اخر الروايات

رواية نوح والامانة الفصل الخامس 5 بقلم ميمي عوالي

رواية نوح والامانة الفصل الخامس 5 بقلم ميمي عوالي


الفصل الخامس

ذهبت نعمة لتفتح الباب لتتفاجئ أمامها بشاب فى العشرينات من عمره وخلفه سيدة محجبة ولكن ملامحها غير واضحة لتقول نعمة : افندم ، حضرتك عاوز مين يابنى

لترفع المرأة رأسها قائلة : ازيك يانعمة

نعمة وهى تحاول معرفتها : اهلا وسهلا ، مين حضرتك

لتتقدم المرأة من نعمة حتى تستطيع رؤيتها جيدا وهى تقول : انا هدى يانعمة ..مش فاكرانى

لتشهق نعمة عاليا وهى تقول : هدى

هدى بصوت مخنوق : أيوة يانعمة ...هدى

لترتمى هدى بأحضان نعمة وهى تبكى بحرقة قائلة : سنين طويلة بدور عليكم لحد ما فقدت الامل وحسيت انى هموت من قبل ما اعرف طريقكم

لتربت نعمة بحنو على ظهر هدى قائلة : تعالى ادخلى واستهدى بالله ، ما تأخذينيش انى ماعرفتكيش بسرعة ، اصل انا نظرى بقى على قدى شويتين ، ثم نظرت إلى الشاب الذى كان معها قائلة : اتفضل يابنى ماتأخذنيش

ليبتسم الشاب ويدخل تاركا الباب ورائهم دون اغلاق ، وعندما تقدموا للداخل كانت أمانة قد وقفت ووضعت نقابها وما أن رأتهم حتى قالت بدهشة : باشمهندس أسامة ...خير حضرتك

لتقول هدى بدموع : ده أسامة اخوكى يا أمانة وانا امك ياحبيبتى

أمانة بصدمة : امى مين حضرتك

لتخرج هدى بطاقتها الشخصية وتقدمها لأمانة قائلة : بطاقتى اهى يابنتى عشان تصدقينى

لتأخذ منها أمانة البطاقة وتنظر إليها ثم تعيدها إليها مرة أخرى بجمود وهى تقول : هو عشان اسمك موجود عندى فى خانة الأم يبقى خلاص بقيتى امى ...تعرفى ايه انتى عنى عشان تبقى امى ، كنتى فين السنين اللى فاتت دى كلها وانتى حتى ماحاولتيش تعرفى أن كنت عايشة واللا ميتة

أسامة ببعض الغضب : أمانة ..اسمعى ماما الاول وبعدين اعملى اللى انتى عايزاه

أمانة بأسى : ماما ….الكلمة دى عمرى ماعرفتها ولا دوقتها، حتى لما حاولت اقولها للست الوحيدة اللى عوضتنى عن يتمى، لقيت اللى بيمنعنى منها لانها مش من حقى ، تعرف ايه هى عنى عشان تبقى امى ، ده حتى شكلى ماتعرفوش

أسامة : ماما بتدور عليكى من يوم باباكى ما اخدك منها وماعرفتش طريقك غير النهاردة لما ذكرت اسمك قدامها بالصدفة وماهديتش غير لما اتاكدت انك فعلا بنتها وصممت ماتنامش غير لما تشوفك...فلو سمحتى ... اسمعى بهدؤك وعقلك زى ماعودتينا فى الشغل كلنا وحبناكى بسببه وخلتينى ماليش سيرة غيرك واللى كان السبب أن ماما عرفت مكانك

كان هذا وسط بكاء ونشيج متواصل من هدى وهى تجلس دافنة وجهها بكفوفها ، أما نعمة فقد جذبت أمانة من يدها وهى تقول : انا زى ماقلتلك قبل كده ...ابوكى لما جابك عندى ماقللناش سبب الطلاق ولا عرفنا اى حاجة ولما سافر حصلتله الحادثة ومات وسره معاه ….اسمعيها يا أمانة ..مهما ان كان دى امك يابنتى

لتنظر أمانة إلى أسامة وتقول بهدوء : انت اخويا بجد

أسامة بمرح : ممكن احلفلك لو تحبى ..ولسه لينا كمان اتنين اخوات ايمن ونيللى ، يعنى بقينا أربعة

