و اي خير فعلت حتى يختارها هي دون غيرها؟؟ لتكون دواء لقلبه، رغم معرفتها بحبه لأنثي أخرى!! إلا انها الان قلبها يكاد يتوقف من فرط تآثره..
:_ فأنا دلوقتي بتمني توافقي و أوعدك يا همس انك عمرك ما هتندمي، بس كمان هحترم رفضك وهعتبر مفيش اي حاجه حصلت...
ابتلعت ريقها الجاف بتوتر تراه ينظر إليها، يريد ردا على سؤاله، لذا تنهدت بصوت خافت، وحاولت الحديث إلا ان الكلمات تعثرت على شفتيها !!وحينما لاحظ توترها أشفق عليها وقال بهدوء...
:_ تقدري تفكري الاول يا همس.... خدي وقتك و فكري وبعدها بلغيني ردك،
تبسمت عيناها وهي تهز رأسها موافقة على اقتراحه بينما نهض هو من امامها و لا زالت عيناه تحاصر نظراتها ولا يريد فك الحصار ،
نهضت من مجلسها بتوتر وهي تقول بخجل زين محيها......
:_ بدك مني شي تاني؟؟
هز رأسه بالنفي وهو يبتسم لها بهدوء فأومت برأسها و خرجت من مكتبه بخطوات واسعة متوترة.... وما ان وصلت مكتبها حتى وضعت كفيها فوق وجهها قائلة بعدم تصديق.....
:_ لك شو الي صار قبل شوي؟؟ مو معقول يا الله دخيلك!!....
قلبها يخفق بجنون وقد ابتسمت شفتيها و تراقصت الفراشات الصغيرة من حولها....
___________________________________
بعد مرور يومين آخرين......
:_هااا يا بابا ايه الاخبار قالك ايه.؟؟....
قالها عمار بتحفز بينما والده جلس بأحباط فوق الاريكة وهو يغمض عيناه المرهقتين
ليقول بعدها بأسف.....
:_ قال شوية اجراءات روتينية ومفيش داعي للقلق......
ما احنا عايزين نعرف هو فين بالظبط؟؟ و ايه سبب الاجراءات دي ؟؟مش المفروض الرجل ده صديق قديم يبقى ليه بيلف و يدور،
رمق توفيق عماد بحزن، الايام الماضية بدت ثقيلة مهلكة لقلبه الضعيف، فمال يستند بذراعيه على ركبتيه وهو يزفر بضيق قائلا...
:_عزيز زهران معندوش في الشغل صداقة او غيره.... و كونه رد عليا و قال الكلمتين دول يبقى ده انجاز.... على الاقل فهمنا ان ريان عندهم مش في حته تانيه
:_تقصد ايه يا بابا؟!
هتف بها عمار بعدم فهم!!
بينما نظر إليه توفيق بحزن وتابع.....
:_ اقصد كونه مقبوض عليه فهو بأمان عندهم ،احسن ما يكون معمول ليه مؤامرة من الناس اللي كان شغال معاهم..... انقبض قلب عماد و شعر بالخوف من احتمالية الامر فقال بتوتر...
:_ وليه ميكنش دي فعلا مؤامرة و عزيز زهران ده زيه زي غيره!! شغال تابع ليهم و بيحاول يضللك مش اكتر....
هز رأسه بالنفي وهو يقول برفض قاطع...
:_ مستحيل عزيز من اشرف الشخصيات الي شغالة في الجهاز، غير كده ده له عداء قديم مع الناس دي و استحالة يمد ايده في ايدهم...
عم الصمت ارجاء المكان فقطعته مرام بصوتها الهادئ........
:_اخبار يارا ايه؟؟ انا طلعتلها امبارح و حاولت اتكلم معاها بس هي ساكتة ومفيش غير دموعها هي الي نازلة... محبتش اضغط عليها و سبتها و نزلت.....
تنهد توفيق بآسي وقال بوهن....
:_ من يوم ما رجعت وهي حابسة نفسها في الجناح فوق، لا آكل ولا شرب، لدرجة انها اغمى عليها ولما فاقت كنا هنطلب لها الدكتور رفضت...... دي حتى سلين حاولت اخدها و انزلها هنا فضلت تبكي، و مقبلتش حد منناو لما فضلت على وضعها ده خليت فاطمة ترجعها الجناح تاني .....
تآلم قلبه لحالها ليس لكونه يكن لها مشاعر خاصة.... و انما لكون شعورهم بمرارة الفقد واحدة..... هما الاثنين ريان لهما يساوي حياة بأكملها لا يكتمل العمر إلا به و لا ينتهي إلا عنده....
انتبه لآسيا التي دلفت من باب المنزل مؤخرا فنهض من مجلسه يسرع إليها وهو يهتف بتوتر من ان تفهمه بشكل خطئ.....
:_آسيا دقيقة لو سمحتي...
رفعت حدقتاها إليه و الحزن تشكل بهم
لمس خدها بحنان بعطف وهو يقول بتساؤل..
حبيبي عاملة ايه ؟!
هزت رأسها بحزن و لم ترد بينما حمحم الاخر
وهو يحاول تصيغ الامر فقال بتوتر...
:_ ينفع اطلب منك طلب؟!
ليصمت بعدها يبتلع لعابه بتوتر
:_ وهو مش علشاني ده علشان خاطر ريان....
انتبهت حواسها اليه بأنصات بينما قال هو....
:_ اطلعي اطمني على مرات ريان و بنته، اتكلمي معاها بلاش تخليها حابسة نفسها فأوضتها كده... البنت وحيدة ملهاش حد وانتي شايفه مامتك و صحتها يعني انتي المفروض تقومي بالدور ده،
غامت عيناها بالدمع وهي تلف ذراعيها حول خصره....... وهي تقول بتآثر...
:_انت احسن اخ في الدنيا يا عماد ربنا مايحرمنا منك ابدا....
مسد على ظهرها بحنان وهو يقول بنبرة طغي عليها الحنان.....
