رواية اقبلني كما انا كاملة بقلم فاطمة الزهراء عرفات
الفصل الأول)
.....................
مع بداية بزوغ الشمس في أحد الأماكن النائية خرج شاب من بيته المتواضع ليبدأ عمله في ورشة إصلاح السيارات، شق طريقه بعزم ليلمح أربعة كلاب جالسين حول شيء ما ألقى عليهم نظرة بدون اكتراث معتقدا بأنهم يحمون جرائهم
الصغيرة، ثم أدار رأسه بعدم تصديق عندما سمع همسات طفل رضيع يصرخ رمش ذلك الشاب وأقترب من الكلاب التي نهضت وبدأت بالنباح عليه كأنها تحمي الصغير منه
أرتد للخلف قليلا ليرى طفل عاري معلق بالحبل السري خاصته وظاهر على صدره حرق نار أقترب منه ورهب بيده لكي تبتعد الكلاب لم يجد منفعة منها سوى النباح عليه لمح بعصا على الأرض ألتقتها ثم حركها في وجه الكلاب لتبتعد عنه
جثى على ركبتيه وحمل الصغير الذي يصرخ ويتلوى ثم تمتم بتعجب ممزوج بتساؤل : يا ستار يا رب .. ده لسة حتة لحمة حمرة .. فين ابوه وامه ؟! وازاي هان عليهم يسيبوه كده .. أكيد أبن حرام
لينهض وهو ممسك بحذر الطفل وتابع تحديث نفسه : سبحان الله الكلاب أحن عليه من أبوه وأمه .. عملوا عملتهم وهربوا وقتلوك .. والكلاب اللي رجعتك للحياة بأمر من ربنا .. مسكين يا بني هتعيش بذنب مش ذنبك لأخر العمر
ثم هز رأسه كأنه يوقظ نفسه بتفكير : أنا لازم الأول أخده المستشفي لاحسن يموت وبعدين ابلغ الشرطة
للتو أخذ الشاب باله بشيء يلمع على الأرض ليردف بفضول أكبر : ايه ده ؟!!
.................
في مدينة الأسكندرية بداخل استوديوهات تصوير البرامج التلفزيونية، هناك مقدمة برامج تحاور الضيف
ليصدح صوت المذيعة بأبتسامة وهي تستأنف الحديث : ورجعنا من الفاصل اعزائي المشاهدين مع ضيفتنا اللي منورة المكان مكية سند .. نكمل كلامنا قبل الفاصل كنت عاوزة أقولك ازاي أهلك كانوا بيتصرفوا لما كنتي تشكيلهم على حالات التنمر اللي مريتي بيها بخصوص الوحمة
أبتسمت "مكية" وأردفت بصوت ممتن : ماما وبابا واخواتي وصحبتي الداعم النفسي ليا .. عمرهم ماحسسوني اني ناقصة عن البنات بالعكس ديما بيدعموني بكلامهم .. ربنا يحفظهم ليا أنا من غيرهم ولا حاجة
تابعت المذيعة الحديث بهدوء : في نهاية البرنامج هطلب منك نصيحة تقوليها للناس اللي مش قابلين نفسهم
أستنشقت "مكية" دفعة من الهواء وأجابتها بنبرة صادقة : كل اللي اقدر اقوله انك تحب نفسك زي ما هى
هزت المذيعة رأسها وقالت بأسف : طب المخرج بيقولي أن وقت البرنامج خلص بحب أشكرك يا مكية .. وحابة أقولك انك جميلة أوي وفرحانة اني عملت معاكي حلقة من البرنامج
بادلتها مكية أبتسامة هادئة لتتابع المذيعة الختام بأبتسامتها الجميلة : وهنا وصلنا لختام الحلقة اعزائي المشاهدين أتمنى تكون الحلقة عجبتكم وخفيفة على قلبكم .. دمتم في خير الي اللقاء في حلقة جديدة من برنامج نجوم السوشيال ميديا
بعد التأكد من قطع البث المباشر نهضت مكية وحاولت خلع المايكروفون وعاونتها فتاة، تابعت مكية الحديث لرفيقتها التي كانت جالسة خلف الكواليس : يلا يا تسنيم
