رواية بين طيات الماضي سليم ومليكة الفصل السادس عشر 16
الفصل السادس عشر
كانت تتلقي ضربات تلك الماشية بشجاعة غير معهودة غير عابئة بكم الألم الهائل الذي تشعر به في ظهرها.....يكاد يقتلها ........تتساقط دموعها كالسيول في يوم شتوي ممطر في صمت تبتسم بهدوء لطمئنة ذلك الصغير الباكي بين ذراعيها
أخذت قمر في الصريخ والصياح حتي جائا ياسر وسليم علي صوتها -حقيقة لم يكونا هما فقط من حضرا بل جائت البلد بأكملها -شعر سليم بقلبه يغوص بأخمص قدميه حينما رآها بتلك الهيئة فركض مسرعاً هو وياسر
أمسك ياسر تلك الماشية الرعناء........وحمل سليم زوجته الباكية التي بدأت تفقد وعيها من شدة الألم
حدق فيها بقلق سمح له أن يطل من خضراوتيه
وهو يسمعها تهمس بأنين ناعم كما رنة نبرتها
مليكة: سليم....
تأمل قسماتها المتآلمة للحظات.......لحظات تَعَرف فيها قلبه علي آلم ما ذاق مرارته يوماً
أخذها الي المنزل وخلفه سيارة ياسر ومعه قمر وذلك الطفل الصغير الذي لا يعرفون أهله
بعد دقائق معدودة كانوا قد وصلوا الي منزل العائلة
وبعد عدة محاولات نجح في حملها
فتأوهت بوَجع مزق قلب حديث الولادة في دنيا الحب وصعد بها لغرفتها........أسرع واضعاً إياها علي الفراش بحذر إنتفض قلبه وروحه مع صرختها إثر لمس الفراش لظهرها........فتشتت وما عاد يدري ما التصرف السليم وهو ينظر الي جميلته الباكية المتألمة.....لذا ترك العنان لزمام قلبه كي يتحكم
صعدت خلفه وداد وخيرية وبعض الخادمات وخلفهما عبير وفاطمة
لطمت وداد علي صدرها وشهقت بفزع حين رأت هيئة مليكة بينما تسللت إبتسامة خفية لثغر عبير
هتفت خيرية تسأل في قلق
خيرية : حوصل إيه يا ولدي مليكة فيها إيه
قص سليم عليهن ما حدث بتوتر وخوف
تعالت شهقات الفزع وحقيقة لم يكن الخوف والفزع وحده المسيطر بل كانت هناك بعض نظرات الفرحة
والإنتصار.... نظرات غل و شماتة
نظرت لزهرة نظرات قلقة آمرة
خيرية: إدلي يا زهرة بالعَچل هتلاجي برطمان في أوضتي فيه دهان أخضر هاتيه
هبطت زهرة راكضة لأسفل
فأردفت وداد بقلق
وداد : دي محتاچة حكيم يا أمة....لازم يشوفها حكيم
إستطردت خيرية بهدوء
خيرية : الدهان دا هيريحها واصل متجلجوش
وإنت يا سليم لما تفوج تاخدها طوالي وتروحوا الوحدة وهناكة يشوفها حكيم
تأوهت مليكة من شدة الآلم الذي تشعر به بظهرها وبدأت تبكي
جلس بجوارها ومد كفه نحو وجنتها ليمسدها بإبهامه بلطف وهو ينحني قليلاً ليهمس برقة أمام عينيها الباكية
سليم: إهدي حالاً هتبقي كويسة
أحاطها برفق بين ذراعيه........وفجاءة صرخ بجميع الخادمات كي يستعجلن زهرة
علي الرغم من كل ما تشعر به من آلم إلا إنها تمنت لو تلك اللحظة تدوم للآبد لو تبقي ولا تنتهي.......... لم تري سليم بهذه الحالة من قبل
كانت تمني ألا تخرج من بين ذراعيه أبداً.......أه كم تتمني لو تظل هكذا طوال العمر
صعدت زهرة لاهثة وناولت العلبة لخيرية
التي ناولتها بدورها لسليم آمرة إياه أن يضعه مكان الكدمة ثم إستدارت محدثة الجميع طالبة منهم أن يخرجن ويتركوهما
هم سليم بالإعتراض فهو لن يستطيع أن يقوم هو بوضع ذلك الدهان لها......ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة........فماذا سيقول.......أيخبرهم إنه يخشي من قلبه الأحمق .....أم
ماذا !!!
