أخر الاخبار

رواية غرام الوتين (دمية في يد غجري 2 ) الفصل الثامن عشر 18 بقلم سمسم

رواية غرام الوتين (دمية في يد غجري 2 ) الفصل الثامن عشر 18 بقلم سمسم

غرام الوتين
( دمية فى يد غجرى 2)
البارت الثامن عشر
خرج يحيى من غرفته قاصدا غرفة أبيه، دلف بهدوء حريصاً على ان لا ينتبه عليه أحد وجد تلك المنامة التى اخبرته عنها زوجته مد يده بالزجاجة الصغيرة إلا انه تجمد فى مكانه عندما سمع ذلك الصوت يهتف به
نانى:" يحيى ! انت بتعمل ايه هنا"
تجمدت الدماء بعروقه الا انه استطاع ان يضع تلك الزجاجة فى جيب المنامة قبل ان يستدير إليها يبتسم ابتسامة متوترة الا انه حاول ان يسعف نفسه بعذر يخبرها به
يحيى:" اصل افتكرت بابا رجع من الشركة علشان انا روحت اجيب رقية من الصيدلية فدخلت اشوفه رجع ولا لاء علشان اطمن عليه اصله كان تعبان شوية"
نظرت إليه بعدم اقتناع فكلامه الغير متناسق وشعور التوتر البادى على وجهه يدل على انه هناك خطب ما
نانى:" اه بتدور على باباك قولتلى بقى وهو باباك هيكون مثلا مستخبى فى البيجاما بتاعتى اللى انت كنت واقف جمبها
يحيى:" لما دخلت لقيتها واقعة على الأرض فشلتها علقتها هى دى كل الحكاية وعن اذنك"
خرج من الغرفة قاصدا غرفته وهى ما زالت واقفة مكانها عاقدة ذراعيها امام صدرها الا انها انتبهت بالاخير على انها تركت عبوة الدواء فى جيب منامتها فأسرعت نحوها تفتش بها عن هذا الدواء حتى وجدتها
نانى:" كويس الازازة اهى شكله ما اخدش باله منها لو كان فى حاجة مكنش يحيى هيسكت جايز فعلا كان بيدور على باباه"
ظلت تخاطب نفسها بهذا الحديث وتقنع ذاتها بأن امورها تسير على ما يرام ولن يكتشف أحد ما تفعله فأخذت ملابس نظيفة لها تذهب الى الحمام تدندن تشعر بالسعادة كونها انها ربما قريبا ستتخلص من زوجها
دلف يحيى الى غرفته اغلق الباب خلفه يستند عليه يلتقط انفاسه أطلق تنهيدة قوية انتبهت عليها زوجته
رقية:" يحيى عملت ايه ومالك كده لونك مخطوف هو حصل حاجة"
اقترب منها جلس بجوارها على الفراش يستند بجسده على الوسائد
يحيى:" نانى دخلت الأوضة وانا كنت لسه هحط الازازة فى جيب البيجاما بس الحمد لله الموضوع عدا على خير"
رقية:" هى شكت فى حاجة يا يحيى"
هز يحيى كتفيه دليلا على عدم معرفته اذا كانت نانى شكت بأمره ام لا
يحيى:" مش عارف يا رقية ادعى الموضوع يعدى على خير"
رقية:" ان شاء الله هيعدى على خير وربنا هيكشفها"
هى تدعو الله ان يتم الأمر بسلام فهى تشعر بخوف شديد وجدت نفسها تقترب منه تلقى برأسها على صدره تحتضنه بخوف فأطبق عليها ذراعيه يقبل رأسها فهو بات يشعر بخوفها ولا ينكر هو الآخر خوفه عليها وعلى ابيه من تلك الحية المدعوة نانى
*"*"*
مائدة كبيرة تزخر بكل انواع الطعام من أطباق شهية وروائح تثير رغبة الجوع يلتف حولها ثائر وزوجته واطفاله ورمزى ومريم واطفاله حتى العاملين بالمنزل كانت السعادة والفرحة طاغية على كل الوجوه وخاصة هى فمنذ عودة اطفالها كأنها عادت اليها روحها
رمزى:" حلو كده يا ولاد الغجرى تتخطفوا وتقلقونا عليكم وخوفتونا الله يسامحكم نشفتوا دمنا"
