أخر الاخبار

رواية لم اكن اهلا لها الفصل الثالث 3 بقلم اسما السيد

رواية لم اكن اهلا لها الفصل الثالث 3 بقلم اسما السيد

فصل الثالث


فجأه دارت الارض بها، وعادت تلك الذكريات المريرة تطفو علي ذهنها تباعاً..طفولتها الضائعه، يتمها، ووحدتها، وخوفها الدائم من أن يري أحد بهاقها وعيوب جسدها، وإخفاءها قدميها ويديها دوماً، حتي لا تُأذي عيون الجميع كما كانت تخبرها زوجة أبيها وشقيقتها
نزلت دمعاتها تباعاً، وكالعاده كفكفتها سريعاً حتي لا يراها أحد غيرها، فيرمقوها بنظرات الشفقة تلك التي تقتلها، وتقتل روحها، يكفي سهام نظراتهم المستنكرة التي يطلقونها عليها من إرتداءها لتلك القفازات اللعينه علي الرغم من حرارة الجو العاليه...وااه لو يعلموا..

إمتدت يد حنونه، كصاحبتها لتربت علي ظهرها وكأنها
شعرت بها وتخبرها إهدأي أنا هنا....

ـ بيلسان حبيبتي، ما بك؟....أنتِ بخير

رفعت وجهها، وإبتسمت لها بهدوء..

ـ نعم مها أنا بخير..لا تقلقِ

رمقتها مها صديقتها التي أهداها القدر لها بعد سنوات من الوحدة كان هو فيها رفيقها الوحيد(بلال).. وهتفت…

ـ حسنا يا عزيزتي، لقد أتى دورك أستعدِ لتدخلي الآن
أومأت بيلسان برأسها، وإستقامت لتقف بجانبها أمام ذاك الفاصل بينها وبين بدايتها الجديده..
فُتح الباب، وودعتها مها ببسمة حانية وبكلمات دب فيها روح التحدي..

ـ كوني قوية لأجل نفسك بيلسان..أنتِ تستطيعين..
أعادت لها بيلسان بسمتها بأخري ممتنه، قبل أن تغلق الباب الفاصل بينهم..

دلفت لداخل حجرة الطبيب بالكاد تجر قدميها المرتجفتين، تجرأت ورفعت رأسها بإتجاه الطبيب الذي أومأ لها بتحية مهذبة.
وأهدته أخرى مثلها، وهو يشير لها علي ذاك الشازلونج أمامه....
تسلل لها ذاك الشعور بالأمان تلقائياً، وهي ترى إبتسامة الطبيب الذي غزا الشيب شعره، وأعلنت خطوط العمر غزوها علي وجهه، ولم يعد يزين محياة إلا تلك الابتسامه الرائعه الذي يهديها لمرضاه..
إبتسامة نقية من القلب، وتبعها بعدها بحديث ودود، مشبع بسيل من الأسئلة منه لها، فلم تعد تفرق بين حديثه البسيط وتساؤلاته..

التي بدت عن تاريخها المرضي ومنذ بدأ غزو (البهاق) علي جسدها..
أفضت بالكثير من مكنونات صدرها تباعاً، ولم تشعر
برغبة بالتوقف..
ألا أنها فوجأت به يخبرها بإبتسامه..

ـ يكفي هكذا لليوم..

استقامت بينما عاود الطبيب الراحة علي كرسيه
وقبل أن يتحدث باغتته هي بهجوم..

ـ لا تبدأ بشرح حالتي يا دكتور، فأنا أعرفها عن ظهر قلب، علي مدار سنوات ذهبت بي جدتي للعشرات من الأطباء، يكتبون نفس الأدوية، ويعطونني نفس الإرشادات، فقط أخبرني كيف سأتجاوز هذا الأمر، وأصبح قوية أستطيع أن آخذ حقي من عيون الجميع.

عاود الطبيب رسم إبتسامته التي تريح النفس على وجهه وهتف بتروٍ…

ـ لن أقول ما قاله غيري ، ولن أكتب لكِ يا بيلسان أي أدويه...فقط سأخبرك شيئاً واحداً.