أقتربت منها وهي تقول بفرحة عارمة : كنتي زي القمر يا مكية وانتي بتتكلمي .. ريهام سعيد يا ناس
همهمت المذيعة بلهجة تقريرية : تشرفت بيكم
أخرجت مكية من حقيبتها هاتفها الخلوي وأقتربت من المذيعة وهي تستأذنها : ممكن أخد معاكي صورة سيلفي .. عشان أنزلها على استوري على الانستجرام
أومأت رأسها بموافقة وتم التقاط صورة بجانبها ثم أستأذنت الفتاتان وخرجوا ليذهبوا الي أحد الكافيهات الباهظة، أردفت تسنيم الكلام بنبرة منزعجة : انتي هتقضيها خروج وكافيهات من يوم ما جينا الاسكندرية
ردت مكية عليها بنبرة فرح : بابا أصر أننا نعزل من القاهرة عشان الفانز اللي عرفوا عنوان البيت .. حتى الجامعة أتنقلت منها
عضت تسنيم على شفتيها بغيظ : تصدقي أنا غلطانة اني اتحايلت على ابويا وامي عشان اسكن عند عمي وكل ده بسببك .. قولت صحبتي مقدرش اعيش من غيرها
ألقت مكية قبلة في الهواء لرفيقتها وهي تقول : عشان انا مكية سند أم وحمة
رمشت تسنيم عدة مرات وتابعت بحنق : آه لو الناس تعرف انك بتكدبي عليهم وأنك اكتر واحدة بتكرهي الوحمة اللي في وشك .. هتطلعي ترند
تنهدت مكية بصوت عالي وأردفت بأبتسامة مصطنعة : وعمري ما هحبها يا تسنيم دي مشوهة وشي .. أنا بقول اني بحبها وبدعم الناس اللي عندهم إعاقة أو تشوه عشان يكون عندي فلورز كتير
أكملت تسنيم الحديث بعتاب وهي تهندم حجابها : كان ممكن تلمي اكتر منهم لو ماقلعتيش الحجاب .. انتي بتكدبي على نفسك يا مكية .. انتي بتحبي الشهرة بس بتكسبيها بالغلط .. من يوم ما قلعتي الحجاب ومكية اللي أعرفها أتغيرت ١٨٠ درجة .. حبيتي الشهرة اكتر من اي حد .. حياتك كلها على النت
جزت مكية على أسنانها وأردفت بضيق والعبرات في مقلتيها : لو سمحتي يا تسنيم بلاش نتكلم في حاجات بتعصبني.. مش هتكوني انتي واللي في البيت عليا
أنتبهت لها ثم سألتها بتوجس: طب أهدي انتي بتعيطي ليه؟ هما لسة بيتخانقوا معاكي؟
هزت راسها بحزن لتتابع حديثها وهى تجفف عبراتها: اختي ديما بتعاير فيا وتقولي كلام كفيل اني اكره شكلي بسببه
ربتت تسنيم على كف رفيقتها وأستطردت بعزم وهى تغير موضوع الحديث : انتي بتاخدي على كلام مودة؟ دي لسة عيلة وبتهزر معاكي.. أقولك يلا نروح
أومأت مكية رأسها لصديقتها ونهضت ثم جففت عبراتها وغادروا المقهى متوجهين للمنزل
..........
"مكية أشرف سند" فتاة في الثانية والعشرين من عمرها تدرس في كلية التمريض، ومن لا يعرف مكية الفتاة الملقبة بأم وحمة تلك الوحمة السوداء المنقوشة أسفل عينها، مشهورة على مواقع التواصل الأجتماعي بنشر فيديوهات لها ووعظ
الناس بتقبل أنفسهم كما هى، هذه النصيحة الدائمة قولها ولكن لا تعمل بها فأنها أشد كرها للوحمة، الكثير من الشباب تعاطف معها وأحبها، كانت تعيش هي وعائلتها في القاهرة ولكن بعض من المعجبين
علموا بمنزلها فكانوا كل يوم وكل وقت يأتون لكي يروها مما أغضب والدها فقرر بالذهاب الي محافظة الاسكندرية
..................
