رواية عشقت رجل وهمي الفصل الخامس 5 بقلم مريم عبدالرحمن
لفصل الخامس
عشقت رجل وهمي
_________________________________
"قُطِفت الزهور في الصيف، قبل وقوعها في الخريف"
________________________________
إتسعت عيناها و هي تأخذ حقيبتها لتنهض من مقعدها، لا تصدق من امامها! أمسك بيداها مسرعاً و نظر لها بِحدة قائلاً:
-اقعدي يا منة متخافيش مني .
قذفت بالحقيبه على يداه:
-ابعد ايدك عني.
-طب أقعدي.
جلست و هي تهرب بأنظارها كي لا تنظر له، قال بهدوء:
-على فكره! انا يتيم، يعني انا اتولدت كده مرمي في الشارع و مترمط و الدنيا جايه عليا اوي، لخد ما بدأت اسرق مع ولاد الشوارع، بدأت أنضج بدأت استخدم ذكائي في حاجات غلط، و انا عندي 18 سنه عرفت ان ابويا كان بيدور عليا ول ما عرف اني حرامي و ابن شوارع و بيئه، مبقاش عاوزني و معبرنيش، تفتكري مواجهتوش!!! واجهته و قالي الكلام ده تاني في وشي، ساعتها الامل الوحيد اللي كنت عايش عليه اني الاقي اهلي! بقيت على تمل ان الماضي يرجع و ملاقيهوش، بسبب الوضع ده انا بدأت ادخل في مشاريع قتل و عصابات، و حاجات كنت اتمنى مبقاش فيها.
اقتربت نظراتها مِنهُ بهدوء و يأس:
-طيب يعني! اعمل اي!
تغاضى عن الموضوع قائلاً:
-اللي في ايدك ده ملف و انا فعلا سرقت، لإني بلاقي نفسي في السرقه.
-ده مرض، انت محتاج دكتور مش محامي.
-و ليكن مرض، مش عاوز اتعالج منه انا بستريح كده.
-بص أنا اول مره اتحط في موقف زي ده.
-خليني انا اللي اساعدك!
-ازاي؟
-اشتغلي معايا.
إرتبكت يداها و هي تنظر له، تحدثت بتوتر قائله:
-تفتكر حياتي ممكن تبقا أحسن لما اسرق و اقتل ؟
-هتبقي احسن، حتى ممكن تحسني نفسيتك لفترة قصيرة و بعدها ابعدي.
هكذا الشيطان أخذ محله و مكث بعقلها، الإنسان بفترة عضوله من الممكن العالم أن يبقى خلفه، لم و لن يراه إلا إذا أشرقت الشمس، يظل الظلام أمامه يحتاج المرور، من الممكن أن يقف به الزمن، لا للشروق أو الغروب يَعبرون، دائماً ما يبحث الانسان عن الأسباب الذي ليس له حيله بها، من الممكن الشيطان يمحو إيمانه، عائلته، ثروته، ذكائه، وعيه، قلبه، أطرافه الجسديه، من الممكن أن يمحو الذاكره أيضاً، لكن لم يمحي أفعالك، الشيطان لا يمكن محو أفعال الانسان الخاطئه الذي نتج عنها، أخذت بيداها تحتك بين خصلات شعرها بتوتر قائله:
-مين هيعرف الكلام ده غيرنا يا علي؟
-محدش، خالص.
-مش هتوديني في داهيه؟
-متقلقيش.
"المحب لا يأخذ بيدك لجهنم الحمراء، بل يأخذ بيداكي للفردوس إذا أمكن"
إنتهى حديثهم ثم إلتقت بصديقتها بعد مرورها من باب العمل مباشرةً، قائله لها:
-المددير كان عاوزك ليه.
إرتبكت قليلاً لكن أردفت:
-مسكت قضية واحد اسمه علي دمرداش.
-هو مين ده؟
-ده واحد قابلته الصبح، و اعجب بشخصيتي و خلامي المحاميه بتاعته
-بسهوله كده؟
-انا هروح اشتغل على القضيه دي في البيت.
أمسكت روزا ذراعيها قبل أن تمشي قائله:
-معتز الدسوقي هنا.
إتسعت عيناها للمرة التي لا تُحسَب في اليوم، قائله:
-ينهار اسود بيعمل اي؟
-جاي يتدرب و يشتغل بواسطه بردو، و اللي اعرفه جاي عِند فيكي أصلاً.
