رواية ضراوة العشق الفصل الرابع 4 بقلم دهب عطية
البارت الرابع
"حمدال على سلامه ياعمرو... نورت بيتك يابن الغالي..." رحب به ثروت بحراره وعناق دام لدقائق
ابتسم عمرو وهو يرد عليه بنفس ذات المحبة...
"الله يسلمك ياعمي... البيت منورب بأهله..."
ابعده ثروت عنه وهو يقول بعتاب..
"وانتَ من من أهله برضه ياعمرو...."
ابتسم عمرو باستياء وهو يجلس على المقعد أمام عمه في غرفة مكتب القصر...
"مقصدش ياعمي انتَ دايماً واخد كل حاجه قفش كده..."
القى ثروت نظرة حزن وعتاب...
"زعلان منك وانت عارف... والغريبه انك مش عايز ترضيني..."
أشار عمرو على نفسه بصدمة وهو يقول...
"انا ياعمي....طب زعلتك في إيه ولا بلاش دي لحسان تزعل بزياده.....قولي ارضيك ازاي وانا ارضيك..."
القى عليه ثروت نظرة خاطفه وهتف بـ..
"رضايه إنك تفضل في مصر وتعيش معانا زي زمان..."
هتف عمرو سريعاً باصرار...
"مينفعش ياعمي...انا خلاص استقريت هناك وشغلي وحياتي كلها بقت هناك..."
"طب وحياتك اللي هنا وشغلك وشركة ابوك وجدك هتسبها كده بساهل..."
ربت على ركبته بقنوط...
"البركه فيك ياعمي..."
نظر له ثروت بحزن..
"انا مش هعيش العمر كله ياعمرو.... ومفيش وريث لعيلة الاباصيري غيرك... هند ووعد مهماً كانوا عمرهم ما هيبقى رجاله بشنبات الست ست والرجل
راجل يابني..... ولو فضلت منشف دماغك بشكل ده
هتضيع كل حاجه .... وزي ماقولتلك في الأول انا مش هعيشلكم العمر كله..."
تافف عمرو بانزعاج من سيرة الموت والفراق المحتوم...
"ربنا يديك الصحة ياعمي ويباركلنا في عمرك... عشان خاطري بلاش نجيب السيره دي وخلينا في المهم.."
تقوس فم ثروت وهو يجده يهرب من الحديث ككل
مره يحاول تغير فكرة مكوثه في بلد بعيدة عنه..
"ماشي.... قولي هنعمل إيه مع اللي إسمه هشام ده...
انا كُنت بفكر البسه نصيبه توديه ورا عين الشمس واخلص منه ومن قرفه....بس لم قعدت مع نفسي
وحسبتها لقيت ان انا هضر نفسي وشغلي وسمعتي
وانتَ عارف العين علينا من ساعات ماتجوزت الزفت
ده.... الصحافة بتشمشم على اي خبر ولو صغير عننا
وعنها هي كمان بعد ما تشهرت في مجل الموضه وبقت وجه اعلامي لكذا منتج معروف بقت العين عليها اكتر... "
تافف عمرو بضيق حين وصل حديث عمه لنقطة عملها التي خاضتها ونجحت في مجالها واصبحت
ذائعة الصيت كأشهر( موديل) في مجال الموضه
ووجه اعلامي لاكثر من مجله معروفه...
حين ارتبط بها كانت مُصره على خوض التجربة والعمل في شركة والدها كاوجه إعلامي، منافسه
بمنتهى الثقة احد عارضات الأزياء الأجانب ذوات الجنسيات المختلفة، كان رفض (عمرو) وقتها قاطع
وصارم عكس(ثروت)الذي لم يرفض الفكرة فوعد
كانت في صغرها تظهر على التلفاز وهي تسوق
بعض المنتجات الغذائية وبعض الملابس الانيقة
المخصصه للأطفال فكان الأمر لثروت عادياً
ويسمى بالعمل والموهبة مثلما كانت ترى( وعد)
الموهبة والمتعة فيما تفعله والشيء الوحيد
الذي احببته واختارته بنفسها وكان صائباً !..
لكنه كان يغار من هذا العمل ويرفضه رفض قاطع
وحين شعر بحزنها اقترح عليها فكرة العمل معه
مساعدة وتحت التدريب لتفهم اكثر مجالهم
تصميمات... مجال التصوير... والاخراج.... إختيار الموديل الانساب لتسويق المناسب والنجاح الحاتم
ولاخره.....
كل شيء كان يود تعليمه لها بعيداً عن تلك المهنة التي تجري في عروقها منذ الصغر!..
لكن بعد ابتعدهم عن بعض ومعرفة الحقيقة اكملت هي ما رفض إياه وقد نجحت فيه بعد مدة ليست بقصيرة ، واصبحت له اسماً خاصاً بها في هذا المجال
-وعد ثروت الاباصيري- عارضة أزياء ذائعة الصيت !...
"ساكت ليه ياعمرو...قولي الحل ايه مع الكلب ده .."
فاق عمرو من شرود على سؤال عمه تنحنح وهو ينظر له بغموض...
"انا حضرت الفلوس اللي طلبها..."
توسعت عيني ثروت بصدمه..
"إيه.... انتَ ناوي تديله الفلوس عشان يطلقها..."
"عندك حل تاني ياعمي؟..." سأله وهو يرفع حاجبه بانتظار حالاً آخر...
زفر ثروت وهو ينهض مُشعل سجارته قبل ان يقول بقلة حيله...
"لو عندي حل تاني.... مش هطلب منك تصرف ياعمرو..."
نهض عمرو من مكانه وهو يقول...
"خلاص ياعمي سبني اتصرف انا المرادي.. ولي فيه الخير ربنا هيقدمه...."
"بس ياعمرو الفلوس.... والمبلغ كبير...." رمقه ثروت بحرج وقلة حيلة...
لاحت على وجهه إبتسامة بسيطة وهو يقول
بشهامة...
"فداك اي فلوس ياعمي.... المهم اسمك واسم
العيلة يفضل زي ماهوا ... زي ما جدي وصاك زمان وانتَ وصتني ولا نسيت..."
أجابه ثروت بمحبة...
"مفيش أب بينسى كلامه لابنى..."
في تلك الاوقات طرقت الخادمة على باب المكتب ثم دلفت بعد الاستئذان...وقالت بتهذيب...
"الغدى جاهز ياساعت البيه....تحب حضرتك نحضر السفرة دلوقت...."
هتف ثروت بهدوء...
"لا استني شوية ياروحيه... عمرو لسه راجع من سفر
ومحتاج يستريح شويه قبل اي حاجه..."
ابتسم عمرو بامتنان نحو عمه وهو يقول...
"ولله مافي حد فالبيت ده فهمني قدك... انا فعلاً محتاج استريح شويه قبل اي حاجه..."
أومأ له ثروت بتفهم وهو يسال الخادمة بخشونة..
"ها ياروحيه اوضة عمرو بيه جهزت..."
اجابت سريعاً
"ايوه ياساعت البيه جاهزه من إمبارح..."
قال عمرو بلطف...
"لو مش هتعبك بقه.... فنجان قهوة سادة.. وطلعيهولي على فوق..."
أبتسمت الخادمة على لطف كلماته وبساطتها وكانها لا تعمل عنده وتاخذ أجر لذلك!..
"من عنيه يابيه دقيقه وتكون القهوة عندك..."
"على مهلك انا مش مستعجل..." خرج من المكتب بعد ان القى نظره اخيره على عمه....
تمتمت الخادمة وهي تخرج بتعجب من تلك النوعية التي لم تتعامل معها مسبقاً!...
"يسلام على الذوق والاخلاق ربنا يكتر من امثالك... صحيح الدنيا لسه فيها ولاد أصول...والفلوس لا بتغيرهم ولا بتنفخهم على الخلق.... "
______________________________________
"طب هي فين نورا ياماما.."سائلة وعد والدتها وهي
تشعر بوجع حاد في قدمها اليمنى....
اجابتها نادية وهي تبحث عن المسكن لها...
"نزلته تتغدى تحت في المطبخ...."رمقت ابنتها بقلق وهي تاخذ عدة أقراص مسكنه...
"بصي انا هنزل اسأله على انه مسكن تاخديه دلوقتي لرجلك..."
ظهر الألم على وجه وعد وهي تقول بتعب...
"خلاص ياماما انا هستحمل شويه لحد ماترجع.. مينفعش تنزلي تساليها وهي بتاكل البنت هتتحرج..."
برمت نادية شفتيها وهي تقول باستنكار...
"تتحرج إيه ومينفعش إيه.... مش دا شغلها !... خليكي انتي بس مكانك وانا شويه وجايه...."
اومات له وعد بتفهم..خرجت نادية وتركت الباب مفتوح لحين عودتها....
تنهدت وعد وهي تنظر أمامها بحزن...لا تعرف لمَ تبدل الحال بالحظه وأصبحت في بيت والدها تطلب المساعدة منه ومن هذا العمرو الذي يصر على اهانتها
واحراجها بطريقه ماكره غير مباشرة للجميع...
مرت الدقائق على شرودها وتفكيرها في حياتها القادمة بعد ان تطوي ورقة هشام للأبد من ايامها
البأسة !...
رفعت رماديتاها بجوارها لتجد العُكَّازَ بجانبها...
