رواية لحظة ضعف الفصل السابع 7
الفصل السابع
صباح يوم الأحد ، قاد بيتر السيارة حول شبه الجزيرة وتوجهوا شمالاً إلى( جيلونغ) حيث توقفوا لتناول الطعام وبدل العودة الى "ملون" على الطريق الرئيسية، اتخذ طريقاً حول شبه الجزيرة ليصل إلى المدينة.
وصلوا في وقت متأخر من بعد الظهر الى المنزل، وبعد تناول وجبة طعام سريعة ، دخل بيتر مكتبه، ليقوم ببعض الأعمال المكتبية.
ونظر نيكولا إلى سارة ، وهز كتفيه بلا مبالاة وقال:
- هل ترغبين في مشاهدة التلفزيون؟ ام تفضلين لعب الورق؟.
ونظرت اليه بابتسامة دافئة :
-حسناً ..أنا لست بمستواك في لعب الورق، فماذا تقترح أن تشاهد في التلفزيون؟.
- مساء الأحد عادة، لاتوجد برامج جميلة، مارأيك أن نستمع لبعض الموسيقى؟
- فكرة عظيمة.
- أتمنى أن تكوني تعرفين الرقصات الحديثة.
- هذا يتوقف على ماتعنى بالحديثة.
فأمسك بيدها وجذبها عن الكرسي :
- تعالي..هيا بنا!
وأمضيا ساعة مرهقة يتمريان على خطوات الرقص، ثم جلسا على الأرض يستمعان إلى تسجيلات يفضلها نيكولا.
لأول مرة منذ زمن بعيد شعرت سارة بالاسترخاء الكامل، وحتى السعادة ، وحدقت بالشاب الذي سيجعل الحياة بالنسبة لها في الاسبوعين القادمين محتملة، ربما سيرافقها إلى السينما، وإذا لم تمطر سيذهبان إلى الجبال لتزلج، وانفتحت امامها إمكانيات واسعة، ومع أنها كانت متحمسة إلا أنها قدرت أن تكون حذرة، فقد يكون عنده مشاريع أخرى، ومن دون شك سيتأكد بيتر بأن ابنه سيتسلى جيداً أثناء العطلة، كما أن السيدة لاندرسون قد تصر على أن تستضيف نيكولا لبعض الوقت ، ولاحت لها فكرة ، فسألته:
- هل يسمح لك والدك بأن تأتي ببعض اصدقائك إلى هنا؟
- شرط أن أحصل على اذن مسبق منه ..لماذا؟
- وهل عيد ميلادك قريب؟
- في الأسبوع القادم، اتقترحين إقامة حفل لي؟
- وماذا تفعل عادة في هذه المناسبة؟
- تقام لي حفلة عشاء رسمية في منزل جدتي، حيث يجتمع الأقرباء.
- وهل تكون الحفلة تقليدية؟
- وكيف حزرتي؟ جدتي متمسكة بالعائلة، ووالدي يستجيب لرغباتها عادة.
- إذاً ، لن تلمح إلى شيء، على كل ، لست أرى سبباً لأن لا تحصل على الاثنين معاً، سهرة عائلية رسمية في اليوم المحدد لعيد ميلادك ، وربما حفلة للمراهقين في الأسبوع التالي، أو مساء السبت.
- دون مراقبة؟.
- ماعدا والدك أو أنا، أو ربما السائق وصوفي.
- سأحضر لائحة بالمدعوين غداً!
- مهلاً..أولاً سنتأكد من الأمر مع والدك، وإذا وافق نحضر اللائحة.
- والآن؟
- الآن ..أنا ذاهبة للنوم، وسأراك في الصباح..تصبح على خير.
ظهر اليوم التالي، أوصل السائق نيكولا لزيارة جدته وهذه عادة سنوية، وتواعد أن يذهبا معاً إلى السنما بعد ظهر اليوم التالي، عند العشاء طرح موضوع الحفلة، وسأل بيتر ابنه وحاجبيه مرفوعان بحيرة:
- مانوع الحفلة التي في ذهنك؟
- بضع أصدقاء ، اثنا عشر، وربما أربعة عشر، هذا كل شيء!
- آه ..فهمت ، وهل ترغب في دعوة الفتيات..هه؟ ولماذا لا؟ لست كبيراً في السن لدرجة أن أنسى عندما كنت في السادسة عشر، ومتى تقترح أن تقام الحفلة؟.
