اخر الروايات

رواية قرار حازم الفصل السادس 6

رواية قرار حازم الفصل السادس 6


 ليلا قبل الخطبة


ليلا....عندما نلجأ الى انفرادنا ....عندما تخبو الالسنة وتصدح اصوات عقولنا...نفكر ،نحلل،نشرد،نخاف....فنعود لنجد ان الاصغاء الى الاخرين اقل تعقيدا من الاستماع الى عقولنا.

بعد دقائق من الصمت ...بينما تتوسد صدر زوجها ككل ليلة...فيما هو الاخر شارد ...فجأة همست سعاد بخفوت: أحمد!!...هل قرارنا صائب ؟!..رنا ابنتنا الوحيدة والزواج ليس موضوعا هينا ..انه مستقبل ابنتنا الذي ستشاركه مع رجل لاتعرفه ولانعرفه نحن جيدا.

بقي احمد شاردا للحظات...حتى ظنت زوجته انه لم يسمعها...الى ان اجاب بثقة فيما ينخفض ببصره نحو سعاد ويحدق اليها بتأكيد ونبرة حانية: لاتخافي عزيزتي...انا احرص الناس على سعادة ابنتي ولن ارميها في الخطر او التعاسة بيدي...هذا الشاب حازم يذكرني بنفسي...وجدت في عينيه واصراره على رنا نفس الشعور الذي تملكني منذ رايتك اول مرة حبيبتي...كوني على ثقة انه سيسعد ابنتنا ولكن عليه ان يكسب قلبها اولا ....لهذا لقد وضعتهما على اول الطريق و باقي الرحلة تعتمد على كليهما فقط.

لطالما كان لزوجها العصبي الغيور بعد نظر وتقدير حكيم للامور...لهذا رغم قلقها كأم على ابنتها الوحيدة....الا ان ثقتها في قرارات زوجها مدتها بالكثير من الطمأنينة...فعادت سعاد تبتسم بمكر خفية وتحشر نفسها اكثر في صدر زوجها ...لتهمس بعد لحظات: فهمت الان!!!....لهذا رفضت كريم لانه يذكرك بوليد اليس كذلك؟

وصمتت تطبق على جفنيها بتسلية ...تنتظر ذلك الزئير الغاضب الذي وصل الى مسامعها بعد ثواني...فيما أحمد يزمجر بحنق ويشدها اليه أكثر ...يأسرها بتملك بين ذراعيه: سعاااااد !!!

اجابت سعاد برقة كاتمة ضحكتها بصعوبة بينما تحيط ظهره بكفيها : نعم زوجي الحبيب...لقد فضلت وليد عليك لانني احبك انت وساظل احبك دائما زوجي.

هدأت ملامح أحمد قليلا واردف بخشونة وهو يريح ذقنه على رأسها : وانا سأظل اغار عليك دوما زوجتي.
ليبتسم معا بعدها ويعودا الى نفس الشرود السابق.

متجهم...متجهم...متجهم...يتكئ على سريره متجهما...زافرا انفاسه بحنق...متجهم يمسك بهاتفه محدقا اليه
بكثير من الغضب و القليل من الندم...ولكن لايزال متجهم.

همس حازم بحدة يطالع هاتفه بيقين: لن تجيب....انا أكيد انها لن تجيب.

ثم اضاف ببعض الندم ونبرة متأثرة: تبا لك حازم...هل كان عليك ان تصرخ عليها وغدا خطوبتكما...هل تنقصها مبررات اخرى حتى ترفضك اكثر!!

ليردف بعدها بغيرة وملامح شرسة: لكني لا اتحمل ان تكلم او تنظر الى سواي...لااااا اتحمل.

وعاد يحدق الى هاتفه مقطبا حاجبيه بتفكير...ليبتسم فجأة ويشرع في ارسال رسالة نصية ...سبيله الوحيد ليوصل الى رنا كلامه.

شاردة...شاردة...مستلقية على فراشها...شاردة في السقف بقلق...بخوف...شاردة في هذا الحازم ...لاتعرفه...لاتفهمه.

ثم تميل بوجهها نحو هاتفها الملقى بجانبها وتهمس بحنق : ذلك الفظ!!!...طبعا لن يتصل ليعتذر .
لتضيف بنبرة حادة وملامح عابسة:ذلك المتسلط... اصلا لن اجيبه حتى لو اتصل.

والتقطت الهاتف في نفس اللحظة مع وصول رسالة نصية ...فارتبكت وكادت توقعه ...ففتحتها لتجد :" هل ستجيبين علي ان اتصلت بك الان رنتي؟"

بقي حازم ينتظر للحظات طويلة....يرمق هاتفه بحدة كلما طال الوقت ولم تجبه رنا....الى أن انتفض فجأة على وصول ردها....فابتسم بسعادة قبل ان يفتح الرسالة

حدقت رنا الى الرسالة بغل وعادت تجيبه برسالة هي الاخرى مبتسمة بشماتة :" لا"

" لا"...بقي حازم يحدق الى الكلمة الوحيدة ببلاهة و صدمة ....قبل ان تعود ملامحه للتجهم ...نافثا انفاسه الهادرة بسخط ...ليعود و ينقر من جديد باصابع خشنة تكاد تحطم هاتفه" لمااااااااذا"

ولم تجبه متعمدة ....وهي تستمتع باغاظته وكلمة " لمااااااذا " تشفي غليلها منه...مدركة بيقين انه هناك ينتظر جوابها بفارغ صبر ولم تخطىء....فحازم كان يعد الثواني ...يتململ في فراشه بحنق....بينما رنا تتمطى في فراشها بتلكؤ ...وتبتسم بشيطنة فيما تمسك هاتفها وتحدق الى رسالته مستمتعة بغضبه.

