رواية ضراوة العشق الفصل العاشر 10 بقلم دهب عطية
البارت العاشر
صدح الهاتف بعد فتحه بعشر دقائق...................
زمت شفتاها الجميلة وهي تتعتدل في نومتها تعمدت ألا ترد على اول رنين..انتظرت الثاني الذي صدح بعد ثواني من إنهاء الأول...
تنحنحت قليلاً وهي ترفع الهاتف على أذنيها...
"ألو...."
"كُنتي نايمه..."كان صوته عذب جذاب بطريقه
توصل الرجفة للجسد...
بلعت ريقها واستلقت اكثر على الفراش مُعلقه انظارها في سقف الغرفه...
" لا..... يعني كُنت هنام... "
بنفس النبره العذبه تسائل...
"يعني أقفل..."
لا تعرف لما ترددت في الاجابه.. هل تود التحدث معه فعلاً... لعقت شفتيها وهي تستجمع صوتها الجاد وقالت...
"مش بظبط يعني.....هو انت كُنت عايز تقول إيه؟.."
تنهد بعمق من الناحية الأخرى وهو يُجيب بعمق..
"بطمن عليكي....أصلك مشيتي بسرعه من المكتب.."
ارتفعت الخفقات داخلها وهي ترى المكر في الحديث
تجرات وهي تقول بحنق...
"شكلك بتتصل عشان تعتذر عن اللي عملته...."
غبيه....
ولكن هو اوصلني لمرحلة تفتقر التفكير قبل التكلم !..
أبتسم بتهكم وهو يتحدث بمراوغه...
"اعتذر على إيه بظبط... يعني هو في حاجه حصلت مبينا..."
زفرت بغضب وهي تهتف بضجر....
"هي حاجه عاديه انك تاخد حاجه مش بتاعتك...."
أجاب بغطرسة مهينه من الناحية الأخرى..
"عمرو الاباصيري مش بيمد ايده على حاجه غير لم يكون متاكد أنها تخصه...."
هدر صوتها العنيد..
"انا مخصكش ياعمرو....."
مط شفتيه من الناحية الاخرى بالؤم..
" ومين قال انك تخصيني..... "
أحمر وجهها من تلك اللعبه الوضيعه التي يمارسها عليها...
"بلاش الطريقه دي عشان مبحبهاش..."
تصنع عدم الفهم...
"انهي طريقه فيهم...."
اشتعلت غيظاً مناديه...
"عمرو..."
برم شفتيه بملل مُجيب ..
"ممم.......... سمعك كملي كلامك...."
تعالت انفاسها بغيظٍ وهي ترى الصمت حلى بعد جملته والملل الواضح في صوته... تريثت لدقائق
قبل ان تقول بنفاذ صبر....
"انا تعبانه وعايزه انام... مع سلامه..." كادت ان تنزل الهاتف من على اذنيها ولكنها سمعت
هسهسه مخيفه منه...
"اقسم بالله ياوعد لو قفلتي السكه في وشي.. هتشوفي وش عمرك ماشُفتيه..."
صاحت بزمجره حاده...
"هتعمل إيه يعني..."
توعد بصوته القاتم...
"اقفلي وانتي هتشوفي انا هعمل إيه..."
لوهله كانت ستفعلها وتنتهي منه ومن أفعاله السامه
ولكنها تحدثت بإستياء...
"ممكن افهم انت متصل ليه..."
رد بفظاظه مصطنعه...
"هكون متصل ليه مش حب فيكي يعني ... شُغل..."
زفرت بحنق ولم تعلق ألا على اخر كلمه...
"شغل؟.....شغل إيه بظبط؟..."
رد ببرود...
"هنسافر انا وانتي الغردقه..."
رفعت حاجبها بأستغراب...
"الغردقه؟؟.. ليه؟..."
ابتسمة شفتيه من زاويه واحده بسخط واضح
ثم اجابها هازئاً...
"عشان نقضي شهر العسل..."
اشتعلت من نبرة الاستهزء المحاطه به وفضلت
ألا ترد... فقط تاففها وصله عبر الهاتف...
شعر ان الصمت ذاد وتافف تعالى فقال بنبره تحمل بين طياته بعد المداعبه..
"وحدوه..................... هتفضلي سكته كتير..."
للأسف إبتسمت عنوةً عنها على طريقة كلامه
لكنها مجرد ابتسامه وتشالت وهي تجيبه بجديه..
"هنسافر الغردقه ليه..."
"شُغل.... يعني سيشن التصوير الجاي هيكون على البحر... وانا اختارت الغردقه..."
ردت عليه باستفهام..
"واشمعنا الغردقه..."
رد ببساطه..
"الشليه بتاعي هناك....وموقعه قدام البحر في مكان كويس هنصور فيه... "
توترت وهي تنظر لسقف الغرفه أمامها تم تسائلة بتردد...
"لوحدنا...."
فهم تلك النبرة التي تخشى الاختلاء معه مره أخرى ثم اجابها بهدوء..
"متقلقيش في كذا حد من الشركه هيبقى معانا..."
"بجد... " سألته بارتياح وتاكيد...
ابتسم عنوة عنه على براءة جملتها ورد بتنهيده عميقه..
"بجد...."
عضت على شفتيها وسائلة بهدوء...
"وهنسافر امته..."
"يعني بعد ما عمي يرجع..."
نظرت بحزن للا شيء...تشعر وان الجليد داخل قلبها يذوب ، فهي عنوة عنها تشتاق لوالدها ووجوده معها
حتى ان كان وجود خالي من اي عاطفة أبوه يكفي
فقط ان يتواجد معها.. مهما حدث بينهم سيظل والدها وهي ابنته....
"سكته ليه...انتي معايا"
ردت وهي تمسح دمعه تعلقت في أهداب عينيها...
"ااه................. معاك..."
شعر بصوتها الحزين فسأله بقلق...
"انا قولت حاجه ضيقتك.."
قالت بانكار..
"لا.....بس انا تعبانه وعايزه أنام...."
فهم ما تريده فهتف قبل ان يغلق الهاتف...
"وعد......... اللي حصل في المكتب ده مكنش لازم يحصل انا عارف اني اتعديت حدودي بس .."تريث برهة فوجدها لا تزال صامته وهو قد هربت منه الكلمات حتى الإعتذار لم يجد الطريق للسانه ربما لا يزال يرى انها حق مشروع له !!...
زفر بإستياء بعد ان ضاعت منه الكلمات المناسبة
فانهى المكالمة بـ ...
" تصبحي على خير.."ظن إنها لم ترد عليه كسابق ولكنها اجابته بنبرة شاجنة
"وانتَ من أهله..."
اغلقت الهاتف ودموعها لا تتوقف...ظلت تسترجع كل شيء حدث معها في الماضي كل شيء حزين ومؤثر في حياتها الباهته ...والدها....هشام...وقد لا تنتهي رحلة المعاناة النفسية بعد؟؟ بل ممكن ان تبدأ
معه هو....
عمرو !!...
______________________________________
خطت عدة خطواتها على اول اعتاب الشركه الذي
وصلت لها بعد مسافة ليست هينه من حارتها الشعبيه..
"راحه فين ياست..."
رفعت عينيها على احد رجال الأمن ذو البنية الضخمة
والجسد المفتول بالعضلات...
عدلت وشاح رأسها باستحياء مصطنع وهي
تقول..
"دخله جوه..."
امتعض وجه الرجل وهو يرمقها هازئاً...
"دخله جوه؟..لمين بقه ان شاء الله...."
مضغت العلكه على مضض وهي ترمقه بحنق...
"اي الاسئله دي كلها اهوه دخله وخلاص..."
احتقن وجه الرجل بغضب وابعدها بيده وكأنه يلقي قمامه ذو رائحة عفِنه...
"اتكلي على الله من هنا....مش نقصه صداع على الصبح..."
"الله.... متزقش ياجدع في إيه...انا دخله لصاحبة الهيلمان دا كله..."
تحدث الرجل الثاني والذي كان يتابع المشهد منذ
بدايته ولم يتدخل فرفيقه بالعمل يقوم بوجباته
على اكمل وجه...
"تقصدي الهانم...... وعد ثروت الاباصيري..."
تهكم وجهها بسخرية...
"ايوا ياخويه اقصد الهانم بتاعتكم..."
تحدث الرجل المتجهم الملامح بسخط...
"وانتي اللي زيك يعرف الهانم منين..."
أشار الثاني له بقنوط..
"استني يامرسي يمكن بتحسن عليها...وبتاخد اللي في النصيب انتَ مش شايف شكلها... "
نظر الآخر للمرأه نظرة تحقير شامله ...
"بتحسن عليها إيه ؟!... دي شكلها ولمؤخذه ا..."
صاحت به مقاطعه إياه بحده...
"ماله شكلي يادلعدي...... شايفني وقفه بقيه قدامك... اوقف معوج وتكلم عدل.....لحسان أفرج الشارع دا كله عليك ولبسك مصيبه ...."
بلع الرجل ريقه بخوف ونظر لرفيقه الذي رمق الفتاة بتحفز...
"بقولك ياست احنا مش عايزين شوشره دا مكان اكل عيش.... واحنا منقدرش ندخلك من باب شركه لحسان يتقطع عيشنا.... لمؤخذه يعني انتي شايفه شكلك وشايفه المكان اللي انتي وقفه فيه..."
رفعت المرأه زاوية من شفتيها بزمجره وهدرت باستهجان...
"يعني إيه مس هقبلها... دا انا مشيت مشوار مايعلم بيه اللي ربنا عشان اوصل... دا سوق المكروباص
مدخلش الشارع العريض ده ورماني على قمته.. دا غير المشوار من الحاره لهنا... لا انا مش هرجع قفيه يكمر عيش انا هدخلها...."
منعها الرجل وهو يقول بقنوط...
"بنقولك ممنوع..... احنا لحد دلوقتي بنتكلم بذوق مضطرناش نعمل غير كده ياست... اتكلي على الله من هنا..." دفعها بقوه فتعثرت ووقعت ارضاً
امامهم...
هتف صوت انثوي حاد...
"اي اللي بيحصل هنا بظبط ...."
مدت وعد يدها للمراه لمساعدتها على الوقوف
وهي تقول لها بهدوء...
"انتي كويسه...... يا...."
فرقت المرأه في ذراعها وهي تقول بنبره متألمه..
"اسمي لوزه...... محسوبتك لوزه..."
نظرت وعد لهم شزراً وهي تصيح بضجر...
"إيه اللي بتعملوه ده... هي عملت ايه عشان تتعاملو معها بشكل ده...."
اسلب الرجلين اعينهم بحرج.... ثم قال أحدهم
باحترام...
"احنا اسفين ياهانم.. بس هي كانت عايزه تقبل حضرتك بالعافيه وهي ممعهاش معاد ولا حتى
شكلها يوحي ان حضرتك تعرفيها..."
نظرت لوزه نحوها بتدقيق فمن حديث الرجل المهذب لها وشرح تفصيل مقابلتها بها تتضح
انها هي وعد طليقة هشام عشيقها !!!...
هتفت لوزه سريعاً حتى لا تضيع تلك الفرصة الذهبية...