اخرجت أنفاسه بحنق وهي تحاول النهوض مُستنده عليه فقد ملت من جلستها تلك....
مسكت العكاز وتكات عليه... انتصبت في وقفتها بصعوبة وبعد عناء ثبتت قدمها اليسر في الأرض
والأخرى تكاد لا تلامس الأرض...
خطات عدة خطوات بتمهل فهي لم تجربه وحدها حين اتكات عليه في المشفى كان بمساعدة ومساندة تلك المرافقة (نورا) ...
الخطوة الثالثة لم تنتبه لها جيداً تعرقل العكاز في سجادة اسفلها لتجد نفسها ترتطم في الأرض بقوة
على اثارها صرخت صرخه مكتومه...
على ناحية الأخرى..
كان يصعد عمرو على السلالم متوجه الى غرفته في ذات الدور لكن الارتطام اوقفه وانتابه القلق حين رفع بُنيتاه على غرفتها المفتوحه...
ركض نحو الغرفة بدون تفكير....
لج لداخل بسرعة فوجدها تبكي وتتالم طاحه على الأرض تحاول النهوض ولكنها تفشل بسبب وجع
قدمها...
"وعد..."
نادى عليها بالهفة وجثى امامها مساعدها على النهوض
"إيه اللي حصل وفين البنت اللي كانت جايه معانا.."
نزلت دموعها وهي تقول بتعب...
"كلهم تحت..."
صاح بحنق وهو يساعدها على الجلوس في
الفراش...
"كلهم تحت وازاي يسبوكي وانتي كده..."رمق دموعها تنزل بغزاره...
للحظه نسى كل شيء وهو يمد يده بمنتهى الحنان والاهتمام ماسح اياهم وهو يقول بلطف وقلق...
"كفايه عياط....مالك رجلك وجعاكي...الوقعه وجعتك اوي كده..."
نظرت لعمق بُنيتيه بصدمة من اهتمامه بها
وحنانه ولطفه عليها برغم من كل شيء بينهم !...تشربة بعينيها اكثر وعن قرب وجهه الرجولي وملامحه الجذابه...و يده لا تزال على وجنتها أنفاسه الرجوليه وعطره الممزوج بها والذي
تستنشقه بوضوح....
ابعدت عينيها بصعوبة عنه وهي تتحدث بنبرة أهدى قليلاً...
"مفيش حاجه انا كويسة.."
انزل يده عنها وقد أنتبه لتصرفاته المخزية مع أمرأه
خائنه مثلها لا تستحق كل ما يقدم لهآ !...
نهض بحدة وهو يعود لهذا الرجل البارد الهادئ بطريقة مُستفزة....
"خليكي مكانك متتحركيش... وانا هبعتلك حد يقعد معاكي ويساعدك...."
اسلبت عينيها ولم ترفعها أليه....
استدار لكن سريعاً التفت لها وهو يقول بتذكر...
"على فكره انا بعت مرسال لي هشام وقريب اوي
هنبدأ في إجراءات الطلاق دا لو لسه مغيرتيش رأيك..."
رفعت رأسها وحدجت به بحنق..
"هغير رأيي إزاي يعني...هو لعب عيال..."
"يمكن!...انتي بذات يابنت عمي مش بستبعد تعمل اي حاجه..."رماها بنظرة استهانة...
قالت باستنكار...
"واضح إنك مش فاهم اللي حصل بيني وبين هشام..."
اجابها بسرعة مُهينه...
"فاهم...بس اللي بيخون دايماً بيتخان ولا إيه..."
ثبتت عينيه في عينيها بمنتهى التوتر...
"انتي ليه بتفتح في القديم موضوعنا..."
قاطعها بسرعها...
"موضوعنا؟...هو احنا كان في مبينا مواضيع قبل كده..."رمقها ببساطة وهو يكمل بمكر...
"على فكره انا مش بتكلم على حاجه تخصني...انا بتكلم على ابوكي إللي قللتي منه لم سلمتي نفسك لواحد زي ده..."
رفعت حاجبيها بصدمة..
"سلمت نفسي؟...دا جوزي!.."
"وقبل مايكون جوزك..."وضع يده في جيبه وهو يرمقها بتهكم...
"انا مش فاهمه حاجه انتَ تقصد إيه بظبط.."
ظهر شبح إبتسامة جانبيه على شفتيه وهو يهز راسه باستهزء....
"ماترد عليا ياعمرو... تقصد إيه بكلامك ده.."
عالة ابتسامته بسخرية وتهكم اكبر وهو يقول...
"انتي عارفه انا اقصد إيه كويس... بس كل اللي كُنت عايز اوصلهولك.... ان اي علاقة بتبدأ كده بتنتهي باسوء من كده!..."
تحدثت بتسرع وغباء...
"قصدك ان كما تدين تدان...وان هشام كان عنده حق لم خاني" رمقته بحنق
عالى صوته قليلاً بغضب...
"الجمله الاولى دي تنطبق على اللي لسه وقف مكانه مستني اي حآجه تشفي غليله منك... بس انا مش شايفك أصلا عشان استنى..."
رمقها ببرود ثم اكمل الاجابه على آخر جملها لها...
"اما بنسبه هشام عند حق ولا لا... فانا شايف انك
مقدرتيش تملي عينه.. وبصراحة عنده حق ماهو اللي زيك برضو مايملاش العين...."
توسعت عينيها بصدمة وعدم تصديق فقد خدش الانثى بداخلها وهز ثقتها بنفسها اكثر من السابق!...
قبل خروجه من غرفتها القى عليها نظرة بارده هادئه وكانه لم يهين إياها منذ ثواني فقط....
لم تشعر بشيء إلا بدموع الساخنة تلامس بشرتها الشاحبة بمنتهى الانسياب تسحبها اخرى وأخرى الا حين التعب ونوم بحاله تشفق عليها العين...
_____________________________________
دخل غرفته بمنتهى الغضب والحنق بدى وكأنه
(عمرو الاباصيري) الحقيقي بالوجه والتصرفات العادية الغير زائفة..غرز اصابعه في شعره بقوة كاد ان يقتلعه من شدة الغضب..تعرق وجهه بشدة وتسارعة انفاسه وكانه في ضراوة الحروب يقف!
، كثرة كتمان ما يعتريه يسبب له الأكثر والاسوء
بداخله...
يصل لذروة غضبه، وصبره بجوارها ينفاذ...
يريدها يقسم انه يريدها برغم من كل شيء بينهم!..
يريد ان يهشم جسدها بين ذراعيه يريد ان يحرق جسدها تحت جسده... يريد ان يذيقها عذابه وحبه
كيف سيفعل وكبريائه يمنعه من ذلك، فعلت الكثير
واقل شيء لا يغفر ولا ينسى لها...
لا تزال تبتعد عنه وهو يقترب، لماذا لا يقسى قلبه لماذا لا ينتقم منها ويذيقها ذات العذاب وينفطر
قلبها مثلما فعلت معه سابقاً !..
توجه للحمام وهو يود التخلص من كل تلك العواصف ونسيان أمر وجودها معه تحت سقف واحد ....
تخلص من ملابسه ووقف فالمغطس تتساقط المياه الباردة على جسده بسرعة أسرع من دقات
قلبه المناديه بها....
رفع رأسه وحبس أنفاسه لتسقط بقوة على وجهه مباشرة وخرير المياة يسد أذنيه....
شعر بالمسة يدها الحانية عليه وهمسها الذي دوماً يسمعه في أذنيه...
"بحبك..."
التفت لها ونظر لرماديتيها بشوق تحسس وجهها الناعم وشعرها الحريري واكتفى بنظرة صادقه ترد عليها...
"برضو مش هتقولي انك بتحبني وعايزني جمبك..."
لم يرد عليها بل تعالت أنفاسه بحنق...
إبتسمت هي بنعومة ومررت اصابعها على وجهه المبلل تحفر تلك الملامح الرجوليه داخلها
وهي تقول...
"خلاص مش عايزه اسمعها كفاية إنك قدامي...."
مررت شفتيها الممتلئة امتلاء قد خُلق لتقبيل على
وجهه بدالال انثوي...
"وحشتني اوي ياعمرو...وحشتني اوي.. "
تعالت أنفاسه وهو يحاول السيطرة على نفسه وعلى مشاعره المكبوته نحوها...لكنها كانت عنيدة ساحرة
مُصره على النيل منه كانت تقترب وتقترب حتى
استطاعت كسر حصون قلبه ونسيانه اسمه لا ماضيهم القاتم....
شعر ان روحه تنسحب وهو يصطدم بالماء بقوة وخريره يكاد يصم أذنيه...ابعد وجهه سريعاً والتقط
أنفاسه بصعوبة...
تذكر ذات الحلم الذي لا يتوقف عن مطاردته أينما شرد بخياله...
حتى في احلامه كبرياء رجولته يمنعه من الاقتراب منها !..
الى هذا الحد اصبح الفج بينهم كبير....
خرج من المياة وبدأ بتجفيف جسده وارتدى ملابسه..
خرج فوجد هند تجلس على الفراش بانتظاره وقد احضرت له القهوة بنفسها...
نظرت له هند بعد خروجه وهي تقول باستفزاز...
"كل دا تاخير هم في فرنسا مانعين الـ douche... ولا ايه.."
هز راسه وهو يمشط شعره بهدوء..
"لسانك طول..... شكله عايز يتقص..."
