رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل الخامس وعشرون 25
الفصل الخامس والعشرون
في قصر أمجد الراوي
في الحديقة
هتف أمجد بلهفة يسأل ابنه إن كان قد وجد شقيقته أم لا
هز عاصم رأسه نافياً بأسي
عاصم : لا يا بابا مش لاقيها والمشكلة إني مش عارف حتي إن كانت لسة بإسمها ولا غيرته مش عارف كانت في الحفلة بصفتها إيه ودا اللي مدوخني حتي ملقتهاش صورة واحدة في الحفلة لها
أومأ أمجد رأسه بحزن .......وكيف لا يحزن......فهو اب قد مزق الشوق قلبه إرباً علي طفلته وليس هذا فقط ما يؤلمه بل ما يؤلمه حد الموت هو فقده لطفلته الأخري دون حتي أن يمتع عيناه برؤيتها.....لم يشاهدها أو حتي يضمها بين ذراعيه
لم يستطع سماعها تناديه بأسمي صفات العالم "ابي".............لم يستطع أن يراها تكبر أمامه
حتي لم يودع جثمانها .........لم يودعها
نهض من مكانه متوجها لغرفته يدعوا الله أن يجد طفلته كي يعوضها عن حبه وحنانه الذي حرمت منه كي يمني روحه بقربها .......كي يعوض هذا القلب بوجودها....... فقط يتمني أن يجدها وأن تسامحه كي يغدقها بحنانه وحبه وعطفه..... سيعوضها عن كل ما مرت به في حياتها....... فقط يتمني من الله إستجابة دعاء هذا الشيخ...... تحقيق أمنيه هذا العجوز
**********************
في قصر سليم الغرباوي
عاد سليم من عمله يحمل صندوق خشبياً مزخرفاً بفخامة وعلبة من القطيفة الحمراء وصندوق ورقي يحوي بداخله لعبة لمراد الذي فرح بها كثيراً
إتفق سليم مع طفله أن يراقب له المكان حتي يستطيع وضع تلك الهدايا في غرفة مليكة
وبالفعل إستغلا فرصة إنشغال مليكة بتحضير المائدة و وضعاها سوياً ثم هبطا لتناول العشاء وكأن شيئاً لم يكن
أدرك سليم أنها أصبحت أفضل حالاً من الصباح لأنها بدأت تأكل وتمزح مع مراد كعادتها فتنفس بسعادة وعَلي وجيفه طرباً وفرحاً بضحكاتها
وبعد إنتهاء العشاء جلس يلعب هو ومراد في حديقة القصر بينما صعدت هي لغرفتها كي تهاتف عائشة حتي شاهدت ذلك الصندوق المزخرف الموضوع علي فراشها تعتليه تلك العلبة القطيفة
رفعت حاجبها بدهشة وتقدمت بخطي متوجسة ناحية فراشها
إلتقطت العلبة القطيفة أولاً وفتحتها فوجدت بداخلها عقد من الذهب أُخِذت بروعته كان عبارة عن تاج ملكي وكل ركن فيه مطعم بماسة بيضاء صغيرة مما أعطاه مظهراً رائعاً.......تسللت إبتسامة صغيرة الي كرزتيها و نَحت العلبة من يدها جانباً فاتحة ذلك الصندوق الخشبي الذي أثار فضولها منذ الوهلة الأولي
خرجت منها شهقة سعادة عندما فتحته فقد كان عامراً بكل أنواع الشيكولاتة التي يمكنها أن تتخيلها
أخرجت واحدة لتأكلها وهمت أن تغلق الصندوق حتي شاهدت ورقة علقت بداخل الصندوق
التقطتها في دهشة بعدما وضعت الصندوق جانباً
وأخذت تقرأ الموجود بصوت مرتفع نسبياً
بيقولوا إن الشيكولاته أحسن علاج لكل المشاكل
فكلِ وإنسي أي حاجة مضايقاكي علشان مينفعش حد يضايقك غيري
برقت عيناها حتي كادت أن تخرج من محجريها بدهشة فعمدت بيدها تغلق فمها الذي فُتِحَ دهشةً وإرتسم علي ثغرها إبتسامة متنامية حتي تحولت لضحكات فرحة تخرج من أعماق قلبها إبتلعت الشيكولاة التي كانت تأكلها وإحتضنت الورقة وهي تدور .......أ حقاً من أرسلها هو سليم...... نعم ومن غير حبيبها ذلك المغرور...... ولكنها تعشقه
