رواية اقبلني كما انا الفصل الثاني 2 بقلم فاطمة الزهراء عرفات
فصل الثاني
..........
أختفت أبتسامة عاصم فتابع يحيى الحديث بتنهيدة طويلة : بدر اللي هو أنا عيد ميلادي بعد شهرين .. يحيى اللي عيده ميلاده النهاردة مات
وضع عاصم الكعكة على الطاولة وجلس على الأريكة ثم أمسك بيد أبنه وأجلسه بجواره وهو يقول بجمود : لأ .. أنت يحيى وبدر الدين اللي مات .. وده مش الموضوع اللي جاى أتكلم معاك فيه .. أنا عاوز أعرف أنت بقالك كام يوم مش بتبات فى الڤيلا .. ليه؟
زفر يحيى دفعة من الهواء وهو يتابع بنبرة ضيق : عشان عمي لطفي .. أنا مش ناقص صداع منه
أردف عاصم بجدية : أنت عاوز تسيب أملاكك للطفي .. الڤيلا والمزارع كلها انت اللي هتورثها بعد موتي .. ولطفي ماهيطولش مليم أحمر .. أنا سايبه هو ومراته وبنته يعيشوا معانا بمزاجي
ثم تحولت نبرة عاصم للعزم وهو ينهض : يلا هنمشي من هنا
عقد يحيى حاجبيه بدهشة : فين؟! .. بس انا لسة جاي من المزرعة الكبيرة وجعان وكــ
قاطعه عاصم بحدة : هناكل في الڤيلا .. مش هسمح للطفي أنه يتهنى بفلوسي .. يلا يا يحيى وبلاش رفض
جز على أسنانه وهو ينهض بضيق شديد وقبل أن يتفوه بحرف تابع عاصم الحديث بجدية : وأعمل حسابك من النهاردة هتبات في الڤيلا .. عشان خاطري
أومأ يحيى رأسه بدون أكتراث : حاضر يا بابا .. يلا بينا
ثم تقدم بضع خطوات ولكن والده أوقفه : مش هتطفي الشمع
ألتفت برأسه وقال بأبتسامة صفراء : ما أنا قولتلك أنا بدر الدين مش يحيى
نفث عاصم هواء من فمه ليطفأ الشموع وتحدث بلامبلاة : كل سنة وانت طيب يا يحيى
ثم دلف بها للمطبخ ووضعها بالثلاجة وخرج مع أبنه ليتوجه الي الڤيلا التي يسكن بها يحيى برفقة والده وعمه
ترجل يحيى هو وعاصم من السيارة عند وصوله الي الڤيلا ومن ثم دلفوا للداخل كان لطفي هو وزوجته كوثر وأبنتهم رواء جالسين على السفرة يتناولون الغداء
أمتعض وجه لطفي عند رؤية يحيى فقال بسخرية : شرفت يا يحيى .. بقالك كام يوم ماظهرش
جلس عاصم في مقدمة السفرة وبجانبه على اليمين أبنه الذي قال ببرود ممزوج بأستفزاز : مشغول يا عمي .. مش ملاحق على المزارع ولا على السنتر
أبتسم عاصم على رد أبنه فتابع هو الحديث : ربنا معاك يا بني .. كل التعب ده هيروح ليك في الأخر بعد ما أموت
أغتاظ لطفي من تلك الجملة لينهض بغضب ثم تمتم لهم : أنا شبعت
توترت كوثر قليلا لتستأذن تذهب لزوجها، نهض عاصم أيضا وهو يقول : أنا كمان شبعت
ألتفت يحيى برأسه لوالده الذي دلف لمكتبه ثم نظر لأنه عمه فقال بنبرة تعجب : هما مالهم؟
أقتربت رواء وجلست بجواره ثم أردفت بفضول : يحيى .. هو انت ماشوفتش فارس النهاردة
أرتشف بضع قطرات من الماء ثم تحدث بخبث : ليه؟ وحشك؟!
