رواية السجينة وايدي العقاب الفصل السادس 6 بقلم دينا عادل
*الفصل السادس*
حاولت "عهد" ان تتظهر بالبرود الشديد ولم تتأثر أو تظهر أي ردة فعل ولكن من داخلها كانت دماؤها تغلي بشدة وهي تتذكر حياتها القديمة ،بادلته السؤال بهدوء شديد:
-وعايز تعرف ليه ؟
تفاجأ "زين" من ردها ثم قال وهو ينظر في عينها الخضراء ::
-أنتِ بتسألي ؟! ، أنا أعرف اللي عايز أعرفه وقت ما أحب ،ما تنسيش نفسك يا بت !
ابتسمت بقسمات باهتة ثم زفرت أنفاسها وقالت:
-لا العفو يا بيه متقولش كده ،بس أنا مش حابة أتكلم في الموضوع ده !
أمسك بذراعيها بعنف ثم قال وهو يوجهه حديثه لها بامتعاض:
هو بمزاجك ولا ايه ،أنتِ هنا تجاوبي وبس سامعة كويس ؟،انطقي قتلتيه ليه ؟!
أخذت "عهد" نفسًا عميقًا ثم قالت :
-طب سؤال ":انت مهتم بالموضوع ده ليه كده اشمعنا أنا يعني اللي عايز تعرف حكايتي ؟
تركها ثم جلس على الأريكة وهو يقول بشرود:
-تقدري تقولي عندي معرفة قديمة بالشخص ده !
-قتل مراتك !
قالتها بهدوء كبير نسبيًا بينما نظر لها بريبة ،واقترب منها بسرعة وقال وهو يسمك بذراعيها:
-أنتِ ازاي عرفتي حاجة زي دي !
حاولت أن تخلص ذراعيها منه وتقول بنفاذ صبر:
-طب ممكن الأول تبعد عني ونتكلم براحة مش هينفع كده!
حاول "زين" أن يهدأ قليلًا وبدأ يلتقط أنفاسه بتمهل ثم عاود الجلوس مرة أخرى وأشار لها وقال:
-انجزي واقعدي وقولي عرفتي ازاي أنه قتل مراتي !
اقتربت "عهد" وجلست على الطرف الآخر من الأريكة وهي تتحدث بهدوء غريب يتعاكس مع الحالة المشتعلة لدى "زين":
-أولًا أنا معرفش أنه اللي قتلها دي مراتك ،توقعت كده ،وقبل ما تسأل ازاي اتأكدت ،فالسبب كانت بنتك لما قالت لي أن مامتها ماتت فافتكرت وقتها الحادثة اللي حصلت مع "حمدي" وشكيت أنها تكون هي ،وبما إنك دلوقتي أكدتِلي الحكاية دي يبقى أنا صح !
استعجلها "زين" وهو يشير بيدها متحكمًا في غضبه:
-طيب خلاص انجزي ،ها احكي بظبط تعرفي ايه عن الموضوع ده وايه علاقتك ب"حمدي" ؟
تنفست "عهد" وهي تتألم من الداخل متذكرة ما حدث معها لكنها هدأت قليلًا موضحة له:
-بالنسبة لقتل مراتك الأول في يوم سمعت "حمدي" بيتكلم في تليفونه عن تسليم بضاعة جديدة من المخدرات وإن في ظابط شاطر أوي بيراقب الحكاية دي وكان هيتقبض عليه هو وابنه ،بس قدر يخلع منها ،وعرفت وقتها وهو بيتكلم أنه عايز يبعدك عن سكته بأي تمن ،فخطط انه هيقتل حد من عيلتك عشان يهددك طول حياته وقت ما تفكر إنك تيجي ناحيته تاني !
شعر بغضب كبير يجتاح كيانه وهو يعصر يده عصرًا متذكرًا كيف بكل بساطة ذهبت زوجته من الحياة وربما أيضًا ابنته ،حاول السيطرة وهو يتنهد بقوة ثم نظر لها وباغتها بسؤاله:
-علاقتك ب"حمدي" كانت ازاي؟، كنتي متجوزاه ؟ وليه وازاي قتلتيه
أشاحت بوجهها بقوة وجمدت ملامحها ثم قالت بتشفٍ:
-عشان آخد حق أبويا وأمي منه !
