رواية طليقي ولكن الفصل الثامن 8 بقلم سامية صابر
الفصِل الثامِن/ نَدِم_ طَليِقي ولكِن ..
"كفاك ندماً وحسرةً .. قدِ رحلَّ الحبيب وإنتهى".
____
عَاد أنس الى نور التى تجلس بضيق فهى لا تفهم فى امور العمل ولا تُحب تلك الأجواء لكنها مُجبرة، فقد خشت البقاء بمُفردها فى المنزل ، وقف أنس امامها قائلا
=تعالى معايا..
امسك يديها برقة وأخذها الى الخارج وهى فقط اتبعتهُ دُونْ خوف فهى تطمئن معهُ رغم انهُ لقاء واحد فقط الا انها اطمئنت تلقائي، الاهم مِن حُبك لأحد شعورك بالامان والاطمئنان معهُ ،وهذا الشعور يكون من اللحظة الأولى تجاه الاشخاص..
وقفوا فى الخارج فى الشُرفة، فقال بإبتسامة
=انا عارف انك مش بتحبى الأجواء دي .. وعلشان كده جبتك برا ،تقدرى تاخدي راحتك هنا..
هزت رأسها وهى تبتسم ونظرت الى السماء وعينيها مليئة بالدموع ، قال لها بتساؤل
=مالك زعلانه ليه ؟
شاورت لهُ انهُ قد يمِل من الجلوس معها ،لانها لا تتحدث وطُوال الوقت صامِتة، فقال وهو يبتسم
=مش مهم نتشارك الصمت سوا مفيش مُشكلة..
أخرج هاتفه وقال لها بخٌبث
=بصي انا حاسس انى الواد المرسوم ده انا..
احمر وجهها بشدة فقد شاركت الصورة فى أحد جروبات الرسم ونالت اعجاب كبير ، وهو تعمد الدخول الى الجروبات الخاصة بها ورأى رسومتها، وتفاجيء برسمة امس ولكن لوهلة شعر بالسعادة، خجلت هي بشدة وأرتبكت مُحاولة الابتعاد امسك يديها قائلا بنبرة دافئة
=لأول مرة احس انى حِلُو أوى كده .. رسمتك جمَّلت ملامحى..
نظرت لهُ بخجل ثُم ابتسمت بعدها، ليجذبها هو قائلا
=تعالى نتناقش فى الرسومات دي .. نفسك تطلعى رسامة؟ ولا موهبة..
اشارت انها موهبة، ف بقي يتحدثان عن الرسومات وحدَّثها هو عن كيفية تنمية تلك الموهبة واخذهم الوقت دُون ان يشعرا، ما اجمل شعُور العثور على شخص تنسجم معهُ ..
____
عاد فاروق الى رميم بعد مرور ساعة، ليقف بجانبها قائلا ب أسف
=آسف على التأخير جداً .. كُنت بعمل حاجة مُهمة.
=لا ولا يهمك يا فاروق بيه .. بس اظُن كده الحفلة خلصت هننهيها ولا إيه ؟
=طبعاً اللى تشوفيه..
هزت رأسها وتحدثت مع عزيز وأنس لانهاء الحفلة ، وانتهى الحفل بالفعل وعاد كُلٍ منهم الى منزله بعد حفل طويل مُختلط مع مشاعرهم العجيبة ..
____
مَرَّ ثلاثة اشهُر، تقرَّب أنس ونور بدرجة كبيرة جداً ولكن لا أحد يوضح مشاعره للأخر حتى الان ،كما ان فاروق عمل مع رميم لفترة طويلة وازداد تعلقهُ بها ورغبته بها ، لم تتوقف المشاكل بين فهد وايلين بل وصلت لحد الذروة، كما ان فهد شعر بالغضب الشديد من نفسه ومنها وكم ودَّ لو تم الطلاق بينهم حتي يرتاح كليهما، بينما انشغلت رميم فى عملها محققة نجاح عالى ، ولم يتوقف قلبها للحظة عن الدَّق لفهد وعقلها دائم الاستمرار بهِ ، مهما حاولت جاهدة نسيانها يبقى عالِقْ بالذاكرة مهما توصل بهم الأمر ...
اليوم يوم اعلان المشروع الخاص بفاروق ورميم فى عالم الاعمال وخصوصاً عالم الذكاء الاصطناعى، اثناء الحفل الكبير المليء برجال الاعمال والأشخاص المهمة، كان فهد يقف مع ايلين وفاروق لا يوجد بينهم قبول ولكن من اجل العمل وكان عزيز وانس يقفان ايضاً، دلفت رميم بفُستانها الأحمر الرقيق وأظهر مفاتِنها بشدة مما جعل الجميع يُطالعها، وكذالك نور ولكنها كانت بسيطة جداً لأبعد حد ومعهم صديقة رميم "جنة" كانت تتألق فى خطوتها..
اقتربت رميم منهم مُبتسمة ل فاروق قائلة
=فاروق بيه.. عامل ايه..
لامس كفيها بإبتسامة شاغِفة، راقبهم فهد بضيق وقد وصلَّ التحمُل عنده الى النهاية ،فقال بغضب واضح
=ممكن كفاية سلامات وننتبه علشان العرض هيبدء ؟
قالت رميم وهى ترفع حاجبها للأعلى
=اظُن حاجة تخُصنى، انا إللى هعلن العرض مش إنت ..
