رواية عشق مكبل بالقيود الفصل الحادي عشر 11 بقلم رقية سعد
مبارك لك عزيزتي النجاح والتفوق أنت تستحقين لقد تعبت جدا في المذاكرة
قالتها رشا وهي تحتضن شقيقتها بقوة دامعة العينين فها قد مضى عام كامل وهما تعيشان في تلك الشقة المتواضعة التي رغم صغرها الا أنها كانت حميمة تكفيهما وكذلك راتبها الذي زاد بسبب تفانيها وإخلاصها في عملها مما جعلها مصدر ثقة لكل أولياء الأمور والمعلمين والمدير
اجابت ريام بفخر
- الفضل يعود لك أختي كل كلمات الشكر والامتنان لا تعطيك حقك
ضربتها على رأسها بخفة
- أنت لست أختي فقط أنت ابنتي الصغيرة
تمتمت ريام وهي تعاود احتضان أختها
- لا حرمني الله منك رشا
هتفت رشا وهي تمسح دموعها
- سنحتفل بنجاحك ودخولك إلى الجامعة هيا انهضي سندلل أنفسنا اليوم
اجابت ريام بخجل
- لكن شقيقتي انا لا اريد ....
قاطعتها رشا بحنان فقد علمت بما تفكر شقيقتها
- لا تقلقلي حبيبتي لدي من المال مايكفي ... والان هيا انهضي دون كسل والا غيرت رأيي
اومأت ريام بحماس ثم اتجهت لغرفتها بسرعة البرق لكي تغير ملابسها
.................................................. .....
أنها هي اجل هي بضحكتها بشعرها الغجري وبوجهها المرمري هي لا يمكن ان يخطئها ابدا ...همسها وهو يقف و يستأذن مجموعه من رجال الأعمال كانوا يجلسون في مطعم له نوافذ كبيرة تطل على الشارع .. لا يعرف كيف أدار وجهه إلى الناحية الأخرى ليراها إمامه مع فتاة تصغرها بالعمر ربما شقيقتها ... اندفع يخرج من المطعم وهو يدور بعينيه في الأرجاء كانت قد ابتعدت قليلا .. تحمل أكياس عدة ..حسنا رشا لن تفلتي من يدي لن أجعلك تغيبين عن ناظري بعد ان وجدتك ...بقي يتتبعها بسيارته من شارع لأخر الى ان عرف مكان سكنها وهو يبتسم ويهمس بأنفاس لاهبة
- قريبا ستكونين بمنزلي رشا اعدك بذلك !!
عادت من العمل متعبة غيرت ملابسها بملابس منزلية مريحة واتجهت الى المطبخ لإعداد الطعام قبل ان تصل ريام من الجامعة فهذا هو اليوم الأول لها كانت متحمسة جدا للذهاب و كأنها طفلة تدخل المدرسة للمرة الأول .. لبست مئزر المطبخ و ما ان بدأت بغسل الخضراوات حتى تعالى صوت جرس الباب تمتمت بتعجب .. مستحيل ان تعود ريام مبكرا هكذا
مسحت يديها بالمنشفة وتوجهت لفتح الباب لتتسمر مكانها ما أن تعرفت على هوية الزائر
- مرحبا رشا
قالها بصوته الرجولي الابح .. لوهلة ظنت إنها تتوهم أوانه مجرد خيالات واهية تتراءى لها بسبب كثرة تفكيرها به .. تمنت فعلا تمنت من كل قلبها ان يكون مجرد وهم او خيال .. لكن كلا ليس خيالا انه واقف أمامها ينظر لها بوجه متعب وعينان غائرتان لكن عميقتان ومشتعلتان ببريق غامض .. استعادت رباطة جأشها وقالت ببرود
- أهلا سيد هاشم .. هل من خدمة ؟
أجاب بصوت أجش خافت
- هل يمكنني الدخول ؟!
قالت بحدة رغم قلبها المشتاق له
- أسفه انا أعيش وحيدة في المنزل
اجاب بابتسامة حزينة وربما متألمة
- لا باس سأدخل ولندع الباب مفتوحا لدي أمر ضروري علي ان أطلعك عليه
أجابت بقوة
- أرجوك سيد هاشم هل تريد أن تتشوه سمعتي ويتم طردي من المنزل
تنفست بعمق لتستطرق بتساؤل
- ثم لو أردت ان تسألني عن اي شيء يخص العمل فانا أسفه لا استطيع ان أساعدك أنصحك بالذهاب الى أبناء أخيه لحكمت فهم من يديرون الشركة الآن ؟!