"انتي ست وعد الاباصيري طليقة هشام عبدلله..."
بلعت وعد ريقها بتالم غامضاً اتى بسرعه فور سماع نبرة صوت تلك المرأه....
"آآه...... انتي كنتي عايزه تقبليني ليه؟..."
نظرت لوزه الى الرجلين المنتبهين لحديثها...
"يعني دا موضوع شخصي ولازم يبقى على انفراد..."
نظرت لها وعد بشك ثم لاحت منها ايماءه وهي تصحبها معها لداخل الشركه...
نظر الرجلين لبعضهم بفضول وهم يرون هيئة لا تمد باي صلة لابنة رب عملهم ولا للشركه المرموقه التي تخطو بها...
دلفت وعد الى الشركه وهي تزفر بحنقٍ بعض النظرات من الموظفين لم تعجبها وهي ترافق في سيرها تلك المرأه التي اثارت فضول البعض عن صلتها بها...
وضعت وعد حقيبتها وجلست على مقعدها الوثير خلف مكتبها الفخم وهي تاخذ نفساً عميق واخرجته بسرعة وهي ترمق لوزه بتحفز وتعالي...
"انا سمعاكي.. قولي اللي عندك.."
رمقتها لوزه وتقدمت لتجلس على المقعد بوقاحة وهتفت بنبرة مغزيه...
"هشام...."
رفعت وعد احد حاجبيها ونفس نظرت التعالي تعلوها..
"ماله..."
تحدثت الاخرى بطريقه مأثره وهي تقول...
"تعبان اوي في سجن ياست وعد.. متبهدل ولا بياكل ولا بيشرب راح مننا خالص.. والمحامي اللي مقوماه
ليه بيقول ان القضيه مقفوله بضبه والمفتاح... يعني
هيروح في داهيه.... هيتحكم عليه ظلم... يرضيكي
بعد العشرى اللي مبينكم تشوفيه في الحاله دي وتسكتي..."
تركت وعد باصابعها بخفة على مكتبها العريق وهي ترمقها بصلف...
"والمطلوب... يا...لوزه..."
هتفت الاخرى بسرعه وتملق...
"تحنني قلب ابن عمك عليه... خليه يتنازل عن القضيه....... هشام مش وش بهدله..."
اجابتها بصوتٍ بارداً..
"اسفه... مش هقدر اساعدك.... جيتي لشخص الغلط..."
"إزاي بس انتي أكيد مش رضيكي حبسته دي..."
ردت عليها ببساطة يصحبها الجمود..
"مفيش رضى في الحالتين... اللي كان بيني وبين هشام ورقه وخلاص كل واحد فين راح لحاله.."
رفعت لوزه حاجبها باستعطاف زائف...
"انتي باين عليكي لسه بتحبيه...."
"وانتي...."
رفعت لوزه حاجبيها بتوتر وهي تقول بصوت مرتجف ...
"انا.... انا إيه...."
ابتسمت وعد هازئه وهي تقول بثقه...
"صوتك مش غريب عليه... حسى اني سمعته قبل كده..." ضيقت عينيها وهي تتابع بإزدراء...
"يمكن في اوضة نومي على سريري مثلاً !..."
بلعت لوزه ريقها بتردد...
"انا مش فاهمه جاجه... انتي قصدك إيه بس انا وهشام جيران وولاد حته واحده و انا جيت بس عشان إرجع الود اللي مبينكم...."
مسكت وعد مرآة صغيره ونظرت لوجهها من
خلالها قائلة بصلف...
"مفهوم... مفهوم..."
قالت لوزه بحيره...
"يعني إيه مش فاهمه..."
انزلت وعد المرآة ونظرت لها ببرود...
"يعني الزياره إنتهت..."
شعرت لوزه بالاهانة والحرج في تلك الجلسه المرموقه فنظرت لوعد وقالت باستفهام...
"يعني إيه؟... افهم من كلامك إنك راضيه ببهدلت جوزك..."
نظرت له وعد بغضب هائل وهب في ذهنها مشهد خيانته لها والتي لم تراها بعينيها فقط التقطت
اصواتهم باذنيها رهفاً.. ولم تنسى هذا الصوت الانثوي المميز والذي كان يشارك زوجها في الفراش بكلمات وضيعه مثلهم...صححت الكلمه بـ
"تقصدي طليقي!!... ااه راضيه ببهدلته ولو مختيش بعضك ومشيتي من سكات هتحصليه..."
نظرت لها لوزه بشر وهي تقول بنبرة حاقده...
"بلاش النفخه الكدابه دي... انتي مفكره ان هشام هيعديلك اللي عملتيه انتي وابن عمك لا يبقى متعرفيش بقه مين هو هشام عبدلله دا شراني ومش سهل ومش هيسيب حقه ولو فكره ان الهيلمان ده هيحميكي منه تبقي غلبانه أوي......" نظرت لها لوزه
وهي تقول بنبره محذره...
"اسمعي الكلام وتقي شره لحسان بكره تقولي
ياريت اللي جرا ما كان...."
هبت وعد واقفه بغضب وعلى صوتها قليلاً وهي تلوح بيدها...
"اطلعي برا......اطلعي بذوق لحسان اجيب بتوع الأمن يرموقي في الشارع اللي جايه منه..."
نهضت لوزه وهي ترمقها باستخفاف وندفعت الكلمات الناريه على شفتيها ...
"مسيرك تردي الزياره...وساعتها هقوم معاكي باحلى واجب...."رمقتها بشر وتوعد وهي تخرج من المكتب بل من الشركه باكملها...
ها قد ذاد خصم جديد في حياتها !...
نظرت امامها بشرود وقد تركت العنان لدموعها فقد تصنعت القوة وصمود والتعجرف في أضعاف حالتها....
____________________________________
سارت بغضب لخارج باب الشركة والاعين تلاحقها بفضول...
اصطدمت باحدهم فصاحت بغضب...
"إيه ده مش تحاسب..."رفعت عينيها على الواقف أمامها والذي رفع احد حاجبيه وهي يتذكر تلك الملامح جيداً ...
قد ذأب غضبها ومحى إياه وهي تبتسم كالمغيبه
وتهتف بدهشه...
"هو انتَ...."
نظر عمرو لهيئتها ومن ثم لمدخل الشركه خلفها...
"انتي بتعملي إيه هنا...."
تحدثت وكانها كالمسحوره امام سطوة تلك الوسامه والجاذبية الغير معهودها لعينيها...
"كُنت بزور ناس حبيبي...."
احتقن وجه عمرو وهو لديه خلفيه عن عملها والاخلاق المكتسبه منه!!...
"كُنتي عند مين بظبط..."
ابتسمت وهي تتمتع بصوته الخشن المتحكم
فقد ظنت انه يغار....ردت عليه بصوتٍ ناعم...
"ومهتم ليه.....يعني دي تاني مره اشوفك..."
احتلى وجه عمرو عدم الفهم وهو يهتف بسخط
وهو يمسك بذراعها بحنقٍ....
"تاني إيه واول إيه....انتي هتصحبيني يابت....
ماتنطقي كُنتي عند مين فوق عشان تاخديه في ايدك وانتي مشيه...ولا الشركه اتفتحت شقه مفروشه وانا مش واخد بالي.... "
فهمت المغزى من حديثه واهانته للاذعه عن كونها لا تناسب تلك الشركه وجودها هنا يثير الشبهات حولها وحول من اتت لأجله...
ابعدت ذراعها عنه وهي تقول ببرود...
"أيدك ياباشا....متخفش انا كُنت جايه ازور واحده ست مش راجل....وكمان انا شغلي بيبدأ بليل مش بنهار..."
نظرت له بوقاحه وكانها تدعوه للهو معها قليلاً
بترحيب ناري منها !...
هدر بصوتٍ غاضب مُصر...
"بليل ولا بنهار....مين الست اللي شغاله هنا وتعرف واحده زيك..."
مضغت العلكه متهكمه ثم قالت بمضض...
"تعرف واحده زيي.....طيب هجوبك عشان الحليوه ملوش يسأل ويستجوب حد تاني غير لوزه...."
اقتربت منه بدلال وهي تقول بنعومه....
"كنت عند صاحبت الهيلمان دا كله...وعد الاباصيري...
كده الحيلوه ارتاح ولا لسه..."نظرت له بمراوغه....
نظر لها بدهشه وهو يترجم حديثها وقبل ان يلقي السؤال المتوقع عليها كانت قد ابتعدت عنه..
رفع رأسه حيثُ دور مكتبها المنشود وهو يهتف بشك....
"وعد تعرف الأشكال دي منين..."
بعد دقيقتين كان يدلف الى مكتبها بوجه حجري لا يبث شيءٍ مما يعتريه يخفي بضراوة حيرته وفضوله بمعرفة المزيد عن علاقة وعد بتلك الفتاة
وعلى حسب ما تفعله ليلاً فهي فتاة لليل من اين لحبيبته بمعرفة تلك الأشكال...
تفقد المكتب ببنيتان متربصتان... وجد المكتب فارغ ولكن خرير ماءا ياتي من الحمام الملحق به...
اخرج نفساً ثقيل على صدره وهو يجلس بانتظرها على اريكة جلدية بنية اللون...
خرجت وعد باعين حمراء وكان بين يدها منديلاً تجفف به وجهها وهي شاجنة الملامح...
تألم قلبه لرؤتيها بهذا الوضع وكادَ ان ينهض بلهفه عليها ولكنه تصلب متمسك بشموخ كبريائه
فهو بات ينزلق في عشقها أكثر من السابق وانذار الخطر يدوي في أذنيه عله يتوقف عن تلك الأفعال
المخزي معها ....
رفعت رماديتيها فوجدته في مكتبها يجلس باريحيه على الاريكه وعيناه مسلطه عليها بهيمنه باتت تتاقلم
عليها منه...
"عمرو........انت هنا من بدري..."بفتور جلست بجواره على الاريكه وهي تسأله بعدم فهم...
"هو الاجتماع اتأجل ولا إيه..."
تحدث بدون مقدمات...
"البت اللي أسمها لوزه دي كانت بتعمل إيه هنا عندك..."
نظرت له بصدمه ممزوجه بالحيره...
"لوزه!!........انتَ تعرفها..."
زفر بنفاذ صبر وهو يكرر سؤاله بحزم..
"ردي على قد السؤال ياوعد...تعرفيها منين...."
ترجمة معرفة (عمرو) بتلك المرأه سريعاً من المؤكد انها عشيقه له هو أيضاً الم يكن هشام صديقه في سابق....
اعترتها الغيره وهي تندفع الكلمات بدون حسبان على لسانها...
"المفروض انا اللي اسألك تعرف الاشكال دي منين...
ااه أكيد قضيت معها ليله من اياهم..."
سائل بحيره اكبر...
"ليلة اي بظبط انا مش فاهم حاجه..."
اجابت باستخفاف وبملامح متجهمه...
"مش فاهم حاجه إزاي..... امال انتَ تعرف اسمها منين وقبلتها فين اول مره....."
فهم ما تعنيه فرد عليها هازئاً...
"قبلتها في جمعيه خيريه..."
نظرت له بحنق من استهانته بها....
