أخر الاخبار

رواية غرام الوتين (دمية في يد غجري 2 ) الفصل الثالث عشر 13 بقلم سمسم

رواية غرام الوتين (دمية في يد غجري 2 ) الفصل الثالث عشر 13 بقلم سمسم

غرام الوتين

" دمية فى يد غجرى 2"
البارت الثالث عشر
حاول جابر استيعاب ما سمعه الآن فتلك الصفقة كان يركض خلفها منذ اشهر ليأتى الآن ويأخذها احد اخر
جابر:" انت قولت مين يا عمار"
عمار:" العمرى جروب اتعاقدوا مع ثائر العمرى"
جابر :" وازاى ده حصل كنتوا نايمين على ودانكم مشغل شوية اغبياء فى الشركة علشان صفقة زى دى تروح مننا بس ده مش هيحصل ابدا ابن العمرى مش هياخدها حتى ولو اضطريت ان ازيحه من طريقى"
استمع عمار إلى كلام جده ببعض الذهول فماذا يقصد بكلامه فهو يعرف عن جده القوة والجبروت ولكن ليس الى الحد الذى يصل به الى ايذاء شخص اخر
عمار:" جدى بتقول ايه تزيح ثائر العمرى من طريقك ازاى يعنى دا بيزنس النهاردة لنا بكرة لحد تانى الدنيا منتهتش يعنى"
نظر اليه بعينان غاضبة فهو منذ سماعه ان تلك الصفقة اصبحت من نصيب ثائر واشتعلت بقلبه نيران الكره القديمة ذلك الكره الذى بدأه مع عائلة العمرى منذ عقود
جابر:" انت تسكت خالص وملكش دعوة بالموضوع مش كفاية الهانم اختك واخدة جمب لوحدها ولا كأن لها كبير"
مسح عمار وجه بسأم زفر ببعض الضيق فهذا الحديث لايكف عنه جده ابدا
عمار:" جدى احنا مش كل شوية هنتكلم فى الموضوع ده سلاف هى حرة ومبقتش صغيرة وعارفة مصلحتها كويس"
دَب بعكازه الأرض فى حركة غاضبة منه يترك مكانه من خلف مكتبه يقف امام عمار الذى هَم واقفا احتراماً له
جابر:" عارفة مصلحتها وراحت اتعاقدت مع ابن العمرى على اجهزة الكترونية وهى عارفة ان ممكن تاخدها من عندنا بس عملت كده فاكرة انها تقدر ترجع الماية لمجاريها وانها تقدر دلوقتى ان يكون حفيد الغجرية من نصيبها"
فكر عمار قليلاً فى كلام جده فربما كلامه يحمل بعض الحقيقة فهو يعلم مدى تعلق شقيقته بذلك الماضى الذى كان يجمعها بثائر فى يوم من الايام
عمار:" جدى كفاية بقى اللى بتعمله ده واظن ان سلاف عاقلة بما فيه الكفاية علشان تعرف مصلحتها وهى مش هتاخد راجل من مراته دى مش اخلاق سلاف يا جدى"
جابر:" ساعات الحب بيخلى الست تتصرف من غير عقل يا عمار"
هز عمار رأسه يأساً من مجادلة جده بشأن شقيقته التى كان السبب هو فى تعاستها
عمار:" خلاص يا جدى نخلينا فى موضوعنا بخصوص الصفقة"
نقر بعصاه الأرض يحدث صوتا على تلك الأرضية، يفكر كيف يخرج من هذا المأزق فهو كان يريد تلك الصفقة بأى وسيلة، ولكن حدث ماحدث
*"*"*
فى الشركة...دلف رمزى الى مكتب ثائر متهلل الوجه بنجاحهم فى اقتناص تلك الصفقة التى كانت تتصارع عليها العديد من الشركات ، ولكن كان الحظ حليفهم فى فوزهم بتلك الصفقة، ولكنه دلف كالعادة بدون طرق الباب
رمزى:" ثااااائر مبروك"
انتفض ثائر بسبب صراخ رمزى فهو كان مستغرقاً بعمله ولم ينتبه على دخوله الا عندما صرخ باسمه بذلك الصوت العالى الذى ربما سيصيبه بالصمم يوماً
ثائر:" منك لله يا اخى صرعتنى ودانى صفرت"
وضع ثائر يديه على أُذنه يغمض عينيه للتخفيف من حده انزعاجه من تصرفات صديقه
رمزى بمزاح:" انت مالك بقى قلبك خفيف كده ليه يا غجرى انت الجواز والخلفة جابوك ورا ليه كده"
ثائر:" بطل هزارك اللى يقرف ده ماشى ومالك داخل عليا زى العيال اللى فرحانة انها رايحة المراجيح كده ليه"
رمزى:" مراجيح! شوارعى ماعلينا احنا خلاص اخدنا الصفقة يا ثائر"
نظر اليه ثائر بانتباه فهو كان لديه بعض الشكوك فى عدم حصوله على تلك الصفقة عندما علم من يكون ذلك المنافس الذى يسعى إليها