لم يكن يستمع لحرف مما تقول فقط عيناه كانت تسير ببطء وتمهل على ملامحها الناعمة الغاضبة لم يهتز له طرف ولم يتأثر من طردها الغير مباشر له .. لن يتركها مهما كلفه من ثمن سيتزوجها رغما عنها ولن يمنعه شيء من ذلك فكر بذلك وهولا يزال يحدق بشفتيها .
همت بغلق الباب الا انه سارع باعتراض طريقها والدخول عنوة الى الداخل وإغلاق الباب وراءه دون ان يبارح عينيه وجهها الشاحب .. اتسعت عيناها و بدأت أنفاسها لاهثة وهي تقول بهمس حاد خشيه من ان يسمعها احد من الجيران
- ماذا فعلت ؟! أمجنون أنت ؟! كيف تقتحم الشقة بهذا الشكل الهمجي
كتف ذراعيه ورفع حاجبه بغرور و هو يقول
- يجب ان نتكلم
هتفت بدهشة
- اي كلام هذا ؟! لا يوجد بيننا كلام اخرج من فضلك والا سأصرخ واتهمك بالسرقة
تقدم منها ببطئ وهو يقول بهدوء
- تزوجيني
فغرت فاهها ونظرت له بذهول بينما عم الصمت فجأة وكل منهم ينظر الى الاخر .. هل قال تزوجيني ؟! همستها رشا بسرها وهي لا تزال غير مصدقة لما يقول هل يمازحها ؟!
لكن لا هو لا يطيقها لكي يمزح معها اذن بالتأكيد يسخر منها .. اجل يسخر همستها بمرارة سينتظر منها ان تسارع بالقبول ليثبت لنفسه انها طامعة بثروته
هتفت بحدة وهي تجاهد لكي لا تبكي
- اخرج من هنا سيد هاشم
أجاب بالهدوء نفسه
- تزوجيني رشا
قالت وهي تهز راسها بياس
- لا فائدة
أجاب بقوة وتعجب
- اقول لك تزوجيني وانت تقولين لا فائدة ؟ لا فائدة من ماذا ؟!
قالت بعينان دامعتان
- لا فائدة منك انت من تفكيرك لأني اعرف ماذا هناك خلف هذا الطلب
قال بغموض
- و ما الذي فهمتيه خلف طلبي رشا
هتفت بألم وعيناها مغرورقتان بالدموع
- تريد أن تثبت باني طامعة وباحثة عن المال مجرد عاهرة تبيع جسدها لمن يدفع اك....
لم يدعها تكمل كلامها لينطلق الاعتراف لا ارادينا من شفتيه
- لأنني احبك
نظرت له بدهشه وعيناها لازالت تلتمع بالدموع
أكمل بضعف
- اجل رشا أنا احبك .. لقد اكتشفت حبي لك منذ اخر زيارة قمت بها لمنزلكم كنت ..كنت تسقين الأزهار في الحديقة ..رأيتك من نافذة المكتب .. أدركت حينها لما كنت اشعر بالغضب والنفور منك أدركت أنني كنت اغار من فكرة تواجدك قربه أغار من ابتسامتك التي توجهينها له باختصار كنت احترق بلهيب الغيرة والألم وكذلك الخيانة
شهقت بخفوت ليكمل
- اجل الخيانة لم يكن من المفترض ان اقع بحبك بل لم يكن من الاساس ان افكر بك لكنه حدث ولم يكن بيدي
أكمل بإنهاك قبل ان يتجه الى الأريكة ليتهاوى بتعب راميا ثقل جسده عليها
- و ما جعل حبك يتشبث داخل حنايا قلبي اكثر هو معرفتي سبب زواجك من حكمت لقد اخبرني كل شيء !!
قالت بهمس خافت بينما قلبها يخفق بشدة
- بماذا أخبرك حكمت ؟!