ثائر:" لم نفسك ياض انت واحترم نفسك بقى انا النهاردة مبسوط متخلنيش انكد عليك"
مريم بسعادة:" حمد الله على سلامتهم انا مبسوطة أوى النهاردة احلى يوم برجوع رؤوف ورائد"
وتين:" انا كأن روحى رجعت ليا تانى يا مريم كنت هموت من غيرهم"
ثائر:" بعد الشر عليكى يا وتين"
نظرت وتين إلى زوجها تحمل بعينيها امتناناً على انه اعاد اليها طفليها فأهداها ابتسامة جذابة قادرة على خطف أنفاسها فأخفضت عينيها هروباً من ذلك السحر الذى دائما ما تشعر به عندما تنظر اليه فهو لا يرأف بحال قلبها الذى تشعر بتسارع نبضاته من مجرد لمحة او نظرة من عيناه
ثائر بمزاح:" ايه ده يا رمزى شوف بنتك بتأكل رؤوف بايدها"
رمزى:" طب انا قاعد وعامل عبيط ومش شايف لازم تقولى يا اخويا مريم سكتى بنتك اللى جبتلنا الكلام دى"
أطلقت مريم ضحكة عالية على كلام زوجها فالمنزل الذى خيم عليه الحزن الفترة الماضية اصبح يتلألأ الآن بالضحكات والسعادة
رائد:" عارفة يا ماما الست اللى كنا عندها كانت شبه الساحرة الشريرة اللى فى فيلم روبينزل "
رمزى:" عندك حق يا رائد حتى الرجلين اللى كانوا معها شبه الاتنين الحرامية اللى كانوا مع يوجين"
ثائر:" يا حلاوتك هو انت بتتفرج على كارتون يا رمزى"
حمحم رمزى قليلا :" اه وفيها ايه العيال بيفرجونى اجبارى اعمل ايه يعنى"
لم يمنع ثائر نفسه من الضحك بصوت عالى على منظر وجه رمزى وهو يردف بكلماته فهو كأنه طفل صغير أيضاً
رمزى:" قولتلك بطل تضحك بصوت عالى كده هتوقع علينا البيت "
ثائر:" تصدق انك جزمة"
رمزى بمزاح":" بس يا غجرى يا شوارعى ياللى مشفتش من وراك غير كوارث ومصايب"
مريم بنظرة تأنيب:" اخس عليك يا رمزى كده"
رمزى:" لاااااااا دا كله الا انتى يمكن انتى الحاجة الوحيدة الحلوة اللى طلعت بيها من عمك ثائر يا مريم دا انتى الحب كله والعشق والغرام"
يتحدث ولا ينتبه لتلك العيون الناظرة إليه وحالة الهدوء الذى عمت المكان إلا انه انتبه بالاخير
رمزى:" معلش يا جماعة اعتبروا نفسكم مسمعتوش حاجة دا انا بفضفض مع المدام بكلمتين"
وتين بابتسامة:" ربنا يسعدكم يارب"
مريم:" تسلمى يا وتين"
ثائر:" رمزى هو أيمن عمل ايه فى الأطفال لقى اهلهم"
رمزى:" 4 رجعوا لاهلهم والباقى مش عارفين يوصلولهم فحطوهم فى دار ايتام"
ثائر:" انا كلمت المهندس استعجله فى دار الرعاية وقالى على اول الشهر تكون جاهزة عايزك تكلم أيمن وتجيب الاطفال دى ويقعدوا فى دار الرعاية اللى بنعملها"
رمزى:" خلاص تمام وعلى فكرة ايمن عزمنا على فرحه بكرة كويس انك فكرتينى"
ثائر:" اخيرا أيمن هيتجوز ربنا يسعده"
نظرت اليهم مريم جميعاً فارادت إخبارهم بذلك النبأ السار الذى لم يعلم به احد
مريم:" على فكرة انا فى حاجة عايزة اقولهالكم"
نظر إليها الحاضرين باهتمام ينتظرون ان تبوح بذلك الأمر الهام فأخفضت رأسها خجلاً تبتسم ابتسامة خفيفة
مريم:" انا حامل"
وكأنهم لم يفطنوا ما سمعوا منها فنظرت إليهم بتعجب هل قالت شيئ خاطئ
مريم:" هو أنا قولت حاجة غلطت ولا ايه مالكم بتبصولى ليه كده"
ابتسمت وتين ابتسامة عريضة تهلل وجهها بهذا النبأ السار فقامت من مكانها تحتضنها بقوة
وتين:" ألف مبروك يا حبيبتى مبروك يا مريم"