أومأت رأسها بلهفة ثم تداركت نفسها وأردفت بتعليم : لأ طبعا ايه اللي أنت بتقولوا ده .. أنا بسألك عليه عشان يعني أبن عمتي مش أكتر
في ذلك الوقت سمع كل من يحيى ورواء طرق على الباب لتأتي الخادمة وتفتح الباب، دلف شاب بادي عليه التعب ويتفوه بألم : يا ساتر يا رب على ده شغل
سمع صوت يحيى بلؤم : تعالى يا فارس
أقترب منهم وبدون سابق أنذار جلس على السفرة ليأكل مما جعل رواء تغضب في نبرتها : فارس
رد عليها وهو يمضغ الطعام : جعان يا رواء
أردف يحيى بجدية : عملت ايه في طلبية المانجا
رد عليه فارس بارتياح : سلمتها .. بقولك ايه يا ابن خالي .. بخصوص الدكتور اللي عامل زي الشوكة في الزور ده .. قدم بلاغ فينا أن أحنا بنستخدم مواد مسرطنة في الزرع
لوى يحيى فمه بضيق واضح ثم قال بنفاذ صبر : هو لسة مش ناوي يجيبها لبر
أومأ فارس رأسه وتابع بنبرة صريحة : أنا جبتلك قراره .. أسمه سيف الأديب دكتور بشري وآ
أستطرد يحيى بعدم فهم ثم حك ذقنه : ازاي دكتور بشري؟ .. وبيفهم في الزرع؟ وأحنا من أمتى بنشغل دكاترة أصلا في المزارع؟
أجابها بنبرة تفهم : يا ابني أصبر هقولك كل حاجة .. هى مراته باشمهندس زراعية وبتشتغل عندنا .. وهى اللي بتقولوا كل حاجة وطبعا الباشا عمل فيها ظابط وعاوز يخرب علينا
جز يحيى على أسنانه بضيق ثم قال بوعيد : هيخرب على نفسه مش علينا .. أحنا مابنتاجرش بأرواح الناس ولا بنستخدم مواد كيماوية في الزرع .. أسم مراته ايه؟
أستأنف فارس بجدية : سوزان
هز يحيى رأسه بحيرة وحدث نفسه : طب ايه غرضها من انها تقول حاجة مش موجودة؟ .. ممكن يكون حد باعتها عشان تشوه سمعتنا؟ .. بس مين؟
أيده فارس وقال بتأكيد : ولاد الحرام كتير .. وخصوصاً أحنا معروفين بالجودة
نهض يحيى وأردف بهمس لنفسه : سيف الأديب وسوزان
تطلع فارس لأبن خاله وهو يصعد للطابق الثاني ثم همس لرواء بفرحة : وحشتيني
حدجته بغيظ ثم أردفت بتهكم : هو أنا على بالك أصلا
أبتسم لها ليكمل حديثه بأسف : غصب عني .. الشغل نازل على دماغي أنا ويحيى
لتبتسم رغما عنها فهمست : خلاص سامحتك
شرد فيها وهو يقول بتمني : نفسي خالي يقولي على سبب رفضوا ليا لما أتقدمتلك من سنتين
أجابته رواء بصدق : بابا أتحجج بأنك هتشغلني عن الجامعة بس انا دلوقتي في أخر سنة .. مش انت هتتقدملي تاني
رد عليها بمزاح وهو يعبث بالملعقة : تاني وتالت وعاشر .. بس هو يوافق
صدح صوت لطفي بعصبية بعد أن خرج من غرفته : فارس أنت جيت ليه؟
أمتعض وجهه ثم أجاب خاله بهدوء مصطنع : عشان أقول ليحيى اني سلمت الطلبية يا خالي
أقترب منه وتابع بنبرة غطرسة : هى توحيدة مش بتأكلك عشان تيجي تاكل في بيت الناس
شهقت رواء من حديث والدها الفظ ليحاول فارس أن يخفي أحراجه بقول : بيت الناس ده يبقي بيت خالي عاصم يا خالي
أستطردت رواء الحديث بحرج : مش كده يا بابا .. بالهنا وآآ
