رواية لم اكن اهلا لها الفصل الثاني 2 بقلم اسما السيد
فصل الثاني..
لم اكن اهلا لها..
أسما السيد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(أتوسل إليك يا أبي لا أريد أن أتزوج به)
أنهت بيلسان صلاتها، وبينما كانت تطوي سجادتها خطرت تلك الجملة فجأه علي ذهنها، جملتها التي لم ولن تنساها يوماً ستظل ترن بأذنها كناقوس إلي مماتها، جملة غيرت مجري حياتها من السيء للأسوء، حينما أجبرها والدها على زواجها من إبن شقيقة زوجته، بعدما دست زوجة أبيها السم بأذن والدها بأن يوافق على زواجها
وبالطبع وافق..وكتب كتابها
إنسابت دموعها بغزاره، فإستقامت وجلست على طرف فراشها منكسة الرأس تخفي وجهها بسجادة الصلاه خاصتها لتكتم شهقاتها حتى لا تستمع لها جدتها، وتأتي مهرولة تبكي على بكاءها كالعاده، وهي من لم تستطع التحمل
جدتها الحبيبة من بقى لها من كل ذاك العالم أجمع
هي وصلاتها، ودعواتها ليل نهار أن يهدي لها والدها وينتقم ممن تسببوا بما عانته
ودوماً ما تلح بدعواتها أن يخلصها الله من سجنها هذا الذي لا يد لها به
إزدادت شهقاتها، وإرتفع صوت بكاءها
تبكي تخلى الجميع عنها، ونظرتهم الدونيه لها، ولمرضها
وكأنها هي من جلبته لنفسها، وليس إبتلاءًا وإختباراً قد يصيبهم كما أصابها
لقد وعدت نفسها ألا تبكِ مرة أخري، وأن تخلع عنها عباءة خوفها، خصيصاً بعد زيارتها لذاك الطبيب الشهير الذي نصحها العديد من الأشخاص به، بعدما أرسلت قصتها بإسم مستعار بأحد صفحات الفيسبوك النفسية التي تنشر تجارب الآخرين كعظه لا تعلم كيف فعلتها ولكن لقد حدث
يومها إنهالت عليها الكثير من التعليقات المحفزة لها، وأصيبت بالدهشة حينما وجدت الكثير والكثيرات ممن يشبهون حالها، دب باب الأمل قلبها وهي تستمع لكثير ممن سيطروا علي مرضهم، وتوقف بالانتشار، وممن تخطو وجعهم وأحزانهم ونظرات الناس الدونيه لهم، وعاشوا حياتهم وتزوجوا وأنجبوا..وأخريات أرسلن لها عنوان ذاك الطبيب النفسي الذي ساعدهم علي تبخر آلامهم، وبدء حياة سعيدة مليئة برضا الرحمن
وبالفعل حكت لصديقتها، التي شجعتها على تلك الخطوة التي دوماً تحثها علي فعلها منذ زمن..وخصيصاً بعدما فك والدها بنفسه قيد زواجها من ذاك السمج
لا تصدق أن أبيها بنفسه طلقها من ذاك الوحش وهو من جبرها عليه وأصر على كتب كتابها، بعد إرتباط دام لعام كامل، إستنفذت فيه كل طاقتها، وصبرها، وتركها جثة هامده، محطمة لا تثق بأي شيء بها، ولا بنفسها
كارهة لشكلها وهيئتها، ولباسها ومرضها، ناقمة
وضعيفة، وبداخلها تخبطات وآلاف من الأسئلة التي تبدأ بكلمة (لما)..؟؟
فقررت أخذ تلك الخطوة بذهابها لذاك الطبيب النفسي الذي شكر لها به الجميع علي الصفحه المحفزة، ولحسن حظها وتحت دهشتها أيضاً وافق والدها وشجعها
flash back..
دلفت للعياده مع صديقتها مها، صديقتها التي تعرفت عليها منذ ألتحقت بكلية الفنون الجميلة، وتعدها كأحسن من شقيقتها..نظرت للمكان حولها بتوتر وإبتلعت ريقها
أقتربت منها مها وأمسكت بكف يدها، هامسة لها بأذنها
ـ لا تخشي شيئاً يا بيلسان..وانظري حولك لستِ وحدك هناك العديد، ولا أحد خائف هنا غيرك
ـ أشعر بالتوتر يا مها، ولكن لا تخافِ لقد إتخذت قراري، ولن أتراجع
ـ وأن فعلتِ، سأحطم عنقك ولن اسمح لك
بيلسان بضحك
ـ شريرة..وما أعدلك!
