رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل السادس 6
الفصل السادس
رحل بعدما ودع مراد علي أن يأتي لأخذهما بعد غد
وبعد ذهابه جلست تفكر .....أ تأخذ مراد معها وترحل؟؟؟!....أ تهرب الي إسبانيا وتختبئ عند أياً من أهل والدتها ؟؟!!
قطع عليها مراد كل ذلك وهي تشعر به يجلس علي أقدامها مشيراً بيده ويتلمس وجنتيها ليلفت إنتباهها فمن الواضح أنه يناديها منذ فترة ولم تنتبه له
نفضت رأسها في هدوء وأردفت باسمة
مليكة: عيون مامي
أخذ مراد يتسائل في حيرة بدت واضحة تماماً علي قسمات وجهه
مراد: مامي هو الراجل الثرير اللي إتأثف وبقي حلو دا بابي بكد زي ما بيقول
أومأت مليكة برأسها في هدوء
فهب مراد واقفاً يتراقص في سعادة
مراد: يعني أنا هيبقي عندي بابي زي كل أثحابي اللي في الحضانة .....وهيجي معايا يوم الأب ويحضر المثرحية بتاعتي
شعرت بغصه تجتاح قلبها...... وكأنها تري نفسها مرة أخري..... طفلة لم تتجاوز عقدها الأول بعد يرحل والدها عنها ويُكتب عليها أن تبقي يَتيمة وهو علي قيد الحياة..... نعم ذلك ما شاهدته
وجدت نفسها تجذبه الي أحضانها وتربت علي رأسه في حنو بالغ وهي تلعن كل تفكير أحمق راودها عن الهرب......فلتذهب هي وحياتها الي الجحيم
لو أنها ستشاهد تلك السعادة التي ارتسمت علي قسمات طفلها واللمعة التي تلألأت في عيناه لتضيئهما سعادةً
وبعد وقت قصير هاتفت عائشة التي أجابت بلهفة
عائشة : ميمي كنت لسة هتصل بيكي إتصلت بيكي في المكتب وابراهيم قعد يقول كلام كتير مفهمتش أي اللي حصل
نهرتها مليكة بغضب بعدما سرت رعدة في جسدها إضطراباً إثر تذكرها ما حدث اليوم
مليكة: متجيبيليش سيرته لو سمحتي
أردفت عائشة بتوجس
عائشة : في إيه
قصت عليها مليكة كل ماحدث بالتفصيل
فأخذت عائشة تسبه في ضيق وإشمئزاز
أما هي فأطرقت تفكر ماذا إذا لم يأتيها سليم في الوقت المناسب فسرت رعدة هزت أوصالها في خوف
أخرجتها عائشة من تخيلاتها وهي تحمد الله علي سلامه رفيقتها وعلي وصول سليم في اللحظة المناسبة وإنصرف فكرها مباشرة الي كلماته اللاذعة التي رماها أثناء جلوسهما سوياً في السيارة
صرخ قلبها بكلمات ود لو تخرج من شفتاها عساها تخفف حدة الألم الذي يجتاحه
حينها كان شعوري أشبه بسطح الماء أثناء هطول المطر........لم يسكن للحظة كي أفهم ما الذي يحدث...فقط إستمر بوخزي بإيلام في كل أنحاء قلبي
همهمت مليكة بأنكسار بعدما ظهر علي نبرتها إختناق البكاء
مليكة: عارفة يا عائشة إيه اكتر حاجة وجعتني إنه كان فاكر إننا كنت موافقة علي اللي عمله معايا وإنها مش أول مرة
تألمت عائشة كثيراً لنبرة الانكسار تلك التي تخللت صوت صديقتها.... الفتاة التي عاهدتها دائما قوية متفائلة حتي في أسوأ أحوالها
فتابعت محاولة التخفيف علي رفيقتها
عائشة : عادي يا مليكة يا حبيبتي دا بس بسبب كلامك اللي قولتيه
ثم قصت عليها مليكة ما حدث معهما في المنزل
مليكة: كل اللي عملته دا علشان أخليه يغير رأيه وبرضوا مفيش فايدة وبغبائي بدال ما كان هيبقي هو في حته وأنا في حته لا هيبقي قاعد معانا.....وكمان أربع خمس أيام كدة وهنسافر الصعيد
