اخر الروايات

رواية لم اكن اهلا لها الفصل الرابع 4 بقلم اسما السيد

رواية لم اكن اهلا لها الفصل الرابع 4 بقلم اسما السيد


الفصل الرابع..

-----------------
ارتجف جسدها، وهي تنظر لجسد والدها المسجي أرضاً والدماء تتدفق من فمه بغزارة من أثر السعال..تيبست قدمها وهي تفكر، ماذا يحدث ؟
وهل سيفارق والدها الحياه؟

وقفت تنظر لوالدها بأعين متسعة فقط بلا رد فعل تُذكر، عدا عن رجفة جسدها ودموعها التي تنساب من عيونها بصمت..

ولبها يؤلمها عليه، ومنه، ومن ظلمه البائن دوماً لها..
كانت تأمل أن يأتِ عليه يوماً ويخبرها كم يحبها..
فاقت من توهانها على
صوت صراخ جدتها، وزوجة أبيها الذي جمع أهل الحي بأكمله....
وحمل شباب الحي له سريعاً، وذهابهم بة إلي المشفي القريب..
-----------

إستغلت علياء شجار جدتها ووالدتها كالعادة، وتسللت من بينهم لتراه..
دلفت لداخل شقته بمفتاحه الذي بحوذتها
دارت بعينها بالشقه، ألا أن وجدته مستلقياً على فراشه..

أقتربت منه وهتفت بحرقه....

ـ إيهاب..!!
أنتفض فزعاً علي صوتها، واستقام جاذباً إياها من ذراعها بقوه وغضب..
ـ ماذا جاءك بكِ لهنا يا علياء..؟؟
ألم أخبركِ بأن لا تأتِ مره أخرى لهنا..ألا تفهمين؟

هتفت علياء ببكاء..

ـ أيها الحقير لقد ضحكت علي وطاوعت والدتي بالزواج من تلك المشوهة بيلسان، بعدما أستدرجتني لفراشك..وقضيت علي عفتي..والآن بانت نواياك القذرة....

إيهاب بتهكم..

ـ لا تمثلي دور الشريفة يا علياء، أنتِ سهلة المنال، وما حدث كان كله برضاكِ ولم أجبركِ عليه..كما أنكِ كنت موافقة تماماً بما سأفعلة ببيلسان..وكنت شريكةً لي به..
أنتِ من كنتِ تريدينني أن اقضي علي عفتها مثلك..لتتساوي رؤسكن.
ـ ولكنك تزوجت بها؟
ـ هذا كتب كتاب فقط، لتطمأن لي..وفي النهاية لم استطع وطلقتها..أنا لست أهلاً للزواج لأي واحده..
ـ أنت نذل..
ـ وأنتِ عاهرة..وكل شيء بإرادتك..لم اجبرك علي شيء
حتي خطوبتك وافقتِ عليها مكيدةً ببيلسان ليس إلا..
ـ وماذا سأفعل الآن..وكيف سأتزوج؟
ووالدتي لا تريد فسخ الخطبه..
ـ لا حل لدي لكِ، غير ذاك الإقتراح الذي أخبرتك به يا علياء..
ـ أتوسل إليك.. يا إيهاب، سأترك خطيبي وأهرب معك ونتزوج..أنا أريدك أنت..

إيهاب بتهكم…

ـ وماذا تغير الآن بي..ألست أنا ذاك كبير السن، ولا أرقى للزواج بسيادتك..كما قالت والدتك، هل أحببتني الآن..

إرتجفت شفتيها وهتفت بدموع..
ـ وأنا ما ذنبي، لتنتقم مني بتلك الطريقه، ولكن أعتبرني كنت مجنونة، وعقلت يا إيهاب أتوسل إليك..أنا أحبك....
ـ دعِ الحديث عن الحب لأهلة يا علياء، فلست أهلاً له، وإلا لو كنتِ كانت شقيقتك أولى به..فأمثالك لا يعرف للحب درباً..
أنتِ جشعة تريدين كل شيء لك..وللأمانه أنا من فعلت بكِ هذا عمداً رداً علي رفضك لي بتلك الطريقة المهينه..