وبعد دقائق ...عادت ترسل اليه جوابها على ال "لمااااذا "خاصته...بينما تبتسم بتسلية :" لانني سأتصل بكريم قريبي الذي مسحت رقمه من هاتفي اليوم ولكن لحسن حظي أنني أحفظ رقمه عن ظهر قلب"

انتظر طويلا حتى ظن انها لن تجيب فعبس بتجهم...قبل ان تشرق ملامحه على جملتها الطويلة دون ان يتمعن في معناها حتى...لكن اشراقة ملامحه لم تدم سوى ثواني وهو يطالع جوابها المستفز ...يجد كلمة كريم في هاتفه هو ومنها هي ...لتستبد به غيرة قاتمة ..فتتوحش نظراته و يتهدج صدره بانفاسه العالية الهادرة ...يضغط على اسنانه يكاد يحطم فكيه من شدة الغضب...هذا البعد و المسافات هي السبب والا ماكان سيسمح لها ان تخط باناملها الرقيقة اسم رجل غيره على هاتفها لترسله اليه ...يكاد يحطم هاتفه وهو يقبض عليه بحنق...الغيرة تحرقه من مجرد تفكيره انها كانت تحدث ذلك السمج من قبل وربما كانت تبتسم له وتمازحه عكسه هو الذي لا تمنحه سوى ملامحها العابسة...لماذا اعجبت بذلك السمج ولا تتقبله هو؟...لكن هذا لايهمه .

همس حازم بحدة مبتسما بشراسة ...يحدق الى رسالتها الاخيرة : هذا لايهم رنتي...الاهم أنك غدا ستكونين رسميا وعلنا خطيبتي انا....ولن اسمح لك او لاي رجل بان يقترب منك.

فعاد ينقر باصابع ثابتة يرسل اليها جوابه ....بينما يبتسم بمكر وهو يعلم كيف يرد لها استفزازها له" سأحبسك في أجمل كوخ على قمة اعلى جبل... اين تنعدم شبكات الاتصال....وعندها لن تكلمي سواي ...بل ستكلميني انا فقط ووجها لوجه ايضا...وأريني ماذا ستفعلين حينها رنتي"

حدقت رنا بغضب برسالته واجابته بحنق ...قبل ان تغلق هاتفها وترميه بعيدا:" سأدفعك من اعلى ذلك الجبل وارتاح منك "
ورمت هاتفها ...لتعود وتحدق بقلق ...هامسة بحنق : غدا ...غدا ستتم خطبتي لهذا المتسلط .
وبقيت شاردة طويلا...تتقاذفها العديد من الافكار ...تستعيد كلام والدتها وصديقتها سمر ...علها تجد مخرجا من هذه الخطبة ...وتلك العلاقة الفضية الصلبة خاصته تستفزها هناك مرمية على الارض تلمع باغاظة من انعكاس ضوء القمر عليها ...توصل لها كلام صاحبها انه هنا وان لم يكن موجودا.

قهقه حازم بتسلية وهو يقرأ جوابها ...ليقوم بعدها بالاتصال برنا ليتأكد من يقينه...فوجد هاتفها مغلقا....مؤكدا له انها لن تحادث كريم بل استفزته فقط لتغضبه...فوضع هاتفه جانبا وابتسم بشراسة يهمس بظفر : غدا ....غدا رنتي ...ستكونين لي امام الجميع.

وعاد يمسك بعلاقتها بين اصابعه ...يهز اجراسها الصغيرة يستمتع برنينها ...قبل ان يخلد للنوم وهو يحتضنها .

******* ********
صباحا
يستيقضان باكرا معا...احدهما يتمطى بسعادة ويقفز من سريره بحماس ...والاخرى تتشبث بفراشها وتريد ان تهرب من هذا اليوم.

بعد ساعة...نزل حازم من غرفته بكامل اناقته ليقف متسمرا مكانه من حديث والدته وخالته رباب

رباب بامتعاظ وملامح متجهمة: اي خطبة هذه يامريم!!!....الم نتفق اننا سنزوج ولدينا لبعضهما.

اجابت مريم بحرج : وانا كنت اريد ذلك رباب....لكن حازم فاجأني بخطبته لهذه الفتاة التي لااعرف متى وكيف تعرف عليها...ولماذا يستعجل بالخطوبة هكذا وهو الذي ركضت خلفه لسنوات حتى يتزوج.
مطت رباب شفتيها بسخرية وهتفت بغل ...تحدق نحو مريم بمكر: خطوبة خلال يومين فقط!!!....لابد ان هذه الفتاة اغوته ومن يدري ربما ......

