رواية عشق مكبل بالقيود الفصل الثالث 3 بقلم رقية سعد
اعب جفنيها اشعة الشمس النافذة من خلال طيات الستائر المخملية لتفتحهما بنعاس .. تثاءبت بخمول ثم ابعدت الغطاء عنها لتهب واقفة بتكاسل .. اخذت حماما سريعا ثم ارتدت فستانا ربيعيا ابيض مزين بورود زرقاء .. موزعه على حاشية الفستان .. حثت خطاها وهي تنظر الى الساعة كانت الثامنة والنصف .. اليوم يجب على شقيقتها الذهاب الى المدرسة الداخلية التي تدرس فيها فقد كان حكمت حريصا على تسجيلها في افضل المدارس المتخصصة للغات كانت ريام تزورهم بإجازات شهرية
دلفت الى الغرفة لتشاهدها قد استيقظت وارتدت ملابسها قالت بابتسامة مشرقة :
- صباح الخير حبيبتي
أجابت ريام وهي تمشط شعرها وتجعل منه جديلة :
- صباح الخير أختي
قالت رشا بتعجب !
- لم أظنك مستيقظة فلقد سهرتي لوقت متأخر البارحة
اجابتها بمرح وهي تتجه الى حقيبة ملابسها الصغيرة لتتأكد من انها وضعت كل مستلزماتها داخلها
- لقد قمت بتوقيت المنبه لا تقلقي فانا نشيطة جدا
قالت بابتسامة مشجعه :
- أحسنت حبيبتي
أردفت وهي تخرج من الغرفة
- والان سأذهب لأعد الفطور وانت حاولي ان تسرعي فالسائق سيقلك بعد قليل .
اجابت ريام :
- دقائق والحق بك .
بعد مرور عدة ساعات على مغادرة ريام جهزت الإفطار بنفسها لحكمت فهو يجب ان يسير على نظام معين من الغذاء نظراً لمرضه بالقلب و الضغط و السكر ...
كانا يجلسان في الشرفة يتناولان الفطور ببطء مع نسمات الربيع المنعشة المحملة برائحة القداح التي تهب متزامنة مع تغريد العصافير الصباحية بينما المساحة الخضراء الواسعة في الحديقة كانت تبعث للنفس الراحة والاسترخاء .. نظر لها حكمت بحنان وهو يتذكر والدها رحمه الله كان صديقة منذ المراهقة كما كانا قريبين من بعضهما تشاركا ادق إسرارهما معا ... أبدا لم يشعره يوما بالفارق الاجتماعي بينهما كان دائم التواضع معه وعند وفاته فكر كثيرا بكيفية المحافظة على ابنتيه خاصة وانه قد أوصاه برعايتهما اذا ما وافته المنية .. كان يستطيع ان يعطيها مبلغا من المال او ان يجد لها وظيفة في شركته لكنه رأى هذا حل غير مقنع إذ كيف يترك شابة صغيرة مع فتاة في بداية المراهقة عرضة لكلام الناس وأقاويلهم كأوراق تتقاذفها الريح من مكان الى اخر لذلك قرر ان يتزوجها حفاظاً عليها إلى ان يشتد عودها وعندها فقط يعطيها حريتها ... وللحق يقال رشا ابدا لم تقصر بواجباتها كانت سيدة مجتمع راقية ومحاورة بارعه تعامل الكل ببشاشة وتواضع
هو يعرف جيدا بما يطلقه الناس عليها من إشاعات وكلام جارح لكنه كان دائما يدافع عنها ولم يتخلى عنها ابدا وهي كذلك كانت تعرف ما يقال عنها الا أنها لم تعر ذلك اية اهمية ..
قال لها بلطف :
- هل التحقت ريام بالمدرسة ؟
أجابت بامتنان :
- اجل اقلها السائق صباحا لا اعرف كيف أشكرك يا حكمت أنت تغدق علينا بكرمك وسخائك الكثير .
اجاب بحنان أبوي:
- لا داعي للشكر هذا اقل واجب أقدمه لكما .
صمت قليلا ليردف :
- سأسافر قريبا الى الجزيرة التي أقيمت عليها الفندق وجودي هناك ضروري
أجابت بقلق :
- لكن أنت مريض والطبيب منعك من السفر
قال بتفهم :
- اعلم ذلك وسأحاول الا ابذل مجهودا كبيرا
قالت بإصرار بمحاولة منها لتثنيته عن قراره
- ألا يوجد احد آخر يذهب بالنيابة عنك
هز رأسه نفيا
- للأسف يجب أن اذهب بنفسي .. لا تقلقي سيكون كل شيء بخير ان شاء الله
أكمل شارحاً :
- يجب أن اشرف على كل المناقشات والاجتماعات .. انه اهم مشروع قمت به لحد الآن وأرجو ان يكون ناجحا خاصة واني قد جازفت ووضعت فيه مبلغا خياليا
اجابت بابتسامة مشجعة :
- سينجح ان شاء الله لكن أنت قلت ان لك شريك في المشروع
تنهد وهو يشرب القليل من الشاي
- اجل كان يجب ان أجد شريكا معي وهاشم شاب ذكي أعجبني فيه طموحة وحماسه الشبابي
ابتسمت برقة لتجيبه متعاطفة
- متى تنوي السفر لأجهز لك الحقيبة
- بعد غد ان شاء الله
أكمل بهدوء :
- انا اعرف انها المرة الأولى التي أتركك بها وحيدة لكن سأحاول الانتهاء والعودة بسرعة .
قد يكون حكمت طيب القلب ومتعاون يفسح لها المجال بأمور كثيرة وذلك لثقته الكبيرة بيها لكنه يبقى شرقيا وله بعض الخصال التي لا تتغير مثل عناده و غيرته النابعة من مسؤوليته التي يشعره بها تجاههم حتى وان كان زواجهم صوريا فهو لا ينفك يتدخل بكل أمورهم الصغيرة والكبيرة وهي تسمح له لآنها فعلا تحبه تماما كوالدها وتشعر معه بالأمان والتي تعلم انه سينتهي في يوما ما
يا الهي لقد أصبحت عجوز بجسد شابه ..تمتمت بذلك وهي تسير بتمهل في الحديقة تشعر كأنها في سجن من ذهب صحيح ان حكمت أعطاها الحرية بمغادرة القصر بشرط ان تصطحب معها مدبرة المنزل .. لكن شعورها لم يكن بسبب المكان بل روحها من كانت سجينة تشعر بالخواء يتأكلها حزن لا تعرف سببه ..
تدحرجت دمعه ساخنة على وجنتها الناعمة لتمسحها بسرعة .. فكرت بمرارة ليت السعادة كانت تشترى بالمال لو كانت كذلك لكانت الآن بحال مغاير عن حالها
ابتسمت بشحوب وهي تتذكر والدها وحنانه وكم كانوا عائلة سعيدة رغم فقرهم ..
تنهدت بحرارة ثم همست بخفوت
- افتقدك أبي افتقد دفئك وحنانك رحمك الله أنت وأمي
تذكرت حكمت مضى الآن ثلاث أيام لسفره ترى كيف حاله ؟! هي لم تتصل به الا مرة واحده فكرت قليلا قررت أن تتصل به نظرت لساعة معصمها وقد كانت تشير إلى التاسعة صباحا قالت تخاطب نفسها
- حسنا اتصل به بعد قليل فقط لأطمئن عليه