رواية ست البنات الفصل الحادي عشر11 بقلم زينب سمير
الفصل ( 11 )
الموت ... تلك الكلمة التي يتوقف معها الحب والمرح كلمة تستطيع ان تنشر الحزن لسنوات ان تبعثر مرح القلب لاعوام تلك الكلمة التي تمحي من عقولنا ذكريات تلك الكلمة السيئة والتي هي علينا حق
الموت ... نفقد فيه احبائنا .. غوالينا .. اؤلئك الذين لا نشعر بالامان الا معهم وبين احضانهم
الموت ... يسرق منا لحظات نسرقها نحن من الزمن
يأخذ اعز العزيز ، يخطف دون انذار
يمنعنا من الحضن والبسمة الاخيرة التي تخرج من القلب
الموت ... كان ومازال علينا حق
كنا ومازلنا نخشي قدومه علي احبابنا
وما رد فعل فتاة لا تملك الا اثنين من الزمن اثنين من الحياة هم لها كل شئ خطفهم الموت بلحظة بغمضة عين دون سابق انذار
كانت راقدة علي فراش سمر لا حول لها ولا قوة مازالت غافية في غيبوبتها التي دخلت فيها هروبا من الواقع والخبر الاليم تنظر لها سمر بحزن عليها
لم تعرف عنوان منزلها فأتت بها لهنا بمساعدة حسن الذي جاء ركضا عندما طلبته سمر
رغم انه كان متألم كما كان يزعن من الامس
كانت حالتها محزنة بالفعل وهي تهمس كل لحظة والاخر بين سباتها العميق بجملة لا تتركوني
ولكن الموت جاء ياعزيزتى واذا جاء الموت لا يغادر بيد فارغة
هتفت سمر وهي تنظر لوالدتها:-مش عارفة ياماما رده فعلها ممكن تبقي عاملة ازاي لما تصحي
صفية بحزن علي تلك الفتاة:-ربنا كبير يابنتي ومهما حزنت هتعرف تكمل حياتها .. الحياة مبتوقفش علي حد
بدموع رمقتها وتذكرت والدها العزيز هي تكمل من غيره حباتها وتبتسم ايضا ولكن ذكراه مازال بالقلب .. لكن نوران غيرها
نوران لا تملك الا والديها والذين توفوا معا
علي الاقل هي مازالت تملك والدتها العزيزة وشقيقها
فاقت من شرودها علي صوت صفية:-طيب مش لازم نصحيها علشان تحضر دفنتهم
حركت يدها علامة علي الجهل وهي تهمس:-مش عارفة اصحيها ولا اعمل اية .. اخاف اصحيها تنهار واخاف مصحهاش تزعل مني بعدين
اقتربت صفية من الفراش وبدأت بأيقاظ الاخري وهي تهتف بصرامة:-محدش بيغفر لـ اللي بيمنع الانسان من الوداع الاخير ياسمر
وراحت تيقظها برفق وهي تردد:-نوران يابنتي فوقي يابنتي .. نوران
وراحت تردد اسمها كثيرا حتي بدأت بفتح عيونها اخيرا وابتعدت رموشها الكثيفة عن بعضهم فظهرت عيونها الزيتونية وهي تهمس:-انا صاحية
ثم اعتدلت مرة واحدة ونظرت لهم بتركيز بعض الوقت هي خرج صوتها متقطع:-هو اية اللي حصل ياسمر انا كنت بحلم صح .. انا كنت بحلم بابا وماما لسة عايشين صح
تجمعت الدموع بعيون سمر ولم ترد
بينما اكملت الاخري بدموع وقد تأكدت من الخبر بسبب صمت سمر تلك:-يعني هما ماتوا .. مش هشوفهم تاني ماما سابتني لوحدي طيب ومين هيزعقلي لو اتاخرت مين هيروح لبابا يشكيله مني علشان عايزة اخرج بابا .. بابا مشي خلاص وسابني ياسمر لوحدي .. هو عارف اني مش بعرف اتصرف هو عارف اني بخاف هما عارفين اني مليش غيرهم ومن غيرهم هضيع
قالت اخر كلماتها وهي تنهار في نوبة بكاء عالية فاقتربت سمر منها واحتضنتها وظلت تمسد علي خصلاتها دون حديث
فأي حديث هذا الذي يقال في هذا الموقف !!
