رواية دائرة العشق الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم ياسمين رجب
دلفت سيارتها من البوابة الكبيرة لقصر ريان رسلان وقد صاح حارس البوابة يهلل بسعادة ،خرج من سيارتها رافعا وجهه للسماء يستنشق رائحة جنته، هذا المكان هو آمانه الوحيد وقد اجتمع به أحبائه جميعا
التفت لصاحبة الصوت و على وجهه ابتسامة راضية بينما الاخري اقتربت منه حتى وقفت امامه حدقتاها الرمادينين تنظران إليه برجاء قد لمسه بنبرة صوتها....
:_ اي عداء بينا خلي يارا بعيده عنه..... و خلي بالك منها يارا بتحبك.... اياك تجرحها او تكسر قلبها.... ارجوك يا ريان هي اضعف من انها تستحمل خذلان او خيانة،
كان سيمطرها بالحديث الساخر إلا ان النظرة بعيناها ألجمت لسانه.... مقلتيها ينبضان بالحزن و كأن احدهم قد كسر بها شئ.... الواقفة امامه قد خانها احدهم و لهذا تخشي على اختها المثل، ان اراد قول الصدق مليكه امرأة نادرة و قوية و لكنها تخفي خلف تلك العنجهية التي تتظاهر بها انثى ضعيفة و محطمة ،و للحظة خيل إليه انها مثله.... لا احد لها رغم أن الجميع حوالها.....
تبدلت نظرته إليها وبان صدقه في حديثه حينما قال بنبرة جاده وصادقه....
:_ اختك في قلبي قبل عيني يا حضرت الظابط....... و انا بوعدك اني استحالة اكسر قلبها.....
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ابتسامة لم تصل حتى عيناها وقالت.....
:_ اتمنى ده من كل قلبي
:_ ريان باشا
قالها احمد بسعادة حينما أتي راكضا بعدما اخبره الحارس بوصوله على البوابة
استقبله ريان بنظرات الفخر و بعدما مد احمد يده يصافحه كان ريان يجذبه ليعانقه بأخوة.... هذا الشاب الشهم الذي جاء به احد السائقين قبل سنوات حتى يجد له عمل... ومن يومها اثبت و بجدارة يستحق أن يكون ذراعه اليمين... لقد عمل لديه العديد من الناس إلا ان احمد اصبح فرد من اسرته.... جزء لا يتجزأ من عائلته الصغيرة........ امين مخلصا عزيز النفس
لم يقبل اي قرشا بعيدا عن راتبه الذي يتقاضاه،
رغم المغريات حوله بقي حاله كما هو ذاك الرجل الشهم.... و ما علمه عن مساعداته التي يقدمها للغير جعلت له مكانه خاصة لديه،
ابتعد مبتسما وهو يقول بسعادة رغم ملامحه المرهقة.....
:_ نورت مكانك يا باشا...
هز الاخر رأسه بهدوء وهو يربت على كتفه قائلا .....
:_ مكاني من غيرك مكنش هينور يا احمد...
اتسعت ابتسامة الاخر بينما دارت عينين ريان بالمكان وقال بتساؤل....
:_ ايه اخر الاخبار عندك؟؟!
:_ كل حاجه ماشية و كأن سيادتك موجود،
قالها بهدوء
نظر إليه بأمتنان وهو يلمس عضد .... ليقول بعدها مرقبا ملامحه المتعبة و كأن مقلتيه لم تعرف طريق النوم طوال الايام الماضية......
:_ ارجع بيتك النهاردة ارتاح و بكرا تكون عندي في حاجات كتير لازم تتغير و نشوف الضيف الي عندنا نعمل الواجب معاه....
تغضنت زاويتا شفتيه إبتسامة صغيرة وهو يقول....
:_ متقلقش يا باشا الضيف في غيابك عملت معاه احلي واجب...
قهقهة عالية صدرت عنه وهو يخبط عضد بفخر واعتزاز به...
_________________.
بينما بالاعلي......
كانت آسيا لازلت تتحدث عن اشتياقها لإخيها وكيف فرقتهم الظروف..... وعن احتياجها لدعمه لها بكل خطوة تخطوها بحياتها القادمة.....
بينما الاخري عيناها لم تكف عن ذرف الدموع وهي تراقب الصغيرة التي تلهو حولها......
صمتت آسيا وهي تراقب انشغالها بالصغيرة لترنوا بمقلتيها من النافذة إلى الحديقة تراقب العاشق الحزين الجالس باحدى زوايا الحديقة إلا انها رأت ابتعاده وهو يركض فركزت بأنظارها على ذاك الرجل الذي يجاور فتاة وبعدها رأته يعانق احمد...... اتسعت حدقتاها بعدم تصديق وهي تقف من جلستها تحاول التدقيق بملامحه البعيدة!!! لكنها لم تكن بحاجة للتدقيق فكان هو شقيقها لتقول بعدما تصديق..
:_ آبيه ريان
شقت الابتسامة شفتيها و قد تغضنت زاويتا عيناها بالدمع وهي تضع يدها على شفتيها تكتم بكائها.....
:_ ابيه ريان
قالتها مرة اخرى باكية بينما التفتت إليها يارا قائلة بقلق.....
:_ آسيا بتبكي ليه؟!
اجهشت بالبكاء وهي تحدق بها ببكاء متعلثمة بالكلمات و قد انهمرت دموعها أكثر وهي تردد بنبرة غير مفهومة....
:_ آبيه ريان.... ابيه ريان
انقبض قلبها وقد ارتعشت شفتيها و غز الدمع مقلتيها.....
:_ ماله ريان
:_رجع
قالتها مبتسمة من بين دموعها وهي تشير بيدها للواقف بعيدا بحديقة القصر....
وبرغم كونها بالطابق الثالث و هو يقف بعيدا عن مرمي بصرها إلا انها رأته واقفا كعادته شامخا قويا.... تسارعت نبضات قلبها وقد وخز الدمع عيناها وهي تحدق به تكذب عيناها لكنها شهقت ببكاء حينما شكت بأحتمالية عدم وجوده، فنظرت لآسيا التي ابتسمت من بين دموعها قائلة....
:_ ابيه ريان رجع... رجع بجد!!!
وضعت يدها على شفتيها تكتم بكائها ،ثم نظرت حولها وهي تركض صوب بابا الجناح جاذبة بيدها غطاء رأسها و هبطت درجات السلم الرخامية و الدمع ينهمر من مقلتيها دون توقف،
انتبه الجالسين إليها فوقف جميعهم و كان عماد اول من اوقفها بهلع من هيئتها..... دموعها تغرق وجنتاها ..... وملامحها الشاحبة جعلت الرعب يتملك اوصاله
:_ في ايه؟؟؟! مالك انتي كويسة؟! سلين بخير؟!
انفاسها متعالية وهي تفتح شفتيها محاولة الكلام فتتعثر حروفها من شدة البكاء والابتسامة في ان واحد..... فأشارت بيدها للخارج قائلة.....
:_ ريان بره...... ريان رجع!!!..... انا...انا.. انا شوفته!!!
صمت الجميع يحاول استيعاب ما قالته فلم تستطيع التوقف اكثر لتتركهم خلفها و تركض للخارج... رأته هذه المرة عن قرب فضمت يدها لشفتيها تكتم بكائها و ضحكاتها ولا تعلم هل تبكي اشتياق له ام تبكي سعادة رجوعه؟؟؟ وبين هذا و هذه قلبها تتراقص دقاته...... فأكملت خطواتها شبه راكضة...
كان يحدث احمد فحانت من مقلتيه نظرة لباب القصر وكاد ينظر لمحدثه مرة أخرى إلي ان طيفها الذي هل عليه كنسمة ربيعية حلت على روحه ، خفق قلبه بين ضلوعه وكاد يخرج من مسكنه، فيسبقه إليها شوقه و لهفته......
خطواتها سريعة فتقدم هو بخطوات اسرع منها وبمنصف المسافة القي كلامنهما نفسه بين ذراعي الاخر ضمة مشتاقه حارة الانفاس.......... ضمها بقوة لصدره حتى ارتفعت قدميها عن الارض ويلف بها حول نفسه ....... رائحتها غزت أنفاسه فمال برأسه علي عنقها يدفن رأسه عله يستنشق القليل فيشعر قلبه المشتاق بالسكينة.... ازداد احتضانه لها حينما شعر ببكائها وقد بللت دموعها تجويفة عنقه
فششد بذراعيه عليها وهو يهمس لها بلهفة....
:_ وحشتيني اوي و وحشني حضنك ده؛؛
لمست عنقه بشفتيها وقد اودعته قبلة مشتاقة
هامسة بأنفاس حارة.....
:_كنت هموت من غيرك..
ابعدها عنه ببطئ وهو يطبق على وجهها بين كفيه فتلاقت عيناه بعيناها و بأبهامه مسح خط الدموع قائلا...
:_ خلاص كده مبقاش فيه الي يبعدك عني تاني!!
