رواية رجل يعني ذئب الفصل الثاني 2 بقلم اية سيد
الفصل الثاني
بعد مرور سبع سنوات
في غرفه مظلمه تغلفها البروده من كل ناحيه
تستلقي طفلتنا زهرة ذات السبع اعوام علي بلاط الارضيه وهي تنكمش علي نفسها من شدة البروده وتصك اسنانها ببعض بأرتعاش
فهي منذ ايام وهي حبيسة في تلك الغرفه الموحشة شديدة الرطوبه..
لتفتح سيده في منتصف القرن الثالث من عمرها الباب فتتسلل بعضا من اشعة النور للغرفه..
هي سيده ليست ذات قوام رشيق إطلاقا بل ان جسدها ممتلئ بعض الشئ كما ان وجهها ممتلئ بكدمات آثر سكينا او ما شابه ذلك بحيث يبدو مخيفا جدا للاطفال
لتهتف بصوتها المخيف لتلك المسكينه الراقده علي الارضيه لا حول لها ولا قوه: انجري يا بت ادامي سيد المعلمين عطاكي أفراج...
لتنهض الطفله بتعب ثم تهمس لها بانهاك وخفوت: والنبي يا معلمه انا جعانه وعايزه اكل اديلي يومين مدقتش طعم الاكل..
المعلمه والتي تسمي سميحه القط: اخرسي يا بت.. بقي ليكي عين وعايزه تتطفحي وانتي وجودك زي عدمه.. وكل شغلانه تشتغليها لازم تفشلي فيها بأمتياز..
كانت ملامح الطفله باهته وشفتاها مزرقه ومن ينظر اليها يظنها شبحا مميتا خرج للتو من قبره..
الطفله: والله يا معلمه هنفذ بعد كده كل اللي تقولولي عليه بس وحياة المعلم عندك توكليني..
تمسكها تلك القاسيه عديمة الرحمه والانسانيه من معصم يدها بغلظه وتجرها لخارج الغرفه..
وامام رجل يجلس علي كرسي تلقيها بعنف حتي تسقط عند قدميه علي الارض..
فيهتف الرجل بغلظه وصوته المخيف : فيه ايه يا قط علي الصبح ..البت دي زعلتك في حاجه تاني..
سميحه بجبروت: البت مقصوفة الرقبه دي اللي مش عارفه حدفوها علينا من اي داهيه.. ليها عين تتكلم وبتقولي عايزه تاكل دي اللي بتجيبه من الشغل ميجيش ربع اللي بيجبوه المقاطيع التانيين.. وقال ايه عايز تاكل.. مش لما تعملي بلقمتك الاول يا بنت ال ... ولا بلاش..
لتنهض الطفله وتقبل يد المعلم الممسكه بخرطوم الشيشه هامسه برجاء ودموع: جعانه يا معلم وعايزه اكل.. وانا والله هشتغل اليوم بطوله وهرجعلكم بسبوبه كويسه..
كان ذاك الرحل يجلس علي الكرسي وهو يمسك بيده خرطوم شيشه وينفث دخانه لاعلي بتملك كأنه ملك يجلس علي عرش مملكته..
وبجواره جلست سميحه القط لتلتقط هي الاخري خرطوم الشيشه وتنفث دخانه لاعلي بأستمتاع
كأن قلوبهم صُنعت من حجاره وغُلفت برخام..
فكيف يرونها بتلك الحاله ولا تتحرك قلوبهم نحوها قيد انمله
لينادي بصوته الجهوري علي عزيزه
وهي فتاه في مقتبل العمر تحضر لهم الطعام وتنظف المكان بالاضافه لتحضير الشيشه التي يشربها الاثنان ومشروبات كالشاي والقهوه وغير ذلك..
المعلم وهو يضع ساق فوق الاخري وكرة البلياردوا هذه تتدلي لاسفل نقصد بهذا (كرشه الضخم)
فهو رجل ثمين للغايه ذو ملامح قاسيه ومخيفه
ويسمي لمعي أبو شنب
لمعي: حضريلها لقمه تاكلها بس مش أوي لقمتين كده خفافي عشان تروح لشغلها خفيف خفيف.
حسبي الله ونعم الوكيل طفله لم تتعدي سبع اعوام ولم تذق الطعام منذ يومين ..فقط تأكل لقمتين من الطعام.اي قلوبا هذه التي يمتلكونها.
عزيزه بخنوع: أمرك يا معلم..
ثم تنظر للواقفه هاتفه بغلظه: يلا بت معايا.
لتذهب معها الطفله..التي تكاد تفقد توازنها من قلة الاكل
********
علي عكس ذاك المكان المتواضع للغايه..
في قصر فخم وكبير ينتمي لآل الزهار
كانت الداده تمسك بيدها الطبق الذي به طعام وتجري وراء نوران التي ترفض تماما تناول المزيد من الطعام.
الداده بأنهاك : يا بنتي تعالي هنا غلبتيني معاكي.. تعالي بس كلي لقمه واحده وخلاص بعد كده..
نوران ببراءه: لا يا داده انا زهقت من الاكل وخلاص معدتي اتملت
الداده وهي تزفر بضيق: طيب متتحركيش من هنا.. هروح اجيبلك مشروب الشيكولاته بتاعك وهرجعلك علطول..
نوران : حاضر يا داده..
ثم لمحت من بعيد أخاها ذات الخمس اعوام ونصف وهو يعبث بألعابه..