ظلت تبكي وتصرخ في حضنها كثيرا حتي استجمعت قوتها قليلا وثم حاولت ان تبتعد عن سمر قليلا وهي تهمس:-انا عايزة اشوفهم عايزة اشوفهم المرة الاخيرة ياسمر خوديني عندهم ارجوكي
وقد كان ..
وها هي بعد دقائق كانت تركب سيارتها استعدادا لـ الذهاب لحيث المستشفي التي يوجد فيها والديها رحمهم الله تعالي
_________________________________
كان من يقود السيارة هو حسن يقودها وعيونه عليها ينظر لها من المرأة الصغرة التي توجد بالسيارة يري هدوئها الذي حل عليها فجأة وهي مرتدية ملابسها السوداء التي استعرتها من سمر
ايستطيع ان يقول لها الان بالخفاء انها جميلة بل تكاد تشع نورا من جمالها في وسط تلك الملابس السوداء
بشرتها البيضاء التي ازدادت بياضا بسبب السمار الذي يغلفها
حقا انها جميلة بل غاية في الجمال
كانت نظراتها تائهة رغم جمودها هذا تنهدت وهي تنظر لسمر الجالسة بجوارها وتهمس بأرتعاش:-قربنا نوصل
نظرت سمر بدورها لحسن الذي اجاب:-دقايق وهنوصل
وبالفعل دقائق وكان يصف سيارته امام احدي المستشفيات فهبطت منها وانتظرت حتي هبط هو ايضا وسار وخلفها هي مستندة علي سمر
اختفي قليلا عن نظرهم وثم تقدم منها وبملامح هادئة هتف:-انتي عايزة تشوفيهم ؟
اؤمات بنعم والدموع قد بدأت تتجمع في عيونها مرة اخري فتنهد وامسك بيدها وسحبها خلفه بأتجاة احدي الغرف وخلفه سمر
فتح الباب ودخل وهي خلفه لتقف وعيونها مثبته علي الجثتين الموشحين بالابيض حتي وجوههم ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تراهم هكذا امامها وبصعوبة ابعدت يده عن يدها وتقدمت لهم وقفت امام اول جثة ورفعت عنها الغطاء لتجد انها جثة والدتها
مررت يدها علي ملامح وجهها بحزن ولحظة وانفجرت بالبكاء وهي تميل نحوها وتحضتنها بقوة وهي تهمس:-سيبتيني لية ياماما ليا مين انا من بعدك ارجعي وانا هعمل كل اللى عيزاه مش هقول لاي حاجة لا والله بس ارجعيلي
وعادت تبكي بعنف وهي تشدد من احتضانها لها
جائت نسمة هواء من الشباك المقابل لهم فرفع الغطاء عن وجه والدها وكأنه يناديها بأن تتقدم نحوه فتركت والدتها وتحركت لحيث فراش والدها ومالت تحضنه بإنهيار اشد وهي تهمس بصوت مختنق:-مشيت يابابا وسيبتني ، خدت معاك اماني يابابا مش انت دايما تقول انا امانك وسندك مشيت وخدتهم معاك يابابا .. سبتي لوحدي يابابا .. سبتني لمين يابابا
وظلت تصرخ بقوة وهي تحتضنه فتقدمت منها سمر وحاولت ان تبعدها فلم تستطيع
خرج حسن سىريعا لينادي احدي الاطباء فجاء احدهم وحقنها بأبرة تحوي علي مهدي فتراخت يدها من علي جسد والدها قبل ان تسقط ارضا التقطتها ذراعي حسن واخذها بين احضانه مبتعدا عن تلك الغرفة
_________________________________
تنهدت السيدة فوزية بحرارة وهي تغمغم بحزن:-ربما يرحمهم يارب بقي كدا البنت كانت بتزورنا الصبح وبسمتها من هنا لهنا تنام ليلتها ودمعتها علي خدها
جنات بحزن:-صعبانة عليا قوى والله
تدخلت رضوي في الحديث:-اللي عرفته منها انها وحيدة لا ليها عم ولا خال
فوزية بتأثر:-كمان ، ربما يتولاها برحمته يارب ربنا مبيسبش حد
رضوي:-من ساعة ما جابها حسن من المستشفي وهي نايمة عند سمر ومصحيتش
فوزية:-المصايب نازلة ترخ علينا لية كدا .. هي،صباح لسة مختفية فوق مش هتنزل
اؤمات جنات بالنفي وهي ترد:-لاا .. انا بقول نخليها شوية مع نفسها
اؤمات بحسنا بتفهم ولم ترد وتركتهم رضوي واتجهت لـ الشرفة الخلفية لمنزلهم وجلست فيها تقرأ احدي الروايات بأهتمان فمهما حدث ومهما حزنت ليست هي من تعاني من ايلات الموت
مهما كان وجعها لن يصل لدرجة وجع نوران
لكن اليوم غير اي يوم
اليوم لم يكن يقف ابراهيم خلف شرفة المنزل المقابل يراقبها بشغفه المعتاد
يراقبها بحب وحرص وكأنها شئ غالي يخشي عليه
ويعلم انه لن يصل له ابدا ايضا
ويا له من حزن ان تتعلق بشئ تعلم ان النصيب والقدر لن يجمعك به
تتعلق دون امل .. تتعلق دون ان تحذر
رغم انك تعلم انك تتعلق بثراب !!!
