رواية لم اكن اهلا لها الفصل الخامس 5 بقلم اسما السيد
الفصل الخامس..
لم أكن أهلاً لها..أسما السيد..
بعد أسبوع...
خرج فيها والدها من المشفى، وعادت هي لغرفتها وقوقعتها، درعها الحامي من أعين الجميع المتهكمه عليها، زارت خلالها طبيبها النفسي مرة أخرى، بل ويالحيرتها كان يشجعها والدها أن تذهب مرة أخرى حينما علم ..
ويشجعها أن تبتاع ما ينقصها لزواجها، ويغدقها بالاموال التي كانت دائماً محرمة عليها... .
أغدقها بحنان غريب عليها، وكلما طال مكوثها بغرفتها يدلف لها، ويبدأ بسيل من الأسئلة لها، عن طفولتها وعن ما تحب وما تكره، وكأنه يعوض ما فاته بعيداً عنها…
بالبدء كانت تقابل أسئلتة تلك بجفاء وعداء، حتى يتركها وشأنها..ولكنه كان صابراً، وحين يلمح جذعها، يربت على ظهرها، ويتأسف ويتركها بضع ساعات تستشعر فيه ندمها على قسوتها معه.....
فتعاود هي الحديث معه، وتتأسف له، فيرضى كطفل صغير ويبدأ من جديد بسيل آخر من الأسئلة..وتجاوب علية مبتسمة..
حاولت هي مراراً، أن تثنيه بإستعطاف عن فكرة زواجها، ولكنه لم يقع لخداعها، حتى جدتها اتخذت جانب ولدها لأول مره في حياتها.. وأصبحت موافقة علي زواجها..
وكلما سألتها ما السبب..تخبرها أنها تود الإطمئنان عليها هي الأخرى قبل مماتها..
دموعها لم تجف طوال أسبوع، ولكنها كانت تخفيها جيداً، حتي لا يراها والدها وتسوء حالته، فآخر مره أخبرهم الطبيب أنه بالفعل يقضيها أياماً معهم..
خصيصاً مع إصراره علي البقاء بالأسفل معهم..
لم يعد بيدها شيء إلا أن تدعو الله، أن يرزقها خيراً على صبرها، تركت أمورها كلها بيد الخالق، ليدبرها لها كيفما يشاء، وهي واثقة بأن كل ما يحدث لها خير..
لقد استخارت ربها طوال الأسبوع هذا لسبع مرات آخرهم البارحة..وعقب كل صلاة كانت تشعر براحة عجيبه..
أما البارحة بعدما يأست من أن ترى أي رؤيه بأحلامها، وأرتضت بتلك الراحة التي تشعر بها..
وجدت نفسها بحلم جميل..وسط أزهار شجره الكرز اليابانية التي كان بلال دوماً يشبهها بها..
(ساكورا)
وأحدهم يهمس بصوتاً لم تستطع معرفة لمن هو..
(ساكورتي)
استفاقت من نومها فرحة..أيُعقل أن يكون صوته هو.؟
أو أحداً سيعاملها كما كان يعاملها هو.. كما أخبرتها مها بالهاتف… نفضت كل ذاك عنها وهي تتذكر ما أخبرها به خالها ذاك اليوم، حينما سافرت لهم تسأل عنه....
ـ لقد تزوج بلال يا بيلسان بالخارج..ولن يعود مرةً أخرى…
أجبرت نفسها على نسيان بلال.. ولكن لم تستطع منع الفرحة التي تسللت لقلبها، كلما تذكرت حلمها، لطالما كانت تحلم برؤية زهرة ساكورا التي أسماها على اسمها..
بلال يعشق الزراعه، ودوماً كان شغوفاً بها، فهي أساس تخصصه، وكلما تَعلم شيئاً كان يطبقه علي أراضيهم..
حتي جذبته زهرة الساكورا.. والتي لا تنبت إلا في اليابان. وبالفعل سافر خصيصاً ليراها عن قرب، ليشبع فضوله عنها، وحينما أتى كان حاملاً بحوزته الكثير منها، وأهاداها لها فقط.
أغمضت عينها، تتذكر ذاك اليوم..
flash back
خرجت من المدرسة كالعادة بمفردها، لا أصدقاء لها الكل يبتعد عنها، من كثرة حديث شقيقتها عنها وعن مرضها المعدي كما تخبرهم..
وذاك اليوم كانت قد نالت أعلي الدرجات بأمتحانها، وخرجت فرحة لا تجد من يشاركها فرحتها غير جدتها فبلال سافر كما أخبرها ولا تعلم متى سيأتي مجدداً..
فجأه وهي تسير بسرعة كي تخبر جدتها وجدت يد أحدهم تخطفها لأحد الزوايا..حتي لا تراهم تلك الحية شقيقتها...