"خالتييييي!!!"
هزت زمجرة حازم الصالة حيث تجلس الشقيقتين...فقطعت رباب جملتها وهي تلتفت بتوتر مع مريم نحو حازم الذي هب نحوها بخطوات سريعة ...ليقف بينهما ويوجه نظره الى خالته تحديدا...يحدق اليها بعيون حمراء حانقة ...ويجيب بنبرة حادة وملامح محتقنة : خالتي ...انت ام لفتاة ولن يرضيكي ان يطال سمعتها شبهة او اساءة ...لهذا لا تقذفي بنات الناس.

وعاد يطالع بعتاب امه الصامتة المحرجة ...ثم يوجه كلامه لهما معا بصرامة : انا من سيختار شريكة حياتي...وقد احسنت الاختيار وهنا ينتهي الموضوع .
ليضيف وهو يحدق الى والدته متجاهلا خالته : سنذهب مساءا الى منزل عائلة السيد أحمد لنطلب يد ابنته المصون .

ثم تركهما وتوجه خارجا بهيبة ...بينما الشقيقتان تحدقان خلفه احداهما بحرج والاخرى بغضب.
************* **********

وهناك في غرفة رنا...هذه الاخيرة التي رفضت ان تنهض من فراشها...لاتزال قابعة هناك ...تتطلع بحنق نحو السقف....وتتمسك بملائة السرير ...لتختفي اسفلها ما إن طرق الباب .
دخلت سعاد وما رأت رنا تختبىء تحت الغطاء حتى ابتسمت بتسلية ادراك لسبب ذلك...وبهدوء اغلقت الباب واقتربت من الفراش...لتجلس عليه وتقوم بازاحة الغطاء برفق مبتسمة بحنان
سعاد بنبرة حانية: الن تنهضي رنا؟...يجب ان تجهزي نفسك لحفلة خطوبتك ابنتي.

رفعت رنا نفسها لتجيب بعبوس وصوت ساخط : أمي....لا احتاج لتذكريني بمأساتي لهذه الامسية....اي تجهيز وانا غير متحمسة بل رافضة لهذه الخطوبة من الاساس.

اخذت سعاد تحدق الى عبوس ابنتها باشفاق....لتعود وتجيبها بحماس مبتهجمة الملامح : صغيرتي...سأكرر لك ماقلته سابقا....والدك لن يجبرك على الزواج من رجل لاتريدينه...وكما اخبرتك لكل رجل مفتاح تكسبينه به واخر تخسرينه به.

ثم اضافت بايحاء وهي تقف لتغادر: ابنتي تشبهني واعلم انها ستجد المفتاح المناسب لها....انهضي صغيرتي واستعدي للمواجهة .

وغادرت تاركة رنا تحدق خلفها بشرود قبل ان ترتسم عليها ملامح غامضة ...وهي تترك الفراش بملل وتتوجه نحو الحمام .
********** ************
في مكتب أحمد
دلفت سعاد بملامح قلقة ...لاحظها أحمد ليهتف باهتمام ....وهو يتوجه نحوها بسرعة : ماذا هناك عزيزتي؟ ...لماذا هذه الملامح المتجهمة؟

ارتمت سعاد في صدره ....محيطة ظهره بذراعيها وهمست برقة مقطبة الحاجبين بتفكير: رنا يا أحمد!!....يفترض انه اجمل يوم لها ولكن الفتاة حزينة....انا قلقة جدا عليها عزيزي.

ضمها اليه احمد بشدة واجاب بثقة : لاتقلقي عزيزتي...ثم انها خطوبة فقط ...صحيح انني اريد لها هذا الشاب ولكن ان اصرت على رفضه وفشل هو في كسبها فلن اجبرها عليه....لهذا لاتقلقي عزيزتي...رنا ابنتي انا ايضا واريد سعادتها.

وبقيا صامتين للحظات قبل ان يطرق الباب...لتدلف الخادمة وتهتف برسمية: سيد أحمد ...سيدة سعاد...لقد وصلت بعض الاغراض والعاملين .
حدق احمد وسعاد الى بعضهما باستغراب ليهمسا معا باستفهام: اي اغراض واي عاملين؟!!
ليضيف احمد برسمية وملامح جادة : سنلحق بك بعد قليل .

بعد نصف ساعة...طرقت سعاد الباب وولجت نحو غرفة رنا للمرة الثانية ولكن رفقة فتاتين .
التفتت رنا لتجد والدتها تدلف رفقة هاتين الفتاتين فهتفت باستغراب بينما تبتسم برقة نحوهما: ماذا هناك امي!!

ابتسمت سعاد بتوتر ....واقتربت نحو ابنتها بعيدا قليلا عن الفتاتين ....تجلي حنجرتها لتهمس بخفوت ونبرة مرتبكة تكتم ضحكتها : احم ..صغيرتي....السيد حازم ارسل المزينة ومصففة الشعر خصيصا لك حتى لاتتعبي وتخرجي من المنزل ...وارسل اليك هذه العلبة كذلك.

بقيت رنا تحدق الى والدتها بعدم استيعاب للحظات ...ثم اجابت باندهاش: ماذا!!.
وكادت تصيح بالرفض عندما رن هاتفها فجأة ...فتطلعت اليه لتحتد ملامحها وهي تجد حازم يتصل .

قاطعتها سعاد تربت على شعرها بحنان ...هامسة بمهادنة : ابنتي ...الفتاتان لتساعدانك ...لاذنب لهما في عراكك مع الشاب.

