اخر الروايات

رواية المتحول الوسيم الفصل الثاني عشر 12 بقلم سارة منصور

رواية المتحول الوسيم الفصل الثاني عشر 12 بقلم سارة منصور

 الفصل الثانى عشر

إقترب منها وحدقة عيناه تتسع وهى ترى هذا الجمال الساحر ،وضي شعرها الأحمر الذي أنعكس داخل عيناها بالوهج الفاتن ، مما يزيد دفء وجنتيها باللون الوردي .
فكيف له ألايعرف منذ البداية أن تلك العينان الثائرة ، تنسب فقط لزهرة بيضاء فى بستان الزهور .
مرت عيناه يمينًا ويسارًا على كامل وجهها تلتمع بلمعة تكشف لها كم سهرت حالمة بلمس دفئها ، لكن ، أبت أن تصدق ، أن هذا الفهد الذي يتربص بها يملك لها مشاعر ، فرمشت بعيناها لعلها ترفض أعتقاد ما تراه ، وما أستنتج عقلها .
ولم تعلم أن مع كل رمشة من عيناها ، كانت تُلقى فتنة أكثر فى قلبه .
هل شعرت بتلك الرعشة التى حدث داخل قلبه تُحي حربا .
هل سمعت إلحاح قلبه عليه ، وهو يطلب منه عناق عيناها ولو للحظة .
_ بتبصلى كدا ليه ..
تنحنح وقد شعر بالإحراج من وقفته كالأحمق أمامها ، ومن تجمع لعابه على شفتاه .
أبتلع ريقه وقال وهو ينظر الى جهة الأخرى .
_ طلما أنتِ فى البيت دا ، لازم تحترمي كل القواعد ، اللى فيه
مفيش خروج بدون سبب وجيه من البيت
قبل الشمس ماتغرب بساعة تكونى فى أوضتك ونايمة
موضوع الجامعة دا مكنتش موافق عليه ، بس عشان كليه الهندسة جنب صيدلة ممكن أفكر فى الموضوع ، وغيرو ، لو حصل ووفقت هتروحي يوم فى الأسبوع فقط .
_ وأنت مين أصلا عشان تفرض عليا نظام حياتي . ملكش دعوة بأى حاجة ، وروح أجرى شوف مراتك ، أنا مش فاضيالك .
_ متنسيش أنك واكله شاربة نايمة فى بيتى ، وبيتصرف عليك من فلوسى
_ أنا عايشة هنا فى خير عمى ، ومحدش له فضل عليا غيره .
_ لو مسمعتيش الكلام هحطك فى دماخى .
_ ميلزمنيش .
قالتها وهى تنظر إليه باستحقار ..
فرفع يده مسرعا خاطفا منها هاتفها المحمول ، وأسرع بالخروج من غرفتها وأوصد الغرفة بالمفتاح عليها .
تحت نظراتها الصادمة .
_ أبقي خل كلامك ينفعك ، هنشوف بقي هتخرجي من هنا إزاى .
جرت الى باب الغرفة ، وطرقت عليه بقوة ، لكى يفتح الباب وتصيح
_ أدم يا تييييت ، أنتم كلكم عليا بالدور ، أفتح بدل ما تييييت ..أععععع ..
أبتسم أدم وهو يرى أنه تغلب عليها ،وما شجعه أكثر أن أباه قد سافر من اجل أعماله .
ذهب الى غرفة المكتب وجلس عليه رافعا قدميه الى المنضدة الصغيرة ، ويقوم بتصفح هاتفها ، ليري أن سجل مكالمتها مع رامي فقط ، أنقلب وجهه الى العبوس ، فأخرج شريحة الإتصال وقام بتحطيمها .
_ عم عبده ... تعالى ...
..... خد الموبايل دا أديه لعيالك .. ولا لأى حد .
_ تشكر يابيه .. ربنا يعزك
وبعد أن ابتعد عنه عم عبده البواب ، قال أدم وهو يتنهد
_ ماشي يا ياسمين ، أنا هعرفك تسمعي الكلام كويس .
ثم قام بفتح حاسوبه الخاص وقام بتصفح الجدول الخاص بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة ، ثم قام بفتح موقع كلية الهندسة ، يبحث عن الجدول الخاص بالفرقة الأولى .