هبطت خيرية ومعها باقي السيدات وأغلقت خلفها الغرفة
فوقف هو مرتبكاً للغاية لا يدري ماذا يجب عليه أن يفعل
لم يعرف كيف همس بها برقة بالغة وحنان أشد
سليم : حاولي تساعديني يا مليكة......وتنامي علي وشك وأوعدك والله كل حاجة هتبقي تمام
رأي عينيها تتألقان بأمل خلف ستار العبرات التي غشت عينيها قبل أن تحرك أهدابها صعوداً وهبوطاً موازياً لحركة إماءة خفيفة برأسها كما يفعل الأطفال.......ومن قال أنها ليست طفلة.......هي لا تزال تلك الطفلة التي تركها والدها في الثامنة من عمرها......التي وَأدت طفولتها عند ذلك العمر كي تجابه هذا العالم......كي تساعد والدتها وشقيقتها كيلا يتفرقا
إنفرجت شفتيه بإبتسامه قلقة....لا يعرف حتي من أين خرجت فكل ما يعرفه أنها خرجت بأمر حاسم من قلبه......وبعد بضع محاولات حثيثة....نجحت في الإستلقاء علي بطنها
أمسك هو بيده ذلك الدهان التي أعطته له جدته
ليمسد بها ظهر تلك المسكينة المتالمة
لكن..... كيف!!!!
ظل لبضع ثواني ينقل بصره بين البرطمان الذي بيده وبين مهجته المسجاه علي الفراش فإختل تفكيره ولأول
مرة.... لأول مرة سليم الغرباوي يجد نفسه غير قادراً علي إتخاذ قرار صائب
فتصلب كالأبله لايدري ما الذي يجب عليه فعله
أهه مكتومة صدرت منها..........جعلته يفيق من حالته الخرقاء تلك رفرف بأهدابه وزفر بهدوء وبطء وهو يفكر ويعد خطته
إزدرد ريقه وهو يعتدل في جلسته كي يتمكن من وضع ذلك الدهان.........ولكنه فشل قبل أن يبدأ
حين داهمته حقيقة أنها ترتدي إحدي فساتينها المزركشة فهذا يعني.... هذا يعني أنه سينكشف منها أكثر مما يستطيع تحمله ......إنقعد تفكيره.......وإزدادت تأوهاتها حتي أنها إمتزجت بالبكاء
فإزداد توتره ووقف حائراً لا يدري ماذا يفعل
جاب ببصره بين ذلك البرطمان الممسك به وبين
فستانها ......إنطلقت منها صرخة خافته متآلمة لتبعثر شتات روحه
رفع فستانها في هدوء وهو يغض الطرف عما إنكشف منها بالضالين لينكشف وأخيراً ظهرها المرمري الذي غطته الكدمات الحمراء والزرقاء التي تلونت بالأخضر والأرجواني
زفر بعمق وجلس بجوارها في هدوء........أخذ جزءاً من ذلك الدهان وبدأ بتمسيده علي ظهرها بأصابع يده بخفه ورقة بالغتين تتنافيان تماماً معه
كان يسمع تأوهاتها تقل شيئا فشيئاً حتي هدأت تماماً فعلم أنها قد خلدت الي النوم
وضع عليها الفراش بهدوء وهبط للأسفل كي يعرف ماذا فعلوا بذلك الطفل الصغير
وحينما هبط للاسفل سألته خيرية بلهفة
خيرية : طمني يا ولدي كيفها مليكة دلوجت
أردف بهدوء
سليم : نامت يا حبيبتي متقلقيش
أردفت وداد في قلق
وداد: لما تفوج ياولدي تاخدها وتروحوا للحكيم علشان نتطمنو برضوا
أومأ برأسه في أدب ثم تطلع الي ياسر يسأل بصرامة
سليم: الولد دا عرفتوا فين أهله
إزدرد ياسر ريقه بتوتر بعدما جاب ببصره كافة ربوع الغرفة......فإستاذن من الجميع وسحب سليم للخارج
ضيق سليم عيناه وسأل في توجس
سليم : في إيه يا ياسر
أردف ياسر مضطرباً في قلق
ياسر : الواد دا يوبجي.... ولد عاصم الراوي
إتسعت حدقتا سليم صدمة لما حدث وهتف بدهشة
سليم : إيه!!!