"انتَ شايفني إيه قدامك....عيله صغيره.. "
رفع حاجبه بشك وهو يسالها بشك...
"عيلة إيه؟؟... انا مش فاهم أصلا انتي مضايقه اوي كدا ليه... وبعدين متقلبيش التربيزه عليه وقوليلي تعرفيها منين...."
"اللي عرفك عليها من الاول...هو اللي بعتها عندي النهارده...."
نهضت وهي توليه ظهرها تخفي تشنج جسدها من تخيل تلك المرأه في احضانه...
هل تألمت من خيانة هشام مثلما تتالم الآن؟..
تلك الألم لأجله شعورها اشد قسوة وكانه تذبح
بسكينٍ بارداً....
نهض عمرو خلفها وهو لم يفهم بعد معنى اجابتها الأخيره.... مد يده وإدارها إليه ثم سائل
بحيره...
"انا مش فاهم حاجه مين دا اللي بعتها..."
نظرت له بغضب فهو يتعمد رسم البراءه عليها...
"هيكون مين يعني...هشام..."
عقد حاجبيه وهو يرمق عينيها الحمراء اثار دموعها التي لم تبرد بعد...
"هشام!!....... هشام هو اللي باعت لوزه ؟....."
نظرت له بإزدراء وهي تراه يبدع في رسم عدم معرفته المسبقه بتلك المرأه عن طريق الوغد
الاخر....
"ااه... بعتها عشان تهددني اني لو مأثرتش عليك وخليتك تتنازل عن القضيه هشوف شره هو الست هانم بتاعته...."
ابتعدت عنه بمقت متجهه لمقعد مكتبها...
سمع اجابتها فعتلى وجهه الصلابه والحده وقد اندفعت نيران الغيرة في اوردته وهو يسألها بعصبية...
"وطبعاً انتي بتنزلي الكام دمعه دول قدامي عشان اتأثر وتنازل عن القضيه لحبيب القلب ..."
رفعت عينيها الدامعه بصدمه من هجومها الشرس عليها...
داهم الخوف امعائه بعنف وهو يتابع بقسوه....
"عايزه ترجعيله وحشك مش كده؟!...صعبان
عليكي بهدلته......"
نزلت دموعها وهي تراه كالثور الهائج امامها وظل يتابع بذات الضراوة المهاجمه...
"شايفاني ظالم قدامك مش كده....شايفه البيه بتاعك ميستحقش السجن والبهدله.....ااه ماهو بعيد عنك يحرام ووحشك ولسه بتحبيه ...معلش انا هتنازل عن القضيه وهجيب الماذون وردكم لبعض كمان...."
توسعت اعينها من عصبيته المتزايده كلما ذاد صمتها وصدمتها من حديثه....لم تتفوه بكلمه قد تصلب لسانها بمكانه امام هجومه وظلمه لها...
اتجه نحوها وضرب المكتب بقبضة يداه وهو يهاجم بكلماته اللاذعه بمنتهى العصبية...
"سكتي ليه....عايزه ترجعي على ذمته عايزاني اطلعه من السجن..."
لم ترد عليه بل اشاحت بوجهها وهي تخفي خوفها منه بقدر الإمكان لعلى ثورته تهدأ ويبتعد عنها ...
توسعت بنيتاه الناريه بعد تلك الحركه فصرخ
بعصبية اكبر...
"يعني إيه....عايزه ترجعيله...."
لم يجد اي حركه اخرى منها فقد اغمضت عينيها خوفاً من الثوره القادم بعد هذا القرب...
مد يده ومسك فكها بين كف يده بقوة وادارها إليه وهو يهسهس بنبره مخيفه جعلتها تفتح عينيها بصدمه...
"اقسم بالله لو ما رديتي عليه هدفنك ودفن نفسي جمبك.... عـــايــــزه تــــرجـــعــيــلــه......"
نظرت له بخوف وارتجفت اصولها من قسوة كلماته
لم يرأف بحالها بل ذاد اتكاه على فكها بين يده
وهو يحاصر عينيها بضراوة...
صاح بأمر غير مكترث لدموعها....
"ردي عليه عايزه ترجعيله.... انطقي بقولك..."
هزت رأسها ودموعها بدات تنساب وهي تصرخ بصوت يرتجف رعباً...
"لا...لا.. لا مش عايزه ارجعله...."
نظر لها ببنيتان قاتماً وهو يرى شهقات بكائها المكتوم تتعالى...
ترك فكها بحده وهو يرمقها بإزدراء قاسي... ثم تحدث بعملية بارده..
" الإجتماع كمان نص ساعه....انتي اللي هتدخليه مكاني...."
خرجت الكلمات بخوف عليه وعنوةً عنها وجدت نفسها تسأله...
"انتَ رايح فين ياعمرو..."
نظر له بعنف ولم يتفوه بحرف واحد يريح قلبها ولكنها قد قرأت الإجابة من عينيه !!...
_____________________________________
اوقف السيارة امام قسم الشرطه وترجل منها وهو يخفي عينيه القاسية بتلك النظارة السوداء...
لج لاحد مكاتب الرتبة الاعلى في هذا القسم..
"اهلاً عمرو بيه....ازي حضرتك...."سلم الضابط عليه بحراره بدله الاخر السلام وهو يقول بحبور زئفاً...
"ازيك ياوائل بيه.....عاش من شافك..."
ابتسم الضابط وهو يرد عليه...
"موجود اهوه...حمدال على سلامتك انتَ سمعت انك رجعت من فتره اي مرتحتش في فرنسا ولا ايه؟.."
وضع عمرو ساقه على الآخر وهو يجيب ببساطة..
"لا ازاى ارتحت واستقريت هناك كمان...."
مسك وائل سماعة الهاتف وهو يجري اتصال بساعي
"تحب تشرب إيه..."
رد عمرو باختصار...
"لو امكن..... قهوة ساده..."
أومأ الاخر وهو يولي الطلبين...
"اتنين قهوه سادة ياعم صابر..."
اغلق الهاتف وهو ينظر الى عمرو وشبك يداه ببعضهم امامه على سطح المكتب وهو يقول باستفهام...
"ها قولي بقه...اي سر الزياره دي...."
لاحت من عمرو إبتسامة خالية من اي ذرة مرح
وهو يقول بدون مقدمات...
"كُنت عايز أقبل واحد من اللي مرمين في الحجز عندكم..."
عقد وائل حاجبيه بدهشه...
"تقابل حد من المساجين...."أومأ له عمرو بجدية...
فُتح الباب ودلف الساعي وهو يحمل فنجانان من القهوة ثم قدمهم امام كلاً منهم بهدوء قبل ان يخرج بعدها مُغلق الباب خلفه...
نظر وائل لعمرو بحيره اكبر...
"مين دا اللي عايز تقبله...."
أجابه ببساطة
"هشام عبدلله..."
رفع وائل احد حاجبيه ولم يتفوه بحرف فقد اجفله عن السؤال جدية عمرو في الحديث وكان المسأله
لا تسمح بأي نقاش او إستفسارات آخره....
اتكا وائل على زرٍ يعلو سطح المكتب...دلف بعدها سريعاً العسكري الذي كان يقف بجوار الباب أدا التحيه العسكرية بحزم وهو ينظر الى الظابط مُنتظر الاومر...
"اومرك يافندم..."
تحدث وائل بخشونه...
"هاتلي يابني هشام عبدلله من الحجز..."
أومأ الرجل وهو يؤدي ذات التحيه بسرعه ويخرج منفذ اوامره...
نظر عمرو اللا شيء وهو يحاول كبح غضبه المتوهج امام القادم بعد رأيت هذا الوضيع امامه وجهاً لوجه....
بعد دقائق لج العسكري وفي يده هشام الذي حين دخل و راء عمرو جالساً أمامه أبتسم ببشاعة وشماته وكان الأدوار انقلبت وهو الحُر والأخر مسجون خلف القضبان !..
تنحنح وائل وهو ينهض عن كرسيه ثم نظر الى عمرو بجديه حازمه بعض الشيء ...
"قدامك عشر دقايق ياعمرو...انتَ عارف الزيارات هنا ممنوعه..."حاول تبرير الأمر لرفيقه فاومأ له الآخر بتفهم وعيناه لا تبرح وجه هذا البغيض الذي ينظر له هازئاً....
سمع هشام غلق الباب من خلف وبقت الغرفة فراغه من حولهم فاول من تحدث بستهزء كان هشام...
"معقول صعبت عليك فقولت تيجي تزورني....ولا استنى انتَ جاي تشمت فيه مش كده.... "
أبتسم عمرو ببرود وهو يجلس على المقعد بعجرفه وسجارته مشتعله ينفث مافيه وهو يرمقه بنفس النظره المتغطرسه.... أجابه عمرو ببرود وهو يطفئ سجارته في المنفضه....
"مش بظبط......انا جاي عشان حاجه تانيه خالص.."
عقد هشام حاجبيه بحيرة ثم سائل..
"حاجه تانيه زي إيه...."
ابعد عمرو عينيه عن المنفضه وهو يقول ببساطة تتناقض مع نيرانه المتأججه...
"وعد..."
ابتسم الآخر ببشاعه...
"طلقتي...ممم......مالها...اوعى تقولي اني وحشتها ونفسها ترجعلي..."
لو راء وجهه الان لفهم لما تزايدت ابتسامة هذا الحقير اكثر وبمنتهى الشماته وهو يرى تأثير كلماته عليه...
تمالك اعصابه وهو ينظر له بقسوة وتحدث ساخراً ...
"ترجعلك؟....وللهِ انتي صعبان عليه......يراجل دي ندمانه على معرفتك السوده.... دي مش طايقه تسمع سيرتك....قال ترجعلك قال ..."
ابتسم الآخر هازئاً...
"لا مصدقش!!....دا انا بنسبالها اول حب....اول حب مبيتنسيش ياصاحبي ... دا انا أول راجل لمسها وعرفت معاه المتعه اللي بجد...."نظر بحقاره غير منتهيه نحو عمرو..
كان هذا أكثر من المحتمل ان تقسو تلك الكلمات على قلبه.. ان تبعده اكثر عنها.. ان تشتد وتتزايد ضراوة العشق بينهم.....
نهض وخطى عدة خطوات... واقفاً أمامه بعدها ووجهه لا يبشر بالخير ولكنه تمالك نفسه وهو
يقول بخشونه...
" بقولك إيه وفر على نفسك وعليه كلام ملوش ستين لازمه..... ابعد عن وعد ولِم الاوساخ بتوعك
جمبك عشان ميقعدوش نفس قعدتك.... "
رفع هشام حاجبه بدهشه حقيقيه...
"انتَ بتكلم على مين..."
"لوزه!!... البت اللي بعتها تهدد بنت عمي لو انا متنزلتش عن القضيه...." صمت عمرو وهو يكمل بشر ضاري...
"بس نجوم السما اقربلك من انك تخرج من قضية
دا انا عملتهالك على مقاسك بظبط...." مد يده
وعدل مقدمة قميص هشام وهو يقول ببرود..
"بس اي رأيك لبساك لبساك....مهم عملت مش
هتخرج منها غير بعد متنفذ حكمها..."