أبتسم وهو يري أن الأوقات تتماثل مع أوقات دراسته .
وبعد مرور ثلاث ساعات ، قام من مكتبه ليذهب اليها ، ليري إن كانت تفعل شيئا أم لا .
فى تلك اللحظة قام العم عبده يصيح
_ يابيه ، الدكتور ريهام جيت ،يابيه .
_ حاضر ، بتصوت ليه كدا .
نزل أدم الى فناء بيته يرحب بزوجة أبيه ( الدكتور ريهام ) وأشقائه.
_ أزيك يا أدم ... أومال فين ناجى .
_ سافر لشغل وهيجي بعد أسبوع .
أنقلب وجهه الدكتورة ريهام وقالت بضيق
_ عمرك ماهتتغير ياناجي .
كان أدم يُسلم على شقيقه الأكبر بعناقات ، وأسئلة متلهفة ..
_ أومال فين نادر ، مجاش معاكم ليه يا رامز .
_ هيجي بعد يومين . قالتها الدكتورة ريهام باقتضاب .
****
فى تلك الأثناء كانت ياسمين تأكل فى شفتاها من الغضب ، تخرج ذهابًا وإيابًا إلى شرفتها ، تريد أن تخرج بأى طريقة حتى تكسر كلامه ، فمن هو حتى يفعل معها ذلك ، لن تجعله أبدا يفوز عليها .
خطر فى بالها فكرة ، فقامت بإزالة الستائر من الحائط ، وقامت بربطهما ببعض .
وقامت بإنزالها من شرفتها ، فلمحت أناس غريبة تقف فى فناء المنزل ، ففرحت وهى ترى البوابة الرئيسية منفتحة .
نزلت على الستائر المنسدلة على الارض من شرفتها رويدا رويدا .
_ بتعمل ايه هنا . هتف بها شابا يظهر أنه فى بداية العقد الثالث ، يرتدي ملابس رياضية ، وحقيبة ظهر .
فتوترت بعد أن نظرت الى الأسفل ، ولم تعيره أى أهتمام ، وفجأة سقطت الستائر ، وسقطت معها ، وهى تغلق عيناها بقوة و تصيح ..
أنتبه لها الجميع .. بنظرات صادمة ، وخاصةً بعد أن سقطت بين زراع هذا الشاب . الذي كان ينظر اليها وهو يضحك بسخرية على ردة فعلها العفوية .
فتحت عيناها وهى تراه يحملها ، فتوردت وجنتاها ، وطلبت منه بغضب أن ينزلها ..
_ ياسميييييين قالها أدم وهو يكز على أسنانه بغضب، ويهرول إليها .
فجرت بأقصي قوتها ، وبخ نفسه وهو يراها تسبقه بسهولة ،فلم يلعب منذ فترة طويلة . ولم يستطع اللحاق بها ، بسبب سرعتها الطائرة .
ظل يجرى وراءها وقد تقطعت أنفاسه ، وهو يراها تركب سيارة أجرة ، وتختفى من أمامه .
***
حاولت أن تلتقط أنفاسها من شباك السيارة ، وهى تلهث بقوة ..
_ يا أبلة ... على فين ....
_ كلية ..... كلية ........الهندسة ...
تابعت المارة فى شباك السيارة تنظر اليهم ، حتى أقتربت من الجامعة ، لتراها لأول مرة فى حياتها ، مدينة كبيرة .. تشمل عدة مباني خاصة بالكليات والأقسام .
ظلت ساعة كاملة تنظر الى الجامعة على بعد خطوات من البوابة الرئيسية ، وتنظر الى الطلاب بغرابة ، وإلى هذا الكم الكبير من الفتيات .
شعرت بالخوف من نظرات الناس لها ، قدمها ترجع الى الوراء ، تريد أن تدخل ، لكن الخوف قيد صدرها ، وكلمات تجول بخاطرها أكثر من مرة.
( هيعرفوا إنى ...)
( مش عارفة هعمل ايه لو شوفت حد يعرفنى )
( أنا خايفة )
ظلت قدماها ترجع الى الوراء ولم تنتبه الى السيارة التى تقف خلفها ، وتطلق البوق حتى تبتعد .
_ أنت يا تيييت إبعد ...