أكمل وهو ينظر لقفازاتها بمغزى…

ـ إبدأي بتغيير نفسك أولاً...ثقِ بنفسك وأنكِ قادرة..
إنزعِ قفازات قلبك قبل يديكِ..وإبتسمِ بوجه من أساء إليكِ
ليس لشيء..غير نفسك..فنفسكِ تستحق أن تشعر بأنها قوية...

هتفت بيلسان بدهشة..

ـ هكذا فقط..!!

الطبيب بإبتسامه..

ـ لن يغير الله ما بقومٍ حتي يغيروا ما بأنفسهم يا بيلسان..

هتفت بشرود وهي تتذكر كلمات كهذه…

ـ كان يخبرني دوماً هكذا..

ـ من هو؟
ـ بلال..
ـ من بلال هذا؟
ـ إبن خالي…

ـ وأين هو الآن...؟
ـ تركني وغادر منذ زمن…
ـ هل تشتاقين له؟
ـ كثيراً جداً…

أومأ الطبيب بإبتسامه وهو يكتب شيئاً ما بأجندته..
قبل أن ينهي الجلسة علي وعد باللقاء قريباً..
وقبل أن تدلف لخارج الغرفة، توقفت ونظرت للطبيب قليلاً بتوتر..
ضيق الطبيب بين حاجبيه، مردفاً بإبتسامة..

ـ أفعليها فليس من حق أحد بالكون أن يعيب على أشكالنا.....
ـ ولكنِ خائفة.
ـ ممن..؟
ـ من نظرات الشفقة، وتنمرهم علي.

ـ لن يحدث يا بيلسان، وأن فعل أحدهم.. قفِ بكبرياء وأخبريه ياهذا…
( إن عيوب الجسد من الممكن إصلاحها بينما عيوب القلوب لا تفنى إلا بزوالنا..)
كونِ حرة نفسك.. كونِ متمردة..ولا تخشي شيئاً ولا عبداً.
إلا رب العباد
دبت روح التحدي بجسدها، ورسمت بسمة راضية علي شفتيها، وخلعت قفازتها سريعاً، وألقتها بتلك السلة بجوارها، و غادرت وهي تؤكد لنفسها أنها قوية، قادرة..
ولا أحد له حق أن يتنمر عليها..
فهي بالفعل..جميلة ببهاقها..

back..

إرتفع صوت بكاءها غصباً عنها وهي تشعر بإنتكاسها علي وشك، ولم تعد تسيطر علي ذاك الحنين بقلبها له، وياليته هنا، ولم يرحل أبداً...

إنتفضت جدتها حليمه ذات السبعون عاماً بالخارج من مكانها بعدما وصل لها صوت شهقاتها، تسير ببطيء ووهن متكأه على الحائط بجانبها بإتجاه غرفة إبنة ولدها، لقد شاخت وشاخ كل شيء بها، تنتظر الموت بأي لحظه، وأكثر ما يؤلمها هو ترك حفيدتها وحيدة هكذا لا أب يشفع ولا شقيقه تنفع..
ولا أم تحنو عليها..

حفيدتها بيلسان ذات العشرون عاماً، جميلة ويشهد الجميع على أخلاقها..ولدت لأب كان عاشقاً لوالدتها، ولا تعلم كيف تحول هكذا لظالم ومتجبر منذ تزوج بتلك الحية التي كانت جارة لهم، وصديقة مقربة لزوجة ابنها الراحلة (ابتسام) والدة بيلسان، إستغلت تلك الحية مشاكل إنجابها وتسللت له وأقنعته بحبها، وأنها هي من ستنجب له، بعدما عانى سنوات من قلة الإنجاب، لم تشك ابتسام بهم يوماً، ولكن أتتها الضربة فجأة، وهما يدلفان معاً يداً بيد، ويخبرونها أنهم تزوجا..