وضعت يدها على وفمه وهي تضحك بمرح...
"خلاص خلاص سكت قلبك أبيض..."
اشارة على فنجان القهوة قائلة...
"جبتلك القهوة عد الجمايل..."
"عددها..." قالها بنبرة خاليه من اي مرح...
سالته هند بشك..
"مالك ياعمرو مش في المود يعني..."
"مفيش ياهند عادي.. شوية ارهاق يمكن لم انام افوق..." قالها وهو يقترب منها وتمدد بجوارها
على الفراش..
"هتنام من قبل ماتاكل... دا انت هنا بقالك كام ساعة
دا غير ساعات اللي قضتها في الطيارة..."
اسند ذراعه على جبهته يجحب الضوء اكثر عن عينيه وهو يجيب...
"مش جعان انا كلت في طيارة...انا عايز انام دلوقتي اخرجي وطفي النور...ولم اصحى هاجي قعد معاكي..."
اخرجت انفاسها بحنق وهي تقول بتفهم...
"ماشي ياحبيبي أرتاح...تصبح على خير..."نهضت واغلقت الباب عليه وهي تنظر لغرفة وعد بحنق
فكل شيء يحدث معهم بسبب تلك العقربة التي
لم تكتفي بجرح اخيها بل احضرته الى هنا فقط
ليخلصها ممن فُضل عليه !...
في داخل الغرفة..
رفع عمرو يده عن جبهته ومد يده مُلتقط هاتفه بين يده فُتح إياه على صورة قديمه لها قد التقطها
بدون ان تلاحظ ذلك....كانت صورة عفوية تظهر
ملامحها وابتسامتها بمنتهى الجمال والنعومة...
لمعة عينيه وهو يدقق في تفصيل وجهها المحبب إليه !... تحسس الصوره بيده وهو يقول بصدق...
"ليه عملتي كدا في ياوعد....لو تعرفي انا بحبك قد إيه عمرك ماكنتي عملتي اللي عملتيه.....انا كُنت بتمنالك الرضا ترضي....كُنت بعشق التراب اللي بتمشي عليه....كُنت بستنى اليوم اللي تكوني
فيه مراتي عشان اقولك اني بحبك من زمان اوي
من اول ماشلتك على أيدي فاول مره اكلتك فيها
يوم ماخدتك في حضني وانتي بتعيطي وزعلانه ان فستانك الجديد اتوسخ....أول يوم في المدرسة واول يوم في الجامعة... كُنت دايماً معاكي وجمبك بس عمرك ماشفتيني...."تحدث لصورة بسخرية أكبر...
"بتقولي ان إحنا أخوات...بس إحنا عمرنا ماكنا أخوات..يمكن انتي شايفه كده...بس انا عمري
ماشفتك غير حبيبتي ومراتي..." عض على شفتيه بغضب وحبس دموع رجولته وهو يقول بكراهية...
"بس بعد اللي عملتيه متستحقيش اي حاجه جوايا من ناحيتك ....انتي خاينه والخاينة متستحقش غير الكره.."اغلق الهاتف واحتل الظلام الدامس الغرفة مرة أخرى فسقطت دمعه خائنة على وجنته عنوة عنه....
______________________________________
بعد عدة ساعات وبعد نوم عميق استيقظ في وقت متأخر من الليل غسل وجهه وبدأ باشعال سجارته
وهو يرمق غرفته بنظرة شامله.... انهى سجارته وقد مل من الجلوس بين تلك الحوائط الكئيبه قرر النزول لحديقة القصر ليستنشق بعد الهواء الرطب...
في الحديقة قد ساعدة المرافقة (نورا..)وعد بالجلوس على مقعد في قلب الحديقة مثلما طلبت
منها (وعد) فهي ايضا ملت من غرفتها وقررت استنشاق بعد الهواء والابتعاد أكثر عن رائحة
(الاباصيري)المحاطة بالمكان...
برمت شفتيها بتقزز فكل من يملك اسم تلك العائلة من رجال يكن قاسي جامد التعامل لا يشفق ولا يرأف باحد مهماً كان...
"تحبي احضرلك حاجه تشربيها..."سالتها نورا بلطف...
هزت وعد رأسها بنفي...
"لا شكراً....بس لو ينفع تسبيني لوحدي شوية.."
استقامت المرافقة في وقفتها وهي تقول بتفهم..
"حاضر اللي تأمري بيه...ورقمي في تلفون حضرتك رني عليه اول ماتحتاجيني..."ابتعدت بعد تلك الجمله
لداخل القصر...
التقطت وعد الهاتف وعبثت به بملل فوجدت عدة أخبار عن حادثة السيارة التي اصطدمت بها، وعدة اشاعات كاذبه على ان الحادثة مُدبره من احد المنافسين لها في مجال الأزياء واللواتي يبثون حقدهم دوماً نحوها حين يأتي اسمها في حواراً إعلامي لهم !...
برمت شفتيها وهي تكتب منشور على صفحتها الشخصية تطمئن به متابعِها عن صحتها وتعافيه
وصاحب الكلام المُرسل صورة شخصية له ترتدي فستان أزرق رقيق يصل لبعض ركبتها مكشوف
الذراع وشعرها الحريري الاسود تعقده بكعكة
أنيقة تتناثر الخصلات منها...
لم تمر الثواني القليلة الا ووجدت اشعارات
التعليقات الاجابية على هذا المنشور من جميع الجنسيات بعض التعليقات غزل ووقاحة غير منتهيه من بعض الرجال والبعض نسائية حاقدة وساخره واخرى جميلة رقيقة...
لم تهتم فمن يوم ان دخلت هذا المجال وفتحت باب (السوشيال ميديا) وهي ترى الكثير من البشر وللاسف الاسوء هو المنتشر بكثرة...
هبط على السلالم بهدوء فصدح هاتفه منبه باشعاراً ما... فتح حسابه الوهمي!..وقد وصل للتو اشعار من صفحتها الذي يتابعها من عامان بكل إهتمام!..
عقد حاجبيه وهو يرى صورتها وجمالها بهذا الثوب الرقيق والذي يبرز انوثتها بنعومة ودلال....
يكره تلك الصفحة ويكره هذا العالم الذي اخترقته بعد انفصالهم... التعليقات والغزل ينزل عليها بسخاء
من كل الجنسيات يكره تلك الشهرة التي جعلتها مرئيه للجميع ويعرفها الكثير.. يكره عملها ويكره كل
شيء يشعل غيرته وجنونه عليها....
"فايقه اوي تنزلي صور ليكي وتكلمي...." برم شفتيه بحنق وهو يسير على الأرض بمنتهى التهكم....
خرج من الحديقه وجدها في وجهه تجلس على مقعدها تتابع منشورها باهتمام....
"اي القرف اللي انتي منزلاه ده..."القى هاتفه على الطاوله أمامها بعصبية مُفرطة ....
نظرت للهاتف ولصورتها المنيره به...
"ممكن افهم في إيه...عملتلك إيه عشان تكلمني بالاسلوب ده..."
صاح بحنق
"هو انتي معندكيش دم ولا بتستهبلي..."
القت هاتفها على الطاوله بعصبيه هي أيضاً
وقالت بتشنج..
"انا مسمحلكش تكلمني بشكل ده ...وبعدين انا عملت إيه مش فاهمه..."
"احنا في إيه ولا في إيه عشان تنشري حاجه بشكل ده..وبعدين اي الفستان المقرف اللي انتي لبساه ده...
اي معدش فيه حياء خالص عندك مبسوطه إنك بتعرضي جسمك على الكل..."
أحمر وجهها بغضب اكثر وتوسعت رمديتيها بنيران
حارقة وهي تتشاجر مع بضراوة...
"وانتَ مالك اصلاً وبعدين ايه الكلام اللي مش عاجبك في الـ Published...(منشور) "
لوى شفتيه بسخط..
"الـ Published!!.. طب Published دا
كله مش عاجبني ويتمسح دلوقتي حالاً وكفاية مسخره.."
احتقن وجهها اكثر من اومره وتسلطه عليها...
"مسخره مسخرة اي بظبط الـ Published.. مفهوش اي مسخره وعلى فكرة انتَ مُعقد..."
"انا مش مُعقد يابنت عمي.. دا اسمه إحترام..." قالها ببرود...
ضحكت بسخرية وهي تقول بسخط...
"بجد إحترام... طب وصورك مع عارضات الأزياء الاجانب اللي لبسهم بيبقى اسوء من كده وايدك
وهي محطوطه على جسمهم في صور يبقى
برضو دا إحترام!... والممثلات اللي بيلحقوك في كل حتى والاشاعات اللي بتطلع عليك مع كل واحده
فيهم برضو دا بيتسمى إحترام...ولا الإحترام بتاعك انتَ حاجه تانيه... "
توسعت عينيه بصدمه وثبت انظاره عليه بدهشة كبيرة وحل الصمت بينم للحظات وحرب النظرات
بينهم لا تزال مُشتعلة...
اول من قطع الصمت هو حين عقد حاجبيه وهو يقول باستفهام...
"وانتي ليه مهتمه أوي كده بكل اخباري؟.."
زاغت عينيها عنه وهي لا تعرف ماذا سترد فهي من يوم ان علمت بنية هشام نحوه وهي تتابع اخباره من عبر حساب مجهول الهوية ولا تعرف لماذا تهتم بأمر اخباره ولماذا تزعجها معظمها !..