أكل الرعب قلبها ، تلك النبرة تعرفها جيدا ....
( رامي ) ...
ربما لم يعرفها من ظهرها بسبب لون شعرها المختلف .
رفعت الجاكت الجينز الواسع الى وجهها تخفيه، ولم تشعر بنفسها وهى تدخل من البوابة مسرعة من طريق السيارات ، تبعها أحد رجال الأمن يصيح بها ، لكنها لم تتوقف وهربت .
حتى وجدت نفسها بداخل الجامعة وسط عدد هائل من الطلاب، يتحركون بسرعة .
ضمت يدها الى صدرها ، وهى تراهم ينظرون اليها ..وكلماتهم تمر عبر أذناها ..
( أيه البت الحلوة دي )
(ياحمر ياجامد )
( طول عمرى بحب الاحمر)
(ايه البت دي شوفى عاملة فى نفسها ايه )
( شوف يلا البت دي هييييح كان نفسي أبقي بالطول دا )
(هى فاكرة نفسها حلوة عشان شعرها أحمر ، دا فلاحة )
أطلقت صرخة صامتة متألمة وهى تضع يدها على وجهها ، وتجرى إلى المبني الذي أمامها .
حتى وصلت الى مكان هادئ ، تنظر خلفها كل ثانية كأن أحد على وشك الإمساك بها متلبسة بجريمة .
ولم تنتبه إلى هذا الشاب الذي يرتدي بذلة أنيقة باللون الأسود وفى يده اليسري حقيبة ، واليد الأخرى كوبا من القهوة .
أرتطمت به حتى دخل رأسها فى أنفه بقوة ، فرجع الى الوراء ساقطا على الارض ، متأوها أيضا من حرارة كوب القهوة الذي سقط على يده .
حاول أن يكتم غضبه ، فقام متألما وهو يعض على شفتيه بغضب . والدم ينسكب من أنفه ..
_ فى حد يمشي بالهمجية دى فى الجامعة ...!!
صاح بها وهو يقف على قدميه وينفض التراب الذي ملأ بذلته ..
رفع بصره اليه لينظر و عيناه جاحظه وهو يراه صابغا شعره بالاحمر ، وترتعش شفتاه ...
...إسلام ....
صاحت بأعلى صوتها ، وهى ترى أنه سيف ..
فانتفضت مسرعة تهرب ، لكنه تابعه بالجرى وأمسك بقميصه الجينز .. وقام بسحبه الى الغرفه المقابلة .
_بتعمل إيه هنا .. هتف بها سيف وهو ينظر اليه متفحصا ، ليري ... أنه مختلفا ..
ويظهر ان الاختلاف بجسده أيضًا ..
قامت ياسمين بدفعه بقوة ، وابتعدت عنه ..
وعقله تائها يحاول جاهدا بتركيب بعض الأحداث ..
فقام يخطوا وراءه متسائلا بصدمة والحروف تتطاير من شفتاه متقطعة ، ليجد شئ ما سقط منه .
فرفع هذا الشئ أمام عينه .. تبدوا كالبطاقة الشخصية بها طبعة طبية ،قرأ مابداخله .لتحلق الطيور فوق رأسه بعدم فهم
(ياسمين أكرم ...
..أنثى ..)
أتسعت حدقة عيناه عندما وجد صورة إسلام وبجانبه إسم ياسمين ، وكلمة أنثي ...
أسرع قلبه بضخ الدم ، حتى زادت ضرباته ، وقل الهواء فى رئتيه .
لم تستطع التصديق أنها رأته فى هذا المكان ، وفى هذا الوقت بالتحديد ، قامت بالذهاب الى البيت بسيارة أجرة ، بعد أن جرت الى بوابة الخروج بصعوبة .
_اللى بمر بيه صعب أوووى كل دا هستحمله ازاى .
قالتها وهى تتنهد ... وتخرج رأسها من شباك السيارة.
وعندما وصلت الى المنزل ،رأت ان أدم يجلس فى فناء المنزل ينتظرها ، ويمسك كتابا يقرأ به .
_ كنت عارف أنك هترجعي بالمنظر دا .