كم بكت ابتسام، وكم عانت بعدها، ولكنها آثرت الصمت وأغلقت علي نفسها، وكأنها كانت تشعر بأنها النهاية..

حملت أميمه سريعاً، وأنجبت علياء شقيقة بيلسان الكبري، ولم تنفك يوماً ببخ السم بأذن شمس الدين زوجها عن إبتسام.. إلا أن شاء القدر فجأة، وتفاجأوا بحمل ابتسام.. وكأن الله أراد أن يراضيها علي صبرها وعدم جزعها على قدره..
ولكن كان للقدر دوماً كلمة أخري....وهو يغلق صحيفة ابتسام وتموت من ضعفها وتعبها النفسي وهي تلد بيلسان قبل موعدها..

أصر جدها لوالدتها أن يأخذ بيلسان لتتربي بينهم، ووافق شمس الدين مرحباً تحت عجب الجميع من أفعالة تجاهها، عاشت بين عائلة جدها حتي عمر العاشره إلى أن ماتت جدتها لوالدتها، ولم يعد هناك من يعتني بها، فأصرت حليمة(جدتها لوالدها) على أخذها لتعيش معها علي مضض من ولدها الذي لا تعرف كيف تغير هكذا…

بالبداية كانوا يعيشون جميعاً ببيت واحد، ولمرضها كانت تستغل أميمه زوجة أبيها الموقف وتتفنن بإيذاء بيلسان نفسياً وجسدياً، حتى هاجمها المرض وأنتشر بمعظم جسدها..
علم جدها وعاود ليأخذ بيلسان لعلاجها.. ولكن قلبها كان قد تعلق بها ولكن لمصلحة حفيدتها وافقت بأن يأخذها، فإبنها كان مصراً علي إهمال مرضها...

ولكن تلك الحيه، خشت أن تُعالج بيلسان وتعود أجمل من إبنتها، فقررت بخ سمها بأذن بشمس الدين ليتركها هنا..
وبالفعل كان لها ما خططت.. جن جنون شمس الدين وهدد الجد بالإبلاغ عنه إن لم يتركها. تدخل العديد لإقناعه ولكن لم يقتنع ولم يقبل ببقاء بيلسان مع جدها..

ولكن الجده كانت اكتفت من أفعالهم، فقررت تجهيز الدور الأول بالمنزل والانفصال عنهما.. حاولت أميمه أن تبخ سمها بأذن شمس مجدداً، ولكن الجده هددته بتقدم بلاغ عنه وعن ما تفعله زوجته بإبنته، بغيابة وأمامة أيضا، وستشهد ضدهم.. فتركهم وشأنهم علي مضض..

دلفت جدتها للداخل، وهي تهتف ببكاء كبكاء حفيدتها من عودة الذكريات المؤلمه التي عايشوها معا علي ذهنها…

ـ إلي متى يا قلب جدتك ستستمرين في البكاء هكذا، لست أول ولا آخر فتاه تطلق قبل زواجها..

رفعت بيلسان وجهها الذي يحكي ألف قصة من الألم والخزي، وهتفت بحده..

ـ أنا لا أبكيه يا جدتي، أنا أبكِ حالي ووحدتي..وما يريد أبي أن يفعلة بي مرةً أخري.. ألم تستمعين لما قاله بالأمس..؟

ـ سمعت يا ابنتي وصعقت مثلك.. ولكن ما باليد حيلة..

هتفت بيلسان بحزن..

ـ أنتِ تعرفين أنني لم أكن أريد إيهاب هذا، فلم يتواني يوماً عن تذكيرِ بمرضِ، و معايرتي بطريقة ملابسي المحتشمة، فما بالك ذاك الذي كان يعيش بالخارج علي حد قوله، ماذا سيقول لي، وكيف سيقبل بفتاه مريضة مثلي...