بمكان أخر ترجل شاب من سيارته وبدأ بطرق الباب بعصبية لتفتح له سيدة وقورة والحزن مخيم على وجهها، أردف الشاب بعصبية : قاعد في أوضته ؟
لم ينتظر منها رد وأسرع في خطواته لتمسك بمعصمه وهي تقول بحزن : أستنى بس يا سيف
نظر لها بعتاب وأردف بضيق : أستنى ايه اكتر من كده .. لما يضربك؟ ولا لما يطردك من البيت
خرج شاب أخر من الغرفة ورمق أخاه بمقت وأردف بأستفزاز : عيب عليك .. أنا مش أبن حرام عشان أرمي أمي في الشارع
نهرته ميسرة بغضب : عيب كدة يا يوسف .. انت بتكلم أخوك الكبير
ليقهقه يوسف بعلو صوته : أخويا؟ .. لأ ده مش أخويا
أقترب سيف منه ثم سأله بجدية : أنت بتلمح بأيه .. عاوز تقول حاجة محشورة في زورك
أومأ يوسف رأسه وتحدث بفظاظة : بلمح انك مش أخويا .. ولا هتكون أخويا .. ابويا الله يرحمه وامي أتبنوك من الملجأ .. وكسبوا فيك ثواب
هتفت ميسرة بحدة عالية : أحترم نفسك يا يوسف مش كل ما سيف يجي تمشيه مكسور الخاطر .. طب حتى أسئل علي أبنه
تنهد سيف وأردف بهدوء مصطنع : طب وبعد ما أتبنوني ورحموني من مرمطة الملاجأ .. انت زعلان ليه .. مستكتر على أبوك وأمك أنهم ياخدوا ثواب
صرخ يوسف بغطرسة : مستكتر عليك الفلوس اللي ورثتها من أبويا .. آآ
قاطعه سيف في الحديث بعصبية : أنا ماورثتش حاجة .. بابا عكاشة وماما ميسرة أتكفلوا بيا بس .. انا ماتكتبتش على أسمهم أنا مكتوب بأسم ابويا وامي الحقيقيين اللي ماتوا .. ومانكرش اني حبيتهم اكتر من أبويا وأمي لأنهم هما اللي ربوني وكبروني لغاية ما بقيت دكتور واقف قصادك وهيفضلوا أهلي
لم يكترث يوسف بحديثه ليدلف لداخل غرفته ويغلق الباب خلفه بعصبية، ألتفت سيف لوالدته المنهارة من البكاء وقبل يدها ثم جفف عبراتها وقال بصوت حاني : هتفضلي أمي .. الأم مش باللي تحمل وتولد .. الأم باللي تربي .. أنا قولتلك تعالي عيشي معايا أنا وسوزان بس انتي اللي رافضة
ربتت بأصابعها على وجهه وقال بتنهيدة : ماقدرش يابني أسيب يوسف لوحده .. هو صحيح تاعبني بس انا وراه لحد ما حاله يتصلح ويتجوز زيك
أومأ رأسه بفتور وتابع بنبرة جدية : أنا همشي يا ماما ورايا شغل كتير .. لو يوسف ضايقك ياريت تكلميني
ثم فتح الباب وخرج وأغلقه خلفه بهدوء، تابعت أعين ميسرة ابنها وهو يبتعد بسيارته ثم دلفت تصيح بغضب: انت يا زفت يا يوسف.. لسة ماخلصتش كلامي
.............
سيف صبري طبيب بشري في الثامنة والعشرين من عمره تكفلت به ميسرة وزوجها عكاشة من دار الأيتام، تزوج من فتاة أحبها وأنجب منها طفل
أجتهد حتى أصبح طبيب، لم يحمل أسم عكاشة ولكنه أخذ اللقب ليصبح معروف بسيف الأديب
.............