لم تستمع اليه وقصدت غرفتها ، وقلبها ينبض بقوة .أشياء كثيرة تجول بخاطرها
( رامي فى الجامعة ، وكمان سيف .. ، إيه الغلب دا ياربي )
( بس سيف كبير ، مفروض أنه خلص ، ولا سقط زي أخوه ..)
( معتش هاروح )
( لا هاروح أنا مالى ) (مش هستفاد حاجه لو أتعلمت كدا كدا مش هشتغل )
( بس أنا عاوزة أعيش مش عاوزة أبقي حابسة نفسي)
(هو ليه أنا دايما جبانة ).
طوال الليل جالسة فى شرفتها ، شاخصة البصر ، تفكر وتفكر ، حتى جاء الصباح ، يرتسم على وجهها بنسماته المريحة .
****
وبعد مرور أسبوعا كاملا ، قضته فى غرفتها ، عرفت أنها إن بقت على هذا الحال ستموت عاجلًا .
فكرت أن ترجع الى الطبيب النفسي ، فلم تذهب منذ أسبوع.
ظلت تبحث عن حقيبة المال ، ولم تجدها .
فكرت فى أن أدم قام بأخذها ، فتنهدت وقامت لتقف فى شرفتها ، لتسمع صوت رامي من فناء المنزل ، وأدم معه.
فذهبت مسرعة تنزل من السلم الخشي ، وفجأة وقفت وهى تنظر الي نفسها فرجعت الى غرفتها حتى تعدل من ملابسها ، وتخفى نفسها جيدا .
وما إن انتهت ، خرجت مسرعة، لترى أدم واقفا أمام غرفتها ..
_ رجعتى الفلوس لرامي ..
دهشت ياسمين وهى تراه ينظر اليها بغضب ، ويتكلم عن المال. فقد اعتقدت انه من أخذه، لم تشعر بنفسها وهى تجيبه بتوتر .
_ أأه ..
نظر اليها بغرابة ممزوجة بحيرة ، وهو يتفحص ملابسها ، وقال
_ هه ، وانت فاكرة لما تخفى نفسك كدا ، مش هيبان من قصة شعرك ، ولونه دا ...،
... اسمعي اللى هقولك عليه ، أنسي انك تعرفي رامي دا تانى ، دا عشان مصلحتك .
كانت ياسمين تنصت اليه وعلى وجهها الضيق ، فقامت باغلاق الباب فى وجهه بعنف ، وعلى وجهها علامات الحيرة، فان لم يكن ادم من أخذ المال ، اذا من هو ..؟؟؟
حاولت ان تبحث مرة أخرى فى أرجاء غرفتها ، لكن الحقيبة مختفية تماما.
بقت تتنهد وهى تتقلب على فراشها ، حتى ساعات طويلة الى أن سحبها النوم الى طيات أحلامها .
وفى الصباح الباكر ، أستيقظت مبكرا ، بسبب طرق الباب المستمر .
وعندما قامت بفتح الباب وجدت عمها ناجي أمامها ، يطمئن عليها .
_ روحتى الجامعة ياياسمين
_ هاااه ، ااااه روحت ياعمى
_ وايه رايك ؟؟
توترت ياسمين ، فعين عمها تنظر اليها بترقب ، شعرت أنه يريد أن يطمئن عليها ويرى أنها سعيدة فأرادت أن تخفى مابها فقالت
_عجبتني ... اوى
_ كويس ياحبيبتي ... كويس ..
وبعد ان اطمئن العم ناجي على ياسمين ، خرج الى عمله
مبكرا بدون حتى ان يرى زوجته او ابنه .
وبقت ياسمين تنظر الى سقف غرفتها ، فلم تعد تطيق المكوث فى تلك الحجرة .
زفرت بقوة
وانتفضت تقف على قدمها ، وذهبت تتفحص ملابسها .
لايوجد ملابس ، مال ، اى شئ .
أرتدت ملابسها الخاصة بالرجال ، وخرجت من غرفتها بتوجس على أطراف أقدامها ، حتى وصلت الى بوابة المنزل .
دهشت عندما وجدت سيارة أدم تقف أمام بوابة المنزل ويشير اليها أن تدخل الى السيارة .
انقلبت قسمات وجهها وهى تنظر الى لبني وهى تجلس بجانب أدم ،و ترنوا اليها بسخرية .