قال وهو ينظر لها بحزن
- انه تزوجك لأنك كنت وحيدة وصغيرة ..تزوجك لان والدك أوصاه بالحفاظ عليكما أنت وشقيقتك ولم يجد بدا من حمايتك إلا من خلال الزواج
لم تستطع رشا ان تجيبه بشيء فهذا أقصى ما كانت تتمناه و كأنها بحلم جميل اجل كل ما يجري هو حلم أخرجهم من عالم الخاص صوت الباب وهو يطرق بإلحاح .. حثت خطاها المتثاقلة لتفتحه كالمغيبة .. وقد كانت جارتها السيدة ام إبراهيم دلفت الى الداخل كالبرق دون ان تتعب نفسها بإلقاء التحية وهي ترمق هاشم بفضول واستغراب فقد شاهدته وهو يدخل الشقة وأرادت التأكد قبل فضح الخبر
قالت بلهجة ساخرة
- من هذا السيد رشا ؟! ثم كيف تدخلينه إلى المنزل وأنت وحيدة اللهم استر على بناتنا
قال هاشم بغضب
- انا خطيبها سيدتي
أجابت بلهجة ساخرة
- منذ متى وأنت خطيبها ؟ وكيف خطبتها ونحن لا نعلم ؟!
- الآن جئت لخطبتها وقد وافقت
قالت ام إبراهيم بتحدي
- اذن تعال أخطبها من كبير الحي إذا كنت صادقا بكلامك ؟!
هتفت رشا بحدة
- أرجوك خالتي ...
الا ان هاشم قاطعها بلهفة وكأنه كان ينتظر منها هذا الكلام
- اين أجد كبير الحي من فضلك أرشديني لمنزلة و سأخطبها منه حالا
ذهب من فوره إلى القهوة التي يملكها كبير الحي والذي يدعى الحاج ابو فهد ..ما ان دلف الى داخل القهوة ووقعت عيناه عليه انقبض قلبه بشدة كان شكله يوحي بالرعب فقد كانت الجروح تملئ وجهه بينما شاربه الكثيف يغطي فمه ممتدا من الجانبين الى نهاية ذقنه بينما نظراته الحادة الداكنة كانت تراقبه بدقة اقترب منه هاشم بثبات قائلا بهدوء
- السلام عليكم أنت الحاج ابو فهد
أجابه بصوت خشن ورخيم لتكتمل الصورة المرعبة أمامه
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. اجل أنا هو هل من خدمة ؟
قال بثقة وصلابة
- أريد التحدث معك بأمر هام
أشار بيده في الكرسي المجاور لطاولته قائلا بوقار
- تفضل و قبل ان تبدأ بكلامك ماذا تحب ان تشرب
جلس هاشم بهدوء ثم قال بأدب
- شكرا لك يا حاج فقط أريد ان أقول ما عندي واذهب
أجاب الرجل باهتمام
- هات ما عندك كلي آذان صاغية
سحب نفسا عميقا وبدأ بالكلام وعند انتهائه قال ابو فهد و هو يفكر بعمق بينما يده تعبث بشاربه الكثيف
- الحقيقة أيها السيد ... ما اسمك انا لم أتعرف عليك بعد
أجاب هاشم بهدوء رغم ضربات قلبه التي تعالت بترقب
- هاشم الخالدي رجل أعمال
اجلي ابو فهد حنجرته ليقول بحرج
- حسنا سيد هاشم اعتقد انك تأخرت بطلبها
قال هاشم بشك
- ماذا تقصد ؟
اجاب ابو فهد ببساطة
- الحقيقة أنا أريد خطبتها لولدي فهد
هبط قلبه لقدميه ليقول بتوجس
- هل كلمتها بهذا الشأن ؟
هز رأسه بالنفي ليقول شارحا
- سأكلمها اليوم بشان ولدي و بشأنك و ما تقرره هو ما سيكون
أومأ هاشم بثقة
- اتفقنا يا حاج
اخرج كارت صغير وناوله إياه قائلا وهو يقف
- استأذن الان وهذا رقم هاتفي في المكتب والمنزل وانا سأنتظر مكالمة منك
هتف ابو فهد
- أنت لم تشرب شيئا هذا لا يصح
قال بابتسامة واسعة
- إن شاء الله في المرة القادمة أتي لأشرب مشروب الأفراح وأنا اسمع موافقتها