رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل الرابع وعشرون 24
الفصل الرابع والعشرون
ركضا عاصم وأمجد يحاولان البحث عنها ولكن بدون فائدة فهم لا يعرفان حتي من هي ولما توجد هنا...... أ هي إحدي موظفات أحد رجال الأعمال الموجودين .......أو أنها تعمل لدي سليم في شركته الخاصة.......أم تمتلك شركتها الخاصة أو حتي هي منظمة الحفل .....لا يعرفوا أي شئ
وبعد عدة ساعات من البحث
شعرت نورسين ببعض التوعك فطلبت من عاصم العودة للمنزل وبالغعل عادا وهو قلق للغاية علي حالتها .......فلأول مرة يراها شاحبة لتلك الدرجة
**********************
في منزل ياسر بالقاهرة
دلفت قمر الي غرفتها وهي تكاد تنفجر غضباً من مزاحه مع بعض الفتيات ونظراته إليهن في الحفل
دلف ياسر خلفها بكل هدوء فهو يعلم ما بها ولكنه يريد أن يغضبها قليلاً
إبتسم بمكر ثم عادت ملامح الجمود الي وجهه
متسائلاً بكل براءة وكأنه لا يعلم ما بها
ياسر: مالك يا جمر فيكي إيه
صاحت به بحنق غاضبة
قمر : كَانك مش عارف عاد
إبتسم بمكر ولكنه أخفاها سريعاً وتمتم بهدوء
ياسر: وأني هعرف منين بس يا بت الحلال
إلتفتت قمر ناحيته تطالعه في غضب وتحدثت بعصبية شديدة
قمر: لا والله أبداً البيه بس جاعد عمال يبص لدي ويتحددت مع دي ويضحك لدي ويسيب دي تتمايع عليه ومرته جاعدة چمبة كيف الجفة لا عاملها حساب ولا إعتبار......دا إنتَ كان ناجص تجولي جومي يا جمر أنا هعاود مع واحدة منيهم
لم يستطع ياسر أن يكمل في دور البرئ فإبتسم بحنان وجذبها الي أحضانه هامساً بصوته الأجش
ياسر: واللي خلجني و خلجك يا جمر كلاتهم ما يسوا شعره من شعرك واجفة علي الأرض ما تخلجتش اللي تغييري منها يا ست البنات
إبتسمت قمر في حب ولكنها حاولت إخفائها وتحدثت بنبرة يشوبها الغضب الزائف
قمر: صدجتك أني إكده
فإستقام جزعه وتحدث بثقة
ياسر : لع صدجتيني وجلبك عارف إن جلبي
مفيهوش غيرك جاعدة فيه ومتربعة
إبتسمت بخجل وإحتضته بحب
فإبتسم بمكر وتابع مشاكساً
ياسر: إلا بجول إيه أني عاوز أسلم علي ولادي
باغت بحملها فشهقت بفزع هتف هو علي أثره بحماس
ياسر: الله اكبر
هتفت به بدهشة
قمر: بتعمل إيه يا ياسر نزلني عاد
ياسر: مرتي يا ناس عاوز مرتي في كلمتين
إبتسمت في خجل ودفنت وجهها في صدره
ياسر: اللهم صلي علي كامل النور يا بركة دعاكي يا أم ياسر
************************
في منزل سليم
في صباح اليوم التالي إستيقظا سويا
كانت مليكة تشعر بألم شديد يعتري قلبها جراء ما حدث مع والدها بالأمس وأيضاً بالخجل لما فعلته هي مع سليم
إبتعدت مليكة عنه سريعا ودلفت للمرحاض
زفر سليم بعمق فهو قد إستيقظ قبلها ولكنه لم يُرِد جعلها تشعر بالتوتر أو حتي الإحراج وأردف متسائلاً
سليم: حكايتك إيه يا مليكة
نهض من الفراش وذهب لغرفته في هدوء
بعد عدة دقائق كان الجميع يتناول الإفطار في الأسفل .......لاحظ سليم شرودها فقد كانت تطعم مراد في آلية شديدة لا يسمع صوت ضحكاتها ومزاحها الذي يطربه كل صباح
تنهد في عمق فهو لا يحب أن يراها حزينه لهذه الدرجة ولكنه لا يعرف ما حدث بالأمس وقد عقد العزم ألا يسالها عن أي شئ حتي تخبره هي