-يارب صبرني يارب، اي المشاكل اللي بتتحدف عليا دي! و بعدين عرفتي منين انه جاي عِند فيا؟
-قالي انه مش جاي يشتغل و بس، انما عاوز يبندي بدايه جديده بكرامه جديده و مهينساش حد أذاه في مره، اظن معنى كلامه واضح.
-يارب الصبر من عندك.
تأفأفت و هي تأخذ بملفات من على مكتبها، و ها هي قدماه تقترب منها، نظرت لقدماه الذي علمت بها، أخذت نفساً عميقاً كعادتها قبل أي حوار مهم، و إرتفع رأسها نحوه قائله بسخرية:
-معتز! و انا اقول المكان ماله بقا منور كده.
-بنورك..
قالها و هو ينظر لعيناها بتحدي، تلك النظره تذكرها جيداً ما حدث قبل ثلاث سنوات...
* قبل ثلاث سنوات *
تجلس منه و بعض من صديقتها و كذلك روز:
-يا بنتي الواد معتز هيمووت عليكي حرام عليكي اديله فرصه.
نظرت منة بسخريه له بنظره بعيده:
-يا بنتي تهو الصنف الملزق ده مبحبوش بصراحه، و بعدين مش حاسه حبه ليا.
-اديله فرصه تشوفي حبه ليكي هو انتي ازاي هتشوفي حبه و انتي مبتبصلهوش حتى.
-عندها حق يا منه الواد هيموت عليكي الواحد مش لاقي الحب اليومين دول بالشكل ده.
-خلتص يا جماعه، هقوم أكلمه..
مرت الايام تصحبها شهور و هي لا تشعر بحب تجاهه، رغم إحترامه لها و حبه لها الشديد، كان قلبها لا يميل إطلاقاً بتلك الفترة للرجال، إعتقاداً بأن المرأه لا يلزم خلفها رجل يحميها، كانت تعتقد ان الزواج و الحب شئ كريهه، كان عمها و زوجته يعطوها الحب، مع انشغالها بصديقاتها و دراستها، كان عقلها لا يميل لتلك التراهات، أصبحت بملل كبير في تلك العلاقه التي يملؤها نظرات حب، أيمكن الإنفصال عنه دون سبب! و كيف ان يكون هو الخاطئ؟
ها هي وضعت خطتها، لتضع أرقام فتيات كثيره على هاتفه و تفضحه بالجامعه بأكملها، و بتلك الحجه قالت انها يجب الانفصال، أصبح قلبه مفتت، و علم بعد أيام، إنها من فعلت ذلك كي تتخلص منه، عند دخولها الجامعه في يوم من الأيام مسك بيداها بطريقه حاده :
- في ايييي يا معنز سيبنييي
-مش أنا اللي يتلعب بيا يا منة، والله ما هسيبك ولا هحل عنك و نمن حبي ليكي اللي كسرتيه هدفعهولك.
دفعته للخلف و ذهبت مسرعه لاصدقائها..
* رجوع للحدث الحالي *
-بتشتغل تدريب برده؟
-اه بتدرب .
-كويس .
أمسكت بحقيبتها و هي تتجهه لمنزل روز، دقت المنزل ففتحت والدة روز الباب و استقبلتها، دخلت الى غرفتهم و جلست بدون نقاش على مكتبها، اخرجت الاوراق و الاقلام و ظلت تعمل بِجِد و هي تتذكر حديث علي، اخرجت ملفاته من حقيبتها و علمت رقم هاتفه:
-الو!
-الو! علي؟
-عرفت الصوت يا منة صوتك مميز
قالها بسخريه و غرور و هو يتراجع للخلف، إبتسمت و هي تقول:
-انا زهقت من القاعده في بيت مش بيتي، بقيت حاسه اني عبء عليهم.
-قصدك اننا نسرق؟ و تاخدي فلوس و تجيبي بيها بيت؟
-بص، انا عاوزه اسرق مره واحده بس يا علي، مش عاوزه حاجه تاني.
-خلينا نفكر في الموضوع ده اما تجيلي.
-مش هينفع أجيلك طبعاً.
-ليه!
-أنا بنت ازاي هجيلك؟ مضمنكش.
-عندك حق يا منة، بس انا عندي سؤال.
-اتفضل طبعاً
-هو انتي انما قررتي تسرقي وثقتي فيا؟
-اكيد.
قالتها بنبرة تملؤها الثقه، أردف هو قائلاً:
-مش فاهمك! يبقا ليه مش عاوزه تيجي.