ازداد بكائها فطبع قبلة بين عينيها وهو يبعدها عن احضانه حينما لاحظ خروج الجميع
كانت اول من اقترب منه آسيا وهي تحمل صغيرته التي هللت بسعادة فالطقتها بين احضانه يضمها بشوق و اخذ يدغدغ عنقها بقبلات مشتاقة..... رمقته آسيا وقد تجمعت الدموع بعيناها تتمني ان يضمها مثلما ضم ابنته تتمني ان تقترب لكنها تخاف ان لا يكون الشوق رفيق ضمته، بأبتسامة صافية وكأن الحياة عادت لعيناه حينما نظر إلى شقيقته نظرة حية بمقلتيه وهو يمد ذراعه لها فأبتسمت وهي تلقي بثقلها على صدره و بذراعيها طوقت خصره..... اما هو طبع على رأسها قبلة حانية و بداخله ينوي تجديد الذكريات السيئة بأخري سعيدة..... و عليه البدأ بعائلته...... من تحت رموشه راقب توفيق الذي يحتضن زوجته الباكية و كلامهم يخشي الاقتراب.... ابتعدت آسيا عنه مبتسمة وهي تقول بسعادة.... حمدلله على السلامة يا آبيه
بيده لمس على شعرها بحنان وقد اعطاها الصغيرة في الوقت الذي راقبته اربعة عيون
وقد اقترب الاول يضمه بشوق ولهفة قائلا...
:_قلقتنا عليك يا ريان!!
ضمه بمحبة وهو يقول بصدق.....
:_ خلاص يا عمار قربنا نخلص من كل القلق ده
قالها و هو ينظر لعماد الصامت الذي ظل يرمقه بعينين خاويتين الا شعور الخذلان الذي رافق ملامحه.... فقال وهو يقترب منه مبتسما...
:_ يا عمدة مالك؟؟
:_حمدلله على السلامة!!
قالها بتخاذل وهو يهم بالرحيل فأطبق على ذراعه وهو يحدق بعينيه قائلا بتساؤل...
:_ خلينا نتكلم الاول يا عماد
ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه وهو يطالعه بحزن.....
:_ مبقاش ينفع الكلام.... واضح اني كنت مش امين بزيادة يا ريان.....
ابتلع لعابه وقد فهم ما يعنيه فأطبق على ذراعه بقوة وهو يقول بنبرة لا تقبل النقاش...
:_ خلينا ندخل المكتب نتفاهم بلاش نتكلم هنا؛
وعلى الناحية الاخري
أنتبهت هي لأول مرة لشقيقتها الواقفة بجوار السيارة فأقتربت منها و بداخلها شعور لم تعرف تفسيره لكنه مؤلم.... ما تشعره الان تجاه مليكه يؤلم قلبها و تخاف ان يكون كراهية... لاول مره تجرب هكذا شعور رغم خذلان مليكه لها مئات المرات إلا ان اللحظة التي دخلت عليها بقوة الامن و اخذت زوجها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ....
بينما حدقت بها مليكه بعين اخري.... عين آنثي تري اختها عاشقة و بداخلها تتمني ان يجبر الله قلبها والا تذوق مرارة الخذلان و الخيانة.. الا تعيش ما عاشته هي.... فما اقسي الشعور و اضعف اختها من تحمله.... كانت على وشك الحديث إلا ان يد يارا سبقتها و هبطت على وجنتاها بصفعة قوية..... صفعة اخرست الالسن و انتبهت لها الاعين.!!!....
اغمضت عيناها بشجاعة وقد تمالكت نفسها فرفعت عيناها لشقيقتها في اللحظة التي اقترب ريان مسرعا وهو يطبق على رغسها قائلا.....
:_ايه الي انتي عملتيه ده؟؟؟
رفعت عينين باكيتين اليه ثم نظرت لشقيقتها مرة أخرى وقالت وهي تشير بيدها....
:_ اطلعي برا بيتي مش عايزة اشوف وشك تاني
:_يارا
قالها بغضب و يده اشتدت على رغسها بينما مليكه بكل شجاعتها نظرت إليهما وقالت....
:_ حقها يا ريان!!
صوتها رغم قوته الإ ان الخذلان و الانكسار بعيناها آلما ضميره على ما تسبب به ليته لم يأتي بها إلى هنا؛
وبكل عزيمة اتجهت لسيارتها و خرجت بها من القصر.....
قادتها بجنون و هي تحاول اخفاء الآلم بقلبها تحاول لكن رصيد تحملها قد انتهي فأوقفت السيارة على جانبي الطريق وسمحت بعيناها بذرف اول دمعة هربت بإرادتها... انهارت كل قواها الان و الآلم يشتد بها و ليس هناك من تضع رأسها على كتفه فتبكي حتى يجف دمعها.......رنين هاتفها اجلفها فرمقته بتوتر وهي تلمح اسم جدها فأجبته بقلق وهي تمسح دموعها.....
__________________________________
بمكتب ريان......
رمق عماد الواقف امام الشرفة وهو يواليه ظهره ولا يريد النظر إليه....... يعلم سبب غضبه لكنه لم يكن ليخاطر بإعلامه بشأن تعاونه مع الجهاز ،لم يشئ وضعه في دائرة الخطر.... لو انكشف امره لتم قتله و هذا لا يخيفه.... انما خوفه الاكبر ان يتضرر احد من عائلته و عماد اهم فرد بهذه العائلة إليه...... ليكون صادقا ان مات هو فسيكون مطمئن على عائلته و ابنته في كنف عماد..... سيكون بمثابة ابيها و لهذا ابعده عن كل شيء....... لذا تنفس بعمق وهو يقول بثبات...
:_ مش هتقول حاجة ولا هتفضل ساكت كده كتير؟؟
:_ خليني ساكت احسن.... من الاساس انا رأيي ملهوش قيمة ولا بتاخده بعين الاعتبار... يبقا الافضل السكوت
نظر إليه بتفحص كطفل صغير غاضب من والده ويقف بجوار الشرفة يأبى الاقتراب.... عماد ليس فقط ذاك الطفل الذي احضراه ابيه قبل سنوات بل رفيق عمره و شقيقه الذي لم تنجبه امه....... رفيقه الذي شهد اصعب ما مر به و اكثر لحظات ضعفه و انهياره.... فتنهد بضيق من تلك الفجوة التي قد تحدث بينهما....
:_ عماد بلاش تقول كلام انت نفسك عارف انه غلط......
التفت له الاخر غاضب وهو يقول بنبرة عالية لاول مرة يرفع صوته بوجهه..
:_ غلط بتقول غلط و الي انت بتعمله ده يتسمي ايه يا ريان لم اكون زي المجنون و مش عارف انت فين و بعدين سيادتك ترجع مع الي قبضت عليك بتوصلك لحد باب بيتك المفروض افهم انا ايه قولي انت......
صمت وقد ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه.....
:_ ازي كنت بالغباء ده.... ازي مفهمتش ان كل معلومة عندك بتكون صح.... كل خطوة انت بتكون عامل حسابها و ازي كل عملية كانت بتم كل المجموعة يتقبض عليها بعد ما نمشي و احنا لا..... ايه الغباء الي كنت فيه !!؟
رفع عيناه لصديقه وقد لمع الخذلان بمهما حينما همس بآلم...
:_ انا الشك دخل قلبي بس قولت استحالة ريان يخبي عني حاجة زي كده ..... قولت استحالة ريان يخبي عني شغله مع الجهاز.. كنت خايف مني خوفت على سرك من صاحب عمرك
:_ اسمها خوفت عليك يا غبي
قالها ريان بغضب وهو يقترب منه ثم تابع..
:_ انا كنت خايف انك تتأذي بسببي؟! كنت بحاول ابعدك عن اي خطر ممكن يصيبك ازي تفكر اني مبثقش فيك وانت عارف انك الوحيد الي بثق فيه.....
شغلي مع الجهاز علشان اضمن حياة نضيفة لينا كلنا وانت بالذات كنت ببعدك عن اي عملية فيها شبهة وعلشان متظهرش في الصورة لو انا اتكشفت كانوا هيصفوني
صمت حينما لمعت عيناه بالوجع وعاد يتابع بصدق
و قتها انت هتكون موجود تخلي بالك من اهلي... ازي بتشوف الموضوع من وجهة نظرك بس يا عماد و انت عارف مكانتك عندي...
:_وليه تكون اناني وبتفكر بدالي
قالها عماد بضيق ثم اكمل...
:_ ليه منكنش واحد زي ما علطول ايد واحده....... يا ريان ليه ترمي نفسك في وش الموت و مطلوب مني اقف بعيد اتفرج... انت طول عمرك بترمي نفسك في النار علشاني
صمت ريان قليلا وقد هدأ غضب ليهتف بعدها بأستسلام و آلم
:_ لانك الوحيد الي اقدر اسيب سلين بأمانته و اكون مطمن انها هتكون بنتك..... انك هتربيها زي ما توفيق رسلان عمل معاك و تحبها....
:_ ايه الجنان الي بتقوله بنتك محدش هيربيها غيرك...
نظر بعيناه من شرفة مكتبه وهو يقول بشرود....
:_ محدش ضامن عمره.... و غير كده الموضوع مسألة وقت و يتكشف امري وقتها هيصفوني..
انقبض قلب الاخر و كأن احدهم اعتصر قلبه فقال بوجع......
:_ مفيش الكلام ده... استحالة يخسروك انت عارف عنهم كل كبيرة و صغيرة...
بأبتسامة ساخرة قال.....
