رواية المتحول الوسيم الفصل الثالث 3 بقلم سارة منصور
الفصل الثالث
باد وجهه كالبركان ينفجر على وجنتيه بالحُمرة، تسأل ماهذا الشعورالذي يوخز قلبه بالالم ، حتى يخفق لهذه الدرجه ، ولما يشعر بالتشتت والحيرة ...
حاول أن يتماسك أكثر ... لكن عصف التوتر شفتاه ... فتلعثم وهو يقول ...
_ حادثة .!! أنامعنديش فكرة انت بتتكلم عن ايه .. قالها وهو يلتفت ليذهب فى طريقه مسرعا ...
يريد أن يهرب من أمامه بسرعه ومن نظرات رامي الغامضه له ، ومن شعوره بالخوف .. كأن معه شئ يريد أ
حد... وإن كان لايعرف ماهو !!...
_ أنت يابنى رايح فين ...مش بكلمك ...
قالها رامي وهو يهم بمتابعته ..، لكن اسلام هرب بسرعه منه ...
فأردف رامي ..
_ أنت سريع كدا ليه .. أنت يلا...
لم يستطع اللحاق به فقد كان مسرعا للغاية .
ولأن رامي يعشق الالغاز والغموض ، كان يري أن إسلام عباره عن لغز محير ..، يريد أن يعرف شخصيته ويكتشفه أكثر .
لم يكن ليعتقد أبدا أن اسلام سينقذه من أمام السيارة ، بعد أن رأى الموت امامه .. ليظهر هو من اللا مكان ليبعده فى تلك اللحظه ...
تسأل كثيرا لما ينقذه بهذه الجرائة ولما لم يخشي على نفسه من السيارة ، وينقذ من ؟الذي يريد أن يأذيه ...؟؟
أخبر رامي نفسه مرار، أنه لم يكن ليفعل ذلك أبدا .. فتولد داخله الفضول ...
طوال الاربع سنوات ينظر اليه ويتابعه ، حتى أنه اراد ان يدخل نفس الفصل الدراسي الذي يوجد به اسلام فى المتوسط ..حتى توصل الى...... أن اسلام، صبي وسيم ، مجتهد للغاية ، عاقل ولايتحدث مع أى أحد الا نادرا، وشجاع .. وصاحب لسان واثق ... شخص كهذا أجدر بأن يكون صديق له ، وليس هؤلاء الكسلالة ..
لذا عزم رامي على دخول نفس الفريق واخذ رقمه المفضل ، ليري ردة فعله .. التى كانت مثل ماتوقعها تماما ..
_ ماشي يااسلام ...
قالها رامي وهو يتابع اسلام وهو يجرى مسرعا ...من بعيد
****
نظرت الى أظافرها التى انكسرت من فرط توترها ، ومن الهواجس التى تصاحبها فى المنام ، لتنتفض من نومها مفزعه ... بدموع الخوف على فلذه كبدها .
فلا يشغل عقلها سواه ، تريد أن تنقذه من فم الفريسة .. ومن من ؟؟ من زوجها ..أباه .. الذي أثقل همه هو كلام الناس ... عن رجولته ... عن إبنه ... يعمل ليل نهار ... يأكل من حديد حتى يرمرم عظم ابنه بالرجوله ... يريد أن يراه ببذله العرس
وهى ..!!!
تنهيدة أطلقتها تملك صرخه إن سمع صوتها لأصَمْت الاذن من الوجع الذي بداخلها . لكن ...
عيناها كفيلة بترجمه حزنها ...
_ أتأخرت ليه يااسلام ياحبيبي ... قالتها وهى تراه يدخل من باب الشقة.
_ مفيش ياماما كنت بتهوى شويه ..
_ متتأخرش عليا تانى ياحبيبي
فى تلك اللحظه دخل الاب من باب المنزل ، وعلى وجهه أبتسامه غامضة ألقت الرعب فى عروق قلبها ... احان وقت كسر عينها ، وتحطيم أحلامها ...
_ إسلام ... بكره ان شاء الله تيجي معايه مشوار مهم
هتف بها الاب وهو يقف أمام إسلام ، وينظر اليه بقوة ... يريد أن يكتشف لغة عينه ... التى كانت منكسرة . وتائهة ..
_ أنا هاجى معاكم ..
_ لا خليكِ أنتِ هنا ...
_ ليه مش لازم أجى عشان أطمن على بنتى ....
تلك الكلمة ... خرجت من أنفاسها المتألمة .. لتخرج قدرا من حزنها ... لطلما أرادت أن تهتف بالجميع أنها طفلتها ... تريد أن تحررها من قيود الجميع ..
