اخر الروايات

رواية اصيل وجوهرة بين اغلال الشيطان الفصل الحادي عشر11 بقلم مني ابو اليزيد

رواية اصيل وجوهرة بين اغلال الشيطان الفصل الحادي عشر11 بقلم مني ابو اليزيد


دقات قلبه تكاد تصل قبله، ترجل من السيارة عندما استقرت أمام العمارة المدون عنوانها في صورة بطاقة حنان، لم يرد على نداء وليد عليه الذي يلاحقه، اقترب من بواب العمارة، عرقل لسانه أن يجد الكلام المناسب حتى لا تلطخ سمعتها لذلك قال:
-من فضلك مدام حنان ساكنه هنا أصل سابت الشغل وليها حساب ومش عارف أوصالها
رد بنفي وهو يقول:
-لا محدش هنا ساكن بالاسم ده
رفع حاحبيه لأعلى باندهاش، هذا عنوانها المدون في البطاقة، كيف يحدث هذا؟ فقال بصدمة:
-أزاي
كان وليد يقف خلفه، ربت على كتفه لينتبه له، ثم قال بتأكيد:
-مش هي مش عايشه مع جوزها ممكن تكون أطلقت وده عنوانها القديم بالعقل كده أزاي هتعيش في منطقة راقية وتشتغل في مطعم
ضرب مقدمة رأسه بيده، هتف بنبرة غباء:
-اها صح أنا من اندفاعي مركزتش في الموضوع ده
سمع حديثهما البواب، تدخل في الحوار، قال بثقة:
-قصدك مدام حنان مرات الدكتور سنان قصدي طليقته من ساعة ما أطلقوا وهي مش بتيجي هنا
دس حمزة يده في جيب البنطلون، أخرج بعض الورقات النقدية ليحصل على ما يريد، حاول دسهم في يد البواب وهو يحدثه:
-متعرفش ساكنة فين
رفض البواب أخذ المال، وقال باعتراض:
-لا معرفش بس البيه الصغير فوق
-يحيي
نطق حمزة بالاسم تلقائياً، بينما أكد البواب كلمته حين باح:
-,بالظبط كده بس المدام مش موجودة
أمسك وليد ذراع حمزة، جذبه نحوه بقوة قائلاً:
-يبقي طليقها عارف اللي حصلها مفيش داعي تغلب نفسك
هز رأسه بعدم اقتناع قبل أن يقول:
-أزاي أنا مشفتش حد جالها خالص
لوح يده في عدم رضا من تصرفات صديقه، فهتف:
-أفهم بقي أنت كنت قلقان على الولد عشان مامته في غيبوبة ومش عارف توصله زى ما فهمت منك دلوقتي هو مع أبوة يعني أمان عايز إيه تاني
نفخ من الضيق، لم يقتنع بتلك الكلمات، فهتف بعند:
-طيب ليه مش بشوف حد فهمني
رد عليه بنفاذ صبر:
-عشان مش بتقعد طول اليوم ممكن يكون في تواصل عن طريق التليفون عادي بتحصل يلا بقي
....
سمعت صوت طوابق سيارة لا تتوقف مما زاد فضولها أن تعرف من هذا الشخص الذي يزعج الجميع بسيارته، دست جوهرة حجاب على رأسها، حينها تذكرت حوارها مع أصيل حول الحجاب، ابتسمت تلقائياً، فرشت ملامح وجهها بالفرحة، لقد افتقدت تلك المواقف التي سيطرت على جزء من حياتها، طردت تلك الأفكار، أخرجت تنهيدة من صدرها، توجهت للشرفة بسرعة، نظرت للأسفل تتأمل السيارة، رأت سيارته السوداء باهظة الثمن
اتسعت عينيها بشدة، شل عقلها عن تصديق ما تراه، ها هو يقف أسفل بيتها، ترددت كثيراً أن تهبط له، وجدت الحل الأمثل الذهاب عند والدها لتستشيره، فقالت بلهفة:
-بابا
ترك سعد الجريدة من يده، وهتف:
-نعم يا جوهرة
ارتسمت ابتسامة عارمة على شفتيها، وهي تردد:
-أصيل تحت
قليلاً ما تنطق باسمه، دائماً تقول المظلم، تلك المرة الأولي التي تنطق اسمه بعد رحيلها من القصر، فكست ملامح وجهه بالتعجب قائلاً:
-ومالك فرحانة ليه
شعرت حينها بسخونة جسدها، وحرارتها المرتفعة، كانت كاللهب، جمعت شتات نفسها، قالت بجمود عكس ما في داخلها:
-لا مفيش حاجة أنا مستغربة بس أصل هو اللي عامل الدوشه دي
تمتم قبل أن يردد:
-وأنتِ عايزة إيه دلوقتي
وضعت إبهامها في فمها، جلست بجواره، وهي تفرك يدها من التوتر قبل أن تقول:
-أنا بقول أنزل أشوف عايز إيه أصل مش هيسكت غير لما أنزل
أومأ رأسه بالموافقة، فقد رأي في عينيها ما في قلبها نحوه، نعم أحبته بشدة، رحبت بالرحيل لتهرب من تلك المشاعر التي لا تعرف عنها شيء، لكن حين جاء أمامها ظهرت اللهفة عليها، فهتف:
-أنزلي بس خليه يطلع عشان كلام ناس
نهضت بحماس طفلة صغيرة، حقق والديها ما تريد، تأملت هيئتها في المرأة وهرولت في النزول
