رواية غريق علي البر الفصل الثاني 2 بقلم نعمة حسن
بارت الثاني بقلمي،، نعمه حسن،،
الأسوأ قد حدث.. إنه الآن يجد نفسه فجأه وسط الماء و قد تقطعت به السبل.
لا يعلم هل كل فرص الإنقاذ معدومة أم لا؟! لقد فقد كل الآمال و هو الآن نحو طريقه إلي الموت البطئ!
ظل يتلفت حوله في جميع الجهات لا يدري هل يتقدم أم يتراجع و أيّ الطرق يسلك حتي مر من فوقه سِرب من طيور النورس فـ سـبح في نفس إتجاهه حتي ظهرت اليابسه.
خرج من الماء و ألقي بجسده علي الأرض و ظل ينظّم أنفاسه المضطربه مغمضاً عينيه و هو يحمد الله علي نجاتهِ.
إعتدل في جلسته ثم نهض بغتةً و نزل إلى الماء مرةً أخري محاولاً إنقاذ من يمكن إنقاذه.
ظل يبحث بداخل الماء و لكنه لم يجد أحداً فعلم أنهم قد سقطوا إلي القاع بداخل الطائرة المنكوبه.
همّ أن يسبح نحو الخارج فـ وقَع بصرهِ علي يدين ممتدتين إلي خارج المياه و كأنها تستغيث فـ سَبح نحوها بأقصي سرعته حتي وصل إليها ثم جذبها إلي الأعلي بسرعه.
نظر إلي وجه صاحبة اليدين المستغيثتين فوجده شاحب للغايه مستكين لأبعد حد.
أحاطها بيمناه ثم سَبح بها إلي الخارج و وضعها أرضاً علي ظهرها و إستلقي بجانبها هنيهه يلتقط أنفاسه ثم نظر إليها و إلي شحوب وجهها ثم وضع يده موضع قلبها فوجدها تتنفس ببطء فوضع إصبعيه بجانب حنجرتها يراقب نبضها فوجده مضطرب بعض الشئ.
حاول إسعافها عن طريق القيام بعملية الإنعاش الرئوي فوضع يده فوق الأخري ضاغطاً علي صدرها عدة ضغطات حتي بصقت الماء الموجود بحلقها و لكنها لم تحرك ساكناً فإقترب منها و بدأ في مباشرة عملية التنفس الصناعي فأرجع رأسها للخلف و أغلق فتحتيّ أنفها ثم أخذ نفساً عميقاّ و أحكم شفتيه علي شفتيها و نفخ بقوة فباغتته هي بصفعه قويه علي وجهه إتسعت لها عيناه مذهولاً.
_بتعمل إيه يا عديم الربايه ياللي تنشك في محاسيسك؟!
قالتها "فرحه"وهي تجاهد كي تلتقط أنفاسها بصعوبه ثم أكملت:فاكرني ميته و واخد راحتك أوي لكن يشاء السميع العليم إني ماموتش و أكشفك علي حقيقتك!
لم يجيبها و لم يتفوه ببنت شفه بل ظل ينظر لها بعينين مشدوهتين لما فعلت فأشارت هي بيديها أمام عينيه قائله:إيييه يا أفندي يا محترم؟!إتصدمت إني طلعت عايشه.. صح؟!
=إنتي إيه اللي عملتيه ده؟!
قالها و هو يضع يده فوق وجنته فنظرت إليه بريبه قليلاً و قالت:إيييه عملت إيه؟!ما انت اللي مش محترم!
قضم شفتيه غاضباً في غيظٍ شديد فتوجست هي و بترت كلمتها فقال:تصدقي أنا فعلاً أستاهل!..ده جزاء الإحسان!..كان المفروض أسيبك في الميه لحد ما تبوشي و تتحللي من الملح.
نظرت له بإمتعاض و قالت:و هو اللي يعمل خير يقعد يقول أنا و أنا و لولايا و مش عارف إيه؟!
قاطعها قائلاً:ششششش..إسكتي خاالص عشان مش نقصاكي بجد..خلينا نشوف هنتصرف إزاي في المصيبه دي.
تمتمت حانقه:ماله ده!زي ما أكون أنا اللي وقعت الطيارة؟!
نظر لها و كأنه تذكر شيئاً ما و تحدث قائلاً:هو إنتي اللي كنتي جمبي و عماله تقولي عاوزه أقعد جمب الشباك؟!
إتسعت إبتسامتها بفخر و أماءت بموافقه فـ صرّ علي أسنانه من الغيظ و تمتم: بوومه!
إلتقطت أذنيها الكلمه فقالت بحاجب مرتفع و نبره متذمرة:ما تتلم يا أفندي إنت مش عاوزه أغلط فيك!
قال ساخطاً:أفندي؟!ليه شايفاني ماسك منشه و لابس طربوش!
رمقته بإستهزاء ثم قالت:إلا قوللي يا أفندي..إنت عرفت توصل للشط إزاي؟!شكلك كده سبّاح ماهر.
قالت الأخيره بسخريه فأجابها قائلاً:إتريقي!أهو لولا السباح الماهر اللي مش عاجبك ده كان زمان سمك القرش عامل عليكي حفله تحت!
قلبت عينيها بملل و قالت:بردو هيشكر في نفسه و يقوللي لولايا! دي مش أصول علي فكره!هاا؟!
هز رأسه متسائلاً فقالت:عرفت توصل للشط إزاي؟!
أجابها: لقيت سرب طيور تقريباً كده نورس فـ عرفت إن في يابسه قريب فـ عومت في إتجاههم لحد ما خرجت! بس.