لتربت نعمة على كتفها بحنان وعيناها تترقرق بالدموع : ربنا كريم يابنتى

لترفع أمانة نقابها ليقول أسامة بصفيرا عاليا : اوبااااا ، ده انتى مزة ياشمهندسة ومحدش عارف ، تيجى نيللى اللى قارفانا ومفكرة نفسها ست الحسن تتفرج

لتبتسم أمانة لأسامة وتقول بحب : تصدق انك ممكن تكون احسن حاجة حصلتلى من يوم ما اتولدت

ليتقدم منها أسامة ضاما إياها ومقبلا لها برأسها قائلا : اسمعيها يا أمانة

لتنظر أمانة إلى أمها وتقول بهدوء : اتفضلى اتكلمى انا سامعاكى

لترفع هدى عينيها إلى أمانة تتأمل ملامحها وتمسح عيونها من اثر البكاء وتقول : ابوكى الله يرحمه لما اتقدملى كان أكبر منى بحوالى عشر سنين وكان بيحبنى وبيغير عليا بجنون وانا ماكانليش حد فى الدنيا غير امى واخ واحد من امى ، يعنى مش اخويا شقيقى ، زيك انتى واسامة كده

انا كنت من سفاجا ، ولما ابوكى اتجوزنى اخد شقة ايجار قريبة من شغله فى نويبع

لما اتجوزنا ، كان عمك ومراته فى القاهرة، وانا وابوكى عمرنا مازورناهم ، عشان المسافة ، يعنى ماكنتش اعرف بيتهم ولا حتى مكان شغل عمك ، و كان سعيد اخويا مسافر العراق وكانت أخباره شبه مقطوعة زى مصريين كتير

وبعد ماولدتك بكام شهر اتفاجئت بأمى داخلة عليا هى وسعيد وأنه رجع من العراق وبخير وجه عشان يزورنى ويتطمن عليا ، ولما جيت اقوم عشان احضرلهم غدا ، كان فى حاجات ناقصانى فى البيت وامى مارضيتش تنزلنى عشان ابوكى ماكانش بيرضى يخرجنى لوحدى عشان كان بيغير عليا فصممت أن هى اللى تنزل فضل اخويا معايا يحكيلى على اللى حصل معاه وهو مسافر وفجأة ابوكى دخل ولما لقانى قاعدة جنب اخويا يهدوم البيت وبنتكلم ونضحك سوا اتجنن ومن غير اى مقدمات مسك سعيد وفضل يضرب فيه ووسط ضربه وانا عماله ازعق واقوله سيبه ده اخويا لكن هو كان سادد ودانه وفضل يضربه لحد ما سعيد اغمى عليه ووسط مانا بحاول اسعف سعيد ، بصيت لقيته اختفى واخدك معاه من غير مايسمعنى ولا يعرف ولا حتى يحاول يفهم حاجة ، لما امى رجعت نقلنا سعيد على المستشفى وعلى ما اسعفوه وفاق تانى يوم لأن ابوكى كان ضربه على دماغه واتفتحت لدرجة أن الدكاترة قالوا إن ممكن يكون حاله تربنة، لكن الحمدلله ربنا ستر وطبعا فى المستشفى بلغوا واتحفظوا علينا لحد ما فاق ، وامى نبهت عليا مااجيبش سيرة حاجة غير أنه وقع من على السلم عشان كان عندها أمل أن ابوكى يعرف الحكاية وينصلح الحال ، وعلى ما فاق سعيد واخدوا أقواله ورجعت البيت تانى يوم لقيت ابوكى باع العفش كله بكل مافيه ..حتى الهدوم ورجع الشقة لصاحب البيت