ظل أصيل داخل السيارة يتوعد لها بكلام قاسي، وإلقاء أكثر الكلمات الموبخة، ظل يضغط على طابق السيارة، وعينيه موزعة على بيتها، على الرغم من إلقاء عليه السب واللعن، تجاهل كل هذا في سبيل أن يحصل على ما يريد
ثبت بصره عليها، تلاشي أوامر الله بغض البصر، كل ما تقترب منه، زلزل قلبه معها، وقف الزمن عنده، هيهات أن تقف اللحظة هذه طوال الحياة، طرقت على زجاج النافذة، بعد أن رأت عيون الناس عليها، تحول وجهها للسأم، بينما هو عاد إلي الأرض الواقع على طرقها للزجاج، فتح النافذة وجد برميل من السخط يلقي عليه:
-أنت أزاي تيجي هنا محدش عارفك الأصول
نزل من السيارة بوجه مليء بالغيظ كعادته عندما تلقنه درس جديد، لوح يده في عدم رضا قائلاً:
-أنتِ مفيش فايدة فيكِ لازم تدي دروس
وضعت يدها على خصرها، بدأت تهز جسدها قليلاً قبل أن تقول:
-لو كان عجبك بقي
دائماً الفرصة تأتي له دون سعي، جابها من رأسها حتى أخمص قدميها، هدر بحدة:
-ودينك والأصول علموكي تهزي جسمك في الشارع
جزت على أسنانها من الغيظ، مع تكوير قبضة يدها، رأت من الأمثل أن تختفي من أمامه، فهتفت:
-أنا ماشية وغلطانة إن نزلت
لا يريد افتقادها مرة أخرى، ألقي النداء عليها، نبرة بها رجاء ولهفة، جعلتها تشل مكانها:
-جوهرة استني متمشيش
أقترب منها بعض خطوات، بات عقله مشغول في إيجاد ما يريد أن يعبر عنه، اكتفي بكلمة واحدة:
-جدي
خفق قلبها بشدة أن يكون حدث له شيء، لا تحبه ولا تكرهه، لكنها لا تتصور أن يحدث له شيء سيء، لذلك قالت بهلع:
-ماله حصله حاجة
نظر للأسفل بحزن يتجلي تعبيرات وجهه، أراد أن يفسر لها غصبه عليه بعد رحيلها، لكن المكان ليس مناسب، فهتف:
-مفيش حاجة بس هو في موضوع حصل بس مش هينفع هنا
سمحت له بالصعود معها بناءً على طلب والدها، جلس على الأريكة، فرك يديه من التوتر قبل أن يبوح بكل شيء، سمعت منه جوهرة حديثه ما حدث، وإظهاره لحب جده، أيقنت أنه نقطة ضعفه، فالكل شخص نقطة ضعف، وزعت عينيها على والدها، وجدت أثر حديث على ملامحه، انتهزت الفرصة، فقالت بسرعة:
-لو بابا يوافق هكلمه على الموبايل
سمح لها والدها، فأخرج أصيل هاتفه المحمول، بدأ في الرنين المتواصل عليه، لم يلقي رد، عاد مرات عديدة، كل المحاولات دون جدوى، أيقن أن جده نفذ وعده، فقال بوهن:
-يبقي قرر ميكلمنيش
وضعت جوهرة إبهامها في فمها تفكر جيداً، ما الذي يجوز فعله في تلك الظروف، حتى حصلت على الفكرة، فرشت ملامح وجهها بالحماس الشديد، قالت على الفور:
-هكلمه على الموبايل بتاعي قولي رقمه
ضغطت على عدة أرقام التي كان يلقيه أصيل، انتظرت حتى سمعت صوته، فهتفت:
-الو
-مين معايا
-جوهرة
-أزيك يا جوهرة
-الحمد لله
-جبتي رقمي منين
-من أصيل
-هو جنبك
-اها
-طيب قومي وأتكلمي بعيد عنه من غير ما يشك ضروري
استسلمت لما يقول، تصنعت علة الشبكة، رغم علمها أن هذا كذب ولا يجوز، لكنها اضطرت لهذا، لأنها تعرف نوايا جده نحوه، أنه يريد أن يغير حياته
-أنا كده بعيد عنه
-أنا عاوزك ترجعي القصر تاني
-مش هقدر أنا وهو مش هينفع نجمع تاني علطول بنتخانق
-فترة صغيرة هنجرب أنا وأنتِ معاه يمكن يتغير
-أشمعنا أنا بالذات
-عشان أنتِ الوحيدة اللي طلبك تشتغلي عنده واللي عرفته إن مش مظبوط بعد لما مشيتي من عنده أثرتي في جزء من حياته من غير مجهود الخناق بتاعكوا كان سبب في ده شغلتي تفكيره أزاي يرد عليكِ عشان كده عايزك ترجعي القصر
-هفكر و أقولك
-طيب عايزك تقوليله إن مش هرجع غير لما أنتِ ترجعي وشوفي هيطلب منك ترجعي أو لا
-ماشي
أغلقت الهاتف المحمول، خرجت في التو، شاهدت عينيهما الموزعة عليها، رسمت على ملامحها الحزن، قصت ما اتفقت عليه معه، باغتت حين وجدت أصيل يجمع متعلقاته، رحل دون كلمة، فشل في هذه الطريقة التي كان يأمل أن تعود علاقته بجده
.....