وصلت مكية الي العمارة التي تسكن بها سارت للداخل ثم دلفت للمصعد ظلت تنظر في انعكاس المرآة على شكلها ووحمتها تذكرت قول شقيقتها في الصباح: شكلك وحش اوي يا مكية الناس هتتخض منك على أول الصبح ذنبهم ايه تقلقي يومهم من أوله
أعطت ظهرها للمرآة وجلست على الارض مسندة ظهرها للحائط بحزن وضمت ركبتيها وتركت لنفسها العنان بالبكاء
دلف شاب للمصعد ممسك باقات زهور كثيرة وجميلة لم يكترث بها وأراح القليل من الباقات بجانبه على الأرض
سمع شهقات بكائها خلع سترته الجينز وألقاها برفق فوقها ثم ضغط على الزر أبعدت مكية السترة بفضول لتتفاجأ به وقفت بسرعة وحدجته بضيق خفيف
وقالت بحدة قليلة: نعم!! عاوز ايه أنت كمان.. آآه انت عاوز تتصور معايا عشان تتفشخر قدام اصحابك ولا اقولك تحب اوقعلك بالمرة على خدك.. ده أنا عزلت من القاهرة من غير ما اقول لحد عرفت ازاي اني جيت الاسكندرية بالسرعة دي؟ من أمتى وأنت بتراقبني؟ سيبوني في حالي يا ناس انا مش غريبة انا زيي زيكم
رمش بكلتا عينيه بدهشة ثم قال بنبرة متعجبة باردة: شششششش.. أبلعي ريقك
أستكانت مكية قليلا ثم تابعت بنبرة هادئة نسبيا بعد ان رأت الزهور بجانبه: برضو انا عاوزة أعرف أنت عاوز مني ايه.. يا استاذ سيبني في حالي.. بصراحة اليومين دول انا مودي زفت ومش عاوزة أقابل حد.. أتفضل أمشي عشان ماتعملش لنفسك مشاكل انت مش قدها
هدر بها بعصبية قليلة جعلها ترتجف: وأنا هعوز منك ايه؟.. انا ماعرفش اسمك
أعتقدت بأنه يريد تحقيرها تشنجت قسمات وجهها بغضب من فظاظته لتصدر صوت من بين شفتيها بصدمة قبل أن تقول : ماتعرفش اسمي؟!!.. انت عاوز تفهمني انك ماتعرفنيش؟!
أومأ رأسه وقال لها بنبرة فظة: لازم أعرفك يعني
مقتنعة مكية اقتناع تام بأنه يريد السخرية منها بسبب لهجتها القوية معه في الأول وضعت أبهامها وسبابتها عند مفترق عينيها ونطقت بتذكر ممزوج بسخرية : مين مايعرفش مكية سند.. امال الورد اللي انت جايبه ده مش عشان أبتسم في وشك
رمقها بدهشة كبيرة من هذه الفتاة الحمقاء التي تعطله فأردف بتعجب: ورد ايه يا أنسة اللي عشانك!! انتي عاملة الفيلم ده كله عشان تاخدي وردة
فتحت فمها بصدمة وقالت بدون تصديق: هو الورد ده انت مش جايبه ليا؟!
عض على شفتيه بنفاذ صبر وهتف بها بتأكيد: انتي هترمي بلاكي عليا.. انا ماعرفكيش عشان أجبلك ورد.. انتي فاكرة نفسك خطيبتي
أكدت مكية قولها بتحدي: امال أنت طالع فوق فين؟ وآآ.. أستنى هنا انا بكلمك
فتح باب المصعد ليخرج منه بعد أن لملم الزهور، أحتقن وجهها بغضب ثم لحقت به وهي تصيح : خد هنا انت رايح فين؟ .. انت كمان عرفت الشقة بتاعتي انا مش بكلمك
أقترب الشاب من الشقة المجاورة لشقتها لتتوقف مكية بحرج شديد وعى تراها يخرج مفتاحه من جيب بنطاله : آآه انت ساكن هنا .. أصل أنا بقالي أسبوع في العمارة دي وماشوفتش حد بيدخل في الشقة دي.. أفتكرت غيري انا وأهلي بس اللي ساكنين في الدور الساتت.. أنا جارتك الجديدة ساكنة في الشقة دي
نظر لها مطولا ولم يتحدث فتابعت مكية بنبرة حرج: بص انا اسفة على قلة زوقي.. بس انت عصبتني لما قولتلي انك ماتعرفنيش.. انا عارفة انك بتهزر
أستمر بالتحديق بها فعاودت القول مرة أخرى ولوحت بكفها امام أعينه : هالو أنت معايا.. بقولك انا مكية سند اكيد غنى عن التعريف انتي عارفني طبعا
أجابها بنبرة برود : مين انتي عشان أعرفك؟
خجلت من نبرته الفظة فقالت بضيق وهي تعبث بخصلات شعرها : انت مصمم انك تزعلني.. طيب هعرفك على نفسي وامري لله.. انا مشهورة.. انت مابتشوفنيش على النت والتلفزيون