:_و لا يحرمنا منك يا قمري...
ابتعدت عنه وهي تنوي الصعود للاعلي...
___________________________________
بغرفة ريان...........
ناولت سلين لعبتها ثم عادت للجلوس بجوار الشرفة تضم قميصه لصدرها ،تشم بقايا من رائحة عطره، مر اربعه ايام دون معرفة اي خبر عنه، اربعه ايام ولم يجف دمعها لغيابه... الآلم يحرق فؤادها ،و كأنها قد عادت يتيمة الأب الان، انهمرت الدموع تحرق خدها ،قلبها يؤلمها و شعور مريب يراودها تخاف فقده، تموت رعبا ان تركها هو الاخر فمن لها ان لم يعد ، كيف يتركها وحيدة وهي لا احد لها..
من سيجبر كسر قلبها ان رحل... لقد جبر عطب روحها و انساها شعور اليتم، فمن سيعوضها فقدانه..... اغمضت عيناها و الدموع تزداد
بينما انفتح بابا الغرفة و اقتربت فاطمة التي رمقت صنية الطعام بأسف قائلة......
:_ برضو مأكلتيش يا بنتي والله حرام الي بتعمليه في نفسك ده...... وشك بقا اصفر زي اللمونة!!
حينما لاحظت صمتها وقفت بجوارها تمسد على ظهرها بحنان وهي تمنع دموعها على حالها، فمنذ غيابه وقد امتنعت عن الطعام!! إلا من بعض اللقيمات الصغيرة التي قد أصر بها عليها توفيق رسلان بأول امس بعدما سقطت مغشيا عليها....... حالها يبكي وقد شحب وجهها و ازدادت الهلات السوداء حول عينيها
:_ريان بيه لو كان موجود مكنش هيقبل بوضعك ده !!
وعلى ذكر اسمه ازداد بكائها فقالت فاطمة بنبرة باكية....
:_يا بنتي والله هتموتي نفسك كده حرام عليكي صحتك!!
ضربت كفها بالاخر وهي تردد بأسف
:_ لله الامر من قبل ومن بعد ربنا يرجعك بالسلامة يا ريان بيه علشان خاطر الغلبانة الي هتموت نفسها......
وبعدها حملت الصنية وخرجت بها من الجناح،
و اغلقت الباب خلفها ومع اول هبوط لدرجات السلم قابلتها آسيا التي نظرت إليها بتساؤل...
:_ خير يا دادة بتكلمي نفسك ليه
هربت دمعة من عينها وهي تهتف بحزن...
:_ صعبان عليا مدام يارا مأكلتش ولا لقمة و عنيها راحت زي الدم من كتر البكي....
شئ ما آلم قلب الاخري فشعرت بالاشفاق عليها وقد اخذت الصنية من فاطمة و اتجهت بها إلى جناح شقيقها...
طرقت الباب بخفة وحينما لم يأتيها الرد قامت بفتح الباب بهدوء... قابلها عطر أخيها و كأنه لازال هنا الجناح الكبير الذي تره للمرة الأولى، بينما ابنة اخيها جالسة بأرض الغرفة حول كومة من الالعاب.. شقت ابتسامة حزينة شفتيها وهي تراقبها بحزن الا انها رفعت عيناها تجاه الاخري الجالسة بجوار الشرفة
هالها المنظر وكأنها لوحة فنية، كتلة من الحزن تتجسد امامها، شعرها مفرود حول جسدها !!بينما رأسها فوق ركبتيها و قد ولت وجهها تجاه غروب الشمس وكأنها لا تتدري بشئ مما حولها...... اقتربت منها بخطوات بطيئة فرفعت الاخري رأسها ما ان شعرت بأحد حولها ، فتلاقت حدقتاها بعينين آسيا التي جلست بجوارها بعدما وضعت صنية الطعام على اقرب طاولة قابلتهاو على شفتيها تجسدت ابتسامة حزينة....
:_ عاملة ايه النهاردة؟!
هزت كتفيها وهي تمسح وجهها من آثر الدموع قائلة بنبرة مرهقة.....
:_ زي ما انتي شايفه عايشة،
خفضت وجهها وهي تفرك اصابعها بتوتر تحاول خلق اي حديث بينهم فقالت بحزن ظهر على قسمات وجهها......
:_ انا عارفه اننا مش قريبين من بعض و اني ولا مره حاولت اتكلم معاكي.... بس صدقيني الي انتي بتعمليه في صحتك ده غلط !!على الاقل اهتمي بنفسك علشان تقدري تخلي بالك من سلين ..... طب اتكلمي معايا قولي حاسة بأيه السكوت ده غلط...
ازداد الدمع بعينها وهي تبتلع غصة مسننة بحلقها ،بينما قلبها يؤلمها بشدة و الالم يزداد كلما سقط بصرها على ابنته.....
:_ حاولت صدقيني ،حاولت بس مقدرتش ،حاسه بطعم كل حاجه فيها مرارة!! مش قادرة اقرب لأي شي ولا قادرة اعمل حاجه، غياب ريان كسر ضهري وشل حركتي... حاسة اني متكتفة!!
ابتلعت ريقها وهي تحاول كفكفة دموعها ثم تابعت حديثها بنبرة مؤلمة.....
:_ اخوكي هو كل ما ليا ... انا مليش حد بعد ربنا غيره... وحتى العيلة و اختي مفيش حد يعوض غياب ريان... مفيش حاجة قادرة تخفف الخوف و الوجع بقلبي... حاسه كأنه غايب بقاله اربع سنين مش اربع ايام....
لمست آسيا ساقها تربت عليها بحزن وهي تقول بمواساة.....
:_ خليكي قوية و صدقني ريان راجع انا متأكدة
رفعت رأسها للسماء داعية الله ان يرده لها سالما معافى....
___________________________________
بفيلا كامل...
دارت بغرفتها كالمجنونة لا تعرف مالذي عليها فعله الان... بماذا ستخبر خالها وكيف تقص عليه طلب عماد للزواج منها ثم ان امها ستقيم الدنيا فوق رأسها..... وضعت يدها على يسار صدرها ثم هتفت تحدث نفسها.....
