رواية ملاك الاسد الفصل الثالث 3 بقلم اسراء الزغبي
الفصل ٣
خرج من مكتبه حاملا همس النائمة بسلام وعمق فى أحضانه فمر على تسنيم
أسد ببروده المعتاد: إياكى ثم إياكى أشوفك بتتعملى معاها كدا تانى دا أول تحذير ليكى
نهضت مصدومة من حديثه عن تلك الشمطاء الصغيرة
اقترب أسد من تسنيم ناظرا بعينيها مباشرة مما أربكها من هالته الجذابة والمخيفة بنفس الوقت
أسد: المرة دى تحذير عشان مكنتيش تعرفى بس المرة الجاية فيها موتك وإنتى عارفة أنا أقدر أعمل إيه كله إلا هى فاهمة
عقدت الصدمة لسانها ولم تجب عليه
أسد بصياح: فااااااهمة
تسنيم بخوف: أيوة أيوة فاهمة حضرتك
ابتسم أسد بجانبية: شاطرة أتمنى تنفذى اللى فهمتيه بقى
ابتعد عنها فأدركت الآن أنها كانت تحبس أنفاسها
أسد بصرامة: مش عايز إزعاج النهاردة أو بكرة كل الشغل توديه لشريف ولو حاجة ضرورى تستنينى أما أرجع كمان يومين
رحل أسد دون أن يبالى حتى بردها ولم يهتم فكل ما يريده بين يديه.... فى أحضانه تنام بأمان وكأنها تعلم أن من تحتضنه يفديها بروحه فقررت الاطمئنان وترك زمام الأمور له
بينما وقفت تسنيم وهى تغلى من الغضب: ماشى والله لأوريكى يا جربوعة بقى يزعقلى عشانك .... بس ليه مهتم بيها أوى كده؟!!!! ... لازم أعرف
خرج من الشركة وركب سيارته بالمقعد الخلفى آمرا السائق بالتحرك إلى القصر
أسد بهمس لتلك النائمة على أقدامه: مش عارف إيه الجديد فيكى يخلينى أتشد ليكى بالطريقة المرعبة دى.... اللى تخلينى ممكن أقتل أى حد يقرب منك أو يلمسك أو حتى يبصلك مجرد نظرة
مش عارف ليه بنجذبلك وبعدين الإنجذاب بييجى ليه... إنتى لسة طفلة صغيرة
عشان البراءة ممكن إنتى عندك براءة بس معاها طفولة
وأى حد ينجذب لواحدة بريئة بس عاقلة وكبيرة ومناسبة ليه مش طفلة بريئة
ولو قولنا متعلق بحاجة جديدة دخلت حياتى
فإنتى مش أول طفلة أشوفها أنا بنيت ملاجئ كتير وبزور أطفالهم كل مدة ومحدش شدنى وشوفت أطفال لناس بشتغل معاهم بنفس براءتك منكرش إنى كنت بحب أهزر معاهم بس كمان كنت بحس معاهم بأبوة إنما إنتى .... أنا حتى مش قادر إنى أقولك أنا أبوكى أو أخوكى لما شريف قالى إنى هكون أبوكى اترعبت من مجرد الفكرة دى... خوفت تعتبرينى فعلا كده .... واتخيلت إنى بسلمك لجوزك... صدقينى عمرى ما اترعبت قد ما اترعبت لما اتخيلت ده .... عشان كده أنا هعوضك عن شعور الأب والأخ اللى مفتقداهم بس عمرى ما هسمح إنى أكون أبوكى أو أخوكى فعليا
مش عارف ده عشق ولا تملك ولا مجرد إعجاب بس اللى أعرفه إنك أكيد هتغيرى حاجات كتير فى حياتى يا كل ما أملك
ثم لثم جبينها بلطف
ضمها إليه أكثر وأكثر عله يشعر بالأمان
________________________
فى مكان آخر بإحدى المنازل الفخمة ما
سمر: أوووف بقى
مازن بوقاحة وهو يتفحصها على الفراش: مالك بس يا جميل
سمر بزهق: إزاى لحد الآن مش حاسس بيا دا أنا مجنونة بيه ومستعدة أعمله كل اللى عايزه وبردو مش قابلنى فى حياته
مازن: معلش يا جميل سيبك منه وخليكى معايا أنا
قالها وهو يقترب منها مرة أخرى