أفاق رمزى من حالة ذهوله قليلا اضاء وجهه فرح عارم يقبض على كفيها بين يديه ينظر اليها بسعادة
رمزى:" بجد يا مريومتى هكون اب تانى قصدى تالت هتجبيلى نونو يزن طول الليل وميفصلش وتصحينى من احلاها نومة وانتى بتعيطى وتقولى انا فاشلة يا رمزى''
مريم بضحكة رنانة:" هو انت مبسوط ولا زعلان ولا بتعايرنى ولا ايه حكايتك بالظبط"
تقدم منها ثائر ايضا يحتضنها بحنان يقبلها على مقدمة رأسها يربت عليها بحب
ثائر:" ألف مبروك يا حبيبتى تقومى بالسلامة ان شاء الله"
مريم:" تسلملى ياعمو وربنا ميحرمنيش منك ابدا يارب"
تلقت مريم التهانى من كل الحاضرين ، يشعر الكل بسعادة غامرة فظلوا وقتاً طويلا يتسامرون ويثرثرون يمرح الأطفال يتنقلون من مكان لآخر ينظر اليهم ثائر بحب جارف وهو يرى السعادة تشق طريقها إليهم ثانية
*''*"*
عندما قامت بفتح باب مكتبها لتخرج منه لم تنتبه الى ذلك الرجل الذى اصطدمت به وكانت على وشك السقوط الا انه حال بين سقوطها فمد يده يمسكها من ذراعها تنظر اليه بعينان متسعة وهى ترى ادق تفاصيل وجهه من هذا القرب فانتبهت على حالها وجدت نفسها تسرع بالابتعاد عنه حمحم عز الدين يردف بهدوء
عز الدين:" آسف لو كنت خبطت فيكى من غير قصد"
ابتلعت سلاف ريقها حاولت ان تبث الهدوء بداخلها فهى حقا أصابها التشتت من ذلك الموقف
سلاف:" حصل خير حضرتك كنت جاى فى حاجة"
عز الدين:" هنتكلم واحنا واقفين كده"
سلاف:" اه سورى اتفضل"
دلفت الى الداخل وهو يتبعها ،جلست على مقعدها خلف المكتب تشير اليه بالجلوس
سلاف:" اتفضل حضرتك اقعد تشرب حاجة"
عز الدين برفض:" شكراً مش عايز حاجة انا جاى ليكى فى موضوع مهم"
انصتت اليه باهتمام لمعرفة ماذا يريد منها هذا الرجل فاستحثته على الكلام
سلاف:" اتفضل حضرتك قول سمعاك"
عز الدين:" هو الصراحة كده انا جاى طالب ايدك للجواز قولتى ايه"
نظرت اليه بنظرة أقرب للصدمة فماذا يقول؟ فهى لم تراه سوى مرة واحدة حتى انها لم تتذكر اسمه جيدا فرمشت بعينيها عدة مرات
سلاف:" حضرتك بتقول ايه انت مشفتنيش غير مرة واحدة وجاى طالب تتجوزنى"
عز الدين:" ومين قالك ان انا شوفت مرة بس انا اعرفك من حوالى سنة ومتابع أخبارك كلها "
سلاف:" وشوفتى فين بقى"
عز الدين:" شوفتك فى دبى كان فى عرض ازياء وشركتك كانت مشاركة فيه وانا كمان شركتى كانت مشاركة فين ومن ساعتها وانا معجب بيكى وعرفت كل حاجة عنك بس عرفت كمان ان جوزك كان لسه متوفى من سنة مقدرتش اجى اقولك بس لما عرفت انك رجعتى مصر جيتلك بحجة ان عايز اشترى شركتك بس انا مجتش الا علشان اشوفك "
ظلت تنصت اليه وكل كلمة تزيدها تعجباً حتى اصطبغ وجهها بلون قانى من تصريحه لها، فنظر إليها بابتسامة ينتظر جوابها على حديثه
عز الدين:" ساكتة ليه انا قولتلك كل حاجة بصراحة ووضوح "
سلاف:" استاذ عز الدين انا يعتبر دى تانى مرة اشوفك فيها حتى لو انت تعرفنى انا لسه معرفكش علشان اقول قرار فى الموضوع اللى حضرتك قولته ده"
عز الدين:" انا ممكن اديكى الوقت اللى تحتاجيه بس تدينى وعد انك تفكرى فى الموضوع بجدية وانا هفضل مستنى على أمل انك توافقى لانك متعرفيش انا بحبك قد ايه يا سلاف"