ثائر:" انت بتتكلم جد يا رمزى"
رمزى:" اه والله حتى مستنين نمضى العقود النهائية اه ونسيت اقولك زمان جابر المنصورى نفسه يولع فيك دلوقتى"
سَعت ابتسامة ماكرة الى ثغره استند بظهره الى كرسيه ، يتلاعب بأحد الاقلام بين أصابعه، يتخيل الآن وجه جابر المنصورى المحتقن بالدماء من فرط غضبه وغيظه
ثائر:" دا مش بعيد تلاقيه جايلى دلوقتى يهددنى"
رمزى:" انت ليه لما عرفت ان هو عايز الصفقة دى دخلتها يا ثائر"
وضع ثائر القلم من يده يستند بذراعيه على طرف المكتب ينظر لرمزى بتفكير ولكنه أردف أخيراً
ثائر:" لأن هو اللى جر شكلى فى الأول لدرجة انه كلمنى فى التليفون يهددنى ان ابعد عن حفيدته وانا أساساً مفيش بينى وبينها اى حاجة غير شغل حتى هى فهمتها كده وفعلا من ساعتها مشفتهاش غير لما كنا فى المطعم لكن هو مش ساكت عايز يخرجنى عنى شعورى ويستحمل بقى اللى هيجراله من حفيد الغجرية"
سمعوا صوت طرق على الباب أَذن ثائر للطارق بالدخول فانفتح الباب تدلف منه السكرتيرة بابتسامتها الهادئة المعهودة تخبره بقدوم ضيف يريد رؤيته على وجه السرعة
السكرتيرة:" ثائر بيه فى ضيف عايز يقابل حضرتك ضرورى"
ثائر بتفكير:" مين ده"
السكرتيرة:" بيقول انه اسمه جابر المنصورى"
نظر رمزى لثائر باندهاش ولكن ملامح وجه ثائر هادئة كأنه كان على علم بقدومه فابتسم ابتسامة خفيفة يخبرها بموافقته على مقابلة هذا الضيف
ثائر:" خليه يدخل"
السكرتيرة:" حاضر يا افندم"
خرجت السكرتيرة وماهى إلا ثوانى حتى دلف جابر المنصورى تسبقه نقرات عكازه، تقدم الى منتصف الغرفة ولم يتقدم خطوة أخرى استند بيديه على طرف عكازه، ظل ينظر رمزى وثائر الى بعضهم البعض بسبب صمته الذى طال لعدة دقائق، حمحم ثائر قليلا يبدأ هو الكلام
ثائر:" اهلا يا جابر بيه خير ايه سبب الزيارة السعيدة دى"
أكمل جابر طريقه حتى وصل الى أحد الكراسى يجلس عليه بارتياح فبالرغم مما يحيطه من هالة القوة والجبروت الا انه لا ينكر تأثير العمر الذى اصاب جسده بالوهن
جابر:" انت ازاى تاخد الصفقة وانت عارف ان كنت عايزها"
حك ثائر طرف ذقنه بإصبعه، رفع احدى حاجبيه، نظر اليه بلامبالاة لتلك العداوة التى تنضح بها عين ذلك الرجل الذى يجلس أمامه
ثائر:" وفيها ايه يعنى يا جابر بيه دا شغل وكل واحد وشطارته"
جابر:" وانت شاطر يا ابن العمرى مش كده"
ثائر:" عندك شك يا جابر يا منصورى"
حاول رمزى تخفيف ذلك الجو المشحون الذى بات يدل على ان ربما هناك معركة كلامية فى طريقها الى الاندلاع
رمزى:"تحب تشرب ايه يا جابر بيه"
جابر:" بس اسكت انت"
رمزى:" تصدق انا غلطان عن اذنكم هجيلك يا ثائر لما تخلص"
خرج رمزى من المكتب يشعر بفوران دماءه بسبب استياءه من مخاطبة هذا الرجل له باستهجان تجلى فى نبرة صوته، أصاب ثائر الضيق فهو لايحب ان يرى صديقه المقرب يعامله احد هكذا
ثائر:" انت بتكلمه ليه كده انا رمزى بالذات مش هسمحلك انك تضايقه بكلامك كفاية انا ساكتلك احتراماً لسنك"
جابر:" لسانك طول اوى يا ابن العمرى"
ثائر بحدة:" انت جاى عايز ايه منى دلوقتى بالظبط"
جابر:" عايزك تتنازل عن الصفقة دى لشركتى"
ثائر باصرار:" مش هيحصل واللى عندك أعمله انا مبخافش من حد"
جابر بتهديد:" يبقى هتخاف من النهاردة يا ابن العمرى وانت اللى جبته لنفسك"
بعد ان انتهى من تهديده له خرج من المكتب، نظر ثائر لاثره بغضب عارم ،قام بازاحة تلك الاوراق الموضوعة أمامه فى حركة غاضبة لتتناثر على الأرضية.
