رواية حطام عشق الفصل الخامس 5 بقلم سارة علي
الفصل الخامس
كان ساهر يقود سيارته عائدا الى منزله يفكر في وضع العائلة وما حل بهم ..
غزل وما وصلت إليه .. مشكلاتهم التي لا تنتهي .. ورغم هذا كله كان يعلم جيدا أن لكل بداية نهاية وأن هذه المشكلة ستنتهي عاجلا أم أجلا بمساعدة جميع أفراد عائلته ..
في تلك اللحظة إتجهت أفكاره نحو تلك الطبيبة النفسية التي تولت علاج غزل .. تذكر نظراتها الحادة نحوه بعدما قاله في وجهها مستهينا بها ..
يعترف بأنه مخطأ ولم يكن من عادته يوما أن يخطئ في حق أحد أو يتعصب عليه ، لطالما عرف بهدوءه وحكمته وقوة أعصابه لكن ما يمرون به لم يكن هينا عليه .. أوقف سيارته أمام باب الفيلا الخاصة بعائلته وأخذ نفسا عميقا قبل أن يغمض عينيه فتظهر صورة تلك الطبيبة أمامه من جديد مما جعل شعور الذنب يسيطر عليه .. لقد أهانها بشكل مؤلم ولن يرتاح ضميره حتى يعتذر منها على فعلته هذه ..
رنين هاتفه أيقظه من أفكاره تلك ففتح عينيه بسرعه وحمل الهاتف ليجد روجينا خطيبته تتصل به .. أجاب على الهاتف فورا وهو يقول :
" حبيبتي ، كيف أصبحت الأن ..؟!"
كان يعلم أنها مريضة قليلا فاجابته وهي تسعل قليلا :
" افضل من البارحة ، وأنت كيف حالك ..؟!"
أجابها بجدية :
" أحاول أن أكون بخير .."
ردت عليه بضيق :
" ما زلت تفكر بأمر ابنة عمك تلك..؟!"
صاح بها بحدة :
" انتبهي على حديثك يا روجينا .. ابنة عمي تلك اسمها غزل ..."
مطت روجينا شفتيها وقالت بغضب مخفي :
" أعلم هذا ولكن ما لا أعلمه هو سبب دفاعك المستمر عنها وإهتمامك الزائد بها .."
أغمضت عينيها لوهلة تحاول كتم مشاعرها التي فاضت أمامه لكنها لم تستطع فأكملت بعصبية :
" أنت تهتم بها كثيرا يا ساهر .. تهتم بها بشكل مبالغ فيه .."
زفر ساهر نفسا قويا وهو يفكر أنه لن يتحمل غيرة روجينا المملة أكثر من هذا ثم حاول تهدئة نفسه وقال بصدق :
" أقسم لكِ يا روجينا أن غزل كانت وستكون بمثابة اخت لي ، إنها أختي الصغيرة التي لم تنجبها أمي .. إفهمي هذا من فضلك وإستوعبيه .."
قالت روجينا بصوت مبحوح :
" أنت تحبها أكثر مني يا ساهر .."
صاح ساهر وقد بدأ يفقد أعصابه تدريجيا :
" من قال هذا ..؟! لكل واحدة منكما معزة خاصة لدي .. افهمي هذا .."
حل الصمت المطبق بينهما .. صمت قطعه وهو يهتف بجدية :
" أنت ما زلت مريضة وبحاجة الى الراحة ، عودي الى فراشك وارتاحي قليلا .."
ثم أغلق الهاتف في وجهها وهبط من السيارة متجها الى داخل الفيلا .
هناك وجد أخته الصغرى ريما تجلس على الكنبة في صالة الجلوس يبدو عليها الوجوم والقلق ..
اقترب منها ملقيا التحية على مسامعها هاتفا بنبرة هادئة :
" كيف حالك يا ريما ..؟!"
تطلعت إليه ريما بقلق وسألته بلهفة :
" أنا بخير ، ماذا عن غزل ..؟! كيف حالها ..؟!"
أجابها وهو ينتبه الى ملامحها المرهقة :
" بخير ، يعني أفضل من الأيام السابقة .."
نهضت ريما من مكانها ووقفت أمامه تهتف به :
" ماذا ستفعلون يا أخي ..؟! كيف ستتصرفون ..؟!"
تنهد ساهر بحرارة وقال :
" الأمر أسوأ مما تتخيلين يا ريما ، ونحن نحاول بكافة الطرق أن نتلافاه .."
نظراتها كانت متألمة وهي تقول بوجع :
" ليت الأمر ينتهي على خير دون أية خسائر .."
قال ساهر بإبتسامة محاولا طمأنتها :
" سينتهي على خير باذن الله .. لا تقلقي يا عزيزتي .."
ثم أردف متسائلا :
" هل إتصلت راندا بكِ ..؟!"
اومأت برأسها وهي تجيبه :
" نعم وكانت تريد المجيء الى هنا .."
قال ساهر على الفور :
" لا داعي لأن تأتي ، لتبقى هناك أفضل لها .."
استطردت ريما بحزن شديد :
" كانت تبدو حزينة لأجل غزل وتفكر في الإنتقام بأية طريقة .."
رد ساهر بقوة :
" قولي لها أن تبتعد عن هذه الأفكار المجنونة أفضل لها ، لن نحل مشكلة واحدة لندخل في مشكلة الاخرى .."