:_ اهدي همس من شو خايفه؟؟ كل الي عليك تخبري خالك انو في شاب بدو اياكي
اي هيك منيح.....
جحظت عيناها مرة أخرى وهي تردد بغباء..
:_بدوا يأكي.... لك شو الغباء يا همس!! والله الرجل بيفهم شي تاني، بدوا يتزوجك يا غبيه!! اسمها يتجوزك اي هيك منيح....
اخذت نفسا طويلا وهي تخرج من غرفتها تنوي التوجه لمكتب خالها بالاسفل
:_ اوه اهلاين ابن الخال اشلون صحتك؟؟
قالتها بمشاكسة ما ان رأت كريم ينوي الدخول لغرفة سلمي القديمة...
بينما ابتسم الاخر نصف ابتسامة وهو يقلد صوتها الرفيع....
:_اهلاين همس
رفعت حاجبيها وهي تتخصر امامه قائلة بضيق.....
:_ ليش عم حس انك بتتمسخر علي!!
لتصمت بعدها وهي ترمقه بسخرية حينما لمحت الكوبين بيده....
:_ شو خدمة الغرفة ما بتوصل لعنا ؟؟ولا بتقتصر على الست سلمي!!
نظر لها بتعالي وهو يتركها ينوي الدخول....
:_ ابقي فكريني بنفسك و احنا نوصلك الطلبات للاوضة
جحظت عيناها وهي ترمقه بضيق، وقد تخصرت ثم قالت بصوت مرتفع حتى يصله بالداخل بعدما اغلق الباب بوجهها......
:_ ليش شايفتك ما فقدت الذاكرة اخ كريم!! ولا لتكون مفكر حالك تامر حسني بفيلم عمر وسلمي...
لم يأتيها رد سوي صوت الباب الذي اغلق بوجهها،
فعدلت من هيئة ملابسها بحرج و هبطت الدرج بخطوات ثقيلة......... و ما ان وصلت امام باب المكتب حتى اخذت نفسا طويلا ،وبعدها طرقت الباب بخفة فآتها الرد من الداخل يأمرها بالدخول......
:_مسا الخير خالوو فيني اخد من وقتك شوي؟؟
قالتها بأبتسامة متوترة وهي تناظره بقلق!!
فرفع كامل رأسه عن كومة الاوراق التي بيده وهو يخلع نظارته الطبية قائلا بأبتسامة هادئة.....
:_ طبعا يا حبيبة خالك....
اغلقت الباب خلفها، وتقدمت حتى جلست على المقعد المقابل له وقالت بتوتر.....
:_ في شي بدي خبرك ياه خالووو
راقب توترها بعين الاهتمام فأهداها ابتسامة مطمئنة وهو ينهض من خلف مكتبه حتى جلس امامها وقال بهدوء...
:_خير يا همس اتكلمي على طول...
لوت ثغرها بتوتر، و اخذت تفرك اصابعها، ثم رفعت عيناها إليه وقالت بقلة حيله
:_ ليك خالوو انا ما بحب لف و دور، كمان ما بعرف اشلون اتصرف بهيك شغلات....
صمتت تعيد ترتيب صيغة الحديث فعادت و اكملت.....
:_ استاذ عماد مديري بالشغل قال بدوا يتزوچني!!!!؟
رفعت عيناها لخالها الذي ارتسمت ابتسامة سعيدة على شفتيه وهو يقول بهدوء...
:_ وده السبب في حالة التوتر دي
تنهدت بيأس وقالت...
:_انت بتعرفني ما إلي بهي الشغلات، ولا بعرف كيف اتصرف كمان!! انا اشلون ما فيني اتوتر و انت بتعرفني بتوتر كتير و بخاف من العلاقات
رفع حاجبيه وهو يشاكسها بالقول....
:_ بس انا مش شايف كده يا همس..... انتي فعلا متوترة بس مش السبب خوف علاقات انتي خايفه يترفض!!!
اخفضت وجهها بخجل و هي تتحشي النظر إليه فقال بنبرة اكثر لين.....
:_ انتي موافقة عليه يا همس... الشاب عاجبك؟؟
هزت رأسها بإيمائه بسيطة و لازالت تخفض وجهها فأبتسم كامل بحب وهو يهتف بنبرة صادقة....
:_ هسأل عليه الاول... ولو طلع يستاهلك و يستحق قلبك ده يبقى نحدد معاه معاد و اقابله... وبعدها ربنا يقدم الي فيه الخير..
نهضت من مجلسها وهي تلقي بنفسها داخل احضانه قائلة بنبرة صادقة.....
:_ الله لا يحرمني منك يا احن خالوو بكل العالم....
ربت على ظهرها بحنان وهو يبتسم قائلا...
:_ولا يحرمني منك يا بنتي....
ابتعدت عنه وهي تمسح دمعة هاربة من عيناها، و خرجت من مكتبه...
بينما اختفت الابتسامة وهو يخفض وجهه بحزن ..... الالم زار قلبه فاهي همسته الصغيرة قد كبرت و جاء من يسرقها... همسته التي عوضته عن وحدته نفض افكاره وعاد إلى ما كان يفعل لكومة الاوراق التي لا تنتهي...
___________________________________
يجلس امامها وهو يقوم بقص أظافرها بينما ظلت أنظارها تحفظ كل تفاصيله..... اليومين الماضيين عاملها بكل حنان و حب، و كأنها قطعة من الماس يخشي عليها من السقوط!!!