لمست كلمته مشاعرها وخاصة وهى ترى ذلك الحنين الذى فاض بعينيه كأنه شخص وجد ضالته المنشودة ولا يريد ان يضيعها من بين يديه، فالمرأة عاطفية بطبيعتها تأسرها دائما الكلمة المحبة والحنونة وهى إمرأة شأنها شأن كل النساء
*"*"*
طفح كيلها من تصرفات زوجها القاسى لم يعد لديها القدرة على التحمل اكثر من ذلك فكفى ما عانته من ظلم وجور على يده الا يكفى ما يفعله حتى تراه يتطلع الى جارتهم فمازالت الخسة والدناءة تسير بعروقه
بهيرة:" كفاية بقى حرام عليك احترم نفسك بقى وبطل تبصلها بنظراتك القذرة دى هيام لو جوزها عرف هيهد الدنيا على دماغك"
ناظرها ببرود وعاد إلى مشاهدة التلفاز غير عابئ بكلامها فهو منذ ان رأى هيام وهو يريد استمالتها اليه بأى سبيل كان
سراج:" انتى غيرانة منها علشان احلى منك هى الصراحة موزة جامدة اوي"
ماهذا الرجل الذى تجرد من كل معانى الأدب والأخلاق حتى باتت يتطلع الى جارته وهو يعلم انها امرأة متزوجة حتى وان كانت غير ذلك فلا يحق له ان يرمقها حتى بنظرة
بهيرة:" احترم نفسك بقى مكفكش فضايح احنا سيبنا شقتنا القديمة بسبب برضه انك بتبص على الستات جيرانا اتقى الله بقى انت هتفضل طول عمرك كده مفيش غير الحرام فى دمك طلقنى يا اخى بقى وارحمنى من عيشتى السودة معاك"
هب واقفا مكانه يناظرها بصمت دون أن يتفوه بكلمة وعلى حين غرة كان صافعها على وجهها حتى سال الدم من شفتيها ولم يكتفى بذلك بل انه امسكها من شعرها يهزه بقوة ومازال يناولها من الصفعات ما جعل وجهها شديد الاحمرار لم تجد مفر سوى ان تصرخ بأعلى صوتها لعل احد ينجدها من بطشه
بهيرة:" الحقونى هيموتنى الحقونى يا ناس"
تناهى صوتها الى هيام وعلاء فأسرعوا تجاه شقتهم يطرقون الباب بشدة ومازال سراج يسحبها من شعرها يجرها على الأرض لم يجد علاء مفر سوى ان يقوم بكسر الباب وبعد عدة محاولات استطاع علاء فتحه دلفت هيام مسرعة اليهم تحاول ابعاده عنها
هيام:" سيبها انت بتعمل فيها ايه انت هتموتها فى ايدك"
قامت هيام بسحب غطاء وجدته توارى به جسد بهيرة التى احتضنتها تربت عليها فبكت بهيرة بشدة
بهيرة:" كان عايز يموتنى "
علاء:" فى حد يضرب مراته بالشكل الغبى ده"
سراج:" مراتى وانا حر فيها محدش له دعوة اربيها بالطريقة اللى تعجبنى"
بهيرة:" كداب دا على طول يعمل فيا كده وعلى فكرة هو عينه منك يا هيام الكلب ده عينه منك"
نظر اليه علاء بغضب لم يدرى بنفسه الا وهو يمسكه من تلابيب ملابسه
علاء:" انت بتبص على مراتى يا كلب انت طب ودينى لاكون مبيتك فى القسم النهاردة"
تعارك علاء وسراج حاولت هيام سحب زوجها قبل ان يحدث له مكروه على يد ذلك الرجل البغيض
هيام:" علاء سيبه متوديش نفسك فى داهية بسبب واحد زبالة زى ده واحنا فعلا هنقدم فيك بلاغ ومراتك هتشهد عليك انك بتضربها وهتروح فى ستين داهية"
ربما هو يشعر بالخوف منهم الآن سحب نفسه من يد علاء يركض خارج الشقة ركض خلفه علاء فكلما نظر خلفه ووجد علاء يطارده يسرع فى خطواته ولكنه لم ينتبه الى تلك الشاحنة القادمة والتى صدمته بكل قوة ليقع على الأرض جثة هامدة مفارق للحياة غارقاً بدماءه