بقلم سماح نجيب سمسم
عادوا إلى مصر بعد انقضاء شهر عسلهم الذى كان عبارة عن هدنة وفرصة ليتعرف كل طرف على الآخر، لا ينكر ضيقه أحياناً من عدم مقدرته على الاقتراب منها ولكنه قطع عهدا على نفسه بعدم الاقتراب منها الا اذا كانت راغبة فى هذا القرب، دلفوا إلى المنزل وجد والده وزوجته فى استقبالهم
زاهر بابتسامة:" ألف حمد الله على السلامة نورتوا البيت نورتى البيت يا بنتى"
رقية :" بنورك يا اونكل زاهر"
اقتربت نانى بابتسامة خبيثة على ثغرها تناظره بتحدى، تحاول ان توارى حقدها خلف تلك الابتسامة المصطنعة
نانى:" حمد الله على السلامة يارب يكون شهر العسل كان حلو"
يحيى:" كان احلى مما تتخيلى كان بجد شهر فى الجنة عن اذنكم هنطلع نرتاح شوية "
زاهر:" اتفضلوا"
اخذ يحيى زوجته متجه صوب غرفته التى ستشاطره إياها لمح قدوم زوجة ابيه خلفهم على بعد مسافة بينهم فتح باب الغرفة ولكنه لم يدلف الى الداخل نظرت اليه رقية باستفسار ولكنها وجدته يقترب منها يحملها بين ذراعيه شهقت بصوت خافت من فعلته لم تجد مفر سوى ان تضع يدها حول عنقه
رقية:" يحيى انت عملت ليه كده"
يحيى:" علشان لازم اول مرة تدخلى اوضتى لازم اكون شايلك"
دلف إلى الداخل وقام بغلق الباب باحدى قدميه فى وجه تلك المتطفلة التى نظرت اليهم بكره وحقد
ظل حاملها بين يديه كأنه يرفض ان يتركها فهو يريدها ان تظل قريبة منه
رقية بخجل:" يحيى نزلنى بقى "
نظر اليها مطولا تفضح نظراته ذلك الحب الذى سكن قلبه وجد نفسه يخبرها بتلك الكلمة التى باتت تحرق جوفه
يحيى:" رقية انا بحبك"
جحظت عينيها صدمة وذهولا من ذلك التصريح الذى القاه على مسامعها الآن
رقية بتلعثم:" يييحيى انت بتقول ايه"
يحيى:" بقول بحبك والله العظيم بحبك والكلمة دى ما اتقالت لحد غيرك بصدق"
رقية:" يحيى انت بتقول كده بجد ولا علشان تقدر تملكنى"
يحيى:" اعمل ايه علشان اثبتلك يارقية اطلبى"
رقية:" عايزة يحيى جديد ،عيزاك تقطع صلتك بحياتك اللى فاتت ،عيزاك ترجع لربنا، عيزاك تبعد عن الحرام ، تتقى الله فى تصرفاتك، تصلى وتحفظ قرأن، تشتغل وتبقى ناجح فى شغلك"
يحيى:" حاضر يا حبيبتى هعمل كل اللى انتى عيزاه علشان خاطرك"
رقية:" مش علشان خاطرى يا يحيى علشان خاطر ربنا وعلشانك انت كمان ، احنا فى الدنيا ضيوف فلازم نكون ضيوف خفيفة تسيب اثر طيب وذكرى حلوة وهنبدأ من دلوقتى يلا نصلى"
اومأ برأسه موافقاً على كلامها فابتسم لحماسها فى تغييره فهو سيفعل ما يرضيها ويرضى الله قبل اى شئ فانزلها من بين يديه
يحيى:" ماشى يلا بينا نصلى بس هغير هدومى الاول واتوضأ"
رقية بسعادة:" ماشى"
ذهبت هى الاخرى لتغير ملابسها وتتوضأ تنتظره لينتهى هو الآخر من وضوءه، لا يعرف ما هذا الشعور الذى رجف له بدنه عندما وقف أمامها ليأمها فى الصلاة ، وجد تلك العبرات تتساقط من عينيه كلما قرأ اية من القرأن ، فهل كان بعيدا كل هذا البعد عن الله؟ هل عاش اوقاته فى اللهو والمفاسد والمحرمات؟ كان صوته بكاءه المكتوم مسموعا لأذنها، ظلت تدعو الله ان يهديه الى طريق الرشاد، بعد الانتهاء من الصلاة وجدته يغطى وجهه بكفيه ينخرط فى بكاء شديد كطفل صغير اقتربت منه وجدت نفسها تسحبه الى أحضانها فزاد فى بكاءه اكثر ، تربت على ظهره بحنان
رقية:" اهدى يا يحيى"
يحيى ببكاء:" هو ربنا هيتقبلنى بعد اللى عملته فى حياتى ده"
رقية:" ربنا غفور رحيم وقال يا ابن ادم لو جأتنى بتراب الأرض خطايا ثم استغفرتنى غفرت لك ولم ابالى يعنى مهما بلغ ذنبك بس ندمت واستغفرت ربنا هيغفرلك"
شعر بأمل داخله فهو كان يخشى ان لا يتقبل الله توبته بعد ما فعله ، فهو صار لديه اصرار وعزيمة عن انه لابد ان يعبر درب الصلاح وان ينقى روحه من تلك الموبيقات التى احدثت بداخله خراباً
يحيى:" رقية انت هتفضلى جمبى مش كده"
رقية بتأكيد:" ايوة يا يحيى لو عندك الرغبة والنية فى انك تبقى انسان جديد انا هفضل جمبك"
يحيى:" رقية ممكن اطلب منك طلب"
رقية:" اكيد طبعا اتفضل قول"
يحيى:" عايزك ملكيش دعوة بمرات أبويا خالص"
تعجبت رقية من طلبه فلماذا يطلب منها ان تتجنب زوجه أبيه
رقية:" ليه بتقول كده يا يحيى"
يحيى:" اهو كده وخلاص لو حاولت تكلمك عن حياتى اللى فاتت متسمعيش ليها خالص ماشى"
رقية:" يحيى بجد عايزة افهم فى ايه وفى ايه بينك وبينها"
لم يكن يريد ان يخبرها بهذا الأمر الآن ولكنه سيخبرها بما حدث ليلة زفافهم لكى تأخذ حذرها منها
يحيى:" علشان عرفت ان يوم الفرح فى حد حطلى منشط وده اللى خلانى اتصرف معاكى بالشكل الغريب ده يوم فرحنا"