=يحلاوة..صحيح العلم نور يا ولاد!
_العلم نور أه..إنتي مش متعلمه ولا إيه؟!
=لا إزاي..متعلمه طبعاً معايا شهادة الإعدادية.
ضحك بشده فقطبت جبينها مستنكرة و قالت بحده:بتضحك علي إيه يا حضرت؟!
لمح علامات الضيق باديه علي وجهها فقال:أنا آسف مقصدش سخريه ولا حاجه بس طريقتك ضحكتني!
هزت رأسها بإيجاز و أشاحت بوجهها بعيداً فقال بنبرة أكثر لطفاً:طيب و مكملتيش تعليمك ليه؟!
تناست سخريته سريعاً و قالت:أصل أمي ماتت و أنا في أخر سنه في الإعداديه فإضطريت أسيب المدرسه عشان أراعي إخواتي و خصوصاً إن أبويا كبير في السن ميقدرش علي خدمتهم!
نظر لها بتقدير و قال متسائلاً:عندك إخوات أصغر منك؟!
_أيوة "رامى"أصغر مني بسنه و بعده" كرم"عنده 15سنه و بعده "بدر"عندها 10 سنين و في"رضوان"ده أكبر مني بسنتين.
=بسم الله ما شاء الله..ربنا يرجعك ليهم بالسلامه إن شاء الله.
إبتسمت بإقتضاب و قالت:و إنت؟!
=أنا عندي أخت واحده إسمها"رضوي"..و والدي و والدتي متوفيين من زمان.
_ربنا يخليهالك..و ترجع لها بالسلامه يا رب.
ضحكه ساخره أطلقها و أردف:يااارب..مع إنه مش باين إننا هنخرج من هنا..حتي الطيارة اللي كانت ممكن تكون علامة غرقت!
ثم أكمل مستفهماً:أه صح..إنتي خرجتي من الطيارة إزاي؟!
_خرجت من الخرم اللي في ديل الطيارة!
أجابت بتلقائيه فإمتعضت ملامح وجهه من أسلوبها و قال:تقصدي فتحه يعني!
_أيوة يا أفندي.. الفتحه!..و بعدين متركزش معايا حضرتك و بسّط الأمور كده عشان شكلنا هنقعد سوا كتير و عايزين الأيام تعدي كده و نخلص.
أومأ مؤكداً و قال:معاكي حق..طيب عايزين نحاول نوفر موارد للأكل و الميه و كمان مكان نقعد فيه علي ما يلاقونا.
_يااا سيدي متشيلش هم أكل و شرب ما البحر قدامنا أهو نشرب براحتنا!
نظر لها بتعجب و قال:نعممم؟!عايزة تشربي من البحر؟!إنتي معتوهه يا بنتي؟!
فرغت فاها بصدمه و قالت:علي فكره كده مش حلو و لو غلطت تاني هغلط أنا كمان و بعدين فيها إيه يعني لما نشرب من البحر؟!هيخلص ولا هينقص؟!
قال بسخرية:لا يا فيلسوفة زمانك مش البحر اللي هيخلص..عمرك اللي هيخلص آن شاء الله.إنتي متعرفيش إن الملح اللي في الميه ده هيخلي جسمك يفقد الميه اللي موجوده فيه و يحصلك جفاف و تموتي؟!
_ياخويا متفسرش في وشي.
قالتها و هي تشيح بوجهها عنه ثم أردفت:طب و العمل؟!ده أنا معرفش أعيش من غير ميه!
=هنتصرف بقا و ندور ممكن يطلع حظنا حلو و نلاقي بير.
قالت بتشاؤم:ولو ملقيناش؟!
_يبقا لازم نقطر مية البحر و نشربها!
=هنقطّرها إزاي يعني؟!
_يعني لازم الأول نولع نار و بعدها نحط الميه في حاجه و نغليها عشان نغرف نشربها.
=أيوة الله لا يسيئك إتصرّف..بس ماشاءالله عليك يعني بتفهم في كل حاجه..هو إنت دكتور ولا إيه؟!
_لا مش دكتور..بس عندي معلومات في كل المجالات و دي حاجه مترتبطش بماهية عملي!
نظرت له بعدم فهم فقال:بصي أنا حالياً مش مهيأ نفسياً إني أتكلم..قومي بينا خلينا ندور علي أي حاجة تتاكل قبل ما الليل يدخل علينا و لازم كمان نولع نار عشان لو في حيوانات ولا حاجه؟!
قالت بذعر:إيه؟!حيوانات؟!
_أيوة طبعاً حيوانات..هو إنتي فاكرة نفسك واقعه في صالة بيتكوا؟!إنتي في جزيرة مهجورة يا ماما.
=طيب يلا بسرعه نشوف هنولع نار إزاي قبل ما الليل يليل.
ذهبت برفقته إلي داخل الغابه يستكشفونها فقال:ألا قوليلي يا إسمك إيه.
قاطعته قائله:إيه إسمك إيه دي؟!إسمي" فرحه" يا أفندي!
_قوليلي يا "فرحه"كنتي رايحه تركيا تعملي إيه؟!
ثم أكمل ساخراً و قال:جايلك عقد عمل هناك ولا إيه؟!
رمقته بسخريه مماثله و قالت:لا يا خفيف..أختي هناك بتعمل عمليه و كنت رايحالها!و إنت بقا كنت رايح تعمل إيه بسلامتك؟!
_كنت مسافر في شغ...
بتر كلمته و نظر إلي الأمام بدهشه فنظرت هي إلي حيث ينظر و سقط فمها أرضاً لما رأت!