"بصيلي..."
أمرها بغطرسة ذكورية جعلت جسدها ينتفض وهي ترفع عينيها عليه بتردد لكن بعد سماع سؤاله للمره الثانية تشجعت وردت بمنتهى التبجح حتى تهرب
من بُنيتاه الثاقبة..
"متابعه ليه إخباري ولي مهتمي اوي كده..."
ردت ببساطة مُصطنعه...
"انا مش مهتمه بحاجة... انتَ اللي مهتم باي حاجه تخصني... بدليل اول مانزلت Published
على صفحتي بدقايق لقيتك فوق راسي وبتزعقلي كمان..."
ابعد عينيه عنها وهو يقول ببرود..
"دي مجرد صدفه..."
لم تهتم به مسكت هاتفها مره اخرى وعبثت به فهي لم تنسى كلماته المهينة في غرفتها و حتى الان قد تطاول عليها بالسانه السليط....
ارتعد جسدها بسرعة حين خبط بيده القوية على الطاولة أمامها مُصدر صوتٍ عالٍ افزعها
هتف اثنائها بصرامة امام عينيها المتوسعة....
"لم اكون بكلمك تردي عليه مش تطنشي وتمسكي الزفته دا ولا كاني موجود..."
اشتعلت وجنتيها بالغضب ورفعت يدها ملوحه بها بعصبية مماثلة له...
"انتَ إزاي تكلمني كده... انتَ مفكر نفسك مين مـ" شهقت بصوتٍ عالٍ حين مالى عمرو عليها وسند بكلتا يداه على ذراع المقعد الجالسه عليها أحاط إياه بدون ان يلمسها.... تعالت انفاسه وهو يرى خوفها منه وتوترها من قربه المفاجئ ، لكنها لا تعرف انه يكره علو الصوت ، وتلويح باليد من اكثر الأشياء التي تزعجه في نساء فهي لو رجل مثله لكان كسر يده وقطع لسانه ان تطاول عليه مثلما تفعل هي بكل تبجح الآن...
"اوعي تاني مره واحنا بنكلم تشوحي بايدك دي ولا تعالي صوتك ده عليه....."
بلعت ريقها بخوف من عينيه القاتمة المُرعبة...
"انا مشوحتش...انا بس بفهمك مينفعش تكلمني بشكل ده... "
"كان ممكن تقوليها من غير ما تشوحي..."
نظرت له بقلب ينبض بخوف من هيمنته على تصرفاتها بكل هذا التبجح...
هتف بأمر بارد ولا يزال بالقرب منها..
"الـ Published دا يتمسح ودلوقتي حالاً ..."
صاحت بسرعة...
"لا طبعاً..."
لاحت منه إبتسامة شيطانيه وهو يقول بشر...
"براحتك يابنت عمي... بس متبقيش تزعلي بقه لما
اخترق حسابك ومسح اللي عايز امسحه ونزل إللي
يضيع منك متابعينك الذاذ..."
بلعت ريقها بتوتر ودققت النظره به اكثر وعن قرب فوجدت الجدية الصارمة مُرتسمة على ملامحه...
القى عليها نظرة مُستفزه ثم انتصب في وقفته
قائلاً وهو يمسك هاتفه بين يده ..
"انا هطلع على اوضتي وهفتح التلفون فوق لو ملقتش الـ. Published بتاعك اتمسح همسحه انا بطرقتي..."
تركها تشتعل غيظاً وهي تنظر للمكان الذي اختف به بانزعاج....
مسكت الهاتف وحذفت المنشور بغضب وهي لا تصدق ان اوامره وغطرسته تحكمت بها ...
لم يفعلها احد من قبل !...
صدح هاتفها بعد دقائق من الغضب وتشنج برسالة خاصة على صفحتها من مجهول محتواها كان...
"اهو هو دا بقه اللي بيتسمى الإحترام..."
عضت على شفتيها بغضب أكبر وبعثت صوره له مع عارضات أزياء في احد المهرجنات السينمائية
مُعلقة بسخريه...
"ودا الإحترام بذاته !..."وضعته بعدها على الحظر
بحنق ثم القت الهاتف بانزعاج أمامها!..
__________________________________
فتح الرسالة ليجد صورة تجمعه باحد عارضات الأزياء....

تبرم وجهه وهو يبتسم بسخرية بعد ان وضعته على الحظر..
______________________________________
في اليوم الثاني مساءاً ....في مقهى شعبي داخل احد الأحياء الشعبية...
كان يجلس (هشام)مع صديقه المقرب (جبر)
تحدث جبر وهو يرتشف من كوب الشاي الساخن..
"يعني خلاص نويت تطلقها..."
اخرج هشام دخان سجارته بتلذاذ..
"قول يامسهل بس...المصلحه المرادي مكسبها اتقل من اي مصلحة تانيه..."
"وقالولك أمته هطلق..."سأله صديقه بفضول...
وضع هشام قدم على قدم بتكبر وعنجهة..
"بكره..هروح اطلقها واخد الفلوس...بكره هبقى مليونير بعض ما مضي على حتة ورقه لا راحت
ولا جت...."ضحك بسخرية...
"اما الناس العلوي دول مُغفلين بشكل..."
تنهد صديقه بقلق...
"ربنا يستر...انا بصراحه مش مطمن لسرعة ردهم ده...اصل يعني المبلغ اللي انتَ طلبه مش قليل
يعني.... آآه اكيد فيها انه..."
القى هشام السجارة ارضاً بعد الانتهاء منها وهو يرمق صديقه بحنق...
"اي الفقر ونحس دا ياجدع انتَ هتقلقني ليه..يعني اللي زي دول هيزعله على الفلوس ليه...دول بنسبلهم شوية فكه.. "
صاح جبر بغباء...
"يامفتري خمس مليون شوية فكه بنسبالك..."
هتف هشام بصوت خافض....
"وطي صوتك يانعل أبو معرفتك...في اي يالطخ مشفهومش وهما بيسرقه شفوهم وهما بيتقسمه..."التف حوله ليرى البعض مشغول بما يفعل ولم يلاحظ احد حديثهم او يهتم...
"وبعدين ااه فكه بنسبه لناس دي فكه ومصديه كمان قصاد طلاق بنتهم وحريته!....وخد في بالك لو كُنت طلبت منها اكتر من كده كانت هتدفع عشان تطلق وتخلص مني..."
ابتسم صاحبه باستهزء وهو يقول...
"دا انا طلعت ظلمك ياصاحبي بقه... وطلعت عينك مليانه بصحيح...."
"مابلاش نظام التريقه دي وخلينا في المهم...انا عايزك بكره لما أروح القصر بتاعهم تيجي معايا وتستناني برا في حته مداريه كده....لو اتأخرت عن ساعتين تبلغ البوليس وهديك دلوقتي كام رقم لناس صحابي شغلين في صحافه اول متديهم رنه وترسيهم على الحوار هيجوا بكامراتهم يعمله هليله قدام قصر الاباصيري..."
انتبه جبر للحديث كله ولكن شد ذهنه كلمة (قصر)فعلق عليها بطمع...
"قصر!!..يعني نسيبك دول عندهم قصر زي اللي بنشوفه في التلفزيون كده..."
تبرم وجه هشام وهو يجيب بحقد
"واحسن كمان..."
خبط جبر على رأسه بتعجب...
"يادين النبي...عندهم قصر وعايز تطلق بنتهم....طب ماكانت استنى كام سنه كمان لحد مابوها يموت
وتُورث مراتك فيه وساعتها هيبقا الخمسه عشرين !.."
تبرمت شفتي هشام بحقد ساخر...
"عشرين؟؟....وللهِ انتَ اهبل ومش عارف حاجه..."
هتف جبر بتعجب اكبر...
"اهبل ومش عارف حاجه؟؟ هو لمؤخذه يعني مش اللي بيموت ده بيوزعه ورثه ولا عند ولاد الذوات مفيش حاجه اسمها ورث..."
رد هشام بغل...
"فيه.... بس في عيلة الاباصيري الوضع يختلف..."
"يختلف إزاي افهمه دي بقه..."
"يعني من فتره قريبه فهمت من وعد ان معظم تركت
جدها وابوها وعمها اللي مات بأسم عمرو الاباصيري
ولو ابوها مات او حصل حاجه هو هيفضل واصي
عليهم ودي وصية جدها من قبل ما يموت! وصى ابوها بيها ومن بعد ابوها عمرو.... عشان هو الدكر الوحيد اللي في العيلة يعني!.... شفت بقه إنك أهبل .."
لوح جبر بيده باستهزء...
"طب ياعم براحه متزقش وبعدين انا اللي اهبل ولا جدهم دا اللي عامل فيها دقستقراطي ومانع الحريم
من الورث...."
لوى هشام فمه بتقزز...
"اسمها أستقراطي ياجاهل..."
تحدث جبر هزءاً...
"ياعم خلينا في المهم وكفاية فلح... هتروح لهم بكره الساعه كام..."
تحدث هشام بلؤم...
"هما قاله الصبح بس مقلوش الساعه كام... بس انا هروح على عشره كده اهوه العبهم شوية... عشان ميفتكروش اني مستعجل على الفلوس..."
غمز له جبر بخبث...
"حلو الرسم ده التقل صنعه برضو..."
