رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل التاسع وعشرون 29
ولكن فجاءة ظهر من بين هذا النفق المضئ مراد وسليم
هتف بها مراد في جزع خفق له قلبها بشدة
مراد: مامي متمثيث
كادت أن تتقدم خطوة أخري وهي تحاول نفض صوته عن عقلها بعدما أشاحت بصرها عن سليم الذي تخلل صوته الي حواسها مع دمائها التي تجري مندفعة يهتف بها في وله عاشق قد إحترق سابقاً بنار الفراق
سليم : مليكة.....مليكة إفتحي عيونك يا مليكة
همهمت قليلاً وهي تحرك رأسها تجاهد كي تفتح عيناها المثقلة وكأن بهما رملاً كي تخبره بكل شئ
يجب أن يعرف أنه الأول..... يجب أن يعرف أنها ما عرفت ولا عشقت رجلاً غيره.... يجب عليه أن يعرف أنه أول وأخر فارس تسمح له بغزو مملكتها المتراميه الأطراف...... أول من تسمح له بصك ملكيته علي قلعتها .....كان هو الإحتلال الوحيد الذي رحبت به أعماقها وبحرارة ..........ولكن ليس كل ما في القلب قابل للبوح فهناك ما يولد ويموت ولا يفصح عنه فيكون مكانه الوحيد هو الإندثار بين طيات الماضي
صرخ سليم الباكي بمن حوله كي يطلبوا الإسعاف التي حقيقة وللمرة الأولي حضرت أسرع مما ينبغي..........هَم رجال الإنقاذ بحملها فرفض هو صارخاً بهم بأنه من سيحملها وبالفعل تركوه يحملها وصعدوا سوياً الي سيارة الإسعاف التي سرعان ما إنطلقت الي المستشفي أخذوها منه الاطباء ودلفوا بها لغرفة العمليات
جثي علي ركبتيه أمام الغرفة محتضناً رأسه بين يداه........يبكي آلماً علي محبوبة القلب التي لن ولم يتركها تذهب من بين يداه
في غرفة العمليات
كان الوضع غير مطمئناً بالمرة......فقد نزفت الكثير من الدماء علي غرار عدم إستجابتها للعلاج.....وذلك الجهاز اللعين الذي يعلن إنخفاض نبضها
إبتسمت والدتها وأخذت بيدها وسارا سوياً نحو ذلك النور القابع في أخر النفق شعرت مليكة بروحها تحلق بعيداً في سعادة عارمة......شعرت بنفسها خفيفة للغاية وفجاءة دوت صافرات الجهاز لتعلن توقف قلبها الكبير عن النبض لتعلن مآتم ذاك الذي خُلَقَ ليُعطي....خُلِقَ ليُحب ويتحمل.... خُلِقَ ليضحي
***********************
في قصر الغرباوية
نهضت خيرية من نومها فزعة لدي رؤيتها لرؤي تخص مليكة........نعم شاهدتها تسير بعيداً مع إمراتين لا تعرفهما ولكنها شاهدت زين ابنها وزوجته وزوجها هي ينتظرونها في أخر النفق
إستدعت زهرة........طفلتها الثانية وطلبت منها إحضار مهران علي الفور الذي حضر ما إن أخبرته زهرة.......دلف مهرولًا لغرفة والدته هاتفًا بها في قلق
مهران: في إيه يا حاچة إنتِ زينه
أردفت خيرية وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها في هدوء
خيرية : مليكة يا ولدي....مليكة
ضيق مهران عيناه متسائلًا
مهران: مالها يا أماي
أردفت خيرية متوجسة خيفة
خيرية: مليكة مش زينه يا ولدي فيها حاچة
أردف مهران بقلق بعدما زم شفتيه
مهران: هيكون فيها إيه بس يا أماي
أصرت خيرية
خيرية: كلملي سليم يا ولدي حالاً
أضاف مهران مضطرباً
مهران: بس يا حاچة الوجت متأخر عاد
خيرية بإصرار
خيرية: حالاً يا مهران حالاً
وبالفعل هاتف سليم فلم يجيبه وبعد العديد من المرات قرر أن يهاتفه علي هاتف القصر فأجابته ناهد المذعورة تخبره بأن مليكة في المستشفي بسبب حادث سير
خيرية: وااااه يا جلبي عليكي يا بنيتي
كانت تلك الكلمات التي خرجت من فم خيرية بألم صاحبتها دموع بعد معرفتها لذلك الخبر....فهي بعد ذلك الحلم أيقنت أن مليكة ستذهب الي ذلك المكان الذي ذهب إليه أحباؤها في السابق
**************************
في قصر عاصم الراوي
إستيقظ من نومه علي صوت تأوهات شخصاً ما وكأنه ينازع البقاء حياً عمد بيده الي عيناه يفركهما محاولاً نفض النوم عنهما وهب جالساً في قلق
جال ببصره في أرجاء الغرفة باحثاً عن نورسين فلم يجدها......نهض مسرعاً ناحية المرحاض فمنه يأتي الصوت
طرق الباب عدة مرات هاتفاً بقلق
عاصم: نورسين إنتي جوة
لم يأته رد حتي أنه إستمع شهقات بكاء مخنوقة وكأن شخصاً ما يختنق