*''*"*
أنتهت من ارتداء فستانها وضبطت حجابها على رأسها لتخرج تجد زوجها فى انتظارها يرتدى هو أيضاً بدلة سوداء أنيقة جدا فربما ضاعفت من وسامته المهلكة لقلبها
ثائر:" خلاص خلصتى نمشى زمان رمزى ومريم مستنينا"
وتين:" اه خلاص يلا بينا"
مد يده يأسر كفها الرقيق يثير رجفة فى قلبها فهم منذ اختفاء طفليهم لم يحدث بينهم تقارب المحبين حتى اليوم فكم اشتاقت إليه وإلى قربه ولم يكن هو بأقل منها اشتياقاً فربما اشتياقه اليها الآن قد بلغ منتهاه ولكن ليس لديه الوقت الكافى الآن فليتريث حتى يعودوا من حفل الزفاف الخاص بأيمن
ثائر:" تمام يلا"
تسير بجواره تستنشق رائحة عطره تغمض عينيها تستلذ برائحته حتى انتبهت انها كانت ستسقط من على الدرج الا انه كان بجوارها وجدته يأسرها بين ذراعيه تضع يدها على صدره تنظر اليه بعينان بها رسالة بليغة افصح من اى كلام يقال
ثائر:" خلى بالك يا وتين وانتى نازلة كنتى هتقعى"
وتين :" تمام هخلى بالى''
اغرته نفسه بالاقتراب وجده نفسه يقترب منها حتى بات يسمع صوت أنفاسها المشتاقة اغمضت عينيها فى انتظار ذلك العناق الذى باتت عيناه تنذر به الا انهم انتبهوا على صوت رمزى فابتعد عنها قليلا
ثائر بهمس:" الله يسامحك يا رمزى"
دلف رمزى الى الداخل وجدهم يهبطون الدرج ينظر اليه ثائر بغيظ شديد
رمزى:" ما تخلص يا عم انت بقى هنروح الفرح لما يشطب"
ثائر:" خلاص جايين اهو كاتك نيلة وانت عامل زى سرينة الاسعاف تجيب الصداع"
رمزى:" انا سرينة اسعاف يا ثائر يلا ما علينا مش عايز ادعى عليك والنهاردة الخميس ويوم مفترج "
وتين:" هى مريم فين"
رمزى:" مستنية فى العربية برا يلا بينا"
وصلوا الى القاعة التى يقيم بها أيمن حفل زفافه إلا انهم اصابوا بالصدمة من معرفة من تكون العروس فظلوا ينظرون الى بعضهم البعض بعدم فهم
وتين:" هى العروسة نورين بنت الدكتور فريد ولا دى تهيؤات"
مريم:" اه هى فعلاً دى مفاجئة بجد"
ثائر:" نورين ولا غيرها تعالوا نبارك لهم يلا"
تقدموا جميعاً من العروسان، اندهشت نورين قليلا من رؤيتهم الا انها ابتسمت لهم
ثائر:" مبروك يا أيمن ربنا يتمم بخير مبروك يا عروسة"
أيمن:" الله يبارك فيك يا ثائر"
نورين:"الله يبارك فيك يا استاذ ثائر ازيك يا مدام وتين ازيك يا مريم"
وتين:" الحمد لله الف مبروك "
مريم:" تمام والف مبروك ربنا يتمم بخير"
رمزى:" ربنا يتمم بخير يا أيمن ربنا يسعدكم يارب"
أيمن:" تسلملى يا رمزى سعيد انكم جيتوا وحضرتوا الفرح"
بعد ان هنأو العروسان جلسوا على احدى الطاولات حتى لمح ثائر فريد فهب واقفا يقترب منه يهنئة على زفاف ابنته
ثائر:" دكتور فريد الف مبروك لجواز بنتك"
فريد:" تسلم يا ثائر بس متوقعتش انك تكون موجود فى الفرح"
ثائر:'' هو العريس عزمنا بس شكلك انت نسيت تعزمنا"
فريد بإحراج:" الصراحة خفت اعزمك تضايق او متكنش نسيت اللى حصل من نورين زمان سامحنى يا ثائر"
ثائر:" دى حاجة فات عليها سنين وانت عارف معزتك عندى يا دكتور فريد"
فريد:" تسلم يا ثائر وعقبال ما تفرح بولادك ان شاء الله"
ثائر:" تعيش يا دكتور فريد عن اذنك"