أقتربت حليمة منها، ومدت يدها تمسد ظهرها بحنان، فلم تقاوم بيلسان حنو يديها، وإرتمت بأحضانها تبكِ بقوه…

ـ اخبري أبنك ياجدتي أن يرحمني، لما يكرهني هكذا، ألست إبنته، أخبرية بالله عليكِ أنني لا أريد الزواج مره أخرى، أخبريه، وأني سأفعل ما يخبروني به بلا جدال بعد ذلك.. فقط ليدعني وشأني أكمل تعليمي....، لما لا يشعر بي، ولا يرى تعبي ووحدتي كشقيقتي، لما يعايرني دوماً بمرضي..ما ذنبي إذ إبتلاني الله بهذا المرض..ماذنبي ياجدتي؟

حليمة ببكاء..وهي تمسح دموعها بكف يدها..

ـ لا تقولِ هكذا وإستغفري الله يا حبيبتي، فما ابتلانا الله الا لخير لا نعلمه..المرض ليس تكفير ذنوب بل إمتحان من الله لنصبر ونحتسب، ويرى من منا قوي الإيمان، ثم عن أي مرض تتحدثين، ألا تنظرين لنفسك بالمرآه..وأنك رغم مرضك جميله الخُلُقْ والخِلقه..

إبتعدت بيلسان عن أحضان جدتها، وإستقامت لتقف أمام مرآتها، وخلعت حجابها الذي يغطي عنقها..
ونظرت لعنقها الذي يملأه البقع البيضاء..وتبعته برفع
أكمام يديها

وشرعت بالبكاء..

ـ أي جمال هذا الذي تتحدثين عنه ياجدتي، وقد امتلأ جسدي بتلك البقع البيضاء هكذا، من سيرضي بي هكذا إلا كما تخبرني أميمه مريض مثلي أو مشوة، لما لا ترين أننِي مريضة بهاق، وليس لمن مثلي الحق بأي إختيار..فأنا بالنسبة للجميع عالة عليهم..

استقامت جدتها مره أخري، واقتربت منها، ووقفت خلفها ودموعها تسيل تشارك إبنة ولدها ما صابها..مردفة بتأكيد..

ـ أنتِ جميلة جداً يا بيلسان.. يكفي أن وجهك يشبه الملائكه، عيناكِ تلمع كعسل النحل الصافي بضوء الشمس، و شفتيكِ المزينه بحمرة طبيعية ، ومن بينهما لا يخرج إلا حلو الكلام، وشعركِ الذي يفتن النساء بطوله، ولونه العسلي هذا الذي أخذ مني عمراً وأنا أضفره لك..شعركِ الذي تقسم كل من رأته أنه بصنع الصبغات.. ليس طبيعياً، إحمدِ الله يا حبيبتي، ولا تقنطِ من رحمة الله..
إنفرجت شفتيها بإبتسامه حزين..
وهي تتذكر تلك الآيه العالقة بقلبها منذ زيارة الطبيب هذا..

بسم الله الرحمن الرحيم..

( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)

أردفت بحزن وهي تستغفر الله على جذعها، وعدم إستماعها لنصيحة طبيبها…

أغمضت عينيها تستكين قليلاً..وهي تؤكد لنفسها
أنها ستفعل من أجل نفسها..وستستمر بجلسات العلاج لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً..

ـ أنتِ محقة يا جدتي، يجب أن اكثر من الحمدلله على عطياه، وأن وجهي لم تطوله أي بقع بيضاء للآن..

همت جدتها بالحديث..الا أن قاطعها صوت شمس الدين المتعب تلك الأيام بطريقة غير طبيعية..

ـ أمي..يا أمي. يا بيلسان

هرولت بيلسان للخارج وخلفها جدتها، لتجيبا عليه، خوفاً من بطشه، وغضبه عليهم كالعادة..

خرجت من الغرفة بلا حجاب، ووقفت أمامه ترتجف، لكنها شعرت ببرودة تقتحم جَيدها، فهتفت برعب وهي تتحسسه بيدها..

ـ ياإلهي.. حجابي؟

عاودت سريعا للداخل بينما هو بادل والدته التي تنظر له بعتب بأخرى حزينه على ما أوصل إبنته له..