لم تكمل جملتها عند صراخ لطفي بغضب : أخرسي انتي هتردي عليا
خرج عاصم من مكتبه على أثر ذلك الصياح فقال بحدة لأخيه : ايه اللي حصل لكل الزعيق ده
هدأت نبرة لطفي وهي يقول بخبث دفين : يا عاصم يا أخويا .. أنا بزعق على بجاحة فارس
قاطع عاصم الحديث بصوت عالي نسبيا : بجاحة فارس؟ كل ده عشان قال بيت عاصم .. طب هو قال حاجة غلط؟ .. فارس مش أبن أختي الصغيرة بس .. غلاوته عندي في مقام يحيى ولأخر مرة هقولهالك يا لطفي .. فارس يدخل ويخرج براحته ده بيته
ثم نظر لأبن أخته ودفعه لكي يتقدم للأمام وهو يقول بجدية : أطلع فوق في أوضتك يا فارس
رفض فارس وهو يقول بنفي : مش لازم يا خالي أنا كنت جاي عشــ
أستمر عاصم بدفع فارس وهو يردد بحدة : بقولك أطلع فوق
تنهد فارس وأطاع أمر خاله الكبير ثم رمق خاله لطفي بأستفزاز قبل أن يصعد السلم، أحتقنت الدماء بلطفي ثم أبتسم بأصطناع وصاح بتنهيدة : أنا خارج برا .. عندي مشوار مهم
بمجرد خروجه من الڤيلا أغلق الباب بعصبية وتوجه لمكان عزم عليه
--------------
دلف فارس الي الغرفة التي يأتي إليها بين الحين والأخر ثم تمدد على الفراش ونظر للسقف بشرود
..............
فارس هاشم محمد في السابعة والعشرون من عمره أبن توحيدة شقيقة عاصم ولطفي توفي زوجها ولم تنجب سوى أبنها الذي يعشق رواء حاول مراراً وتكراراً خطبتها ولكن خاله لطفي دائما يرفض
.................
بمنزل "سيف الأديب"
دلف إلى الداخل وهو يبحث عن زوجته هتف بعصبية : سوزان .. يا سوزان .. انتي فين؟
خرجت من الغرفة بقلق لتردد : في ايه يا سيف؟
أمسك سيف بكف يدها وجلسوا على الأريكة ثم مد يده الأخرى بملف ما ليتحدث بنبرة تأكيد : كلامك صح .. العينات اللي بعتناها للمعمل طلعت مسرطنة
أتسعت مقلتيها في صدمة لتتابع بتوتر في نبرتها : طب وهنعمل ايه؟
أراح ظهره على المسند وقال بجدية : مافيش حل غير اني اروح أتكلم مع مدير المزرعة .. عاصم القاضي
أردفت سوزان بتلقائية : الكلام دلوقتي مش مع باشمهندس عاصم .. هو مابيجيش كتير الشغل على أبنه يحيى وأبن أخته فارس
أومأ رأسه بسرعة ليقول بتفكير : خلاص هبقى أروح لواحد منهم .. انتي بقى خلي عيونك مفتحة عشان دي أرواح ناس
غمغمت سوزان بنعم ثم قامت لتعد له الطعام بينما هو دلف الي غرفة طفله النائم ذو العامين فقبله وشرد قليلا في ماضيها
*استرجاع الماضي*
كان الصغير سيف ذو الحادية عشر عاماً في دار الأيتام بعد أن توفى والديه، كذلك ذهب عكاشة وميسرة لتبني طفل لعدم قدرتهم على الأنجاب بعد يوسف ذو الست أعوام تم الأتفاق
مع مديرة الدار وهي "علوية فتحي" ليأتي اليوم الذي سيغادر فيه لم يرغب في ترك رفاقه لتجاريه ميسرة بأبتسامة : أنا هجبلك لعب كتير ومش هضربك
صرخ سيف ببكاء : لأ أنا عاوز أقعد مع صاحبي
أردفت علوية بغضب : انت مابتسمعش الكلام ليه