عاد اليهم ثانية يجلس بجوار زوجته التى رمقته بنظرة حب فتلك الأجواء ذكرتها بليلة زفافهم الثانى عندما اقام لها حفل زفاف مرة أخرى وضعت يدها على ركبتها وجدت يده تتسلل اليها من اسفل الطاولة يحتضن يدها تتشابك أصابعه بأصابعها تشعر بدفء يده كأنها فى ليلة شديدة البرودة ووجدت الدفء يحيطها يزيد من تسارع خفقات قلبها العاشق ، اعتصر يدها بين يده يضغط عليها بمحبة فكم اشتاق الى حوريته واشتاق الى عالمهم وإلى لمعة عينيها التى تشبه بريق الألماس فكم يتمنى الآن ان يسمع اسمه منها بطريقتها التى تفقده توازنه ترسل رجفة فى قلبه تجعله متمردا عليه
بقلم سماح نجيب_ سمسم
*"*"*
ظلت حبيسة غرفتها طوال اليوم فهى لم تذهب الى الصيدلية اليوم ففضلت المكوث بغرفتها ، كانت تحمل بين يديها اختبار الحمل تنظر إليه بسعادة ارتسمت على وجهها الجميل فى انتظار عودة زوجها لتخبره بأنه سيصبح أبا فهى تحمل الآن فى احشاءها جنيناً منه شعرت بعطش شديد عندما همت بالخروج من الغرفة سمعت رنين هاتفها فالتقطته وجدت اسم زوجها ينير شاشة الهاتف
رقية:" ايوة يا يحيى"
يحيى:" حبيبتى عاملة ايه دلوقتى "
رقية:" الحمد لله تمام انت فين دلوقتى"
يحيى:" خلاص قربت اجى أهو ربع ساعة واكون فى البيت"
رقية:" تيجى بالسلامة يارب عندى ليك مفاجأة كبيرة"
يحيى:" مفاجاة ايه قوليلى بسرعة"
رقية:" لما تيجى بقى سلام"
اغلقت الهاتف قبل ان يلح عليها بمعرفة مفاجأتها له هبطت الدرج قاصدة المطبخ ولكنها وجدت أيضا نانى فى المطبخ تضع من تلك الزجاجة فى الطعام الخاص بزوجها فأسرعت رقية بتسجيل ما حدث على هاتفها فتلك فرصة سانحة لكشف حقيقة تلك المرأة ولكن انتبهت نانى لما تفعله رقية فنظرت اليها رقية بخوف وهرولت مسرعة تريد الذهاب الى غرفتها الا ان نانى ركضت خلفها فقامت بامساكها قبل ان تدلف الى غرفتها
نانى:" انتى كنتى بتصورى ايه هاتى التليفون ده"
رقية:" مبصورش حاجة وابعدى عنى حاولت نانى جذب الهاتف من يد رقية الا انها ابت ان تتركه اثناء ذلك كانت رقية وصلت الى حرف الدرج فسحبت نانى الهاتف بقوة من يدها فاختل توازن رقية لتسقط من على الدرج الى أسفله، لمح يحيى ذلك هو ووالده عندما دلفوا الى الداخل فركض سريعا الى زوجته التى غطت الدماء ملابسها فى حالة اشبه بفقدان الوعى
رقية بصوت خافت:" ابننا يا يحيى الحقنى ابننا هيروح"
يحيى:" بتقولى ايه يا رقية حبيبتى فوقى انتى سمعانى"
رقية:" انا حامل يا يحيى"
نطقت بكلمتها وغابت عن الوعى حملها بين ذراعيها يركض الى سيارته يذهب بها الى اقرب مشفى ، أمر الطبيب بادخالها الى غرفة العمليات ظلت يحيى يذرع ممر المشفى ذهاباً وإياباً حتى وجد الطبيب يخرج من غرفة العمليات فاقترب منه بلهفة
يحيى:" مراتى مالها يا دكتور حصلها ايه هى كويسة دلوقتى"
الدكتور:" هى بقت الحمد لله كويسة بس للأسف خسرت الجنين حصلها اجهاض"
اهتز بدنه بعد سماع كلام الطبيب هل قال انها كانت حامل واجهضت؟ هل كانت تلك هى المفاجأة التى كانت ستخبره بها ؟
يحيى:" المهم هى عاملة ايه دلوقتى"
الدكتور:" الحمد لله وممكن شوية تدخل تطمن عليها"
يحيى :" شكرا يا دكتور"