امسكت رنا هاتفها واجابت والدتها بتفهم زافرة بحنق: ابقي معهما للدقائق امي ...ريثما اجيب على هذا المتسلط.

واتجهت نحو الحمام ...تاركة امها والفتاتين يبتسمن بتسلية خلفها....وما إن دلفت الى داخله حتى اغلقت الباب بغضب...تفتح الخط هاتفة بغيظ: من تظن نفسك؟!!
جالسا باريحية على احد المقاعد في حديقة سراياه بالعاصمة....يرتشف قهوته بتلذذ....مستمتعا بهذا الشعور التملكي....ابتسم حازم بتسلية واجاب برخامة : صباح النور رنتي...ما أجمله من صباح على صوتك الناعم...انا لا أظن... أنا أأكد لك أنني زوجك المستقبلي .

صاحت رنا بحنق تكاد تحطم الهاتف : انت لاتطاق يا سيد...كيف تجرؤ على ارسال الفتاتين لي ...هل ستتحكم بمظهري ايضا!!!

عاد حازم يرد عليها مستمتعا بغضبها : هذا بدل ان تشكريني ...لاني جنبتك معاناة الخروج للمزينة ومصففة الشعر.
ثم اضاف باستفزاز : لقد ارسلت لك فستان الخطوبة ايضا رنتي.

كزت رنا على أسنانها بغيظ ...بينما يحتقن وجهها بشراسة واجابته بحدة : هل ستلبسني على هواك ايضا ايها المتسلط!!

اجابها حازم بعبث :وانزع عنك ملابسك ان لم تعجبني ايضا رنتي....مع انني سانزعها ايضا عندما تعجبني .

احمرت ملامح رنا من ايحاءات حازم الجريئة ...وهمست بارتباك ونبرة حادة قبل ان تقفل الخط في وجهه: عديم الحياء!!

قهقه حازم بتسلية ليعود بعدها نحو الصالة اين تجلس والدته رفقة خالته وابنتها....اما رنا فبقيت تسترد انفاسها لدقائق ...قبل ان تخرج من الحمام وتتوجه نحو الفتاتين ووالدتها.

اقتربت سعاد من رنا وهي تحمل علبة كبيرة ...ادركت هذه الاخيرة انها الفستان الذي اخبرها عنه حازم...فاحتدت ملامحها بغضب ...فيما همست سعاد باحراج من الفتاتين اللتان ترمقان رنا باستغراب : الفستان رائع ابنتي.
ثم اضافت بينما تناول رنا مغلفا وتبتسم بتسلية : هذه الرسالة من حازم وأكد على ان تقرئيها.
زفرت رنا بسخط واخذت الرسالة من والدتها تفتحها بعنف...تقرأ مقطبية الحاجبين :" رنتي...ارجو ان ترتدي هذه الفستان الذي اخترته لك الليلة ...اما ان ارتديت غيره فسيسرني ان تتأنقي لاجلي بفستان من اختيارك"

زمت رنا شفتيها بحنق...وكلا الحلين يقع في مصلحة حازم...وهي التي قررت منذ لحظات انها سترفض فستانه...فزفرت بسخط رامية الرسالة في احد الادراج والتفتت نحو والدتها تهتف بحدة وملامح عابسة: سأجهز نفسي لحفلة الليلة امي.

اجابت سعاد بحنان وهي تمسك بذقنها بود : حسنا صغيرتي...سانزل الان لان اقاربنا سيبدؤون بالوصول قريبا.
واردفت ترمق رنا بايحاء: انا اثق بذكائك ابنتي.

بعد نصف ساعة...جلست رنا على المقعد عند طاولة الزينة .....بملامح مكفهرة ...لاحظتها الفتاتان وتطلعتا لبعضهما بفضول.
شرعت المصففة بتصفيف شعر رنا....قبل ان تقاطعها هذه الاخيرة بصوت بارد: أريده مسدولا....لاداعي لتتعبي نفسك .
اجابت الفتاة بحرج ونبرة متلعثمة: أأ...أسفة آنستي ولكن...ولكن السيد حازم شدد على ان ارفع شعرك او اجدله .
احتقنت ملامح رنا وحدجت الفتاة بعيون غاضبة شرسة سرعان ماتلاشت وهي تلاحظ ارتباك الفتاة ....فاشفقت عليها وتركتها تكمل عملها بينما تهمس بحنق داخلها:"تبا لك من متسلط"

************ *********

مساءا في منزل أحمد

تعالت الاصوات مع وصول الاقارب المقربين فقط من عائلة احمد وسعاد باعتبارها حفلة خطوبة فقط....ليصل بعدها حازم رفقة والدته وخالته رباب مع ابنتها ليلى العابسة كوالدتها .
هرعت سعاد رفقة احمد ترحب بحازم وعائلته ...يدعونهم الى الجلوس ويعرفونهم على اقارب رنا .
بقيت رباب تهمس لمريم كل لحظة بشكل واضح لسعاد التي استغربت من عبوسهما ...قبل ان يضربها الادراك من ذلك وهي تلاحظ تجهم ليلى وتحديقها نحو حازم بافتتان ...لتعي انها معجبة به...لتقر سعاد في نفسها ان الشاب بملامحه الحادة كتلة من الجاذبية و الوسامة وليس غريبا ان تقع هذه الفتاة في حبه...فمنذ وقوع نظرها على هذا الخطيب المفاجىء لها ولابنتها...وجدت فيه سعاد نفس النظرات المصممة و الهالة المهيبة التي صادفتها منذ سنوات طويلة واحمد يدلف لمنزلهم حتى يطلب يدها...فهل سيكون مصير ابنتها كمصيرها؟

احتدت وملامح حازم من وجود كريم وان كان يعلم انه قريبها ...الى ان غيرته منه وهو يفكر انه كان سيقف مكانه يوما لولا تدخل القدر ....جعلته ملامح وجهه تحتقن بحدة ....فتعمد تجاهله وهو يصافح اقارب رنا ....ليسلم باحترام على والدة كريم ويومىء بلامبالاة نحو هذا الاخير.