اومأت ريما برأسها دون رد لينظر ساهر الى الطابق العلوي ويهتف متسائلا بجدية :
" ماذا عن أمي ..؟! كيف حالها ..؟!"
" لقد صعدت الى غرفتها منذ حوالي ساعة كي ترتاح قليلا وتنام .."
اوما ساهر برأسه متفهما ثم قال بحنو :
" أنا أيضا سأصعد الى الطابق السفلي كي أنام وأرتاح .. تصبحين على خير .."
ردت عليه ريما :
" وأنت من أهل الخير .."
اتجه ساهر نحو السلم مرتقبا درجاته الى الطابق العلوي بينما عادت ريما الى الكنبة ..
.....................................................................................
دلف حسام الى المنزل متأخرا ليجد المكان فارغا فيبدو أن الجميع نائمون في غرفهم ..
لقد قضى الليلة بأكملها يقود سيارته بلا وجهة محددة .. كان تائها محتارا للغاية .. لا يعرف كيف يفكر وماذا سيفعل .. يشتاقها رغما عنه .. رغما عن قلبه الذي يحاول نسيانها .. لم يظن يوما أن ما فعله سينقلب ضده ويتعلق قلبه الذي أدمن وجودها بها ..
لقد انقلب السحر على الساحر بشكل فاجئه هو بنفسه .. بشكل لم يتوقعه مطلقا ولم يستسيغه ..
هو حسام رشدان ذو الشخصية الصارمة القوية يقع أسير هوى فتاة وليست أي فتاة بل هي إبنة ألد أعداءه وأكثر شخص يكرهه في العالم ..
ولكن ما باليد حيلة ، لقد وقع في أسر عشقها وإنتهى أمره مرميا على رصيف العشاق وحيدا بلا داعم ...
ألقى بجسده فوق سريره وأغمض عينيه للحظات لتظهر صورتها أمامه بعينيها الخضراوين وشعرها البني القصير بعض الشي ..
ملامحها الطفولية اللي تضج بالشقاوة والعند ..
عاد بذاكرته الى الخلف وتحديدا الى اليوم الذي بدأ به كل شيء ...
ذلك اليوم الذي جاءه به خبر مقتل والده في رصاصة غادرة ..
والجاني معروف ولا يقبل الشك ..
حينها أقسم بروح والده ان يأخذ بثأره ولو بعد حين ...
هل كان يعلم أن رغبته بالحصول على ثأر والده ممن قتلوه سوف تنقلب ضده ..؟! ربما لو كان يعلم ما سيحدث ما كان ليخطو خطوة واحدة الى الامام او ربما العكس ..
...................................................................................
كانت غزل ممددة على سريرها ، عيناها مفتوحتان تنظران الى سقف الغرفة بجمود ، وجهها يسيطر عليه الوجوم ، عقلها شارد بعيدا ..
كانت تفكر بما حدث معها وكيف حدث ... كيف وصلت الأمور بينهما إلى هنا ..؟! لماذا سمحت له بأن يدنس برائتها ويغتصب شرفها ..؟!
بل كيف طاوعها قلبها على تدمير سمعة والدها ..؟!
سالت دمعة حارقة على وجنتيها .. دمعة جعلتها تستعيد وعيها تدريجيا ..
اعتدلت في جلستها بينما أخذت دموعها الحارقة تهبط من مقلتيها بغزارة ..
كانت تبكي كل شيء مرت به خلال الاشهر القليلة الفائتة ...
ظلت على هذه الحال حتى حل الصباح ودلفت الممرضة إليها لتقترب منها ما إن لاحظت وجهها الشاحب وملامحها المرهقة وعينيها المنتفختين:
" أنتِ لم تنامي طوال الليل ...؟!"
سألتها الممرضة بقلق لتهب غزل في وجهها بعصبية وإندفاع :
" ما علاقتك أنتِ ..؟! نعم لم أنم طوال الليل .. هل سوف تحاسبينني ...؟! اخرجي من هنا .. اخرجوا جميعا .."
وفي نفس اللحظة كانت أية تلج الى الداخل وتقترب من غزل غير متفاجئة من أصوات الصراخ والصياح التي تصدر منها ..
" ماذا حدث يا ضحى..؟!"
سألت أية الممرضة والتي تدعى ضحى لتجيبها الأخيرة بتوتر :
" لا أعلم يا دكتورة ، لقد جنت تماما ."
ثم هربت مسرعة من أماميهما لتهب غزل في وجه أيه وهي تصرخ بإنفعال شديد :
" ماذا تريدين أنتِ الأخرى ..؟! اخرجي من هنا حالا قبل أن أقولك بيدي هاتين .."
" غزل اهدئي واسمعيني .."
حاولت أية تهدئتها إلا أن غزل كانت في عالم أخر حيث لم تستوعب ما حدث بل ظلت تصرخ بها وتطلب منها الخروج قبل أن تقبض على قميصها وتجذبها نحوه وهي تكمل بصوت مرعب :
" سوف أقتلك يا هذه .. أنتِ السبب في كل شيء .. أنتِ من أدخلتني إلى هنا .."
وقبل أن تكمل غزل حديثها كانت أية تصفعها على وجهها بقوة ...
يتبع