ذهب الطبيب تهاوى جسده على مقعد خلفه يضع رأسه بين يديه يتذكر ذلك الحادث المؤسف الذى حدث منذ سنوات عندما خسر ايضا جنيناً كانت تحمله فتاة وكان هو السبب فى فقدانه فهل هذا عقاب من الله ان يذيقه ايضا كيفية الشعور بالفقدان وخاصة إذا كان يتمنى ان يكون له طفل من زوجته وحبيبته، بعد ان فاقت من تخديرها وجدته يجلس بجوارها يمسك يدها بين كفيه ابتسم فى وجهها
يحيى:" حمد الله على سلامتك يا حبيبتى"
نظرت إليه بأعين باكية يعلو صوت بكاءها لانها علمت انها خسرت جنينها قبل ان تفرح بوجوده
رقية:" ابننا راح يا يحيى ملحقتش أفرح ولا لحقت اقولك"
اقترب منها يضمها الى صدره برفق يربت عليها بعطف تفر من عينيه دموع هو الآخر
يحيى:" اهدى يا رقية ربنا هيعوض علينا ان شاء الله بس يا حبيبتى بطلى عياط دى ارادة ربنا"
دفت وجهها اكثر فى صدره تكتم صوت بكاءها الذى شعر انه بات يفتت قلبه لوعة وحزن
رقية:" هى المجرمة اللى عملت كده علشان صورتها وكانت عايزة تاخد منى التليفون''
يحيى:" وغلاوتك انتى عندى ما هرحمها وهدفعها تمن كل البلاوى اللى عملتها غالى أوى"
يحمل غضب عارم بداخله فهو لن يترك تلك المرأة هذه المرة الا اذا تعاقبت على كل أفعالها وسيذيقها من شتى انواع العذاب لما فعلته واقترفته بحقه وحق زوجته
*'*'*
انتهى حفل الزفاف وعادوا الى المنزل دلفت وتين الى غرفة أطفالها تطمأن عليهم وجدتهم يغطون فى نوم هادئ فقبلتهم على وجوههم الجميلة ثم خرجت تذهب إلى غرفتها كان ثائر مازال بالطابق الأرضى يتحدث مع الحارسان اللذان جلبهم خصيصاً من اجل أطفاله بعد عدة دقائق وجدته يدلف إلى الغرفة كانت أمام المرآة تحاول فك سحاب فستانها العالق وجدته يقترب منها يساعدها فشكرته بخجل
وتين:" شكرا"
لم يبرح مكانه ظل واقفاً ملاصق لها ينظر الى انعكاس صورتهم فى المرآة لاتعرف ماذا تفعل؟ حتى وجدته ينحنى اليها يهمس بتلك الكلمة التى شبت فى قلبها لهيب الشوق
ثائر:" وحشتينى اوى يا وتينى وحشتينى يا عشق ثائر"
ادارها اليه يرفع وجهها اليه متفرساً فى ملامحها الجميلة تنظر اليه بعينان اصبحت اسيرة عيناه
ثائر:" ساكتة ليه انا مش واحشك ولا إيه"
رفعت اصبعاً تضعه على شفتيه تجعله يكف عن كلامه فكيف يظن ذلك؟ فهى اشتاقت اليه كاشتياق النهار لشمسه الساطعة كالليل لقمره المنير كالصحراء لحبات المطر فلا يوجد عبارات توصف شوقها وحنينها الى مسكنها بين ذراعيه
وتين بهمس:" انا لو وصفتلك انت واحشني قد ايه مش هتصدق يا ثائر "
احاط وجهها بكفيه يداعب وجنتها بإبهامه تتطلع اليه بشوق قد اضناها اقترب منها برفق وتمهل يعانقها بعشق يفترش لها بستاناً من ورود المحبة يهديها أزهار الغرام تصنع هى تاج العشق من قلب متلهف وروح مشتاقة وأعين تحتضن عينيها فى عناق يشبه فى نعومته نعومة الحرير ظلت كطائر يحلق فى عنان السماء فارداً جناحيه يجوب سماء الحب حتى عاد أخيراً إلى مسكنه فخرج اسمه من بين شفتيها حاملاً معه ذلك الحب الذى سكن قلبها منذ ان وقعت عينيها عليه
وتين بهمس ناعم :" ثائر"
ثائر:" نعم يا عشق ثائر وروحه وعمره وقلبه"
وتين:" انا آسفة"
نظر اليها بتعجب على ماذا تعتذر ؟ فنظر اليها باهتمام كبير لايخفى صوته نبرة التعجب