كانت ومازال الحالة الاجتماعية هي التي تسيطر علي السعادة
ولا تصدق من يقول غير هذا .. وصدق فقط المواقف التي تثبت حديثي ياعزيزي
_________________________________
كان حسن يجلس علي "مصطبة" منزل بجواره بعض شباب المكتظة يتحدثون قليلا ويتضاحكون ورغم انشغاله وحديثه معهم الا ان عيونه كانت تسترق بعض النظرات لشرفة سمر التي توجد بها نوران
لعله يلمح طيفها .. ولكن الامال كانت تختفي تدريجا فالظلام يعم علي الغرفة منذ زمن .. منذ ان وضعها علي الفراش وغادر
فاق علي صوت عماد:-هي البنت المزة دي ياحسن هتقعد هنا وهتنورنا كتير ولا اية الحال
نظر له وزمجر بغضب:-اتكلم عنها كويس ياعماد
رفع يده علي الاستسلام وهو يقول ضاحكا:-شكلها تخصك
قال بغضب:-اها تخصني عندك مانع
اؤما بالنفي وردد:-لاا طبعا كدا هي تبقي اختي واكتر من اختي كمان
مال امجد من اذنه وهتف بخبث:-حسن انا مش مطمنلك نظر له بأستفهام فتابع امجد:-انت بتلعب بالاتنين بنوران دي وبتوحة وانا مقبلش انك تضحك علي الست توحة دي جيراني وبينا عشرة
رغم حالة حسن الحزينة الا انه ضحك وهو يبادله مرحه:-انت بتقول اية بس توحة دي واخدة من قلبي مكانه كبيره اوى ومربعة عليها ومرتاحة
وضع يده علي قلبه علامة الطمئنينة وهو يهتف:-ريحت قلبي والله
دخل عبده في الحوار معهم وهو يهتف:-والله انتوا تافهين
غمز حسن له وهتف:-هو في احلي من التفاهة
جاءت منة تجري بذلك الوقت واقتربت من اذنه وهمست:-عمو عمو .. عرفت سر خطير
وقف ووحملها علي ذراعيه وابتعد بها عن الجموع فهو يعرف دوما ان اسرار منة كارثية وان تأتي له وسط تلك الجموع يعني ان الشى لا يتحمل الانتظار
ابتعد عنهم قليلا وثم انزلها من علي ذراعيه وهبط لمستواها وهو يهمس:-اية هو السر يارويتر هانم
هتفت بجوار اذنه:-سمعت بابا بيكلم جدو وبيقوله ان خطة عمو "علي" شكلها هتيجي بالعكس
قال بتساءل:-متعرفيش اية هي الخطة دي
تابعت بهمس خطير:-انه بيضحك علي طنط صباح وانه اثلا مش هيتحوز غيرها
صمت لـ لحظات وهو يبتسم اذن فأخيه عابث مثله ويفكر بالخطط مثله
اذن لماذا يعاملوه علي انه هو فقط الماكر وجميعهم ابراء
نظر لها وهتف بتحذير هادئ:-طبعا زي ما احنا متفقين السر اللي تقولهولي ميتقلش لحد
اؤمات بنعم ببسمة ثقة وهي تقول:-بس فين الحلاوة
ضحك وهو يجيب:-انا وطالع هجبلك .. يلا اسبقيني انتي دلوقتي
وتركته غادرت وبقي هو ينظر لاثرها بهدوء جميع ابناء اخوته يشبهونه .. ماكرين ، لا ينتمون لـ البراءة ابدا
تنهد وعاد لمكانه وهو يفكر في تلك الفتاة التي تجلس في المنزل المقابل له يريد ان يعلم لما هو حزين عليها الي هذة الدرجة
لما قلبه يؤلمه الي تلك الدرجة
_______________________________
يتبع...