ضحكوا سوياً بخشونة مقززه...
"حمدال على سلامه ياعمرو... نورت بيتك يابن الغالي..." رحب به ثروت بحراره وعناق دام لدقائق
ابتسم عمرو وهو يرد عليه بنفس ذات المحبة...
"الله يسلمك ياعمي... البيت منورب بأهله..."
ابعده ثروت عنه وهو يقول بعتاب..
"وانتَ من من أهله برضه ياعمرو...."
ابتسم عمرو باستياء وهو يجلس على المقعد أمام عمه في غرفة مكتب القصر...
"مقصدش ياعمي انتَ دايماً واخد كل حاجه قفش كده..."
القى ثروت نظرة حزن وعتاب...
"زعلان منك وانت عارف... والغريبه انك مش عايز ترضيني..."
أشار عمرو على نفسه بصدمة وهو يقول...
"انا ياعمي....طب زعلتك في إيه ولا بلاش دي لحسان تزعل بزياده.....قولي ارضيك ازاي وانا ارضيك..."
القى عليه ثروت نظرة خاطفه وهتف بـ..
"رضايه إنك تفضل في مصر وتعيش معانا زي زمان..."
هتف عمرو سريعاً باصرار...
"مينفعش ياعمي...انا خلاص استقريت هناك وشغلي وحياتي كلها بقت هناك..."
"طب وحياتك اللي هنا وشغلك وشركة ابوك وجدك هتسبها كده بساهل..."
ربت على ركبته بقنوط...
"البركه فيك ياعمي..."
نظر له ثروت بحزن..
"انا مش هعيش العمر كله ياعمرو.... ومفيش وريث لعيلة الاباصيري غيرك... هند ووعد مهماً كانوا عمرهم ما هيبقى رجاله بشنبات الست ست والرجل
راجل يابني..... ولو فضلت منشف دماغك بشكل ده
هتضيع كل حاجه .... وزي ماقولتلك في الأول انا مش هعيشلكم العمر كله..."
تافف عمرو بانزعاج من سيرة الموت والفراق المحتوم...
"ربنا يديك الصحة ياعمي ويباركلنا في عمرك... عشان خاطري بلاش نجيب السيره دي وخلينا في المهم.."
تقوس فم ثروت وهو يجده يهرب من الحديث ككل
مره يحاول تغير فكرة مكوثه في بلد بعيدة عنه..
"ماشي.... قولي هنعمل إيه مع اللي إسمه هشام ده...
انا كُنت بفكر البسه نصيبه توديه ورا عين الشمس واخلص منه ومن قرفه....بس لم قعدت مع نفسي
وحسبتها لقيت ان انا هضر نفسي وشغلي وسمعتي
وانتَ عارف العين علينا من ساعات ماتجوزت الزفت
ده.... الصحافة بتشمشم على اي خبر ولو صغير عننا
وعنها هي كمان بعد ما تشهرت في مجل الموضه وبقت وجه اعلامي لكذا منتج معروف بقت العين عليها اكتر... "
تافف عمرو بضيق حين وصل حديث عمه لنقطة عملها التي خاضتها ونجحت في مجالها واصبحت
ذائعة الصيت كأشهر( موديل) في مجال الموضه
ووجه اعلامي لاكثر من مجله معروفه...
حين ارتبط بها كانت مُصره على خوض التجربة والعمل في شركة والدها كاوجه إعلامي، منافسه
بمنتهى الثقة احد عارضات الأزياء الأجانب ذوات الجنسيات المختلفة، كان رفض (عمرو) وقتها قاطع
وصارم عكس(ثروت)الذي لم يرفض الفكرة فوعد
كانت في صغرها تظهر على التلفاز وهي تسوق
بعض المنتجات الغذائية وبعض الملابس الانيقة
المخصصه للأطفال فكان الأمر لثروت عادياً
ويسمى بالعمل والموهبة مثلما كانت ترى( وعد)
الموهبة والمتعة فيما تفعله والشيء الوحيد
الذي احببته واختارته بنفسها وكان صائباً !..
لكنه كان يغار من هذا العمل ويرفضه رفض قاطع
وحين شعر بحزنها اقترح عليها فكرة العمل معه
مساعدة وتحت التدريب لتفهم اكثر مجالهم
تصميمات... مجال التصوير... والاخراج.... إختيار الموديل الانساب لتسويق المناسب والنجاح الحاتم
ولاخره.....
كل شيء كان يود تعليمه لها بعيداً عن تلك المهنة التي تجري في عروقها منذ الصغر!..
لكن بعد ابتعدهم عن بعض ومعرفة الحقيقة اكملت هي ما رفض إياه وقد نجحت فيه بعد مدة ليست بقصيرة ، واصبحت له اسماً خاصاً بها في هذا المجال
-وعد ثروت الاباصيري- عارضة أزياء ذائعة الصيت !...
"ساكت ليه ياعمرو...قولي الحل ايه مع الكلب ده .."
فاق عمرو من شرود على سؤال عمه تنحنح وهو ينظر له بغموض...
"انا حضرت الفلوس اللي طلبها..."
توسعت عيني ثروت بصدمه..
"إيه.... انتَ ناوي تديله الفلوس عشان يطلقها..."
"عندك حل تاني ياعمي؟..." سأله وهو يرفع حاجبه بانتظار حالاً آخر...
زفر ثروت وهو ينهض مُشعل سجارته قبل ان يقول بقلة حيله...
"لو عندي حل تاني.... مش هطلب منك تصرف ياعمرو..."
نهض عمرو من مكانه وهو يقول...
"خلاص ياعمي سبني اتصرف انا المرادي.. ولي فيه الخير ربنا هيقدمه...."
"بس ياعمرو الفلوس.... والمبلغ كبير...." رمقه ثروت بحرج وقلة حيلة...
لاحت على وجهه إبتسامة بسيطة وهو يقول
بشهامة...
"فداك اي فلوس ياعمي.... المهم اسمك واسم
العيلة يفضل زي ماهوا ... زي ما جدي وصاك زمان وانتَ وصتني ولا نسيت..."
أجابه ثروت بمحبة...
"مفيش أب بينسى كلامه لابنى..."
في تلك الاوقات طرقت الخادمة على باب المكتب ثم دلفت بعد الاستئذان...وقالت بتهذيب...
"الغدى جاهز ياساعت البيه....تحب حضرتك نحضر السفرة دلوقت...."
هتف ثروت بهدوء...
"لا استني شوية ياروحيه... عمرو لسه راجع من سفر
ومحتاج يستريح شويه قبل اي حاجه..."
ابتسم عمرو بامتنان نحو عمه وهو يقول...
"ولله مافي حد فالبيت ده فهمني قدك... انا فعلاً محتاج استريح شويه قبل اي حاجه..."
أومأ له ثروت بتفهم وهو يسال الخادمة بخشونة..
"ها ياروحيه اوضة عمرو بيه جهزت..."
اجابت سريعاً
"ايوه ياساعت البيه جاهزه من إمبارح..."
قال عمرو بلطف...
"لو مش هتعبك بقه.... فنجان قهوة سادة.. وطلعيهولي على فوق..."
أبتسمت الخادمة على لطف كلماته وبساطتها وكانها لا تعمل عنده وتاخذ أجر لذلك!..
"من عنيه يابيه دقيقه وتكون القهوة عندك..."
"على مهلك انا مش مستعجل..." خرج من المكتب بعد ان القى نظره اخيره على عمه....
تمتمت الخادمة وهي تخرج بتعجب من تلك النوعية التي لم تتعامل معها مسبقاً!...
"يسلام على الذوق والاخلاق ربنا يكتر من امثالك... صحيح الدنيا لسه فيها ولاد أصول...والفلوس لا بتغيرهم ولا بتنفخهم على الخلق.... "
______________________________________
"طب هي فين نورا ياماما.."سائلة وعد والدتها وهي
تشعر بوجع حاد في قدمها اليمنى....
اجابتها نادية وهي تبحث عن المسكن لها...
"نزلته تتغدى تحت في المطبخ...."رمقت ابنتها بقلق وهي تاخذ عدة أقراص مسكنه...
"بصي انا هنزل اسأله على انه مسكن تاخديه دلوقتي لرجلك..."
ظهر الألم على وجه وعد وهي تقول بتعب...
"خلاص ياماما انا هستحمل شويه لحد ماترجع.. مينفعش تنزلي تساليها وهي بتاكل البنت هتتحرج..."
برمت نادية شفتيها وهي تقول باستنكار...
"تتحرج إيه ومينفعش إيه.... مش دا شغلها !... خليكي انتي بس مكانك وانا شويه وجايه...."
اومات له وعد بتفهم..خرجت نادية وتركت الباب مفتوح لحين عودتها....
تنهدت وعد وهي تنظر أمامها بحزن...لا تعرف لمَ تبدل الحال بالحظه وأصبحت في بيت والدها تطلب المساعدة منه ومن هذا العمرو الذي يصر على اهانتها
واحراجها بطريقه ماكره غير مباشرة للجميع...
مرت الدقائق على شرودها وتفكيرها في حياتها القادمة بعد ان تطوي ورقة هشام للأبد من ايامها
البأسة !...
رفعت رماديتاها بجوارها لتجد العُكَّازَ بجانبها...
اخرجت أنفاسه بحنق وهي تحاول النهوض مُستنده عليه فقد ملت من جلستها تلك....
