رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل السابع عشر 17
الفصل السابع عشر
في منزل الراوي
عادت نورسين ومعها أيهم للمنزل
شاهدهم عاصم قادمون سوياً فإعتراه القلق
فهتف يسأل بقلق
عاصم : كنتوا فين يا بابا
إبتعدت نورسين عنه بغضب شديد حاملة أيهم وصعدا سوياً
صاح به أمجد بغضب
أمجد : إنت إيه يا بني آدم.........إنت مش كنت واخد أيهم معاك علشان تفرجه علي الأرض
أردف هو مؤكداً
عاصم: أيوة يا بابا بس جالي مكالمة شغل وسبته مع حميده وبعد كدة لما ملقتهمش إفتكرهم رجعوا البيت هو إيه اللي حصل
صاح به أمجد غاضباً
أمجد : يا أخي ملعون أبو الشغل..........إبنك كان هيروح فيها لولا مرات سليم الغرباوي الله أعلم كان إيه اللي هيحصل
برقت عيناه دهشة وأردف بهلع
عاصم : إيه !!
تمتم أمجد بيأس
أمجد: ما إنت كل اللي همك الشغل..........إطلع إطلع يا ابني شوف مراتك وابنك
هم عاصم بالرحيل فأوقفه أمجد بنبرة غريبة لم يعتدها هو منه
أمجد: خلي بالك يا عاصم قبل ما كل حاجة تروح منك
صعد عاصم لغرفته قلقاً
فوجد طفله يلعب بالغرفة علي حصانه الخشبي ونورسين في المرحاض
حمله عاصم محتضنا إياه بقوة .....علي الرغم من عشقه للعمل الا إنه يعشق أطفاله......فهم فلذات أكباده غير أنهم ثمرة حبه هو ونور عيناه.......مهجة قلبه.... نورسين
وبعد دقائق خرجت نورسين من المرحاض فسألها وهو لا يزال حاملاً أيهم
عاصم: إيه اللي حصل يا نور
تطلعت له بألم وتمتمت بخفوت
نورسين : الحمد لله
أردف متسائلاً في قلق
عاصم: بابا بيقول إن مرات سليم الغرباوي لحقت أيهم........من إيه ؟!!
أردف أيهم بعدما إنكمشت ملامحه إستياءً
أيهم: من البقرة يا بابا كانت هتدوس عليا بس طنط.....
قاطعته نورسين حازمة
نورسين : لو سمحت إقفل علي الموضوع علشان أيهم والحمد لله المهم إنه بخير
ساد بينهم صمت خانق لعدة ثواني
وكالعادة لم يكسر هذا الصمت إلا صوت رنين هاتفه بإحدي مكالمات العمل خرج هو مجيبا عليه.......فوقفت تطالع مكان رحيله بألم.....كم كرهت عمله...........كم إشتاقت لعاصمها القديم..... إشتاقت لمحبوبها القديم....أميرها الساحر كما كانت تدعوه
*************************
في المساء
إستيقظت مليكة من نومها علي صوت صراخ ما بالأسفل لا تدري مصدره.......تملل مراد في نومته فدثرته جيداً بالغطاء وحاولت النهوض كي تري ماذا يحدث بالأسفل
أما في الأسفل
صاح شاهين بغضب هادر
شاهين : يعني هي مرتك ملجتش غير ولد الرواي اللي تلحجة.......رد عليا.....بعد كل الزمن ده أمچد الراوي يدخل بيتنا بكل بچاحة إ كده عادي وأكنه محصولش حاچة منه جبل سابج.......وأكنه صاحب بيت.......وكان كل المشاكل الجديمة دي إختفت
وقفت وداد تتألم لما يفعله شاهين فما ذنبها تلك الفتاة كي يفعلوا معها كل هذا.........من أين لها أن تعرف كل تلك المشاكل ففي الصباح زوجته والأن هو......أما فاطمة و عبير فوقفتا يتشفيان في مليكة التي اصبحت لا تفعل شئ سوي جلب المشاكل
هم سليم أن يجيبه حتي أجابته خيرية التي صرخت بغضب في شاهين
خيرية : شاهين .....واضح إنك نسيت عاد
أمچد الرواي كان إيه وهيوبجي إيه...... وإذا كنت إنت مش راضي بدخوله فهو لساته عندي زي زين الله
يرحمه..... وأوعاك تنسي..... أوعاك يا شاهين تنسي إن البيت دا هيفضل مفتوح لكل خلج الله طول ما أنا لساتني عايشة وفيا النفس سامعني
