رواية وقعت في قبضة الوحش الفصل الثالث 3 بقلم رولا هاني
فصل الثالث من رواية:وقعت في قبضة الوحش
بقلم/رولا هاني
أنفاسه الحارة تلفح وجهها لتجعلها تشعر وكإنها علي وشك مواجهة الجحيم ولكنها ستظل تقاوم لأخر نفس تزفره، هي من أوقعت نفسها ببراثنه و هي من ستحرر نفسها، شخصية مثل "نورسين" لن تقبل بالهزيمة مهما حدث لذلك ظلت تعابير وجهها قوية تتحداه بدون تراجع أو خوف!
همس بنبرة تشبه فحيح الأفعي و هو يقترب من أذنها بعدما قبض علي عنقها بلا رحمة:
-متخلقش اللي يتحداني يا "نورسين".
شعرت بالإختناق فقبضت علي معصمه لتسحبه للخلف بشراسة فتابع هو مقاومتها الهزيلة بتسلية،تلاحقت أنفاسها بصورة عنيفة و هي تحاول بلا توقف إستنشاق الهواء بصورة طبيعية و لكنها لا تستطيع فزاد هو من ضغطه علي رقبتها لتبدأ هي في التحرك بصورة عصبية عشوائية فتركها بأخر لحظة و هو يري حالة اللغوب التي أصابتها بإستمتاعٍ مريضٍ،تابعتها بنيتاه و هي تقع أرضًا بضعفٍ و شعور الذل يسيطر عليها!
جثي علي ركبتيه حتي وصل لمستواها ثم هتف و نظراته اللعوب ترمقها و ترمق جسدها بلا هوادة:
-تعرفي إنك عجبتيني!
إقترب أكتر ليضع كفه خلف عنقها يقربها منه حتي أصبح وجهها قريب من وجهه بصورة لا توصف فدبت القشعريرة بجسدها بينما هو تابع بغموضٍ و بنبرة مبهمة غير مفهومة:
-بس دة ميمنعش إن أيامك هتفضل سودة.
ثم تابع و الشر يتطاير من عينيه قابضًا علي فكها بكفه الأخر:
-ميمنعش إني هخليكي تتمني الموت و متلاقيهوش.
ثم إقترب بوجهه أكثر ليقبل عنقها بقبلاتٍ بطيئة قتلت روحها المذعورة فإرتجفت رعبًا خاصة عندما أكمل بإصرارٍ:
-ميمنعش إني هخليكي تندمي علي اليوم اللي فكرتي تأذيني فيه!
ترجته بنبرة مهزوزة و هي تدفع صدره و قد إنهارت قوتها المزيفة لتنهمر دموعها الحارة:
-أرجوك إبعد.
إبتسم بإنتصارٍ فها هو مبتغاه يتحقق، بينما هي تشعر ببسمته الكريهة علي عنقها فندمت وقتها أشد الندم عما قالته لتجفف دموعها سريعًا عندما بدأ هو بالإبتعاد تاركًا إياها صائحًا بحدة:
-"صبحي".
و بعد عدة ثوان أتي ذلك الحارس ليقول بهدوء:
-أمرك يا "زياد" باشا.
هتف بجدية و هو يمرر عينيه عليها و هي تحاول السيطرة علي إرتجافتها، و هي ترمقه بإزدراء بلا توقف:
-إطلب أي دكتور تبعنا عشان يعالج جروحها دي.
ثم تابع بنبرة مبهمة و هو يرمقها بتوعدٍ:
-مش هينفع أخدها معايا بمنظرها دة.
اومأ له الحارس و هو لا يستطيع مناقشته، ثم خرج الأثنان ليتركوها بمفردها لتجوب بنظرها المكان باحثة عن أي طريقة لتهرب بها و لكن لا فائدة و من شدة غضبها و غيطها اللا محدودين صرخت بضيقٍ و هي تضرب قدميها بالأرض هاتفة بحنقٍ:
-إية اللي انا عملته في نفسي دة!
هزت رأسها نافية بهستيرية لتقول برفضٍ لمصيرها المحتوم:
-لازم أعمل حاجة، لازم أتصرف قبل ما الدكتور دة يجي.
إستمعت لصوت "سيدة" البغيضة من الخارج يقول بإحترامٍ:
-خلاص يا "زياد" باشا تقدر تمشي دلوقتي و انا بعد ما الدكتور يمشي هبعتهالك علي بيت حضرتك.
إبتسمت بأملٍ عندما سمعت ما قالته تلك ال "سيدة" فتنهدت براحة و هي ترسم خطتها بكل خبث و دهاء!
____________________________________________
-طب حاجة أخيرة يا باشا، "سهيلة" هنقتلها إمتي!؟
قالتها "سيدة" بإبتسامة مريضة متلذذة بما يحدث فرد عليها "زياد" و تلك الإبتسامة الجانبية الشيطانية ترتسم علي ثغره:
-إحنا مش هنقتلها يا "سيدة"، إحنا هنعمل حاجة تموتها بالبطئ.