احتدت ملامح هشام وهو يقول بغضب..
"مش هيحصل....انا مش هروح في رجلين انا..."
بتر عمرو جملته هازئاً باستفزاز..
"انتَ روحت خلاص....والحكم هيتنطق قريب مسافة بس متروح المحكمه...ومتقلقش انا هعجل بروحتك للمحكمه عشان مكنش حرمك من حاجه..."
اصبحت اعين هشام اقرب بالحيوان الشرس وهو يقول بغل...
"انتَ مفكر اني هسكت... لا.... اقسم بالله ما هتتهنا عليها... اوعى تكون مفكر ان خلاص عشان طلقتها
هتنساني.... وعد بتحبني ياما قالتلي وهي نايمه في حضني انها عمرها ماهتشوف راجل غيري وان مهم حصل بينا عمرها ما هتتخلى عني..."
احتدت ملامح عمرو وهو يسمع تلك الكلمات وعنوة عنه وجد نفسه يلكمه بقوة في فكه كي يتوقف عن هذا الحديث الاشبه بنيران تداهم بضراوة كل خلايه حساسه لديه... قلبه.. كبريائه... كرامته...
والرجولته المطعونه...
حين طاح هشام على الارض صاح بغل وافتراء ...
"انتَ مفكر انها هتنساني وتحبك.... كانت حبتك زمان... ولا نسيت انها فضلتني عليك.. وكانت بتجيلي
شقتي وهي لبسه دبلتك... لا استنى دي كانت بتقلعها قبل ماتدخل شقتي اصلها عارفه اني بغير عليها وزعلي وحش...كانت بتخاف اوي على زعلي.... وعمرها مابطلت تخونك معايا.... "
تلك المره ركله عمرو بقدميه بوجهه فانسابت الدماء من انفه وفمه.... ثم وجد عمرو يمد يده ويمسك بمؤخرة عنق قميصه وهو يقول بحدة...
"اقسم بالله كلمه زياده وهدفنك مكانك ومش هتسجن فيك ساعه واحده...." نظر له بشراسه اكبر وهو يقول...
"هي كلمه واحده.. ابعد عن وعد وحكم عقلك... ياما وعز وجلالة الله هخلص انا عليك بنفسي... والف واحد من اللي معاك في الحجز يتمنى مصلحة تساوي ملايين..."
بلع هشام ريقه بتوتر وهو يرى صلابة كلماته وتوعد عينيه ان اجفل عن حديثه واقترب منها مره أخرى..
يعلم ان عمرو يعترف ببساطة عن نهايته المحتومه
على يد احد مجرمين تلك الغرفة المظلمه بشعة الرائحة... هو محق في اختيار الأداة المناسبه
فبعض الأموال المراوغه للمحجوزين معه ستنقلب بعدها المعارك بينهم على من له شرف قتله
والحصول على الجائزه الكبرى !....
نظر لعمرو بخوف فابتسم الاخر هازئاً فقد قرأ ما يدور بعقله بمنتهى السهولة...
"شكلك بدأت تفهم...."
أومأ له هشام على مضض وعيناه كانتى بركتين من الحقد والكره المستديم نحوه !...
______________________________________
زفرت باختناق وهي تقف في شرفة غرفتها وعيناها
لا تفارق بوابة القصر الكبيرة قد تخطت الساعة الحادية عشر وهو لم يصل للبيت بعد !..حتى الشركه لم يعود لها منذ ذهابه صباحاً...
متاكده هي انه ذهب لزيارة هشام...لكن ماذا حدث بينهم ماذا قال له ولما لم يعود حتى الآن...
غامت رمادية عينيها بشرود شاجن.. الى متى ستظل الحياة قاسيه معها ترطم إياها بمنتهى القوة في وجهةٍ جافة باردة يصعب التعايش بها !..يفترض عليها السير خلف خطوات القدر ترى هذا الشيء الطبيعي! لكن جميع من حولها يرى انها هي من تحكمت بالقدر وقادته لرغباتها في الماضي... ايعقل؟...
ليس مُبرر ياوعد !..
كان ضميرها يهتف تلك المره..
هزت رأسها وهي تزفر بحرقه كلما فكرت بـ(عمرو) ترى الماضي بتفصيل عديدة يحتل الذكريات لمحة من الندم ان كانت زوجته الان لربما كانت تحولت حياتها للافضل...
ان كانت زوجته؟؟...
ترى كيف وصل التفكير به الى حد الندم على ما اقترفته في الماضي !!..
شعرو قاسياً مؤلم ان تتذوق الندم لمجرد إنك تركت شخصاً بإردتك في السابق...تراها خساره كبيره مهم انكرت ذلك بين نفسها لا تزال ترى انها خسرت مكانه
ستفوز بها غيرها ستنعم بقربه واحضانه
وقبلاته !..
وصل عقلها الى مُنعطف آخر من المشاعر العنيفة اخذت نفساً عميقاً وهي تتذكر تلك اللحظه بجميع
تفصيلها من عنف قبلاته التي كانت كحبل مستقيم
يتركها لثانيه لياخذ انفاسه وكذلك هي ثم ينغمس اكثر معها...يداه كانت حانيه ولكنها متملكه بهيمنه
قد تاقلمت عليها من نظرة عينيه لها...
تتذكر سخونة جسدها بين يديه حتى حرارة جسده كانت مماثله ولكنه كان يعبر عن رغبته بما يفعله معها ام هي فكانت لا تعرف كيف تعبر وكيف تجرأ؟ ولمَ تجمدت أمامه وظلت العواصف تطوف حولها وكانها مغيبه عن العالم برغم من رهفة احساسها بكل ماحدث معها...
يومها لم تمانع ولم تبدي اي رفضٍ كي تحسن صورتها أمامه......البارحة في نفس الاوقات كان يعتذر لها عن ما حدث عبر الهاتف.. ولكنها لجمت كالعادة ولم تقدر ان تتفوه بحرف مما حدث..يبدو ان الشعور بالخزي والخجل من نفسها كان اقوى من ان ترد عليه وتعنف إياه فهي احق بتعنيف نفسها اليس كذلك ؟...
تاففت للمره الأخيره وهي تنوي التوقف عن التفكير في هذا الشيء... فهي ان ببررت لنفسها فلم تقدر مسامحة إياه... كلاهما قد ارتكبوا خطاءٍ أصعب من ان تنساه منه باعتذار عابر ومن الناحية الاخرى تبرر لنفسها تساهلها معه !..
نظرت أمامها بلا أهداف فوجدته يسير نحو باب القصر بوجه حجري عينيه للامام تنظر بقساوة وكانه يشرد في مسألة غير مستحبه بنسبه له انتظرت أكثر
لعله يرفع عينيه وتقرأ اي شيء يخمد نيران قلقها عليه !! الا أنه لم يرفع عينيه بل دخل للقصر تارك اياها تزفر باختناق.....
دلفت للداخل وهي متشنجة الملامح...
"يترى ماله....اكيد راحله...حسى انه راحله...هيكون فين يعني دا كله......يترى هشام قاله إيه...وهو راحله ليه اصلاً...."
زفرت بحنقٍ وهي لا تعرف كيف تريح عقلها عن التفكير فيما حدث معه لماذا تهتم لأمره؟!
لان الوضع يخصها هي ايضاً... لما لا تذهب إليه وتساله عن ما حدث..
ماذا سيقول حين يراها امامه في هذا الوقت..
وحتماً مقابلته ستكون في غرفة نومه لا محال ...
لكن الأمر يتعلق بها وهو الدخيل في كل شيء
لا هي....
برمت شفتيها وهي ترتدي مئزرها الحرير الطويل فوق ثياب نومها التي كانت عباره عن هوت شورت حريري وستره علوية مماثله له ذو حمالات رفيعه
كل شيء اختفى بعد ان ارتدت المئزر الملائم لهم
وبدات باحكامه جيداً حوله خصرها ضمت شعرها
على جانب واحد بعفوية وهي تخرج متوجهه لغرفته
وهناك بعد التردد في رأيته الآن والقدوم له..
عقلها يصرخ ألا تذهب فماذا سيخمم اذا رآها في هذا الوقت..
لكنها هتفت داخلها بتبرير انها دقائق فقط تفهم بهم ماذا حدث مع هشام ان كان حقاً ذهب له مثلما يخبرها قلبها....
وقفت امام غرفته بتردد اكبر وهي تطرق الباب عليه بخفوت...
بلعت ريقها وهي تنتظر فتح الباب وفعلاً قد فتح الباب وعلى مايبدو انه كان يبدل ملابسه فقد تخلص من سترة الحلة الرسميه وفتح بعض أزرار القميص
فظهر صدره العريض ذو اللامعة البراقه فقط بعض الشعيرات الصغيره تزيد جاذبية شكله..رفعت عينيها على عنقه فداهمها بروز عنقه الذي كلما تحرك امام عينيها بعشوئية آثار بداخلها مشاعر اخرى تخجل من تفسير معناها...
ها قد اتت رماديتاها على بُنيتان ثاقبتان تنظران
لها بقسوة لم تكن الهيمنه المتاقلمه عليها منه
بل كانت قسوة و......وكانه يتألم ويستغيث لكن ملامحه الجامده أمامها تأبى الاعتراف بتلك الاغاثة المتوهجه بعينيه...
أخيراً تكلم بعد فتره من الصمت رامقاً إياها بنظرته المخيفه في جمودها كسفاح شرس لكن هادئ الملامح....
"كُنتي عايزه حاجه..."
كان صوته جاف جعلها تتردد قبل ان تقول...
"كُنت جايه اطمن عليك..."
رفع حاجبه بدهشه زائفه بينما اطبقت شفتيه في خطٍ مستقيم حاد....
"تطمني عليه....ليه شايفني لسه بحبي..."
اسلبت عينيها بحرج وقبضت على مئزرها الناعم بارتعاد أكبر..ثم تحدثت بتردد...
"يعني كُنت عايزه اعرف عملت إيه مع....مع هشام..."
نظر له بحدة ان كانت النظرات تقتل...لتلقت مقتلها بعد تلك النظره المخيفه...
لو تعلم انه على وشك الانفجار من اقل كلمه تقال له
وانه تعمد دخول القصر ليلاً حتى يختلي بنفسه
بعيداً عن اي إنسان خُلق به لسانٍ !...
لو تفهم ان ذروة غضبه ستنفجر من تحيه تلقى عليه
لا سؤالاً اهوج كهذا يخرج على لسانها هي وبمنتهى السهولة ، وامامه وجهاً لوجه في هذا الوقت
العصيب ماذا عليه ان يفعل الآن لكبح غضبه
عنها ..
هتف بصوتٍ هادئ يحمل بين طياته نبره فولاذيه...
"جايه تطمني عليه يعني !....تمام ادخلي عشان نتكلم جوا.... "
ترددت بدخول خصوصاً بعد التشكيك للمره الألف في قرار الإبتعاد عن هشام ونسيانه للأبد لمَ لا يصدق ان الامر اصبح ماضي قاتم... واشبه بوسمة عار في حياتها.... وقد إنتهى كل شيء بنسبه لها !!..... وان كل ما يهمها الآن ابتعاد الأذى عنها و..............وعنه !...