وان كانت مجرد كلمات ، الا أنها مرت على أذانهم كالضربة القوية ...
هناك من تألم بحيرة وهو لم يعرف بعد ... اصل جنسه .. وهناك من استشاط غضبا كمن ألقى الماء على كومه نار ... فما حدث سوى أنها تبخرت ورجعت النار تشتعل أكثر .
عضد الاب على شفتيه ... وحاول كتم غيظه ، ولكن تصربت دموع هائجه .. وكأن موسم الحزن الخاص بها لم ينتهى بعد ، بل بدأ بالخوف والتوتر .. من مستقبله ..
أردفت الام .. تهتف بعصبيه صارخه عن مكنونها ..
_ مش هسيبك أبدا ...، تعمل اللى فى دماخك ... إسلام بنت ... بنت ...
قالو أن لا أحد يتألم سوي صاحب الوجع ، لكن لم يرى أمامه الان أن عائلته من تغرق فى معزوفة الحزن والضياع ... أكانو قبلا يحملون هذا القدر الكبير.. ويخفونه عن عينيه...
نعم كان يري ... الحزن .. لكن لم يعتقد أبدا أنه كبير لدرجة ان جبال الدنيا تدعس قلبوهم ...
ألم يكن الوحيد الذي يبكى طويلا
الم يكن الوحيد الذي ينظر الى كل انثى وذكر ... ولا يعرف من هو ...
ألم يكن الوحيد الذي يريد أن يصيح بأعلا صوته باكيا ...
لم يستطع الاب ان يكتم غيظه أكثر وزوجته تهتف بكلمه يخشي بقائها ... أبعد ان ربا رجلا أمام الجميع ... يخبرهم أنه مخنث ...
مرت هذه الكلمه على عقله كالسيف القاطع ، فأقترب من زوجته يصب غضبه طويل المدى عليها ... بيده الطويلة التى اخذت مهمه الكرباج على جسدها ...
لكن يد أخرى منعته ...، فبقت النظرات تتلاقى ... عيون زرقاء براقه تغوض فى بياض عينه الذي أصبح دماء.. شعر أملس يغطي مقدمه رأسه يطير مع كله حركه .. ...
_ مش هسمحلك تضرب أمى تانى .. حتى لو أنت ابويا ...
تساقطت الدموع على خد الاب بمرارة ...وهو يراه بهذا الجمال ... ومن صوته الرطب .. فخرجت شهقاته ... وما أدراكم بدموع الرجال ...
فسحب يده منه بقوة وأمسك معصمه ، وأخذه الى الحمام ... تحت صرخات أمه التى تدوى .. داخل قلبه المفطور ...
دفعه الاب ليجلس امام مرأة الحمام ، وأخرج جهاز لحلق الرأس ..
كأنه يزيل الزهور البيضاء التى بالحديقه الخضراء .
جفت الدموع فلم يبقي سوي الشهقات .
***
فى اليوم التالى ..
ذهب الاب الى الطبيب وسحب معه اسلام الذي اصبح جسدا بلا روح ...
نظر اليه الطبيب طويلا ، وطلب ان يجلس معه بمفرده ...
_ قولى يااسلام أنت بتحب ايه ... مثلا بتحب فستاتين البنات ولا المسدسات ... بتحب تصاحب البنات ولا الولاد .
شعر إسلام بالوضاعه التى يعامله بها الطبيب ، فنفر منه ومن طريقته فرد عليه اسلام
_ معرفش ...
_ لا أنا عوزك تركز معايا كويس .. ياجميل .. وبعد خمس دقائق ،طلب منه الطبيب أن يخلع ملابسه حتى يتم الكشف ....
أراد أن يموت ألف مرة ، ولا ينظر اليه هذا الطبيب ..
ومن خشيته من والده ، استسلم للأمر .. وهو يشعر بأن سيوف تطعنه تحت ملامسه يد الطبيب له ..
خرج إسلام يجلس فى غرفه الاستقبال بمفرده جسدا خاليا من الروح .وان كان يستنشق الهواء فلا يشعر به ابدا .... بقي ينظر فى الارض طويلا ...
حتى سمع همسات بجانبه لشابين ... يتحدث ويشيرَ الى موظفة الاستقبال ..
_ البت الى واقفه هناك دى مخنث ، كان ولد تخيل ..حتى لسه فى البطاقه مكتوبه ذكر .. واسمه أحمد .
_ بتتكلم بجد ... هاهاهها يلاهوى .. دا ... تيييت .. لسه شاكله زي الرجاله ... الناس دى بتقضي طول عمرها .. محدش بيرضي يبصلها ولا حتى يتكلم معاها ...