و عليها الاعتراف بأنها احبت اهتمامه بها،
كريم شاب استثنائي لاي آنثي شاب تتمناه اكثر النساء جمالا..... الحنان بعيناه يفيض ويغرق قلبها المشتاق للعطف... نظراته الدافئة تخبرها اي عاشق كان، و بهذه اللحظة تتمني ان تتذكره حتى تعرف كيف كان يعاملها بالماضي؟؟.... كيف يكون عناقه؟؟ و كيف تكون قبلته كرجل عاشق..؟؟.... سؤال يراودها منذ عادت للوعي فتتذكر اطراف الحديث منذ كانت بالمشفي، كان صوته ينبعث لعقلها يخبرها عن خسارته لحبيبته بالماضي... هل كان يحب احداهن؟؟ وخسرها هل احب احداهن و تركته؟؟.... الاسم يتردد بعقلها يلسعها بسياط الغيرة.. وقد
تملكها شعورا مؤلم و حارق ابتلعت غصة مسننة بحلقها وهي تسحب يدها بضيق قائلة...
:_ كفاية كده...
رفع عيناه اليها حتى صدم من الضيق البادي علي ملامحها فقال بتساؤل...
:_ مالك ايه زعلك فجأة كده؟
هزت رأسها بنفي وهي تقول بحزن....
:_مفيش
رفع رأسها بين اطراف اصابعه وقال بأبتسامة حلوة هدمت حصونها......
:_ لا فيه... مال العيون دي زعلانه كده؟؟
حدقت بعيناه مطولا فأنسابت الكلمات عبر شفتيها دون ارادة منها.....
:_ مين سمر؟؟!
انخفضت اصابعه وطالعها بتوتر بينما قالت هي..
:_ اسمها بيتردد في عقلي... وكمان صوتك كأنك كنت بتقولي انك خسرتها ومش عايز تخسرني.... مين البنت دي؟!
ابتلع لعابه بتوتر ويفرك وجهه بكف يده قائلا بتعلثم....
:_سلمي انتي بس علشان تعبانة بتتخيلي حاجات ملهاش اساس من الصحة و...
:_ انا مش بتخيل انا واثقة من الي بقوله و متاكده ان الاسم مش غريب عليا... فياريت متحسسنيش اني عاجزة وكمان غبية!!
قالتها بضيق وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه ،فجسي امامها علي ركبتيه وقال بحزن...
:_ مين بس قال انك عاجزة... مش معني انك تعبانة وحركتك قلت تبقى عاجزة يا سلمي، علشان خاطري بلاش كلامك ده
نظرت اليه بحزن وقالت....
:_ يبقى تجاوبني على كل سؤال بدون متخبي عليا حاجة !!
صمتت قليلا وهي تنظر إلى عيناه ،حتى شعرت بنبضة قلبها نبضة تخصه وحده دون غيره وقالت....
:_ عرفني على كريم الي نسيته!! قولي انت مين ؟؟
وقبل كل ده مين سمر بالذات؟؟... وياريت متقولش اني كنت بتخيل....
الحزن الذي ومض بعيناه اخبرها بمدي بشاعة ما يعانيه و كأنه يحارب حتى يتكلم.... كأن الحروف تتعثر في طريق الخروج من شفتيه !!فأبتلع ريقه بتوتر وهو يحاول التماسك، فأغمض عيناه و قد ومض وجهها البرئ امام عيناه فرغما عنه تبسمت شفتيه للذكري وقال بنبرة شجن و حنين لماضي بعيد.....
:_انتي مش بتتخيلي يا سلمي.... لان الحقيقة ان سمر كانت اول حب في حياتي!!!
الكلمة اصابة قلبها الوليد و تلك الدمعة المتجمدة بعيناه آلمتها اكثر، بينما شرد الاخر بالماضي وتابع.....
:_كانت جميلة و بريئة لدرجة خطفت قلبي سرقته مني، وخلتني من غير ما احس احبها و ادوب فيها دوب... اول مره كان قلبي يدق لبنت، و اول مره اجرب شعور الخوف من اني اضيعها!!
حبيتها فترة قصيرة جدا،
حدقت به منتظرة اكمال حديثه، و حينما طال صمته قالت هي....
:_وبعدين ليه سبتوا بعض؟؟
هبطت دمعة من عيناه فمسحها بكف يده وقال بنبرة حزينة....
:_ مكنتش ليا كانت مخطوبة لابن خالتها!! ولما خلاص انفصلوا و هو كان هيتجوز غيرها ،
كان القدر ليه كلمة تانية.... كلمة اعلي مني و منها!!
انقبضت يده لجواره وهو يحدق بها بقلة حيلة، الماضي يعود بكل قسوته بكل آلامه و ثقله...
:_ اخر مره شوفتها كانت شبه الملاك، صوتها وهي بتنادي عليا و بتعدي الطريق لازمني كتير طول السنين الي فاتت... صورتها وهي غرقانة في دمها عمرها ما راحت من بالي.... حتى ابن خالتها و انهياره وقتها، ذكريات عمرها ما فشلت تنهش بروحي
:_ماتت؟؟!
قالتها و تعبير مفجع قد تشكل على قسمات وجهها !!بينما اغمض الاخر عيناه بآلم وقال...
:_كان نصيبنا اننا نفترق قبل حتى ما القدر يجمعنا
:_ ماتت؟!!
قالتها مرة أخرى وقد قرص الدمع عيناها ... جسدها يرتعش بقوة حتى لاحظ هو ذالك
فمد كفيه واحتضن وجهها قائلا بخوف
:_ سلمي حبيبي اهدي في ايه!!
الدموع انسابت من عيناها وقالت ببكاء مرير....
:_ليه عايز تعيد الماضي تاني ؟؟ليه بتكمل حياتك مع وحدة مصيرها تحصل حبيبتك الاولي؟؟
:_هششششش
غمغم بها وهو يضع اصابعه على شفتيها ثم همس بتعب....
:_ بلاش تاخدي الموت امر مسلم بيه ليه بتفترضي الاسوء...
ابعدت يده عن وجهها بوهن وهي تقول بصوت باكي.......
:_علشان ده الواقع.... انت ليه عايز توجع نفسك بنفسك مفيش حد هيلومك لو سبتني ده حقك..... وغير كده انا مش فاكرة حاجة!! يعني الموضوع مش بالصعوبة دي.... تقدر تبعد يا كريم وصدقني ده اسلم حل ليك....