عاتبتها ميسرة بهدوء : لو سمحتي براحة ده عيل صغير ... انت مش نفسك يكون ليك أوضة تنام فيها لوحدك وفيها لعب كتيرة .. تعالى يا حبيبي
بعد رفض وبكاء سيف تم أقناعه من قبل ميسرة وعكاشة وها هو الأن استقل السيارة برفقتهم وظل ينظر من الزجاج والعبرات تنهمر على وجنتيه الشيء الوحيد الذي أخذه هي صورة تجمعه مع رفيقه، مرت
الايام وكبر سيف في جو من العائلة فقد أحبه عكاشة وزوجته ميسرة عدا يوسف الذي يبغضه، تزوج سيف من فتاة أحبها وهو في عمر الخامسة والعشرين وساعده عكاشة قبل وفاته ولم يبقى لسيف ذكريات
من دار الأيتام سوى الصورة الذي قام بتكبيرها وعلقها على حائط غرفة أبنه
*عودة للحاضر*
أفاق سيف من ذكرياته ليقف قابلة الصورة ويهمس بحنين مختلط بشوق : وحشتني أوي
دلفت سوزان خلفه ثم أحتضنته خلف ظهره وهمست بعشق : حبيبي سرحان في ايه
تنهد سيف بصوت مسموع ليقول بسعادة : فرحان أن ربنا رزقني بأهل وزوجة زيك .. وأنك قبلتيني وانا يتيم ماليش أهل
قبلت سوزان زوجها وردت عليه بفرحة : أنا أهلك يا سيف وربنا ما يفرقنا عن بعض وأبننا يكبر وسطنا يارب
ألتفت إليها ثم قبل رأسها وسحبها لخارج غرفة الطفل النائم
...............
في شقة "أشرف سند"
أستعدت مكية للخروج بعد أن وضعت اللمسات الأخيرة من المكياج وصففت شعرها لتدخل أختها الصغيرة مودة صاحبة السادسة عشر عاماً فتحت خزانة ملابس مكية ونبشت به حتى أخذت طرحة
وقبل أن تذهب صاحت مكية بضجر : استني هنا .. انتي واخدة الطرحة دي على فين
ألتفت لها مودة ثم وضعت الطرحة على رأسها وأجابتها وهي تنظر للمرآة : كلها كام يوم والمدارس هتفتح والطرحة دي لايقة على طقم
أردفت مكية ببرود : المفروض تستأذني مني .. جايز أرفض
لوت مودة فمها لتهتف بسخرية : وترفضي ليه؟ .. انتي قلعتي الحجاب .. الكلام ده كنتي قولتيه لما كنتي محجبة مش دلوقتي
دلفت الشقيقة الثالثة مريم صاحبة الثماني عشر ربيعاً ووالدتها هالة، تسائلت مريم : ايه الصوت العالي دي
لتتابع مودة الحديث بسخرية : رافضة أخد طرحتها
جلست مريم على الفراش وأستأنفت كلامها بتفكير : طب وانتي زعلانة ليه يا مكية .. أنا اصلا بفكر أخد طرحك كلها .. انتي آآ
صاحت مكية بغضب : أنا حرة يا ناس .. طرحي مش هديها لحد
رمقتهم هالة بغضب وهي تبادر في الكلام : جرا ايه يا بت من ليها .. ناقص تضربوا بعض قدامي .. فيها ايه يا مكية أنها تاخد طرحتك .. بطلي أنانيتك
أسرعت مودة في أستفزاز شقيقتها : أنا مش عارفة هى متكبرة على ايه .. بالوحمة اللى في وشها دي
رمقت هالة أبنتها الصغيرة بغضب لتخرج من الغرفة بضيق، تابعت هالة الحديث بملل : لسة مصممة انك تروحي الكورس ده
أومأت مكية رأسها بسعادة : ده كورس تنمية بشرية لتعليم الثقة بالنفس
أغمضت هالة كلتا عينيها بعدم حيلة ثم سألتها بهدوء : وانتي يا مكية ناقصة ثقة بالنفس .. يا بنتي بلاش لف ودوران أبوكي صابر عليكي عشان أخر سنة ليكي في الجامعة