هتف احمد بعتاب ...مبتسما بود نحو حازم: لماذا كل هذه الهدايا بني...الايكفي ماارسلته صباحا!!
اجاب حازم بجدية رغم نفاذ صبره وهو يكبت تحديقه نحو الدرج بصعوبة منتظرا ظهور رنا : العفو عمي....انها هدايا بسيطة.
لتهتف رباب بلؤم: بل كثيرة جدا بني حازم...خطيبتك محظوظة بشاب كريم مثلك.
اجاب حازم بصرامة: رنا تستحق الافضل خالتي ...وانا المحظوظ بها.

التفت احمد نحو سعاد وهتف بود :سعاد ...فلتنزل رنا ان كانت جاهزة .
اجابت سعاد مبتسمة وهي تقف : ساتفقدها ان انتهت وننزل .

تسارعت نبضات حازم....وهو يجلس هناك بجوار أحمد...يتتبع بعينيه سعاد وهي تتوجه نحو الدرج ...ينتظر ويعد الثواني حتى تنزل رنا.

وهناك في غرفة رنا....عادت المزينة تتوسل بحرج : ارجوك آنستي ...السيد حازم سيغضب جدا.....لقد أكد علي ان تكون الزينة خفيفة جدا....ارجوك لاتورطيني بمشكلة.
ابتسمت رنا بلؤم واجابت برقة تحدق نحو الفتاة بود:لن يغضب منك عزيزتي ...لانك ببساطة لن تكوني مسؤولة عن زينتي.
وبعد دقائق ولجت سعاد للغرفة...لتقف متسمرة باعجاب من مظهر رنا الخلاب ...فاقتربت منها مقبلة جبينها وهمست بتأثر : صغيرتي تبدين رائعة .
اومأت رنا بملل ....لتشابك يد والدتها وتخرجا من الغرفة.
هتفت المصففة بتعب: يا الاهي ...اي خطيب حازم هذا ...الفتاة ارادت ان تسدل شعرها ...لقد احرجت جدا وانا ارفض ذلك.
اجابت المزينة هي الاخرى ولكن بقلق وملامح عابسة: لقد نجوت انت ....اما انا فقد شدد علي ان تكون الزينة خفيفة و الفتاة تعمدت اختيار لون فاقع لاحمر الشفاه...خطيبها حازم جدا ...اخشى ان يتشاجرا بسبب ذلك...لو رأيته وهو يؤكد علي ان اخفف الالوان بنظراته الحادة ونبرته الخشنة !!!!
************ *********

بعد دقائق...تنزل الدرج بهدوء ...ترتدي ذلك الفستان الذي اهداها لها حازم....حازم هذا الاخير ....الذي تسمرت عيناه عليها...يتابع كل تفاصيلها بافتتان....يمرر نظراته على تسريحتها البسيطة بظفيرة طويلة تتخلها ورود صغيرة على طولها....بفستانها العسلي الطويل الذي انتقاه بعناية ....طويل لايظهر الا وجهها وكفيها...باكمامه الشفافة على طول ذراعيها....يتدلى على جسدها باريحية لايظهر تفاصيل قوامها...بزينتها وهنا ...
توحشت نظرات حازم وهو يلاحظ احمر شفتيها القاني الذي يبرز اكتناز ثغرها....فهمس لنفسه بحدة:"لقد أكدت للمزينة ان تكون الزينة خفيفة جدا...ماهذا اللون الفاقع ...تبا ....هل ينقصها الاحمرار تلك الشفاه"

ليلمح ذلك التحدي في تلك العيون العسلية المكحلة باغراء ....ويدرك ان خطيبته تعلن عليه الحرب...فابتسم بمكر وهو يتوعدها في سره .

همست رباب لمريم بعبوس: عادية جدا....هل هذه هي التي رفض ابنتي من اجلها!!
اجابت مريم بخفوت وملامح مضطربة: اخفضي صوتك رباب...ثم الفتاة جميلة جدا.
احتقنت ملامح رباب بينما تجهمت ليلى وهي تحدق بحسد نحو رنا وتقر بجمالها ...اما مريم فابتسمت بحنان نحو رنا .

نهض حازم رفقة احمد ما ان اقتربت رنا رفقة والدتها....ليجلس بعدها جميعهم...حيث جاورت رنا والدتها وهي لاتزال جادة الملامح ....جاعلة رباب تهمس مجددا لمريم: مابها !!...لماذا هي عابسة هكذا !!....هذا فأل سيء اختي.