- نحن عادة نذهب عند جدتي للعشاء، وهذا سيكون يوم الخميس، مارأيك بمساء السبت؟
- اجعل مدعوين عشرين، وأبلغ صوفي لتحضر الطعام المطلوب سيكون عدلاً أن نضع حدوداً لهذه الحفلة، مارأيك حتى الواحدة و النصف؟
- هذا عظيم!
- غداً سنكون ضيوفاً عند بولا لاندريس، وأنت يانيكولا ستأتي معنا.
وشعرت سارة بقلبها يخفق لهذا الخبر، تخوفاً مما تخئبه لها هذه الأمسية، ولكن من المؤكد أن بولا لم تقم بهذه الدعوة إلا بدافع العداء لها!.
وبينما وقفت ترتدي ثيابها ، في الأمسية التالية، وقف بيتر أمام المرآة يربط ربطة عنقه، والتفتت عيناه بعينيها و هي تضع اللمسات الخيرة من مكياجها.
- هل أنت متوترة الأعصاب؟
صوته كان ساخراً قليلاً، وركزت متمعدة على وضع الأحمر على شفاهها.
- من بولا؟ وهل يجب أن أكون؟
- أنا لست أعمى.
- وماذا تعني بهذه الملاحظة؟
- أنت مصممة على النظر إلى بولا كعدوة، هل تنكرين؟
- أنت محق! أشك في أنها ستصبح يوماً صديقة لي، ولكنك لا تستطيع توقع الصداقة بين زوجتك وواحدة من عشيقاتك السابقات؟
- هل يمكن أن تكوني غيورة؟
- بحق السماء..لا.. أهلاً بها اليك، فبعد الطلاق، سأعطيها بركتي، وقد أمد لها السجاد الأحمر بنفسي!
التفكير بامرأة أخرى ، أية امرأة تشاركه حياته كان كافياً لجعل قلبها يخفق بألم، وكي تخفي مشاعرها ، التقطت حقيبتها ، واستدارت لتواجهه بابتسامة مشرقة :
- هل أنت مستعد؟
ودون كلمة قطعت الغرفة نحو الباب، وعبرت الممر إلى السلم، ثم نزلت مسرعة وهي تعلم أن بيتر يتبعها.
بعد دقائق من وصولهما ، ثم تقديم سارة للمدعوين الأربعة الآخرين ، السيد و السيدة اندراوس وابنتهما المراهقة هليغا، ورجل آخر اسمه ستيفان كابيتوس.
وجلس الجميع إلى المائدة، وجلست سارة بين بيتر ونيكولا إلى يمين بيتر ، ووجدت سارة الأطباق غريبة عنها، فأخذت القليل حتى لا تظهر عدم تقبلها الطعام غريبة عنها.
وسألتها بولا بأدب:
- هل تجدين الطعام على ذوقك؟
وتمتمت سارة برد مناسب فتابعت بولا:
- هل تحبين الطعام البحري؟
- أجل..
- إذاً يجب أن تذوقي هذا.
ووضعت بولا ملء ملعقة كبيرة من الدوائر البنية المقلية في صحن سارة.
- إنها من الحبار و الأخطبوط المقلي.
وانتظرت ، بنوع من الانتصار الخفي ، أن تظهر سارة قرفها ، ولكن سارة ابتسمت بينما هي في الحقيقة تصر على أسنانها ( طبعاً ..إنها لذيذة )
وقال بيتر بهدوء :
- كلاهما له طعم لذيذ.
فابتسمت سارة بعذوبة:
- حبيبي، هناك بعض الأوستراليين يعتبرون الأفاعي طعاماً لذيذاً ، ذكريني أن أقدم شئياً منها على العشاء يابولا عندما تأتين لزيارتنا.
- أليس هذا الصحن المفضل لسكان البلاد الأصليين؟
- إنهم يحبون ايضاً البزاق!
وأظهرت بولا رعشة القرف:
- كم هذا مقرف!
وأجابت سارة بجدية :
- ليس في الحقيقة مقرف، ولكن الأمر يتعلق بما أنت معتادة عليه.
أخذت . قطعة خبز مقلية بطريقة من يجرب تجربة سعيدة، وعضت عليها..
- هم م.. ليست سئية حقاً.