مها بفخر وهي تعدل من ثيابها
ـ أشكرك، على الرحب والسعه
جلست تنتظر دورها، منكسة الرأس، تضع يدها أسفل خدها
هتفت مها بحنق
ـ أمامنا ثلاث حالات.. وكل هذا بالمستعجل فقط.. ماذا لو أنتظرنا كهؤلاء..؟
أبتسمت بيلسان بسخرية بجانب فمها علي تأفف صديقتها وجذعها،ولكن عذرتها فهي لم تعتد المكوث بعيادات الاطباء
بينما هي لم تترك جدتها طبيباً تعرفه إلا وذهبت بها إليه.. وبعدما يأست من الأطباء، والأدويه، انتقلت لتلك الوصفات العشبيه التي أقترحتها عليها جارة لهم من أحد العطارين
بالحقيقة لم تقصر معها جدتها لأبيها يوماً، حتى أنها ذهبت بها للمعالجين الروحانين، وشيوخ المنطقه..حتى تركيبات الصيادلة لم تتركها
ولم ينفع معها شيء، ولم يحد من إنتشار ذلك المرض اللعين الذي تمدد بمعظم جسدها..إلى أن توقف فجأه منذ سنوات ولله الحمد أنه لم يصعد لوجهها
هي راضية بقضاء الله وقدرة ولكن أكثر ما تخشاه أن يعاود المرض هجومه عليها، و ينتشر ويصعد علي وجهها
وهي ليلاً مع نهار تدعو الله وتشكره على أن إبتلاءها لم يكن بوجهها
وأن حزنها على ما صابها، وما كان يفعله معها ذاك شبية الرجال لم يؤثر عليها ويعاود المرض أنتشاره من جديد ويصيب وجهها ، فهي منذ كتب كتابها، وهو يخبرها أن المرض سيعاود هجومه عليها وسيصيب ووجهها ، وربما يصبح مرضها وراثة لأبناءهم، ناهيك عن نظرتة المشمئزة لها، وللباسها، دمرها نفسيا وكأنه دخل بتلك العلاقة فقط ليذكرها بمرضها، ويهينها ويقلل من شأنها
دوماً ما كان يخبرها..أن أمثالها يجب أن تحمد الله على أن أحدهم إلتفت لها وخصيصاً هو
زفرت بحزن..وهي تدعو علي زوجة أبيها بينها وبين نفسها
ستظل تدعو الله ليلاً ونهاراً عليها، وعلى كل دمعة حزن وكسرة نزلت علة خدها بسببهم
وعلى أنهم كانوا دوماً سبباً رئيسياً في أهتزاز ثوابتها ومعتقداتها ، بعدما كانت إرتضت أخيراً بقضاء الله وقدره وأن أمثالها يجب أن يفتخروا بإبتلاءاتهم لا أن ينكمشوا على أنفسهم ويعتزلوا العالم أجمع..
لقد أعادها لنقطة الصفر من جديد..عادت بسببه لوساوسها وهواجسها بأن لا أحد لها..ولن يكون أبداً..عادت تلك الأسئلة تصول وتجول برأسها بعدما كانت متناسية
ماذا ستفعل بعد رحيل جدتها، وهي من باتت على مشارف الموت بأي لحظه، ومن سيقف بظهرها، ومن سيصد ذلك الهجوم الضاري دوماً عليها من زوجة أبيها وشقيقتها ووالدها
زفرت ببطء، وهي تنظر لكل هؤلاء المرضي، وهي تفكر بذاك الطبيب وهي تسأل نفسها بدهشة..هل سيستمع لكل هؤلاء؟
وهل سيجد صبراً لدموع كل هؤلاء..وإستيعاب ألامهم وأوجاعهم
ألي هنا وسرح خيالها به مجدداً..ومن غيره إبن خالها الذي كان سبباً قوياً بالماضي لها لتتخطي آلامها ومرضها
كانت فقط تهاتفه وتخبره أنها وحيدة هنا، فكان يأتي مهرولاً لها من أقصى الجنوب للأسكندريه ليشد عضدها
كان دوماً يخبرها أنه يرى بها إمرأة شامخه، ورغم ندوب جسدها التي لا تذكر، فهي عالية جدا كنجمه
أغمضت عينيها تحارب دموعها وذكراه دوماً ما تأتي بالأوقات الخطأ لتعكر صفو حياتها
وخصيصاً تلك الجملة التي لم ينفك يخبرها بها ليلاً مع نهار
ساكورتي، وزهرة الكرز خاصتي، التي أنبتت وسط صحراء)
( قلبي المقحله
إبتسمت غصباً عنها، ومدت يدها مسحت تلك الدمعه التي تسللت بخبث من عينها..وهي تتمنى لو تصبح يوماً محاضرة تحفيذيه كأولئك التي كانوا سبباً رئيسياً بما يعرضوه على صفحاتهم من تجارب ومحاضرات لقدومها لهنا وأخذها تلك الخطوة التي تأخرت كثيراً عليها
إستدارت برأسها للجهه الأخري فقوقعت على طفلة صغيره يبدو من هيئتها انها بعمر الحادية عشر فيما فوق، منكسة الرأس وتضع طرف حجابها على جانب من وجهها، قادها الفضول لأول مره، لترى ماذا تخفي تلك الطفلة بعمرها هذا
ولكن..
أستمرت الطفلة على حالها منكسة الرأس، وتتمسك بحجابها جيداً..
فيأست من أن ترفع الطفلة رأسها، وخشت أن تنتبه والدتها التي تحاوطها بذراعها لها، وهي تنظر لإبنتها بفضول هكذا، فأشاحت بوجهها عنها، دقائق وهتفت الممرضه بإسم إحداهن فانتفضت الطفلة وخلفها والدتها وهنا تركت الطفلة طرف حجابها فرأت ما تخفية جيداً
أرتجف جسدها غصباً عنها وجف حلقها، وهي تلمح تلك العلامه التي كانت ومازالت مصدر رعبها..علامه بيضاء تنتشر بلا إستحياء، تشوه الجسد، وتحرم الاطفال لذة اللهو، واللعب وتذيقهم طعم الحرمان، وتشيب شعر رؤوسهم قبل الأوان...تدعى