هنا ،جاء بخاطرها وهى تراقب تصرفات لبني الساخرة ، أنها هى من أخذت المال .
كزت على أسنانها متوعدة لها .
ودارت بظهرها تخطوا الى الطريق ، بدون أن تعير أى إهتمام الى أدم .
فخرج ادم من سيارته وهو يبتلع غضبه بصعوبة ، وأمسكها من كم ملابسها ساحبا إياها الى السيارة ، فرفضت وحاولت أن تهرب منه ، فقام بحملها على ظهره وأدخلها سيارته ، تحت نظرات لبني المشتعلة .
_ ازاى تعمل كدا ، أنت نسيت . دي خنثي .
.....مينفعش ياحبيبي... .ممكن هى تفهم غلط .
هتفت بها لبني وقد وصل بها الحال الى البكاء ، فقد نهشت الغيرة قلبها بالأنياب الحادة ، حتى نزف بنيران حارقة .
لم يعطي أدم لها بالا فقد كانت عيناه تائهة عن العالم ، لاتعرف سوي طريق العيون الزرقاء .
وبرغم الضيق الذي يدور حول رأس ياسمين من أدم ، تلاشي بسرعة وهى ترى لبني مشتعلة من الغضب ، حتى إرتسمت على شفتاها بسمة خفيفة وأسرعت فى إختفائها .
شعرت ياسمين بطول الطريق وثقله ، وبدأت تختنق من تصرفات لبني وهى تتدلل وتفرد رأسها على كتف أدم .
_أففف
خرجت من ثغرها بدون قصد ،فانتبه لها أدم بعيناه التى تتسلل اليها شمس الصباح تزيد لمعتها ، وترتسم شفتاه بابتسامة تكشف أسنانه اللؤلؤية تعكسها أشعة الشمس ببياضها الناصع .
وقفت سيارة أدم الفارهة أمام الجامعة بجانب سيارات فخمة من الجيل الأجنبي .
نزلت ياسمين من السيارة منبهرة من هذا المدخل الفخم ، الذي يطل على البحر من الجانب الشمالى، كانت النسمات تمر الى شعرها القصير تجعله يتطاير حتى يخفى وجهها .
_ أستني ... عشان اوديكِ
_ ياأدم احنا مالنا ، هو اكيد هيعرف الطريق ويسأل اى حد.
قالتها لبني وهى تجذب أدم من جاكت بذلته الزرقاء .
فأمسك ادم يديها بقوة حتى يمنعها من جذبه .
وقال أسمها ياسمين ... بلاش تقولى هو دي تاني .
وروحي على المدرج انا جاي وراكِ .
قالها أدم للبني ، وهو يشير الى ياسمين ، حتى تذهب خلفه .
كانت ياسمين تنظر اليه باستحقار ، وتتنهد وهى تخطوا خلفه .. فى هذا الطريق الكبير ..
كلما كان يخطو خطوة كان ينظر اليها من الخلف ، حتى يرى ان كانت تخطو وراءه أم لا .
قام بالمشي ببطئ حتى يكون بجانبها ويتابع نظراتها الداهشة وهى ترنوا الى مبني الكليات داخل الجامعة والى الطلاب .
صدم وهو يراها بهذا الهدوء ، فقد كان خائفا إن كانت ستشعر بالزعر من وجود هذا الكم الهائل وخاصةً وهى تبدو فتاة .
وبعد ان قام بتوصيلها الى المبني ، قال لها
_ الساعة ثلاثة بالدقيقة تكونى واقفه هنا ، انت فاهمة ،
واعرفى،... تصرفاتك هتحدد ، حياتك هتبقي مريحة ولا صعبة معايا.
فى تلك اللحظه سمع صوت يهتف باسمه .،، فالتفت ينظر والرعب يغزو اضلاعه .
_ أدم ، كنت فين ياعم كل دا عشان ....
...... إسلام ....
...... أنت عامل كدا ليه ...
حاولت ياسمين أن تهرب فقد ملأ التوتر جوفها، وهى ترى زميل لها .. الشاب الذي يسخر منها دائما ، والذي هو رفيق أدم المقرب منذ الطفولة .