....يتبع
صدح الهاتف بعد فتحه بعشر دقائق...................
زمت شفتاها الجميلة وهي تتعتدل في نومتها تعمدت ألا ترد على اول رنين..انتظرت الثاني الذي صدح بعد ثواني من إنهاء الأول...
تنحنحت قليلاً وهي ترفع الهاتف على أذنيها...
"ألو...."
"كُنتي نايمه..."كان صوته عذب جذاب بطريقه
توصل الرجفة للجسد...
بلعت ريقها واستلقت اكثر على الفراش مُعلقه انظارها في سقف الغرفه...
" لا..... يعني كُنت هنام... "
بنفس النبره العذبه تسائل...
"يعني أقفل..."
لا تعرف لما ترددت في الاجابه.. هل تود التحدث معه فعلاً... لعقت شفتيها وهي تستجمع صوتها الجاد وقالت...
"مش بظبط يعني.....هو انت كُنت عايز تقول إيه؟.."
تنهد بعمق من الناحية الأخرى وهو يُجيب بعمق..
"بطمن عليكي....أصلك مشيتي بسرعه من المكتب.."
ارتفعت الخفقات داخلها وهي ترى المكر في الحديث
تجرات وهي تقول بحنق...
"شكلك بتتصل عشان تعتذر عن اللي عملته...."
غبيه....
ولكن هو اوصلني لمرحلة تفتقر التفكير قبل التكلم !..
أبتسم بتهكم وهو يتحدث بمراوغه...
"اعتذر على إيه بظبط... يعني هو في حاجه حصلت مبينا..."
زفرت بغضب وهي تهتف بضجر....
"هي حاجه عاديه انك تاخد حاجه مش بتاعتك...."
أجاب بغطرسة مهينه من الناحية الأخرى..
"عمرو الاباصيري مش بيمد ايده على حاجه غير لم يكون متاكد أنها تخصه...."
هدر صوتها العنيد..
"انا مخصكش ياعمرو....."
مط شفتيه من الناحية الاخرى بالؤم..
" ومين قال انك تخصيني..... "
أحمر وجهها من تلك اللعبه الوضيعه التي يمارسها عليها...
"بلاش الطريقه دي عشان مبحبهاش..."
تصنع عدم الفهم...
"انهي طريقه فيهم...."
اشتعلت غيظاً مناديه...
"عمرو..."
برم شفتيه بملل مُجيب ..
"ممم.......... سمعك كملي كلامك...."
تعالت انفاسها بغيظٍ وهي ترى الصمت حلى بعد جملته والملل الواضح في صوته... تريثت لدقائق
قبل ان تقول بنفاذ صبر....
"انا تعبانه وعايزه انام... مع سلامه..." كادت ان تنزل الهاتف من على اذنيها ولكنها سمعت
هسهسه مخيفه منه...
"اقسم بالله ياوعد لو قفلتي السكه في وشي.. هتشوفي وش عمرك ماشُفتيه..."
صاحت بزمجره حاده...
"هتعمل إيه يعني..."
توعد بصوته القاتم...
"اقفلي وانتي هتشوفي انا هعمل إيه..."
لوهله كانت ستفعلها وتنتهي منه ومن أفعاله السامه
ولكنها تحدثت بإستياء...
"ممكن افهم انت متصل ليه..."
رد بفظاظه مصطنعه...
"هكون متصل ليه مش حب فيكي يعني ... شُغل..."
زفرت بحنق ولم تعلق ألا على اخر كلمه...
"شغل؟.....شغل إيه بظبط؟..."
رد ببرود...
"هنسافر انا وانتي الغردقه..."
رفعت حاجبها بأستغراب...
"الغردقه؟؟.. ليه؟..."
ابتسمة شفتيه من زاويه واحده بسخط واضح
ثم اجابها هازئاً...
"عشان نقضي شهر العسل..."
اشتعلت من نبرة الاستهزء المحاطه به وفضلت
ألا ترد... فقط تاففها وصله عبر الهاتف...
شعر ان الصمت ذاد وتافف تعالى فقال بنبره تحمل بين طياته بعد المداعبه..
"وحدوه..................... هتفضلي سكته كتير..."
للأسف إبتسمت عنوةً عنها على طريقة كلامه
لكنها مجرد ابتسامه وتشالت وهي تجيبه بجديه..
"هنسافر الغردقه ليه..."
"شُغل.... يعني سيشن التصوير الجاي هيكون على البحر... وانا اختارت الغردقه..."
ردت عليه باستفهام..
"واشمعنا الغردقه..."
رد ببساطه..
"الشليه بتاعي هناك....وموقعه قدام البحر في مكان كويس هنصور فيه... "
توترت وهي تنظر لسقف الغرفه أمامها تم تسائلة بتردد...
"لوحدنا...."
فهم تلك النبرة التي تخشى الاختلاء معه مره أخرى ثم اجابها بهدوء..
"متقلقيش في كذا حد من الشركه هيبقى معانا..."
"بجد... " سألته بارتياح وتاكيد...
ابتسم عنوة عنه على براءة جملتها ورد بتنهيده عميقه..
"بجد...."
عضت على شفتيها وسائلة بهدوء...
"وهنسافر امته..."
"يعني بعد ما عمي يرجع..."
نظرت بحزن للا شيء...تشعر وان الجليد داخل قلبها يذوب ، فهي عنوة عنها تشتاق لوالدها ووجوده معها
حتى ان كان وجود خالي من اي عاطفة أبوه يكفي
فقط ان يتواجد معها.. مهما حدث بينهم سيظل والدها وهي ابنته....
"سكته ليه...انتي معايا"
ردت وهي تمسح دمعه تعلقت في أهداب عينيها...
"ااه................. معاك..."
شعر بصوتها الحزين فسأله بقلق...
"انا قولت حاجه ضيقتك.."
قالت بانكار..
"لا.....بس انا تعبانه وعايزه أنام...."
فهم ما تريده فهتف قبل ان يغلق الهاتف...
"وعد......... اللي حصل في المكتب ده مكنش لازم يحصل انا عارف اني اتعديت حدودي بس .."تريث برهة فوجدها لا تزال صامته وهو قد هربت منه الكلمات حتى الإعتذار لم يجد الطريق للسانه ربما لا يزال يرى انها حق مشروع له !!...
زفر بإستياء بعد ان ضاعت منه الكلمات المناسبة
فانهى المكالمة بـ ...
" تصبحي على خير.."ظن إنها لم ترد عليه كسابق ولكنها اجابته بنبرة شاجنة
"وانتَ من أهله..."
اغلقت الهاتف ودموعها لا تتوقف...ظلت تسترجع كل شيء حدث معها في الماضي كل شيء حزين ومؤثر في حياتها الباهته ...والدها....هشام...وقد لا تنتهي رحلة المعاناة النفسية بعد؟؟ بل ممكن ان تبدأ
معه هو....
عمرو !!...
______________________________________
خطت عدة خطواتها على اول اعتاب الشركه الذي
وصلت لها بعد مسافة ليست هينه من حارتها الشعبيه..
"راحه فين ياست..."
رفعت عينيها على احد رجال الأمن ذو البنية الضخمة
والجسد المفتول بالعضلات...
عدلت وشاح رأسها باستحياء مصطنع وهي
تقول..
"دخله جوه..."
امتعض وجه الرجل وهو يرمقها هازئاً...
"دخله جوه؟..لمين بقه ان شاء الله...."
مضغت العلكه على مضض وهي ترمقه بحنق...
"اي الاسئله دي كلها اهوه دخله وخلاص..."
احتقن وجه الرجل بغضب وابعدها بيده وكأنه يلقي قمامه ذو رائحة عفِنه...
"اتكلي على الله من هنا....مش نقصه صداع على الصبح..."
"الله.... متزقش ياجدع في إيه...انا دخله لصاحبة الهيلمان دا كله..."
تحدث الرجل الثاني والذي كان يتابع المشهد منذ
بدايته ولم يتدخل فرفيقه بالعمل يقوم بوجباته
على اكمل وجه...
"تقصدي الهانم...... وعد ثروت الاباصيري..."
تهكم وجهها بسخرية...
"ايوا ياخويه اقصد الهانم بتاعتكم..."
تحدث الرجل المتجهم الملامح بسخط...
"وانتي اللي زيك يعرف الهانم منين..."
أشار الثاني له بقنوط..
"استني يامرسي يمكن بتحسن عليها...وبتاخد اللي في النصيب انتَ مش شايف شكلها... "
نظر الآخر للمرأه نظرة تحقير شامله ...
"بتحسن عليها إيه ؟!... دي شكلها ولمؤخذه ا..."
صاحت به مقاطعه إياه بحده...
"ماله شكلي يادلعدي...... شايفني وقفه بقيه قدامك... اوقف معوج وتكلم عدل.....لحسان أفرج الشارع دا كله عليك ولبسك مصيبه ...."
بلع الرجل ريقه بخوف ونظر لرفيقه الذي رمق الفتاة بتحفز...
"بقولك ياست احنا مش عايزين شوشره دا مكان اكل عيش.... واحنا منقدرش ندخلك من باب شركه لحسان يتقطع عيشنا.... لمؤخذه يعني انتي شايفه شكلك وشايفه المكان اللي انتي وقفه فيه..."
رفعت المرأه زاوية من شفتيها بزمجره وهدرت باستهجان...
"يعني إيه مس هقبلها... دا انا مشيت مشوار مايعلم بيه اللي ربنا عشان اوصل... دا سوق المكروباص
مدخلش الشارع العريض ده ورماني على قمته.. دا غير المشوار من الحاره لهنا... لا انا مش هرجع قفيه يكمر عيش انا هدخلها...."
منعها الرجل وهو يقول بقنوط...
"بنقولك ممنوع..... احنا لحد دلوقتي بنتكلم بذوق مضطرناش نعمل غير كده ياست... اتكلي على الله من هنا..." دفعها بقوه فتعثرت ووقعت ارضاً
امامهم...
هتف صوت انثوي حاد...
"اي اللي بيحصل هنا بظبط ...."
مدت وعد يدها للمراه لمساعدتها على الوقوف
وهي تقول لها بهدوء...
"انتي كويسه...... يا...."
فرقت المرأه في ذراعها وهي تقول بنبره متألمه..
"اسمي لوزه...... محسوبتك لوزه..."
نظرت وعد لهم شزراً وهي تصيح بضجر...
"إيه اللي بتعملوه ده... هي عملت ايه عشان تتعاملو معها بشكل ده...."
اسلب الرجلين اعينهم بحرج.... ثم قال أحدهم
باحترام...
"احنا اسفين ياهانم.. بس هي كانت عايزه تقبل حضرتك بالعافيه وهي ممعهاش معاد ولا حتى
شكلها يوحي ان حضرتك تعرفيها..."
نظرت لوزه نحوها بتدقيق فمن حديث الرجل المهذب لها وشرح تفصيل مقابلتها بها تتضح
انها هي وعد طليقة هشام عشيقها !!!...
هتفت لوزه سريعاً حتى لا تضيع تلك الفرصة الذهبية...
"انتي ست وعد الاباصيري طليقة هشام عبدلله..."