طرق الباب بعنف أكبر فهو صوت محبوبته الذي يعرفه جيداً وكيف يغفل عنه .....وأخيراً بعد عدة دفعات إستطاع فتح الباب......دلف مهرولاً حينما شاهدها ساقطة أرضاً ووجهها محمر أطرافها شاحبة كأنها تختنق
حملها مسرعاً وهو يحاول معرفة ما بها فكانت ترتجف بين يديه كمن علي وشك الموت
هتف بها بقلق
عاصم: نورسين فيكي إيه
أشارت له بيدها المرتجفة ناحية درج الكومود المجاور لفراشها
فعمد بيده مسرعاً لفتحه ولم يجد به غير شريط من الدواء
أمسكه بيده وهو يرفعه تجاه وجهها يسألها في هلع
عاصم : هو دا
لتومئ له ووجهها أحمر بشدة فأخرج لها قرص لتشير له بإخراج واحد أخر.....أخرج الثاني ثم ناولهما لتبتلعهما بسرعة وهي تشهق إحتضنها بِرَكنها الي صدره الدافئ الواسع
وبعد أن شعر بأنتظام أنفاسها سألها عاصم في وله
عاصم : فيكي إيه يا نوري
خفق قلبها لكلمة نوري التي تطربها من شفتاه ولكنه أيضاً إمتزج بالخوف فماذا ستخبره الآن.....ماذا ستقول له
وجدت الكلمات تندفع من بين شفتاها تلقائياً وحتي بدون أن تمر علي عقلها وجدت نفسها تقص عليه مرضها ......وجدت نفسها تخبره ما عانت وكيف تألمت.... وجدت دموعها تنهمر بلا توقف وكأنها تبكي إحتياجها إليه وخوفها من فقدانه....تبكي آلمها علي حالته.......تبكي ولكن بكائها ليس عدم رضي قطعاً ولكنه آلماً لألم احبتها.......خوفاً لفقدانهم
برقت عيناه هلعاً وهو يطالها بتيه وكأنه لم يسمعها
هو لم يتخيل يوماً أن تمرض صغيرته........فحينما تصاب ببعض البرد يكاد يفقد عقله قلقاً.....فماذا إذا ما كانت تخبره بأن قلبها .....ذلك القلب الذي عشقه وعشقها لأجله مريض .....يتألم.....ما الذي يجب عليه فعله.......هو لا يتخيل مرضها فما باله بفقدانها
بعدما أخذت تدعوه عدة مرات ولم يستجب
هو إستمر فقط بالتحديق
عمدت بكفيها تحتضن وجهه وتقربه منها واضعة جبهتها مقابل جبهته وكأنها تتكأ عليه
رفرف عاصم بأهدابه عدة مرات وكأنه استفاق من شروده ما إن لامست بشرته لبشرتها وسمح لدموعه الحبيسة بالهبوط وهو يمسك بوجهها في آلم... هلع... وله وخوف
تلعثمت الكلمات علي شفتيه وأردف يسألها بعدم إستيعاب
عاصم: يعني إيه..... وليه مقولتليش من الأول
أغمضت عيناها بألم وهمست في خفوت
نورسين: خوفت........خوفت عليك
نفض عاصم رأسه وكأنه يحاول نفض تلك الأفكار السلبية التي تجمعت بعقله وأردف بأمل
عاصم: نسافر برة......نشوف متبرع ونعمل العملية برة
همست هي بيأس
نورسين: الدكتور هيبلغني أول ما يلاقي متبرع
هتف عاصم بها بجزع
عاصم: أنا مش هستني لما الدكتور يقول ....أنا هسافر وأدور بنفسي ولو حكمت خدي قلبي أنا
أنا في داهية
رمت نفسها بين ذراعيه باكية وأردفت بين شهقاتها
نورسين : بعد الشر عنك متقولش كدة أبداً
ضمها بين ذراعيه الي صدره بصوة وكأنه يريد تخبئتها بداخله وأردف باكياً بعشق يقطر من كلماته
عاصم: نوري .......إنتِ فعلاً نوري.... النور اللي جه ونورلي حياتي كلها مليش غيرك ومش عاوز غيرك في الدنيا ..... أنا من غيرك أموت يا نوري فاهمة
***********************
في المستشفي
وقف علي قدماه حينما خرجت الممرضات من غرفتها يركضن لإحضار بعض الاشياء والعودة مرة أخري...... وقف هو يصرخ بهم يسألهم
سليم: مراتي .......مراتي فيها ايه
أجابته إحدي الممرضات التي خرجت لتوها
الممرضة: البقية في حياتك يا أستاذ
توقف قلبه عن الخفقان وهو يطالعها بصدمة شلت أطرافه
وجد نفسه يسير بهدوء ناحية زجاج الغرفة
فشاهدها..... نعم كانت منسدحة علي الفراش بهدوء..... تبدو شاحبة حد الموت......حولها يركض الأطباء بهلع لإحضار بعض المعدات ولكنها علي حالتها تلك...... مستسلمة تماماً.... كان يسمع صوت قلبه وهو يهتف بجزع يدعوها كي تستفيق
تنهض.......كي تعود له كما كانت.......ولكن كيف يا صديقي تضرم فى روح أحدهم النار.....فيظل يُعاني كثيرًا الى أن يصير كومة من الرماد لا حياة فيها....ثم تطالبه بأن يعود كسابق عهده.....لقد مات ياصديقي.......ومن مات لا تنتظر منه
شىء...... يبقى فقط أن ترعاه علّ معجزة تحدث ويُحييه حُبك
اول ما يوصل الفصل العدد المطلوب هنشر الجديد ع طول١٥٠٠
ووووواتمنا لكم قرائة ممتعه انشاءالله