سمر وهى تبعده: اللى بينا سد فراغ مش أكتر أنا أدفعلك وإنت تعمل اللى أنا عاوزاه غير كده متعشمش نفسك كتير
مازن بزهق: إيه لازمته الكلام ده يعنى
سمر: عشان حساك بدأت تنسى نفسك لأ فوق إنت من غيرى كان زمانك لسة مرمى فى المطاعم عمال تجرى على شغل من مطعم للتانى فمتنساش أصلك ولا تنسى أنا مين
مازن بتشفى وشماتة: وهو لما إنتى جامدة أوى كده ليه مش معبرك
سمر بغضب: ماااازن احترم نفسك أنا بعشقه ومش عايزاه ييجى غصب
مازن: أسد ضرغام ييجى غصب؟! ده إزاى ده إن شاء الله
سمر: عادى لو قولت لجدو إنى مش بنت هيبقى عايز حد يدارى الفضيحة وهيلاقى مين غير أسد يعنى
مازن: بس ده يموتك
سمر: جدى ميهمهوش غير الفلوس والسلطة والسمعة لكن الباقى لا ... يعنى مثلا هو عارف إنى مش بحضر ولا دروس ولا مدرسة وبكلم رجالة كتير ودايما فى النايت كلاب وبيكتفى بتحذير بس ... يعنى برأيك ماجد بيه ميقدرش يمنعنى مثلا ... لا يقدر طبعا بس طالما محدش طلع كلمة وحشة على العيلة يبقى خلاص مش همه
مازن: طب ومعملتيش كده ليه
سمر: قولتلك بعشقه ومش عايزاه يتجوزنى غصب
لأ عايزاه يحبنى بس فعلا لو مجاش بمزاجه هجيبه غصب
ثم أردفت بوقاحة وهى تغمزه: مش كفاية كلام ولا إيه
مازن: طبعا يا قمر
لينغمسوا فيما حرمه الله
________________________________
فى قصر ضرغام
يدخل أسد القصر حاملا ملاكه ليقف الجميع مستغربين لهذه الطفلة والتى لا يروا فيها إلا ترابا فقط
سمية بقرف: مين دى ؟!
أسد ببرود بعد أن جلس على الأريكة
وعلى قدميه همس
أسد: دى ليها اسم وهو همس
سعيد: وبتعمل إيه هنا يا ابن صلاح
أسد: هتعيش معانا يا ... أخو صلاح
سامر بغضب وصوت مرتفع: يعنى إيه هتعيش معانا هى زريبة هنلم فيها بهايم المقرفة دى تطلعها بره مش ناقصين هبل على المسا
خرج الجد من غرفته على أثر الصوت العالى
ماجد بغضب: فيه إيه
سامر بحقد : شوف ابن الغالى بتاعك جايب واحدة من الشارع وعاي........
توقف عن الكلام وتراجع للخلف بخوف عندما وجد أسد يقوم فجأة حاملا همس
نظر له أسد باستهجان ثم صعد لأعلى لغرفته وهو يقول: أنا مش هتناقش دلوقتى لسببين الأول إن ملاكى تعبانة وعايزة تنام وهتصحى على الصوت العالى والتانى إنى مش هعيد كلامى مرتين فهستنى سمر وشريف أما ييجوا وبعدين نتناقش ومش عايز أى إزعاج ثم صعد ببرود وكأنه لم يفجر أى قنبلة بكلامه هذا
سمية بغضب: شايف يا عمى بيعمل إيه مهو من دلعك
ماجد بغضب وهو يضرب الأرض بعكازه: سمية احترمى نفسك إنتى نسيتى أصلك ولا إيه وأسد ليه حساب معايا بس زى ما قال لما نتجمع كلنا
صعد لغرفته هو الآخر تاركا الثلاثى الحاقد يخططون
سمية: إيه إحنا هنسكت ولا إيه
سعيد: لأ طبعا نسكت إيه ده هو لوحده وواكل الفلوس علينا أمال أما يجيبلنا واحدة تكمل مسيرته لأ والواضح إنها من الشارع يعنى هيصرف عليها كتير
سامى: وحياتكوا لأخليه يجيلى راكع هو وكل اللى بيحبهم .. مهو لو ابنك شريف يساعدنا ضده ... لكن ده غبى ٠٠٠٠٠ ما قولتلكم من الأول نعرفه إن جدى كاتب كل حاجة لأسد وهو أكيد هيساعدنا ..... دا حقنا
سعيد بارتباك: لا ..... انت وعدتنا مش هتقول لحد