بلعت وعد ريقها بتالم غامضاً اتى بسرعه فور سماع نبرة صوت تلك المرأه....
"آآه...... انتي كنتي عايزه تقبليني ليه؟..."
نظرت لوزه الى الرجلين المنتبهين لحديثها...
"يعني دا موضوع شخصي ولازم يبقى على انفراد..."
نظرت لها وعد بشك ثم لاحت منها ايماءه وهي تصحبها معها لداخل الشركه...
نظر الرجلين لبعضهم بفضول وهم يرون هيئة لا تمد باي صلة لابنة رب عملهم ولا للشركه المرموقه التي تخطو بها...
دلفت وعد الى الشركه وهي تزفر بحنقٍ بعض النظرات من الموظفين لم تعجبها وهي ترافق في سيرها تلك المرأه التي اثارت فضول البعض عن صلتها بها...
وضعت وعد حقيبتها وجلست على مقعدها الوثير خلف مكتبها الفخم وهي تاخذ نفساً عميق واخرجته بسرعة وهي ترمق لوزه بتحفز وتعالي...
"انا سمعاكي.. قولي اللي عندك.."
رمقتها لوزه وتقدمت لتجلس على المقعد بوقاحة وهتفت بنبرة مغزيه...
"هشام...."
رفعت وعد احد حاجبيها ونفس نظرت التعالي تعلوها..
"ماله..."
تحدثت الاخرى بطريقه مأثره وهي تقول...
"تعبان اوي في سجن ياست وعد.. متبهدل ولا بياكل ولا بيشرب راح مننا خالص.. والمحامي اللي مقوماه
ليه بيقول ان القضيه مقفوله بضبه والمفتاح... يعني
هيروح في داهيه.... هيتحكم عليه ظلم... يرضيكي
بعد العشرى اللي مبينكم تشوفيه في الحاله دي وتسكتي..."
تركت وعد باصابعها بخفة على مكتبها العريق وهي ترمقها بصلف...
"والمطلوب... يا...لوزه..."
هتفت الاخرى بسرعه وتملق...
"تحنني قلب ابن عمك عليه... خليه يتنازل عن القضيه....... هشام مش وش بهدله..."
اجابتها بصوتٍ بارداً..
"اسفه... مش هقدر اساعدك.... جيتي لشخص الغلط..."
"إزاي بس انتي أكيد مش رضيكي حبسته دي..."
ردت عليها ببساطة يصحبها الجمود..
"مفيش رضى في الحالتين... اللي كان بيني وبين هشام ورقه وخلاص كل واحد فين راح لحاله.."
رفعت لوزه حاجبها باستعطاف زائف...
"انتي باين عليكي لسه بتحبيه...."
"وانتي...."
رفعت لوزه حاجبيها بتوتر وهي تقول بصوت مرتجف ...
"انا.... انا إيه...."
ابتسمت وعد هازئه وهي تقول بثقه...
"صوتك مش غريب عليه... حسى اني سمعته قبل كده..." ضيقت عينيها وهي تتابع بإزدراء...
"يمكن في اوضة نومي على سريري مثلاً !..."
بلعت لوزه ريقها بتردد...
"انا مش فاهمه جاجه... انتي قصدك إيه بس انا وهشام جيران وولاد حته واحده و انا جيت بس عشان إرجع الود اللي مبينكم...."
مسكت وعد مرآة صغيره ونظرت لوجهها من
خلالها قائلة بصلف...
"مفهوم... مفهوم..."
قالت لوزه بحيره...
"يعني إيه مش فاهمه..."
انزلت وعد المرآة ونظرت لها ببرود...
"يعني الزياره إنتهت..."
شعرت لوزه بالاهانة والحرج في تلك الجلسه المرموقه فنظرت لوعد وقالت باستفهام...
"يعني إيه؟... افهم من كلامك إنك راضيه ببهدلت جوزك..."
نظرت له وعد بغضب هائل وهب في ذهنها مشهد خيانته لها والتي لم تراها بعينيها فقط التقطت
اصواتهم باذنيها رهفاً.. ولم تنسى هذا الصوت الانثوي المميز والذي كان يشارك زوجها في الفراش بكلمات وضيعه مثلهم...صححت الكلمه بـ
"تقصدي طليقي!!... ااه راضيه ببهدلته ولو مختيش بعضك ومشيتي من سكات هتحصليه..."
نظرت لها لوزه بشر وهي تقول بنبرة حاقده...
"بلاش النفخه الكدابه دي... انتي مفكره ان هشام هيعديلك اللي عملتيه انتي وابن عمك لا يبقى متعرفيش بقه مين هو هشام عبدلله دا شراني ومش سهل ومش هيسيب حقه ولو فكره ان الهيلمان ده هيحميكي منه تبقي غلبانه أوي......" نظرت لها لوزه
وهي تقول بنبره محذره...
"اسمعي الكلام وتقي شره لحسان بكره تقولي
ياريت اللي جرا ما كان...."
هبت وعد واقفه بغضب وعلى صوتها قليلاً وهي تلوح بيدها...
"اطلعي برا......اطلعي بذوق لحسان اجيب بتوع الأمن يرموقي في الشارع اللي جايه منه..."
نهضت لوزه وهي ترمقها باستخفاف وندفعت الكلمات الناريه على شفتيها ...
"مسيرك تردي الزياره...وساعتها هقوم معاكي باحلى واجب...."رمقتها بشر وتوعد وهي تخرج من المكتب بل من الشركه باكملها...
ها قد ذاد خصم جديد في حياتها !...
نظرت امامها بشرود وقد تركت العنان لدموعها فقد تصنعت القوة وصمود والتعجرف في أضعاف حالتها....
____________________________________
سارت بغضب لخارج باب الشركة والاعين تلاحقها بفضول...
اصطدمت باحدهم فصاحت بغضب...
"إيه ده مش تحاسب..."رفعت عينيها على الواقف أمامها والذي رفع احد حاجبيه وهي يتذكر تلك الملامح جيداً ...
قد ذأب غضبها ومحى إياه وهي تبتسم كالمغيبه
وتهتف بدهشه...
"هو انتَ...."
نظر عمرو لهيئتها ومن ثم لمدخل الشركه خلفها...
"انتي بتعملي إيه هنا...."
تحدثت وكانها كالمسحوره امام سطوة تلك الوسامه والجاذبية الغير معهودها لعينيها...
"كُنت بزور ناس حبيبي...."
احتقن وجه عمرو وهو لديه خلفيه عن عملها والاخلاق المكتسبه منه!!...
"كُنتي عند مين بظبط..."
ابتسمت وهي تتمتع بصوته الخشن المتحكم
فقد ظنت انه يغار....ردت عليه بصوتٍ ناعم...
"ومهتم ليه.....يعني دي تاني مره اشوفك..."
احتلى وجه عمرو عدم الفهم وهو يهتف بسخط
وهو يمسك بذراعها بحنقٍ....
"تاني إيه واول إيه....انتي هتصحبيني يابت....
ماتنطقي كُنتي عند مين فوق عشان تاخديه في ايدك وانتي مشيه...ولا الشركه اتفتحت شقه مفروشه وانا مش واخد بالي.... "
فهمت المغزى من حديثه واهانته للاذعه عن كونها لا تناسب تلك الشركه وجودها هنا يثير الشبهات حولها وحول من اتت لأجله...
ابعدت ذراعها عنه وهي تقول ببرود...
"أيدك ياباشا....متخفش انا كُنت جايه ازور واحده ست مش راجل....وكمان انا شغلي بيبدأ بليل مش بنهار..."
نظرت له بوقاحه وكانها تدعوه للهو معها قليلاً
بترحيب ناري منها !...
هدر بصوتٍ غاضب مُصر...
"بليل ولا بنهار....مين الست اللي شغاله هنا وتعرف واحده زيك..."
مضغت العلكه متهكمه ثم قالت بمضض...
"تعرف واحده زيي.....طيب هجوبك عشان الحليوه ملوش يسأل ويستجوب حد تاني غير لوزه...."
اقتربت منه بدلال وهي تقول بنعومه....
"كنت عند صاحبت الهيلمان دا كله...وعد الاباصيري...
كده الحيلوه ارتاح ولا لسه..."نظرت له بمراوغه....
نظر لها بدهشه وهو يترجم حديثها وقبل ان يلقي السؤال المتوقع عليها كانت قد ابتعدت عنه..
رفع رأسه حيثُ دور مكتبها المنشود وهو يهتف بشك....
"وعد تعرف الأشكال دي منين..."
بعد دقيقتين كان يدلف الى مكتبها بوجه حجري لا يبث شيءٍ مما يعتريه يخفي بضراوة حيرته وفضوله بمعرفة المزيد عن علاقة وعد بتلك الفتاة
وعلى حسب ما تفعله ليلاً فهي فتاة لليل من اين لحبيبته بمعرفة تلك الأشكال...
تفقد المكتب ببنيتان متربصتان... وجد المكتب فارغ ولكن خرير ماءا ياتي من الحمام الملحق به...
اخرج نفساً ثقيل على صدره وهو يجلس بانتظرها على اريكة جلدية بنية اللون...
خرجت وعد باعين حمراء وكان بين يدها منديلاً تجفف به وجهها وهي شاجنة الملامح...
تألم قلبه لرؤتيها بهذا الوضع وكادَ ان ينهض بلهفه عليها ولكنه تصلب متمسك بشموخ كبريائه
فهو بات ينزلق في عشقها أكثر من السابق وانذار الخطر يدوي في أذنيه عله يتوقف عن تلك الأفعال
المخزي معها ....
رفعت رماديتيها فوجدته في مكتبها يجلس باريحيه على الاريكه وعيناه مسلطه عليها بهيمنه باتت تتاقلم
عليها منه...
"عمرو........انت هنا من بدري..."بفتور جلست بجواره على الاريكه وهي تسأله بعدم فهم...
"هو الاجتماع اتأجل ولا إيه..."
تحدث بدون مقدمات...
"البت اللي أسمها لوزه دي كانت بتعمل إيه هنا عندك..."
نظرت له بصدمه ممزوجه بالحيره...
"لوزه!!........انتَ تعرفها..."
زفر بنفاذ صبر وهو يكرر سؤاله بحزم..
"ردي على قد السؤال ياوعد...تعرفيها منين...."
ترجمة معرفة (عمرو) بتلك المرأه سريعاً من المؤكد انها عشيقه له هو أيضاً الم يكن هشام صديقه في سابق....
اعترتها الغيره وهي تندفع الكلمات بدون حسبان على لسانها...
"المفروض انا اللي اسألك تعرف الاشكال دي منين...
ااه أكيد قضيت معها ليله من اياهم..."
سائل بحيره اكبر...
"ليلة اي بظبط انا مش فاهم حاجه..."
اجابت باستخفاف وبملامح متجهمه...
"مش فاهم حاجه إزاي..... امال انتَ تعرف اسمها منين وقبلتها فين اول مره....."
فهم ما تعنيه فرد عليها هازئاً...
"قبلتها في جمعيه خيريه..."
نظرت له بحنق من استهانته بها....