حثه فضوله لمعرفة المزيد ثم أكمل أسئلته:
-ليه؟ ،وبرضه مجاوبتيش علاقتك بيه كانت عاملة ازاي ؟
وقفت "عهد" مرة واحدة ثم قالت وهي تنوي الرحيل:
-الوقت اتأخر ومتهيألي إني مش من حقي أنام براحتي فمن فضلك خليني الحق انام لي الساعتين دول وبعدين أكمل !
أومأ برأسه ثم قال وهو يتجه معها خارجًا:
-بكرة في نفس الوقت ده هتيجي وتحكيلي عشان محدش يتكلم عنك !
نظرت له بسخرية وبتهكم واضحين:
-هو لسة حد متكلمش عليا ، بس مش فارقة !
فتحت الباب بينما خاطب "زين" العسكري بقوة:
-خدها وديها الحجز بس من غير دوشة فاهم !
-أمرك يا باشا!
اصطحبها العسكري في هدوء حتى وصلت زنزانتها ونامت على فراشها وهي شاردة وتفكر حتى غفت بسرعة ،ولم تكون تعلم أن هناك عينًا شاهدتها وشاهدت كل شيء وهي لا تنوي لها خيرًا
.................................................
في مركز الرعاية بأطفال مرضى القلب التي تعمل به والدة "زين".....
كانت جالسة خلف مكتبها وهي تشرب من مشروب النعناع المفضل لها وأمامها تلك السيدة ،فأخذت تخاطبها بنبرة منكسرة:
-ابني بعيد عني يا "كوثر" وفاكر إني بهتم بشغلي أكتر منه ، مش عارف إني مش حابة أشوفه بالمنظر ده ،ومش عارف إن مصاريف البيت بتكتر عليا ولازم اهتم بشغلي !
قالت لها "كوثر" مؤنبة:
-ولو يا "كريمة" كان لازم تحاوطي عليه وتضميه وتقوليله ارجع زي الأول ،هو دلوقتي محتاج تدعميه !
هزت "كريمة" رأسها نافية وقالت:
-لا مش ده السبب ،برضه مهما كان هو محتاج لحب جديد، ولازم يتجوز لازم حد ياخد باله من بنته ،لازم يعيش من تاني !
ثم استطردت وهي تنظر إلى "كوثر" قائلة باهتمام:
-ها جبتي العروسة ولا لسة ؟
هزت رأسها بقلة حيلة وقالت:
-أيوة يا ستي طالما مصممة على رأيك ،انهاردة لمحت كده ل"عزة" وهي كانت فرحانة بالحكاية دي شكل بنتها كانت معجبة بيه وقت خطوبة "فريدة" زمان !
ابتسمت بهدوء وهي ترجع ظهرها إلى الخلف:
-وأنا بقى مش هبطل أزن على ابني في الموضوع ده !
.............................................
جلس بشموخ أمام تلك الطاولة وهو يبتسم بانتصار ليأخذ المال المُحرم وهو يوجه حديثه باستفزاز:
-اللي مش قد اللعب ميلعبش !
أشعل سيجارته ببرود وهو يتجه نحو الخارج وبيده كأسه الذي ارتشفه مرة واحدة وهو ينظر إلى تلك الفتاة ويغمز لها بعينه لكي تتبعه !
خرج نحو الحديقة ثم أشار إليها وهو يقول:
-جبتي الحاجة ؟
أومأت برأسها وهي تخرج من حقيبتها ذلك الكيس وقالت:
-اتفضل يا سيدي المرة دي الجرعة زيادة بقى
ضحك بشراسة وهو يبتسم بشر:
-عيب عليكي ،المهم دلوقتي تروحي تجبيها وتيجي وسيبي الباقي عليا بقى
في ذلك الوقت أتى إليه أحد رجالته ثم تقدم منه وقال له :
-يا "عاصم" باشا عايزاك !