-ده يختلف عن ده يا علي، و لو مش عاوز تخلبني اسرق اي حاجه خلاص.
-خلاص قابليني بكره الساعه 4 فالكافيتريا بتاعة الشركة.
-بصفتك اي؟ انا هبقا في شغلي
-بصفتي موكلك ناسيه ولا اي؟
صمات قليلاً لتعبر عن إقتناعها بحديثه و اغلقوا الهواتف، في جهه أخرى و هو معتز في منزله، يتحدث بالهاتف، في يده كأس من النبيذ، نظراته و نبرته شيطانيه:
-متخافيش هجبهالك لحد عندك.
-و حلاوتك كبيره اوي بس انت هاتها للبحيره كده سليمه و هما هنا هيشرحوها و مش هيكفوا يموتوها و يخلوها ترتاح.
-زي ما عذبت قلبي هخلي قلبها يتعذب و يتكسر.
اشتد تمسكه بالكأس الزجاجي حتى تفتت الي قطع صغيره...
في مكان أخر بعالم أخر و موازي في منزل جلال عبدالرحمن، ها قد يصع لمساته الأخيره و هي عطره، أهم ما هو له، دلفت زوجته لتنظر له بأعين ثاقبه، إرتسم إبتسامه صفراء و نظر لها قائلاً:
-مالك يا شيرين يا حبيبتي في حاجه؟
"شيرين غزلان زوجة جلال لبنانية الأصل و وقعت بغرامه فتزوجا بمصر"
-هالمصاري كلاتها اللي إنحطت بالبنك لمين؟
تحولت ابتسامته لنظرة ثاقبه مثلها:
-و انتي عرفتي منين؟
-بظبطه لمكتبك و هيك بتطلعلي ورقه إنحط مليارات بالبنك تبعك! انا سألت سؤال واضح لمين هالمصاري؟
-بصي يا شيري يا حبيبتي الفلوس دي بتاعة أدم و انتي عارفه مشاكله مع أبوه، راح شايلهم معايا.
-و ليش ما يحطه بالبنك تبعه؟
صرخ بهدوء في وجهها قائلاً:
-انا هكلمه حالاً قدامك و تشوفي بنفسك.
-إي يلا اتصل بدل ما تصرخ بوجهي هيك الله يلعنك يا كذاب.
أخذ بهاتفه و إتصل بأدم صديقه و فتح وصع اليماع الجماعي، كان أدم يقود سيارته مجرد ما رأى إسمه وضع الهاتف على أذنه:
-ايوا يا جلال فينك؟
-رايح البيت
-طيب بقولك اي! هو انت مديني كام اشيلهملك؟
-حوالي 9 مليار جنيه، هتنصب عليا فيهم ولا اي يا جلال؟
قالها بسخريه، حيث صمت جلال قليلاً و هو بنظر لزوجته بشماته قائلاً:
-كيب انا ساعه و اكون في البيت عندك
و اغلق هاتفه و كانت نظرته لا تتغير، أردف بهدوء:
-ارتاحتي ؟
تحولت نظراتها لحب و صوتها لنبرة حنونه قائله:
-حبيبي فكر هيك ليش انا بظل بدعبس وراك، انا بحبك كتير و بدي مصلحتك.
تركها ليتجهه لباب المنزل، اردفت هي مرة أخرى بصراخ:
-لفييين عم بتروح جلاال؟
-لأدم .
"وراء كل رجل عظيم إمرأه غبيه"
(لأدم سليمان ابو عطا)
خرج و هو غير مبالي لحديثها الصارخ، وصل بعد دقاىق معدوده لمنزل أدم، دق الباب بهدوء ففتح أدم له ضاحكاً:
-خش يا كداااب خش.
أصدر جلال أيضاً ضحكاته الرجوليه، و دلف ليجلس على إحدى الكراسي التي أمام المطبخ الأيطالي بمنزل أدم، قال جلال:
-هتعشيني اي؟
-مش هعشيك بسبب ريحة برفيوم مراتك اللي جاي بيها دي .
-هموت و اعرف انت ليه بتكرهه البرفانات الحريمي، مش كفايه انت عدو المرأة شويه و عنيف في الموضوع ده.
نظر له بنظره حاده و هو يصع أمامه كأس من النبيذ:
-اكيد مش جاي عشان نتناقش بحب انهي برفيوم يا جلال.
-عندك حق.
-علي مش ناويها لبر.
-كان هناك في الشركه الصبح.