نظر إليها مطولا وقد تغيرت تعابير وجهه وقد لمع بهم الغضب حينما قال.....
:_ انتي دايما بتاخدي القرار ومستنية مني اقبله.... سلمي افهمي لاني مش هكرر كلامي تاني...... انتي مراتي و حبيبتيي ومش هتخلي عنك علشان وهم في دماغك.... مرضك ده قضاء ربنا و انا راضي بيه .... ومش كل واحد هيتعب الي حواليه هيتخلوا عنه لمجرد انه مش عايز يتعب حد معاه....... احنا بنتعافي بالي بنحبهم بوجودهم في حياتنا في عز المحنة بلاش تتغابي بالله عليكي!!
خفضت وجهها وبكت اكثر ، تآلم قلبه فضم وجهها بين كفيه وقال بصدق...
:_ يا غبيه محدش بيسيب روحه.... محدش هيتخلي عن حبيبه لمجرد انه خايف من الوجع... يا سلمي يوم حادثة سمر كنت مستعد اعمل اي حاجه علشان تعيش... علشان يكون لينا فرصة مع بعض... بس امر ربنا نفذ... دلوقتي انتي عايزني اعيد الوجع لقلبي بس المرة دي بأيدي انا الي ابعدك عني!!
:_ انا بس مش عايزاك تتوجع وتتعب معايا ،انا ابسط حاجة مش هقدر اعملها وقت ما اكون تعبانه،
قالتها بين دموعها ،فأبتسم هو وقال بنبرة صادقة حنونة...
:_ انا راضي انا معاكي نشيل بعض احنا الاتنين ازي اكون معاكي و انتي بصحتك، ولما تتعبي اتخلي عنك!! بتفكري ازي بالله عليكي؟؟
ازداد بكائها مرة أخرى فقال بنفاذ صبر..
:_طب بتبكي تاني ليه؟؟
رفعت عيناها الباكيتين إليه وقالت ببكاء...
:_ عايزاك تاخدني في حضنك
حدق بها بذهول!! ثم جذبها بين احضانه يضمها لصدره وكأنه يسحق ضلوعها اللينة بين ضلوعه، ارد اذابة عظامها و لحمها، فدفن رأسه بين طيئات شعرها الناعم و شفتيه استقرت على تجويفة عنقها!!
بينما هي ضمته بقوة و كأنها خلقت من بين ضلوعه تشعر و كأنه مكانها الوحيد بين احضانه .... صدره الدافئ يتسع برودة اوصالها و انفاسه الحارة على تجويفة عنقها تطمئن خوفها من احتمالية تركه لها....
ابعدها عنه قليلا يضم وجهها بين كفوفه و عيناه بعيناها قائلا بصدق كلماته التي لاقت صداها بداخلها.....
:_ بحبك يا سلمي و دي حقيقة ثابتة مش هتتغير و كل ما حاولتي تنسي فكرة انني ابعد عنك يبقى احسن....
تبسمت عيناها الباكيتين فمال بوجهه يعانق شفتيها بعناق مشتاق يبثها زخم المشاعر بداخله ، بقبلة حانية هادئة رغم النيران المشتعلة بداخله تطالبه بالمزيد، فمد يده يتحسس عنقها وخصلاتها الناعمة و قبلته تزداد جنون و اشتعال... إلا انه ابتعد حينما شعر بأرتخاء جسدها فأبتعد بخوف يرمقها بقلق..... اسبلت اهدابها بوهن وكادت تفقد وعيها وقد شعرت به يسحب الاكسجين من رئتيها،
الوهن البادي على وجهها جعله يهتف بأسف...
:_ انا انا اسف انتي كويسه؟؟!
هزت رأسها بهدوء تؤمي بموافقة
لينهض بعدها مبتعدا تجاه الشرفة يستقبل الهواء البارد عله يطفئ ليهيب الشوق بداخله،
فتحت عيناها بعدما شعرت بالفراغ حولها كانت نظراتها زائغة، لكنها لمحته واقفا متخصرا امام النافذة ، طويلا قوي البنيه تري عضلات كتفيه قويين و من ذاك القميص الابيض الذي يحدد كافة تفاصيل جسده، توردت وجنتاها فرمقته بخجل و عادت تشيح بوجهها بعيدا عنه..... حتى شعرت به يدنو منها قائلا بصوت حنون اربك قلبها....
:_ رأيك نخرج نتعشي بره النهاردة؟!
رمقته بعدم فهم بينما اوضح هو...
:_ مالك بتبصيلي ليه كده قالها مبتسما فتبدلت ملامحها وقالت....
:_ انت بتتكلم جد.... انت شايف حالتي ازي؟؟
اتسعت ابتسامته و مد يده يلمس خدها وهو يحرك ابهامه على اطراف شفتيها.....
:_ مالها حالتك..... تعبانة شوية مثلا... بس ده مش سبب
صمت قليلا وهو يرمقها بعينين جميلتين ثم قال بصوته الرخيم الذي يتسلل عبر روحها...
:_ سلمي انتي خرجتي من يومين من المستشفى و من يومها قاعدة في الاوضه... خلينا نطلع مع بعض و انتي مراتي
ضيقت عيناها فقال هو....
:_ اه من يوم ما اتجوزنا ملحقناش نخرج احنا الاتنين
:_ليه؟؟
قالتها بتساؤل، فتغضنت زاويتا عيناه وهو يلمس خدها بحنان.....
:_المشاكل الي قابلتنا في جوازنا وبعدها عرفت بمرضك ملحقناش اساسا نعمل اي حاجه كأي اتنين متجوزين جديد،
الحزن بمقلتيه هز مشاعرها تجاهه فهمست تسأله.....
:_ وقبل ما نتجوز كنا بنخرج؟!
ارتسمت ابتسامة شقية على شفتيه، وهو يطالعها بمشاكسة....