وكالعادة حمل منها مراد ليلعب معه قليلاً في الحديقة حتي تتناول هي طعامها
فأخذ مراد وخرجا سوياً للعب بينما يخطف اليها بعض النظرات بين الحين والأخر فيجدها إما شاردة وإما تمسح دمعة هاربة قد فرت من زرقاوتيها
شعر بغصة ألم تجتاح قلبه كم يتمني أن ياخذها بين ذراعيه ويخفف عنها قليلاً
بعد عدة دقائق خرجت إليهما مليكة
طأطأت راسها في خجل وهمست بأسف أدمي قلبه
مليكة: أنا أسفة جداً يا سليم علي اللي حصل إمبارح وعاوزاك تعرف إني والله معملتش أي حاجة وحشة تضايقك ومعملتش كدة لأي سبب وحش فشكراً جداً لأنك استحملتني امبارح
لمس سليم نبرة الصدق في حديثها وشاهد كم الألم في عينيها فقرر ألا يتفوه بأي شئ
أومأ راسه في هدوء وودع مراد متوجهاً لعمله
كان يقود سيارته وهو غارق في أفكاره وخواطره
التي تزاحمت جميعها .....تتصارع... ولا فكاك منها
تري ماذا حدث مع صغيرته....... ما الذي يؤلمها لتك الدرجة
*************************
في غرفة مليكة
ذهب مراد لمدرسته فظلت هي وحدها في المنزل
جلست علي الأرض ضامة ركبتيها الي صدرها قبالة المدفئة الحجرية القابعة في غرفتها وهي تراقب تآكل الحطب ببطئ
كل شئ هادئ من حولها يميل للذة السكون عدا قلبها الكسير فهو لا يزال يتخبط بين أضلعها كطفلاً جائع.......
في لحظات السكون تلجئ ارواحنا للعروج في عالم اللامحسوس........ تستذكر كل ذكري وردية لتصبح رفيقتنا في لحظات الوحدة........الضعف والإنكسار.......ولكن ماذا إذ كانت كل اوراق ذاكرتنا سوداء هل سنحرقها..... أم هي التي ستحرقنا وجعاً وخيبة
مر شريط حياتها أمامها بسرعة وكأن كل الذي إستغرق أكثر من عشرين عاماً ليجري لم يكن سوي لحظات........نعم غريبة هي الدنيا..... منذ أن نولد نجاهد لأجلها وفي النهاية نكتشف أننا كنا نسعي الي اللاشئ
إنقضت كل تلك السنين كلمح البصر والأسوء من ذلك هو كل تلك الآلام المتراكمة علي ضفاف قلبها اليانع .........نندهش حينها كثيراً أ يعقل أننا لم نكافئ بلحظة فرح واحدة .......فنعود مرة أخري وندرك أن لحظات الفرح كانت كثيرة...... فذاك هو عدل الله يقسم الفرح والحزن بالتساوي
ولكنها للأسف لا تترك إنطباعاً لها عندما ترحل علي عكس الحزن فلطالما كان هو سيد الموقف
يعرف جيداً كيف يلتهم الفرح ويطغي عليه ليبقي هو ويتلاشي كل شئ عداه
إسترجعت أوراق ذاكرتها بهدوء ليتها تستطيع إحراقها مثل هذا الخشب .....ولكن أني لها فهي إن أحرقتها اليوم ستعود لتنفض عنها الرماد غداً
كمن أحيا بعد موته
***************************
نهضت قمر من نومها متأخرة بعض الشئ وقررت المرور للأطمئنان علي مليكة ثم العروج علي نورسين بعد ذلك فكلاهما تركا الحفلة مبكراً بسبب مرضهما........وبالفعل وصلت لمنزل مليكة التي رحبت بها بحرارة شديدة وبعد القليل من الثرثرة أخبرتها قمر أنها هي ونورسين قد رحلا مبكراً بالأمس بسبب مرضهم فإعتري مليكة القلق فهي تتذكر جيداً كيف شعرت بالتوعك مرة وهي معها عندما كانت في المستشفي بسبب إصابتها
نعم هي تعلم أنها طبيبة وبالتأكيد تعرف ماذا يجب عليها فعله ولكنها تشعر بالقلق فهي قد أحبت هاتان الفتاتان للغاية وإعتبرتهُما شقيقتيها اللاتي أرسلهما الله ليعوضاها عن شقيقتها تاليا