رقية:" وايه علاقة مرات ابوك باللى حصل"
تنهد بقلة حيلة قام من مكانه يسحبها هى الاخرى تقف امامه قام بامساكها من كتفيها يحثها على الانصات له
يحيى:" هى اللى طلعت حطالى المنشط يا رقية علشان اعتدى عليكى"
وضعت يدها على فمها من صدمتها من سماع تصريحه ظلت نظراتها مصدومة حتى وجدته يهز كتفيها برقة
يحيى:" اتصدمتى مش كده"
رقية:" وهى تعمل ليه كده عايزة منك ايه"
يحيى:" علشان هى بتكرهنى وعايزة تزيحنى من طريقها علشان تكوش على كل حاجة لوحدها"
رقية:" يحيى انا كده خوفت جامد"
ضمها إلى صدره ،يحتويها بحنان ورفق ، فهو لن يسمح لاحد بإذائها
يحيى:" متخافيش يا رقية انا مش هسمح لمخلوق يعمل فيكى حاجة انا افديكى بروحى"
لم يسعها سوى رفع ذراعيها تحتضنه هى الأخرى كأنها تصنع ملاذها من تلك الذراعان المتلهفة والانفاس الحانية التى ربما هى ابلغ من اى كلام يقال، فربما هى الآن تريد ان يخل بمبدأ عدم الاقتراب منها، تريده ان يجرفها معه فى ذلك التيار من المشاعر الجميلة التى لم تشعر هى بها إلا عندما تنظر اليه، اقترب منها بحذر يريد ان يعرف هل ستتقبله ام ستنفر منه وجد نفسه يقترب منها يعانقها، توقع ان تدفعه عنها بين لحظة والاخرى ولكنها لم تفعل شئ، بدت هادئة مستسلمة تتقبله برحابة صدر، لم يصدق ما يحدث الآن فربما الليلة ستكون بداية جديدة لهم
*"*"
سمعت صوت جرس الباب، وضعت حجابها على رأسها قامت بفتح الباب وجدت امرأة تبتسم لها ابتسامة خفيفة
هيام:" ايوة مين حضرتك"
بهيرة:" انا بهيرة جارتك فى الشقة اللى قصادك دى"
هيام:" اه اتفضلى "
دعتها إلى الدخول ، دلفت بهيرة باستحياء شديد تقبض على ملابسها بتوتر فهى غير معتادة على صداقة أحد بسبب ان زوجها يجعلها حبيسة المنزل طوال الوقت كإنها احد السجناء المحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة ولكنها لا تعرف لماذا اصر عليها تلك المرة ان تتعرف الى جيرانها وخاصة تلك الجارة
هيام بابتسامة:" اتفضلى اقعدى حضرتك"
بهيرة بتوتر:" شكراً انا آسفة لو ازعجتك"
هيام:" متقوليش كده هجبلك حاجة تشربيها"
ذهبت هيام إلى المطبخ لتحضير مشروب للترحيب بتلك الضيفة الجديدة، لمحت بهيرة خروج الأطفال ابتسمت تلقائياً فكم كانت تتمنى ان تحظى بأطفال ولكن الله لم يريد لها بذلك وكل ذلك بسبب ذلك الزوج القاسى
بهيرة بابتسامة:" تعالوا انتوا اسمكم إيه"
فادى:" انا فادى ودى رهف ورفيف"
بهيرة:"اسمكم جميل اوى"
هيام:" بس دول يجننوا"
اردفت هيام بابتسامة وهى تحمل المشروبات لتضعها على تلك المنضدة وتجلس هى أيضاً
بهيرة:" ربنا يباركلك فيهم"
هيام بحذر:" هو انتى معندكيش اولاد"
ابتسمت بهيرة ابتسامة متوترة تخفف من وطأة تلك الدموع التى تجمعت فى مقلتيها
بهيرة:" لاء ربنا مش رايد ان يرزقنى بأطفال"
هيام:" انا آسفة"
بهيرة:" ولا يهمك هو انتى متجوزة بقالك كتير "
هيام؛" من حوالى ست سنين كده"
بهيرة:" ست سنين بس فادى..."
بطرت جملتها قبل ان تكملها ولكنها وجدت هيام تبتسم لها بتفهم
هيام:" فادى خد اخواتك والعب جوا"
فادى:" حاضر يا ماما"
اخذ فادى شقيقته ذاهبين الى غرفتهم ، التفت لها هيام قامت بأخذ احد اكواب العصير تناوله لها
هيام:" اتفضلى"
بهيرة:" شكراً انا اسفة لو كنت سألت فى حاجة متخصنيش"
هيام:" ولا يهمك هو فادى فعلا مش انا اللى ولدته هو ابن جوزى بس بحبه زى ما يكون ابنى وهو فى الاول والاخر اخو بناتى وان شاء الله هيبقى سندهم"
بهيرة:" ربنا يكرمك انك بتربى طفل اتحرم من أمه"
هيام:" تسلمى يارب"
ظلوا يتحدثون وقتاً طويلاً شعرت هيام بالراحة مع تلك المرأة بالرغم من تحفظها فى الكلام فهى كأنها تخشى ان تتحدث بأى شئ يخص حياتها فكانت احاديثهم تلك الاحاديث النسائية والثرثرة حول بعض الأمور التى تخص البرامج التليفزيونية او المسلسلات والافلام
*"*"*
تململ فى نومه يشعر بتلك اللمسة الحريرية التى تتجول على قسمات وجهه، فتح جفنيه يطالع تلك الجميلة التى تنظر اليه بخجل شديد، نظر اليها بعشق ارتسمت ملامحه على وجهه وصوته الخافت
يحيى:" صباح الخير والورد صباح كل حاجة حلوة"
رقية بخجل:" صباح النور انت مش ناوى تقوم تروح شغلك ولا ايه"
يحيى:" ما تخليها النهاردة اجازة ونكمل كلامنا بتاع امبارح"
نظر اليها نظرة عابثة قابلتها هى بنظرة حازمة، رفعت إصبعها تشير امام وجهه بتهديد
رقية:" ها انت هترجع فى كلامك ولا ايه هو ده اتفاقنا"
يحيى:" خلاص يا ستى قايم اهو بلاش التكشيرة اللى مش لاقية على الوش الجميل ده"