لذا اقتربت منه بمكر حتي وقفت خلفه وبسرعه انتشلت اللعبه التي كان يلعب بها من بين يديه ليصرخ وهو يبكي
أسمه سليم
سليم ببكاء: هاتي لعبتي..
نوران بعند: لأ
بعدها نهض ليتوجه لغرفة والدته ليشكل لها فعلة اخته
في الغرفه الواسعه.
كانت منال جالسه علي الاريكه رهي تضع ساعدها أسفل ذقنها تنظر بشرود للخارج من خلال النافذه حيث الحديقه الواسعه الممتلئه بأنواع الزهور والخضره الزاهيه
وعلي جانبها الايمن
صوره في إطار لطفله رضيعه ترتدي ملابس ورديه رائعه ومعلق في رقبتها قلاده من الالماظ الثمين لم يمهلها الزمان وقتا حتي تتشبع منها ومن ملامحها
هي ابنتها زهره التي لم تغب عن عقلها وقلبها طوال هذه السنين التي مرت.. وفي كل مره تتذكرها يحترق قلبها اكثر وأكثر عليها
فقد بحث مالك كثيرا عنها وكذلك الشرطه بذلت مجهود مضاعف لأيجادها لكن في النهايه لم يتم العثور عليها حتي تناست العقول وانشغلت العيون وباتت هي في حسره لفقدان رضيعتها التي لم تتشبع بعد من بحر امومتها..
مرت سنتان علي وفاة زوجها مالك وهي الان تبكي حسره ودموع لفقدان اغلي اثنان علي قلبها ابنتها وزوجها الحبيب..
مسحت دموعها علي الفور عندما سمعت صراخ الصغير سليم خلفها
فأستدارت له بأبتسامه واهنه لتهمس: خير يا حبيبي بتبكي ليه..
سليم ببكاء طفولي: نور خدت مني اللعبه
ليأتيه صوت نوران ببراءه: بصي يا ماما انا عايزه العب معاه باللعب بتاعته..
لتزفر بضيق وهي تقترب من نوران هامسه: هاتي اللعبه يا نور..
نور وهي تناولها اللعبه بأمتعاض:اتفضلي ..
فتعطيها ل سليم بابتسامه فتتهلل ملامحه ويخرج لسانه ل نوران مغيظا إياها بعدها يذهب ليتابع لعبه..
فتنحني منال لمستوي ابنتها المغتاظه هامسه برقه: نوران امتي بقي هتبطلي شقاوتك دي.. وبعدين قولتلك مية مره بلاش تضايقي سليم لانه صغير يا حبيبتي بل بالعكس احتويه وقربي منه..اوكيه يا نور.
.
نور بأستسلام: اوكيه يا مامي..
*****************
في جنينه واسعه
كان هناك صغير يستلقي بأريحيه علي العشب الأخضر ويضع ساعده اسفل رأسه ويده الاخري تمسك بكتاب يقرأه بتمعن
عندما وقفت امامه طفله تحك قدميها ببعض بأرتباك
فلمحها وقال بعدم مبالاه: خير يا نداء واقفه كده ليه
نداء بأرتباك ووجها محمر من شدة الخجل : اصل اصل..
بعدها مدت يدها له علي الفور بورده حمراء
الطفل بحاجبين مقطبين: ايه دي..
نداء: الميس بتاعة الفصل بتاعنا قالتلنا اننا ندي الورده دي لحد غالي علينا
صمتت لتهمس بتلبك: وعشان كده جيت اديهالك..
ليستقيم جالسا ويأخذ منها الورده
ثم يظل يتمعن اليها بعدم مبالاه بعدها
ثم فجأه يلقيها علي الارض امامه بل لم يكتفي بفعل ذلك فقط بل انه نهض من مكانه ليدهس بقدمه علي الورده بكل قسوه
فيهتف لها بسخريه وكل برود: دي لاني بكره الورود وخصوصا انها ملهاش قيمه..
بعدها يتركها ويذهب
لتظل هي متسمره في مكانها بذهول ثم تتجه نحو الورده الملقاه علي الارض لتتلمس شظاياها المتبقيه منها بدموع..
اما الطفل فذهب لوالدته هاتفا بغلظه : ماما.. مش يلا بقي نمشي من هنا..
لتجيبه فاطمه: حاضر يا غالب ثواني وهنمشي وكمان هتصل بباباك يجيبلنا العربيه توصلنا..
فيجلس بتأفأف علي الاريكه
وأمتعضت ملامحه عندما رآها
لتقترب منه بغنج هامسه: ازيك يا ابن انكل حاتم..
غالب ببرود وهو يكتف ذراعيه: اللي يسلمك يا بنت اونكل مروان..
لتنظر له بغرور وهي ترفع احد حاجبيها لتتركه بعد ذلك وتذهب للخارج..
أقتربت من اختها الباكيه لتهمس: قولتلك انه ممكن يعمل معاكي كده.. يا بنتي ده مغرور انا مش عارفه انتي مهتمه بيه علي ايه..
نداء بدموع وخيبة امل: انا مش مهتميه بحد انا بس قدرته كصديق عن اذنك..
لتتركها وتذهب فتهمس سلمي وهي تراقب طيف خيالها الراحل: عليا بردوا الكلام ده يا ندوش دا انا عارفاكي كويس..
نداء سلمي وغالب كلهم ابناء عمومه..
نداء وسلمي مروان الدمنهوري
ابنتي رجل من كبار رجال الاعمال
وكذلك غالب حاتم الدمنهوري ابن حاتم الدمنهوري شريك اخيه مروان الدمنهوري في شركه الدمنهوري العريقه...