هاتفت سليم لتأخذ منه الإذن في الذهاب وبالفعل إرتدت ثيابها وتوجها سوياً للمشفي التي تعمل بها نورسين
فأدخلتهما الممرضة لغرفتها ولكنهما سمعاها تتحدث بالهاتف
نورسين : أنا عارفة إنه مينفعش أستني أكتر من كدة يا دكتور وإن حالتي خطيرة بس مش هينفع أعمل أي حاجة دلوقتي فعاوزة حضرتك بس تجددلي الدواء لحد ما أظبط أموري
صمتت هنية تستمع لحديث الطبيب ثم فجاءة هتفت به بقلق
نورسين : لالا يا دكتور مينفعش مش عاوزة جوزي والولاد يعرفوا أي حاجة وأنا باذن الله هتصرف قريب وبعد عدة دقائق أغلقت هاتفها فوجدت قمر ومليكة يحدقان بها في هلع
سقط الهاتف من يدها من هول المفاجأة......لم تحتاج للتفكير كثيراً فمن الجلي تماماً أنهما قد سمعاها
سمعت مليكة تهتف في قلق
مليكة: في إيه يا نورسين وإيه اللي سمعناه دا
زاغت ببصرها بعيداً عنهما تجوب به أرجاء الغرفة توتراً
قمر: في إيه يا بت الناس عاد ما تخبرينا متجلجيناش أكتر من إكده
تمتمت نورسين بصوت مضطرب متلعثم
نورسين: هاه..... لا.... لا مفيش حاجة
توجهت مليكة ناحيتها وأجلستها علي الاريكة الجلدية الموجودة بالغرفة وجلست الفتاتان بجوارها
ثم هتفت بها بحزم
مليكة: إحنا سمعنا كل حاجة يا نورسين فمن فضلك متحاوليش تخبي قوليلينا فيكي إيه علي طول
أخفضت نورسين رأسها خجلا وهمست في خفوت نورسين: أنا تعبانه
هتفت قمر بنفاذ صبر سببه القلق
قمر: أيوة مادا سمعناه...... خبرينا بجي فيكي إيه
تابعت نورسين بصوت يقطر شجنا ً
نورسين: الدكتور بيقول إن قلبي ضعيف ومش هيستحمل
شهقت مليكة وقمر في هلع ثم هتفت قمر في جزع
قمر: طيب ما تسافري.......إيوة سافري بلاد برة أمريكا ولا أي مكان .....الدكاترة هناك شاطرين واصل وهيعالچوكي زين
تابعت نورسين بآلم
نورسين: مش عاوزة حد يعرف إني تعبانة
الولاد لو عرفوا مش عارفة إيه الي هيحصلهم وعاصم .....عاصم ممكن يروح فيها
تألمت بشدة لدي ذكرها إسم شقيقها أمامها ولكنها سرعان ما نفضت أفكارها وصاحت بها في غضب
مليكة: مشوفتش أبداً حد بالغباء دا لما يعرفوا إنك تعبانة وتروحي تتعالجي وتخفي هيفرحوا إنما إنتي مفكرتيش في رد فعلهم لما يعرفوا إن خلاص الأمل أمهم ضيعتوا بغبائها وخلاص كام يوم وتسيبهم
جفلت نورسين حينما أدركت صحة كلماتها
نورسين: كل ما أجي أقول مبعرفش
أشارت قمر لمليكة كي تهدأ قليلاً فصاحت بها مليكة بحنق
مليكة :لا مش ههدي يا قمر علشان نور متخلفة وعاوزة اللي يفوقها
زفرت مليكة بغضب وأشاحت وجهها بعيداً
فأردفت قمر بهدوء
قمر: مليكة عنديها حج يا نور فكري في ولادك اللي لساتهم صغيرين هيعملوا أيه وهيعيشوا إزاي من غيرك
هتفت بها مليكة بأمل
مليكة: أقولك كلمي الدكتور خليه يشوفلك متبرع برة البلد وأنا اللي هسافر معاكي وأبقي قوليلهم في البيت مسافرة علشان مؤتمر ولا اي حاجة من بتاعة الدكاترة دي
تهللت أسارير قمر وهتفت في حماس
قمر: فكرة زينة واصل وعيالك متخافيش عليهم أني هشيلهم چوة عيني التنين
وبالفعل هاتفت نورسين طبيبها وإتفق معها علي البحث عن متبرع في أسرع وقت