حاولت ان توارى وجهها عن عيناه ولكن الى اين تهرب وهى سجينه ذراعيه وعيناه المسلطة عليها
رقية:" يحيى يلا بقى وعلشان توصلنى الصيدلية"
يحيى:" بس كده وكمان هاجى اخدك اعتبرينى السواق الخصوصى"
رقية بابتسامة:" لاء سواق قلبى"
قالت ذلك ثم فرت هاربة الى الحمام قبل ان تسمع منه اى تعليق على كلمتها،لم تسع الدنيا فرحته بسماعه تلك الكلمة منها ثانية فالمرة الأولى التى اخبرته بحبها كانت فى حالة نفسية سيئة، تعهد لها بصمت انه لن يخذلها سيجعلها فخورة به لن يسمح لأحد بايذاءها وخاصة تلك المرأة التى عندما داهمت صورتها مخيلته انكمشت ملامح وجهه بغضب،انتهوا من الاستعداد للذهاب الى عملهم هبطوا الى الاسفل يجلسون لتناول طعام الافطار
رقية:" صباح الخير عليكم"
....:" صباح النور"
زاهر:" هتيجى معايا الشركة يا يحيى"
يحيى:" ايوة طبعاً وان شاء الله كل يوم"
رقية:" ان شاء الله يا اونكل زاهر يحيى هينتظم فى الشغل ومش هيدلع تانى"
ابتسمت بعد ان اردفت بتلك الكلمة فابتسم لها بدوره رأت زوجة والده ذلك نظرت اليهم بطيف ابتسامة سخرية
نانى:" ايه ده معقول يحيى ينتظم فى الشغل هى القيامة هتقوم ولا ايه ولا هترجع من الديسكوهات بدرى علشان تنام علشان تروح الشغل"
لمحت رقية ان زوجها كور قبضة يده فى حركة غاضبة فقامت بوضع كف يدها على يده تحاول ان تخفف من ثورة ضيقه التى ربما على وشك الاندلاع الآن
رقية:" ماهو يحيى خلاص مش هيروح ديسكوهات تانى يا طنط نانى"
شعر بيدها وجده نفسه يلتقط أنفاسه يحاول ضبط اعصابه، ولكنه لم يفلح فى كبت تلك الضحكة الخافتة التى صدرت منه على محاولة رقية فى ازعاج زوجة أبيه
نانى:" طنط! انا يا حبيبتى قولتلك بلاش طنط دى قوليلى يا نانى"
رقية:" عيب ان اكلم حد اكبر منى كده من غير ألقاب ومتنسيش انك تعتبرى حماتى"
حسناً ...فتلك الفتاة تسخر منها ولكن ليست هى من ستتركها تفعل ذلك ، فهى تملك من الحيل الخبيثة ما تستطيع بها التغلب على إبليس بذاته
نانى بخبث:" وماله يا حبيبتى اللى يريحك"
زاهر:" يلا بينا احنا يا يحيى"
يحيى:" انا هروح اوصل رقية الصيدلية وبعدين هاجى على الشركة''
زاهر بابتسامة:" اللى يريحكم هسبقكم انا"
نهض زاهر من مكانه يستعد للذهاب بعد ان رأى قدوم السائق الخاص به بينما قامت رقية بجلب حقيبتها لتذهب برفقة زوجها قامت بمد يدها تتأبط ذراعه تبتسم له
رقية:" يلا بينا"
يحيى :" يلا يا حبيبتى"
اخذ زوجته وخرج من المنزل تتبعهم نظرات تلك المرأة التى صارت أنفاسها تعلو منذرة بقدوم سحابة سوداء ستغيم على ذلك المنزل، وصل بها الى مكان عملها ولكن قبل ان تترجل من السيارة وجدته يمسك بيدها يقبلها قبلة متمهلة جعلتها تبتلع ريقها خجلاً سحبت يدها سريعاً
رقية:" يلا بقى علشان متتأخرش على شغلك"
يحيى بغيظ:" ماشى يا دكتورة رقية"
ترجلت من السيارة تبتسم على ملامح وجهه العابسة انتظرت قليلا حتى رأته ينطلق بسيارته مبتعداً ،دلفت إلى الداخل
رقية:" السلام عليكم"
التفتت آية على مصدر الصوت صرخت بفرحة من رؤية صديقتها اقتربت منها سريعاً تحتضنها بقوة
آية:" حبيبتى يا رقية حمد الله على السلامة وحشتينى اوى انت مقولتيش ليه انك رجعتى"
رقية:" قولت اعملهالك مفاجئة ها ايه الاخبار "
آية بمزاح:" لا تقلقى انا خاربة الدنيا على الآخر هتنبسطى اوى يا رقية"
رقية:" عملتى ايه فى الصيدلية يا بت وانا مش موجودة"
آية:" ولا حاجة يا قلبى دى الدنيا حلوة وزى الفل ماما حلوة على رأى محمد هنيدى قوليلى عاملة ايه مع عريس الغفلة"
نظرت اليها رقية رافعة احدى حاجبيها ثم ضيقت مابين عينيها بتوعد
رقية:" انتى مش هتبطلى يابت انتى تشتمى عليه احترمى نفسك يا آية"
آية:" بجد عاملة ايه معاه"
رقية:" الحمد لله ولعلمك بقى يحيى فعلا ابتدأ يتغير وان شاء الله هيبقى انسان كويس"
آية:" يسمع منك انا عايزة ايه غير انك تبقى مبسوطة اسكتى مقولتلكيش بقى على اللى حصل"
نظرت اليها رقية بانتباه تتأهب لسماع كلامها لمعرفة ماذا حدث اثناء غيابها؟
رقية:" ايه اللى حصل فى ايه"
رقية:" صاحب جوزك ده الواد اللى اسمه خالد مش جه هنا والراجل فاكر نفسه بقى ان هيدخل عليا بالشويتين بتوعه دول وانه هيعلقنى وكده"
رقية:" وانتى عملتى ايه"
آية:" اديته بالقلم على وشه وقولتله لو جيت هنا تانى هبلغ البوليس مشفتوش من ساعتها ناس متجيش الا بالعين الحمرا"
لم تتعجب رقية من كلام صديقتها فهى خير من تعلمها وتعلم أيضاً انها ليست من تلك الفتيات التى يستطيع احد ان يستميل قلوبهن بالكلام...
