رواية عشق مكبل بالقيود الفصل الثامن 8 بقلم رقية سعد
كم شعرت بالانتصار والسعادة وهي
تشاهد ردت فعله عندما عرفه حكمت على صديقه .. لأول مرة يتسلل الراحة لقلبها لم تكن تتصور أن لبراءتها هذا الطعم الرائع ..لكن بما يهمها أن عرف أنها بريئة أم لا تبا له ..وتبا لكل رجل على شاكلته .. لا تزال تحمد ربها الذي ألهمها بعدم أخبار حكمت بكل ما جرى وعندما سألها عن هاشم أخبرته انه اقلها وغادر بعمل مهم ومستعجل وقد صدقها بطيبته ... ذلك الوقح كيف يتجرأ على النظر تجاهها بل كيف يجرؤ على التحدث مع حكمت لقد ظنت انه سيعتذر أو حتى يتجاهل وجودها .. لكن لما تستغرب فهي بالنهاية مجرد فاسدة بنظرة وهو يعتقد لا بل متأكد من انه لم يفعل لها ما يسيئ .. كم تتمنى أن تعرف بما يفكر الآن خاصة عندما لاحظت نظراته المندهشة ... تنهدت بقوة وأعادت تركيزها على الحفل الفخم وهي تحاول طرده عن تفكيرها ونسيان أمره تماما
......................
خرجت إلى استراحة المدرسة التي يقدمون فيها مختلف المشروبات والمأكولات كانت تحاول ان تتناسى كل ما جرى قبل يومين وتسعى للاندماج مع صديقاتها وقد نجحت قليلا بمحو تلك الليلة المشئومة عن خيالها
ما أن دلفت إلى الاستراحة ووقعت عيناها على البائع الجديد الذي يقف خلف المنضدة الخشبية حتى تسمرت وشحب وجهها بشده ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تفكر بسرها لا يمكن ان يكون هذا ممكنا انها تحلم بالتأكيد
حثتها صديقتها على التقدم باتجاه البائع الشاب الذي يبدو انه قد تعرف عليها مباشرة لكنه تصرف وكأنه لا يعرفها تنفست الصعداء وهي تشارك صديقاتها باختيار أنواع المأكولات لكنها بين حين وأخر كانت تختلس النظرات تجاهه و هو يجيب عن أسئلة الفتيات المبهورات بوسامته وجسده الرجولي المكتمل .. قالت لصديقتها بهمس
- هيا فلنعد أن تصرفاتهن تثير الغثيان
إجابتها هدى بذات الهمس
- معك حق عزيزتي
أكملا اختيار ما أردوا ثم توجهتا الى طاوله على الجهة اليمنى من الكافتيريا مضت مدة الاستراحة بشق الأنفس عليها فقط تريد الاختفاء من أمام عينيه اللتان ترمقانها بغموض كانت تتظاهر بالاندماج في الحديث مع صديقاتها الا أنها كانت بوادٍ آخر تماما تفكر بكل ما جرى لها كأن ما حدث سابقا يحدث الآن أمامها مرة اخرى .. بينما ضربات قلبها أخذت تقرع بشده وهي تهمس بأسى وخزي
" ترى ماذا سيقول الآن عني "
...........................
أصبحت صحة حكمت في تراجع خاصة بعد رجوعهم من الجزيرة وقد بدا هذا واضحا من شحوب وجهه .. نصحه الطبيب بالراحة لفترة من الوقت إلا انه كان يقول له دائما
- سعادتي في العمل وان حبست في المنزل عندها فقط تبدأ نهايتي
نظرت له بابتسامة شاحبة كان يتحدث في الهاتف وعندما انتهى التفت يقول لها بابتسامته الأبوية
- رشا عزيزتي سيأتي هاشم مساءا ليناول العشاء معنا أرجوك اهتمي بالأمر
خفق قلبها بشدة وامتقع وجهها لكنها أجابت بهدوء
- حاضر لا تقلق أنا سأهتم بكل شيء
أومأ بتعب ليقف و هو يقول
- سأذهب لارتاح قليلا
ما ان غادر الصالة حتى هبت واقفة تتمتم بغيض
- ذلك الوقح البأس لقد تمادى كثيرا !! كيف يجرؤ على الحضور لمنزلنا وكأنه لم يفعل شيئا ؟!
زفرت بضيق كيف ستتحمل وجوده أمامها طوال الوقت .. يجب عليها أن تتحمله إكراما لحكمت فقط نهضت لتتوجه الى المطبخ لتعد و تعطي توجيهاتها للخدم لكي يبدو بإعداد كل ما يلزم
.......................
يجلسون حول المائدة يأكلون بصمت رفع نظراته الداكنة ينظر لوجهها المورد وهي مسبلة الأهداب تأكل برقة كم هي رائعة الجمال براءتها تكاد تفقده صوابه كيف هي بريئة ومغوية بذات الوقت ...ظالمة ومظلومة ... عند وصوله للفيلا تعمد الا ينظر لها ويلقي عليها السلام ببرود لكنه ما ان نظر لوجهها الرقيق حتى عاوده ذكرى تلك القبلة التي انتزعه منها بالغصب والتي كانت ثمنها صفعة على وجنته تذكره بمن هي ومن هو !!
