رواية رهف وعاصي الفصل السادس 6 بقلم رغده
البارت السادس
وضعت حقيبتها بسيارة الأجرة وانطلقت بها وهي تفكر اين ستذهب وماذا ستفعل ولكنها نفضت هذه الأفكار من رأسها فكل همها ان تبتعد رغم أن قلبها ينهرها فهي لم تبتعد عن والدتها قط فتحدثت للسائق : لو سمحت ممكن توديني لأقرب فندق
هز رأسه واكمل قيادة السيارة
كان يجلس في الكافيتريا الخاصة بالمشفى فقالت وهي تبكي: يعني ايه سابت البيت ، وانت ازاي توافق ، هي دي الامانه ، بنتي فين يا عاصي ، قالت كلامها بانهيار ليقول بهدوء يغلفه الثقة : اطمني هي بخير وعيني عليها
بعد أن طمأن والدتها خرج وكله اصرار ان يعاقب كل شخص متواطئ في الجريمه التي طالت محبوبته
بعد عدة ساعات كان يدلف إلى أحد البيوت المنعزله قليلا عن البلد وكان بانتظاره بضعة رجال ضخام الحجم فتوجه له احدهم وقال : باشا كل حاجة زي ما طلبت
اوما بابتسامه وقال: هي فين؟.
قال الحارس: في الأوضة دي ، وأشار إلى أحد الغرف
تقدم عاصي بخطى واثقة وملامح حادة وفتح الباب بشكل مفزع لتنتفض الطبيبة من مكانها وكانت معها بالغرفة سيدتين تبدو على ملامحهن القوة والقسوة
أشار لهن فخرجن .
اقترب من الطبيبة التي كان ظاهر على وجهها آثار الصفعات وشعرها مشعث
نظر لها مطولا ومن ثم استدار وجلس على إحدى الكراسي ووضع قدم على أخرى وقال بصوت رجولي : انتي عارفه بتعملي هنا ايه
هزت رأسها يمينا ويسارا
فقال: هو سؤال لو جاوبتيني بصدق هسيبك ، ضيق عينيه واكمل : إنما لو هتتلاعبي هنده الست ام حسن وتروقك ، وطبعا انتي جربتيها
انكمشت على نفسها وقالت برجاء: لا والنبي انا هقولك كل حاجة انت عاوزها بس بلاش الست دي تقربلي
اسند ظهره وقال : رهف
ظهر الرعب على وجهها وعينيها ترمش بشكل متكرر وقالت : م م مين؟؟
زفر بضيق ونادى : ام حسن
ركضت الطبيبة نحوه تقبل حذاءه: لا لا هقول
ابعد قدمه وقال: اتكلمي
فقالت : سعاد ، انا مليش دعوة، دي سعاد قالتلي اقول كده
نظر لها لتكمل ، مسحت وجهها وأكملت: سعاد عاوزة اتجوز رهف لابنها بس هي رفضت وكانت شايفة نفسها ، بس والله هي قالتلي انها هتعمل كده عشان تجبرها تتجوز ابنها
عاصي: وانتي وافقتي من غير مقابل؟؟
الطبيبة بتردد : انا والله قلت لا بس هيا ،،
عاصي بغضب صارخ: هيا ايه
الطبيبة : هي ادتني فلوس كتير ، ارجوك تسامحني الطمع عماني وهي قالتلي البنت مش هتتئذي
قام عاصي و ألقى الكرسي بالحائط وهو يصرخ بها: مش هتتئذي ؟؟ ازااااي؟؟ انتي متخيلة ايه كان ممكن يحصل؟؟
تراجعت للخلف زحفا خوفا منه فهو أصبح كالثور يضرب كل ما يلقاه امامه
اقترب منها وامسكها من شعرها ورفعها عن الأرض حتى أصبحت مقابله ولكنه افلتها وهو يسب ويلعن وخرج قائلا بصوت مرتفع : الست دي تفضل هنا و تتروق يا ام حسن عشان تتربى
ام حسن وهي تتجه نحو الغرفة هي والمرأة الأخرى: تحت امرك يا باشا
بدأت صرخات الطبيبة تعلو ونحيبها يزداد وأصوات الصفعات تتعالى
ركب سيارته وأخذ يضرب المقود حتى أصبح لا يشعر بيده ، ومن ثم انطلق مسرعا تاركا خلفه الكثير من الغبار والتراب المتطاير لشدة سرعته