أومأ برأسه وأشار إلى الفتاة وقال:
-روحي اعملي زي ما اتفقنا وبعدين هبقى اديكي عمولتك يلا !
انصرفت الفتاة بينما تقدم منه الرجل وقال:
-زي ما اتفقنا يا بيه على بكرة بالكتير هيحصل اللي أمرت بيه !
سأله "عاصم" بجدية:
-احكيلي عملت ايه بظبط !
-قدمت زيارة مخصوصة ليها وهي خدمتني بصراحة وقالتلي انا هعرف ازاي اخلي كله يتكلم عنها ،شكله كده في علاقة بينها وبين حبيبك !
ضيق عينها بشراسة وحنق:
-كمان علاقة ،وماله انا هعرف ازاي أخليها تندم ،المهم عايز سمعتها تبقى على كل لسان !
رد عليه مطمئنًا :
-متقلقش يا باشا البت مضمونة وهتسمع خبر حلو بكرة !
تركه وذهب بينما جلس على تلك الأرجوحة وهو شارد بها يكرها ولكن لم ينسى في يوم كيف دخلت عقله وتذكر جميع ألاعيبه معها وكيف كانت ترفض وتهدده ،وتذكر ماذا فعل بعد ما قتلت والده .
........................عودة بالماضي...
أمسكها بقوة وهو يقول بتهديد:
-اسمعي كويس يا تعيشي طول عمرك في السجن يا هتكوني معايا دايمًا وتكوني ليا وهخليكي أميرة محدش يقدر يرفضلك طلب !
أزاحته بحدة ثم قالت:
-اه عايزني أكون سيدة قمار تجبلك فلوس وأنت عمال تغري كل واحد بيا يا واطي !
صفعها على وجهها ثم قال وهو يصيح بها:
-أهو الواطي ده هيخليكي تعيشي في السجن طول عمرك ،وبعدين ما أنتِ كنتي ايه ولا نسيتي نفسك يا بنت الشغالين !
غضبت بشدة وأمسكت بتلك الزهرية لتقذفها عليه ولكنه تفاداها وابتسم بلؤم:
-أمثالك تكوني رد سجون !
...........................عودة !
نعم قد قدم بها بلاغًا بتهمة قتل والده وحبسها ليتمتع بعذابها لكنها مازالت تشغل تفكيره
..........................................
في المساء طلب "زين" العسكري أن يحضر "عهد" له وبالفعل أتت على مضض منها ولكن قررت في نفسها شيئًا ربما تستفاد منه !
دلفت نحو غرفة مكتبه ورأته منتظرها باهتمام فجلست على الأريكة منتظرة حديثه بينما تنهد "زين" وركز ببصره عليها وقال:
-ها كملي عرفتي "حمدي" ازاي ؟
تنهدت "عهد" ثم أشارت نحوه بجدية وهي تقول:
-مش هكمل غير لما تساعدني
-أنتِ بتهدديني ؟
قالها بحنق بينما أكملت "عهد" بتصميم:
-ده مش تهديد ،لما تعرف إيه اللي حصلي هتعذرني وبطريقتك ممكن تخرجني من هنا ،متنساش إني انا اللي قتلت اللي قتل مراتك !
تنفس "زين" بغضب كونه قد فشل بهذا الأمر بينما أكملت "عهد"
-وممكن أجبلك الحتة بتاعت "حمدي" اللي تقدر تنتقم منه !
نظر لها باهتمام وقال:
-قصدك مين ؟
ابتسمت بتشجيع وهي تقول بوميض غريب:
-ابنه !
شعر بنشوة في قلبه بينما أكملت تحثه:
-هو كان السبب في دخولي هنا !
-ازاي ؟ هو أحنا في فوازير ما تحكي علطول!
صمتت لبعض الوقت ثم قالت وهي تحكي له:
-هحكيلك يا سيادة المأمور بس بعد وعدك ليا إنك تساعدني !
جلس "زين" على طرف مكتبه ثم قال باقتضاب:
-طيب لو في إيدي حاجة هعملها ممكن تحكي بقى!