:_ لا قبل ما نتجوز كنا ابرياء خالص مكنش نعرف للخروج طريق، و عمرنا شوفي عمرنا كده قربنا من بعض او لمست حتى ايدك،
شعرت بالسخرية و المشاكسة بصوته بينما رمش هو بعيناه عدت مرات قائلا...
:_وافقي بقا خلينا نجرب الخروج الي منعرفوش ده،
هزت رأسها بموافقة رغم عدم ارتياح قلبها لنبرته
ابتعد عنها وهو يتجه صوب الخزانة، إلا انه لم يجد ما يعجبه بها فضيق عيناه قليلا و قد قفزت لرأسه بعض الافكار ليهمس بعدها بأبتسامة حلوة.... مفيش غيرها هي الي هتحل الليلة دي،
لم تفهم مقصده بينما خرج هو من الغرفة تاركا اياها وسط حيرتها....
___________________________________
قبل 48 ساعة من الان
بأحدي الدول الاجنبية................
بعينين قاتمتين راقب النائم فوق الفراش بسلام.... شقت ابتسامة ساخرة شفتيه فكيف لظالم مثله ان ينام قرير العين هكذا؟؟ ، كيف يغفو ويده متسخة بدماء آناس لم يكن لهم ذنب؟؟، آلا تزوره الكوابيس مثله... شعور بغيض يراوده هذا الرجل ،تسبب بأيذاء روحه على مدار سنوات.... كان اول من علمه الامساك بمشرط طبي، اول مرة اجري بها جراحة كانت على يد هذا الرجل....
جعل منه نسخة باهتة لشخصه الحقيقي نسخة لطلما كرهها لكنه لازال يحتفظ بمعدنه بذاك الطفل ذو السبع اعوام......
وحتى ينظف حياته كان عليه اللعب بورقته الاخيرة ورقته الرابحة.... تزينت شفتيه بأبتسامة منتصرة وهو يرجع برأسه للخلف لقد استطاع تأمين نفسه قبل اعوام من خلال عمله لصالح جهاز المخابرات .... لقد اسقط أعتي رجال الأعمال ممن يعملون في مجالات غير قانونية و التابعين لهما من جهاز الامن الذين يؤمنون سير العمل... كان عليه اللعب على الجهتين ،الاولى لانه اجبر عليها ولم تكن خياره، بينما الثانية ارد بها تأمين حياته وعائلته، فرصة جائته على طبق من ذهب قبل سنوات و لم يكن غبيا!! حتى يتركها تضيع من بين يديه ،كان عليه ضمان حياة جديدة، حياة مع ابنته و حبيبته.... ما حدث قبل يومين و قصة القبض عليه ما هي الا ساتر حتى يستطيع تنفيذ مخططه.... وشقيقة زوجته كانت انسب فرد لالقاء القبض عليه....والحقيقة انها لم تقصر فقد فعلت ما لن يستطيع سوها فعله وبرغم عدم معرفتها بعمله إلا انها جائت لمنزله ولم تهتم بأختها بل فعلت واجبها ويزيد، ازدادت ابتسامته باتساع وهو يتمني رؤية وجهها الان بعدما تعرفت على ملفه كونه يساعد الجهاز الذي تعمل به، نظرة شريرة لمعت بعيناه وهو ينهض من مجلسه متناولا كوب الماء من فوق الكمود ثم وبكل برود سكبه فوق وجه النائم!! الذي انتفض صارخا بهلع وكاد ينهض, حتى وجد يديه مكبلين بالفراش وعينين زرقاويتين تلمعان بحقد وكراهية..... فأبتلع لعابه بتوتر وهو ينظر ليه بخوف وقد تعثرت الكلمات على شفتيه......
:_ ريااان!!!!
هز الاخر رأسه يمينا ويسارا مصدرا صوت طقطقه خفيفة وهو يهتف بتشف....
:_ ايه يا باشا اتخضيت؟؟
القشعريرة انتشرت بجسده وهو يراقب خطوات ريان الذي يتهادي حوله بخطوات ثقيلة بطيئة ،و كأنه يتلذذ بأرسال شعور الرهبة إليه.......... لن يكذب ويقول انه لا يخاف ريان... بل يموت رعبا منه.... منذ كان صغير و نظرته ترهب اعتي الرجال!! عيناه الزرقاويتين تبرقان بشراسة، فكان يلقبه بالشبل الصغير نسخة والده ،لكنه فاق اباه بمائة مره..... حدقتاه تبرقان الان وهو يميل عليه هامسا بفحيح مرعب.....
:_ ايه رأيك في المفاجاءة الحلوة دي؟؟
ابتسامته تزداد وهو يضيق عيناه ناظرا لسقف الغرفة ثم عاد بنظراته مرة أخرى وقال.....
:_ انا عارف انها مش حلوة ليك، وبتسأل نفسك ازاي وصلت لأوضة نومك مش كده؟!
:_ريان انت بتغلط و انا مش....
قطع ريان حديثه وهو يضع اصبعه على فمه قائلا بتشف وهو يري مدي رعبه....
:_هشششششششش متتكلمش كتير يا باشا، و بعدين غلط ايه الي بتتكلم عنه... ده اول حاجة اعملها صح من يوم ما عرفتك.....
خايف مش كده؟؟!
قالها بسخرية وهو يقوس شفتيه كطفل صغير، بينما قد اشتعلت عيناه بمروج الغضب وهو يضرب بجواره على الفراش .....
:_اياك تخاف ان خوفت تموت.... لو ايدك اتهزت بالسلاح يبقى انت ميت.....
ابتلع الاخر لعابه وهو يتذكر تلك الكلمات التي ألقاها على مدار سنوات بتلك المدرسة... وكان ريان اول هؤلاء المستمعين....
:_ ريان خد الي انت عايزه بس بلاش تأذيني... بلاش توسخ ايدك بالدم!!
ضحكة عالية صدرت عن الاخر، ضحكة ساخرة خرجت وقد برقت عيناه بحقد.....