ـ لا تقسو عليّ هكذا..أنا إبنة خالتك..
إيهاب بتهكم..
ـ إبنة خالتي غير الشقيقة لا تنسِ ذاك..
ـ هل أحببتها يا إيهاب؟
ـ من؟
ـ بيلسان..
ـ يكفِ أنها لم تفرط بنفسها مثلك ومثل مثيلاتها من الفتيات..فرغم عيوب جسدها إلا أنها كانت تتمتع بأخلاق الملاك..ليتني أنا من أرقى لها..فمثلي شيطان لا يرقى لأن يقترن إسمها بي..

علياء بصراخ..

ـ دعك من كل ذلك وأخبرني..ماذا ينقصني أنا كي أصبح زوجة لك..؟؟
أنا سأصبح علكة وربما سيقتلني والدي قبل زوجي ذاك..أرجوك ياأيهاب فقط بضعة أشهر وننفصل..

ـ لما كل ذلك الإلحاح..قلت لك سأستعين بصديق لي طبيباً يجري تلك العمليات ويعيدك مثل ما كنتِ، لا تصدعي رأسي بتلك التراهات اللعينة.....أخرجي من هنا ولا تأتِ مجدداً، لقد سئمت منكِ، ومن والدتك اللعينة تلك، ومن ألاعيبها القذرة…

جثت أرضاً تمسك بيده، وتتوسل له..

ـ لم يعد ينفع ياأيهاب..أنا حامل منك..أرجوك فلنتزوج قبل أن تبدأ بطني بالظهور، ويفتضح أمري…

أبعدها إيهاب مصدوماً، وهتف سريعاً بكذب..

ـ ماذا تقولين..أي حمل ذاك يا غبية..ليس مني..أنا لا أنجب..أنا عقيم..!!!

شهقت علياء وهي تهز برأسها يميناً ويساراً.....

ـ أقسم لم يمسسني غيرك..أنت والد ذاك الطفل..
سحلها من شعرها القصير، ليقذفها بالخارج..
فتنحوا جانباً من دلفوا متسللين خلفها بحثاً عنه..

كامل بصدمه..علياء!

أغمض الآخر عينه، هاتفاً بتهكم..

ـ وماذا كنت تتوقع أن تنجب الحرباء..

قذفها إيهاب لخارج الشقة بتقزز وأغلق الباب بعد أن اشبعها سباباً…
أستدار فجأه علي تهكم أحدهم.
ـ لا تضيع وقتك أبداً يا أيهاب…
ـ أَنْت مجدداً..
-------------------
بعد عدة ساعات..
بالمشفي حيث والدها..
وقفت بإحدي الزوايا شاردة، لا تشعر بأية مشاعر، لا فرح، ولا حزن وكأنها فقدت الإحساس..

فقط خواء بداخلها، ورغم ما قاله الطبيب لهم عن إصابة والدها بتليف الكبد وأنه أيضا وصل لمراحله الأخيره..
إلا أنها لم تتفاعل مع ما قاله، وبقت جامده..
لم تصدر أية ردة فعل منها عكس جدتها، وزوجة أبيها

وشقيقتها التي أتت خلفهم بعد ساعة، تنوح وتولول بهستيريا مبالغة بها، وكأن بها شيئاً غير طبيعي..
ولكنها لم تكترث لكل هذا، وبقت كما هي

رن هاتفها برقم صديقتها مها ،فانفرجت شفتيها ببسمه حزينه..
وانزوت بإحدى الغرف الفارغه لتحدثها وتضيع معها بعض الوقت، ولم تنتبه لأولئك القادمون..

انتفضت جدتها من مكانها وهتفت بدهشة.
ـ حاج مندور..أنت؟
هتف الرجل ببشاشة كعادته...
ـ نعم..أنا، لقد ذهبت للمنزل وأخبروني ما حدث، وجاء بنا أولاد الحلال لهنا..

هزت حليمه رأسها بإمتنان، وهتفت بحزن..
ـ لقد تعب شمس فجأه، وأتينا به لهنا وقالوا أنه مريض بالتليف الكبدي بمراحله الأخيره يا حاج وأتينا متأخراً، ولم يعد ينفع معه شيء..

أومأ بصمت وهو يدور بعينيه في المكان يبحث عن إبنة إبنته، وهتف بلهفة..

ـ أين بيلسان؟

حليمه وهي تشير لإحدى الغرف.

ـ هناك، تحادث صديقتها، ستفرح برؤيتك كثيراً يا حاج..
ـ أتمني ذلك، فقد أشتقت كثيراً لها..
-------

أنهت مكالمتها مع صديقتها، بعدما أفضت بقليل من ما تحمله بداخل قلبها، وكفكفت دموعها بكف يدها ودلفت لخارج الغرفه تجر قدميها، ولكن ما أن خطت قدمها خارج الغرفه حتي شهقت وهي تضع يدها علي فمها..
وهي تري أمامها
جدها وخالها الأكبر حسان الأنصاري ..