سألته بتعجبٍ حقيقي و هي تعقد حاجبيها بإستفسارٍ:
-اللي هو إية يا باشا!؟
هتف بجمودٍ بدون أن يرف له جفن و كأن ما يقوله معتاد و أكثر شئ يصيب المرد بالذهولٍ هو بروده الذي لا يوصف:
-إرموا بنتها في أي ملجأ و متعرفوهاش مكانها و خليها تتحسر علي بنتها عشان تتعلم و تعرف مين هو "زياد النويري".
ثم أكمل بشرودٍ و توعدٍ و الشر يتطاير من عينيه:
-أما الكلب اللي إسمه "إسامة" ف دة انا هعرف أتصرف معاه.
____________________________________________
أخذت تذرف دموعًا حارة تلهب وجنتيها ندمًا علي ما فعلته!.. نعم فقد باعته لذلك الرجل الذي طلب منها عدة معلومات، فعلت ذلك قسرًا عندما هددها ذلك الحقير بإبنتها فزاد نحيبها عندما تذكرت إبنتها المسكينة المريضة التي باتت بين براثن ذلك ال "زياد"!
ووقتها وجدت "سيدة" تدلف و علي وجهها تعابير حادة قاسية كالمعتاد فصرخت هي ما إن رأتها بتوسلٍ:
-أبوس إيدك يا "سيدة" بنتي عيانة و عندها سرطان أبوس إيدك إتصرفي متعملوش فيها حاجة.
تسمرت "سيدة" بمكانها عندما تذكرت إبنتها التي توفت بسبب ذلك المرض، و بعد ما حدث تركت زوجها لتعمل مع "زياد" بتلك الصورة الشنيعة، تجمدت تعابير وجهها و لم تنبس بكلمة واحدة، و فجأة تقلصت تعابير وجهها بألمٍ لتحاول السيطرة علي عبراتها الخائنة!
و بعد صمت دام لعدة دقائق ردت "سيدة" بنبرة شبه مبحوحة:
-سيبيلي الموضوع دة أنا هتصرف فيه.
___________________________________________
شعرت بخطواتٍ تقترب من الغرفة التي هي بها فإبتسمت بمكرٍ و هي تنتظر، ها هي خطتها ستنجح أمام عينيها!
شددت قبضتها علي تلك العصا الغليظة التي بيدها و هي تنتظر إنفتاح الباب بنفاذ صبر.
و بالفعل بعد عدة ثوان إنفتح الباب ليظهر ذلك الجسد الضخم فلم تتردد و أخذت تضربه عدة ضربات عنيفة علي رأسه بتلك العصا بينما وقع هو سريعًا صارخًا بألمٍ فإنطلقت هي راكضة للخارج سريعًا قبل أن يستمع أحد لصراخ ذلك الأحمق و يأتي!
خرجت من المكان بصعوبة و هي تركض دون النظر خلفها و من سوء حظها رأها ذلك الحارس الذي أخذ يركض خلفها و هو يخرج هاتفه من جيبه ليهاتف شخص ما.
سبته بسباب لاذع و هي تكمل ركضها لاهثة بإنهاكٍ، نظرت خلفها لتجد ذلك الحارس إختفي فإنقبض قلبها خوفًا من المجهول و فجأة إصطدمت بتلك السيارة لتخرج شهقة قوية منها عندما رأته يخرج من السيارة و علي وجهه علامات ساخرة قاسية تتوعد لها بالكثير و الكثير فعلمت وقتها إنه لا هروب، لا هروب من مصيرها المحتوم!
و لكن عقلها أبي تلك الفكرة لذا سريعًا ما إستدارت لتركض فوجدت أمامها ذلك الحارس لتلتفت له بغيظٍ لم تستطع إخفائه صارخة بإنفعالٍ:
-إنتَ عايز إية مني!؟
إقترب منها ليسحبها نحوه و هو يقبض علي خصلاتها المشعثة، ثم أشار لحارسه ليغادر المكان بينما هي تقبض علي قميصه صائحة بشراسة لم تتخلي عنها:
-انا مأذيتكش إنتَ اللي بتأذي الناس بالقرف اللي بتتاجر فيه.
إبتسم بإستخفافٍ ليهمس بسخرية و عينيه تشتعل بوميضٍ مرعبٍ:
-كنت عارف إنك ورا الصحفي اللي إسمه "إسماعيل"
فغرت شفتيها بصدمة لتجحظ عيناها برفضٍ هاتفة بنفي و هي تهز رأسها بهستيرية:
-لا "إسماعيل" مالوش دعوة انا اللي عملت كدة من دماغي.
هز رأسه ببراءة مزيفة هامسًا بأسفٍ مصطنع:
-ياما حذرته بس هو مبيسمعش الكلام، أعمل إية بس!؟
هزت رأسها برجاء، و هي تصرخ بإهتياجٍ، و قد إحتقن وجهها بالدماء من فرط الغضب، و هي تهزه لتشدد قبضتها أكثر علي قميصه:
-قولتلك ملهوش دعوة إنتَ مبتفهمش.