تركتهم ورحلت تتجهز للعرض وقفت على الساحة العامة وبدأت فى سرد المشروع الجديد وما هى تطوراته، كانت حقاً جميلة سيدة أعمال تتألق، انتهت بقولها
=أتمني المشروع يكون مُفيد ويعجبكُم، واللى كان شريكى استاذ فاروق ..
صعد فاروق بجانبها وشكر الجميع وظل يتحدث بعض الشيء عن المشروع وانتهى بقوله
=وانا النهاردة قُدام الكُل حابب اشكُر رميم هانم .. وعندى ليكُم وليها مفاجأة بسيطة ..
انخفضت الاضواء قليلاً، وانحنى فاروق يجلس على رُكبتيهِ وفتح علبة بها خاتم ألماس وقال بإبتسامة
=وسط نجاح مشروعنا ده .. تقبلى الجواز بيا ؟
صُعقت رميم من عرضهُ عليها ، ولم تستطيع الإجابة، فى حين رمقهم فهد بغضب وصعد الى الساحة قائلا
=كفاية سخافة.. عرضك مرفوض.
امسك يد رميم وجذبها بقسوة وغادر الحفل وسط دهشة ونظرات الجميع، حاول عزيز تفادى الموضوع واعاد الحفل كما كان وطلب من فاروق الانتظار رد رميم افضل فى حين غضب هو من فهد وتصرفاته وقرر انهُ لن يستطيع الاقتراب منها الا اذا انتهى من فهد نهائياً ...
أفلتت يديها بقسوة من أيدى فهد قائلة
=انت مين علشان ترفض العرض اصلاً .. انت بتتدخل فى حياتى بصفتك ايه يا فهد؟
=بصفتي كُنت جوزك يارميم، هدَّخل وهفضل أدخل ممنوع جوازك منه لا هو ولا اي راجل على وجهة الأرض.. فاهمةةة
قالها بصوت عالى، ف أكملت وهى تبتسم بسخرية
=كُنت بقا ،فعل ماضي، وبعدين انت لسه فاكر اننا كُنا متجوزين اصلاً انا كُنت بالنسبة ليك لعبة أو جماد فى البيت ،يمكن كُنت بتعامل الادوات احسن منى وقتها، دلوقتى ندمان صح..؟ مش مبسوط مع ايلين.. كُنت عارفة، لانها مش شبهك ولا زيك ولا عُمرك هترتاح معاها، وانا كُنت فاهمة انك هييجى يوم وتندم وتحِس بقيمتي، بس جه بعد فوات الأوان، انا مش رميم بتاعت زمان دلوقتى انا انسانة تانية خالص، ابعد عنى خليك فى حالك وابعد عنى..
حاولت الرحيل أمسك بكفيها بإصرار، انتهى الكلام نسبتاً لهُ، لا يعلم ما عليهِ قوله ،لكنهُ حقاً يشعر بالندم لخسارتها من بين يديهِ، لماذا خسرها؟ ابتعدت مرة أخرى قائلة
=انت عامل زى الطفل، اللى كان معاه لعبة ملكه وبتاعته يقدر يعمل فيها اللى نفسه فيه ،بس كان عايز لعبة جديدة وجت اللعبة الجديدة بس طلعت مُغرية من برا ، ومن جوا مالهاش اى قيمة، واكتشف انى اللعبة القديمة احسن واحلى بس راحت من ايده وبقت لغيره ، ووقتها انت غيرت وندمت، إياك يا فهد تقرب منى تانى أو تفكر حتى مُجرد تكلمنى، كُل حاجة بيننا انتهت، ده لو كان فيه حاجة اصلاً ...
غادرت وهي تمسح دموعها بينما يقف فهد وكلامها يتردد فى عقله هى مُحقة، وهو لا يستطيع أن يأتي بكلام قط..
خرج عزيز اليهِ قائلا
=فهد تعالى بسرعة.. ايلين اُغمى عليها ..
=نعم.. هو ده وقته يارب.
ركض مع عزيز الى الداخل ليعلم ما بها ايلين ، بينما فى طريقها وهى تمشي، توقف امامها فاروق الذي قال بأسف
=انا اسف يا رميم انا..
قالت بتنهيدة
=مُمكن توصلنى للبيت.. وبعدين نتكلم لانى مش قادرة أتكلم دلوقتى.
هز رأسه ودلف بها الى السيارة، لتسند هى رأسها على الزُجاج، ظل يُفكر قليلاً ولا يوجد امامه حل سوى اللجوء إلى العنف وجبرها على الزواج منه، قام بمسك رأسها مرة واحدة وضربها فى السيارة من الامام لتصرخ هى بألم، كرر الحركة عدة مرات لتفقد وعيها، قال بخوف وهو يُملس على رأسها
=انا.. انا اسف يا حبيبتى.. اسف .. بس انتِ اللى أجبرتينى على كده.. مش هينفع تبقى ل فهد لا مينفعش...
مَلس على وجهها وزاد مِن سُرعة السيارة بعيداً.