استمعت لجدها الذي يسأل عليها، ويدور بعينه يبحث عنها بلهفة، يالله كم اشتاقت له..
منذ ذاك اليوم الذي ذهبت هرباً لهم به، تسأل عنه، ولم تراهم، وإن أتوا ليروها تهرب من رؤياهم..

سنوات مضت، وهي تحارب حنينها لجدها، وبيت جدها، وتلك البلدة الصغيرة التي نشأت بها صغيرة.
حبهم وحنانهم، وخصيصاً ذاك التي تربت في كنفه صغيرة حتي أخذتها من بينهم يد الخسة والدناءه....
إبتلعت ريقها، وعدلت من وضع حجابها الذي ينساب للخلف من نعومة شعرها برجفة، وهي تجيب سؤالة ببكاء..

ـ أنا هنا ياجدي

أتسعت أبتسامة جدها، وهو يلتهم ملامح وجهها الذي أصبح كقطعة مصغرة من ملامح إبنته الراحلة، ويزداد شبهاً بها مع مرور الأيام..

هاتفاً بسعاده، وهو يفتح ذراعيه لها.

ـ أخيراً يا بيلسان..

أنطلقت لتختبيء بأحضان جدها العجوز، الذي حاوطها بذراعيه، وهي تبكي وهو يبكي لبكاءها ويقبل رأسها بشوق، وهتف معاتباً لها..

ـ هنت عليك كل ذاك الوقت يا بيلسان..ألم تشتاقِ لجدك العجوز يا صغيرتي..فتأتِ لي..

بيلسان ببكاء..

ـ أشتقت لك كثيراً، كثيراً ياجدي..أقسم لك..ولكن..

أبعد الجد رأسها التي تدفنه بصدره، وهو يمسح دموعها بيدة المرتجفه بحكم السن.

ـ لكن ماذا يا بيلسان..أخبريني ماذا فعل جدك العجوز بكِ..لتبتعدي عنه هكذا بأواخر أيامه..وكلما أتيت مشتاقاً لرؤياك..هربتِ مني..

أحنت رأسها سريعاً، وقبلت كفية وهي تمتم بإعتذار..

ـ آسفة ياجدي..سامحني..

صدح صوت خالها بعتاب..

ـ وماذا عن خالك المسكين يا بيلسان..هو الآخر..ألم تشتاقِ له..؟
إستدارت وحيته بإحترام..وهي تتحاشي النظر له حتي لا تخونها عينها وتنفجر بالبكاء..وتسأل عنه..

ـ أشتقت لك يا خالي..

هتف حسان بحب، وحزن علي ما تسبب به لها ولإبنه.

ـ أهلا يا إبنة الغاليه، كيف حالك؟
ـ بخير ياخالي..شكراً لك

مرت الساعات طويلة، ثقيلة قبل أن تخرج الممرضه وتخبرهم بأن حالة والدها أصبحت مطمئنه..

وساعة أخرى، وكان الجميع يلتفون حوله، أعمامها وأبناء عمومتها التي لا تراهم إلا بالمناسبات، وجدتها وزوجة أبيها وشقيقتها التي يالا الدهشة مازالت تبكِ للآن، ولا تعلم لما تحديداً…

بينما ودعهم جدها وخالها منذ ساعات…

تنظر للجمع بأعين خاوية، الجميع بالقرب منه إلا هي، بقت منزويه علي نفسها بعيداً بآخر الغرفه، تخفي يديها خلف ظهرها،بعدما هرولت خلفهم ونست قفازاتهم، فهي لم تقوى بعد على مواجهة تهكماتهم وشفقاتهم

أغمضت عينيها شاردة به..منذ رأت خالها وجدها، وهي لا تنفك تفكر به..وتسأل نفسها، هل نساها تماماً، ولم يعد يفكر بتلك الطفلة التي دوماً ما كانت تلتصق به..

هل أصبح الآن أباً الآن..
أستدارت بوجهها تمسح دمع عينيها حتي لا تشمت بها كالعادة إحداهن..
بينما خطرت علي بالها تلك الكلمات من اغنيتها المفضلة لمغنيتها المفضله..