ياسر بجمود : كيف ما سمعت يا سَليم
سليم بدهشة : وإزاي يعني يدخل أراضينا
ياسر بحيرة : مخبرش كيف يا ود عمي.... ودا اللي هيچنني دا غير إن ابوه مچاش يسال عنيه لحد دلوجت
سأل سليم في توجس
سليم: طب وبعدين
أردف ياسر في هدوء
ياسر: مخابرش... أنا أصلاً ........
ولم يتما حديثهما حتي سمعا أصوات مرتفعة تأتي من الداخل
دلفا للداخل مسرعين
تطلع مهران بصدمة لذلك القادم نحوهم......تظهر عليه وبوضوح علامات السن
مهران : أمچد!!!
صاحت عبير غاضبة
عبير : إيه اللي چايبك هني عاد
صرخ شاهين بأحد الرجال الرابضون بالخارج
شاهين : كيف يا بهايم إنتو تدخلوه إكده
تمتم الرجل بقلق
الرجل: جالنا إن حضراتكوا اللي رايدينه
هتف ياسر بهدوء
ياسر: خلاص يا عمي أنا اللي طلبت أمچد بيه
ذهل الجميع مما تفوه به ياسر ........أولا يعلم هذا الاحمق مدي تلك المشاكل بين العائلتين
هتف مهران بدهشة
مهران : كيف يعني يا ياسر
تمتم سليم بصرامة
سليم : خلاص يا عمي بعد إذنك
أمجد بهدوء : زي ما سمعت يا شاهين
أنا چاي إهنيه علشان أخد أمانه ليا عنديكوا
هتف به شاهين غاضباً بحنق
شاهين : أمانة كيف
امجد: حفيدي .....إهنيه عنديكوا
سألت عبير غاضبة بدهشة
عبير : كيف يعني !!!
نظر شاهين لزوجته كيلا تتفوه بأي حرف وتصعد لغرفتها فوضعت يدها علي فمها حانقة وهي تلعن وتسب داخلها
رمقهم سليم بنظرة صارمة وتحدث بحدة وجمود
سليم: خلاص يا چماعة كل واحد يتفضل علي اللي كان بيعمله......... أنا وياسر هنتصرف في الموضوع دا متشغلوش بالكوا بيه واصل
وكانت تلك الكلمات هي أمر واضح وصريح من سليم ليذهب الجميع وألا يتدخل أحد بينهم وبالفعل إنصرف الجميع اثر نظرات سليم الحذرة.......أشار سليم لأمجد ناحية الحديقة
سليم: إتفضل يا أمچد بيه ....هنجعد برة
أومأ أمجد برأسه موافقاً وتقدم المسيرة جلس الرجال علي الطاولة الموجودة بالحديقة فإعتذر له سليم عما بدر من أهل المنزل
إبتسم امجد بود وأومأ له رأسه بهدوء
امجد: مفيش حاچة يابني........هما عندهم حق
أخذ سليم يتحدث ويقص عليه ما حدث.......وأمجد غير عابئ ألا بهذا الشبل الذي يشبه صديقه كثيراً
أااه كم إشتاق له.... فقد كانوا أكثر من الإخوة إمتلأت عين أمجد بالعبرات التي أبت أن تخرج
دموع الفراق.......الإشتياق.... والحزن.....والألم أيضاً
لاحظ ياسر شروده فسعل سعله خفيفة كي ينبهه دون أن يحرجه......وبالفعل إنتبه امجد لحديث سليم الذي سرعان ما إنتهي وقد فهم منه أمجد ما حدث تماماً
فأردف بإمتنان واضح
أمجد: أنا مش عارف إشكركوا إزاي يابني......ولو ينفع كنت حابب أشكر مراتك بنفسي
لم يعرف سليم ما هذا الشعور بالنيران الذي إجتاحه فجاءة........أ هذه هي الغيرة......لالا إنه رجل كبير.... مما يغار... ولما قد يغار في الأساس وهي لا تُحدث لديه فرقاً
سليم بهدوء : إن شاء الله يا أمجد بيه بس هي حالياً نايمة
سأل أمجد بقلق
امجد: أخدتوها للدكتور يابني
طالعه سليم بغضب........لما يصر علي إغضابه
حسناً إهدا قليلاً إنه فقط يطمئن.......فهي من أنقذت حفيده
سليم بإقتضاب : لا لسة