بقلم سماح نجيب"سمسم"
تتفحص تلك الأوراق الموضوعة أمامها باهتمام شديد لم تخرج عن تركيزها الا بفتح باب غرفة مكتبها ودلوف شقيقها ابتسمت له ابتسامة عريضة تنهض من مكانها تقترب منه تحتضنه يقبلها هو على وجنتيها
سلاف:" اهلا يا عمار نورت الشركة"
عمار:" دا نورك انتى يا حبيبتى اخبارك ايه"
تنهدت بصوت خافت تبتسم ابتسامة خافتة فأيامها تمر برتابة وملل
سلاف:" الحمد لله كل الايام شبه بعض من الشغل للبيت ومن البيت للشغل ساعات بقول يا ريتنى ما رجعت من دبى"
عمار:" ليه بتقولى كده"
سلاف:" بسبب جدك اللى ممشى ورايا جواسيس فى كل حتة مفكرنى هبلة ومش عارفة فحبيت اريحه "
عمار:" انتى متعرفيش كمان هو اليومين دول عامل ايه"
سلاف:" ليه ماله"
نظر اليها بحذر مما سيخبرها به فهو يعلم ما يمكن ان يحدث لها عندما تسمع هذا الكلام
عمار:" جدك حاطط ثائر العمرى فى دماغه من ساعة ما اخد منه الصفقة"
ارتسم القلق على ملامحها بعد سماع كلام شقيقها ازدرت ريقها بخوف فهى تخشى اقدام جدها على شئ ربما يتأذى بسببه ثائر
سلاف:" هو عمل فى ثائر حاجة يا عمار"
عمار:" لحد دلوقتى لاء بس انتى عارفة جدك يا سلاف ممكن يعمل ايه"
امسكت ذراع شقيقها برجاء تهتف له بنبرة ملأها الخوف على ذلك الرجل الذى لم تحب احد مثلما أحبته حتى اذا لم يكن لها فى يوم من الايام ولكنها لم تمنع الخوف من ان يتسرب الى قلبها من أن يصاب بمكروه على يد جدها
سلاف:" عمار ارجوك حاول تمنعه بأى طريقه انه يأذيه او يعمل فيه حاجة لو هو بيعمل كده علشان انا رجعت انا مستعدة ارجع دبى تانى واريحه منى خالص"
عمار:" الموضوع شكله كده كبير يا سلاف شكل جدك هيطلع العداوة اللى كانت بينه وبين جد ثائر عليه، العدواة اللى احنا لحد دلوقتى مش عارفين سببها إيه"
ظلت تدور حول نفسها كالتائهة تفكر ماذا تفعل لتمنع إيذاء جدها لثائر فماذا تفعل هى الأن وجدت نفسها تأخذ حقيبتها تخرج سريعاً من مكتبها يتبعها اخيها الذى لايعلم الى أين هى ذاهبة؟
عمار:"سلاف سلاف استنى راحة فين"
لم تعبأ لنداء اخيها كانت تمشى بخطوات اشبه بالركض حتى تصل الى سيارتها قامت بفتح باب السيارة تاخذ مكانها خلف المقود
سلاف:" عمار هات عربيتك وتعال ورايا بسرعة"
انطلقت بسيارتها مسرعة ومازال عمار واقفا مكانه لم يفقه شئ مما يحدث ولكنه لم يجد مفر سوى ان يتبعها فاستقل سيارته هو الآخر
ترجلت من سيارتها امام ذلك الصرح الكبير الذي يملكه جدها، دلفت الى الداخل وهى تشعر بكل شياطين العالم تتراقص امام عينيها قامت بفتح باب المكتب بطريقة أشبه بالاقتحام حتى انه لم يخفى عليها انزعاج جدها من دخولها بهذه الطريقة، فنظر اليها نظرة غاضبة يردف بحنق
جابر:" دى طريقة تدخلى بيها مكان يا سلاف متعرفيش حاجة اسمها استئذان"
كانت السكرتيرة تقف خلف سلاف ولم تعلم ان هذه المرأة حفيدته فهى كانت تحاول منعها من الدخول فحاولت ان تبرر موقفها بعدة كلمات مرتجفة
السكرتيرة:" والله يا جابر بيه حاولت امنعها بس هى زقتنى ودخلت على طول"
نظرت اليها سلاف باستهجان من ذلك الخوف الظاهر فى كلامها
سلاف:" متخافيش اوى كده سبينى معاه شوية"
فقامت بسحبها من ذراعها تخرجها خارج المكتب تغلق الباب فى وجهها
سلاف:" اظن كده نتكلم براحتنا يا جابر بيه"
ترك مكانه يرغى ويزبد من غضبه من وقاحة حفيدته فى التحدث إليه فاقترب منها بعينان تفيضُ غضباً ولكنها قابلت نظرته تلك بنظرة باردة
جابر:" انتى ايه اللى جرالك وانتى اتجننتى النهاردة ولا ايه يا سلاف"
قامت برفع شعرها خلف اذنها تنظر اليه بتحدى سافر عقدت ذراعيها امام صدرها
سلاف:" بص بقى يا جابر بيه انا شربت من عمايلك وسكت دمرت حياتى وسكت جوزتنى واحد ميتقالش عليه راجل أساساً وبرضه سكت عشت اجمل سنين عمرى فى عذاب وبرضه سكت لكن الموضوع يوصل انك عايز تأذى ثائر اهو ده اللى مش هسكت عليه ابدا مفهوم"
اردفت جملتها بما يشبه التهديد، قابل كلامها بما يشبه السخرية من تلك الابتسامة التى ارتسمت على وجهه.