الموت ... تلك الكلمة التي يتوقف معها الحب والمرح كلمة تستطيع ان تنشر الحزن لسنوات ان تبعثر مرح القلب لاعوام تلك الكلمة التي تمحي من عقولنا ذكريات تلك الكلمة السيئة والتي هي علينا حق
الموت ... نفقد فيه احبائنا .. غوالينا .. اؤلئك الذين لا نشعر بالامان الا معهم وبين احضانهم
الموت ... يسرق منا لحظات نسرقها نحن من الزمن
يأخذ اعز العزيز ، يخطف دون انذار
يمنعنا من الحضن والبسمة الاخيرة التي تخرج من القلب
الموت ... كان ومازال علينا حق
كنا ومازلنا نخشي قدومه علي احبابنا
وما رد فعل فتاة لا تملك الا اثنين من الزمن اثنين من الحياة هم لها كل شئ خطفهم الموت بلحظة بغمضة عين دون سابق انذار
كانت راقدة علي فراش سمر لا حول لها ولا قوة مازالت غافية في غيبوبتها التي دخلت فيها هروبا من الواقع والخبر الاليم تنظر لها سمر بحزن عليها
لم تعرف عنوان منزلها فأتت بها لهنا بمساعدة حسن الذي جاء ركضا عندما طلبته سمر
رغم انه كان متألم كما كان يزعن من الامس
كانت حالتها محزنة بالفعل وهي تهمس كل لحظة والاخر بين سباتها العميق بجملة لا تتركوني
ولكن الموت جاء ياعزيزتى واذا جاء الموت لا يغادر بيد فارغة
هتفت سمر وهي تنظر لوالدتها:-مش عارفة ياماما رده فعلها ممكن تبقي عاملة ازاي لما تصحي
صفية بحزن علي تلك الفتاة:-ربنا كبير يابنتي ومهما حزنت هتعرف تكمل حياتها .. الحياة مبتوقفش علي حد
بدموع رمقتها وتذكرت والدها العزيز هي تكمل من غيره حباتها وتبتسم ايضا ولكن ذكراه مازال بالقلب .. لكن نوران غيرها
نوران لا تملك الا والديها والذين توفوا معا
علي الاقل هي مازالت تملك والدتها العزيزة وشقيقها
فاقت من شرودها علي صوت صفية:-طيب مش لازم نصحيها علشان تحضر دفنتهم
حركت يدها علامة علي الجهل وهي تهمس:-مش عارفة اصحيها ولا اعمل اية .. اخاف اصحيها تنهار واخاف مصحهاش تزعل مني بعدين
اقتربت صفية من الفراش وبدأت بأيقاظ الاخري وهي تهتف بصرامة:-محدش بيغفر لـ اللي بيمنع الانسان من الوداع الاخير ياسمر
وراحت تيقظها برفق وهي تردد:-نوران يابنتي فوقي يابنتي .. نوران
وراحت تردد اسمها كثيرا حتي بدأت بفتح عيونها اخيرا وابتعدت رموشها الكثيفة عن بعضهم فظهرت عيونها الزيتونية وهي تهمس:-انا صاحية
ثم اعتدلت مرة واحدة ونظرت لهم بتركيز بعض الوقت هي خرج صوتها متقطع:-هو اية اللي حصل ياسمر انا كنت بحلم صح .. انا كنت بحلم بابا وماما لسة عايشين صح
تجمعت الدموع بعيون سمر ولم ترد
بينما اكملت الاخري بدموع وقد تأكدت من الخبر بسبب صمت سمر تلك:-يعني هما ماتوا .. مش هشوفهم تاني ماما سابتني لوحدي طيب ومين هيزعقلي لو اتاخرت مين هيروح لبابا يشكيله مني علشان عايزة اخرج بابا .. بابا مشي خلاص وسابني ياسمر لوحدي .. هو عارف اني مش بعرف اتصرف هو عارف اني بخاف هما عارفين اني مليش غيرهم ومن غيرهم هضيع
قالت اخر كلماتها وهي تنهار في نوبة بكاء عالية فاقتربت سمر منها واحتضنتها وظلت تمسد علي خصلاتها دون حديث
فأي حديث هذا الذي يقال في هذا الموقف !!
ظلت تبكي وتصرخ في حضنها كثيرا حتي استجمعت قوتها قليلا وثم حاولت ان تبتعد عن سمر قليلا وهي تهمس:-انا عايزة اشوفهم عايزة اشوفهم المرة الاخيرة ياسمر خوديني عندهم ارجوكي
وقد كان ..