وجاء دور الاخطبوط فذاقته بنفس الطريقة وعلقت بنفس الشيء، ومع أن الأطباق كانت لذيذة ، إلا أنها لم تستسغها كثيراً، ولكنها كانت مصممة على أن لا تعطي بولا فرصة الشماتة والتهمت كل ماكان في صحنها، وجاءت الحلوى لذيذة حقاً،، ثم تبعتها قهوة يونانية قوية.
في الصالون، لم يفارق بيتر سارة، وبسبب قربه منها لم تستطع بولا ان تضايقها أبداً، ولكن المعركة الموعودة كانت تلتمع في عيني بولا، وعلمت سارة أنها مسألة وقت قبل أن تبرز بولا أسلحتها.
واستمتع نيكولا بوقته مع الفتاة هليغا، وبدا في الواقع أن الاثنين قد انشدا الى بعضهما ، ومضت الأمسية بنجاح ، ولولا وجود بولا لاستمتعت سارة بالسهرة إلى آخر درجة.
في السيارة الفخمة جلست سارة و ألقت رأسها على المقعد وسألها بيتر :
- أنت متعبة؟
وأدارت رأسها قليلاً وأجابت:
- في الحقيقة لا!
وسألها نيكولا وهو يضحك :
- هل ذقت الحبار و الأخطبوط من قبل؟
فضحكت وقالت :
- لا .
سألها ثانية:
- وهل أحببتها؟
- لقد كانت مريعة تماماً.
وغمزت بأنفها ضاحكة، وانفجر بيتر بالضحك فقالت:
- أنا واثقة أنها اختارت هذه الأطباق متعمدة.
وقال بيتر :
- على أمل ان تكون ردة فعلك معادية، أعتقد بأنك تخططين لانتقام مماثل؟
- لا.. فهذا ليس من طبعي..ولكنني أود أن أدعو ترايسي للعشاء خلال هذا الأسبوع ..هل يناسبك غداً؟
- كما تشائين.
وقبلت ترايسي الدعوة بحبور، ووصلت رأساً من عملها في الامسية الثانية، واستقبلتها سارة بشوق، فاحتجت ترايسي:
- هاي..لقد شاهدنا بعضنا في الأسبوع الماشي فقط..أتذكرين؟
- يبدو لي أن الوقت أطول من هذا ، على كل أنت عائلتي الوحيدة.
- ولكن عندك الآن بيتر ونيكولا..ما الأمر ياسارة؟ هل تشاجرت مع بيتر، أم حدث شيء ما؟
شجار! مايحصل بينها وبين بيتر ماهو إلا حرب شاملة!
- لا، بالطبع لا.. لقد اشتقت إليك، هذا كل شيء.
- حسناً..ها أنا هنا الآن.
- أجل..وأنا سعيدة، يجب أن نرى بعضنا أكثر، تعالي لنشرب القهوة ، بيتر لن يحضر قبل ساعة، ونيكولا يظهر دبلوماسية بتركنا مع بعض لفترة قبل أن يظهر.
- يبدو أنه ولد لطيف..هل لي بشراب قوي بدل القهوة؟
- ومنذ متى تشربين؟
- أوه..هيا.. أنا فتاة ناضجة الآن، لا تظهري بمظهر الأم لأجل السماء!
وأخذت الكأس من يد أختها وتحركت نحو الأريكة وغرقت فيها:
- أنا سعيدة لأنك دعوتني اليوم، هناك شيء أود قوله لك، وأعتقد أن الوقت مناسب الآن.
- لديّ عرض في سيدني، الراتب جيد، ، وقد قبلته، أعلم كل ماستقولينه..أنا صغيرة، وقد لا تكون الوظيفة كما أتوقعها، وماذا سيحدث إذا لم تعجبني؟ ، أريد أن أسافر ياسارة، ليس فقط داخل اوستراليا، ولكن إلى الخارج، واريد أن أبدأ الآن! هذه الوظيفة في سيدني ممتازة ، حقاً ، ولقد رتبت إقامتي، عمة صديقتي بام التي تملك شققاً في إحدى ضواحي سيدني، وستعطينا شقة بإيجار بسيط.
- فهمت..ومتى ستسافرين ؟
- ألا تمانعين؟
- وهل يهم إذا مانعت؟
- أوه ياسارة ، أنا لست مثلك، حسناً أعلم انك مسؤولة عني، ولم تستطيعي أن تفعلي ماتريدينه، ولكنني أستطيع ان أفعل، وسأذهب إلى سيدني.