ـ اهدأي يا ساكورا هذا أنا
شهقت بفرحة وهي تستدير لتنظر له..
ـ بلال لقد أتيت أخيراً..
بادلها الأبتسام وهو يلتهم تفاصيلها بشوق.
ـ اشتقت لك يا ساكورا..
ـ متي أتيت يا بلال..؟
بلال بقلة حيلة..
ـ لقد وصلت منذ بضع ساعات فقط..ومن المطار إليكِ يا ساكورا..لم أذهب للبلدة بعد...
بيلسان بسعاده..
ـ اخبرني هل رأيت ما ذهبت أليه.
ـ بالطبع..
عبست بشفتيها وهي تهتف بحزن..
ـ ليتني كُنت معك..
بلال بإبتسامه..
ـ يوماً ما سآخذك لهناك يا ساكورتي، لأريكِ كم هي جميلة تلك التي أسميتك على اسمها..
بيلسان بعتاب..
ـ هل هي أجمل مني ؟
ـ ليس هناك بالحياه ما هو أجمل منك يا ساكورا
ـ حقاً؟
ـ بالطبع..انظرِ بعينك..
اخرج من خلفة تلك الحقيبه التي جلبها لها خصيصاً
أخذتها من بين يدية بلهفه، وفتحتها أمام عينه الشغوفة بها
ثواني وكانت تشهق بفرحة..
ـ ساكورا..أهذه هي؟
ـ أرأيتِ جمالها…
ـ نعم..نعم..أنها رائعه..سأخذها كلها..
ـ هي لكِ يا ساكورا، أحتفظِ بها..
ـ ولكن أحتفظ بها يا بلال ..ستذبل بالتأكيد..
بلال بلمعه بعينيه..
ـ سنفعل كما فعلت فيروز إذاً؟
ـ وماذا فعلت فيروز؟
ابتسم وهو يهمس بالقرب من أذنها..
(وهديتني وردة .. فرجيتا لصحابي، خبيتا بكتابِ، زرعتا عالمخدي)
back...
جففت دموعها بيدها، وأغلقت ذاك الكتاب الذي أهداها لها يومها، عن أزهار الساكورا، لتحتفظ بين طياتها بأزهارها..
قربته لأحضانها، وقبلته مراراً، هاتفه بحزن..
ـ أشتقت لك يابلال..أين أنت....
-------------
تنهدت وهي ترفع الفستان الذي حاكته لنفسها كالعاده برضا فستان بلون الكشمير.. حاكته من أجل عقد قرانها المزعوم...
دلفت جدتها للداخل ببطء.. وهي تهتف بسعاده..
ـ ما هذا يابيلسان..؟
بيلسان بفرحة لم تستطع إخفاءها...
ـ مارأيك ياجدتي، أخبريني الحقيقة..هل أعجبك.؟
الجده بفرحة عارمه..
ـ أنه رائع يا حبيبتي.. هاديء كطباعك الهادئه
نكست بيلسان رأسها تنظر لتلك القفازات التي حاكتها من أجل الفستان بحزن..
ـ نعم.. أشعر انه رائع.. ولكن ليس بقفازات..
الجده بحنو..
ـ ولما سترتدينها إذاً.. قلت لك مراراً.. لا يجب أن تخجلِ من مرضك.. فأنت بكل الأحوال جميلة.. ومن سيتزوجك بك راصياً بكِ بكل حالاتك...
اردفت بيلسان بسخريه..
ـ حقاً.. يا جدتي.. يرانِ هكذا.. وهو من لا أعرف عنه شيئاً حتى الآن.. حتى إسمه للآن لا أعرفه.. أمتأكدة أنه ليس كذاك النذل الأول..لن يعايرني بمرضِ، ويسخر منه.
اقتربت الجده منها، وربتت علي ظهرها بحنان..
ـ إنسِ يا حبيبتي الماضي.. استمتعِ بحاضرك الجميل.. كلنا مررنا بذكريات سيئة، واستمرت حياتنا، سيأتي يوماً وتتذكري كل ذلك وتحمدين الله، أنكِ كنت وفيرة الحظ بأنه أبعد عنكِ هكذا شخصاً..ورزقك بآخر يراكِ بعينيه الكون بأكملة..
أنتفضت من مكانها، وهتفت مسرعه حتى لا تنسى كعادتها، وتلهيها جدتها بالحديث..
ـ جدتي..من ذاك العريس الذي تقدم لخطبتي..للآن لم أعرف من هو؟
أبتسمت الجده وهمت أن تجيبها بسعاده غير مبالية بتحذيراته لها....
ـ ألا تعلمين من هو..هو..
قاطعهم صوت سعال والدها الحاد، فهرول أثنتاهم للخارج....
أتسعت عينيها وأرتجف جسدها..
(أبـي)!!!!
---------------------
السادس من هنا