اجابت مريم بهمس شديد وهي تحذر رباب بعينيها: ليست عابسة بل خجولة فقط اختي....وارجوك اخفضي صوتك.

ولم تكن ملامح رنا المتجهمة خفية عن حازم ...الذي لم يرفع عينيه عنها....يدقق في وجهها ...يلاحظ ذلك الجمود .

بعد دقائق ....بعد ان طلب حازم يد رنا من احمد ....وموافقة هذا الاخير ليهتف الجميع مهنئين للخطيبين.
قام حازم بالباس رنا خاتم الخطوبة الماسي ...مثيرا اعجاب الجميع به خصوصا خالته التي همست لمريم بغيظ :خاتم ماسي لمجرد خطوبة!!!...الايكفي كل تلك الهدايا التي جلبها لها الليلة.....ماذا سيجلب لها يوم الزفاف اذن!!!
لتعود مريم وتهمس بخفوت زامة شفتيها بحنق: اخفضي صوتك رباااااب.

مسك حازم يد رنا الباردة ليضع الخاتم في اصبعها ببطىء يستمتع بهذه اللحظة....ثم قام بتقبيل يدها بعد ذلك بلباقة ...غير ان رنا بقيت عابسة لاتبتسم ابدا....عكس تلك السعادة التي غمرت حازم وهو يشعر انها اصبحت خطيبته علنا الان ولن يقربها غيره....لترتسم على ملامحه نظرة حادة غامضة فجأة.

اقتربت مريم من رنا وهذه الاخيرة تسلم عليها باحترام وابتسامة باهتة ارجعتها والدة حازم لخجلها كعروس....ثم توالت التهاني من الجميع.
قبلت سعاد رنا بحنان وهمست لها بسعادة: مبروك ابنتي.
واقتربت من حازم الذي سلم عليها بود وهتفت برجاء خفي: مبروك بني...ارجو لكما التوفيق.
اجاب حازم مبتسما نحوها بثقة: سأحرص على اسعاد رنا خالتي.
حدجت سعاد كليهما بحنان ...فأومأت رنا بخفوت....ليقترب منها والدها هو الاخر ويقبل جبهتها بحنان هامسا بود : مبروك صغيرتي.
ثم التفت نحو حازم وهتف بجدية: اسعدها بني.
اجاب حازم بثقة: سأفعل عمي.... اعدك بذلك.

وتوالت التهاني من الحاضرين...لتقترب ليلى ببطىء نحوهما تهنئهما غصبا...فصافحها حازم برسمية وهتف بكياسة: شكرا لك قريبتي.
ثم اقترب منهما كريم ...ومد يده ليصافح رنا قائلا بود وهو يبتسم بحنان نحوها: مبروك رنوش.
ولم تكد رنا تصافحه...حتى وجدت حازم يسبقها ....ويصافح كريم بدلا عنها في حركة تملكية واضحة ...بينما تحتد ملامحه بغيرة قاتمة وهو يقبض على كف كريم بعنف يكاد يحطمه ويجيب بنبرة خشنة محدقا اليه بتحذير: رنا(وشدد على الكلمة) وانا نشكرك على التهنئة.
ورمى يده بغلظة ...ليومىء كريم بعدها بتفهم لغيرته وينسحب من امامهما ....فالتفتت رنا نحو حازم اخيرا منذ نزولها وهمست بحدة له: كيف تجرؤ !!!....ماهذه الفظاظة!!!...لماذا منعته من مصافحتي!!

اجابها حازم هامسا بنبرة متملكة... محتد الملامح: لانني اغااااار....لا اسمح له ان يلمسك ...لا هو ولا غيره.... انت خطيبتي الان وقريبا ستكونين زوجتي.
عادت رنا تهمس بحنق: لكنك صافحت قريبتك!!!

تهلهلت اسارير حازم و ابتسم بلؤم ...ليجيبها بصوت خافت اجش: هل تغارين رنتي؟!!
ارتبكت رنا للحظات ....ثم همست بحدة ونبرة متهكمة: علي ان احبك اولا حتى اغار عليك.
واشاحت بوجهها عنه ...تحدق بعبوس نحو الجميع....جاعلة حازم يحدق الى تجهمها بتسلية.

عندما جلسا اخيرا....اقترب حازم من رنا وهمس لها بحنق محدقا نحوها بابتسامة لبقة يخادع الناظرين لكيلا يلفت الانتباه: لقد أكدت على المزينة ان تخفف الزينة...ماهذا اللون الفاقع على شفتيك!

اجابته رنا بهمس هي الاخرى ولكن بملامح جامدة : لاعلاقة للفتاة....انا وضعت احمر الشفاه بيدي سيد متسلط.