"انتَ شايفني إيه قدامك....عيله صغيره.. "
رفع حاجبه بشك وهو يسالها بشك...
"عيلة إيه؟؟... انا مش فاهم أصلا انتي مضايقه اوي كدا ليه... وبعدين متقلبيش التربيزه عليه وقوليلي تعرفيها منين...."
"اللي عرفك عليها من الاول...هو اللي بعتها عندي النهارده...."
نهضت وهي توليه ظهرها تخفي تشنج جسدها من تخيل تلك المرأه في احضانه...
هل تألمت من خيانة هشام مثلما تتالم الآن؟..
تلك الألم لأجله شعورها اشد قسوة وكانه تذبح
بسكينٍ بارداً....
نهض عمرو خلفها وهو لم يفهم بعد معنى اجابتها الأخيره.... مد يده وإدارها إليه ثم سائل
بحيره...
"انا مش فاهم حاجه مين دا اللي بعتها..."
نظرت له بغضب فهو يتعمد رسم البراءه عليها...
"هيكون مين يعني...هشام..."
عقد حاجبيه وهو يرمق عينيها الحمراء اثار دموعها التي لم تبرد بعد...
"هشام!!....... هشام هو اللي باعت لوزه ؟....."
نظرت له بإزدراء وهي تراه يبدع في رسم عدم معرفته المسبقه بتلك المرأه عن طريق الوغد
الاخر....
"ااه... بعتها عشان تهددني اني لو مأثرتش عليك وخليتك تتنازل عن القضيه هشوف شره هو الست هانم بتاعته...."
ابتعدت عنه بمقت متجهه لمقعد مكتبها...
سمع اجابتها فعتلى وجهه الصلابه والحده وقد اندفعت نيران الغيرة في اوردته وهو يسألها بعصبية...
"وطبعاً انتي بتنزلي الكام دمعه دول قدامي عشان اتأثر وتنازل عن القضيه لحبيب القلب ..."
رفعت عينيها الدامعه بصدمه من هجومها الشرس عليها...
داهم الخوف امعائه بعنف وهو يتابع بقسوه....
"عايزه ترجعيله وحشك مش كده؟!...صعبان
عليكي بهدلته......"
نزلت دموعها وهي تراه كالثور الهائج امامها وظل يتابع بذات الضراوة المهاجمه...
"شايفاني ظالم قدامك مش كده....شايفه البيه بتاعك ميستحقش السجن والبهدله.....ااه ماهو بعيد عنك يحرام ووحشك ولسه بتحبيه ...معلش انا هتنازل عن القضيه وهجيب الماذون وردكم لبعض كمان...."
توسعت اعينها من عصبيته المتزايده كلما ذاد صمتها وصدمتها من حديثه....لم تتفوه بكلمه قد تصلب لسانها بمكانه امام هجومه وظلمه لها...
اتجه نحوها وضرب المكتب بقبضة يداه وهو يهاجم بكلماته اللاذعه بمنتهى العصبية...
"سكتي ليه....عايزه ترجعي على ذمته عايزاني اطلعه من السجن..."
لم ترد عليه بل اشاحت بوجهها وهي تخفي خوفها منه بقدر الإمكان لعلى ثورته تهدأ ويبتعد عنها ...
توسعت بنيتاه الناريه بعد تلك الحركه فصرخ
بعصبية اكبر...
"يعني إيه....عايزه ترجعيله...."
لم يجد اي حركه اخرى منها فقد اغمضت عينيها خوفاً من الثوره القادم بعد هذا القرب...
مد يده ومسك فكها بين كف يده بقوة وادارها إليه وهو يهسهس بنبره مخيفه جعلتها تفتح عينيها بصدمه...
"اقسم بالله لو ما رديتي عليه هدفنك ودفن نفسي جمبك.... عـــايــــزه تــــرجـــعــيــلــه......"
نظرت له بخوف وارتجفت اصولها من قسوة كلماته
لم يرأف بحالها بل ذاد اتكاه على فكها بين يده
وهو يحاصر عينيها بضراوة...
صاح بأمر غير مكترث لدموعها....
"ردي عليه عايزه ترجعيله.... انطقي بقولك..."
هزت رأسها ودموعها بدات تنساب وهي تصرخ بصوت يرتجف رعباً...
"لا...لا.. لا مش عايزه ارجعله...."
نظر لها ببنيتان قاتماً وهو يرى شهقات بكائها المكتوم تتعالى...
ترك فكها بحده وهو يرمقها بإزدراء قاسي... ثم تحدث بعملية بارده..
" الإجتماع كمان نص ساعه....انتي اللي هتدخليه مكاني...."
خرجت الكلمات بخوف عليه وعنوةً عنها وجدت نفسها تسأله...
"انتَ رايح فين ياعمرو..."
نظر له بعنف ولم يتفوه بحرف واحد يريح قلبها ولكنها قد قرأت الإجابة من عينيه !!...
_____________________________________
اوقف السيارة امام قسم الشرطه وترجل منها وهو يخفي عينيه القاسية بتلك النظارة السوداء...
لج لاحد مكاتب الرتبة الاعلى في هذا القسم..
"اهلاً عمرو بيه....ازي حضرتك...."سلم الضابط عليه بحراره بدله الاخر السلام وهو يقول بحبور زئفاً...
"ازيك ياوائل بيه.....عاش من شافك..."
ابتسم الضابط وهو يرد عليه...
"موجود اهوه...حمدال على سلامتك انتَ سمعت انك رجعت من فتره اي مرتحتش في فرنسا ولا ايه؟.."
وضع عمرو ساقه على الآخر وهو يجيب ببساطة..
"لا ازاى ارتحت واستقريت هناك كمان...."
مسك وائل سماعة الهاتف وهو يجري اتصال بساعي
"تحب تشرب إيه..."
رد عمرو باختصار...
"لو امكن..... قهوة ساده..."
أومأ الاخر وهو يولي الطلبين...
"اتنين قهوه سادة ياعم صابر..."
اغلق الهاتف وهو ينظر الى عمرو وشبك يداه ببعضهم امامه على سطح المكتب وهو يقول باستفهام...
"ها قولي بقه...اي سر الزياره دي...."
لاحت من عمرو إبتسامة خالية من اي ذرة مرح
وهو يقول بدون مقدمات...
"كُنت عايز أقبل واحد من اللي مرمين في الحجز عندكم..."
عقد وائل حاجبيه بدهشه...
"تقابل حد من المساجين...."أومأ له عمرو بجدية...
فُتح الباب ودلف الساعي وهو يحمل فنجانان من القهوة ثم قدمهم امام كلاً منهم بهدوء قبل ان يخرج بعدها مُغلق الباب خلفه...
نظر وائل لعمرو بحيره اكبر...
"مين دا اللي عايز تقبله...."
أجابه ببساطة
"هشام عبدلله..."
رفع وائل احد حاجبيه ولم يتفوه بحرف فقد اجفله عن السؤال جدية عمرو في الحديث وكان المسأله
لا تسمح بأي نقاش او إستفسارات آخره....
اتكا وائل على زرٍ يعلو سطح المكتب...دلف بعدها سريعاً العسكري الذي كان يقف بجوار الباب أدا التحيه العسكرية بحزم وهو ينظر الى الظابط مُنتظر الاومر...
"اومرك يافندم..."
تحدث وائل بخشونه...
"هاتلي يابني هشام عبدلله من الحجز..."
أومأ الرجل وهو يؤدي ذات التحيه بسرعه ويخرج منفذ اوامره...
نظر عمرو اللا شيء وهو يحاول كبح غضبه المتوهج امام القادم بعد رأيت هذا الوضيع امامه وجهاً لوجه....
بعد دقائق لج العسكري وفي يده هشام الذي حين دخل و راء عمرو جالساً أمامه أبتسم ببشاعة وشماته وكان الأدوار انقلبت وهو الحُر والأخر مسجون خلف القضبان !..
تنحنح وائل وهو ينهض عن كرسيه ثم نظر الى عمرو بجديه حازمه بعض الشيء ...
"قدامك عشر دقايق ياعمرو...انتَ عارف الزيارات هنا ممنوعه..."حاول تبرير الأمر لرفيقه فاومأ له الآخر بتفهم وعيناه لا تبرح وجه هذا البغيض الذي ينظر له هازئاً....
سمع هشام غلق الباب من خلف وبقت الغرفة فراغه من حولهم فاول من تحدث بستهزء كان هشام...
"معقول صعبت عليك فقولت تيجي تزورني....ولا استنى انتَ جاي تشمت فيه مش كده.... "
أبتسم عمرو ببرود وهو يجلس على المقعد بعجرفه وسجارته مشتعله ينفث مافيه وهو يرمقه بنفس النظره المتغطرسه.... أجابه عمرو ببرود وهو يطفئ سجارته في المنفضه....
"مش بظبط......انا جاي عشان حاجه تانيه خالص.."
عقد هشام حاجبيه بحيرة ثم سائل..
"حاجه تانيه زي إيه...."
ابعد عمرو عينيه عن المنفضه وهو يقول ببساطة تتناقض مع نيرانه المتأججه...
"وعد..."
ابتسم الآخر ببشاعه...
"طلقتي...ممم......مالها...اوعى تقولي اني وحشتها ونفسها ترجعلي..."
لو راء وجهه الان لفهم لما تزايدت ابتسامة هذا الحقير اكثر وبمنتهى الشماته وهو يرى تأثير كلماته عليه...
تمالك اعصابه وهو ينظر له بقسوة وتحدث ساخراً ...
"ترجعلك؟....وللهِ انتي صعبان عليه......يراجل دي ندمانه على معرفتك السوده.... دي مش طايقه تسمع سيرتك....قال ترجعلك قال ..."
ابتسم الآخر هازئاً...
"لا مصدقش!!....دا انا بنسبالها اول حب....اول حب مبيتنسيش ياصاحبي ... دا انا أول راجل لمسها وعرفت معاه المتعه اللي بجد...."نظر بحقاره غير منتهيه نحو عمرو..
كان هذا أكثر من المحتمل ان تقسو تلك الكلمات على قلبه.. ان تبعده اكثر عنها.. ان تشتد وتتزايد ضراوة العشق بينهم.....
نهض وخطى عدة خطوات... واقفاً أمامه بعدها ووجهه لا يبشر بالخير ولكنه تمالك نفسه وهو
يقول بخشونه...
" بقولك إيه وفر على نفسك وعليه كلام ملوش ستين لازمه..... ابعد عن وعد ولِم الاوساخ بتوعك
جمبك عشان ميقعدوش نفس قعدتك.... "
رفع هشام حاجبه بدهشه حقيقيه...
"انتَ بتكلم على مين..."
"لوزه!!... البت اللي بعتها تهدد بنت عمي لو انا متنزلتش عن القضيه...." صمت عمرو وهو يكمل بشر ضاري...
"بس نجوم السما اقربلك من انك تخرج من قضية
دا انا عملتهالك على مقاسك بظبط...." مد يده
وعدل مقدمة قميص هشام وهو يقول ببرود..
"بس اي رأيك لبساك لبساك....مهم عملت مش
هتخرج منها غير بعد متنفذ حكمها..."
احتدت ملامح هشام وهو يقول بغضب..