مسك ادم يدها حتى لا تهرب ، فأقبل هذا الشاب ينظر اليها بغرابة . وهو يقول
دا لما قالولى الاسبوع اللى فات انهم شافوك فى الجامعة ، وصابغ شعرك مصدقتش .
.. متسترجل بقي يلا ...
هتف أدم بغضب به ..
_ ياسمين ياسيد ، مش إسلام . ومتشغلش بالك بيها .
_ انت بتقول ايه يابني .. .فى تلك اللحظة هربت ياسمين ،بعد أن أبعدت يد أدم عنها بصعوبة .
وذهبت الى داخل المبني الذي أمامها .
حاولت أن تبتلع دموعها ،ولا تجعلها تهرب من عيناها ، حدثت نفسها
( دي البداية ، متعيطيش ، أنت قوية )
حاولت أن تعطي نفسها قدر كبير من الكلمات التى قامت بحفظها طوال الاسبوع .
لتقف قدماها بصدمة وهى ترى سيف أمامها .
أدارت ظهرها بسرعة وعندما تحركت قدماها لتهرب
(الى حد أمتي هتهربي ياسمين ، واجهي الناس كلها ، نسيتي حلمك ، نسيتي كنت بتقولى ايه ، هتعشي حياتك ازاى وانت بتهربي ومش قادرة تواجهي اى حد ، اقفى، اقفى )
_ عاوز اتكلم معاك ... تعال قالها سيف وهو يقف أمامها وينظر الى داخل عيناها .
_ مش عاوز اتكلم ، سبني لوحدي ،وابعد .
قام سيف برفع يده بتلك البطاقة أمام عيناها ، التى سقطت منها منذ أخر مقابلة بينهما .
شهقت وهى تنظر اليها ، فرفعت يدها مسرعة تسحبها منه ، لكن ، قام بخفيها فى جيب بذلته بجانب صدره .
ابتلعت ريقها وهى تخطو خلفه ، حتى وصل الى المبني الخاص بطلاب كلية تجارة .
أشار اليها وهو يقف أمام تلك الغرفة ، بلافتة المعيدين والاساتذة .
_ أعدى
رفعت بصرها اليه وهى تراه يتحدث معها كا أنثى .
فأردف بلهجة لم تسمعها منه من قبل .
_ أنت كنت بنت ، بصراحة فى البداية اتصدمت من حاجة زي دي ، هتصدقيني لو قولتلك أنى كنت بشوفك بنت ، مش عارف ليه .
..... كنت بحسك غريب ... ، دلوقتى ، حاسس انكِ طبيعية .
معرفش ظروفك كانت ايه ، بس متهربيش من حد تاني .
لا تعلم ماذا تقول فى هذا الموقف ، فرفعت عيناها اليه لترى أن نظرته لها متغيرة تماما عن السابق .
شعورا غريبا أحتل كيانها وهى تنصت الى كلامه ..
_ انت.. أقصد ياسمين ، انت فيك كل حاجة حلوة ياياسمين ، بس فية حاجة شغلاني ومستغرب منها .
لييه كل ماتشوفيني تضربيني ، لا بتكلم معاك بجد .
.....قالها وهو يبتسم ... ثم أخرج من جيبه تلك البطاقة الطبية وقدمها لها ..
_أنا اسف .. على كل حاجة
وعندما بسطت يدها لتأخذها قام بسحبها مرة أخرى
وأردف وهو يبتسم
_ اتمني تنسي اللى فات ، ونفتح صفحة جديدة ... هاااه ... ماشي .. ياياسمين .. ؟
كان ينطق حروف اسمها متلذذا بكل حرف ، بطريقة جعلت وجهها يتورد خجلا .
فاقتربت منه حتى تأخذ البطاقة لكنه ابعدها عنها، كأنه يريدها ان تقترب منه .... فقال لها
_ بنت زيك مفروض تلبس زي الاميرة ، ولا إيه ..
... نجحت فى المرة الثالثة بسحب بطاقتها من يديه ، وخرجت مسرعة من أمامه .. فقال مودعا وقد شعر بالتوتر من اقترابها منه ...
_ لو احتاجتي حاجه فى الكلية تعالي .. هساعدك ...
كان يتابعها وهى تجرى من أمامه، ويتذكر عندما ذهب الى اسم المشفى المذكور فى بطاقتها ، ويسأل عن معلومات تلك البطاقة ..