مرت بضعة أيام لم يعد بها عاصي للفيلا وأخبر والدته انه برحلة عمل مفاجئة ومعه رهف ، حتى لا يقلقها ، كانت سناء وهناء وحمدي يشعرون بفرحة كبيرة للمولود الجديد اما رضوى فكانت بعالم خاص بها كل تفكيرها بصغيرتها كانت كل يوم تتصل عليها أكثر من مرة ولكن رهف لم تجب على اي منها
وفي أحد الأيام كانت رهف تشعر بالضعف والاعياء الشديد و بدأت حرارتها ترتفع ، آخذ هاتفها بالرنين نظرت له بعينين زائغة وحين رأت اسم والدتها أجابت بصوت بالكاد يسمع
رهف : ماما
رضوى بلهفة وخوف من نبرة صوت ابنتها: رهف ، بنتي ، مالك يا ضنايا ،صوتك ماله
لم تستطع رهف الحديث ولكن بكائها وصل لقلب والدتها قبل اذنها لتغلق الهاتف وتتصل سريعا على عاصي
كان يقف وهو يرتدي بنطال فقط شعره مشعث والعرق يتساقط من جبينه يلهث بشدة حين سمع رنين هاتفه فتجاهله ولكنه أعاد الرنين مرة أخرى، تقدم من الطاوله وأجاب
عاصي بصوت حاول إخراجه طبيعيا: نعم يا مرات عمي
رضوى وهي ترتدي ملابسها: عاصي ، اديني عنوان الفندق ، رهف تعبانه
عاصي بلهفه: رهف مالها
رضوى ببكاء : معرفش بس هي بتعيط وصوتها ميطمنش
عاصي: هبعتلك العنوان وانا جاي حالا
اغلق الهاتف وارتدى قميصه وقال وهو يلتقط هاتفه : الكلب ده متدهوش نقطة مية والضرب يستمر لحد ما ارجع عاوز اروح وارجع وانا سامع صريخه
وصلت رضوى إلى الفندق وتوجهت لغرفة ابنتها وطرقت عليه حتى فتحت رهف التي كان وجهها مصفرا جسدها كاد يهوى على الأرض لولا ان امسكتها رضوى و ساعدتها للوصول إلى السرير
بعد نصف ساعة وصل عاصي ومعه الطبيب فحصها و كتب لها العلاج وغادر
بعد عدة ساعات فتحت عينيها بإرهاق شديد كانت والدتها تجلس بجانبها تضع لها الكمادات البارده اما هو كان يقف بالشرفة تاركا الهواء البارد يلفح جسده عله يخفف من النار المشتعلة بداخله
رفعت يدها ببطء وامسكت يد والدتها وسحبتها عن رأسها لتضمها لصدرها
نظرت رضوى لعينيها واحتضنتها ، دمعاتها تسيل على وجه ابنتها وهي تقبلها على كافة وجهها تهمس بصوت باكي طالبة منها السماح وتعتذر لها مرارا
استمع لصوت رضوى فالتفت سريعا ليجدها متمسكة بحضن رهف وتبكيان نزلت دمعاته التي كان يحبسها منذ رآها في سريرها ذابلة ، ود لو كان هو مكان رضوى لما كان أخرجها من حضنه قط
اقترب حتى أصبح على مرآى من عينيها ، نظرت له بعتاب طويل ونظر لها بشوق والف اعتذار.
اشاحت بوجهها تختبئ من نظراته التي تحاصرها وهمست باذن والدتها: خرجيه مش عاوزة اشوفه
رفعت رأسها والتفت لعاصي دون أن تتحدث ، فهم من نظرة عينيها ليلتقط الجاكيت الخاص به عن طرف الفراش ويخرج دون أن يتحدث
أغمضت عينيها بألم فكم اشتاقت لسماع صوته ولكنه حرمها منه وغادر ، لم تستمع لقلبه الذي كان يصرخ باسمها وحبها .
هبطت دمعاتها دون إرادتها لم تعلم ان حبه قد نبت بداخل قلبها ، حاولت ان تقاوم هذا الشعور الذي يطلب منها أن توقفه وتنادي عليه وتقترب منه لتسمع تلك النبضات وتشعر بأنفاسه الدافئه تلفح بشرتها ، اشتاقت للمسة يده الحانية التي لم تشعرها من غيره