مسكت العكاز وتكات عليه... انتصبت في وقفتها بصعوبة وبعد عناء ثبتت قدمها اليسر في الأرض
والأخرى تكاد لا تلامس الأرض...
خطات عدة خطوات بتمهل فهي لم تجربه وحدها حين اتكات عليه في المشفى كان بمساعدة ومساندة تلك المرافقة (نورا) ...
الخطوة الثالثة لم تنتبه لها جيداً تعرقل العكاز في سجادة اسفلها لتجد نفسها ترتطم في الأرض بقوة
على اثارها صرخت صرخه مكتومه...
على ناحية الأخرى..
كان يصعد عمرو على السلالم متوجه الى غرفته في ذات الدور لكن الارتطام اوقفه وانتابه القلق حين رفع بُنيتاه على غرفتها المفتوحه...
ركض نحو الغرفة بدون تفكير....
لج لداخل بسرعة فوجدها تبكي وتتالم طاحه على الأرض تحاول النهوض ولكنها تفشل بسبب وجع
قدمها...
"وعد..."
نادى عليها بالهفة وجثى امامها مساعدها على النهوض
"إيه اللي حصل وفين البنت اللي كانت جايه معانا.."
نزلت دموعها وهي تقول بتعب...
"كلهم تحت..."
صاح بحنق وهو يساعدها على الجلوس في
الفراش...
"كلهم تحت وازاي يسبوكي وانتي كده..."رمق دموعها تنزل بغزاره...
للحظه نسى كل شيء وهو يمد يده بمنتهى الحنان والاهتمام ماسح اياهم وهو يقول بلطف وقلق...
"كفايه عياط....مالك رجلك وجعاكي...الوقعه وجعتك اوي كده..."
نظرت لعمق بُنيتيه بصدمة من اهتمامه بها
وحنانه ولطفه عليها برغم من كل شيء بينهم !...تشربة بعينيها اكثر وعن قرب وجهه الرجولي وملامحه الجذابه...و يده لا تزال على وجنتها أنفاسه الرجوليه وعطره الممزوج بها والذي
تستنشقه بوضوح....
ابعدت عينيها بصعوبة عنه وهي تتحدث بنبرة أهدى قليلاً...
"مفيش حاجه انا كويسة.."
انزل يده عنها وقد أنتبه لتصرفاته المخزية مع أمرأه
خائنه مثلها لا تستحق كل ما يقدم لهآ !...
نهض بحدة وهو يعود لهذا الرجل البارد الهادئ بطريقة مُستفزة....
"خليكي مكانك متتحركيش... وانا هبعتلك حد يقعد معاكي ويساعدك...."
اسلبت عينيها ولم ترفعها أليه....
استدار لكن سريعاً التفت لها وهو يقول بتذكر...
"على فكره انا بعت مرسال لي هشام وقريب اوي
هنبدأ في إجراءات الطلاق دا لو لسه مغيرتيش رأيك..."
رفعت رأسها وحدجت به بحنق..
"هغير رأيي إزاي يعني...هو لعب عيال..."
"يمكن!...انتي بذات يابنت عمي مش بستبعد تعمل اي حاجه..."رماها بنظرة استهانة...
قالت باستنكار...
"واضح إنك مش فاهم اللي حصل بيني وبين هشام..."
اجابها بسرعة مُهينه...
"فاهم...بس اللي بيخون دايماً بيتخان ولا إيه..."
ثبتت عينيه في عينيها بمنتهى التوتر...
"انتي ليه بتفتح في القديم موضوعنا..."
قاطعها بسرعها...
"موضوعنا؟...هو احنا كان في مبينا مواضيع قبل كده..."رمقها ببساطة وهو يكمل بمكر...
"على فكره انا مش بتكلم على حاجه تخصني...انا بتكلم على ابوكي إللي قللتي منه لم سلمتي نفسك لواحد زي ده..."
رفعت حاجبيها بصدمة..
"سلمت نفسي؟...دا جوزي!.."
"وقبل مايكون جوزك..."وضع يده في جيبه وهو يرمقها بتهكم...
"انا مش فاهمه حاجه انتَ تقصد إيه بظبط.."
ظهر شبح إبتسامة جانبيه على شفتيه وهو يهز راسه باستهزء....
"ماترد عليا ياعمرو... تقصد إيه بكلامك ده.."
عالة ابتسامته بسخرية وتهكم اكبر وهو يقول...
"انتي عارفه انا اقصد إيه كويس... بس كل اللي كُنت عايز اوصلهولك.... ان اي علاقة بتبدأ كده بتنتهي باسوء من كده!..."
تحدثت بتسرع وغباء...
"قصدك ان كما تدين تدان...وان هشام كان عنده حق لم خاني" رمقته بحنق
عالى صوته قليلاً بغضب...
"الجمله الاولى دي تنطبق على اللي لسه وقف مكانه مستني اي حآجه تشفي غليله منك... بس انا مش شايفك أصلا عشان استنى..."
رمقها ببرود ثم اكمل الاجابه على آخر جملها لها...
"اما بنسبه هشام عند حق ولا لا... فانا شايف انك
مقدرتيش تملي عينه.. وبصراحة عنده حق ماهو اللي زيك برضو مايملاش العين...."
توسعت عينيها بصدمة وعدم تصديق فقد خدش الانثى بداخلها وهز ثقتها بنفسها اكثر من السابق!...
قبل خروجه من غرفتها القى عليها نظرة بارده هادئه وكانه لم يهين إياها منذ ثواني فقط....
لم تشعر بشيء إلا بدموع الساخنة تلامس بشرتها الشاحبة بمنتهى الانسياب تسحبها اخرى وأخرى الا حين التعب ونوم بحاله تشفق عليها العين...
_____________________________________
دخل غرفته بمنتهى الغضب والحنق بدى وكأنه
(عمرو الاباصيري) الحقيقي بالوجه والتصرفات العادية الغير زائفة..غرز اصابعه في شعره بقوة كاد ان يقتلعه من شدة الغضب..تعرق وجهه بشدة وتسارعة انفاسه وكانه في ضراوة الحروب يقف!
، كثرة كتمان ما يعتريه يسبب له الأكثر والاسوء
بداخله...
يصل لذروة غضبه، وصبره بجوارها ينفاذ...
يريدها يقسم انه يريدها برغم من كل شيء بينهم!..
يريد ان يهشم جسدها بين ذراعيه يريد ان يحرق جسدها تحت جسده... يريد ان يذيقها عذابه وحبه
كيف سيفعل وكبريائه يمنعه من ذلك، فعلت الكثير
واقل شيء لا يغفر ولا ينسى لها...
لا تزال تبتعد عنه وهو يقترب، لماذا لا يقسى قلبه لماذا لا ينتقم منها ويذيقها ذات العذاب وينفطر
قلبها مثلما فعلت معه سابقاً !..
توجه للحمام وهو يود التخلص من كل تلك العواصف ونسيان أمر وجودها معه تحت سقف واحد ....
تخلص من ملابسه ووقف فالمغطس تتساقط المياه الباردة على جسده بسرعة أسرع من دقات
قلبه المناديه بها....
رفع رأسه وحبس أنفاسه لتسقط بقوة على وجهه مباشرة وخرير المياة يسد أذنيه....
شعر بالمسة يدها الحانية عليه وهمسها الذي دوماً يسمعه في أذنيه...
"بحبك..."
التفت لها ونظر لرماديتيها بشوق تحسس وجهها الناعم وشعرها الحريري واكتفى بنظرة صادقه ترد عليها...
"برضو مش هتقولي انك بتحبني وعايزني جمبك..."
لم يرد عليها بل تعالت أنفاسه بحنق...
إبتسمت هي بنعومة ومررت اصابعها على وجهه المبلل تحفر تلك الملامح الرجوليه داخلها
وهي تقول...
"خلاص مش عايزه اسمعها كفاية إنك قدامي...."
مررت شفتيها الممتلئة امتلاء قد خُلق لتقبيل على
وجهه بدالال انثوي...
"وحشتني اوي ياعمرو...وحشتني اوي.. "
تعالت أنفاسه وهو يحاول السيطرة على نفسه وعلى مشاعره المكبوته نحوها...لكنها كانت عنيدة ساحرة
مُصره على النيل منه كانت تقترب وتقترب حتى
استطاعت كسر حصون قلبه ونسيانه اسمه لا ماضيهم القاتم....
شعر ان روحه تنسحب وهو يصطدم بالماء بقوة وخريره يكاد يصم أذنيه...ابعد وجهه سريعاً والتقط
أنفاسه بصعوبة...
تذكر ذات الحلم الذي لا يتوقف عن مطاردته أينما شرد بخياله...
حتى في احلامه كبرياء رجولته يمنعه من الاقتراب منها !..
الى هذا الحد اصبح الفج بينهم كبير....
خرج من المياة وبدأ بتجفيف جسده وارتدى ملابسه..
خرج فوجد هند تجلس على الفراش بانتظاره وقد احضرت له القهوة بنفسها...
نظرت له هند بعد خروجه وهي تقول باستفزاز...
"كل دا تاخير هم في فرنسا مانعين الـ douche... ولا ايه.."
هز راسه وهو يمشط شعره بهدوء..
"لسانك طول..... شكله عايز يتقص..."
وضعت يدها على وفمه وهي تضحك بمرح...