بقيت هتجنن عليكى ، ولما رجعت بيت ابويا لقيته بعتلى ورقة طلاقى ولما سعيد سأل عليه فى شغله ، لقاه اخد إجازة ، واتنقل بلاعيم فامى قالتلى اصبرى عليه لحد ما يرجع من إجازته واخوكى هيروحله وهيفهمه كل حاجة ، والماية هترجع لمجاريها ، لكن عشان النصيب بعد يومين اتنين بس البيت بتاع امى وقع علينا وامى وسعيد راحوا فيها وعلى مافقت من الصدمة وعرفت الاقى متوى ليا وشغل عشان اعرف اعيش كان عدى شهور وقررت أنى اسافر لابوكى شغله لقيت ابوكى كمان مات ، وما عرفتش اوصل لأى معلومة عنك وانا لوحدى ومش عارفالك طريق لا انتى ولا عمك ، وحالتى كانت تصعب على الكافر

لحد ما ربنا بعتلى أبو أسامة واتجوزنا وربنا عوضنى شوية بإخواتك لكن عمرى مانسيتك يابنتى ولا يوم واحد وربنا شاهد وعالم ومستعدة احلفلك على المصحف دلوقتى انى ماكدبتش فى ولا كلمة قلتها لك

لما أسامة اشتغل مع حاتم واللى بالمناسبة يبقى ابن عمته ، لقيته بيحكى لأخته عنك وقد ايه انك إنسانة راقية وجميلة من جواكى وأنه نفسه يعرفها عليكى ،وقالها أنه كان يتمنى لو كان أكبر من كده شوية ..يمكن كان اتجوزك

ولما كلامه عنك لفت نظرى سألته عليكى لقيته بيقوللى اسمك قلبى اتكهرب وقلت ليه ماتكونيش انتى أمانة بنتى ولما سألته عن اسمك بالكامل وقالهولى وقعت من طولى من كتر رعبى أن قلبى ممكن يقف من قبل ما اشوفك واخدك فى حضنى يابنتى

كانت أمانة تستمع لها وهى فى حالة ذهول تام مما تسمعه ودموعها بعينيها كالامواج كلما علت اغرقت وجهها وما أن فرغت هدى من حديثها نظرت لأمانة قائلة برجاء : مصدقانى يا أمانة

لتومئ أمانة رأسها وهى تنشج بالبكاء لتنهض هدى آخذة إياها باحضانها وسط بكائهم العالى وصوت أمانة يردد بين كل لحظة وأخرى : اتأخرتى عليا اوى

هدى : سامحينى يابنتى ماكانش بايدى ابدا ، ملعونة الغيرة اللى بتعمى العين والقلب

أسامة بمرح محاولا إخراجهم من حالتهم : ايه يا جدعان الفجر قرب يأذن ...احنا مش هنتسحر واللا ايه

انا هطلب لكم سحور حالا انتو نورتونا

ليلتفتوا على صوت نوح الذى لم يشعر بوجوده أحد لترفع أمانة رأسها لتلتقى أعينهم لأول مرة منذ سنوات طوال

لينسى نوح نفسه وهو يحاول تذكر ملامحها القديمة ولكنه لايستطيع أمام مايراه فكانت أمانة ذات بشرة برونزية متوردة الوجنات وكأنها تجلس نهارها بين امواج البحر وتحت أشعة الشمس وعينان كعينا المها برموش بنية كثيفة والتى على مايبدوا أنها بنفس لون شعرها الذى اطلت أطرافه من تحت حجابها وأنف صغير مرفوع الطرف بكبرياء أما شفتاها فكانت قصة أخرى فكانت شفاه مغوية ذات سحبتى ابتسامة بجانبيها ، ليسأل نوح نفسه .. متى حدث كل ذلك الجمال وكيف

ليتفاجئ بأمانة تعيد نقابها بعد أن تمالكت نفسها من المفاجأة ليتملكه صقيع داخلى ، وكأنه سكنته ريح باردة قبضت على قلبه ، ليفيق على صوت نعمة وهى تقول : تعالى يانوح سلم على مامة أمانة وأخوها

هدى بابتسامة واسعة : ماشاء الله يانوح ..كبرت ياحبيبى ، احنا كنا أصحاب على فكرة وانت صغير

نوح : اهلا يا طنط ، ازى حضرتك ، انا فاكر حضرتك كويس ، ثم حيا نوح أسامة بترحاب شديد وهو ينظر لأمانة بشغف وكأنه يتخيل ملامحها من تحت نقابها ليميل عليها قائلا : انا فرحانلك من كل قلبى يا أمانة ، وحقك عليا ماتزعليش منى

لتنظر أمانة لنوح وهى لا تصدق اذنها ولكنها تومئ برأسها قائلة : شكرا يا ابن عمى

…………………….

