رواية شيراز وأسطورة الشبح الساذج الفصل الثاني 2
جلس "تامر" بجوار قبر شيراز وهو في حيرة من أمره،
هل يُلقي تعويذته الوحيدة على هذا القبر المطموسة نصف الحروف المكتوبة على شاهده، تامر الذي لا يُلقي جسده أيّة ظلال... تامر الشبح.
قال لنفسه: أنا مُمكن أجرّب فكرة حلوة، أنا هأقول نصف التعويذة بس، ولو هو قبر شاهيناز حبيبتي هاعرف وأكمّل نُص التعويذة التاني ونعيش مع بعض للأبد...
أُعجب تامر بفكرته جدًا واعتدل ليكون أمام قبر شيراز مباشرة، إِلَّا أنّه تعثّر في حافة القبر وانكفأ على وجهه، وقف تامر من سقطته وهو يبرطم ويسبُّ ويلعن .. ثم أنّه لوي كاحله عند وقوفه، فأمسك قدمه بيديه الإثنتين وأخذ يتأوه ويقول : آااه ... أوووه .. آاااي .. وهو يقفز على قدمه الأخرى...
حينها كانت تمرُّ عربة كارّو قريبًا من المكان، فسمع سائقها العجوز صيحات التأوهات التي تشبه عواء الذئاب... وحين نظر إلى ناحية قبر شيراز، وجد هذا الشكل الغريب الذي يتقافز على ساق واحدة حول قبر شيراز ويُلقي صيحات الذئاب، فقلّب العجوز وجهه جيئة وذهابًا ومصمصَ شفتيه وهو يقول في امتعاض: هوّ البرشام وصل لقريتنا هنا كمان؟!، ربنا يتوب علينا من المعاتيه دول.
اعتدل تامر وهو يعدّل من نفسه وملابسه ويتحامل على قدمه وهو يقول: دلوقتي اللحظة اللي مستنّيها من سنين طويلة أنا هنا يا شاهيناز يا حبيبتي.
بدأ تامر في إلقاء التعويذة قائلًا وهو يمد ذراعيه للأمام: السُبْ الُلء التُء البوء... ايه!!
توقف تامر قليلًا وهو يقول: هيّ التُء الأوّل والّا البُوْء، يخربيتك يا تامر بقالك مية سنة بتحفظ التعويذة وجاي تنساها دلوقتي .. ده انت فقر.
ثم أخرج من جيب معطفه المهترئ ذو الخروق والفتحات ورقة صفراء قديمة جدًا مكتوبة بحبر أحمر قد ذهب لونه، اعتدل ليكمل التعويذة بشكل صحيح ولكن...
قال لنفسه: أنا لازم أمدّ أيدي للآخر وعاوز امسك الورقة في نفس الوقت اعمل ايه؟!!
هداه تفكيره أن يثبّت الورقة بين منتصف ذراعيه عند كوعه وهو يمدها إلى آخرها ناحية القبر، وفعلًا بدأ يقرأ تعويذته على هذا الوضع: السُبْ الُلء التُـ .. وفجأة هبّت ريح خفيفة فطارت الورقة من بين ذراعيه فتلعثم وتلخبط وركض خلف الورقة وهو يزُكّ بقدمه من أثر إلتواء كاحله فسقطت الورقة في وسط بِركة قريبة من الطين، فدخل تامر إلى البركة بلا تفكير وهو يخوض فيها فيرفع ساق إلى أعلى ويخطو خطوة طويلة ثم يرفع الأخرى ويخطو بها خطوة طويلة أخرى ويرفع معطفه القديم بيديه إلى أعلى حتّى لا يصبه الطين وهكذا ...
عندها مرّ الرجل العجوز بعربته الكارّو عائدًا عندما رآى تامر يتحرّك في الطين حركة القرود هذه فتمتم قائلًا: الله يخرب بيوتكوا على بيوت تجّار الحشيش اللي بتستعطوه يا غجر.
أخيرًا ... أمسك تامر ورقة تعويذته .. وثبّتها بحجر صغير فوق قبر شيراز ومدّ ذراعيه وبدأ في إلقاء نصف التعويذة وهو في قمّة الإثارة والشوق:
السُبِّ الُلء التُء البوء النُّء النُّء
السُبْ الُلء التُء البوء القبر تزُء
تخرج وتنء ...
ثم توقّف عند منتصف التعويذة وهو يقيس بيده عدد الأسطر ليتأكد أنّ توقفه في المنتصف تمامًا ... عندها اهتزّ سطح القبر وتشقق تشققات صغيرة ثم حدث شئ عجيب...
لقد خرج من القبر طيف شفاف وأرتفع أمام وجه تامر .. الذي رجع إلى الخلف في سرعة فتعثر وسقط على ظهره ثم اعتدل وهو ينظر إلى الطيف أمامه ويقول: ايه ده؟! انتي مين؟!