"خلاص خلاص سكت قلبك أبيض..."
اشارة على فنجان القهوة قائلة...
"جبتلك القهوة عد الجمايل..."
"عددها..." قالها بنبرة خاليه من اي مرح...
سالته هند بشك..
"مالك ياعمرو مش في المود يعني..."
"مفيش ياهند عادي.. شوية ارهاق يمكن لم انام افوق..." قالها وهو يقترب منها وتمدد بجوارها
على الفراش..
"هتنام من قبل ماتاكل... دا انت هنا بقالك كام ساعة
دا غير ساعات اللي قضتها في الطيارة..."
اسند ذراعه على جبهته يجحب الضوء اكثر عن عينيه وهو يجيب...
"مش جعان انا كلت في طيارة...انا عايز انام دلوقتي اخرجي وطفي النور...ولم اصحى هاجي قعد معاكي..."
اخرجت انفاسها بحنق وهي تقول بتفهم...
"ماشي ياحبيبي أرتاح...تصبح على خير..."نهضت واغلقت الباب عليه وهي تنظر لغرفة وعد بحنق
فكل شيء يحدث معهم بسبب تلك العقربة التي
لم تكتفي بجرح اخيها بل احضرته الى هنا فقط
ليخلصها ممن فُضل عليه !...
في داخل الغرفة..
رفع عمرو يده عن جبهته ومد يده مُلتقط هاتفه بين يده فُتح إياه على صورة قديمه لها قد التقطها
بدون ان تلاحظ ذلك....كانت صورة عفوية تظهر
ملامحها وابتسامتها بمنتهى الجمال والنعومة...
لمعة عينيه وهو يدقق في تفصيل وجهها المحبب إليه !... تحسس الصوره بيده وهو يقول بصدق...
"ليه عملتي كدا في ياوعد....لو تعرفي انا بحبك قد إيه عمرك ماكنتي عملتي اللي عملتيه.....انا كُنت بتمنالك الرضا ترضي....كُنت بعشق التراب اللي بتمشي عليه....كُنت بستنى اليوم اللي تكوني
فيه مراتي عشان اقولك اني بحبك من زمان اوي
من اول ماشلتك على أيدي فاول مره اكلتك فيها
يوم ماخدتك في حضني وانتي بتعيطي وزعلانه ان فستانك الجديد اتوسخ....أول يوم في المدرسة واول يوم في الجامعة... كُنت دايماً معاكي وجمبك بس عمرك ماشفتيني...."تحدث لصورة بسخرية أكبر...
"بتقولي ان إحنا أخوات...بس إحنا عمرنا ماكنا أخوات..يمكن انتي شايفه كده...بس انا عمري
ماشفتك غير حبيبتي ومراتي..." عض على شفتيه بغضب وحبس دموع رجولته وهو يقول بكراهية...
"بس بعد اللي عملتيه متستحقيش اي حاجه جوايا من ناحيتك ....انتي خاينه والخاينة متستحقش غير الكره.."اغلق الهاتف واحتل الظلام الدامس الغرفة مرة أخرى فسقطت دمعه خائنة على وجنته عنوة عنه....
______________________________________
بعد عدة ساعات وبعد نوم عميق استيقظ في وقت متأخر من الليل غسل وجهه وبدأ باشعال سجارته
وهو يرمق غرفته بنظرة شامله.... انهى سجارته وقد مل من الجلوس بين تلك الحوائط الكئيبه قرر النزول لحديقة القصر ليستنشق بعد الهواء الرطب...
في الحديقة قد ساعدة المرافقة (نورا..)وعد بالجلوس على مقعد في قلب الحديقة مثلما طلبت
منها (وعد) فهي ايضا ملت من غرفتها وقررت استنشاق بعد الهواء والابتعاد أكثر عن رائحة
(الاباصيري)المحاطة بالمكان...
برمت شفتيها بتقزز فكل من يملك اسم تلك العائلة من رجال يكن قاسي جامد التعامل لا يشفق ولا يرأف باحد مهماً كان...
"تحبي احضرلك حاجه تشربيها..."سالتها نورا بلطف...
هزت وعد رأسها بنفي...
"لا شكراً....بس لو ينفع تسبيني لوحدي شوية.."
استقامت المرافقة في وقفتها وهي تقول بتفهم..
"حاضر اللي تأمري بيه...ورقمي في تلفون حضرتك رني عليه اول ماتحتاجيني..."ابتعدت بعد تلك الجمله
لداخل القصر...
التقطت وعد الهاتف وعبثت به بملل فوجدت عدة أخبار عن حادثة السيارة التي اصطدمت بها، وعدة اشاعات كاذبه على ان الحادثة مُدبره من احد المنافسين لها في مجال الأزياء واللواتي يبثون حقدهم دوماً نحوها حين يأتي اسمها في حواراً إعلامي لهم !...
برمت شفتيها وهي تكتب منشور على صفحتها الشخصية تطمئن به متابعِها عن صحتها وتعافيه
وصاحب الكلام المُرسل صورة شخصية له ترتدي فستان أزرق رقيق يصل لبعض ركبتها مكشوف
الذراع وشعرها الحريري الاسود تعقده بكعكة
أنيقة تتناثر الخصلات منها...
لم تمر الثواني القليلة الا ووجدت اشعارات
التعليقات الاجابية على هذا المنشور من جميع الجنسيات بعض التعليقات غزل ووقاحة غير منتهيه من بعض الرجال والبعض نسائية حاقدة وساخره واخرى جميلة رقيقة...
لم تهتم فمن يوم ان دخلت هذا المجال وفتحت باب (السوشيال ميديا) وهي ترى الكثير من البشر وللاسف الاسوء هو المنتشر بكثرة...
هبط على السلالم بهدوء فصدح هاتفه منبه باشعاراً ما... فتح حسابه الوهمي!..وقد وصل للتو اشعار من صفحتها الذي يتابعها من عامان بكل إهتمام!..
عقد حاجبيه وهو يرى صورتها وجمالها بهذا الثوب الرقيق والذي يبرز انوثتها بنعومة ودلال....
يكره تلك الصفحة ويكره هذا العالم الذي اخترقته بعد انفصالهم... التعليقات والغزل ينزل عليها بسخاء
من كل الجنسيات يكره تلك الشهرة التي جعلتها مرئيه للجميع ويعرفها الكثير.. يكره عملها ويكره كل
شيء يشعل غيرته وجنونه عليها....
"فايقه اوي تنزلي صور ليكي وتكلمي...." برم شفتيه بحنق وهو يسير على الأرض بمنتهى التهكم....
خرج من الحديقه وجدها في وجهه تجلس على مقعدها تتابع منشورها باهتمام....
"اي القرف اللي انتي منزلاه ده..."القى هاتفه على الطاوله أمامها بعصبية مُفرطة ....
نظرت للهاتف ولصورتها المنيره به...
"ممكن افهم في إيه...عملتلك إيه عشان تكلمني بالاسلوب ده..."
صاح بحنق
"هو انتي معندكيش دم ولا بتستهبلي..."
القت هاتفها على الطاوله بعصبيه هي أيضاً
وقالت بتشنج..
"انا مسمحلكش تكلمني بشكل ده ...وبعدين انا عملت إيه مش فاهمه..."
"احنا في إيه ولا في إيه عشان تنشري حاجه بشكل ده..وبعدين اي الفستان المقرف اللي انتي لبساه ده...
اي معدش فيه حياء خالص عندك مبسوطه إنك بتعرضي جسمك على الكل..."
أحمر وجهها بغضب اكثر وتوسعت رمديتيها بنيران
حارقة وهي تتشاجر مع بضراوة...
"وانتَ مالك اصلاً وبعدين ايه الكلام اللي مش عاجبك في الـ Published...(منشور) "
لوى شفتيه بسخط..
"الـ Published!!.. طب Published دا
كله مش عاجبني ويتمسح دلوقتي حالاً وكفاية مسخره.."
احتقن وجهها اكثر من اومره وتسلطه عليها...
"مسخره مسخرة اي بظبط الـ Published.. مفهوش اي مسخره وعلى فكرة انتَ مُعقد..."
"انا مش مُعقد يابنت عمي.. دا اسمه إحترام..." قالها ببرود...
ضحكت بسخرية وهي تقول بسخط...
"بجد إحترام... طب وصورك مع عارضات الأزياء الاجانب اللي لبسهم بيبقى اسوء من كده وايدك
وهي محطوطه على جسمهم في صور يبقى
برضو دا إحترام!... والممثلات اللي بيلحقوك في كل حتى والاشاعات اللي بتطلع عليك مع كل واحده
فيهم برضو دا بيتسمى إحترام...ولا الإحترام بتاعك انتَ حاجه تانيه... "
توسعت عينيه بصدمه وثبت انظاره عليه بدهشة كبيرة وحل الصمت بينم للحظات وحرب النظرات
بينهم لا تزال مُشتعلة...
اول من قطع الصمت هو حين عقد حاجبيه وهو يقول باستفهام...
"وانتي ليه مهتمه أوي كده بكل اخباري؟.."
زاغت عينيها عنه وهي لا تعرف ماذا سترد فهي من يوم ان علمت بنية هشام نحوه وهي تتابع اخباره من عبر حساب مجهول الهوية ولا تعرف لماذا تهتم بأمر اخباره ولماذا تزعجها معظمها !..