حاول حمزة التركيز في عمله، فشل بشدة، هز رأسه بحركة دائرية ليعيد انتباهه بالواقع، ويطرد تلك الأفكار من رأسه، لكن دون جدوى، ترك القلم من يده، نظر في نقطة ما، عادت الأفكار تستحوذ على عقله، استسلم لها تلقائياً، بينما لحظ وليد شروده، ترك القلم هو الأخر، قال معاتباً:
-وبعدين بقي مش هينفع شغل بالطريقة دي أحنا أخر الشهر لازم نخلص كل حاجة
مسح على جبينه قبل أن يقول بعدم اقتناع:
-مش داخل دماغي الموضوع في حاجة غلط
جمع الأحداث لبضعهما البعض، تذكر تلك الفتاة التي سألت عنها من قبل، فقال باندفاع:
-البت الشرسة اللي جات تسأل عليها هيبقي عندها كل الإجابات بس هنوصلها أزاي
رفت عينيه بعدم استيعاب، صديقة يلقب فتاة بهذا الاسم، ها هي الفتاة استطاعت التمرد عليه ليلقبها بهذا الاسم، فقال باندهاش:
-بت شرسة ده في إن بقي في الموضوع
لكزه بخفه على كتفه ليصمت، قيدت تعبيرات وجهها بالغيظ، رفض الحديث في هذا الموضوع، هرب بطريقة كوميدية، فقال:
-أهو أنتوا كده يا مصريين تسيبوا الموضوع الأساسي و تمسكوا في الهيافة
أصدر ضحكات عالية رغماً عنه، بعد أن صمت رسم الجمود على ملامحه، وقال بجدية:
-طيب خلينا في المهم موضوعك نشوفه بعدين الحل إيه دلوقتي أنا مش مرتاح ومش هعرف أقول لنفسي أنا مالي
تمتم قبل أن يرد عليه:
-أحنا عرفنا إن طليقها اسمه سنان وبيشتغل دكتور هنحاول نوصل لطليقها بس من بعيد بلاش نروحله البيت ووقتها هتفهم كل حاجة أنا هجبلك قرار الموضوع بس ممكن نخلص شغلنا الأول
.....
أمسك سنان يقرأ التحليلات لدي حنان، ليعرف حالتها الصحية، لم يوجد بها أي أمراض، حمد الله سراً، رسمت ابتسامة نصر على ثغره، قبل إجراء شيء لأبد التأكد من عدم زيارتها لأحد حتى يبعد أي أسئلة، أرسل أحد الأطباء، بعد دقائق جاء الطبيب وقال بجدية:
- تحت أمرك يا دكتور سنان
أغلق التحليلات، وضعها في أحد الجوانب، حرك عينيه عليه قبل أن يقول:
-في حد جه للبت اللي عملت حادثة العربية
أجاب عليه بثقة:
-النهاردة لا تقريباً مشغول
فرك يديه بسعادة، مع ابتسامة تشرق ملامح وجهه، قال بفرح:
-حلو يبقي نخلص النهاردة ولو ماتت هنقوله بكرة ماتت أمبارح وأي فتح يبقي من الحادثة
أومأ رأسه بتأكيد، وقال بحماس:
- وأنا مش هخلي حد في الدور اللي هنعمل في العملية
بعد عدة ساعات، حضر كل شيء للعملية، جهزت حنان رغم صراخها باستمرار، تدرك أنها في خطر، دخلت غرفة العمليات والأطباء من حولها يجهزون
بينما في الخارج، جمع سنان متعلقاته، رأي التحليلات موضوعه في أحد الجوانب، أراد إخفاء المتعلقات الخاصة بها، وقعت عينيه على الاسم "حنان شوقي الدميري"
الاسم كفيل أن يثبته كالصنم، لا يشعر بشيء من حوله، اسم طليقته مدون، حقاً أنها هي إخفائها طوال الفترة الماضية، يتناسب مع وقت الحادثة، شيطانه جعله يقتل أم أبنه دون رحمة، كيف ينظر إلي أبنه إذا عرف بالموضوع، الوقت حان للعملية هل يستطيع إلحاقها أم تموت تحت يديه؟



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close