جابر:" والله وبقيتى تبجحى فى جدك كمان علشان ابن العمرى"
جلس على احد الكراسى يريح جسده يرفع لها رأسه ينظر اليها باستخفاف فمنذ متى وهى لديها كل تلك الجرأة التى تهدده بها؟ ولكنه أردف بهدوء
جابر:" اقعدى يا سلاف"
جلست على مضض تعقد ذراعيها كتلميذة صغيرة تجلس أمام معلمها، لعنت ذلك الخوف الذى بدأ يتسرب داخلها فمازالت تهابه بالرغم من تلك القوة الواهية التى تظهرها أمامه
سلاف:" افندم عايز منى ايه تانى"
قبل ان يرد عليها انفتح الباب يدلف منه عمار نظر اليه جده فعلم انه هو من اخبر شقيقته بأمر نيته فى التخلص من ثائر العمرى
جابر:" اهلا يا استاذ عمار لحقت بسرعة تروح تبلغ اختك عامل زى العيال الصغيرة اللى مبتحفظش سر"
خفض عمار رأسه حرجا ً من كلام جده ولكنه لم يجد ما يقوله فبادرت سلاف بالكلام
سلاف:" عمار ملوش ذنب فى حاجة مدخلوش فى الموضوع احنا دلوقتى بنتكلم بخصوص ثائر مدخلناش فى مواضيع فرعية"
هب جابر واقفا ً مكانه يقترب من عمار الذى لو كان بيده ربما كان فر هارباً من أمامه الآن ظل يفكر ماذا ينوى جده ان يفعل؟ لم يستغرق فى تفكيره كثيرا فوجد جده يرفع يده يرد ان يصفعه ولكن قبل ان تهوى يد جده على وجهه وجد من يحول بين وصول يد جده اليه ، فما كان من سلاف الا انها امسكت يد جدها بحزم قبل ان يصفع شقيقها. نظر اليها بذهول فكيف لها ان تفعل ذلك ؟ قام بسحب يده من يدها وهوى بها على وجهها هى عوضاً عن اخيها ، قوة الصفعة جعلتها تترنح فى مكانها تضع يدها موضع الصفعة
جابر:" دى علشان تحترمى نفسك وتبطلى قلة أدبك دى وانتى مش عاملة احترام ليا من ساعة ما رجعتى"
لجمت الصدمة لسان عمار الا انه اسرع يسند شقيقته التى لم تخفى عينيها ذهولها فجحظت عينيها تنظر اليه بلهيب يتصاعد بداخلها يزيد من كرهها له
عمار :" سلاف انتى كويسة"
لم تنطق بكلمة واحدة فهى تصنمت فى وقفتها ، تقف تضع يدها على وجهها تتساقط دموعها على وجنتيها، نظر اليهم جدهم سوياً يشير اليهم بتهديد
جابر:" اسمع بقى انت وهى ان كان على ابن العمرى انا مش هسيبه فى حاله وانتوا الاتنين مش عايز اشوف وشكم"
خرج عمار عن صمته، نظر اليه بقهر على سنوات تربوا فيها فى كنف ذلك الرجل القاسى والظالم
عمار:" من غير ما تقول يا جدى انا وسلاف اعتبرنا اموات خلاص بالنسبة ليك بس الدنيا مش مستاهلة اللى انت بتعمله ده العمر مبقاش فيه قد اللى راح يا جدى"
قام بسحب يد شقيقته يسرع للخروج من هذا المكان فهو قد سأم كل هذا الجبروت والظلم، وصلوا الى خارج المبنى وسلاف لم تتخلص من دموعها التى زادت اكثر تغمر وجنتيها تفسد زينة عينيها
عمار:" اهدى يا حبيبتى خلاص احنا ملناش دعوة بيه تانى"
مد يده بأحد المناديل الورقية يمسح دموع شقيقته ولكنه وجدها ترتمى فى أحضانه تبكى بشدة ظل يربت على ظهرها ليجعلها ان تكف عن ذلك البكاء الذى أصاب قلبه بالألم
عمار:" اهدى يا سلاف خلاص كفاية "
حاول تلطيف الجو قليلا فاقترب من أذنها مازحاً
عمار:" يلا احسن شكلنا كده فى الشارع مش حلو لحد يفهم غلط ويجبلنا البوليس"
افلتت ضحكة منها لم تفلح فى كبتها فأخيها يحاول التخفيف عنها نظرت اليه بامتنان فبالرغم من انها هى الكبرى الا انها تشعر كأنها طفلة صغيرة تتحامى به
سلاف:" وعلى ايه يلا بينا وانت روح بيت جدك هات حاجتك وتعال عيش معايا وسيبك من جدك ده خالص ماشى وكمان انت تمسك الشغل معايا احنا مش محتاجين منه حاجة ونبعد عن ظلمه وجبروته اللى هيقضى عليه ده"
هز راسه موافقاً على كلامها فهو كان فى نيته فعلا ترك منزل جده فهو لم يعد يحتمل ان يعيش مع رجل لا يجرى فى عروقه دماء مثل باقى البشر ولكنه ابدل دماءه بقسوة وظلم وجبروت
*"*"*
دلفت وتين إلى الغرفة تحمل بيدها قدح القهوة الخاص بزوجها تناوله له بابتسامة