:_ كل كبيرة و صغيرة انا سلمتها يا عماد.... كل الورق انكشف والناس الي بتلعب في الخفي انكشف أمرهم....
تنهد بتعب وهو ينظر إلى عماد برجاء....
:_ عماد شيل اي موضوع يخص الثقة من دماغك لانك عارف اننا ملناش غير بعض بدال ما احنا بنتعاتب خلينا نفكر في الي هنعمله لازم نسبق بخطوة لو انت يهمك امري.....
تآلم قلب الاخر وشعر بالرعب لاول مرة على رفيقه ان كان ريان خائفا فيبدوا ان الوضع ليس على ما يرام.... و هذا اكثر ما يخيفه...
___________________________________
بخارج المكتب...
طوق عمار كتف آسيا بسعادة وهو يقول....
:_ ايه يا صغنن عاملة في الجامعة؟!
اتسعت ابتسامتها وقد عادت اشراقة عيناها...
:_ يعني ماشي حالي تقدر تقول إن شاء الله الاولي على الدفعة....
حدق بها بعيناه الواسعتين وقد تفحصت هي ملامحه الرجولية حينما قال....
:_ ده ثقة ولا غرور؟!!
راقصت حاجبيها بمشاكسة وهي تهتف...
:_ الاتنين طبعا.... ثم اني مينفعش تكونوا اخواتي و اكون اقل منكم....
لتصمت بعدها وهي تراقب ملامحه الجذابة و ملامح زوجته الرقيقة ثم قالت بعدها بمشاكسة....
:_ مرام امتي الولادة بتاعتك؟!
رفعت الاخري عيناها بعدم فهم بينما تابعت آسيا ضاحكة...
:_ هموت و اشوف الانتاج.... يعني زي سلين كده شبه ابيه ريان....
و بصراحة انتي وعمار لايقين على بعض جدا..... ياتري ابنكم او بنتكم هيكون الشكل ايه.....
اتسعت ابتسامته وهو يرمق زوجته غامزا بعيناه ثم قال بنبرة اطربت مسمعها....
:_... لو بنت هتكون نسخة تانية من امها.. نفس الجمال و الرقة.... لون عيونها و طيبة قلبها.... روحها الحلوة..... و لو ولد ياخد شجاعتها... قوتها و تمردها..... و حنانها
:_ امممممم سيدي يا سيدي على الدلع
قالتها آسيا مشاكسة بينما كان عمار اقترب بجوار زوجته التي دفنت وجهها بين كفيها
فرفع الاخر خصلة من شعرها وهو يقول بحب يشاكسها
:_و بعدين انا يكفيني ان الطفل هي تكون مامته.... علشان اقوله هي ماما كانت نحلة علشان تجيب العسل ده كلوا.....
لم تستطيع كتم ضحكتها فرفعت وجهها البهي إليه تشرق عليه بجمال عيناها و قد ازداد احمرار وجنتاها،
فأضحت لعيناه أكثر النساء جمالا...
ليهتف هو.....
:_ اللهم صلي على النبي.... ده انا الانتاج بتاعي هيبقا عالمي....
قهقهة سعيدة خرجت من آسيا وهي تقول...
:_ ده انت واقع فيها اوي....
تقابلت أعينهم بنظرة طويلة......... حبها يتجدد بقلبه كل صباح فيزداد حتى بلغ حشا روحه.. فقال......
:_ ده انا واقع من اول نظرة
تنهدت آسيا وهي تراقب اول عاشقان يجتمعان بحياتها.....تتآلم لآجل عماد و قلبها يتفتت وجعا إلا انها تدرك بأنه سيتخطى الامر مهما كلفه ذالك...... بينما وخزها قلبها بالندم تجاه أحمد و تجاوزها بالحديث معه.... من اعطاها الحق لتلومه لا احد يعلم ما يمر به الرجل....
انتبهت من شرودها على صوت ريان الذي خرج لتوه من مكتبه وهو يقول....
:_ بلاش تمشي خليك...
ربت الاخر على عضد وقال
:_ انا عندي مقابلة مهمة لازم اعملها.... متقلقش عليا.....
التفت بظهره ينوي الرحيل إلا ان صوت ريان اوقفه مرة أخرى..... قائلا برجاء
:_ بلاش تخلي الي حصل يعمل بنا فجوة يا عماد.....
ابتسامة ارتسمت على زاوية شفتيه ابتسامة لم يراها احد و هو يرحل تاركا الجميع خلفه لا احد يعلم ما حدث سوي ريان......
الذي بحث بعيناه عنها وكأنه يتفقد طيفها الذي غاب عن عيناه..... فعادت نبرته الباردة وهو يتسأل قائلا....
:_ فين يارا و سلين
:_ يارا اخدتها على فوق لانها نامت..
قالتها آسيا بهدوء... فأهداها ابتسامة صغيرة حلوة لعيناها قبل صعوده .....
بينما ذرفت والدته بعض الدمعات وقد تمنت ضمه لصدرها او حتى لمسه لكنها خشيت الصد منه.... خشيت مواجهة مرة أخرى.... فقط يكفيها وجوده بالقرب منها يكفيها ان تكحل عيناها الضعيفين برؤية وجهه......
___________________________________
اقترب من فراش صغيرته و مال بشفتيه يلثم رأسها بقبلة حنونة... سلين ستبقي دائما نقطة الثبات الوحيدة بحياته.... حبيبته الاولي من علمته معني الحب و ان هناك ما يستحق المحاربة لأجله... خسارته لشقيقتها التؤام كان احدي طعنات الآلم التي تلقها بحياته لكنه الان سيحارب حتى و ان كان الثمن حياته.....
اودعها قبلة اخري و خرج يكمل صعوده لجناحه......
حينما فتح باب الجناح قابلته رائحة عطر الياسمين... عطرها الخاص وقد نفذ شذاه لأنفه فأستنشقه برحابة صدرة وعيناه تبحث عنها
صوت رزاز المياه لفت انتباه حواسه فأبتسم براحة و اغلق الباب خلفه.... نزع سترته و القها بأهمال على الفراش ثم ساعة يده التي وضعها فوق الكمود ليقف بعدها امام باب المرحاض يرتب انفاسه المشتاقة إليها، فأستند بيديه و رأسه على الباب ينتظر مالكة فؤاده.... ان كانت سلين نقطة الثبات بحياتته و حبيبته الاولي... فالاخري توازيها حبا .... كوكبه و عالمه الجديد...... تلك المشاعر التي عاشها لاول مره معاها.. اختبار اللهفة لوصالها هي... كلمات الحب والغزل التي يطربها بها لم تكن يوما لسواها...... و الان يقف كطفل صغير ينتظر ان تهل عليه ليالي العيد........ اللهفة بعينيه لم تكن لوصالها من اجل ارضاء رغبة ذكورية بل رغبة لضمها بين ضلوعه... رغبة لاستنشاق نفحات عطرها و الطمأنينة بأنها هنا معه.... يارا هي بوصلته بهذا العالم الموحش دليله الوحيد بأنه لازال على قيد الحياة و خرج من ذاك المستنقع.......
دار مقبض الباب و قد دار قلبه معه كانت عيناه تراقبان قدميها الحافيتين مرورا بساقيها حتى المنشفة الملفوفة حول قدها الرقيق..... فرفع حدقتاه لوجهها الشاحب و عيناها الذابلة من كثرة البكاء فتنهد بآلم وهو يفتح لها ذراعيه يستقبلها بين اضلعه...
شهقة خوف انتابت قلبها حينما و جدته واقفه امامها..... لم تشعر بوجوده حوالها لكنها الان وما ان فتح ذراعيه ألقت بجسدها عليه..... فضمها الاخر بكل اشتياق وهو يرفعها عن الارض قليلا،
.... ليعود بها للخلف وجلس فوق الفراش وقد اجلسها فوق ساقه و بيده يمسح على شعرها بحنان و ثغره يقبل العرق النابض بعنقها هامسا
:_ده انا هدفع عمري كله و مبعدش عنك ثانية وحدة تاني...
تمسكت به اكثر و هي تغمض مقلتيها تتشمم رائحة جسده و بأنه عاد إليها.... و اعاد الروح لجسدها بعودته.... فأبعدها عنه وهو يضم وجهها بين كفه حتى نظرت اليه برماديتين باكيتين.... وهي تقول..
:_اوعدني متبعدش تاني..... غيابك بيقتلني يا ريان..
لم يشاء وعدها بما لا يستطيع الوفاء به، فمسح بأبهامه خيط الدموع الرفيع وهو يقول بنبرة اهلكت فؤادها عشقا.... وقد ازدادت زرقة عيناه اتساع...
:_ اوعدك طول ما فيا النفس مبعدش عنك ابدا،
صمت حينما وضعت يدهاو حضنت صدغه ، تتلمس لحيته النامية فمال بشفتيه يلثم راحة يدها بقبلة دافئة ...... لم يكن بارعا بالحديث عما يجيش بصدره لكنه يريد اخبارها بأنها عمره الثاني الذي حصل عليه..... بعدما سرق الزمن عمره الاول، و ان حضورها يكفيه عمن حوله.... أنارت قلبه بحبها و هو الذي كان عن الحب قد تاب.....
طال صمته فقالت هي بتوتر....