جز علي أسنانه بغضب ورمقها بإستياء شديد ثم صعد الي غرفته كالإعصار الهادر
قابل مليكة في طريقه للأعلي فرمقها بكره بالغ وتمتم بإزدراء
أهلاً ببنت البندر..... بالحية اللي عماله تنشر سمها من ساعة ماچت..... نجول إيه مهو العيب مش عليكي العيب علي اللي رباكي
أظلمت عيناها غضباً والماً
لما..... لما يستمرون دائماً في إيلامهاً بتلك الطريقة..... لما يستمرون بإهانتها هكذا ......لما لا يصمتون فقط....هي حتي لا تمتلك من يدافع عنها....نعم لم تمتلك اب أو اخ .....لم تحصل عليهم .....حتي والدتها رحلت هي الأخري وتركتها
لما يستمرون بقتلها هكذا......ولكنها تمتمت بأنفه وغضب
مليكة: قول اللي حضرتك عاوزه عليا أنا.........إنما مسمحلكش بأي شكل من الأشكال إنك تهين عيلتي
رفع شاهين يده كي يصفعها علي جرأتها هذه
فصرخ به سليم ما إن شاهده وتوجه ليقف أمام زوجته موقفاً يده ..... شعرت مليكة وقتها بالأمان
نعم فلأول مرة منذ وقت طويل تشعر بأن لها سنداً
تشعر بإنها تحت حماية شخصاً ما.......... بأن لا أحد يستطع أن يؤذيها طالما هو موجود
سليم: عمي....... إلزم حدودك....أنا ساكت علشان إنت عمي بس أقسم بالله اللي يمد إيده علي مرتي مش هجطعهاله بس لا دا أنا أمحيه من علي وش الدنيا
رمقه شاهين بغضب ورحل كالإعصار تماماً.....أما سليم فترك مليكة وخرج من المنزل بأكمله
صعدت لغرفتها بألم وهي تكاد تختنق وجعاً والماً
هي حقاً لم تسبب شئ سوي المشاكل منذ أن قدمت لهذا المنزل..... ولكنه لا يحق لأي أحد مهما كان أن يهين والديها.......هم لا يعرفون أي شئ عنها أو عنهم
إنهمرت دموعها بصمت متألمة حتي إستيقظ مراد
عندما شعر أن والدته ليست الي جانبه
جلس علي الفراش وأخذ يفرك بعينيه كي يزيح أثر النوم.........جاب ببصره في الغرفة باحثاً عنها
حتي وجدها تجلس في الشرفة
توجه إليها فوجدها تبكي فسألها في قلق
مراد: مامي بتعيطي ليه مين زعلك
جففت مليكة دموعها وتمتمت باسمة في ألم
أه يا طفلي العزيز وحدك أنت من تفهمني وتشعر بي في هذه الدنيا
ثم تابعت باسمة
مليكة: مفيش حاجة يا حبيبي متخفش أنا كويسة
مراد: لا يا مامي إنتِ بتعيطي.......أنا ثفت دموعك
إحتضنته مليكة وتابعت بألم
مليكة: لا يا حبيبي مش بعيط أنا بس بابايا ومامتي وحشوني
إحتضنها مراد وتابع ببراءة
مراد: بثي يا ماما علثان هما لاحوا عند لبنا ومث هينفع نلجعهم تاني فإعتبليني أنا باباكي إيه لأيك
دمعت عينا مليكة علي برائته وإحتضنته بقوة وهي تتمتم
موافقة......صعدا لها وداد وقمر وخيرية ليجلسا معها قليلاً
وإعتذرت منها خيرية كثيراً علي ما فعله زوج ابنتها متعلله بغضبة الهادر من أمجد الراوي
***************************
في صباح اليوم التالي
وبعد تناول الطعام
ذهب الرجال لأعمالهم وجلست السيدات سوياً
يثرثرن حتي ولجت زهرة إليهم تخبرهم بقدوم نورسين لتطمئن علي مليكة.......إبتسمت مليكة وطلبت منها أن تُدخلهم......دلفت نورسين باسمة ومعها أيهم وجوري طفلتها ذات الثلاث أعوام
نورسين: صباح الخير
أردفت هي باسمة
خيرية: صباح النور يا بنيتي إتفضلي
دلفت تمشي علي إستحياء وجلست بجوار مليكة وقمر وسألت مليكة عن حالها فاجابت باسمة بحبور
مليكة : الحمد لله يا حبيبتي بقيت أحسن كتير
إبتسمت خيرية لتلك الطفلة التي تحملها
خيرية: بتك يا بنيتي
إبتسمت نورسين وأومأت برأسها في هدوء
نورسين: أيوة يا طنط جوري
ثم ناولتها لخيرية التي أخذت تعوذها من أعين الحاسدين