وتين:" حبيبى القهوة بتاعتك"
ثائر:" تسلم ايدك يا وتينى"
اخذه منها وضعه على المنضدة أمامه يسحب يدها يجلسها بجواره يشدد من احتضانه لها
وتين:" مالك ياحبيبى اليومين دول حاسة كأنك مضايق او قلقان فى حاجة"
ثائر:" مفيش يا قلبى شوية مشاكل فى الشغل المهم مش عايزك اليومين دول تخرجى انتى والاولاد لوحدكم انا كلمت شركة حراسة علشان يبعتوا ليكم حرس"
استمعت لكلامه بتعجب فلماذا يفعل ذلك فهتفت :" حرس! ليه يعنى يا حبيبى مش اتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده الحارس ربنا"
ثائر:" ونعم بالله بس فعلا فى مشاكل بينى وبين ناس بسبب الشغل ومش ضامن يعملوا ايه فاحنا ناخد احتياطنا"
وتين:" بس بكرة اتفقت مع مريم نروح نشوف المبانى بتاعة دار الرعاية''
ثائر:" بلاش يا وتين"
وتين:" علشان خاطرى بجد نفسى اشوفها وهنروح ونرجع على طول مش هنقعد كتير ماشى"
ظلت تلح عليه بالذهاب فقابل طلبها بالرفض فى بادئ الأمر إلا انه رضخ بالاخير ووافق فنظر اليها بغيظ فكيف له ان يرفض لها رجاءا وهى تنظر اليه بتلك العينيان القاتلة والتى دائما ما تشعر قلبه بالضعف واللين
ثائر:" انتى ايه حكايتك بالظبط بتترجينى علشان عارفة ان مش هرفض طلبك"
اقتربت منه بابتسامة تهمس أمام وجهه ذلك الهمس الذى جعله غائباً عن وعيه فلماذا تتعمد ان تفعل ذلك؟
وتين:" تسلملى يا قلب وتين بحبك"
ثائر:" بعشقك يا قلبى"
فى اليوم التالى .وصلت وتين ومريم أمام تلك المنشأت الحديثة العهد بالبناء، ترجلن من السيارة يصطحبن اطفالهن الذين احدثوا جلبة بصوتهم الطفولى عند وصولهم الى المكان
وتين:" العيال دول فضايح ميروحوش فى مكان الا ما يعملوا دوشة ويقلبوا الدنيا"
ابتسمت مريم التى كانت تركض خلف طفلها الذى صار يركض فى كل مكان
مريم:" احنا ايه اللى خلانا نجبهم معانا احنا كنا سبناهم فى البيت"
اقترب منهم المهندس المختص بأعمال البناء لتلك المشفى ودار الرعاية ابتسم ابتسامة خفيفة كتحية لتلك السيدتين
المهندس:" اهلا يا مدام وتين اهلا يا مدام مريم"
وتين:" اهلا بيك يا باشمهندس ايه الاخبار"
المهندس:" زى ما قولت لثائر بيه ان شاء الله كمان شهرين وتستلموا المكان متشطب احسن تشطيب وعلى مستوى"
مريم:" ان شاء الله عن اذنك يا باشمهندس"
المهندس:" اتفضلوا"
تجولت وتين ومريم فى المكان لرؤية المبانى وكان الأطفال يركضون كعادتهم فى المكان، لمح رؤوف اخيه رائد يبتعد ذهب خلفه ليعيده حتى لايبتعد اكثر
رؤوف:" رائد تعال هنا متبعدش عن هنا"
التفت رائد على صوت اخيه ابتسم له بحماس يحثه على القدوم للعب معه
رائد:" رؤوف تعال معايا نلعب هنا نلعب استغماية مع ماما وجوانا وجورى وادم وطنط مريم"
ولكن رؤوف تقدم بضع خطوات يجذب اخيه من يده ليعودوا الى والدتهم
رؤوف:" لاء تعال نرجع لماما يلا"
خلص رائد يده من يد رؤوف يبتسم بمرح غير منتبه انهم ابتعدوا حقا عن مكان وجود والدتهم
رائد:" ياعم تعال بس متخافش"
اثناء رجوعه بظهره الى الخلف اصطتدم برجل ضخم الجثة التفت اليه رائد يعقد حاجبيه بطفولية
رائد:" انت مين يا عمو"
الرجل:" تعال يا حبيبى هوديك لماما"
شعر رؤوف بالخوف فهيئة الرجل غريبة اقترب سريعاً من شقيقه يسحبه ليركضوا سريعاً ولكن لم يستطيعوا ان يبتعدوا كثيراً فقام الرجل بامساكهم قبل ان يفروا هاربين حملهم كمتاع خفيف ظل الطفلان يصرخان بخوف وذعر لعل احد ينجدهم من يد هذا الرجل
رائد:" ماما مامااااا"
لم يكمل كلامه نتيجة المخدر الذى قام بوضعه على أنف الصغير هو وشقيقه جاعلهم يذهبون فى غيبوبة مؤقتة قام بإدخالهم سريعاً الى احد السيارات التى كان ينتظره بها شريكه، فاردف بصوت جهورى
الرجل:" يلا بسرعة قبل ماحد ياخد باله"
........
يتبع!!!!!!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close