استعدت "عهد" لتبدأ بالسرد الطويل لحكايتها وبدأت تحكي بهدوء يعكس الثورة التي بداخلها:
-الحكاية دي بقالها معايا من لما كان عندي 10 سنين و......
...............عودة بالماضي...
كانت تلك الطفلة ذات العشر سنوات جالسة على فراشها لتقوم بتأدية واجبتها المدرسية ثم بعد برهة وجدت باب الشقة ينفتح لتجدها والدتها وما إن رأتها حتى أشفقت عليها وعلى حال التعب التي تأتي بها كل يوم ،فاحتضنتها ثم أجلستها على الفراش وبدأت تدلك لها جسدها وهي تقول بضيق:
-يا ماما حرام اللي بتعمليه في نفسك ده ،يعني هو مفيش شغل تاني تروحيه !
ابتسمت لها من بين تعبها ثم قالت بقلة حيلة:
-كان زمان يا بنتي ،بس دلوقتي مقدرش أمشي من شغلي !
ابتعدت عنها ثم سألتها بنبرة حانقة:
-طب ليه يا أمي الناس دول شكلهم مش كويسين حتى بابا مش راضي يسبهم !
-معلش يا "عهد" بس الناس دول مش سهلة ولو سبتهم ممكن يعملوا أي حاجة ،اسكتي بقى ومتجبيش سيرة الموضوع ده
صمتت ابنتها بعدم حيلة وهي مشفقة على حالها وحال والدتها وأبيها
واستمر هذا الوضع لمدة 7 سنوات ،حتى بدأت من هنا المصائب تجر بعضها ، تعب والدتها قد زاد وهي لا تدري ابنتها ماذا تفعل والدتها هناك كانت تظن انها تعمل كخادمة فقط هناك ، وأبيها يعود وقت الفجر مشفق الحال حتى ........
صُدمت "عهد" عندما سمعت والدتها تقول:
-أبوكي اتسجن يا "عهد" ابوكي خلاص راح مننا !
بكت "عهد" بشدة ثم قالت :
-ليه يا ماما ، بابا عمره ما عمل حاجة أكيد في حاجة غلط !
نكست والدتها رأسها بحزن وقالت:
-ضرب واحد بالعربية اللي بيسوقها والراجل مات !
أنكرت "عهد" ما تقوله أمها وهي تصيح:
-لا ده ظلم بابا مش هيعمل كده الناس دول مفترية مش هينفع نسكت !!
.................عودة
تعجب "زين" وقال :
-وأبوكي فعلًا عمل كده ولا لاء ؟
هزت رأسها نافية وهي تقول:
-أبويا اتسجن ظلم !
-ازاي ده حصل وعرفتي منين الحكاية دي ؟
قالها باستفسار فقامت "عهد" وقالت:
-الوقت اتأخر خلينا أحسن بكرة نكمل !
أومأ برأسه ومن داخله يريد أن يعرف حكايتها ولا يعرف لماذا ،لكنه صمت ولم يقل شيئًا بينما ذهبت "عهد" نحو فراشها وقد عاودتها تلك الذكريات من جديد ذكريات قاتلة لن تحيها !
...................
في صباح اليوم التالي بعد انتهاء الطابور اليومي بدأ العمل في السجن للجميع في غرفة تنظيف الملابس فكانت جميع النساء موجودات وحاضرين حتى ابتسمت "نعمات" بخبث ووقفت وقالت بصوت عالٍ لينتبه لها الجميع :
-اسمعوا يا ستات حقيقة السجن بتاعنا !
انتبه لها الجميع بينما أكملت وهي تنظر ل"عهد" نظرة شرانية وتقول:
-البيه الكبير والست هانم دي على علاقة مع بعض ، كل يوم بتروح بالليل مكتبه وترجع تاني في السر شوفوا سمعة السجن وسمعة البهوات اللي بيجولنا!
نظر الجميع ل"عهد" نظر لن تنساها أبدًا فوقفت وهي تنظر "لنعمات" بغضب جامح و.............................................................!!!
بعتذر عن قصر الفصل من يوم الحد هيطول وهينزل بدري أكتر ،بس يا ريت نزود التفاعل يا جماعة
توقعاتكم
.....