:_اوسخ ايدي؟؟! فعلا مهو دمك اوسخ ده هتلمسه ايدي...
ازداد الرعب بعيناه وهو يهتف برعب....
:_محدش هيرحمك يا ريان حتى لو قتلتني انت الي هتخسر...... انت بتلعب مع الناس الغلط!!
رمقه الاخر بتشف وهو يقول بثقة...
:_ انا مش بخسر... و الادلة الي عندي تودي الناس الي انت خايف منهم وراء الشمس!! ومتقلقش عليا انا اعرف اتعامل معاهم...
قالها وسار حول فراشه وهو يمسك زجاج صغيرة قد فتحها وسكب ما بها فوق الفراش!! ونظرة شر تلمع بعيناه وسط ذهول الاخر !!!الذي علم ماهية الشئ المسكوب !!فأخذ يصرخ بهلع وهو يتلوي فوق الفراش، بينما ريان وجهه قاتم وهو يشعل سيجارة وضعها بفمه ثم ألقي القداحة فوق الفراش وقد اشتعلت النيران حواله!!! يري الجسد امامه تآكله النيران بينما الرجل يصرخ ويصرخ فما من مجيب....
على صوت الصراخات خرج من الغرفة وهو يمد يده يحمل حقيبة بجوار الباب علقها على كتفيه، بينما يده امتدت و انزلت قناع وجهه حتى يخفيه.... ثم و بخطوات سريعه هبط الدرج واتجه صوب النافذة بالدور الارضي حتى القي بنفسه منها....
حينما خرج للحديقة الخلفية كان صوت سيارات الشرطة اعلنت الوصول، و سيارة الاطفاء كل شيء يسير كما خطط له قبل دخوله فقط عليهم الاسراع حتى يكون ذاك الوغد على قيد الحياة، صوت بواق سيارة جعله ينتبه فما كان منه إلا ان ألقى بنفسه داخل السيارة التي انطلقت بسرعة البرق
_____________________
الان
الي عملته يا ريان تهور كبير ازي تحرقه بالطريقة الشنيعة دي،؟؟ انت مش عارف هو مهم عندنا قد ايه!! ولازم يكون عايش علشان نقدر نوصل لكل معلومة توصلنا للناس دي!!
عيناه تلمعان ببريق مختلف عما كان عليه قبل ايام، بينما الرجل امامه يشتعل من الغيظ ،الا ان ريان لم يتركه لحيرته بل وضع امامه حقيبة صغيرة وهو يبتسم بنصر قائلا...
:_ انت مش هتحتاج منه اي اعتراف، كل حاجه انت محتاج ليها هتلاقيها على الفلاشة، وفي اسماء هنا لها مناصب عاليا في البلد لو الملفات الي في الشنطة دي اتفتحت صدقني ناس كتير هتروح فين ستين داهيه من ضمنهم ناس معاك هناا في الجهاز!!!
اتسعت عينين القائد وهو ينظر للحقيقة الصغيرة بعدم تصديق الا ان ملامحه تبدلت للسعادة وهو يبتسم قائلا ...
:_ اثبت فعلا انك ابن ابوك ، توفيق رسلان يستاهل يكون له ابن زيك،
اتسعت زرقة عيناه بغضب عند ذكر اسم والده
وهو يقول...
:_ الموضوع ملهوش علاقة بأنا ابن مين !!كل الحكاية اني حابب أبدا حياة جديدة،
كانت الابتسامة تزين وجه القائد وهو يأخذ الحقيبة التي قام بوضعها داخل الخزانة الخاصة به وقال.....
:_ انت بدأت حياتك الجديدة من 7 سنين يا ريان من يوم ما بقيت الرجل بتاعنا!!!
وصدقني اي حد عنده ابن قوي زيك استحمل كل الي مر بيه، ومع ذلك لم جاتله فرصة انه يخرج للنور مسك فيها فلازم يكون فخور بيك،
تغضنت زاويتا عيناه بالالم عن اي فخر يتحدث وقد خجل منه والده لسنوات ،حتى و ان قال انه رغما عنه إلا انها ستبقى غصة تزيد مرارة ايامه.... استعادت ملامحه قوتها وهو يناظر الرجل حبي امامه ثم ابتسم بمجاملة وقال...
:_ اقدر امشي؟؟ ولا سيادتك هتتحفظ عليا بما اني مختفي ليا كام يوم؟؟
تعالت قهقهة القائد امامه وهو يشبك يديه على مكتبه قائلا....
:_ انت الي خططت وطلبت ان الرائد مليكه عبد الرحمن هي تقبض عليك.. و لحد الان مش فاهم ليه هي بالذات، مع انها اخت المدام على حسب معلوماتي....
لمعت حدقتاه بمكر وهو يبتسم لقد خطط لفكرة القبض عليه و مليكه كانت خياره الاول فهي الوحيدة الان التي تعلم بحقيقة عمله ،حتى عماد صديق عمره لا يعرف عن هذا الامر شيأ.... كان عليها معرفة حقيقة عمله لصالح الجهاز حتى تكف عن معارضة زواجه بشقيقتها ،وكما انه على ثقة بأنها لن تخبر أحد بحقيقة عمله، حتى و ان كانت شقيقتها، كما انه ارد التشفي بها حتى تكف عن رفضها كزوج لأختها
:_ علشان واثق انها عمرها ما هتتكلم مها حصل...
اتسعت ابتسامة القائد وهو يأيده بالقول....
:_ انا معاك في النقطة دي لان الدنيا بره مقلوبة عليك.... وغير كده محدش قدر يأخد حرف من مليكه عبد الرحمن...
الابتسامة اتسعت على شفتيه وهو ينهض من مجلسه وهو يضع نظارته فوق عيناه قائلا...
:_ اقدر ارجع بيتي دلوقتي؟؟
نهض الرجل من مكانه وهو يخرج من خلف مكتبه يمد يده يصافحه قائلا.......