كانت الاصوات تصل الى الجميع ، حتى الي الفتاه .. الجميع أفواههم تضحك ، تسخر ... الا واحدا ... كان ينظر الى الفتاه ..بنظرات متشابهه ،بنفس طعم المرارة .
الفتاه تهرب من أمامهم وهى تبكي ...!!! والجميع .. فقط يضحك ..
****
_ خير يادكتور طمنى ....التحاليل اهى ...
_ خير أن شاء الله ياأكرم بيه .. الحاله ينفع تعملها من دلوقتى تحويل لبنت .. ودا بنسبه 70 فى الميه ... بس للأسف هيحتاج تظبيط شوية ... وخاصا الجزء العلوى ..
وهتبقي زي الفل ... وتعيش وتخلف زي اى ست .
وقعت تلك الكلمات على قلبه كالصقيع البارد ... جحظت عيناه ... وتساقطت الدموع بغزارة .. وقال ...
_ بنت ...!! يعنى اللى كنت خايف منه اتحقق ...
... مينفعش ولد ....
تنهد الطبيب وقال ..
_ طبعا ينفع ....
عاد وجهه الى لونه ... وقال بلهفه
_ بجد يادكتور
_ قولت لحضرتك كل حاجه تنفع ، بس فيه مشكله ...
... دلوقتى لو ولد مش هيعرف يخلف .. لأن للأسف .. عنده ضمور فى الجهاز التناسلي الذكرى .. بس ممكن الحلول ... تظهر بعدها ..
... لو هتحوله ذكر يبقي لازم ننتظر لسن 21
عشان نقدم له هرمونات ذكورة عشان تساوي هرمونات الانوثة ... ولما يحصل تعادل نحوله لذكر ...
... ظل أكرم صامتا .. ولأنه كان يتوقع الاسوء أرتاح بعض الشئ فهدفه الاساسي أن لايكون فتاه .. حتى وانا لم يستطع أن ينجب أطفال .
****
مرت الايام على شاكلتها ، لاشئ جديد ... فقط الزهور السوداء تطبع أكثر تحت عيناه ...
ولا يستطيع أن ينسي رؤية تلك الفتاة وما مرت به .
دائم الحيرة .. لما لم يشعر بالراحة عندما قال والده أن الطبيب أخبره أنه يميل الى الذكور أكثر ... وأنه سيكون طبيعيا عندما يصل الى سن 21، و لما ذلك الخوف لا يذهب ....
تنهد وهو ينظر الى الفريق وهما يلعبو كرة القدم ، حتى جاء من خلفه يخفى عينيه عن الرؤية ...
_ أنا مين ...!!!
هتفت بها فتاة .... فأصاب إسلام الخوف والتوتر ..
فقام بإزاحه يدها ، وقام يقف أمامها... بطوله المرتفع ...
_ لبني ..!!
_ ازيك يااسلام ... وحشتيني ...
هتفت بها لبني وهى تقترب منه أكثر حتى يراها... هذا الشخص الذي تحاول جذب أنتباه ... وإشعال الغيرة فى قلبه أكثر ..
ونجحت بالفعل ... فأقترب منهم وفى عينيه الغضب ، وقام بدفع اسلام من صدره فرجع خطوتين الى الوراء أمام نظرات الفريق ...
_ ايه اللى جابك هنا ..
_ وانت مالك ياادم ....
هكون جايه لمين يعني غير اسلام ... قالتها بدلال .. لتثير الغيرة أكثرفى قلبه الثائر ..
فالتفت ينظر الى اسلام بغضب، الذي أهتاجت وجنتاه من الغضب والضيق ، حتى التمعت الدموع فى عينيه ،حاول كتمها .. وابتعد من أمامهم ...
كان لاعبوا الفريق يتابعونهم تحت تظراتهم الساخرة والمعجبه ... فقال احدهم
_ بص البت لبني دى صاروخ .. ايه دا ياعم .. مشفتش فى الحلاوة دى ..
هتف الاخر ...
_ الواد اسلام واقف جنبها ... ومغطي جمالها خالص ... شوف عنيه بتسرج ازاى من بعيد ... تخيل لو كان بنت .. كان هيفلق البنات دى كلها ...
ضحك الجميع .... وكان أكثرهم رامي ...
قال المدرب ... يصيح باسلام .. حتى لا يبتعد .. ويأتى .. فحان وقت التدريب ...
وعندما ذهب واجتمع الجميع .. تحت اشعه الشمس اللطيفه .. والنمسات . البديعه ...