لا ينكر الصدمة التى تركته بها الممرضة بعد أن أخذت المال لكي تعطيه معلومات عنها ، بأنها كانت خنثي .
لكن أختفت الصدمة وهو يتذكر أن عيناها كانت دائما منكسرة حزينة .
أشفق عليها كثيرا فقد كان دائما عنيف معها ، وشعر بالراحة أيضا من هذا الشعور ، وسخر من نفسه وهو يرى أن عيناه كانت تشعر بها .. وتعرف ماتراه .
لكن عقله كان غبيا.
***
لايعلم بأن كلماته تركت أثرا طيبًا داخلها ، جعلها تتقوى بها ، جعلها تبتسم ... لأول مرة تهرب من عيناها دموع السعادة ..
بأن يعترف رجلا بأنوثتها .. وليس هذا فحسب . ومن سيف ، الشاب الأكثر بغضا ..
تساءلت هل سيكون رد فعل رامي مثله ... ؟
ذهبت مسرعة الى مبني جامعتها ، لأول مرة تشعر بحماس ، لأول مرة ترفع رأسها .
تنظر الى الجميع ، لترى نظرات الجميع لها ،التى كانت تخشاها ، ماهى الا نظرات إعجاب .
دخلت الى المحاضرة الاولى ، الثانية ، الثالثة ، ونست تماما ان الساعة تجاوزت الخامسة مساءًا
خرجت من مدرج المحاضرة لترى أن الشمس تذهب مودعة ، ويظهر القمر على سطح السماء .
قصدت موقف الحافلة ، والبسمة تعلو شفتاها ، وبعد ان وصلت الى البيت .
بقت فى غرفتها أربع ساعات من السعادة والهدوء أمام مرآتها .
ظهر صوت طرق الباب مباغتةً بعنف ، قامت تفتح الباب ، لتجد أدم بعيناه الغاضبة ..
_روحت فييين
...... أنطقى .... كنت فين ....
شعرت ياسمين بالخوف من عيناه ومن صوته المرتفع .. فقالت بتوتر
_ كنت .. فى الجامعة ..
_ انا قولت لك ايه ...
_ ما أنا ملقتكش ... فروحت
_ كذابة .... يعني عاوزة تفهميني أنك ركبت اتوبيس ...
ركبت فين ... وجنب مين ...
كان أدم يتحدث بسرعة وغضب ،حتى شعرت ياسمين بالخوف من أن يقوم بتعنيفها . فابتعدت عنه تدخل الى غرفتها وتوصد الباب خلفها ، لكنه، دخل وراءها ..
وعندما شعر أدم بخوفها وارتعاشة شفتاها .
حاول كتم غضبه ، وخرج مبتعدا عنها .وهو يزفر بشدة .
*****
ظلت ياسمين تبكي طوال الليل ،على مابدر من أدم ، وشعورها أنها تحت رحمته ، فعمها أكثر الأوقات خارج المنزل .
وتمضي الايام
كلما تريد أن تخرج من البيت يتأسف لها العم عبده ولا يفتح لها بوابة المنزل .
واستمر أسبوعا كاملا على هذا الحال .
حتى جاء العم عبده يخبرها أن هناك رجلا يريد رؤيتها ، فذهبت مسرعة إليه لتجد انه رجلا غريبا يعطي لها صندوقا كبيرا أبيض بشريط ذهبي وباقة ورود زرقاء يخرج منها عطر فواح ينعش القلوب ، ويخبرها أن تقوم بالتوقيع على استلامه فى ورقة .
أخذت الصندوق الكبير تحمله بصعوبة ، وترفعه الى يدها. ، فلمحت أدم وهذا الشاب الذي يرتدي ملابس رياضية ينظروا اليها .
فأسرعت بالذهاب الى غرفتها حتى لايتبعها أدم .
وضعت باقة الزهور على فراشها بعد ان لثمت عطرها ، وتعجبت من جمالها .
وأسرعت بازالة الشريط الذهبي بصعوبة من الصندوق ،فضولها يشعل قلبها وعقلها .
رفعت غطاء الصندوق بفارغ صبر ، لينعكس داخل عيناها ، فستانا ورديا مع نقشة ورود حمراء صغيرةعلى طرفيه ، وفستانا أبيض هادئ .