وها هي بعد دقائق كانت تركب سيارتها استعدادا لـ الذهاب لحيث المستشفي التي يوجد فيها والديها رحمهم الله تعالي
_________________________________
كان من يقود السيارة هو حسن يقودها وعيونه عليها ينظر لها من المرأة الصغرة التي توجد بالسيارة يري هدوئها الذي حل عليها فجأة وهي مرتدية ملابسها السوداء التي استعرتها من سمر
ايستطيع ان يقول لها الان بالخفاء انها جميلة بل تكاد تشع نورا من جمالها في وسط تلك الملابس السوداء
بشرتها البيضاء التي ازدادت بياضا بسبب السمار الذي يغلفها
حقا انها جميلة بل غاية في الجمال
كانت نظراتها تائهة رغم جمودها هذا تنهدت وهي تنظر لسمر الجالسة بجوارها وتهمس بأرتعاش:-قربنا نوصل
نظرت سمر بدورها لحسن الذي اجاب:-دقايق وهنوصل
وبالفعل دقائق وكان يصف سيارته امام احدي المستشفيات فهبطت منها وانتظرت حتي هبط هو ايضا وسار وخلفها هي مستندة علي سمر
اختفي قليلا عن نظرهم وثم تقدم منها وبملامح هادئة هتف:-انتي عايزة تشوفيهم ؟
اؤمات بنعم والدموع قد بدأت تتجمع في عيونها مرة اخري فتنهد وامسك بيدها وسحبها خلفه بأتجاة احدي الغرف وخلفه سمر
فتح الباب ودخل وهي خلفه لتقف وعيونها مثبته علي الجثتين الموشحين بالابيض حتي وجوههم ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تراهم هكذا امامها وبصعوبة ابعدت يده عن يدها وتقدمت لهم وقفت امام اول جثة ورفعت عنها الغطاء لتجد انها جثة والدتها
مررت يدها علي ملامح وجهها بحزن ولحظة وانفجرت بالبكاء وهي تميل نحوها وتحضتنها بقوة وهي تهمس:-سيبتيني لية ياماما ليا مين انا من بعدك ارجعي وانا هعمل كل اللى عيزاه مش هقول لاي حاجة لا والله بس ارجعيلي
وعادت تبكي بعنف وهي تشدد من احتضانها لها
جائت نسمة هواء من الشباك المقابل لهم فرفع الغطاء عن وجه والدها وكأنه يناديها بأن تتقدم نحوه فتركت والدتها وتحركت لحيث فراش والدها ومالت تحضنه بإنهيار اشد وهي تهمس بصوت مختنق:-مشيت يابابا وسيبتني ، خدت معاك اماني يابابا مش انت دايما تقول انا امانك وسندك مشيت وخدتهم معاك يابابا .. سبتي لوحدي يابابا .. سبتني لمين يابابا
وظلت تصرخ بقوة وهي تحتضنه فتقدمت منها سمر وحاولت ان تبعدها فلم تستطيع
خرج حسن سىريعا لينادي احدي الاطباء فجاء احدهم وحقنها بأبرة تحوي علي مهدي فتراخت يدها من علي جسد والدها قبل ان تسقط ارضا التقطتها ذراعي حسن واخذها بين احضانه مبتعدا عن تلك الغرفة
_________________________________
تنهدت السيدة فوزية بحرارة وهي تغمغم بحزن:-ربما يرحمهم يارب بقي كدا البنت كانت بتزورنا الصبح وبسمتها من هنا لهنا تنام ليلتها ودمعتها علي خدها
جنات بحزن:-صعبانة عليا قوى والله
تدخلت رضوي في الحديث:-اللي عرفته منها انها وحيدة لا ليها عم ولا خال
فوزية بتأثر:-كمان ، ربما يتولاها برحمته يارب ربنا مبيسبش حد
رضوي:-من ساعة ما جابها حسن من المستشفي وهي نايمة عند سمر ومصحيتش
فوزية:-المصايب نازلة ترخ علينا لية كدا .. هي،صباح لسة مختفية فوق مش هتنزل
اؤمات جنات بالنفي وهي ترد:-لاا .. انا بقول نخليها شوية مع نفسها
اؤمات بحسنا بتفهم ولم ترد وتركتهم رضوي واتجهت لـ الشرفة الخلفية لمنزلهم وجلست فيها تقرأ احدي الروايات بأهتمان فمهما حدث ومهما حزنت ليست هي من تعاني من ايلات الموت
مهما كان وجعها لن يصل لدرجة وجع نوران
لكن اليوم غير اي يوم
اليوم لم يكن يقف ابراهيم خلف شرفة المنزل المقابل يراقبها بشغفه المعتاد
يراقبها بحب وحرص وكأنها شئ غالي يخشي عليه
ويعلم انه لن يصل له ابدا ايضا
ويا له من حزن ان تتعلق بشئ تعلم ان النصيب والقدر لن يجمعك به
تتعلق دون امل .. تتعلق دون ان تحذر
رغم انك تعلم انك تتعلق بثراب !!!