خيرية : اسم علي مسمي
إبتسمت نورسين في هدوء
أردفت قمر باسمة
قمر : طبعاً أكيد هتطلع لأمها
تمتمت نورسين بخجل
نورسين : الله يخليكي يا قمر أنا حلوة كدة
أومأت مليكة باسمة
مليكة : طبعاً يا حبيبتي
تمتمت وداد بدهشة
وداد: تعرفي يا مليكة حاسة أنها شبهك جوي
ضحكت مليكة بأدب وأردفت بلباقة
مليكة: بقي أنا بالحلاوة دي
إبتسمت نورسين بهدوء
نورسين : بابا بيقول إنها تشبه جدتها وعمتها الله يرحمها
أجفلت خيرية وتمتمت بأسي
خيرية: الله يرحمها
طلب مراد من والدته أن يأخذ جوري كي يلعب معها فوافقت نورسين مرحبة بعدما طلبت منه أن يعتني بها أما أيهم فأخذ همس من يدها وخرجا ليلعبا سوياً
بعد وقت قصير وصلا سليم وياسر المنزل
فشاهدا سيارة غريبة عن منزلهم زم ياسر شفتيه بحيرة وهو يتمتم بدهشة
ياسر : عربية مين دي يا عم عباس
جفل عباس ورفرف بأهدابه مرتبكاً فهو لا يدري ماذا يخبره
عباس : دي....دي......دي عربية من بيت الراوي
سأل ياسر بدهشة
ياسر : مين من بيت الراوي إهنه يا عم عباس
أردف مضطرباً
عباس : دي الست الدكتورة مرت عاصم بيه بتطمن علي الست مرت سليم بيه
أسبل ياسر جفنه وتنهد بأريحية وتمتم بهدوء
ياسر: ماشي يا عم عباس
أنهي سليم هاتفه فالتفت يسأل ياسر
سليم: عربية مين دي
ياسر: دي عربية مرت عاصم چاية تطمن علي مرتك
أومأ سليم بهدوء ودلفا سوياً للداخل
حمحم الرجلان قبل الدخول فعدلت السيدات من حجابهن
إستطرد سليم مرحباً
سليم: أهلاً بيكي يا دكتورة
نورسين : أهلا يا أستاذ سليم
تمتم ياسر يسأل بدهشة بعدما رحب بنورسين
ياسر: أمال فين همس عاد أني مش شايفها
أجابته وداد بتلقائية
وداد : هتلاجيها برة مع أيهم ومراد بيلعبوا
حدق بهم ياسر بصدمة..... مع من... أيهم ومراد
رفر بغضب وتمتم بداخله
ياسواد السواد يا ياسر
إبتسمت قمر ما إن رأت معالم زوجها فهي تعرف جيداً أنه يغار عي طفلته ولا يحبها أن تلعب مع أياً من الذكور وإتسعت إبتسامتها حين رأته يُهرول للخارج كي يأخذها
وجدها ياسر تقف أمام أيهم الذي أخذ يؤنبها غاضباً
أيهم: مش أنا قولتلك إمبارح لما نلعب بلاش فساتين وتلبسي بنطلون
أردفت همس بضيق
همس : أيوة أني عارفة بس أني مكنتش أعرف إنكوا چايين وبعدين أني قاعدة في بيتنا يعني عادي ومفيش حد غريب يعني
إلتفت أيهم ناحية مراد مشيراً في حرد
أيهم: يا سلام ومراد
ضحكت همس بطفولية علي حماقته
همس: مراد دا عيل صغير
أردف أيهم بحزم
أيهم: برضوا يا همس متلبسيش فستان تاني و إنتِ بتلعبي
عقد ياسر ذراعيه باسماً يبدوا أن هذا الولد سيصبح رجلاً حازماً في يوم ما ولكن وإذا فهو لن يترك طفلته هكذا
تمتمت همس بضيق وهي تلتفت للناحية الأخري
همس: يوووه
شاهدت والدها فركضت نحوه باسمة محتضنته إياه
حملها ياسر وتابع بضيق
ياسر: إحنا قولنا إيه عاد يا همس
أردفت هي ببراءة
همس : إيه يا بابا
تابع هو متبرماً
ياسر: مش جولنا مفيش لعب مع الولاد
همت بالإعتراض فأوقفها قائلاً بحزم
ياسر: من غير يا بابا إنتِ تلعبي إنتِ والصغننة والولاد يلعبوا سوا
أردف أيهم بثقة
أيهم : سيبها يا عمو تلعب معانا ومتخفش هخلي بالي منها
تطلع له ياسر بضيق وتمتم بغضب يا خرابي علي المرار الطافح اللي أنا فيه
وتابع باسماً بنزق
ياسر: لا يا حبايبي الولاد مع الولاد والبنات مع البنات
يلا يا همس زي ما جولتلك
زفرت همس بضيق وأخفضت رأسها بأسي وتمتم
همس: حاضر
ثم حملت جوري ودلفا سويا للداخل