تمتم أمجد بفخر
أمجد: إسمحلي يابني يعني لو مش هيبقي فيها مشاكل أنا مرات ابني دكتورة.......يعني لو تيجي تشوفها علشان نتطمن.......وأحس إني حتي رديتلها جزأ من جميلها عليا
تهللت أساير وجهه فرحاً فقد كان ما يغضبه إنه سيضطر الي إصطحابها لدي طبيب ذكر.......فهو يعلم جيداً أن المستوصف الموجود بالقرية ليس لديه عدد كبير من الاطباء
اردف سليم بفرحة خفية لاحظها ياسر الذي يشاركه نفس التفكير والمعتقدات
سليم : ياريت..........يعني لو مش هنتعبها
أردف أمجد فرحاً
أمجد : لا يا بني لا هتتعبها ولا حاجة دا شغلها
وبالفعل هاتف نورسين زوجة ابنه للحضور لمنزل
الغرباوي........الذي ظن أنه لن يدخله مرة أخري
*********************
في غرفة مليكة
كانت قد إستيقظت بالفعل علي بكاء مراد القلق الجالس بجوارها
مراد باكياً : مامي.... مامي
عمدت مليكة بكفها تمسح به وجنته الرقيقة وتبتسم له في وهن تطمئنه بأنها بخير
إبتسم هو ما إن رأي والدته قد فتحت عيناها وقبل رأسها يسألها بقلق
مراد : مامي إنتِ كويثة
أردفت باسمة بوهن
مليكة : الحمد لله يا حبيبي متخافش
دلفت قمر الي الغرفة ومعها أيهم......ذلك الطفل الذي لمس شغاف قلبها من الوهلة الأولي
إبتسمت له في حبور بينما كان يبكي....تألم قلبها لرؤيته يبكي بهذه القوة
قمر : كفاية بكي عاد أهي صاحية... وزينه كمان متجلجش
أردفت همس باسمة
همس : شفت مش جولنالك إن خالتي مليكة بجت زينه
أشارت مليكة له بالإقتراب باسمة في حبور
مليكة : تعالي يا حبيبي هنا
أقترب منها في هدوء وتردد
فعمدت مليكة بيدها لتمسح دموعه برقة بالغة
مليكة بهدوء : بتعيط ليه
أردف باكياً بتأنيب الضمير
الطفل: علشان.......علشان أنا اللي خليتك تبقي تعبانة وتعيطي كدة
أردفت هي باسمة
مليكة: يا حبيبي أنا كويسة متخافش
ثم تابعت باسمة
مليكة: قولي بقي إنت اسمك إيه
الطفل : أيهم
إبتسمت بعدما مسحت علي شعره في حنو
مليكة : ماشاء الله اسمك جميل زيك
تطلع لها أيهم ببراءة شديدة وحاولت إبتسامة رقيقة أن تصل الي شفتيه في هدوء ثم سألها متوجساً
أيهم : يعني إنتِ مش زعلانة مني
مليكة باسمة : لا طبعاً يا حبيبي
ربتت قمر علي رأسه بحنو
قمر: بس متلعبش چمب البهايم تاني يا حبيبي
هز رأسه بحدة وتابع بخوف وكره
أيهم: أنا بكرههم أصلاً
إبتسمت قمر علي فعلته وتمتمت باسمة
قمر: لا يا حبيبي متجولش إكده......إنت بس المرة الچاية تخلي بالك منيهم......وهما مش هيعملولك حاچة
أومأ رأسه باسماً بحبور بحركات وائمت حركة جفناه
أيهم : حاضر
بعد وقت قليل صعدت نورسين للأعلي ومعها وداد
أشرق وجه أيهم ما إن رأي والدته وركض إليها بإشتياق
أيهم: مامي
جثت علي ركبتيها لمستواه وإحتضنته هي بقوة وأخذت تقبله في هلع هاتفة به بقلق
نورسين: كدة يا أيهم تعمل كدة في مامي
تمتم ببراءة شديدة
أيهم : يا ماما أنا كنت عاوز ألعب معاها بس إتلعبكت
(اتكعبلت )
ضحكت مليكة بوهن وألم علي كلماته
وكأن نورسين لاحظت وجود الناس حولها في تلك اللحظة
فنهضت بإحراج وتوجهت ناحية مليكة متمتمة في بأمتنان