- حسناً ..أظن أن عليّ أن أتمنى لك التوفيق، متى ستغادرين؟
- سأنهي عملي عند نهاية الأسبوع، وسنطير يوم السبت.
- أي بعد أيام، اعتقدت أنك تعنين بعد أشهر !
- هناك شيء أود طلبه منك، بيتر لديه عدة سيارات، وهذا يعني أنك لست بحاجة لسيارتك، هل أستطيع أن أخذها؟
- لا أرى سبباً لأن تأخذيها، لقد أشتريتها بأموالي الخاصة، إضافة إلى أنك لم تحصلي على ترخيص بعد.
- سأحصل على الترخيص قريباً.
- سأبحث الأمر مع بيتر وأعلمك بالنتيجة.
- وماذا ستبحثين معي؟
واستدارت . بسرعة لتواجه بيتر:
- بيتر.. لقد عدت باكراً!
- أجل ..ترايسي، كيف حالك؟
- بخير.. شكراً.
- والآن..ماذا تريدين أن تبحثي معي؟
- ترايسي ستنتقل للعيش في سيدني.
- آه..أظن أنك دبرت وظيفة هناك؟
- بالطبع..سأسافر في نهاية السبوع، وكنت أقول لسارة إنه سيساعدني كثيراً ان اخذ سيارتها.
- وهل وافقت سارة؟
- أرادت ان تبحث الامر معك.
- آخر مرة قدت سيارة لم تكن حدثاً سعيداً، أليس كذلك؟
- لم أكن قد قدت من قبل سيارة "فيراري" ولم أكن أعرف مدى قوتها.
- وهل حصلت على رخصة قيادة؟
- سأذهب للامتحان يوم الجمعة.
- إذاً ستعطيك سارة القرار يومها..آه..صوفي ..هل العشاء جاهز؟
لم تكن الأمسية ناجحة، ولم تستطيع أن تلوم لابيتر ولا نيكولا للأمر، وشعرت الراحة عندما أعلنت ترايسي أن عليها أن تذهب ، فقال بيتر:
- سيوصلك اليكس.
وفي خلال دقائق كانت السيارة متوقفة أمام الباب، وتمتمت سارة بهدوء وهي تحتضن أختها:
- سأتصل بك غداً.
وهزت ترايسي رأسها ثم تمنت لهما ليلة طيبة وصعدت إلى المقعد الخلفي للسيارة.
وقال بيتروهما يعودان إلى الصالون:
- لقد وجدت الأمسية متوترة ،هه؟
فتنهدت وقالت:
- ترايسي مصدر دائم للمفاجأت.
- شقيقتك فتاة مدللة كثيراً وقد افسدها التدليل.
- أفسدها التدليل؟إنها بالكاد تتذكر والديها..
- ولكن كان عندها أنت.. وبحكمتك، سعيت للتعويض عن كل ماكان ينقصها، وهكذا اخذت تطلب شيئاً بعد الآخر.
- لقد حاولت أن أؤمن لها الحياة الطبيعية قدر استطاعتي.
- وهذا هو التدليل...
- وهل كان بإمكانك أن تفعل أفضل؟
- أوه..نعم ، لكنت ضربتها بقسوة، وعدة مرات.
- استعمال القوة ليس دائماً الجواب.
- هل سمعت بالقول " حضر العصا ودلل الطفل"؟
- أوه توقف عن ادعائك بالصلاح! أنا ذاهبة للنوم، تصبح على خير.
- ستتمكن ترايسي من أن تعيش، فلا حاجة بك للقلق عليها.
- ربما سأجد القوة الكافية لأفعل شئياً مهماً جداً لي..
- وهل ستهربين؟ لن أنصحك بهذا.
- ولماذا؟ وماذا ستفعل؟
- سألحق بك.
- أنت شرير.
- وأنت تكرهيني.. ولكن ليس كثيراً ..هه؟
وتقدم منها وأمسك بها..ياإلهي .. ماعليه سوى أن يلمسها حتى تضيع! ولم تستطع مقاومته وهو يحضنها، وتساءلت كيف تستطيع أن تكرهه بقوة في دقيقة، ثم تذوب بين ذراعيه في الدقيقة التالية؟
بما أنها لم تكن تشعر برغبة للنوم، وبيتر في مكتبه، ونيكولا يزور أصدقاء له، قررت أن تجلس وتشاهد التلفزيون ، وانتهى البرنامج عند العاشرة، وأقفلت الجهاز وخرجت من الصالون باتجاه الدرج، وفتح الباب وخرج بيتر منه
- ماذا تفعلين هنا؟
- كنت ذاهبة إلى النوم.