شعر فجأه بذاك الألم الذي يسبق السعال الذي يلازمه منذ فترة دوماً.. وبدأ بالسعال ..
دقائق، وحضرت زوجة أبيها، وشقيقتها..وبدأو بالحديث عن زواجها، وجدتها تقنعه وتتوسل إلية أن لا يجبرها

إستمعت لصوت شقيقتها وزوجة أبيها وجدالهم وتدخلهم بجياتها كالعادة، ففضلت البقاء بالغرفه، وهي تدعو الله أن يقتنع والدها بتوسلات جدتها..

تسلل اليأس لقلبها ويأست من أن يقتنع والدها، وخصوصاً وهو بحالته تلك، وغير قادراً علي مسايرة حديثهم..
فدفنت وجهها بقدميها، وعاودت البكاء بقوه..

دقائق وفتح الباب بقوه..بفعل شقيقتها التي دخلت مسرعة
واقتربت منها، وأمسكتها من ذراعها هاتفه بغل ولا تعلم لما؟

ـ أنتِ يا غبيه سبب كل مشاكلنا، وأنتِ من ستتسببين بقتل والدي، لما لا توافقِ علي ذاك العريس وتذهبِ من هنا، لقد تعبنا منك، وقرفنا من رؤية مرضك اللعين هذا…

إبتلعت بيلسان ريقها بحزن، وهتفت بصوت يقطر ألماً..

ـ لكنِ لا أريد الزواج يا علياء، يكفي ما فعله إبن خالتك بي..لن أتزوج، ولن يجبرني أحد مره أخرى..

نظرت علياء لها بسخريه، وهي ترفع يدها في حركة منها لتريها ذاك الخاتم الذي يزين اصبعها مكادة بها، بعدما تقدم لخطبتها أحدهم من أقارب والدتها، ويعمل بالخارج..

ـ وماذا كنتِ تنتظري إذن أن يعاملك كملكة ...ألا تنظرين لنفسك بالمرآه..أشكري الله بأن إبن خالتي، وافق من الأساس عليكِ..أنت معيوبه وليس من حقك أن تعترضِ ....

نكست بيلسان رأسها، وهتفت بسخريه من عطوبة قلب شقيقتها..

ـ أعلم يا علياء لا داعي لأن تذكريني طوال الوقت، وأعلم أن المعيوبة بمنطقكم، وعرفكم لا تأخذ إلا مثلها، لذا اقترحت والدتك مشكوره ابن خالتك ذو الأربعون عاماً ومطلق لثلاث نساء قبلي، أن يتزوجني، فهو كنز ثمين لي علي حد قولكم..لقد حفظت ياأختاه ما تقوليه لي طوال الوقت، لذا لا داعي لتذكريني به مجدداً، ولكن ماذا أفعل هذا نصيبي ولا دخل لي به، أنه قدري وأنا راضية تماماً بة

نظرت لها علياء بتهكم..وهتفت بسخرية.

ـ أشم رائحه تهكم من كلامك..ولكن وان يكن فهذه هي الحقيقه..يجب أن ترضِ بها..وأن تحمدِ الله ليلاً مع نهار أن واتتك فرصه أخرى ، وأن والدتي لا تنفك تفكر بكِ، وأنت دوماً جاحده وناقمه عليها....

هتفت بيلسان بنفاذ صبر وهي تجز علي أسنانها…

ـ ماذا تريدين الآن يا علياء؟

ابتسمت علياء بخبث، وهتفت..

ـ لا شيء سوي أن تخلصينا من طلتك البهية هذه، وتوافقين علي الزواج من ذاك الرجل الذي تقدم مشكوراً لخطبتك

هتفت بيلسان بحده….

ـ لن يحدث..لن أكون كبش فداءً لكم مرة أخرى، أنا أعلم نواياكم جيداً، وأن بالتأكيد هناك مصلحه من وراء ذاك الزواج..

تشدقت علياء بشماته..