:_الي عملته مليكه عمري ما هسامحها عليه......
قاطعها هو بنفي قائلا....
:_ اختك ملهاش ذنب في الي حصل دي اوامر وهي لازم تنفذ حتى لو الي هتقبض عليه فرد من اهلها..... انتي غلطتي بمد ايدك عليها!!!
تآلم قلبها على شقيقتها و رغم عنها شعرت بالندم لم تكن تنوي صفعها لكنها لم تستطيع التحمل اكثر.....
شعر بندمها فقال بصدق يخرجها عما تفكر به
:_ انا اكتفيت من الدنيا يا يارا مش محتاج منها غيرك انتي وسلين....انتوا الحاجة الوحيدة الي اتعلق قلبي بيها .... و مهما غبت و بعدت هتفضلوا نقطة الثبات الي هترجعني تاني.....
تنهيدة حارة خرجت من بين شفتيها وهي تراقب حدقتاه فقالت...
:_ و احنا ملناش غيرك...... ريان انت لو حصلك حاجة هموت فعلشان خاطري حاول تنسي الماضي ده.... خلينا نبعد نسافر نروح اي مكان بعيد عن هنا
مسح بيده على شعرها وهو يبتسم بآلم..
:_ بحاول امحي الماضي بس بيرجع.... بيرجع وحالف ياخدني في دوامة ملهاش اول من اخر.......
ارتعشت شفتيها و قد تجمعت الدموع بعيناها تحاول حبسها.....
:_ يبقى نبعد بعيد نروح مكان محدش يعرفنا فيه.....
تبسمت شفتيه على براءتها وهو يقول....
:_ ياريت اقدر ابعد و اهرب بعيد عن كل الوجع الي ملازمني هنا.... بس لسه بدري على الهروب.... لابد من المواجهة.....
لم تفهم مخزي كلامه بينما تابع هو بجدية وقد حدق بعمق عيناها قائلا برجاء.....
:_ مش بطلب منك غير تثقي فيا و اني هعمل المستحيل علشانك انتي وسلين....
اتسعت ابتسامتها المرهقة بينما تابع هو
:_ بس لو حصلي حاجة يا يارا توعديني تخلي بالك من سلين هي ملهاش غيرك
بخوف هزت رأسها برفض لكنه اكمل حديثه
:_ و متثقيش في اي حد يا يارا الوحيد اللي تثقي فيه عماد..... حتى لو كان ده هيخليكي تكملي معاه ال......
لم يكملها فقد اطبقت على ثغره بشفتيها و قد اودعته كل ضعفها و رجائها الا يكمل هذا الهراء...... فأستقبل منحتها بكل حبه الكامن بين اضلعه و بادلها القبلة بأحر منها
لم يكن بالهين عليه ان يطلب منها ذالك الخاطرة كادت توقف قلبه ما بالك بنطقها... ان كان الموت قدره فهو يرضاه.... لكنه يريد الاطمئنان عليهما وعماد خير من يثق به..... سيكون أب رائعا لابنته... وربما يعوضها ويمنحها ما لم يستطع هو منحها اياه.....
حينما ابتعدت عنه رفعت عينين غاضبتين إليه وهاله الجنون البادي بهما لتقول بعدها بتحذير...
:_ محدش هيربي سلين غيرك........ و محدش هيدخل حياتي بعدك يا ريان
دمعت عيناها وهي تتمتم...
:_وطول ما فيك نفس حارب متستسلمش.. انت تستحق حياة جديدة ... و بداية معايا انا وسلين .. محدش غيرك هيكمل المشوار الي انت بدأته... الموت اهون عليا من فكرة غيابك عننا...
بيده مسح دموعها وهو يقول بآلم...
:_ الايام مش مضمونه و انا مش عارف ايه لسه مستخبي ليا.....
:_ يبقى متقولش حاجة لسه في علم الغيب سيب الاقدار لربنا ..... انت بس اعمل الي عليك و متستسلمش للواقع..... علشان خاطري حارب بكل طاقة و قوة الموت اهون عليا من حياة انت مش معايا فيها.....
ضمها لصدره بقوة وهو يمسد بيده على ظهرها بينما شفتيه تطبع قبلات حارة على عنقها.....
و رغم خوفه من القادم إلا ان نسي كل شيء وعاد فقط ريان العاشق لآنثاه ...... يبثها غرامه و شوقه اليها...
___________________________________
طرق على باب الغرفة بضيق.... لقد سئم الانتظار...... و همس تتلذذ بعذابه وهو يقف خارج غرفتها بعدما اخذت سلمي بحجة أن تساعدها لاختيار ثوب مناسب و وضع بعض مساحيق التجميل.... و هاهو يعض اصابعه ندما على طلب مساعدتها ليته لم يفعل.....
عاد يطرق مجددا وهو يهتف بضيق....
:_ افتحي الباب يا همس بدل ما اكسره على دماغك...
اتاه الرد من الداخل......
:_ اذا ما بتبطل تدق كل شوي و تعطلنا ما راح افتح ياريت يكون عندك صبر شوي.... ما تخاف ما راح أكل منها اي شي
وضع يده بفمه وهو يطبق بأسنانه على قبضته ان امسك بها سيدق عنقها.... زفر بغضب لقد اخذتها إلى غرفتها منذ ساعتين و ها هو يقف امام الباب يكاد القلق ينهش قلبه....... قلبه الذي اعتاد الآلم يخشي ان تفارقه ان تغيب عن عيناه.... سلمي امتلكت زمام قلبه و مشاعره و خبر مرضها هزه من الاعماق رياح عاتية اقتلعت كل قوته ...... ما لم يكن بحسبانه ان تصاب هي بمرض كهذا نادرا لم يتبين له علاج حتى الأن.... إلا ان شيء في نفسه أطمئن انها على قيد الحياة تتنفس يراها امامه حتى ان كانت متعبة يكفيه من يلمسها يشعرها بجواره يكفيه صوت انفاسها.... قلبه لن يتحمل فقد جديد ، و سلمي فقدها يعني موته .... سيكتفي بأبتسامة واهنة من شفتيها سيكتفي بأقل القليل منها..... تبسمت شفتيه قليلا فقدانها للذاكرة لم يؤثر على مشاعرها تجاهه قلبها يذكره وهذا الشئ يريحه بل يبهجه لقد احبته مرتين......
صوت الباب جعله يرفع مقلتيه إليه.... جف حلقه فبلل شفتيه بطرف لسانه و قد تبعثرت دقات قلبه لتلك الواقفة امامه..... حدق بذهول الثوب الاسود يلتف حول قدها الرشيق بينما خصلاتها مجوعة للخلف وقد ظهر عنقها طويلا بينما خصلة شعر قد تركتها حرة تنساب على وجنتاها بحريه.... عيناها الكحيلتين خطفت لب عقله انفها الصغير مستقيم بغرور بينما شفتيها مطليتين بالاحمر النبيذي جف حلقه وتمني فقط ان يقبل تلك الشفتين..... قبلة طويلة حارة تخبرها اي العذاب يعانيه الان..
طال سكوته فحدقت به لكن نظراته اربكتها و توردت وجنتاها خجلا.... و ذلك لم يمنعها من اختلاس بعض النظرات إليه طلته الجذابة و حلته السوداء زادته آناقة و وسامة...
:_ شو اخ كريم أكل القط لسانك؟!
انتبه كلاهما لهمس الواقفة بجوارهم بينما تابعت الاخري
:_ ايه راح ضلك ساكت هيك شفت ابداعاتي و الله بنفع كون ميكب ارتست .... والله انا كتير فخورة بحالي
نظر إليها كريم بقرف وهو يشير لها بيده قائلا...
:_ هشششش اسكتي انتي
وضعت همس يدها على قلبها وهي تشير لنفسها وقد تجعدت ملامحها قائلة...
:_ اسكتي انتي؟! لك العمي شو غليظ
قالتها وهي تتجه إلي سلمي تنوي اخذها لغرفتها وهي تبرطم بالحديث ...
:_صرلي ساعتين عم ظبط البنت وما كلف خاطره بكلمة يسلموا
ما ان وضعت يدها على يد سلمي كان كريم اقرب لها وهو يمسكها من لياقة منامتها كلص الغسيل ليدفعها للغرفة خلفها وسط صوتها الغاضب....
:_ كريم انت واحد حقير و بلا ذوق
نظر إليها يراقص حاجبه قائلا..
:_ اسكتي يا بت
ولم يعطيها الفرصة لسماع كلمة اخري بل مد يده وجذب المفتاح ليغلق بعدها الباب من الخارج......
وعاد بقلتيه للأخري و كاد يأكلها بنظراته فوقف امامها متخصرا عاجزا عن اي كلام يقال
سلمي لم تكن اكثر النساء جمالا... بل فتاة كغيرها بسيطة الجمال إلا انها ساحرة لقلبه و مشاعره ، حدقتاها تسرقان دفئ الفؤاد
:_ممكن احضنك دلوقتي
رفعت حدقتاها إليه و لولهة ظنته سيبكي كان متآثرا بها و كأنه لا يصدق وقوفها امامه...
اقترب وهو يضمها بخوف كمن وجد ملاذا آمنا
دفن رأسه بعنقها وشفتيه لمست جلدها الناعم.... مغمضا مقلتيه على هذه اللحظة خائفا إلا تتكرى مرة أخرى....