عبس وجه مكية بغضب : لية يعني هتحبسوني في البيت .. أنا بعد ما أتخرج هشتغل وهجمع فلوس عشان أعمل عملية التجميل وأشيل الوحمة
أكملت هالة حديث ابنتها بجدية : ولما تشيليها هتقولي ايه للناس اللي بيدعموكي .. هيكون رد فعلهم ايه لما يعرفوا انك كدابة
فركت مكية في رأسها بحيرة كي تجد أجابة ولكن لم تجد فنطقت بحيرة : آآ .. ماعرفش بس هبقا أفكر في كدبة .. أنا دلوقتي هروح الكورس عشان أتعلم كلمتين وأبقا أقولهم على النت عشان الناس تحبني أكتر ومش هتأخر الساعة تمنية هكون هنا
علمت هالة بأن الحديث مع أبنتها دون جدوى ثم قالت بجدية : ربنا يكفيكي شر نفسك يا مكية .. اكتر حاجة خايفة عليكي منها .. هي نفسك
أبتسمت لوالدتها بأصطناع ثم خرجت من العمارة لتتوجه لذلك السنتر عند دخولها أستمعت لهمسات الشباب حتى جلست على مقعد بجانب فتاة، سمعت شاب يهمس لرفيقه : ياريتني كنت الكرسي .. ام وحمة يا عسل
أبتسمت مكية لتقول لها الفتاة الجالسة بجوارها : انتي شخصية متواضعة جدا وأحلى حاجة فيكي إنك راضية بحالك .. انتي شخصية نادرة .. أغلبية الناس رافضين شكلهم .. لكن انتي عكسهم
أبتسمت مكية ثم تحدثت معها في أمور عامة
.............
وصل يحيى بالسنتر الخاص به جلس على أحد المقاعد والنخبة الذين يعملون في السنتر لم يعبأ بأحد وبدأ في قراءة كتاب لتتحدث فتاة بهدوء : حضرتك بقالنا أكتر من سنتين بنشتغل هنا وعمرنا ما أتكلمنا .. أنت تعرف أسمي الأول
نظر لها يحيى ولم يعرف بماذا يقول لها فتحدث شاب أخر بجدية : طب تعرف أسمي أنا
لتقول فتاة أخرى بنبرة مرح : وأنا
نهض يحيى من مجلسه ثم أردف بنبرة سريعة ممزوجة بشرود كأنه يتهرب منهم : آآ .. أنا لازم ادخل القاعة عشان المحاضرة
دلف الي إحدى القاعات حيث الشباب المجتمعين لأخذ محاضرة عن التنمية البشرية
حدقت مكية بمقلتيها بعدم تصديق لتهمس لنفسها : مش معقول الواد الملون هو الدكتور .. نهار اسود
ثم أرخت جسدها حتى لا يشاهدها وهي تهمس : اكيد مش شايفني
لتأتي أعينها بأعينه الرمادية فأسرعت بخفض بصرها، نطق يحيى بجدية : للشباب اللي اول مرة تاخد عندي .. هعرفكم بنفسي أنا الدكتور يحيى القاضي أخصائي تنمية بشرية .. قبل ما ندرس تنمية بشرية .. يعني ايه تنمية بشرية؟ .. بالبلدي كده يعني أن الإنسان يكتشف نفسه وقدراته ويطورها عشان حياته تكون للأحسن ويكون واثق من نفسه
ألقى علي مكية نظرة غامضة ليكمل حديثه : المحاضرة النهاردة هتكون عن الإفراط بالثقة بالنفس .. كل حاجة لما بتزيد عن حدها بتتقلب ضدها
زي الثقة بالنفس بتتقلب بغرور هقولكم حكاية .. في اليونان القديمة كانت في أسطورة بتقول ان واحد اسمه نركسوس كان شايف نفسه أوي وان مافيش
حد في جماله كان مغرور لدرجة فظيعة قبل اختراع المرايا كان كل يوم يروح عند البحيرة ويبص على انعكاس نفسه في المية لحد ما وقع وغرق ومات