"مش هيحصل....انا مش هروح في رجلين انا..."
بتر عمرو جملته هازئاً باستفزاز..
"انتَ روحت خلاص....والحكم هيتنطق قريب مسافة بس متروح المحكمه...ومتقلقش انا هعجل بروحتك للمحكمه عشان مكنش حرمك من حاجه..."
اصبحت اعين هشام اقرب بالحيوان الشرس وهو يقول بغل...
"انتَ مفكر اني هسكت... لا.... اقسم بالله ما هتتهنا عليها... اوعى تكون مفكر ان خلاص عشان طلقتها
هتنساني.... وعد بتحبني ياما قالتلي وهي نايمه في حضني انها عمرها ماهتشوف راجل غيري وان مهم حصل بينا عمرها ما هتتخلى عني..."
احتدت ملامح عمرو وهو يسمع تلك الكلمات وعنوة عنه وجد نفسه يلكمه بقوة في فكه كي يتوقف عن هذا الحديث الاشبه بنيران تداهم بضراوة كل خلايه حساسه لديه... قلبه.. كبريائه... كرامته...
والرجولته المطعونه...
حين طاح هشام على الارض صاح بغل وافتراء ...
"انتَ مفكر انها هتنساني وتحبك.... كانت حبتك زمان... ولا نسيت انها فضلتني عليك.. وكانت بتجيلي
شقتي وهي لبسه دبلتك... لا استنى دي كانت بتقلعها قبل ماتدخل شقتي اصلها عارفه اني بغير عليها وزعلي وحش...كانت بتخاف اوي على زعلي.... وعمرها مابطلت تخونك معايا.... "
تلك المره ركله عمرو بقدميه بوجهه فانسابت الدماء من انفه وفمه.... ثم وجد عمرو يمد يده ويمسك بمؤخرة عنق قميصه وهو يقول بحدة...
"اقسم بالله كلمه زياده وهدفنك مكانك ومش هتسجن فيك ساعه واحده...." نظر له بشراسه اكبر وهو يقول...
"هي كلمه واحده.. ابعد عن وعد وحكم عقلك... ياما وعز وجلالة الله هخلص انا عليك بنفسي... والف واحد من اللي معاك في الحجز يتمنى مصلحة تساوي ملايين..."
بلع هشام ريقه بتوتر وهو يرى صلابة كلماته وتوعد عينيه ان اجفل عن حديثه واقترب منها مره أخرى..
يعلم ان عمرو يعترف ببساطة عن نهايته المحتومه
على يد احد مجرمين تلك الغرفة المظلمه بشعة الرائحة... هو محق في اختيار الأداة المناسبه
فبعض الأموال المراوغه للمحجوزين معه ستنقلب بعدها المعارك بينهم على من له شرف قتله
والحصول على الجائزه الكبرى !....
نظر لعمرو بخوف فابتسم الاخر هازئاً فقد قرأ ما يدور بعقله بمنتهى السهولة...
"شكلك بدأت تفهم...."
أومأ له هشام على مضض وعيناه كانتى بركتين من الحقد والكره المستديم نحوه !...
______________________________________
زفرت باختناق وهي تقف في شرفة غرفتها وعيناها
لا تفارق بوابة القصر الكبيرة قد تخطت الساعة الحادية عشر وهو لم يصل للبيت بعد !..حتى الشركه لم يعود لها منذ ذهابه صباحاً...
متاكده هي انه ذهب لزيارة هشام...لكن ماذا حدث بينهم ماذا قال له ولما لم يعود حتى الآن...
غامت رمادية عينيها بشرود شاجن.. الى متى ستظل الحياة قاسيه معها ترطم إياها بمنتهى القوة في وجهةٍ جافة باردة يصعب التعايش بها !..يفترض عليها السير خلف خطوات القدر ترى هذا الشيء الطبيعي! لكن جميع من حولها يرى انها هي من تحكمت بالقدر وقادته لرغباتها في الماضي... ايعقل؟...
ليس مُبرر ياوعد !..
كان ضميرها يهتف تلك المره..
هزت رأسها وهي تزفر بحرقه كلما فكرت بـ(عمرو) ترى الماضي بتفصيل عديدة يحتل الذكريات لمحة من الندم ان كانت زوجته الان لربما كانت تحولت حياتها للافضل...
ان كانت زوجته؟؟...
ترى كيف وصل التفكير به الى حد الندم على ما اقترفته في الماضي !!..
شعرو قاسياً مؤلم ان تتذوق الندم لمجرد إنك تركت شخصاً بإردتك في السابق...تراها خساره كبيره مهم انكرت ذلك بين نفسها لا تزال ترى انها خسرت مكانه
ستفوز بها غيرها ستنعم بقربه واحضانه
وقبلاته !..
وصل عقلها الى مُنعطف آخر من المشاعر العنيفة اخذت نفساً عميقاً وهي تتذكر تلك اللحظه بجميع
تفصيلها من عنف قبلاته التي كانت كحبل مستقيم
يتركها لثانيه لياخذ انفاسه وكذلك هي ثم ينغمس اكثر معها...يداه كانت حانيه ولكنها متملكه بهيمنه
قد تاقلمت عليها من نظرة عينيه لها...
تتذكر سخونة جسدها بين يديه حتى حرارة جسده كانت مماثله ولكنه كان يعبر عن رغبته بما يفعله معها ام هي فكانت لا تعرف كيف تعبر وكيف تجرأ؟ ولمَ تجمدت أمامه وظلت العواصف تطوف حولها وكانها مغيبه عن العالم برغم من رهفة احساسها بكل ماحدث معها...
يومها لم تمانع ولم تبدي اي رفضٍ كي تحسن صورتها أمامه......البارحة في نفس الاوقات كان يعتذر لها عن ما حدث عبر الهاتف.. ولكنها لجمت كالعادة ولم تقدر ان تتفوه بحرف مما حدث..يبدو ان الشعور بالخزي والخجل من نفسها كان اقوى من ان ترد عليه وتعنف إياه فهي احق بتعنيف نفسها اليس كذلك ؟...
تاففت للمره الأخيره وهي تنوي التوقف عن التفكير في هذا الشيء... فهي ان ببررت لنفسها فلم تقدر مسامحة إياه... كلاهما قد ارتكبوا خطاءٍ أصعب من ان تنساه منه باعتذار عابر ومن الناحية الاخرى تبرر لنفسها تساهلها معه !..
نظرت أمامها بلا أهداف فوجدته يسير نحو باب القصر بوجه حجري عينيه للامام تنظر بقساوة وكانه يشرد في مسألة غير مستحبه بنسبه له انتظرت أكثر
لعله يرفع عينيه وتقرأ اي شيء يخمد نيران قلقها عليه !! الا أنه لم يرفع عينيه بل دخل للقصر تارك اياها تزفر باختناق.....
دلفت للداخل وهي متشنجة الملامح...
"يترى ماله....اكيد راحله...حسى انه راحله...هيكون فين يعني دا كله......يترى هشام قاله إيه...وهو راحله ليه اصلاً...."
زفرت بحنقٍ وهي لا تعرف كيف تريح عقلها عن التفكير فيما حدث معه لماذا تهتم لأمره؟!
لان الوضع يخصها هي ايضاً... لما لا تذهب إليه وتساله عن ما حدث..
ماذا سيقول حين يراها امامه في هذا الوقت..
وحتماً مقابلته ستكون في غرفة نومه لا محال ...
لكن الأمر يتعلق بها وهو الدخيل في كل شيء
لا هي....
برمت شفتيها وهي ترتدي مئزرها الحرير الطويل فوق ثياب نومها التي كانت عباره عن هوت شورت حريري وستره علوية مماثله له ذو حمالات رفيعه
كل شيء اختفى بعد ان ارتدت المئزر الملائم لهم
وبدات باحكامه جيداً حوله خصرها ضمت شعرها
على جانب واحد بعفوية وهي تخرج متوجهه لغرفته
وهناك بعد التردد في رأيته الآن والقدوم له..
عقلها يصرخ ألا تذهب فماذا سيخمم اذا رآها في هذا الوقت..
لكنها هتفت داخلها بتبرير انها دقائق فقط تفهم بهم ماذا حدث مع هشام ان كان حقاً ذهب له مثلما يخبرها قلبها....
وقفت امام غرفته بتردد اكبر وهي تطرق الباب عليه بخفوت...
بلعت ريقها وهي تنتظر فتح الباب وفعلاً قد فتح الباب وعلى مايبدو انه كان يبدل ملابسه فقد تخلص من سترة الحلة الرسميه وفتح بعض أزرار القميص
فظهر صدره العريض ذو اللامعة البراقه فقط بعض الشعيرات الصغيره تزيد جاذبية شكله..رفعت عينيها على عنقه فداهمها بروز عنقه الذي كلما تحرك امام عينيها بعشوئية آثار بداخلها مشاعر اخرى تخجل من تفسير معناها...
ها قد اتت رماديتاها على بُنيتان ثاقبتان تنظران
لها بقسوة لم تكن الهيمنه المتاقلمه عليها منه
بل كانت قسوة و......وكانه يتألم ويستغيث لكن ملامحه الجامده أمامها تأبى الاعتراف بتلك الاغاثة المتوهجه بعينيه...
أخيراً تكلم بعد فتره من الصمت رامقاً إياها بنظرته المخيفه في جمودها كسفاح شرس لكن هادئ الملامح....
"كُنتي عايزه حاجه..."
كان صوته جاف جعلها تتردد قبل ان تقول...
"كُنت جايه اطمن عليك..."
رفع حاجبه بدهشه زائفه بينما اطبقت شفتيه في خطٍ مستقيم حاد....
"تطمني عليه....ليه شايفني لسه بحبي..."
اسلبت عينيها بحرج وقبضت على مئزرها الناعم بارتعاد أكبر..ثم تحدثت بتردد...
"يعني كُنت عايزه اعرف عملت إيه مع....مع هشام..."
نظر له بحدة ان كانت النظرات تقتل...لتلقت مقتلها بعد تلك النظره المخيفه...
لو تعلم انه على وشك الانفجار من اقل كلمه تقال له
وانه تعمد دخول القصر ليلاً حتى يختلي بنفسه
بعيداً عن اي إنسان خُلق به لسانٍ !...
لو تفهم ان ذروة غضبه ستنفجر من تحيه تلقى عليه
لا سؤالاً اهوج كهذا يخرج على لسانها هي وبمنتهى السهولة ، وامامه وجهاً لوجه في هذا الوقت
العصيب ماذا عليه ان يفعل الآن لكبح غضبه
عنها ..
هتف بصوتٍ هادئ يحمل بين طياته نبره فولاذيه...
"جايه تطمني عليه يعني !....تمام ادخلي عشان نتكلم جوا.... "
ترددت بدخول خصوصاً بعد التشكيك للمره الألف في قرار الإبتعاد عن هشام ونسيانه للأبد لمَ لا يصدق ان الامر اصبح ماضي قاتم... واشبه بوسمة عار في حياتها.... وقد إنتهى كل شيء بنسبه لها !!..... وان كل ما يهمها الآن ابتعاد الأذى عنها و..............وعنه !...
....يتبع