بينما وقفت هي متوترة وقد شعرت بقشعريرة بعمودها الفقري فرفعت يدها و مسدت على ظهره تطمئن بين ذراعيه تبتلع ريقها و قد ومضت بعقلها ذكري بعيدة صوتها يتردد بعقلها بجملة خطفت قلبها... " و انا في حضنك هخاف من ايه يا كريم " الذكري مشوشة لكنها استطاعت تبين ملامحه فزادت من احتضانه ،
رأسها على صدره تستمع لنبضات قلبه المتسارعة.... و ابتسامة حالمة ارتسمت على زاوية شفتيها انها تمتلك هذا القلب حتى و ان كانت لا تذكره...
:_ .... كريم يا واطي شو عم تعمل هاد البيت كتير محترم و راح يضل محترم انا سامعتك من هون عم تحكي بدك حضن ..... راعي انو في بنت عزابية بالبيت و رجل قد ابوك راعي مشاعرنا يا استاذ تامر حسني وين مفكر حالك
قالتها همس من خلف الباب الموصود عليها و هي تستند برأسها على الباب محاولة التنصت
فأتها رد كريم الذي اغاظها بالقول.....
:_ اسكتي يا بت
ضربت قدميها بالارض بغيظ فأكثر ما تكره ان يأمرها احدهم بالصمت و ان تكف عن الحديث......
ابعدها عن صدره رغما عنه مبتسما وهو يقول بنبرة مغوية هامسة...
:_على عيني ابعدك عن حضني بس هنتأخر
توردت وجنتاها خجلا
فتعالت ضحكاته وهو يردد بمشاكسة...
:_ على فكرة الكسوف و الخد الي شبه الطماطم ده خطر على قلبي.... و انا عايز قلبي يكون حديد علشان يستحمل حبك...
اشاحت بوجهها بعيدا عنه تداري خجلها فقهقه مرة أخرى بضحكة رجولية ساحرة....
و مد ذراعه لها بطريقة درامية
بينما شبكت يدها بذراعه وهي ترفع عيناها إليه بنظرة خاصة.... جعلته يحلق فوق السحاب
وقفت قبل أن تخطوا اي خطوة معه وقد تذكرت أمرا هام
فضمت شفتيها وقالت بسخرية....
:_ عندنا مشكلة
راقبها بأهتمام فرفعت طرف الثوب الطويل وهي تكشف عن الحذاء الرياضي الذي ترتديه قائلة.....
:_ مش هقدر البس هيلز او اي حاجة مش مريحة ليا علشان اقدر اتحرك فلبست ده
تغضنت زاويتا عيناه بأبتسامة صغيرة وهو يلمس جانب خدها بيده قائلا....
:_و مفيش اي مشكلة المهم تكوني مرتاحه و ده الاهم...
سار كلاهما متجاورين حتى وقف امام الدرج....
لم يطاوعه قلبه ان يجعلها تهبط تلك الدرجات الطويلة و هي بأمس الحاجة للقليل من قوتها.... فمال وهو يضع يديه اسفل ركبتيها حتى حملها وسط شهقة خوف صدرت منها وهي تلف ذراعها حول عنقه...
قائلة بخوف...
:_ في ايه
نظر إليها بصمت فكان الحب الذي طل من عيناه اخرس لسانها ...
_________________________________
مر الوقت سريعا كان العشاء اكثر رومانسية بطاولة بعيدة تطل على النيل بينما هو يستند بذراعه على الطاولة يسرد عليها العديد من الاحداث التي قابلتهم منذ تعرف عليها و تلك المقالب التي فعلتها به ضحكاتها تتعالي بين الحين و الاخر لا تصدق ما يخبرها به و انها فعلت به هكذا اشياء... منذ جلوسه لم تفارق عيناه عيناها يحفظ ادق تفاصيلها يخزن بعض الذكريات السعيدة لقلبه...
وضعت يدها لخدها وهي تستند على الطاولة تطالبه بسرد المزيد من المواقف...
:_ ايه مش هتحكيلي تاني عننا
السعادة التي تطل من عيناها ابهجت ملامحه فأتسعت شفتيه إبتسامة صغيرة حينما صدحت احدي الاغنيات الرومانسية مما جعله يراقص لها حاجبيه قائلا.....
:_ ومن ضمن الحاجات اللي هحكيلك عنها اننا رقصنا سلو انا وانتي قبل كده فخلينا نكررها تاني...
هزت رأسها برفض لكنه لم يمهلها فرصة الاعتراض بل وقف على قدميه و احني بالقرب منها وهو يمد يده بطريقة رسمية قائلا بنبرة اخجلت قلبها.....
:_ تسمحيلي يا مدام سلمي بالرقصة دي
نظرت للعيون حولهما وقالت بتوتر...
:_ كريم بلاش بليز انا اخاف اتعب و اقع شكلي هيكون وحش
اقترب اكثر و هو يأخذ يدها بين كف يده...
:_انتي واثقة فيا
رفعت عيناها إليه وقالت..
:_ واثقة بس ال......
سحب يدها حتى وقفت فرفع كفيها فوق اكتافه بينما يديه احاطت خصرها وهو يرفعها قليلا فصدرت عنها شهقة صغيرة إلا انها كتمتها حينما شعرت بأقدامها تحط فوق حذائه الاسود فحدقت بعيناه تراقب ما يفعل تحرك بها بهدوء تقف على قدميه و ه
و بداخلها تتمني إلا تنتهي الليلة.... يتحرك بها بخفة و كأنها لا تزن شئ،........ ضمها لصدره وقلبه يضرب كطبول الحرب.... و كلمات الاغنية تسلل إليهم
وماله لو ليلة توهنا بعيد، وسيبنا كل الناس
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني دا الاحساس
وانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس
حبيبى ليله
تعالى ننسى فيها اللى راح
تعالى جوا حضنى وارتاح
دى ليلة تسوى كل الحياه
ومالى غيرك
ولولا حبك هعيش لمين
حبيبى جاية اجمل سنين
وكل مادا تحلى الحياه
ضمها إليه فرفعت رأسها عن صدره وحدقت بمقلتيه وكأن تخبره ان قلبها يشعر به قلبها يكويه الحنين إليه لكنها ضائعة بين افكارها
غصة مريرة بحلقها، ضميرها يؤذيها على استمرارها بهذه العلاقة التي ستتسبب بوجعه..... و فؤادها يئن بمشاعر تخرج من تحت الركام إليه... هي فقط تائهة و هو طوق النجاة... ان تركته ستموت وحيدة... و ان جاورت قلبه ستعيش عمرها الباقي بأجمل ما يكون.... لذا رفعت ذراعيها و طوقت رقبته وهي ترتفع على اطراف اصابعها و دفنت رأسها بتجويفة عنقه و انفاسها الحارة تبعثر ثبات حصونه تشعل الحمم السائلة بداخله فيضمها اكثر عله يذيب عظامها و لحمها بين احضانه...
حبيبي المس ايديا عشان اصدق اللى أنا فيه
ياما كان نفسى اقابلك بقالى زمان، خلاص وهحلم ليه
مانا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي احلى الناس
حبيبى ليله
تعالى ننسى فيها اللى راح
تعالى جوا حضنى وارتاح
دى ليلة تسوى كل الحياه
ومالى غيرك
ولولا حبك هعيش لمين
حبيبى جاية اجمل سنين
وكل مادا تحلى الحياه
راقبت السيارت بعيناها الابتسامة لم تفارق شفتيها وهي جالسة على مقدمة السيارة بعدما حملها و اجسلها كما هي الان بالقرب من كورنيش النيل و ذهب يحضر لها المثلجات كما طلبت منه.... زفرت براحة و كأنها ولدت من جديد لن تكذب على نفسها بأنها لا تشعر تجاهه بشئ بل منذ استعادة واعيها بالمشفي وقد خفق قلبها بجنون.... تشعر به يملك زمام مشاعرها كلما رأته تشعر بقلبها مبتهج و كأنه يبتسم هذا التعبير الادق قلبها يسعد بوجوده حوالها..... من بعيد راقبته يركض إليها حاملا بيده المثلجات للحظة انقبض قلبها حينما كادت تصدمه احدي السيارات لكنه تفادي ذالك
فوضعت يدها على يسار صدرها تهدئة حتي لا ينفضح امرها.... بأنها وقعت بحبه... وقعت بحب رجل مرتين، و ان فقدت ذاكرتها مرة أخرى ستحبه ثالثا و رابعا و خامسا و حتي اخر العمر
:_اتفضلي الآيس كريم يا حبيبة كريم....
قالها بمشاكسة فمدت يدها و تناولت واحدة
بينما جلس هو بجوارها ينظر إليها نظرات رجل عاشق و قد اهلك العشق قلبه....
تأكلها ببطئ شديد وهي تتحاشي النظر إليه بعد احتضانها له وسط رقصتهم لم تنظر إلى عيناه بعدها..... يود الان تذوق قبلتها ، قبلة بطعم الشكولاتة... افكاره هذه ستتسبب بفضيحة علنية إلا انه غير قادر على التحكم بأعصابه ، يشتاق إلى جنتها التي ما ان وطئت قدمه ارضها و حدث ما حدث، لكنها الان امامه ولا يقدر على تقبيلها كما يحب
:_ ما تأكل الايس كريم بتاعتك هتبص عليا كتير
قالتها وهي تسرق منه النظرات بينما كانت ابتسامته تزين شفتيه وهو يقول...