نورسين: أنا مش عارفة أشكرك إزاي.... إنتِ رديتيلي روحي
إبتسمت مليكة بهدوء
مليكة : متقوليش حاجة........أيهم زي مراد بالظبط
وأنا معملتش حاجة والله.........أي حد مكاني كان هيعمل كدة
لم تعلم نورسين بماذا تشكرها فإكتفت بنظرات الإمتنان التي تشع من عينيها
نورسين: أنا دكتورة عظام.......وبابا كلمني علشان أجي أشوفك
أردفت قمر باسمة
قمر : هو إنتِ مرات ولد عمي أمچد
نورسين باسمة: أه
إضطربت مليكة قليلاً لدي سماعها الاسم فو يشبه اسم والدها ولكنها رحبت بها باسمة
طلبت قمر من أيهم وهمس ومراد الهبوط للأسفل واللعب سوياً حتي تتمكن نورسين من معاينة مليكة
قبل مراد والدته وهبط للأسفل في هدوء
ساعدا قمر ونورسين مليكة علي الإضطجاع علي بطنها وفحصتها نورسين برفق
نورسين: الحمد لله مفيش حاجة خطر
أهم حاجة بس تستريحي في السرير أطول فترة ممكنه ودول شوية مراهم مسكنة تحطيهم كل 4ساعات وبإذن الله تقومي بالسلامة
أردفت مليكة شاكرة إياها بشدة
فتابعت هي باسمة
نورسين: علي إيه دا واجبي........وإعتبريه جزء من ديني
ترك سليم الرجلان سوياً ولم يشعر بنفسه إلا وهو أمام غرفتها
طرق الباب بهدوء ثم دلف للداخل وتنحنح
قمر باسمة : إتفضل يا سليم
أومأ رأسه بهدوء
سليم بقلق : إيه الاخبار يا دكتورة طمنيني
طمانته نورسين علي حالتها كثيراً وأعطه نفس التعليمات التي أعطتها إياها منذ دقائق
أوما لها سليم.... وظهرت علي وجهه شبح إبتسامة إمتنان
سليم : شكراً
خرجا قمر ونورسين وتركاهما بمفردهما
أما بالأسفل فطلب أمجد من ياسر أن يوصله لحجرة الحاجة خيرية التي تهلل وجهها ما ان رأت ذلك العجوز الذي يذكرها بولدها الراحل
توجه ناحيتها مقبلاً يدها
فهتفت بحبور أمتُزجت به الدهشة
خيرية: امچد!!! كيفك يا ولدي
أمجد باسماً : الحمد لله يا امة انتي كيفك
اردفت هي بهدوء
خيرية: انا مليحة يا ولدي.........طمني عنك لجيت بتك عاد ولا لسه
أظلمت عينيه بأسي وعبست ملامحه
أمجد بأسي: لسة يا أمة.........لسة
خيرية بثقة : ربك هيعترك فيهم يا ولدي
هتلاجيهم وعن جريب........متجلجش ربك كريم عاد
تنهد بعمق
أمجد : يارب يا أمة.......يارب
عادت البسمة الي ملامحه سريعاً حين تذكر سليم
أشار الي الخارج بسعادة بالغة وهو يتمتم مستفسراً
أمجد : سليم.......سليم دا يوبجي ولد زين
أومات خيرية بفخر وسعادة
خيرية بفرحة : شبهه مش إكده
أردف بألم
أمجد : نسخة طبج الأصل عنه يا أمة
ثم تابع بأسي حزناً لفقدان صديق عمره ورفيق دربه وطفولته
دلف أيهم للداخل باحثاً عن جده
برقت عيناها دهشة و سألت باسمة
خيرية: حفيدك يا امچد
حمله امجد بفخر وحب
امجد: أيهم......ولد عاصم
خيرية: ماشاء الله ولا قوة إلا بالله ربنا يحميه ويحفظه ويباركلكوا فيه
***************************
في غرفة مليكة
سليم بجمود : بقيتي أحسن
همست بخفوت
مليكة : الحمد لله
وفجاءة دلفت عبير لغرفتهم تضرب مثل الأعاصير القمعية تماماً صارخة بقهر
عبير : ملجيتيش إلا ولد الراوي اللي تلحجيه ردي عليا إنتِ عاوزة إيه بالظبط هاه.......جوليلي.....إنتِ مين مسلطك علينا