هتف المدرب ...
_ يارجاله طبعا أحنا لازم ندرب .. عشان الماتش اللى بينا وبين المدرسه التانيه ..، لازم تفوقو شويه ، وأقطعوا علاقاتكم بالبنات ... أنا بنبهه أهو ... عشان لو شفت بنت تيجي هنا لحد هنزله لاعب احتياط ... واعرفوا الكورة متحبش البنات ... عوزين قوة يرجاله ...
ضحك الشباب بسخرية ... فاردف المدرب .. لاسلام ..
_ ايه ياسلام حلقت شعرك ليه ...
هز رأسه وقال
_ عادي ..
فضجك الشباب بسخرية أكثر ... لم يشعر إسلام بالراحه مع هذا التجمع أبدا ، ولأنه يكرهم جميعا .. وخاصة هذا الشابين .
انقسم الفريق الى شطرين ، ينافسون بعضهم ... فى التدريب ، طلب المدرب من اسلام أن يكون بالفريق الابيض .. ومن حظه السئ دخل معه رامي ... فكان هو المهاجم الايسر ... ورامي المهاج الايمن .
ضد الفريق الاصفر الذي يوجد به أدم أكثر من يبغضه ...
أطلقت الصفارة وبدأ الماتش فى التحرك ... بين الفريقين ...
كان اسلام ينسي كل شئ عندما يري الكرة ... ويبقي ينظر اليها كالصياد .... الذي يترقب أن تكون الفريسه بقدمه ...
اكثرهم مهارة ، سرعه ... برغم ضعف جسده عنهم ..ونحافته المقبولة ..
لعب أسلام على أن الجميع خصمه ... لم يلتزم بقواعد الفريق ..فكلما تكون الكرة مع اسلام لا يعطيها الى رامي مهما أشار اليه ... ويحاول ان يسدد هو فى المرمي ...
أما ادم كان يجرى ويحارب هذا السياف الكروى .. لكن أن تأخذ الكرة من اسلام .. الذي يلقب بسونيك الكرة ... أمرا صعبا ...
فهو يرى أن الكرة هى الامل الذي يهرب منه فى هذه الحياه فتزيد قوته كلما يراها مع أحد يريد أن يخطفها .. لنفسه ...
أنتهى الماتش ... 5/6 فكانت أخر تسدية من قدم اسلام فى أخر دقيقه .. وتم هزم الفريق الاصفر
وبرغم أعجاب المدرب الشديد باسلام .. الا أنه دائما ما يوبخه حتى يتعاون مع زملاءه ... وكالعادة لم يكن اسلام ينصت .
***
مرت سنه كامله بمرها الشديد يتجرع منه المتألم ، دخل اسلام الى الثانوى ... لم ينزل من قدره فهو مازال المجتهد الوسيم البارع فى الكرة ، الذي تتهاتف عليه الفتيات ...
ومازال يلعب بمفرده ولا يشارك زملاءه ، فاستشاط غضبا هذا اللاعب الجديد ... الذي انضم اليهم حديثا ، فكان هو العدو اللدود بينهم ...
_ اسلام دايما بيلعب لوحده ، كانه عاوز يظهر أنه أحسن مننا ... وناسي اننا فريق. .
هتف اللاعب الجديد بحنق
_ أنا بقي هعرفه قيمته كويس أووى .
فى تلك اللحظة دخل أسلام .. فكان ينتظر خروجهم .. حتى يغيروا ثيابهم .. ويتجنب النظر الى اجسادهم ... ولم يعلم أنهم ينظروه فى الداخل ...
التفتت بسرعه ليخرج بعد أن لمح أن اللاعب الجديد عارى الصدر .. وباقى الفريق ...
لكن .. أسرع اللاعب الجديد .. وقام بسحبه من كتفيه فكان القوة له ... ودفعه بقوة من صدره حتى أرتطم بالجدار فتأوه ... وقام بركله فى مؤخرته بقوة ....
فسقط اسلام على الارض ... من شده الالم ...
فقام اللاعب الجديد بمسكه ورفعه حتى يقف مقابلا له ... واقترب منه بقوة ... ينظر اليه بغضب هادر ...
حتى لثم منه رائحة العرق ... التى كانت تملك رائحه غريبة ... تركت فى قلبه أثرا غامضا
_ نزل ايدك ياسيف بدل ماكسرهالك ...!!
هتف بها من سكن بعينه أوراق الشجر... المتناثرة فى الخريف ... فى ظل الاضاءه الخافضه ... وعلى وجهه تزين الوان الغضب قسماته ..
......يتبع ....