"بصيلي..."
أمرها بغطرسة ذكورية جعلت جسدها ينتفض وهي ترفع عينيها عليه بتردد لكن بعد سماع سؤاله للمره الثانية تشجعت وردت بمنتهى التبجح حتى تهرب
من بُنيتاه الثاقبة..
"متابعه ليه إخباري ولي مهتمي اوي كده..."
ردت ببساطة مُصطنعه...
"انا مش مهتمه بحاجة... انتَ اللي مهتم باي حاجه تخصني... بدليل اول مانزلت Published
على صفحتي بدقايق لقيتك فوق راسي وبتزعقلي كمان..."
ابعد عينيه عنها وهو يقول ببرود..
"دي مجرد صدفه..."
لم تهتم به مسكت هاتفها مره اخرى وعبثت به فهي لم تنسى كلماته المهينة في غرفتها و حتى الان قد تطاول عليها بالسانه السليط....
ارتعد جسدها بسرعة حين خبط بيده القوية على الطاولة أمامها مُصدر صوتٍ عالٍ افزعها
هتف اثنائها بصرامة امام عينيها المتوسعة....
"لم اكون بكلمك تردي عليه مش تطنشي وتمسكي الزفته دا ولا كاني موجود..."
اشتعلت وجنتيها بالغضب ورفعت يدها ملوحه بها بعصبية مماثلة له...
"انتَ إزاي تكلمني كده... انتَ مفكر نفسك مين مـ" شهقت بصوتٍ عالٍ حين مالى عمرو عليها وسند بكلتا يداه على ذراع المقعد الجالسه عليها أحاط إياه بدون ان يلمسها.... تعالت انفاسه وهو يرى خوفها منه وتوترها من قربه المفاجئ ، لكنها لا تعرف انه يكره علو الصوت ، وتلويح باليد من اكثر الأشياء التي تزعجه في نساء فهي لو رجل مثله لكان كسر يده وقطع لسانه ان تطاول عليه مثلما تفعل هي بكل تبجح الآن...
"اوعي تاني مره واحنا بنكلم تشوحي بايدك دي ولا تعالي صوتك ده عليه....."
بلعت ريقها بخوف من عينيه القاتمة المُرعبة...
"انا مشوحتش...انا بس بفهمك مينفعش تكلمني بشكل ده... "
"كان ممكن تقوليها من غير ما تشوحي..."
نظرت له بقلب ينبض بخوف من هيمنته على تصرفاتها بكل هذا التبجح...
هتف بأمر بارد ولا يزال بالقرب منها..
"الـ Published دا يتمسح ودلوقتي حالاً ..."
صاحت بسرعة...
"لا طبعاً..."
لاحت منه إبتسامة شيطانيه وهو يقول بشر...
"براحتك يابنت عمي... بس متبقيش تزعلي بقه لما
اخترق حسابك ومسح اللي عايز امسحه ونزل إللي
يضيع منك متابعينك الذاذ..."
بلعت ريقها بتوتر ودققت النظره به اكثر وعن قرب فوجدت الجدية الصارمة مُرتسمة على ملامحه...
القى عليها نظرة مُستفزه ثم انتصب في وقفته
قائلاً وهو يمسك هاتفه بين يده ..
"انا هطلع على اوضتي وهفتح التلفون فوق لو ملقتش الـ. Published بتاعك اتمسح همسحه انا بطرقتي..."
تركها تشتعل غيظاً وهي تنظر للمكان الذي اختف به بانزعاج....
مسكت الهاتف وحذفت المنشور بغضب وهي لا تصدق ان اوامره وغطرسته تحكمت بها ...
لم يفعلها احد من قبل !...
صدح هاتفها بعد دقائق من الغضب وتشنج برسالة خاصة على صفحتها من مجهول محتواها كان...
"اهو هو دا بقه اللي بيتسمى الإحترام..."
عضت على شفتيها بغضب أكبر وبعثت صوره له مع عارضات أزياء في احد المهرجنات السينمائية
مُعلقة بسخريه...
"ودا الإحترام بذاته !..."وضعته بعدها على الحظر
بحنق ثم القت الهاتف بانزعاج أمامها!..
__________________________________
فتح الرسالة ليجد صورة تجمعه باحد عارضات الأزياء....

تبرم وجهه وهو يبتسم بسخرية بعد ان وضعته على الحظر..
______________________________________
في اليوم الثاني مساءاً ....في مقهى شعبي داخل احد الأحياء الشعبية...
كان يجلس (هشام)مع صديقه المقرب (جبر)
تحدث جبر وهو يرتشف من كوب الشاي الساخن..
"يعني خلاص نويت تطلقها..."
اخرج هشام دخان سجارته بتلذاذ..
"قول يامسهل بس...المصلحه المرادي مكسبها اتقل من اي مصلحة تانيه..."
"وقالولك أمته هطلق..."سأله صديقه بفضول...
وضع هشام قدم على قدم بتكبر وعنجهة..
"بكره..هروح اطلقها واخد الفلوس...بكره هبقى مليونير بعض ما مضي على حتة ورقه لا راحت
ولا جت...."ضحك بسخرية...
"اما الناس العلوي دول مُغفلين بشكل..."
تنهد صديقه بقلق...
"ربنا يستر...انا بصراحه مش مطمن لسرعة ردهم ده...اصل يعني المبلغ اللي انتَ طلبه مش قليل
يعني.... آآه اكيد فيها انه..."
القى هشام السجارة ارضاً بعد الانتهاء منها وهو يرمق صديقه بحنق...
"اي الفقر ونحس دا ياجدع انتَ هتقلقني ليه..يعني اللي زي دول هيزعله على الفلوس ليه...دول بنسبلهم شوية فكه.. "
صاح جبر بغباء...
"يامفتري خمس مليون شوية فكه بنسبالك..."
هتف هشام بصوت خافض....
"وطي صوتك يانعل أبو معرفتك...في اي يالطخ مشفهومش وهما بيسرقه شفوهم وهما بيتقسمه..."التف حوله ليرى البعض مشغول بما يفعل ولم يلاحظ احد حديثهم او يهتم...
"وبعدين ااه فكه بنسبه لناس دي فكه ومصديه كمان قصاد طلاق بنتهم وحريته!....وخد في بالك لو كُنت طلبت منها اكتر من كده كانت هتدفع عشان تطلق وتخلص مني..."
ابتسم صاحبه باستهزء وهو يقول...
"دا انا طلعت ظلمك ياصاحبي بقه... وطلعت عينك مليانه بصحيح...."
"مابلاش نظام التريقه دي وخلينا في المهم...انا عايزك بكره لما أروح القصر بتاعهم تيجي معايا وتستناني برا في حته مداريه كده....لو اتأخرت عن ساعتين تبلغ البوليس وهديك دلوقتي كام رقم لناس صحابي شغلين في صحافه اول متديهم رنه وترسيهم على الحوار هيجوا بكامراتهم يعمله هليله قدام قصر الاباصيري..."
انتبه جبر للحديث كله ولكن شد ذهنه كلمة (قصر)فعلق عليها بطمع...
"قصر!!..يعني نسيبك دول عندهم قصر زي اللي بنشوفه في التلفزيون كده..."
تبرم وجه هشام وهو يجيب بحقد
"واحسن كمان..."
خبط جبر على رأسه بتعجب...
"يادين النبي...عندهم قصر وعايز تطلق بنتهم....طب ماكانت استنى كام سنه كمان لحد مابوها يموت
وتُورث مراتك فيه وساعتها هيبقا الخمسه عشرين !.."
تبرمت شفتي هشام بحقد ساخر...
"عشرين؟؟....وللهِ انتَ اهبل ومش عارف حاجه..."
هتف جبر بتعجب اكبر...
"اهبل ومش عارف حاجه؟؟ هو لمؤخذه يعني مش اللي بيموت ده بيوزعه ورثه ولا عند ولاد الذوات مفيش حاجه اسمها ورث..."
رد هشام بغل...
"فيه.... بس في عيلة الاباصيري الوضع يختلف..."
"يختلف إزاي افهمه دي بقه..."
"يعني من فتره قريبه فهمت من وعد ان معظم تركت
جدها وابوها وعمها اللي مات بأسم عمرو الاباصيري
ولو ابوها مات او حصل حاجه هو هيفضل واصي
عليهم ودي وصية جدها من قبل ما يموت! وصى ابوها بيها ومن بعد ابوها عمرو.... عشان هو الدكر الوحيد اللي في العيلة يعني!.... شفت بقه إنك أهبل .."
لوح جبر بيده باستهزء...
"طب ياعم براحه متزقش وبعدين انا اللي اهبل ولا جدهم دا اللي عامل فيها دقستقراطي ومانع الحريم
من الورث...."
لوى هشام فمه بتقزز...
"اسمها أستقراطي ياجاهل..."
تحدث جبر هزءاً...
"ياعم خلينا في المهم وكفاية فلح... هتروح لهم بكره الساعه كام..."
تحدث هشام بلؤم...
"هما قاله الصبح بس مقلوش الساعه كام... بس انا هروح على عشره كده اهوه العبهم شوية... عشان ميفتكروش اني مستعجل على الفلوس..."
غمز له جبر بخبث...
"حلو الرسم ده التقل صنعه برضو..."
ضحكوا سوياً بخشونة مقززه...