-بيعمل اي ؟
-كان عاوز محامي لقضية هطله كده، قال اي متهم بسرقة 5 الاف جنيه، تخيل حد متهمه بده؟ طب لو ده حقيقي أصلاً ليه مخلاش حد من رجالته يلبس الموضوع بداله!
ضمت حاحبيه بتعجب و هو يضع كأس أخر من النبيذ:
-طيب مين مسك القضيه دي؟
-طالبه جديده كده! اسمها باين منة ..منة محمود.
بدلاً من صمة حاحبيه فإتسعت مع إتساع عيناه، قال بصراخ:
-الواد ده ناوي على حاجه احنا منعرفهاش، لو تعرف رقم البنت منة دي هاته.
-لاء والله معرفش رقمها او اي حاجه
-ده ممكن يتخدها في دوكه زينا كده و يزلها و هي شكلها بنت طيبه.
-و انت مالك هي بنت طيبه ولا لاء؟ ما تسيبه..هي مش اول ضحاياه.
-و انت مالك؟
قالها بإستفزاز مبالغ لجلال، ضحك بسخريه قائلاً:
-حاضر، انا صبور.
-اي علاقة انك صبور يا جلال بالموضوع اللي بنتكلم عنه.
-صبور لدرجة انك مستنيك تُغرم بواحدة تكفيك على ملا وشك كده و تجيبك راكع.
ضحك أدم بسخريه:
-انسى يا جلال.
في اليوم التالي... نعم اليوم التالي، استيقظت الجميلة النائمة، أمسكت بهاتفها لتتردد بالاتصال بوالدتها، لكن قررت الاتصال:
-الو!
-الو ؟ مامااا!
بكت الام بعد سماع صوتها:
-انتي فين يا منة، احنا من غيرك متبهدلين.
-مش انا اللي قتلته، انتي اللي مربياني يا أمي.
-عارفه و متاكده ان قلبك الابيض ميعملش كده.
نظرت لها عبير بغل و سخريه من موقفها قائله بصوت هامس:
-قال قلبك طيب، كتكم الارف.
ظلت الام و إبنتها يبكوا بشكل مسموع على حالتهم التي جاءتهم فجأه، فكانوا عائله سعيده، أردفت منة ببكاء:
-بكره يا ماما اجي و ضهري مسنود اخدكوا من المكان ده، مكان مشؤوم، هاخدكم جوا قلبي و اعيشكم احلى عيشه.
اغلقت الهاتف من شدة بكائها، استيقظت روزالين لتحتضن صديقتها، مادامت تحتضنها كلما بكت، صديقة مخلصه، بعد مرور ساعات كانوا يدخلون عملهم، تركتها روزا و هي تقبلها من خديها و يداها تربرب على دهرها، تنادي بتلك الحنو انها بجانبها دائماً، و مجرد دخولها العمل وجدت شخص يناديها لمكتب سليمان، إتجهت و هي تستعد لاخذ النفس العميق كي لا تنتظر امام المكتب و تتورط بالسماع في اسياء لا تخصها، دلفت للداخل دون دق الباب، نظرت و اذا به أدم فقط بالمكتب، ضمت حاجبيها قائله:
-استاذ سليمان اللي مناديني.
-اعتبريني إبنه.
اقتربت و لكنها لم تُغلق الباب، فأشار لها على الباب، اقتربت منه مره أخرى و اغلقته بيداها الصغيرتان بهدوء، لم يطيل ذلك الهدوء حيث أردف:
-اي علاقتك بعلي الدمياطي يا منة؟
تقدمت بقوة لم تكتسبها من قبل :
-و انت اي دخلك؟
-انا عاوز مصلحتك.
اكتسبت ايضاً نظره و نبرة حادة قائله:
-و انت مالك؟ مصلحة اي يا استاذ ادم انت اصلا ملكش مكان في الشركه غير انها ورث من ابوك استاذ سليمان، لكن ده شغلي، و علي دمرداش يبقا موكلي في قضيةٍ ما.
-هتفكسي القضيه دي
-يا بني أدم انت..و انت مالك.
صمت قليلاً ليهب من مقعده ليقترب منها بهدوء ليهمس بجانب أذنيها:
-بغض النظر ريحة البرفيوم المقرفه اللي انتي حطاها دي، لكن لو مفكستيش القضيه دي انا هقتلك، انتي فكراني مصدق انك مسمعتنيش و انا بقول اني قتلت يوميها؟ انا فعلاً قتلت، و ابدور عليكي لو مسمعتيش الكلام.