سامر باستغراب: ليه يعنى
سمية: خلاص بقى يا سامر ...... وبعدين معلش يا حبيبى بكرة يعقل ويعرف إن ملوش غيرنا وخلينا نستنى أما نشوف النقاش المهم أوى عن الشوارعية دى
____________________________________
فى الأعلى بغرفة أسد
وضعها برفق على سريره وقبل جبينها
أسد: معلش مضطرين نستحملهم... لولا إنى عارف إن مهما كان جدى قاسى إلا إنه شهم وبيحمى كل اللى تحت إيده حتى لو عدوه كنت خدتك بعيد بس كان هيبقى بالى مشغول وخايف لسمية وسعيد واولادهم يأذوكى بس متقلقيش إنتى هتبقى معايا فى كل لحظة ومش هسيبك أبدا
وغطاها جيدا ثم ابتعد عنها ليغير ملابسه فخلع الجاكت الخاص به والذى امتلأت بعبقها الطفولى الرائع فاستنشقها دون كلل أو ملل وكأن العالم يتوقف على ذلك وأثناء استكماله تغيير ملابسه لاحظ على قميصه قطرات دم
أسد باستغراب: إيه الدم ده أنا متعورتش من حاجة
ثم جاء بباله ملاكه فجرى إليها برعب وهو خائف وانتشلها من فراشه متفحصا إياها حتى وجد جروح تملئها
يا الله إن الدماء من ركبتيها وساقيها ماذا حدث لها
أسد بحزن: آسف يا ملاكى إنى مأخدتش بالى من جرحك
وضعها على الفراش مرة أخرى وأحضر علبة الإسعافات وأثناء محاولته لتطهير الجرح ظهر الألم على معالم وجهها فاستيقظت وتثاءبت وهى تفرك عينيها بطفولية شديدة
كل ذلك تحت نظراته الحانية
همس وهى تنظر للغرفة بانبهار: الله... إحنا فين يا أثدى
أسد بفرحة لأنها مازلت مصرة على الاسم الذى لقبته به ولم تنساه : إحنا فى بيتى يا ملاكى واللى هو بقى بيتك دلوقتى
همس: بجد ... أنا هعيث هنا الله ... وهبقى زى الأميرات اللى بثوفهم على المحلات
أسد: أيوة يا حياتى وهتبقى أحسن كمان
ثم تذكر جرحها فأمسك يدها وهو يطهرها
همس وعينيها بدأت تمتلئ بالدموع: أثدى لأ بتوجع أوى وبيحرقنى
أسد بمواساة: بس بس يا حبيبتى إحنا خلصنا أهو .... بس خلاص شطورة
ثم قبل عينيها الباكيتين لتضحك بطفولة وهى تقول
همس بطفولة: أنا قوية ومكنتث خايفة إنت اللى كنت خايف
سحرته ضحكتها ودعا أن تظل دائما تضحك فهذا يكفيه
أسد بمرح غير معتاد : بتجبيها فيا يا مكارة على العموم ماشى ياستى هعديها .... المهم دلوقتى قوليلى اتعورتى من إيه؟!
بدأت همس تحكى له ما حدث معها ولم تنتبه لذلك الذى أصبحت عيونه حمراء بشده وحدقتيه اسودا بطريقة مخيفة ووجهه احمر وانتفخ كأنه سينفجر فاحتضنها بسرعة حتى لا تراه بهذه الحالة
أسد وهو يحاول كبت غضبه: خلاص يا ملاكى متخافيش أنا جنبك دايما .. قوليلى بقى تاكلى تحت ولا هنا ..... ملاكى إنتى سمعانى
أبعدها قليلا ليجدها نامت من جديد فابتسم عليها ثم أكمل تغيير ملابسه وعند إنتهائه وضعها كاملة فوقه فأصبح هو سريرها وهى غطاؤه ونام ولأول مرة والبسمة على وجهه وهو يشعر بحنان وأمان غريب بجانبها
مازن: ٢٥ سنة تخرج من كلية حقوق ذو ملامح جميلة هادئة متمكن فى مجاله وكان من الأوائل فى جامعته ولكنه لم يحظى بأى فرصة لفقره الشديد ولأنه تربى فى ملجأ وظل يعمل فى المطاعم حتى قابل سمر واضطر للإتجاه لهذه الطريقة حتى يعيش
بقلم : إسراء الزغبى