ضحكت عائشة باسي ثم تابعت متسائلة في دهشة
عائشة : ليه
أردفت مليكة في هدوء
مليكة: علشان نتعرف علي أهله
تابعت عائشة بتوجس من رفيقتها
عائشة : أقولك الصراحة يا مليكة ومتزعليش
أنا شايفة من كلامك إنه شكله كويس أقصد يعني راجل
إمتعض وجهها وتابعت بتقزز
مليكة: دا أكتر بني آدم بكرهه في حياتي
تابعت عائشة لائمة إياها بلطف.... فهي تعرف أنه ليس الوقت المناسب ولكن يجب أن تجعلها تفوق
عائشة : إنتِ اللي عملتي كدة يا مليكة قولتلك قوليله الحقيقة
تنهدت مليكة بعمق وتابعت بأسي
مليكة : مينفعش هو قالي إنه يقدر ياخد مراد مني
بسهولة ......وإنتِ عارفة مراد دا النفس اللي بتنفسه لو خذه مني هموت
حاولت عائشة أن تلفت نظرها الي النصف الممتلئ من كوبها كي تستطيع أن تتهني بحياتها القادمة
عائشة : المهم دلوقتي إنك خلاص هتبدأي حياة جديدة ربنا يسعدك فيها يا ميمي يارب ويعوضك عن كل حاجة
أردفت مليكة بتمني بعدما استمعت بوضوح لصوت ضحكة عقلها الساخرة بصخب
مليكة: أمين يا شوشو يارب بس طمنيني الأول إنتِ هتولدي أمتي يا حبيبتي
أخبرتها عائشة بأن الطبيب أخبرها أنه لازال لديها شهر أو أكثر بقليل
أخذت مليكة تدعوا لها بصدق ثم طلبت منها أن تحضر هي وندي غداً كي تودعهما
***************************
في شركة سليم
دلف الي مكتبه بعدما أنهي أحد إجتماعاته وقام بمهاتفة جدته
جري صوته الأجش عبر الهاتف بنبرة حنونة وقورة
سليم: إزيك يا حبيبتي
أجابت خيرية فرحة حتي خُيل إليه أن صوتها يضحك
خيرية: سليم يا وليدي كيفك يا نور عيني
إبتسم بحبور بعدما إعتدل في جلسته متابعاً يسألها عن أحوالها
خيرية: زينة طول مانت زين يا وليدي.....إتوحشناك يا سليم هتيچي ميتي يا حبيبي
أردف باسماً
سليم: يومين يا خوخا وهجيلك وعاملك مفاجأة
يارب تعجبك
تخلل التوجس نبرتها بقلق
خيرية: مفاچأة إيه عاد
إبتسم مشاكساً وهو يطرق بأصابعه علي مكتبه في إستمتاع
سليم: أما أجيلك يا حبيبتي قوليلي عمتو عندك
تابعت ضاحكة
خيرية: أيوة يا ولدي هنيه هتكون فين عاد.... أهي جاعدة چاري هي خد أهي معاك
إلتقطت عبير الهاتف من يد والدتها
وتابعت باسمة بفرح
عبير : سليم كيفك يا ولد الغالي إتوحشتنا يا ولد
تابع باسماً بإحترام
سليم: وإنتِ كمان والله يا عمتو إنتِ إيه أخبارك
أردفت هي بإمتنان
عبير : نحمد الله يا ولدي چاي ميتي
أخبرها بموعد قدومه وطلب منها تجهيز الغرفة الكبيرة أو كما يطلق عليها المندرة ثم أغلق الهاتف بعدما ودعهم علي أمل اللقاء القريب
*****************************
وضعت عبير الهاتف بجوار والدتها كما كان يرتسم علي وجهها تعابير الحيرة.... تري من سيحضر مع سليم....... فأردفت والدتها تسأل في أمل معرفة أي شئ منها
خيرية: جالك إيه سليم يا عبير
زمت عبير شفتيها كتعبيراً عن حيرتها بعدما رفعت حاجبيها وأردفت في هدوء
عبير : مجالش حاچة يا أماي جالي چهزي المندرة الكبيرة عاملكوا مفاچأة
خيرية: نفس اللي جالهولي
أطبقت شفتيها بحيرة وأردفت متسائلة
عبير : ومجالش هيا إيه عاد
حركت خيرية رأسها بلطف يمنة ويسرة في تعبير عن الرفض