اخرجتهما من الصندوق الكبير بعيون مسحورة لهذا الجمال ، وضعت الملابس على جسدها لترى انهما يتناسبان مع طولها وجسدها ، ذهبت مسرعة لتنظر الى باقي الحاجات فى الصندوق ، لترى علبة حمراء على شكل قلب ، فتحتها مسرعة ، لتجحظ عيناها وهى ترى ملابس داخلية شفافة بلون الابيض ، شعرت بسخونة وجنتيها تلتهب بحمرة الخجل .
أقبلت تفرغ محتويات الصندوق ، اكسسوارات نسائية براقة ، زهور حمراء فى كل مكان ، وفى نهاية الصندوق ، وجدت جواب ..بجانب حذاء أحمر لامع .
رفعته بسرعة أمام عيناها تقرأ مافيه
( الزهور لا تعيش الا فى مكان رطبًا بالمحبة يملك رائحتها ، وهذا المكان فى قلبك فقط ، فهل تقبلي ياأميرتي )
_ معقول ... يكون .... سيف
...... لا مش ممكن .... بس هو قال.. انى ...... لا لا
أومال مين ....
قالتها والابتسامة على وشك ان تمزق وجهها من كثرة السعادة ...
_ ياتيييت ياسيف ... هدوم داخلية ..
.... لا وكمان على قدى ..... لازم أحذر من الولد دا ...
لم تستطع أن تغلق عيناها من فرط السعادة ، وخاصةً من عطر الزهور الزرقاء .
كلما يمر بعض الوقت ،تذهب وتبحث عن الملابس تخشي من أن يكون حلما جميلا وتستيقظ على أختفاء كل شئ .
كانت الابتسامة تتوج شفتاها ،وترسم داخل عيناها بخيوط السعادة .
_ أول مرة فى حياتي أكون سعيدة كدا ... انا بجد فرحانة .
غلب النوم عيناها وفى أحضانها الزهور الزرقاء ، ليأتى الصباح مصاحبا لزقزقة العصافير التى تقف على شرفتها ، فكان عطر الزهور مناديا لها .
تثآبت وهى تشعر بخفة جسدها ، وقامت على خزانة ملابسها تنظر الى الاكسسوارات ..
جاء العم عبدو يخبرها ، أن تهيئ نفسها لذهاب الى الجامعة ، وان أدم سينتظرها فى الخارج .
مرت ساعتين كاملين تنظر الى مرآتها ، التى أصبحت تعشقها أكثر وهى تنظر الى نفسها .
كانت المرة الأولى التى ترى فيها جمال عيناها ، وشفتاها ،وقوامها ، وضحكتها ..
وضعت زهرة زرقاء داخل شعرها القصير الاحمر ، وارتدت قرط الاذن الطويل ، حمدت الله انه من النوع المضغوط فهى لم تثقبهم أذناها بعد .
اختارت اليوم الفستان الأبيض بأكمام واسعة . وارتدت حذائها الاحمر الخفيف .
خرجت من بوابة المنزل ،لتهب إليها نسمات الخريف ترحب بها حتى جعلت ملابسها تتطاير مع شعرها ..
نظرت اليه بعبوس وهو ينتظرها فى سيارته فتمتمت
_ كويس ان لبني مجتش ، هفففف هحاول اتجنب اي نقاش معاه ، انا عاوزة احافظ على شوية الفرح اللى فيا .
لو تم سحره من كافة ساحرات الدنيا ،لن يتم سحرة بتلك الطريقة التى ينظر بها اليها .
كأن عيناها عالمًا شاسعًا ،يرحب به ليسكن داخلها .
كأن عبيرها يعانق أنفه بنعومة ،يسمح لقلبه باستنشاقه رويدا ... حتى يزف داخل عروقه بمشاعر لم يعد يستطيع أن يُخفيها .
خرج من سيارته ، يخطوا اليها، ليأتى صوت ينتشله من رسم عالمه الخاص معها ، ويتلطخ ألوان أحلامه
_ إسلام ...
هتف بها صاحب العينان المتمردة الزيتونية ،ليصب داخلها بالرعب وهى تلتفت اليه ...
...يتبع .....

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close