ـ لقد بتِّ تفهمين إذاً..اممم..ولكن واا أسفاه ليس لدي معلومات كافية لأخبركِ بها، فقد أجاد والدنا الصمت تلك المره لا أعلم لما، ولكنه هذه المرة مُصر على زواجك..وما علي لسانه إلا أنه سيموت ويجب أن يطمئن علي كلتانا ببيت أزواجنا..

رمقتها بيلسان بسخريه، وهتفت بتهكم..

ـــ حقاً..!

علياء بتهكم..

ـ أتتصوري..أن يجمعنا أبي بجملة واحده..؟

بيلسان ببرود..

ـ معك حق...فأنا وأنتِ لن يجمعنا شيء مدى الحياة سوى اسم ذاك الذي يسعل بالخارج، فأنا وأنتِ دروبنا لم ولن تتفق يوماً، اتركيني لحالي يا علياء..ولا تقلقي لقد وصلت رسالتك التي ترسليها لي بيدك التي ترفعيها كل دقيقه لارى خاتم الخطبة الألماس الذي أصر خطيبك الفاحش الثراء أن يأتيكِ به مثل الأجانب الذي يعيش بينهم، مبارك لك شقيقتي
وتذكرِ دائماً أنكِ خصيمتي إلى يوم الدين..

نكست رأسها للأسفل فوقعت علي النقط البيضاء علي ظهر يدها ونظرت لها برضا لأول مره، وفجأة تذكرت

بلال.. ذات مرة وهو يعنفها على أرتداءها القفاز.....وكالعادة بكت من تعنيفه لها..ولكنها لم تكن تبكِ لحزنها، وإنما إصطناعاً للبكاء حتي يراضيها..وهو يحتجز يدها بين كفيه، ويقبلها بعمق..هامساً

ـ يديك كلؤلؤة بيضاء في محارة بقاع محيط عميق، مر عليها كثير من الغواصين، ولم ينتبة أحد لها ألا ذاك المحب الذي سبح أميالاً يبحث عنها ويتمناها بقلب سليم..

إنفرجت شفتيها بإبتسامه حزينه..في حين
رفعت شقيقتها يدها، لتنظر لخاتم خطبتها بفرحة مصطنعه وبدأت بتقليب يدها لتريها خاتم الخطبه بوضوح، وشماته تطل من عينيها..
بينما اكتفت بيلسان بنظرة سخرية مما تفعله...

دلفت شقيقتها للخارج ببطء يتملكها الغيظ منها، وبإعتقادها أنها أستطاعت إثارة غيرتها....

قذفت بيلسان بنفسها عالفراش مرة أخرى، وهي تفكر بوالدها، وكرهه لها الغير مبرر، وفي إظهاره لها دوماً بأنها عبء عليهم..و يريد أن يتخلص منه سريعاً
ولا تعلم أي عبء هذا الذي تشكله لهم.. وهي منذ كانت إصابتها بذاك المرض، وهي تمكث بالأسفل مع جدتها وتصرف عليها من مالها الخاص، تعلمت من جدتها الكثير، وعلمتها الجدة فن الحياكة وجعلتها عاشقة لها مثلها، لم تبخل عليها جدتها يوماً بشيء، حاولت قدر الإمكان أن تتفنن بإسعادها وتعويضها عن ذاك الحرمان الذي ينخر بقلبها دوماً لوجود أم بجانبها..وهي ترى والدها يهتم بشقيقتها وزوجته ولا يلقى لها بالاً ..لطالما كان قاسي القلب معها، ولم يكن يوما أهلاً لها..

زفرت بحزن وصوت شجار أميمه وحليمه كالعادة أرتفع ليسمع الجيران، في جدال بين مؤيد لفكرة زواجها، ومعارض..
فجأه أنتفضت من مكانها علي صراخ أميمه وشقيقتها..

هرولت للخارج لتري ما حدث، ولكن تيبست قدميها فجأة بالأرض..وهي تحرك شفتيها بلا صوت..
(أبــــــي)



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close