صمت حازم للحظات ...ثم اقترب اليها اكثر واردف بوعيد مبتسما بعبث: وأنا سانزعه ب....
وبقي صامتا باغاظة ....يحدق الى احمرار وجنتها بتسلية ...تاركا لمخيلتها الباقي من جملته...جاعلا رنا ترمش بارتباك محمرة الملامح ...بينما تبتسم بعض قريبتها من بعيد ظنا منهن انه يغازلها....فهمست لنفسها باحراج:"وقح"

بعد لحظات هرعت فتاة صغيرة تبلغ اربع سنوات نحو حازم وهتفت بشقاوة: هل انت هو العريس!
ابتسم حازم بحنان واجاب بود بينما ينخفض نحوها: اجل صغيرتي....ما اسمك!
اجابت الصغيرة بصوت رقيق: ملك ....وانت مااسمك؟!
اجاب حازم بتسلية: حازم
لتردد الصغيرة خلفه بصعوبة: حزاام.
افلتت من رنا ضحكة خافتة بينما عبس حازم وعاد يردد للصغيرة: حازم ...حازم.
الا ان الطفلة كررت وراءه بتلعثم: حزاام.
ليلتقط سمعه تهكم رنا الساخر بخفوت: حزام امن خانق.
فاجابها بايحاء غامزا لها : وان نزعته ستتعرضين لغرامة .
حدجته رنا بنظرات ساخطة وعادت تشيح بوجهها عنه فيما ركضت الطفلة بعيدا عنهما ليعود حازم ويهمس بتسلية: من تكون هذا الصغيرة؟!
اجابته رنا باستفزاز توليه خدها بلامبالاة : شقيقة كريم الصغرى.
لتتجهم ملامح حازم ويردف بحنق : ظريفة كشقيقها.
فاجابته رنا باستفزاز: اجل كريم ظريف للغاية
لتجيبها انفاس حازم الهادرة ...فتبتسم بلؤم وتعود لتجهمها .

بعد بعض الوقت هتفت رباب فجأة ...تبتسم بخبث : لم نسمع صوت العروس بعد....اخبرينا عزيزتي....كيف تعرفت على ابننا حازم؟

ارتبكت رنا بخجل وعندما همت بالاجابة...قاطعها حازم....يرد بثبات على خالته مبتسما بلباقة : في احد النوادي خالتي....كنت هناك رفقة احد الاصدقاء ورايت رنا مع والدها ووالدتها...لاشرع بالبحث عنها في اليوم التالي وها نحن هنا اليوم نحتفل بخطوبتنا...كما سنحتفل بخطوبة ليلى يوما ما قريبا.

وانهى كلامه بنظرات موحية نحو خالته التي فهمت معنى جوابه فالتزمت الصمت بوجه عابس....على عكس أحمد الذي حدق الى حازم باعجاب اكبر ويقينه يتزايد بأنه الزوج المناسب لابنته....ابنته هذه التي عكس والدها لم يعجبها جواب حازم بل اغاظها بشدة الا انها بقيت صامتة بملامح جامدة .

طوال الامسية ...بقي حازم يحدق نحو رنا باهتمام...وعبوسها يثير تعاطفه لمعرفته بالسبب....فحدق نحو أحمد بايحاء ....فهمه هذا الاخير والتفت نحو زوجته يغمزها مشيرا لرنا وحازم.
بعد لحظات ...هتفت سعاد بود: ايها السادة....دعونا نترك الخطيبين بمفردهما قليلا.
لتضيف : المكتبة هناك ....رافقي خطيبك اليها عزيزتي.

نهضا معا ....وشابك حازم يده بيد رنا رغم اعتراضها...ملتفتا نحوها يبتسم بمرح ...جابهته هذه الاخيرة ببرود و استسلام ....تتركه يسحبها معه نحو المكتبة....بزهو من امتلاكها ...وجمود من جانبها لهذا الارتباط المغصوب عليها.
دلف كليهما الى المكتبة ...الا ان حازم لم يغلق الباب بل تركه مواربا قليلا ....لايظهران للبقية ولكن يبقه مفتوحا ببضع انشات فقط...حاولت رنا ابعاد يدها عن كفه الا ان حازم احتفظ بكفها بتسلية ....يحدق الى احتقان ملامحها بمرح
همست رنا بحدة ...فيما تقاومه لتبعد يدها: اترك يدي!!!
اجاب حازم بخفوت ونظرات عاشقة: لن اتركها ابدا رنتي... لم احصل عليها اخيرا لاتركها .
لتخالف رنا توقعاته...وتستكين باستسلام تاركة يدها في كفه ....وتشرد امامها بملامح شاحبة ...فعاد حازم يترك كفها ببطىء....فتوجهت لاول اريكة وجلست هناك صامتة.
بقي حازم واقفا هناك يرمقها بهيام ....ولم يفته عبوسها الواضح ....وبينما هو شارد في التحديق اليها ....همست رنا بخفوت ...تحدق اليه بنظرات غامضة: هل انت سعيد!!
اجاب حازم على الفور بحماس : جدا ....سعيد للغاية رنتي.
عادت رنا تضيف ببرود: لماذا انت سعيد؟
اقترب منها حازم وجلس بجانبها على احد المقاعد وهتف برخامة ونظراته مركزة على ملامحها بعمق: سعيد لانني حصلت عليك رنتي ...لاننا خطبنا وسنتزوج قريبا وعندها ستزيد سعادتي.

ابتسمت رنا بتهكم واردفت بجمود: جيد!!....على الاقل احدنا سعيد .
بهت حازم من برودها وكلامها وبقي صامتا للحظات ....ثم همس بخيبة: الست سعيدة رنا!
اجابت رنا بسخرية: طبعا لا سيد حازم....كيف اكون سعيدة بارتباط لست موافقة عليه واجبرت على الرضوخ له.