(كيفك أل عم بيقولوا..صار عندك ولاد..أنا والله كنت مفكرتك برات البلاد..شو بدي بالبلاد..الله يخلي الولاد)

خفضت رأسها وهي تبتلع مرارة حلقها، فوقعت على يديها الممتلئة بالبقع البيضاء..
وسرعان ما عادت تلك الأمنية المستحيلة تسيطر عليها..

بأن تختفي تلك البقع من على يديها وقدميها، فستسطيع مواجهة العالم أجمع..أما عن باقي جسدها، فهي بكلتا الحالات قررت أن لا تتزوج مرة أخرى....ستواجه الجميع وبشدة تلك المرة..لن تجبر نفسها على ما لا تستطيع تقبله، ولا محبته..

زفرت بحزن، وجلست بكرسيها البعيد بإحدى الزوايا تنظر لزوجة أبيها وشقيقتها اللتان يلتصقان بوالدها كالعلكه..

ولتلك الأبتسامه علي شفتي والدها التي لم تراها يوماً تظهر إلا لهم..
شردت بحالها قليلاً، ولكن فجأه فاقت من شرودها، ووقعت عينها على والدها وعلي نفس ذات النظرة من عينيه التي يرمقها بها منذ طلاقها..

نظره مختلفة، ليست كارهه ولا حاقده، ولا مشمئزة ..
نظرة لم تعرف ماهيتها بعد؟

دارت بعينها بالغرفة بعجب، فلا أثراً لهم..أين ذهبوا، هل شردت كثيراً إلي هذا الحد؟

دب الرعب بقلبها، وكادت أن تستقيم لتختبيء، بكنف جدتها كالعاده خوفاً من بطش والدها بها، ولكن والدها أوقفها وهي ينادي عليها بنبرة متعبة..

ـ بيلسان..إنتظري يا ياإبنتي

إبتلعت ريقها وأستدارت تنظر له بدهشة، لأول مرة ينادي عليها..بإبنتي...

ـ نعم ياأبي..

أبتسم لها بحنو..إبتسامة أول مره تراها أيضا علي وجهه، ومد يده لها..

ـ أقتربِ يا بيلسان..أريد الحديث معك قليلاً

أرتجفت قدميها رعباً، وأقتربت منه..وجلست بجانبه..

باغتها والدها مردفاً بحب..

ـ أتشكين بحبِ لكِ يا بيلسان..؟

بهت لونها، ونظرت له بكسره من كثرة خذلانه لها..ولم تجب، آثرت الصمت..
مد يده وأمسك بيدها لأول مره، ضمها بقوة وهتف ببكاء أوجع قلبها عليه، فمهما فعل بها، لا تكرهه، ودائماً ما يخذلها قلبها ليحن له.....

ـ أنا لا اكرهك يا بيلسان..أنا أحبك أكثر من روحي ياابنتي، أعلم أني تأخرت كثيراً في قول ذلك..ولكن ألم يقولوا أن تأتي متأخراً، خير من أن لا تأتِ أبداً..سامحيني ياابنتي، لم أكن عوناً لكِ، ولم أرى دمعات يتمك ووحدتك..لقد أصاب قلبي العمى، وندمت وياليتني استفقت منذ البداية، أشعر بالنهاية تقترب يا بيلسان، وأريد أن أطمئن عليكِ، وأضعك بين يدي من يؤتمن عليكِ

لم تستطع أن تمنع سيل دموعها، بكت بحرقة كما لم تبكِ من قبل، ووالدها يعتدل بصعوبه ويفتح ذراعيه لها…

إرتمت بأحضانه، وهتفت ببكاء..

ـ أتوسل إليك ياأبي، لا تقذفني بالنار ثانية، وتخبرني أنه اليابسة..لا أريد الزواج مرة أخرى أبداً

لف ذراعية حولها بوهن..وهتف برجاء

ـ وأن توسلت لكِ أن توافقِ..
ـ لا تضغط علي نقطة ضعفِي يا أبي..
ـ أن كان لي بقلبكِ ذرة حب، وافقِ ياأبنتي أتوسل إليك
أريد أن أطمئن عليكِ قبل الفراق.

توسلاته قطعت نياط قلبها، وعز عليها أن ترد خاطره لأول مرة فوافقت مجبرةً..وتناست ذاك الوعد الذي قطعتها علي حالها منذ قليل، وهي تخبر نفسها ماذا سيحدث لها بعد كل ما حدث..؟
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close