اخرجه من أفكاره صوت حكمت يسأله
- كيف هي الأحوال في الجزيرة فانا لا استطيع السفر كما تعرف
أجاب برزانة وهو يسرق نظرة خاطفة ناحيتها
- الأحوال بخير والعمل يسير على ما يرام لا تقلق وثق بي
عند نطقه لكلمة ثقة رفعت نظراتها نحوه باستهزاء لتصطدم بنظراته السوداء .. لمح بعمق عينيها ألما أو ربما عتابا ... معها حق همسها بسره فبعد وقاحته معها لها كل الحق بان تزدريه وتكرهه ..بل لما تفكر فيه من الأساس إنها متزوجة !! تبا له ولقذارة تفكيره
" متى تنتهي هذه السهرة لقد أصبحت ثقيلة جدا " تمتمتها بسرها وهي تشعر بنظراته ترمقها بين حين وأخر والشيء الذي أنهكها وفاجئها وشحذ كل ما لها من طاقه هي انها تريد ان تبادله نظراته يا الهي بعد كل ما فعله بها هي لم تستطيع أن تحتقره بل كانت نظراتها له متعطشة ومتلهفة !!
بذلت جهدها لتندمج مع حديث حكمت و دعاباته التي كان يلقيها ببراءة وهو غافل عما بداخلها من اضطراب وتوتر .. رن هاتفه الشخصي فجأة استأذن قائلا
- معذرة هاشم دقيقة واحد فقط أجيب على الهاتف وأعود
غمغم متفهما
- تفضل سيد حكمت
ما أن غادرهم حتى احتقن وجهها وطرقته تحدق بصحنها تقلب الطعام بملل لكنها توقفت عندما سمعت صوته الأجش
- أنا أسف
رفعت نظراتها المندهشة ليقول بأسف صادق وعيناه تلمع بشده كأنهما ماستان مشتعلتان لا يعرف كيف خرج الأسف من فمه إلا انه أراد أن يعتذر بصدق
- اجل رشا صدقيني أنا أسف جدا واشعر بالخجل لما قلته و فعلته معك بذلك اليوم أرجو ان تقبلي اعتذاري
دقات قلبها تصاعدت وأنفاسها أصبحت مضطربة بينما الاحمرار الذي غزا وجهها فضح خجلها و ارتباكها أجابت بصوت قوي رغم ما بداخلها من الم
- انا قبلت اعتذارك
ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة لكنها بهتت عندما أكملت بهدوء
- لكن أرجو أن لا تتهجم وتتهم الناس جزافا يجب أن تتأكد من صحة اتهاماتك قبل أن ترميها وتجرح المقابل فصدقني هناك قلوب لو جرحت لا تكفيها ألاف الكلمات الآسفة
وقفت تمسح فمها وهي تتمتم بالاستئذان قال حكمت الذي أكمل مكالمته
- إلى أين رشا
قالت بهدوء وثبات
- سأذهب لأعد القهوة فلقد أكمل السيد هاشم طعامه
أومأ موافقة
- ابعثيه إلى غرفة المكتب عزيزتي
دلفت لغرفتها وأغلقت الباب ثم اتكأت عليه بينما دموعها نزلت على وجنتيها ببطئ
لقد اعتذر همستها بسخرية وبماذا يفيدها اعتذاره فقد جرحها وطعنها في الصميم .. كم سمعت من كلمات و همهمات تتهمها بالطمع والجشع لم يؤلمها مثل ما ألمها كلامه المهمين !! لماذا تهتم به ؟ ولماذا شعرت بالسعادة والراحة عندما اعتذر لها ؟!
مسحت وجنتيها واتجهت لترتمي على الفراش وهي تهمس بيأس يبدو أنني قد بدأت اصاب بالجنون
.................................
تشجعت واتجهت نحوه لتطلب عصيرا .. لأول مرة تذهب له وحدها
كانت الكافتيريا شبه فارغة لم تأتي الطالبات إليها بعد وقبل أن تتكلم سألها بسرعة
- لما خرجت معه وكيف تجرأت على الخروج من المدرسة ؟!!!
بهتت وشحب وجهها وهي تهمس بعينان دامعتان
- قال انه يحبني وسيأتي لخطبتي طلب مني لقاءه لكي يخبرني بموعد الخطبة والتحضيرات التي يجب ان نتفق عليها لم أكن اعلم انه نذل وحقير
رغم غضبة منها ورغم انه كان يتوعدها بكلام قاسي إلا أن قلبه قد رق وأشفق على تلك الشابة الصغيرة
- أين عائلتك ولما تسكنين في مدرسة داخليه
أجابت بابتسامة متألمة
- والداي متوفيان وأنا ليس لدي إلا شقيقتي وهي قد أدخلتني هنا لأنها مدرسة عريقة وتدريسها ممتاز
قال بعتب حنون
- وكيف تفعلين هذا بشقيقتك التي تثق بك ! وما هو شعورها لو علمت من مديرة المدرسة بما جرى تلك الليلة ؟!
قالت بخوف
- أرجوك لا تخبر أحدا بالأمر وأنا أعدك أن اهتم بدارستي
قال بصرامة
-وهذا الوغد الذي كنت معه
هتفت بقوة
- لقد نسيته تماما صدقني
أومأ بصمت ثم سألها بهدوء عندما بدان الطالبات بالتوافد
- ماذا ترغبين بشربه آنستي ؟!
تمتمت بما تريد بابتسامة ممتنة واتجهت لتجلس في الطاولة القريبة منه
بعد ذلك اليوم أصبحت ريام أكثر حرصا على مستقبلها الدراسي وأكثر انجذابا لذلك الشاب المثابر الذي كان يدرس ويعمل بنفس الوقت .. أصبحت العلاقة بينهما وطيدة هي تنظر له بانبهار أما هو فقد كان يعاملها كشقيقته الصغيرة