زفر حازم بسخط ....وملامحها الجامدة ببرود تنخر قلبه ...لاشيء منها يوحي بمظهر الخطيبة الا ملابسها وزينتها ....اما وجهها وعيونها التي اكتست بشحوب واضح بالاضافة الى برودة كفها التي كانت بيده منذ قليل توحي برفضها لهذا الارتباط....ليتنبه حازم فجأة ويهتف بامتعاض: لماذا لاترتدين الخاتم الذي البستك اياه في السيارة ؟

افلتت من رنا ضحكة ساخرة والتفتت نحوه تجيب باستهزاء: الا يكفيك خاتم واحد لتجبرني على هذه الخطوبة!!...بقي خاتم واحد زيادة عن هاذين الخاتمين ويصبح لكل حازم من اسمك خاتم سيد حازم حازم حازم.

بقي حازم جامد الملامح وكل كلمة منها تطعن قلبه وهو يجدها ترفضه بهذا الاصرار ...فابتسم بحنان.. وهمس بلطف : لماذا ترفضينني رنا؟

اجابت رنا بجدية: احقا تسأل سيد حازم؟!!....وكأنك لاتعلم السبب؟!!
حازم بهدوء وملامح مسترخية : اخبريني انت رنا....اخبريني لماذا تعترضين علي!

هتفت رنا ببرود : اعود من عملي ليلا ...اتعرض لحادث بسيط واطلب مساعدة احدهم ...لاجده خلال يومين يخطبني من ابي دون علمي ولا موافقتي...يتحكم بي ويفرض علي شروطه...يتدخل بعملي ...يعاملني بتملك .
ثم التفتت اليه وحدقت نحوه بجمود : انا لااعرفك سيد حازم.
بقي حازم يحدق الى عينيها بعمق ...يخترق جمودها بحرارة مشاعره ...ليهمس بصوت اجش وهو يأسر نظراتها: في احد الليالي العادية ...اتجول في حقولي ككل ليلة ....ليتهادى الى مسامعي صوت رقيق يستنجد بي....هرعت اركض الى مصدر الصوت ....لاجد حمامة عسلية جريحة تنتفض من البرد و الالم...اغرمت بها منذ تلك اللحظة....اردتها لي منذ تلك اللحظة...غضبت وخفت عليها وانا لااعرفها ....لهذا اردت ان احصل عليها لكي احميها واحبها ولا تتعرض لاي مكروه طالما دخلت حياتي.
اجابته رنا بهمس ...واتصال النظرات لاينقطع بينهما: لقد حبستها في قفصك وحرمتها حريتها لانك اردت امتلاكها ولم تهتم لرأيها.
اجابها حازم بخفوت وملامح عاشقة: احبسها في قفصي حتى لاتتعرض للاذية .
رنا باصرار: اترك لها الحرية في الاختيار....افتح لها الباب لتحلق ...اما ان تبتعد او ان تعود .
حازم بحنان: ان وعدتني انها ستعود سافتح لها الباب.
رنا بتهكم: لازلت تفرض شروطك وهذا ليس اختيار
حازم بمراوغة: عندما تتعود على الحماية و الحب ستعود رنا ...ولكن عليها ان تمنحني الفرصة لاثبت لها حبي وحمايتي لها.
رنا باصرار: لازلت تفرض شروطك سيد حازم
همس حازم باصرار : امنحيني فرصة رنا...كما منحتها ل....(وزفر بسخط)...لقريبك.
ابتسمت رنا بسخرية واجابت ببرود: الفرصة كانت لابي وليس لكريم....انا كنت موافقة على كريم ولولا تدخلك في حياتي لكان الان يجلس مكانك.

لم يتسطع حازم ان يتحكم في نفسه ...فاقترب منها بشدة حتى ضربت انفاسه الهادرة صفحة وجهها وهمس بحدة ونبرة تملكية: لكنني انا من يجلس هنا الان رنتي....لو كان ذلك الكريم يقدرك حقا لما تخلى عنك بسهولة....ليس ذنبي انني اريدك باصرار ولن استسلم حتى توافقي علي.

ازدردت رنا ريقها بصعوبة ولكنها حافظت عل ثبات ملامحها واجابته ببرود: لقد فرضت علي ارادتك وملكيتك سيد حازم ....لقد حصلت على فرصتك عنوة ....وحرمتني فرصتي في الاختيار....حصلت على حفلة خطوبة وسعدت بها وحرمتني من سعادتي بحفلة خطوبتي ....ارغمتني على وضع لا اوافق عليه.
اجاب حازم بانفعال: لست الوحيدة المرغمة هنا رنا....انا ايضا ارغمت عليك...لم اختر ان اصادفك ليلتها...بل فرضك علي القدر...لم اختر ان احبك ...بل فرض علي قلبي ان احبك....كلانا مرغم هنا.

ابتسمت رنا بسخرية واردفت باستهزاء: لكن ارغامك عاد عليك بالفائدة سيد حازم لانك حصلت على ماتريده .
زفر حازم بسخط وبقي صامتا للحظات ...ثم همس بجدية: ما الذي يرضيك رنا؟
برقت عينا رنا بلمعة غامضة وهمست برقة : هل ستحقق طلبي؟
اجاب حازم باصرار:اعدك
اجلت رنا حنجرتها وهمست باصرار هي الاخرى : افسخ الخطوبة.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close