:_ ينفع اجرب الي معاكي علشان مليش في الفانيليا بحب الشوكلاته...
لم تصدق ما تفوه به فنظرت إليه بعدم تصديق ولكنها رأت اصراره
فحمحمت بحرج وهي تمد يدها إليه بخجل فوضع كفه الحرة علي يدها و مال بشفتيه موضع شفتيها و أكل عيناه تنظران لعيناها بحب فأشاحت هي بعيناها بعيدا عنه وهي تحاول سحب يدها إلا انه رحمها من خجلها و ترك يدها فأبتعدت هي عنه قليلا
:_ما تاخد ورد للقمر الي معاك الورد للورد
كان صوت لفتاة تجاوز عمرها العشر سنوات وهي تمد يدها بمجموعة من الورود
فنظر إليها وهو ينحني لمستواها قائلا....
:_ مع انها احلي من الورد بس هشتري منك
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر إليه يأخذ بعض الورود ثم اخرج حافظة النقود و اعطها ورقة من فئة المائتين جنيه فأبتلعت ريقها وقالت ثواني اجيبلك الباقي
مد يده يداعب شعرها قائلا بأبتسامة هادئة
:_ الباقي ليكي انتي يا جميل
حدقت به لولهة غير مصدقه وهي تبتسم بسعادة قائلة....
:_ ربنا يخليك يا بيه ويكرمك و يخليلك القمر دي
هز رأسه لها مبتسما فأبتعدت وهي تنظر للورقة المالية بعدم تصديق انها حصلت عليها دون جهد يذكر لتقوم بطي الورقة وهي تتجول لتبيع باقي الورود فلمحت سيارة فاخرة و اثنين اخرين فذهبت إليهما علها تبيع الباقية
بينما ألتفت لها حاملا الورود وقال.....
:_الورد لأحلي وردة في عمري كله
تغضنت زاويتا عيناها بأبتسامة صغيرة وهي تأخذها منه ثم رفعتها لآنفها وهي تستنشق عبيرها لتهتف بعدها بسعادة....
:_ حلوين اوي يا كريم
حدق بها بنظرة خاصة بها، و كأن عيناه تخبرها عما يجيش بصدره فهمس بخفوت.....
:_مفيش أحلي منك الليلة........
اخفضت وجهها تخفي خجلها عنه بينما جلس هو بجوارها وقد انساب لمسمعهم صوت ام كلثوم من أحد المقاهي بالجوار.....
___________________________________
بعد رحيله عن مكان عمله قرار العودة للحارة التي يقطن بها
طرق الباب بهدوء وهو يخفض انظاره أرضا بينما فتحت الباب امرأة تجاوز عمرها العقد الخامس وقد اتسعت ابتسامتها بمحبة وهي تردد بسعادة....
:_ احمد اتفضل يا ابني عامل ايه؟! كنت قلقانه عليك يعلم ربنا
ظلت انظاره معلقة بالارض وهو يهتف بنبرة مرهقة...
:_ الحمدلله يا خالة في نعمة انتوا عاملين ايه و محتاجين اي حاجه او ناقصكم اي شئ؟!
رمقته بأشفاق على هيئته المتعبة وقالت..
:_ لا يا بني والله الواد زكريا جابلي خزين الشهر وقال انك وصيته عليه زي كل اول شهر علشان عندك شغل
هز رأسه بأيماء بسيطة وهو يخرج من جيب سترته ظرف صغير قد اعده مسبقا....قائلا....
:_انا كلمته و نبهت عليه... ومعلش لو كنت اتأخرت عليكم الشهر ده بس ربنا العالم ظروف الشغل كانت ايه
قالها وهو يمد يده إليها بالظرف فأخذته على استحياء وهي تردد بحزن وقد قرصت الدموع مقلتيها.....
:_ والله يا ابني كده كتير اوي مش كفاية خزين الشهر الي بيوصلنا منك
تنهد بتعب وقد رفع عيناه إليها قائلا....
:_ متقوليش كده يا ست الكل ده عم شاكر الله يرحمه افضاله عليا و انتوا امانة فرقبتي ليوم الدين
هرب الدمع من عيناها فقالت وهي تمسحه بظهر يدها.....
:_ بس يا ابني انت مش مجبور تصرف على خمس بنات و امهم انت أولي بكل جنيه يا ابني
ابتسامة راضية تجسدت على وجهه المتعب وهو يقول....
:_بالله عليكي يا خالة انسي الكلام ده بقا ربنا بيرزقني برزقكم فخليها على ربنا و لو احتجتي اي حاجه في اي وقت رقم تلفوني معاكي انتي في مقام امي و بناتك اخواتي
:_ربنا يعزك ويكرمك يا احمد يا ابن صفية قادر يا كريم
قالتها وهي ترفع يدها للسماء بينما قال وهو ينوي المغادرة.....
:_ بالاذن انا علشان ألحق ارتاح شوية
:_ربنا يريح قلبك وروحك يا ابني
قالتها بصدق بينما اغمض عيناه بآلم وهو يهم بالانصراف قائلا...
:_السلام عليكم...
و بخطواته المتعبة خرج من بوابة البناية يتجه للبناية الاخري المقابلة فلمح شقيقة حنان الصغرى واقفة تشير لاحد سواقين التوكتوك..
اقترب منها وهو يقول بقلق....
:_ خير حنين رايحة فين
نظرت إليه بتوتر فأحمد اخر شخص تتمني مقابلته و اخباره عن ذهابها لحنان التي اخبرتها عبر الهاتف بمرضها فأخذت ورقة الدواء الخاصة بها و احضرته من الصيدلية القريبة منها و ها هي كانت بأنتظار احدي السيارات لتذهب لها.... توترت مقلتيها وهي تحاول اخباره بأي شئ
:_ انا اصل كنت رايحة لصحبتي تعبانه شوية
نظر لساعته وهو يضيق عيناه .....
:_دلوقتي يا حنين من امتي عم منصور بيقبل بنزولك بالليل الساعة داخلة على 10 هتروحي امتي و ترجعي امتي
شبكت اصابعها بتوتر وهي تتعلثم بالقول....
:_ مهي بيتها قريب مننا وكمان هي مش هتقدر تنزل تجيب علاجها ، رنت عليا و بابا وافق انا مش هتأخر مسافة الطريق
تملك القلق قلبه وهو يلاحظ توترها و تعثر الكلمات، و لانه واثقا بأخلاقها لكن ظن بها السوء لكنه يعلم بأن والدها لن يقبل بأن تخرج في الليل هكذا الا ان كان الامر هام..... نظر إليها مرة أخرى وهو يخرج هاتفه قائلا... خليكي خمسة هرن على زكريا يشوف سواق من المنطقة...
كادت تهم بالرفض الا انه اشار لها بيده فصمتت
حدث احدهم ثم نظر إليها مرة أخرى وهو يقول عبر الاثير...
:_ يكون سواق معرفة من هنا من المنطقة يا زكريا.... تمام انا مستنيك تحت البيت
اغلق هاتفه و هو يقول لها...
:_ زكريا على وصول مع التاكس يوديك و يستناك لم تنزلي
هزت رأسها برفض قائلة...
:_ مفيش داعي يا ابيه انا مش هتأخر هاخد اي تكتوك و.....
قطع حديثها بأشارة من يده وهو يقول برفض قاطع..
:_اسمعي الكلام يا حنين انا مش هسمحلك تروحي و ترجعي لوحدك بالليل حتى لو لأخر الشارع البلد مليانه قرف اليومين دول..... و الله لو عليا كنت وصلتك انا....بس ابوكي مش هيسكت ..و كلام الناس اظن انتي في غني عنه
اخفضت وجهها بخجل وضيق انتاب قلبها
ابيها فرق بين قلب احمد و شقيقتها لانه فقط رجل شهم... رجل في زمن قل به الرجال يساعد هذا وهذه يعطي المحتاج و يكفل امرأة ارملة و بناتها.... لانه لم يسمح لأرملة بالبهدلة بين الرجال و اصبح مسؤول عنها ..... فأصبح بنظر ابيها يضيع ماله و لا يدخر للزمن شئ ولن يقبل لابنته بأنسان لن يصنع مستقبلا بسبب اهداره للمال...... الا يعلم ابيها بأن حنان ماتت عشقا لرجولته و شهامته الا يعلم بأن تفريقه بينهم لن تغفره له ابنته مهما حدث......
وقفت صامتة بينما توفقت سيارة الاجري بجوارها و نزل منها شاب في السادسة عشر وهو يقول....
:_ مساء الفل يا كبير
صافحه احمد بمحبة وهو يشير له قائلا....
:_ اسمع يا زكريا متسبش الاستاذة تخليك مع السواق هتروح زيارة و راجعة تستناها انت و السواق لحد ما تنزل و ترجع معاها متسبهاش يا زكريا الا هنا تحت البيت فاهم و ترن عليا تطمني
اشار الولد على عيناه الاثنين وهو يقول
:_من العين دي قبل العين دي يا كبير
اخرج حافظة نقوده وهو يعطيه ورقة مالية ثم هتف بتاكيد.....