:_ انا بجد ممنون لكل معلومة وكل مخاطرة قدمتها لينا يا ريان,
حدق الاخر بيده الممدودة وهو يبتسم... هذا الرجل "عزيز زهران" صاحب الفضل الكبير بحياته معرفته به في السنوات الماضية وما قدمه له من محو ماضيه مقابل العمل لصالحهم كان الشئ الوحيد الذي فعله لاجل حياته, ان كان عزيز منون له فهو مدين له بعمره كله... ها هو قد تخلص من احد كوابيسه دون ترك اي دليل او ادانة ضده، إلا ان يعلم بأن ابواب الجحيم ستفتح على مصراعيها بوجهه وسيكون أكثر استعداد للمقاتلة من اجل حياته الجديدة......
مد يده هو الاخر وصافحه بمودة قائلا....
:_ و انا مدين لحضرتك على دعم و كل فرصه قدمتها لحياة جديدة ليا....
لمس عزيز كتفه و الابتسامة تزين شفتيه...
:_ انا مقدمتش حاجة الي انت وصلتنا ليه على مدار السنين الي فاتت يا ريان محدش قدر يوصل ليه قبل كده!! كل معلومة انقذت بيها البلد دي من دخول أسلحة و مخدرات وتجارة اعضاء, كانت كفيلة تمحي ليك كل ماضيك و بالعكس انت قدمت فوق ما أخدت,
تنهيدة حارة خرجت من صدره وهو يسحب يده ينوي الخروج إلا ان عزيز قد وضع كفيه بجيبي بنطاله قائلا بهدوء....
:_ مهمتك مخلصتش لو احتاجتك في حاجة هطلبك
ألتفت إليه وهو يهز رأسه قائلا.....
:_منغير ما تطلب هتلاقيني عندك....
قالها وخرج مغلقا الباب خلفه،
بينما التفت عزيز حول مكتبه يخرج الحقيبة الصغيرة ثم وضع الفلاش الصغيرة بجهاز الحاسوب الخاص به وبيده يقلب الاوراق التي امامه... حدقت عيناه بعدم تصديق الاسماء التي امامه أكثر من نصفها يعمل بالاجهزة الامنية بالبلد!! بينما النصف الاخر من اهم رجال الأعمال..... حينما فتح الحاسوب صدمت عيناه لولهة!!! غير مستوعب ما يراه ثم و بدون سابق انذار اخرج هاتفه يأمر احد الضباط بأقامة اجتماع عاجل......
__________________________________
بخطوات واثقة يتهادي و كأنه يطبق تلك المقولة " واثق الخطي يمشي بين الناس مَلكًا "
و هو الان اكثر ثقة بنفسه من ذي قبل ،تخلصه من ذاك الكابوس جعل روحه اكثر خفة، انقبضت يده على السلسال بيده يرفعه امام عيناه و ابتسامة مشتاقه تداعب شفتيه فأكثر ما يريده الان ضم صاحبة السلسال بين ضلوعه، فالشوق يكوي قلبه خلال اليومين الماضيين... لمعت حدقتاه بمكر وهو يقترب من تلك الواقفة بجوار سيارتها يكاد الغضب يحرقها حرق فقال بنبرة متشفية...
:_فعلا هي دي العدالة بجد زي ما أخدتيني من بيتي قصاد اختك انتي الي هترجعيني!!!
رفعت حدقايتين رماديتين وهي ترمقه بضيق قائلة....
:_ دي مش عدالة ده مكر البني ادمين مش اكتر!!
اتسعت الابتسامة وهو يرفع نظارته يضعها فوق رأسه قائلا بثقة....
:_ مش مهم هي عدالة او مكر المهم انه حصل وسيادة الرائد مليكه عبد الرحمن هتوصلني بنفسها لبيتي،
قرصت شفتيها بأسنانها وهي تشير بأصابعها بوجهه قائلة.....
:_ عارف لو كنت بكرهك الاول قيراط فأنا دلوقتي بكرهك 24 قيراط!!!
اقترب منها وهو يميل بوجهه عليها قائلا بنبرة متسلية...
:_ اكرهيني براحتك المهم ان اختك تحبني !!!
حدقت به والشر يتراقص بعيناها حتى قالت وهي تستدير حول مقدمة السيارة...
:_ يا ريت لو سيادتك خلصت وصلة الشماته تتفضل تركب لاني عندي شغل.....
كانت حازمة وصارمة عيناه لا تحيد عنه عكس حبيبته تلك الهالة من الحياء و الرقة، ومض الاشتياق بعيناه فنفض المشاكسة عنه و ركب بجوارها، لازالت يده تقبض على السلسال فنظر إليه بين كفه وهو يبتسم، مدله في حب امرأة،
وقلبه يهفو إليها كما تهفو الفراشات لرحيق الازهار، كل خلية بجسده تشتاق إليها، يشتاق لرائحة الياسمين التي تفوح من خصلاتها، يشتاق لأنفاسها بجواره حتى يشعر بالامان و انه خارج ذاك المستنقع اللعين، فبرغم خروجه قبل سنوات إلا انه لم يشعر بالطمأنينة الا بعد
ان غفت بين أحضانه، اتسعت ابتسامته متذكرا صوتها وهي تتغني له بالشرفة.......
طالعته من تحت رموشها حينما لاحظت صمته فحانت منها نظرة لسلسال شقيقتها ، كان مصحفا ذهبي صغير بالاصل كان ملك لوالدتها وقد اهدته لأختها، اما الحمقاء فقد اعطته لزوجها اي غباء يجعلها تفرط بهدية امها... تملكها الغيظ إلا ان شيء بداخلها قد شعر بالسكينة.... منذ تم استدعائها لمكتب عزيز زهران والذي اخبرها بحقيقة عمل ريان معهما منذ سنوات، جعلها تطمئن قليلا ، وبينما هي تراقب تعابير وجهها وكيف ينظر لذاك السلسال ادركت حقيقة عشقه لأختها.... فتنهدت بداخلها داعية الله ان لا يكسر قلب شقيقتها ... فما اقسي من كسر القلوب.......