يجلس الجميع بشقة نعمة بعد الحاح شديد من نوح لتناول السحور وما أن علمت سهر بأن أسامة شقيق أمانة على صلة قرابة بحاتم عبد الراضى الا واختلفت معاملتها تماما مع أمانة وظلت تتودد لها ولشقيقها

سهر : ماتتصورش ياجماعة انا بحب أمانة قد ايه وبعتبرها زى اختى بالظبط

هدى بطيبة : ربنا يكرمك يابنتى ..كتر خيرك

أسامة وهو يحتضن أمانة : ها يا مونى ...هتيجى معانا

أمانة باستغراب : اجى معاكم فين

هدى : تعيشى معانا ياحبيبتى ، ده انا ماصدقت عترت فيكى ، مش هقدر افارقك تانى ابدا

أمانة بحنان وهى تلتفت لنعمة التى تنكس رأسها بشرود : بس انا ما اقدرش ابعد عن نعمة واسيبها لوحدها بعد السنين دى كلها ، ده لولاها ماكنتش بقيت كده

هدى وهى تربت على قدم نعمة : جميلك فى رقبتى طول عمرى يانعمة ، قد الأمانة بصحيح ، ربنا يديكى ويكرمك زى ماكرمتينى وكرمتى بنتى

لترتمى أمانة بحضن نعمة وهى تقول : هى كرمتنى بس …. دى كرمتنى وعزتنى وعلتنى فى نظرى ونظر اللى حواليا ، وعملتلى اللى أمهات كتير قوى مابيعملوهوش مع ولادهم

نعمة وهى تربت على كتفيها : وانتى كمان يابنتى عملتى اكتر من اللى كان ممكن تعمله معايا لوكان عندى بنت من بطنى

هدى : بس ده مايمنعش أن اخواتك عاوزين يعرفوكى وتعرفيهم وانا كمان محتاجة اشبع منك ، العمر مابقاش فيه اد اللى راح

أمانة بحب : ربنا يديكى طولة العمر ، بس سيبونى شوية استوعب كل اللى حصل ده وبعدين نتفق هنعمل ايه

أسامة : خلاص ياماما لو تحبى خليكى انتى معاها الليلة دى وانا هبلغ بابا واخواتى

أمانة بسعادة : بجد ممكن تباتى معايا

هدى بسعادة : لو انتى موافقة انا كمان موافقة

أمانة : الا موافقة ، طبعا تنورينى ، سبحان الله لما فرشت الشقة كان قلبى حاسس ان هييجى يوم واحتاجها ،ثم التفتت لأسامة قائلة : طب ماتخليك انت كمان يا اسامة وننزل سوا الصبح

أسامة بمرح : تصدقى فكرة وندخل الشركة سوا واحنا ايدينا فى ايدين بعض والكلام يكتر حوالينا واحنا صايمين ونلم حسنات بالهبل

أمانة : تصدق انى كنت بستناك تيجى كل يوم عشان تناغشنى ، انت الوحيد اللى كنت بضحك معاك

أسامة وهو يقبل رأسها : اومال يابنتى ..الدم بيحن ، ده انا كنت شوية شوية هتقدملك

لتقول هدى وسط ضحكاتهم : حقيقى ، ده انا عرفت أن نص المهندسين الشباب عينهم منك

أسامة : ده كله من غير ماحد يشوفها ، اومال لو شافوها وعرفوا أنها موزة كده كانوا عملوا ايه

كان نوح يستمع إلى حديثهم بصمت ويرسم على شفتيه ابتسامة لم تصل لعينيه وهو شارد فى أمر شغل قلبه قبل عقله : هل ستذهب أمانة للعيش مع امها ، هل ستتركهم ، هل ستنساهم ، هل ستغفر له ماكان منه تجاهها ، كيف سيستطيع منعها من الابتعاد ، يجب أن يبقيها إلى جوارهم ولكنه لا يعلم كيف السبيل ، ليفيق من شروده على سهر وهى تتمعن النظر بوجهه ويخلو المكان من حوله من الجميع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close