:_ راضي السواق و اشربوا شاي و تخلي بالك من الاستاذة يا زكريا
وضع يده على رقبته وهو يقول بصدق...
:_ عيب يا كبير اي حد يخصك أفديه برقبتي
التفت لها بجسده وقد رفع عيناه إليها لاول مرة منذ أن قابلها فاهلها الحزن بعيناه وشحوب وجهه بدي لها شخص اخر غير احمد الذي تعرفه، اشفق عليه قلبها وقد وخز الدمع عيناها لحاله فأنتبهت لصوته
:_ خلي بالك من نفسك و زكريا معاكي الواد ده اضمنه برقبتي لو حصل اي حاجه يا حنين بالله عليكي كلميني وفي اي وقت انتي كنتي و مازلتي اختي الصغيرة
اقترب منها بحرص وهو يخرج من حافظة النقود مبلغ مالي وبدون ان يره زكريا الواقف خلفه.....
:_ خدي الفلوس دي خليها معاكي
رفعت عيناها اليه وهزت رأسها برفض قاطع...
:_ لا مستحيل اخدهم انا معايا فلوس بزيادة
ابتسم لها وهو يمد يده اليها بأصرار وقد قال بنبرة مرهقة
:_ هو خلاص انا بقيت غريب عنك يا حنين ولا علشان الي كان بيربط بنا راح ومبقاش من حقي
ارتجفت شفتيها وهي تهز رأسها وقد هربت دمعتها......لقد كانت شاهدة على حبه لأختها كانت على علم بكل ما يكنه هو من مشاعر رجل عاشقا صادقا بكل مشاعره......
:_ انت اخويا الكبير يا احمد وعمر الايام مهتغير ده مهما حصل
اشار لها بيده وهو يبتسم بحنو فمدت يدها بخجل و اخذتها بينما اشار لها بالذهاب
ففعلت و اتجهت للسيارة ، فتحت الباب الخلفي وهي تلقي بجسدها داخلها بينما عيناها كانت تراقب ظهره...... وقد انهمرت دموعها... ان كان حاله هكذا فكيف حال اختها كيف سيكمل الاثنين وهذا الوجع قد اصاب قلوبهم...
كيف و آلم الفراق حارق لنياط القلب
انتبهت لصوت زكريا الذي استقر بجوار السائق قائلا....
:_ العنوان ايه يا استاذة؟!
مسحت دمعتها وهي تنظر إليه قائلة....
:_ بيت حنان اختي يا زكريا
ابتلع لعابه بتوتر وهو يعود بجسده للامام وقد جف حلقه، غصة آلمته على الرجل الذي تركه قبل قليل.... اي قلب يمتلك هذا و اي عذاب عليه تحمله.... هل الصالحون دائما مصابون؟!...
الرجل يساعد الفتاة حتى تذهب لبيت حبيبته السابقة دون علم...... الحارة بأكملها علمت بقصته و كونه رجل محبوب وبمثابة ابن لكل بيت هنا توسط له الجميع لدي لوالد الفتاة التي يحب إلا ان الرجل قاسي القلب قد فعلها و زوج ابنته لرجل اخر.... اي الاباء هذا... و اي العاشقين كان احمد..... رحم الله قلبه و اهلم روحه الصبر و السلوي.... و يبقى عزائه الوحيد انه النصيب...
___________________________________
اغلق باب المنزل وهو يقول بهدوء
:_ السلام عليكم
:_و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته....
قالها والده الذي اغلق المصحف بينما مال احمد وطبع قبلة فوق رأسه و الاخري على يده ليبتسم ابيه داعيا بحب...
:_ ربنا يرضى عليك يا ابني
:_ عامل ايه يا حاج ازي صحتك
قالها وهو يجلس على عقبيه امام والده
بينما ابتسم ابيه وهو يراقب التعب البادي على ملامحه قائلا....
:_في فيض من النعم و خير ربنا.... وطول ما انتوا بخير يا ابني انا في احسن حال
تنهد بأطمئنان وهو ينهض من مجلسه قائلا
:_ هدخل اغير هدومي و اصلي العشاء و ارجع اتكلم وحشني الكلام معاك يا حاج
ابتسم والده وهو يقول...
:_ روح يا ابني ربنا يريح قلبك انا هستناك
كان ينوي الدخول غرفته فقال بتساؤل...
:_ هي امي فين
اتسعت ابتسامة والده وهو يقول بسعادة
:_ عملت رز بلبن و طلعت توزع على الجيران ما انت عارف امك مش بتاكل حاجة من غير جيرانها...
هز رأسه بأيماء بسيطة و دخل غرفته وهو يغلق الباب خلف...... وما ان فعل حتى خارت قواه و زحف الآلم ينهش فؤاده الآلم الذي طلما حاول أخفائه عن الجميع.... تنهد بتعب وهو يتجه صوب خزانة ملابسه ليخرج مفتاح صغير وقام بفتح الدرج الصغيرة بالخزانة وقد ظهر امامه كومة من الاوراق الملونة....... ابتسامة حزينة ارتسمت على شفتيه إبتسامة حسرة على قصتهم التي أنتهت.... امسك احدى الاورق واغمض عيناه متذكرا سنوات عمره وكيف كانت تبهج روحه و تريح قلبه....ومن بين الاوراق اخرج صورة قديمة صورة لها بعمر الثامنة عشر....... وجهها المستدير و قطعتي الشكولاتة التي ارهقت قلبه و رمته بأسهم العشق فكيف الفكاك منها الان.... ابهامه لمس خدها وقد وخزه ضميره فلا يحق له الان ان يمسك صورتها و و يشتاق فقط يشتاق كيف يتعايش انها اصبحت لشخص اخر... اغمض عيناه و ترك الصورة وهو يلقي نظرة اخيرة عليها فاللحظة التي انفتح باب غرفته و دخلت والدته وهي تقول بقلق شديد....
:_ يا حبيبي ايه الغيبة دي انت كويس فيك حاجة....
كانت تلمسه بخوف تفحصه بكل اهتمام فأطبق هو على ذراعيها قائلا بهدوء...
:_ انا بخير يا ست الكل و زي القرد
نظرت إليه بشك وهي تراقب ملامحه الشاحبة و عيناه المرهقتين وقالت.....
:_ امال ايه ليه تغيب عن البيت كل ده وليه في التوقيت ده بالذات
رفع رأسه لاعلي و تنهد بيأس قائلا....
:_ امي بالله عليكي ارحميني انا فيا الي مكفيني.... ثانيا والله يا ست الكل ريان بيه كان عنده مشاكل مكنش ينفع اسيبه في الظروف دي.....
ليصمت بعدها ثم تذكر شئ اخر وهو يخرج من جيب سترته ثلاثة اظرف قائلا...
:_ معلش يا امي ابقي روحي انتي لمنال و مني بدالي و ادي كل واحدة الظرف بتاعها والظرف التالت لمصروف البيت و علاجك انتي و ابويا ولم مصطفى يرجع من الجيش انا عامل ليه ظرف.... ابقي خليه مع الفلوس الي انتي شيلها
انا مجهزهم من اول الشهر بس ظروف ريان بيه هي الي اخرتني.....
رمقت الاظرف بحزن وهي تقول.....
:_ مفيش فايده يا احمد انت مش هتتعلم و تفوق لنفسك يا ابني امتي بقا تحس بعمرك الي بيجري منك
:_قال بعدم فهم...
:_ليه بس الكلام ده يا ست الكل.... و ايه لازمته دلوقتي..
رغم كرهها لم تقول الا انها فعلت....
:_ علشان تفوق لنفسك وتبدأ تحسب كل قرش بيطلع منك قبضك من ريان بيه كان كفيل يجوزك حنان ويجبيب الشقة و الدهب الي ابوها طلبهم بس انت بتاخده من هنا و تقسمه من هنا والي يفضلك منهم ميعملوش حاجة في الزمن الي احنا فيه....
خفق قلبه بوجع لتذكيره بخسارة المرأة التي احب إلا ان غضبه قد لمع بعيناه وهو يقول..
:_و المطلوب يا امي اتخلي عن عيلة عم شاكر الي سابهم امانه في رقبتي؟! و لا اخواتي البنات واحدة ارملة و بتجري على ايتام و التانية مريضه و جوزها الله يعينه شغله مش جايب همه.... شغلي مع ريان بيه كان السبب فيه عم شاكر..... و مرتبي الكبير ده كان رزق الناس اللي في رقبتي.... رزق ربنا بعته علشان عارف بحملي التقيل..... و انا مش عارف ابص لحياتي وفي غيري هيتبهدل يا امي....
صمت قليل وهو يأخذ انفاسه و قد وخز الدمع عيناه فقال....
بالنسبة لحنان انا شقتي الي فوق كانت جاهزة بس اعمل ايه لابوها الي عجزني بطلباته الدهب والشقة كانوا حجة منه ابوها بنفسه طلب مني مصرفش جنيه على حد طلب مني اكون اناني و افكر في نفسي علشان اعيش اسيب كوم اللحم الي فرقبتي علشان اعرف اعمل مستقبل لنفسي.....