************************
بعد الغداء كان سليم لا يزال علي حالته منذ الأمس يتجاهل مليكة تماماً فقط يلهوا مع مراد وهمس
قررت أن تنتظر حتي يصعد لغرفتهم ومن ثم تشكره لمدافعته عنها وتعتذر منه إن كانت سببت إية مشاكل......وبالفعل ما هي إلا دقائق حتي شاهدته يصعد للأعلي فصعدت خلفه في هدوء
شاهدها سليم تقف عند الباب وهي تفرك في يدها وكأنها تريد أن تقول شيئاً...... لم يعرف لما أحب مظهرها هكذا فهي ولأول مرة تظهر جانبها الهادئ الضعيف أمامه لذلك قرر ألا يعيرها إهتمام حتي يري ماذا ستفعل
شاهدته مليكة وهو يرمقها بعدم إهتمام فجفلت لتلك البرودة التي سرت في أوصالها حقاً إنه قادر وببراعة علي أن يجعل من أمامه يشعر بمدي صغره وحقارته
هتفت به في خفوت وبحة
مليكة : سليم
إرتفع وجيفه بنبض غريب عنه و رفرف بأهدابه ما إن سمعها تنطق اسمه بتلك البحة وكأنه يسمعه لأول مرة......... محدثاً نفسه بتيه
لم أكن اعرف أن لاسمي بين شفتيكي إيقاع خاص يخلق بقلبي نبضاً لم يكن
ولكنه قرر ألا يعيرها إنتباه
زفرت بحنق حينما رأته يبتعد وكأنه لم يسمعها
فتوجهت إليه ووقفت أمامه تتمتم بحزم
مليكة : سليم
أجابها بعدم اهتمام
سليم : نعم
فركت يدها بتوتر ونظفت حلقها بخوف
مليكة : أنا عاوزة أشكرك لأنك دافعت عني إمبارح
وعاوزة أعتذر عن أي حاجة سببتها
ولكن كيف يصمت بسهولة......
(لازم يعملنا سبع رجالة في بعض ويسم بدن البنيه )
صاح بها بكلمات تقطر إستحقاراً من بين شفتيه
سليم : أنا معملتش كدا علشانك عملت كدة علشاني..... يعني علشان متفتكريش إني خايف عليكي ولا حتي مهتم.......وعلي فكرة عمي شاهين كان عنده حق إنتِ أكيد لو اهلك كانوا ربوكي مكنتيش هتبقي كدة بس واضح إن العيب فعلاً عليهم
لم تدري متي وكيف رفعت يدها إلا حينما شعرت بها تستقر علي وجنته التي إشتعلت كما إشتعلت عيناه تماما بالغضب
فوضعت يدها علي وجنتاها وثارت زرقاوتيها تماماً كموج البحر في يوم شتوي عاصف وهتفت به في غضب عارم
مليكة: أنا عمري في حياتي ما غلطت في أي حد
ومش هسمحلك يا سليم إنت ولا أي حد إنكوا تغلطوا في أهلي...... محدش فيكوا إتعامل معاهم ولا يعرفهم علشان تغلطوا فيهم
رمقته بنظرة نارية وهتفت به بإشمئزاز
ومعتقدتش من الرجولة أبداً إنك تغلط في ناس ميتين
لم تعرف حتي من أين واتتها كل تلك الجرءة التي تتحدث بها ولكنها علمت أنها أقترفت خطأً فادحاً حينما رأت عيناه اللتان تقدحان شرراً......فأمسك ذراعيها بقوة وأخذ يهزها بعنف صارخاً بها بغضب ناري تماماً كخصلات شعرها التي تحررت من حجابها وكأنها تستعطفه أن يتركها
سليم: أعتقد إني حذرتك قبل كدة من إنك تمدي إيدك
خرجت منه صرخة هادرة وائمت هزة قوية منه جعلتها تنتفض كمن صعقتها الكهرباء
لم تعلم لما لم تبتلع لسانها الأرعن الذي سيؤدي بحياتها الأن وتصمت...... ألا تعرفين طفلتي أنه ليس من الحكمة تماماً إستفزاز الأسد الغاضب في عرينه
رفعت عيناها بعينيه وتمتمت بتحدي
مليكة: وأعتقد إنك سمعتني إمبارح وأنا بقول مش هسمحلك ولا همسح لأي حد في الدنيا يغلط في عيلتي
صعق من شرارة التحدي المضيئة في عيناها والتي تتنافي تماماً مع إرتعادة جسدها الهزيل
ولكنها أعجبته...... نعم أعجبته........ لن يكذب هو يعشق مدافعتها عن الحق حتي ولو كان علي حساب سلامتها
وفجاءة وجدت يده ترتخي من الإمساك بكتفيها وترك الغرفة بأكملها كالإعصار