كانت مليكة مذهولة بما يحدث فهي لا تعرف ماذا يحدث وماذا فعلت هي لكل ذلك
وما زاد دهشتها هو اسم الرواي ولكنها ظنت أنه مجرد تشابه اسماء لا أكثر
وفجاءة أفاقت من دهشتها علي صوت سليم الهادر مثل الإعصار
إلتف لها بحدة وتحدث بصوت مرتفع للغاية حتي سرت رعدة بسيطة في أوصالها
سليم بغضب : عمتوووو
فزعت مليكة للغاية من نبرته بينما تابع هو بلهجته الصعيدية التي عشقتها هي حد النخاع
سليم بجمود : اللي حوصل حوصل........ومسمحش بأي شكل مالأشكال إنه أي حد........أي حد يتچرأ ويكلم مرتي بالطريجة دي........فاهماني
وقفت عبير مذهولة لا تكاد تعي ما يحدث حولها تحدق به كالبلهاء تماما.....أما مليكة فإرتعبت من نبرته حتي إرتعد جسدها الهزيل....ولكنها أيضاً أشفقت علي تلك المرأة كثيراً
فهمت بالتحدث لإنقاذ الموقف........ولكنها إبتلعت كل شئ وإنكمشت علي نفسها حين إلتف لها وبرقت عيناه رافعاً حاجبيه يطالعها بنظرة مخيفة وكأنه يخبرها تحدثي إذا جرؤتي......سرت علي إثرها القشعريرة في كامل جسدها
تابع سليم بنبرة أكثر حدة وإرتفاعاً
سليم مفهوم يا عمتي
أومات هي برأسها وخرجت من الغرفة بذهول
أما مليكة فقد كانت تتمني أن تنشق الأرض وتبتلعها قبل أن يفتك بها سليم فهي لم تراه غاضباً لتلك الدرجة....لقد شعرت بأدخنة تتصاعد من عينيه وأذنيه.........أو هكذا خيل لها
فتمتمت والكلمات تتعثر خوفاً علي شفتيها
مليكة : ا.. اااا.... أنا....
إزدردت ريقها في توتر بالغ وتابعت بسرعة وإندفاع
مليكة: أنا أسفة لو كنت سببت أي مشاكل
للحظة فقط تأملها وهو يأخذ نفس عميق يخبرها
بنبرات غريبة عميقة لم تسمعها منه من قبل
مأخوذا بمظهرها الطفولي
سليم: محصلش حاجة يا مليكة
كان سليم يلعن نفسه بداخلة...أيها الأهوج...... الأحمق... هل ستترك لها الفرصة كي تظن أنها إستحوذت عليك.......أو حتي علي قلبك........ماذا ستفعل الأن........أ تتركها هكذا وترحل.....أخذت تطالعه بنظرات غريبة لم يستطع تفسيرها
فصرخ قلبه وبشده
اااه من زرقاوتيكي أه......ألم يخبروكي مهجتي و وتيني أن في عيناكي حرب !!!و في داخلي ألف قتيل
أما هي فلم تنسي تلك الفرحة الأسيرة التي عانقت روحها وتلك الفراشات الوردية التي إنتشرت في ثنايا صدرها ولكنه صدمها كالمعتاد وأنزلها من معانقتها للنجوم التي كانت تسبح بها علي جذور عنقها لتصتدم بأرض الواقع بعدما نفض عن عقله سحر عيناها وإستقام جزعه واقفاً يطالعها بجمود وتحدث بنبرات صارمة ممزوجة برعونة ساخرة كادت أن تقتلها
سليم : إنتِ أصلاً مبتعمليش أي حاجة غير المشاكل ولسة هنتكلم ونتحاسب بس بعدين مش دلوقتي
خرج وتركها........غير عابئ بكم الألم الذي سببته كلماته.......خرج ولم يعطها حتي فرصة الرد أو الدفاع عن نفسها
إنهمرت الدموع من زرقاوتيها معلنة آلم قلبها الذي أصبح لا يحتمل......لما يفعل معها هكذا
أخذت تبكي بألم واضعة يدها علي قلبها عساها تهدأ من هذا الآلم الذي تشعر به قليلاً
إبتسمت بسخرية ولما تبكي من الأساس آليست هي القوية.......نعم ولكنها القوية التي دائماً ما توردت الحياة علي إتسامتها الباكية !!