خيرية: لع يا بنيتي
ثم تابعت آمرة في حزم
المهم دلوجيتي توضبوا المندرة ووجت ما يتحدتت تاني علشان يخبرنا إنه چاي تحضروا وكل زين يا عبير......شكله هيچيب معاه صحابه من البندر...وإنتِ عارفة سليم عاد كل صحابه من الكبرات يعني لازم يتشرف إكدة وسطيهم
تمتمت عبير برأسها في ثقة
عبير : وااه متجلجيش يا أماي هي أول مرة عاد
ثم إنصرفت تاركة والدتها متوجهة الي صحن القصر الكبير
ووقفت تستدعي خادمتهم زهرة...... حقيقة هي ليست بخادمة فهم لا يعتبروا أي ممن يعمل في منزلهم كخادم بل يعتبروهم أبنائهم فزهرة قد ولدت وترعرعت في هذا البيت
عبير : زهرة يا زهرة إنتِ يابت
جائت زهرة راكضة كي تلبي نداء عبير
زهرة: أيوة يا ستي چاية أهه
أردفت عبير موبخة إياها
عبير : ايه يا مشندلة بجالي ساعة بنادم عليكي وينك........عاد
تمتمت زهرة معتذرة
زهرة: معلش ياستي أصلي كنت في الزريبة حِدي البهايم لمؤخذة
أردفت عبير بحزم تأمرها
عبير : سليم بيه چاي كمان يومين عاوزاكوا تنضفوا المندرة زين
حركت زهرة رأسها لأسفل وأعلي عدة مرات في طاعة
زهرة: يا مرحب بيه..... من عيني التنتين يا ستي
أشارت عبير بأصبعها في وجه زهرة محذرة
عبير : عارفة يا مخربطة إنتِ لو لجيت هبابة غبرة هشندلك شنديل
وضعت زهرة يدها علي رأسها تعبيراً عن الفزع وهتفت في حرص
زهرة: وااه وااه وعلي إيه عاد الطيب أحسن
إبتسمت عبير في رضي وتابعت
عبير :يلا روحي عاد
توجهت هي لغرفة ابنتها فاطمة التي عندما دلفت وجدتها لا تزال نائمة..... زمت شفتاها كتعبيراً عن عدم رضاها بعدما همهمت ببعض العبارات الدالة عن سخطها
(كعادة أي أم مصرية أصيلة )
ثم توجهت الي الستائر ففتحتها لتتيح فرصة لنور الشمس أن يضئ الغرفة فلقد قارب الوقت علي الظهيرة ولازالت ابنتها نائمة ثم توجهت لفراش ابنتها ساحبة الأغطية عنها
هاتفة في ضيق ناهرة إياها بغضب
عبير : وااه يا فاطمة لساتك نايمة يا بنيتي جومي دا إحنا داخلين علي الظهر
زمجرت فاطمة بغضب وهي تسحب الأغطية مرة أخري لتتدثر بها وتعاود النوم مرة أخري
فاطمة: إيه يا أماي إجفلي الشبابيك عاد وهمليني أنام
أردفت عبير باسمة بمكر
عبير : جومي دا سليم ود عمك چاي كَمان يومين إكده
هبت فاطمة ناهضة ما إن سمعت اسم سليم
ضحكت عبير بمشاكسة
عبير : شوف البنية قامت وقمبزت وصحصحت كَمان
إنتشرت الدماء في وجنتيها بسرعة معبرة عن خجلها
فاطمة: واه يا أماي متكسفنيش
تنهدت بعمق ثم أردفت بيأس بعدما زمت شفتيها بضيق
وبعدين ما إنتِ خابرة إنه حتي لما ياچي مش هيعمل حاچة واصل
جلست عبير مقابل طفلتها مربتتة علي يداها في حنو ثم أردفت بمكر
عبير : شطارتك يا بنيتي تخليه ميعاودش البندر إلا وهو مكلم ابوكي في موضوع چوازكوا
تابعت فاطمة بفخر بعدما تلألأت عيناها سعادة بمحبوب قلبها
فاطمة: ما إنتِ خابرة يا أمة سَليم رأيه من دماغه محدش يجدر يجوله يعمل إيه وميعملش إيه
أردفت عبير بخبث بعدما رفعت حاجبها بدهاء
عبير : إتحركي إنتِ عاد وخليه يمشي علي كيفك
أومأت فاطمة برأسها في سعادة
فاطمة: حاضر يا أماي حاضر