أردف الشاب بنبرة مستفزة وهو يفتح الباب : أنتي ممثلة؟
هزت مكية رأسها بنفي فتابع سؤاله بتهكم: طب مغنية؟
مجددا هزت رأسها بالنفي، لوى فمه بحنق ثم سألها مرة أخيرة: يبقا مذيعة
مثل المرة الأولى والثانية فعلتها مكية فقرب وجهه منها لتتراجع هى للخلف وأردف بسخرية: ولما انتي مش ممثلة ولا مغنية ولا حتى مذيعة.. بتقولي على نفسك مشهورة ازاي؟
فردت جسدها ورفعت يدها للأعلى وقالت بفخر: انا مشهورة على السوشيال ميديا.. أنت بتبصلي كده ليه؟
رمقها مطولا ثم أستطرد ببرود: عاوز أدخل جوا .. أبعدي
تراجعت للخلف قليلا ثم حمل باقته العطره للداخل وقبل ان يغلق الباب أمسك زهرة مع بعض ومد يده بها: انا عارف انك عاملة الليلة ده كلها عشان تاخدي وردة.. أتفضلي.. اسمها زهرة القرنفل بترمز للكبرياء مش اتذل للناس عشان اخد ورد.. امسكي
أخذتها منه وهى مغيبة عن الواقع من حديثه أغلق الشاب الباب خلفه، لتهتف بغضب خفيض ممزوج بحرج : مين الواد ده .. وليه شايف نفسه عليا .. عشان عيونه ملونة ... بس ازاي مايعرفنيش .. ده انا مكية سند.. وايه ده كمان الجاكت بتاعه
دلفت لشقتها هى الأخرى ومازالت تحدث نفسها لتوقفها هالة والدتها بعصبية : انتي بتكلمي نفسك يا مكية
أقتربت من والدتها وأردفت بعدم تصديق : ماما .. هو ازاي مايعرفنيش
جلست هالة على المقعد بتعجب : مين ده؟ وجاكيت مين ده؟
أكملت مكية الحديث بضيق : اللي ساكن قصادنا .. أنا مافيش حد في مصر مايعرفنيش
صرخت والدتها بنفاذ صبر : يووووووه .. بطلي غرورك ده .. فاكرة نفسك مين غادة عبد الرازق وبعدين انتي أتأخرتي ليه؟ .. البرنامج خلص من ساعتين وأكتر .. مكية يا حبيبتي بلاش تلعبي في عداد عمرك .. أبوكي مستني غلطة من يوم ماقلعتي الحجاب
جزت على أسنانها بغضب : خلاص يا ماما انتي محسساني أني قلعته امبارح ده من تلت سنين
هزت رأسها بنفي : لأ مش خلاص .. أخواتك البنات اللي أصغر منك محجبين وأنتي الكبيرة قلعتيه وكل ده عشان الزفت النت .. انتي بتاجري بالوحمة اللي في وشك
أردفت مكية بنبرة حزينة : هو أنا كنت بشحت بيها .. ده انا بقول للناس اني بحبها
هدأت هالة عندما رأت أبنتها حزينة فتحدث بتفهم : يا حبيبتي .. أنتي جميلة بالوحمة .. أعملي باللي بتقوليه على النت .. حبي نفسك وأحمدي ربك انتي أحسن من ناس تانية بكتير .. روحي غيري هدومك وأنا هحضر الغدا عشان ناكل كلنا.. وأتصرفي في الجاكيت ده لصاحبه
دلفت مكية لغرفته ثم ألقت الجاكيت على السرير وقالت بحنق: اسمه ايه ده؟
..................
يحيى عاصم القاضي شاب في الثامنة والعشرين من عمره صاحب العيون الرمادية أبن عاصم القاضي الذي يمتلك مزارع للفواكه والخضراوات، بينما هو لديه مشتل للورد المكان المفضل له
يحيى شاب عاشق للعلم أكمل دراسته العليا للتنمية وأفتتح مركز لتعليم التنمية البشرية، توفت والدته وأخيه الصغير أثر حادث مؤسف فأعتنى به والده
.................
بالشقة المجاورة ألقي يحيى بثقله على الأريكة ليسمع صوت والده عاصم بالداخل : انت جيت يا يحيى
رد عليه بنبرة دهشة : بابا انت هنا من أمتى؟
خرج والده من المطبخ وهو ممسك بصنية عليها قالب من الكعكة عليها شمعتين برقم ٢٨ مشتغلين
أقترب عاصم منه وقال بفرحة عارمة : كل سنة وأنت طيب يا يحيى .. النهاردة عيد ميلادك .. كملت التمنية وعشرين سنة
تغيرت قسمات وجه يحيى ليتحدث بهدوء : بابا أنا مش يحيى .. أنا بدر الدين .. يحيى مات .. لية مش مقتنع بكده