كان عايزني اخسر الخير الي بعمله ... او اخسر بنته
و انا حاولت اعمل كده بس غصب عني مقدرتش يا امي والله ما قدرت اكون انسان اناني ......
انهمرت دموعها لوجعه وهي تلمس ذراعه بآلم قائلة......
:_ و انا غصب عني بطلب منك تعمل كده يا ابني مش هاين عليا اشوف زعلان ومكسور
:_ كسر القلوب ربنا وحده الي يجبرها يا امي
قالها بآلم وهو يعطيها الاظرف بينما مسحت دموعها وهي تقول....
:_ خلاص اعمل الي يريحك يا ابني وهما الخسرانين..... اقولك على حاجة... بنات شاكر حلوين و بالذات البنت الكبيرة الي في كلية التمريض ايه رأيك فيها
نظر إليها بذهول و رفض وهو يقول بعدم تصديق...
:_ ايه الي بتقوليه ده يا امي ؟! انا عمري ما فكرت بالطريقة دي بنات عمي شاكر زي منال و مني اخواتي عمري ما بصيت لبنت منهم غير كده و استحالة اصلا اشوفهم غير كده...
و شيلي اصلا موضوع الجواز ده من دماغك...
ضربت على صدرها بهلع وهي تقول بخوف..
:_ اشيل ايه من دماغي انت مش شايف نفسك يا احمد ده الي من سنك عياله داخلين المدارس ...... ايه الي يعيبك علشان متفكرش فيه..... ولا علشان خاطر الست حنان الي سابتك و اتجوزت غيرك
:_ امي
قالها بغضب وهو يحاول تمالك نفسه ثم قال بنبرة جاهد ان تكون اهدأ قليلا...
:_ حنان بقت على ذمة رجل تاني... بلاش سيرتها تتفتح في البيت.... و خليني افكرك اني انا الي اتخليت عنها، البنت استحملت فوق طاقتها بلاش تيجي عليها و تظلميها هي ملهاش ذنب انا الي ضيعتها من ايدي انا فضلت التزماتي والناس الي في رقبتي عنها
و خليني اقولك نهاية الكلام ده.... انا مش هقدر اتجوز اي بنت تانية خلاص قلبي اتقفل على كده....
:_ليه الي خلقها مخلقش غيرها
قالتها بغضب... بينما رفع الاخر عيناه للسماء ثم عاد اليها وقال بيأس و نبرة متعبة كأنه اوشك على البكاء....
:_ اه يا امي مخلقش غيرها... ومفيش غيرها هيدخل حياتي.... وطول ما فيا نفس وقلبي بيدق هيبقي علشانها... والوحيد الي هيمنعني عن حبها الموت... الموت وبس....
بعدم تصديق قالت...
:_ كل ده حب لها ، زمان كنا فاكرين انكم عيال وبتقول هتجوز حنان و هي هتقول هتجوز احمد ... بس انت كده مجنون بيها
:_ كنا عيال بس كبرنا يا امي كبرنا و حبنا كبر معنا القلوب في ايد ربنا وهو الي بيزرع الحب فقلوبنا....
خبطت بيدها على رأسها وهي تقول ببكاء..
:_ دي سحرتلك يا احمد سحرتلك علشان تحبها كل الحب ده
الجمت الصدمة لسانه وهو يقول بعدم تصديق.....
:_ايه الي بتقوليه ده.... سحر ايه حرام عليكي يا امي ارحمي البنت و سبيها بالي هي فيه
:_ و هي فيها ايه اتجوزت و ارتاحت وسابت الهم لاصحابه
قالتها بغضب من بين بكائها... بينما رمقها هو بتعب وهو يأخذ سلسلة مفاتيحه قائلا...
:_ ياريت تكون مرتاحه و اتمنى ربنا يسعدها ويجبر قلبها.....
صمت قليلا وقد لمعت الدموع بعيناه وعاد يقول بآلم....
:_ يسعدها حتى لو مع غيري...
رأته ينوي الرحيل فأمسكت بذراع تقول بخوف...
:_رايح فين انت لسه راجع؟
لمس رأسها بشفتيه وقال بحزن..
:_ سامحيني لو صوتي كان عالي عليكي....
سامحيني و ادعيلي يا امي ادعيلي
قالها وخرج من الغرفة وكان صوت ابيه خلفه يناديه الا انه خرج و ترك المنزل
فرمق ابيه صفية بحزن قائلا....
:_ ارحمي ابنك يا صفية ابنك فيه الي مكفيه حرام عليكي الولد مكسور.... الله يسامحك يا صفية الله يسامحك...... و يجبر قلبك يا احمد
وضعت يدها على شفتيها تكتم صوت بكائها وهي تعود لغرفة ابنها تلقي بثقل جسدها فوق الفراش نادمة على حديثها ...... و قلبها يتفتت وجعا عليه.... ما تفوهت به رغما عنها احمد هو فلذة كبدها و كلما تآلم تآلم قلبها اضعاف........_________________________
حينما خرج من منزله...... وضع يده على يسار صدره برغبة منه حتى يخمد انين قلبه الملتاع الدموع تلسغ عيناه وهو يمسك اعلي انفه حتى لا يذرف الدمعات فتحرق صدغه كما يحرق الآلم فؤاده... تنهد بتعب و اصبح اسفل البناية فضاقت به الدنيا ولا يعلم إلى اين وجهته المقبلة فقرر العودة للقصر مرة أخرى....
___________________________________
نظرت إليه من تحت رموشها بصمت تراقب ملامحه و ذاك القلق البادي على وجهه يقلقها هي الاخرى.....
لقد هاتفها قبل قليل يخبرها بأنه يقف بسيارته خارج الفيلا..... و يرغب برؤيتها لاجل أمرا هام
كانت تريد الرفض بسبب تأخر الوقت إلا انها لم تستطيع وقد لمس صوته المتعب قلبها الصغير... فلم تشعر بنفسها الا وهي تركض على الدرج حتى تقابله..... وحينما فعلت وجدته يستند بظهره على سيارته فوقفت بجواره صامتة تنتظر حديثه وقد طال صمته...
فقالت.....
:_ شو راح ضلك هيك ساكت .... لو عاجبتك الارض فيك تاخد صورة وتحتفظ فيها
ابتسامة صغيرة ارتسمت على زاوية شفتيه وهو يرنوا إليها بمقلتيه يراها ترفع خصلتها الشقراء و تضعها خلف آذنها ... انتابته رغبة ذكورية لفعلها و يرفعها بنفسه حتى يكشف وجهها كاملا فتكتمل صورتها البهية بعيناه....
ومضت برأسه مقولة شهيرة تمتثل فيها "ست الحسن و الجمال" وهذه حقيقة تنطبق عليها جمالها يختلف عن سواها.... بها شئ يجعل الدفئ يسري بأوصال قلبه شعلة من البهجة والمرح... اعجبته مشاكستها الواضحة فمال بالقرب منها وقال...
:_ و انا اخد صورة للارض ليه.... طلما انتي الي عجباني يبقى اصورك و احتفظ بصورتك
رأته يهم باخراج هاتفه فأمسكت بذراعه وقالت بسرعة....
:_ لك شو عم تعمل كنت عم بمزح...
ابتسم وهو يرفع حاجبه ناظرا إليها من هذا القرب وقال بصدق....
:_ اتجوزيني يا همس
رفعت عيناها إليه لا تعرف اكان رجاء ام سؤال
و قد ومض الالم بعيناه فقال.....
:_ انا محتاجلك في حياتي بجد
راقب حدقتاها وبداخله لا يعلم مصابه... بعد حديثه مع ريان و شعور الخذلان الذي تعرض له.... وجد نفسه امام منزلها ينتظرها وقد اخبرها بضرورة رؤيتها الامر كان خارجا عن سيطرته.... ولا يعرف سببا لشعوره نحوها فقط همس تشعره بالامان كأنها بيت دافئا و هو فاقد المأوى...... يريدها بجواره وشعوره هذا رغما عنه ليس بأرادته....
:_بس انت قلت راح تعطيني وقت فكر
قالتها بنبرة خافتة بينما ابتسم هو بأرهاق وقال بنبرة مست شغاف قلبها.....
:_ و انا مش قادر استحمل الانتظار...
اعتدل قليلا بوقفته حتى تقابلت اعينهم وقد ازدادت زرقة عيناه توهجا فقال وهو يبلل شفتيه بطرف لسانه.....
:_همس انتي موافقة عليا انا كعماد يعني في اي شعور منك ليا....
:_اي استاذ
تفوه بها لسانها دون ان تدري.... و كيف تدري وهو يطالعها من هذا القرب وقد لمعت عيناه بنظرة خاصة لها وحدها...... ابتسامة صافية ارتسمت على ثغره حينما خفضت وجهها بخجل ..... راقب توترها وهي تفرك اصابعها بخجل بينما انسابت تلك الخصلة على جانب وجهها فمد يده و لم يستطيع منع نفسه و ارجعها خلف آذنها وهو يراقب احمرار وجهها البهي.... فبدت كوجبة شهية ... كان مائلا بزاوية و لم يشعر الا بقبضة قوية لكمته بعينه اليسرى و قبضة رجل يمسك بلاتيب ملابس وهو يدفعه فوق السيارة صارخا بوجهه.....