كانت ومازال الحالة الاجتماعية هي التي تسيطر علي السعادة
ولا تصدق من يقول غير هذا .. وصدق فقط المواقف التي تثبت حديثي ياعزيزي
_________________________________
كان حسن يجلس علي "مصطبة" منزل بجواره بعض شباب المكتظة يتحدثون قليلا ويتضاحكون ورغم انشغاله وحديثه معهم الا ان عيونه كانت تسترق بعض النظرات لشرفة سمر التي توجد بها نوران
لعله يلمح طيفها .. ولكن الامال كانت تختفي تدريجا فالظلام يعم علي الغرفة منذ زمن .. منذ ان وضعها علي الفراش وغادر
فاق علي صوت عماد:-هي البنت المزة دي ياحسن هتقعد هنا وهتنورنا كتير ولا اية الحال
نظر له وزمجر بغضب:-اتكلم عنها كويس ياعماد
رفع يده علي الاستسلام وهو يقول ضاحكا:-شكلها تخصك
قال بغضب:-اها تخصني عندك مانع
اؤما بالنفي وردد:-لاا طبعا كدا هي تبقي اختي واكتر من اختي كمان
مال امجد من اذنه وهتف بخبث:-حسن انا مش مطمنلك نظر له بأستفهام فتابع امجد:-انت بتلعب بالاتنين بنوران دي وبتوحة وانا مقبلش انك تضحك علي الست توحة دي جيراني وبينا عشرة
رغم حالة حسن الحزينة الا انه ضحك وهو يبادله مرحه:-انت بتقول اية بس توحة دي واخدة من قلبي مكانه كبيره اوى ومربعة عليها ومرتاحة
وضع يده علي قلبه علامة الطمئنينة وهو يهتف:-ريحت قلبي والله
دخل عبده في الحوار معهم وهو يهتف:-والله انتوا تافهين
غمز حسن له وهتف:-هو في احلي من التفاهة
جاءت منة تجري بذلك الوقت واقتربت من اذنه وهمست:-عمو عمو .. عرفت سر خطير
وقف ووحملها علي ذراعيه وابتعد بها عن الجموع فهو يعرف دوما ان اسرار منة كارثية وان تأتي له وسط تلك الجموع يعني ان الشى لا يتحمل الانتظار
ابتعد عنهم قليلا وثم انزلها من علي ذراعيه وهبط لمستواها وهو يهمس:-اية هو السر يارويتر هانم
هتفت بجوار اذنه:-سمعت بابا بيكلم جدو وبيقوله ان خطة عمو "علي" شكلها هتيجي بالعكس
قال بتساءل:-متعرفيش اية هي الخطة دي
تابعت بهمس خطير:-انه بيضحك علي طنط صباح وانه اثلا مش هيتحوز غيرها
صمت لـ لحظات وهو يبتسم اذن فأخيه عابث مثله ويفكر بالخطط مثله
اذن لماذا يعاملوه علي انه هو فقط الماكر وجميعهم ابراء
نظر لها وهتف بتحذير هادئ:-طبعا زي ما احنا متفقين السر اللي تقولهولي ميتقلش لحد
اؤمات بنعم ببسمة ثقة وهي تقول:-بس فين الحلاوة
ضحك وهو يجيب:-انا وطالع هجبلك .. يلا اسبقيني انتي دلوقتي
وتركته غادرت وبقي هو ينظر لاثرها بهدوء جميع ابناء اخوته يشبهونه .. ماكرين ، لا ينتمون لـ البراءة ابدا
تنهد وعاد لمكانه وهو يفكر في تلك الفتاة التي تجلس في المنزل المقابل له يريد ان يعلم لما هو حزين عليها الي هذة الدرجة
لما قلبه يؤلمه الي تلك الدرجة
_______________________________
يتبع...