نعم هي تعشقه وبجنون...... تخيلته يقف أمامها بقوامه الجذاب يطالعه بإبتسامة حنونة كتلك الإبتسامة التي تُفقدها لبها......تأسر حواسها بعيداً
يحدث أحياناً أن يري القلب قبل العين
فالقلب والعين في الهوي سوي علي حد تعبير قاضي الغرام
شعرت مليكة كما لو أن قلبها بلغ حنجرتها
كانت تشعر بأنها ممتلئة بالحب.... ولكن ليس كأي حب ......نعم ممتلئة بذاك الحب الذي لكثرة ما تعشق به يجعلك تشعر بالكره تجاه الحبيب
ذلك الحب الذي يستنزف فيك كل مشاعرك وسنين عمرك وأغلي ما تمنيت
كان ذلك شعورها تماما...... فقد إمتلأ قلبها بالحب والكره معاً ......فعلي الرغم من عشقها اللامتناهي لسليم هي تكره قسوته وبرودته...... تكره غضبه الهادر المخيف
أ ولم أخبركم ان قلب المرأة خلق من المحبة والكره والقساوة معاً
***********************
إبتسم هو إثر رؤيتها بكل ذلك الفرح بعدما خبط كفه بكف مراد الذي إستعر حماساً لإسعاد والدته
فاليوم قد تعلم ذلك الشيطان أول درس من دروس الحياة بأن الذي زرعته في روح كل شخص حتماً سينبت ولتعلم يا بني أن كل حي علي هذه الأرض يحدثك ويقول لك كل ما تزرعه تحصده فلا تزرع سوي الحب
**********************
صعد عاصم الي غرفته بعد عدة ساعات- كان أنهي فيهم بعض الأعمال العالقة- يتمزق آلماً علي شقيقته
وجد نورسين جالسة في الشرفة تطالع هاتفها
دلف في هدوء متوجهاً ناحيتها....... فباغتها محتضناً إياها من الخلف .......شهقت في هلع
نورسين : حد يعمل كدة يا عاصم خضتني
إبتسم هو مقبلاً جبهتها في حنان مُعتذراً منها
أدركت نورسين أن به خطباً ما و يبدو أنه أمراً يؤرق باله كثيراً
فأحاطت عنقه بذراعيها تسأله في دلال عن خطبه
زفر عاصم بعمق وتابع بضيق
عاصم: تعبان يا نوري إدعيلي كتير أوي
تغيرت ملامحها للجدية فقد تأكدت من ظنونها
فأجلسته في هدوء وجلست أرضاً قبالته ممكسة بيده
نورسين: في أيه يا حبيبي
إحتضن يدها بيداه وتابع بحنان
عاصم: إدعيلِ يا نوري كتير أوي إدعيلي وبس دلوقتي
همت بالجلوس جواره فوضعت هاتفها علي الطاولة الصغيرة المقابلة لهم
فجاء أضائت شاشته بصورة شخص ما
لفت إنتباه عاصم صوت الإشعارات فتوجه ببصره تلقائيا ناحيته وشاهدها ...... نعم إنها هي
أمسك هاتفها بجزع ......يحدق فيه بأمل.....متسائلاً في دهشة
عاصم: مين دي يا نوري ........مين البنت دي تعرفيها
زمت نورسين شفتيها دهشة لرد فعل عاصم
وتابعت بتلقائية
نورسين: دي مليكة.... مرات سليم...... سليم زين الغرباوي
برقت عيناه دهشة بينما إرتفع وجيفه بسعادة وهب واقفاً محتنضاً إياها بسعادة
أما هي فقد كانت تحدق به مشدوهة غير مدركة ما يحدث
نورسين: في إيه
هتف عاصم بسعادة
عاصم: لقيتها...... لقيتها
وهم بالركض فأمسكت بذراعه وتمتمت في حزم
نورسين: في إيه يا عاصم ولقيت مين
إحتضن عاصم وجهها بيده طابعاً قبلة فرحة علي شفتيها متمتماً بسعادة
عاصم: لقيت اختي يا نوري ......لقيتها