قبض علي ذراعيها ليلويهم خلف ظهرها بقسوة مقربًا إياها منه حتي إلتصق صدرها بصدره الضخم، بينما أنفاسه الحارة تلفح وجهها لتجلعها تشعر بإرتباكٍ شديدٍ خاصة عندما همس بخبثٍ:
-تفتكري أقتله!؟
ثم أكمل و هو يتابع تعابير وجهها المرتعدة بتسلية:
-ولا أقتل مراته و عياله أحسن!؟
هزت رأسها برفضٍ صائحة بتحذيرٍ:
-إياك تقرب منهم هقتلك يا "زياد" يا "نويري" لو قربت منهم.
أطبق جفنيه ليقترب هو منها ليدفن وجهه بعنقها يستنشق رائحة عطرها بإستمتاعٍ، بينما هي تحاول الإبتعاد برأسها و ما زاد الأمر صعوبة هو كفه الغليظ القابض علي خصلاتها ليقربها منه و بعد عدة ثوان همس بنبرة لا تطمئن:
-مش عيب تبقي بين إيديا و مش عارفة تعملي حاجة و تهدديني كمان!
تشنج جسدها بين يديه بسبب شعور الإشمئزاز الذي سيطر عليها فإبتعد هو قليلًا تاركًا خصلات شعرها و لكنه شدد قبضته علي ذراعيها فتأوهت بقوة لترمقه بإزدراء هاتفة بكراهية تشع من عينيها بوميضٍ عجيبٍ و هي لا تتخلي عن قوتها تلك بعد:
-إنتَ يالا مش طبيعي صح، عايز تتعالج مش كدة!
مرر أنامله علي خصلاتها المموجة لتنفض هي رأسها بعنفٍ!
ترك ذراعيها لتقف هي أمامه بتحدٍ واضحٍ و كأنها لا تهتم لبطشه بينما هو قرب كفه مجددًا منها ليجذبها نحوه من خصرها فتأوهت هي صارخة بألم بسبب ضغطه علي إحدي الكدمات التي ملئت جسدها فهتف هو بإحتقارٍ ظهر في نبرته الحادة:
-بردو عاندتي و ما إستنتيش الدكتور يعالج جروحك.
ثم تابع بلا مبالاة و هي يسحبها خلفه من معصمها:
-براحتك خليكي بمنظرك اللي يخوف دة محدش هيسأل فيكي.
إنساقت معه كالبهيمة و هي تدمدم بسباب لاذع علي حظها الذي أوقعها بين يدي ذلك الوحش و لكن!... و لكن "نورسين" لا تستسلم بسهولة!.. لذا لم يتم تحديد من ظفر بالمعركة بعد!
____________________________________________
أخرجت مفتاحها لتضعه بمكانه بالباب ثم أدارته ببطئ لتفتح الباب و هي تلج للداخل لتجدها جالسة علي تلك الأريكة ترتجف بخوفٍ، تلاشت تعابير القسوة من علي وجهها لتحل أخري حنونة ثم أخذت تقترب من تلك الصغيرة هامسة بنبرة عذبة:
-مالك يا حبيبتي في اية!؟
تعالت شهقات تلك الصغيرة بعدما إنهمرت دموعها هاتفة ببراءة:
-أنا عايزة ماما.
تنهدت "سيدة" قبل أن تهتف بإبتسامة بثت الأمان لقلب تلك الصغيرة:
-مامتك وراها شُغل الفترة دي و هي قالتلي إني أخُد بالي منك طول فترة شُغلها، و بعدين صح نسيت إنتِ إسمك إية!؟
جففت الصغيرة دموعها بأكمام قميصها قبل أن تهمس بنبرة طفولية عزفت علي أوتار قلب "سيدة" لتتذكر إبنتها:
-إسمي "نرمين".
اومأت لها "سيدة" قبل أن تهمس بترددٍ و هناك إبتسامة مُرتجفة ترتسم علي ثغرها:
-و أنا ماما "سيدة".
اومأت الصغيرة لتهتف بعدها بنبرة خافتة و هي تضع كفها الصغير علي بطنها:
-أنا جعانة يا ماما "سيدة".
شهقت "سيدة" ليسيطر عليها شعور الذنب فأخذت بكف الصغيرة ليتجهتا ناحية المطبخ وسط ضحكاتهما العالية!
____________________________________________
فتح الباب الأمامي ليمد يده بالداخل ساحبًا إياها من معصمها بينما هي شاردة و بحركة مفاجأة ليصبح هو خلفها و عينيه تلتمع بوميض لا يبشر بالخير أبدًا ليقول بغموضٍ بينما هي تتقلص ملامحها إشمئزازًا:
-هنا هتكون حياتك جحيم يا "نورسين"..!