- ونيكولا؟ هل عاد إلى البيت؟
- لا، إنه سيبقى في الخارج، وسيعود غداً بعد الظهر.
- وأين صوفي.. ؟
- أعتقد أنها نامت.. الساعة جاوزت العاشرة.
- لم يعد عندي اقراص اسبيرين ، هل عندك منها؟
- وهل رأسك يؤلمك؟ لدي أقراص قد تنفعك، هل أحضرها لك؟
- أرجوك.
وعاد الى المكتبة وأغلق الباب، وعندما أحضرت له الأقراص سألها:
- وماهي هذه الأقراص؟
- لن تؤذيك، اؤكد لك، هل الألم شديد؟ وهل يحصل هذا لك دائماً؟
- ولماذا تكثرين السؤال.
- رأسك يؤلمك، هل تريد أن أدلّك لك رقبتك ورأسك؟
- إذا كنت تظنين أن هذا مفيد ، فأنا مستعد.
- اجلس يابيتر حتى أقف وراءك.
- وهل قمت بهذا من قبل؟
- تدليك الرأس؟
- بل ممارسة خبرتك على رجل.
- وماذا يهمك لو كنت فعلت؟
ووضعت . أصابعها على العضلات السميكة تحت رقبته، وعملت إلى إزالة التوتر هناك، متحركة بالتدريج إلى الأعلى نحو جلدة رأسه ، ثم عادت ثانية الى كتفيه، وتمتم بيتربرضى:
- جيد جيد.. لقد بدأ الألم يخف!
- إن جلست بهدوء ، سيتلاشى الألم حالاً و بالكامل.
- هل تستطعين أن تعيدي التدليك؟
- هذا ليس ضرورياً.
- لا يهمني هذا.. اللعنة ياسارة ، أنا لست واحداً من مرضاك!
- لو كنت واحداً منهم، لطلبت منك أن تظل مؤدباً معي.
وأحست بالتوتر عندما ضحك وقال:
- ربما الفضل أن لا أكون، أتصور انك صارمة بتقاضي اتعابك، هه؟
- بعض هؤلاء ليس لديهم قدرات، ولديهم عضلات مريضة لن تكتسب ابداً أية قوة لدعم أطرافهم، مهما تلقوا من تشجيع، ومع ذلك فلا يتساءلون عن قدرهم، أو يبكون ، حركة واحدة من ذراع أو ساق تأخذ منا جهداً لساعات، أتعرف معنى شعورك عندما تطلب أن يقوم طفل يعمل قد يسبب له الألم؟ ومع ذلك تطلب منه الابتسام، ويفعل هذا بكل بساطة لأنك تقول له إن هذا سيجعله أفضل؟
وامتلأت عيناها بالدموع، ومسحتها بيدها بغضب ، فقال بيتر:
- توقفي عن هذا!
وأمسك بيديها وجذبها إلى ركبتيه، وضم رأسها إلى صدره، وشعرت سارة بعدم الرغبة في الحراك، وجلست حيث هي بصمت، وأغمضت عينيها وهي تتمتع بالراحة التي توفرها لها ذراعي بيتر.
- هل اشتقت إلى المستشفى لهذا الحد؟
- لقد تمتعت بعملي، لم يكن كل الأطفال في حالة يائسة ، معظم الحالات كانت عادية، مجرد تمرينات بعد إجراء الجراحة، أو لإعادة حركة العضلات بعد نزع الأربطة.
- ولكنك لم تتمكني من تحقيق شفاء كامل ولذلك لم تستطيعي إرضاء مشاعرك.
وأفلتت من بين ذراعيه وقالت:
- لا..سأذهب إلى النوم ..هل أنت قادم؟
- وهل هذه دعوم منك؟
واحمر وجهها خجلاً، ولم تستطيع النظر في عينيه.
- لقد عنيت...
- أعرف ماذا عنيت..اذهبي إلى النوم ياسارة ..سألحق بك بعد قليل!.