وروحه أتحولت لوردة النرجس وهنا بقا ظهر مصطلح النرجسية ومريض النرجسية بيتصف بالغرور والتكبر والأنانية
أستمر يحيى بالشرح مما جعل مكية تغضب لتحدث نفسها : ده بيلقح عليا .. أنا جاية عشان أخد كورس ثقة بالنفس مش عشان يقطم فيا وهو فاكر نفسه دكتور نفسي
شعرت مكية بالملل حتى أنها لم تكترث بشرح، لا إراديا تثائبت رمقها يحيى بجمود وهو يكمل شرحه
بعد انتهاء المحاضرة الأولى خرج الشباب وهم يحدثون بعضهم عدا مكية التي انتظرت الجميع لكي يرحلوا هندمت خصلات شعرها وأسرعت إليه قبل أن يرحل وقالت بأبتسامة مصطنعة : يا دكتور
نظر لها فأكملت مكية الكلام بنفس نبرتها : أنا ماصدقتش أن حضرتك جاري .. أنا فرحانة جدا
أدخل كفيه في جيب بنطاله وهو يردد بجدية : فرحانة؟
هتفت مكية بسعادة مصطنعة : جداااا يا دكتور ... آآ .. يعني بخصوص اللي حصل في الصبح فأنا اسفة يعني كنت لسة جاية من اللوكيشن اصل كنت ضيفة في برنامج نجوم من السوشيال ميديا و آآ يعني كنت متلغبطة شوية
ثم أصدرت ضحكة خفيفة مصطنعة ليقول بعدم أكتراث : انتي عاوزة ايه؟
أرجعت مكية خصلة من شعرها خلف اذنها وتابعت بنفس النبرة المصطنعة : آآ .. بخصوص الواجب اللي حضرتك طلبته منا كتير جدااا وهياخد ورق أكتر للكتابة
نظر في أعينها وأردف بلامبلاة : أتكلمي دوغري
تحولت نبرة مكية للجدية : أنا هكون مشغولة بالتصوير على النت فمش هقدر اكتب المقالات دي كلها .. يعني لو تساعدني
لم يرد يحيى عليها وأكمل طريقه لتقف أمامه وهي تقول برجاء : أعمل معروف ليا .. أنا عارفة انك بتقول عليا مغرورة .. ساعدني المرة دي عشان أساعد حضرتك في أيام تانية كتير
أخفض رأسه إليها وأستمر بالتقدم إليها وهي ترجع للخلف حتى ألتصقت بالبنش ليقول بتأكيد : لو ساعدتك مرة وأتنين وتلاتة وعشرة هتطلبي اني اساعدك تاني وتالت ورابع وعاشر مش هتزهقي
أبعدت مكية رأسها للخلف قليلا عندما قرب رأسه إليها فتحدثت بتوتر : وفيها ايه لما تساعدني .. ده انا .. ايه ده أستنى
لم يستمع لحديثها بل أنصرف وغادر المكان لتحدث نفسها بتعجب : هو لية بيكلمني كده .. هو اكيد مابيتابعش حاجة على النت؟
...................
وصل لطفي الي مكان ما حيث رفيقه الذي كان ينتظره لاحظ عبوس وجه لطفي ليردف بتأكيد : اكيد أتخانقت مع اخوك
جلس بجواره وقال بغضب : ومش هبطل خناق يا شيبوب غير لما فلوسه أخدها
أقترب شيبوب منه وتكلم بحيرة : أنت هتقتل عاصم
هتف به بعصبية واضحة : لأ طبعا .. أنا لو قتلت عاصم .. يحيى أبنه هيقُش كل حاجة
رمش شيبوب بعينيه وتابع بقلق : قصدك انك هتقتل يحيى .. من دلوقتي بقولك أنا بعيد عن الموضوع ده كفاية اللي حصل زمان
أغتاظ لطفي من خوف رفيقه فصاح بحدة : أنت اللي غبي مابتفهمش .. من ١٣ سنة لما أتفقت معاك عشان تقتل مرات عاصم وأولاده