ثائر:" انتى بتتأسفى على ايه يا وتين فى ايه"
وتين:" بتأسفلك على ان مسمعتش كلامك يوم ما رؤوف ورائد اتخطفوا واصريت وخرجت وحصل اللى حصل"
شدها اكثر الى أحضانه يقبل رأسها بحب فهو يعلم ان ما حدث ارادة الله وليست هى المذنبة
ثائر:" حبيبتى اللى حصل خلاص انسيه انا كمان مجاش فى بالى ان ممكن عصابة اطفال هى اللى ممكن تكون خطفتهم دى حاجة ممكن تحصل لأى حد والحمد لله انهم رجعوا بالسلامة "
وتين:" كنت حاسة انك مضايق منى بس مرضيتش تبين ليا انك مضايق كنت بتتعامل معايا بعطف وحنان بالرغم من اللى عملته "
ثائر:" انتى كانت أعصابك تعبانة ويعنى مش هزود همك بلومى ليكى يا وتين المهم بعد كده تسمعى الكلام"
اقتربت منه تدفن وجهها ف عنقه تغمغم بوعدها له بعدم مخالفته ثانية
وتين:" توبة لو عملت كده تانى بعد كده هسمع الكلام "
ثائر بابتسامة:"شطورة يا وتينى "
وتين:" قلب وتين وغرام وتين وأجمل صدفة حصلت فى حياتى كلها"
ثائر:"على فكرة خلاص دار الرعاية هتكون جاهزة علشان الإفتتاح"
وتين:" احنا لسه لدلوقتى معرفش هنسميها إيه"
ثائر:" هنسميها دار النور لرعاية الأطفال"
وتين:" حلو الإسم يا ثائر ربنا يباركلى فيك يا حبيبى"
ثائر:" وتين انا عايز انام احكيلى حدوتة زى ما كنتى بتعملى زمان"
ابتسمت له ابتسامة صافية فقامت بجذبه إليها تربت عليه بحب تقص عليه قصص وحكايات حتى سمعت صوت انتظام أنفاسه فغفى فالنوم كأنه لم ينم ربما منذ سنوات طويلة فالايام الماضية كانت فترة عصيبة على كل منهما فهى أيضا بحاجة إلى الراحة التى لا تجدها سوى وهى بين ذراعيه
*"*"*
دلف يحيى الى المنزل كالاعصار يفتش على تلك المرأة التى لن يتركها اليوم إلا وهى ربما جثة هامدة صعد الدرج يسرع خطواته حتى وصل الى باب الغرفة الخاصة بها فتح الباب يقف تنذر عيناه بجحيم وبركان سيصيبها حممه ،ابتلعت ريقها وهى تراه يتقدم منها بتمهل
نانى:" ففى ايه ازاى تدخل عليا كده انا معملتش فيها حاجة هى اللى وقعت لوحدها انا مليش دعوة"
وصل اليها يقبض على عنقها بيده ظلت تتلوى بين يده لتخلص نفسها من ضغط يده، جحظت عينيها على آخرها وهى تشعر ان الهواء كاد ان ينفذ من رئتيها
نانى بصعوبة:" سيبنى سيبنى هموت"
يحيى بكره شديد:" وانا عايزك تموتى ومش هسيبك الا وانتى ميتة"
لم ينقذها سوى دلوف زاهر يسرع لسحب يد يحيى من على عنقها
زاهر:"يحيى انت بتعمل ايه سيبها هتموتها سيبها بقى"
يحيى:" تموت ولا تروح فى ستين داهية بسببها مراتى أجهضت الحمل دى حية ولازم تموت"
افلتت من يده تقف خلف زوجها تحاول ان تستعطفه بدموعه الزائفة
نانى:" شوفت يا زاهر ابنك بيعمل فيا ايه عايز يخلص منى وبيتهمنى علشان انت تسيبنى"
يحيى:" بس بقى انتى لسه هتكملى تمثيل"
أردف بكلماته ومد يده يحذبها من شعرها تلك المرة فصرخت صرخة عالية من شدة الألم الا ان والده نظر اليه بغضب
زاهر:" يحيى انت اتجننت سيبها متمدش ايدك عليها انت فاهم"
صرخ والده فى وجهه، الا انه لم يجد مفر سوى ان يخبره بحقيقة تلك المرأة اللعينة

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close