رواية زوجتي الدميمة الفصل الثامن عشر 18 كاملة - أميرة مدحت
أسوأ شعور قد يمر بـهِ أي شخص، شعور لا يمكن وصفـه بـ كلمات، أعتره الفزع والذعر حينمـا وجدهـا قد أغشى عليهـا بعد معرفتهـا بما أصابهــا، أسندهـا بذراعـه القوي وحاول أن ألا يفلتهـا منـه، ثم وضع يده على طرف ذقنهـا مُحركًا وجههـا يمينًا ويسارًا ولكن فشلت محاولتـه في إفاقتـها، أنقبض قلبــه بقوة وتوجس خيفة عليهـا، نهض الطبيب "مُصطفى" وهو يهتف بصوتٍ هادئ:
-ماتقلقش يا دكتور كريم، تعالى ننقلهـا لأوضة الكشف.
أنحنى "كريم" بـ جذعـه للأسفل قليلاً ليضـع ذراعـه الآخر أسفل ركبتيهـا، ثم حملهـا بين ذراعيـهِ، ضمهـا إليهِ في خوف وهو مازال غير مستوعب، سـار بهـا راكضًا إلى الخارج متوجهًا نحو غُرفة الفحص، دخل الغُرفة ثم وضعهـا بحرص على الفراش، تراجع للخلف قليلاً ليسمح للطبيب بالمرور، أقترب "مصطفى" من الفراش وهو يقول بلهجة هادئـة لصَّديقـه:
-أطمن، خير إن شاء الله.
******
بعد فترة، كان أنتهى "مصطفى" من عملـه بعد أن ثبت أحد المحاليل بإبرة طبية في وريد يدهـا، نظر لـ "كريم" وهو يقول بعملية:
-ماتقلقش، هي دلوقتي الصدمة زودت تعبهـا مع قلة الغذا، فـ أنا أدتلهـا مهدئ، مش هتفوق تقريبًا غير بكرا الصبح، وهي هتفضل هنا فالمستشفى.
نظر "كريم" لـه وهو يسألــه بإهتمام كبير:
-ممكن توضيح لحالتهـا من ناحية مرضهـا؟؟..
رد عليـهِ بهدوء:
-لحُسن حظها أن المرض لسه في المرحلة الأولى، وبـ كده ممكن نسيطر عليـهِ بـ نسبة كبيرة، أنا لما كلمتك، كلمتك عشان ده تخصصك.
هز رأسه إيجابيًا بألم ليُتابـع "مُصطفى":
-طبعًا إنت لازم تنقلهــا للمستشفى بتاعتك ولازم تبدأ العلاج من بكرا، وإن شاء الله خير.
أغمض "كريم" عينيـهِ بقوة محاولاً التماسك وهو يقول:
-طيب يا دكتور مُصطفى، روح إنت مكتبك، وأنا هحصلك على طول عشان أشوف الملف الطبي بتاعهـا.
أومأ برأسـه بالموافقة ثم خرج بهدوء، سـار "كريم" نحو فراشهـا وجلس أمامهـا على ركبتـه، أمسك يدهـا ووضع جبينـهـا لتهبط دموعـه الحــارقة بألم، لم يتصور أنــه في يوم ما سيضطر أن يعالجهـا من ذلك المرض الخبيث، همس لهـا بصوتٍ متحشرج:
-مش هاسيبك، مش هاسيبك يا إيمان.
رفع رأسـه لتظهر عينيــهِ الحمراوين وهو يُضيف بهمسٍ وبإبتسامة توضح مدى عذابــه:
-هتحاربي يا إيمان المرض، وأنا هبقى معاكي، أطمني إنتي مش لوحدك، مش هاسيبك حتى لو آخر يوم في عُمري.
مسح على جبينهـا برفق وهو يُتابـع بعذاب وقد هبطت دمعـة حـــارة:
-بس إنتي حاربي، حـاربي وبس، الموضوع هيبقى صعب شوية، بس في الآخر هتنتصري عليـهِ وده المُهم.
رفع كف يدهـا إلى فمـه لـ يُقبَّلـه بـ قبلة رقيقة، ثم وضع يدهـا على صدره مكان موضع قلبـه عسى أن تشعر بـ نبضات قلبـه العالية التي تصرخ بعشقـه لهــا، همس لهـا بعشق دفين:
-أنا هفضل جمبك، أوعي تخافي.
تابـع وهو يشعر بأن قلبـه يتمزق:
-أنا هعمل إللي عليا والباقي على ربنـا.
******
كانت الساعة السادسة ونصف حينمـا أستيقظ "ظافر" من النوم، التفت بجانبـه ليجدهـا مازالت تغوص في نوم عميق، تقوس فمـه بإبتسامة صغيرة وهو يهبط من على الفراش بحرص، تحرك إلى خارج الغُرفة بخُطواتٍ حذرة حتى خرج وأغلق الباب بهدوءٍ شديد، هبط إلى الأسفل ليجد شقيقتـه جالسة على الأريكة تتحدث في الهاتف مع صديقتهـا، كاد أن يتحرك ولكن سمعهـا تقول بضيق:
-المشكلة إني لسـه محتاجة فلوس عشان الدعايا بتاعت العيادة، وغير كده محتاجة مبلغ تاني بس مش كبير عشان أكمل الديكور هناك!!.. وبصراحة صعب أطلب اليومين دول من أهلي حاجة، كفاية المشاكل إللي موجودة.
صمتت قليلاً وهي تقول بإختناق:
-مش عارفة، بس أنا كنت ناوية أفتح العيادة وأبدأ الشُغل من الأسبوع إللي جاي!!..
لحظـات وكانت تقول:
-خلاص أنا هسبهـا على ربنـا، وربنا يقدم إللي فيـه الخير.
دقيقة.. وكانت أنهت المكالمة معهـا، زفرت بضيق وهي تنهض من مكانهـا، أستدارت بهدوء ولكن سرعان ما تفاجأت وهي ترى أخيهـا يقف خلفهـا واضعًا يديهِ في جيبيّ بنطالـه، قالت بدهشة:
-إنت هنا من إمتى؟؟..
أقترب منهـا هو يقول بـ بسمة صغيرة:
-مش لازم تعرفي، المُهم إن شاء الله بُكرا هتلاقي الفلوس إللي محتاجهـا، بُكرا أو بعده بالكتير.
سألتـه في دهشة:
-إيــه!!.. طب منين؟؟..
رد عليهـا بـ بسمة صغيرة:
-متشغليش بالك.
وبداخلـه همس لنفسـه:
-يبقى إللي أنا عملتـه هو الصح.
******
تم حبس "بكر العراقي" أربعة أيام على ذمـة التحقيق، مع مرعـاة التجديد، أمـا "شادي" فقد أُفرج عنـه بسبب وجود عدم أي تهمة لـه، مُنذ خروجــه وهو يُسير في الشوارع، يشعر بالضيــاع.. يشعر بالاضطراب.. كان وجهـه مليئ بالتعب وهو يهمس:
-أنا بقيت ضايـع، ضايــع!!..
******
في صباح يوم التالي..
-إيـه الشنطة دي يا ظافر؟؟..
سألت "آسيا" ذلك السؤال لزوجهـا بعد أن رأتـه يدخل الغُرفة سعيدًا وهو يحمل حقيبة ما، إبتسم لهـا وهو يفتح الحقيبة لتتسـع عينيهــا بذهول وهي ترى الكثير من المـال، نظرت لـه بصدمة مرردة:
-إيـــه ده!!.. إنت جبت الفلوس دي منين؟؟..
رد عليهـا بـ بسمة عذبة:
-أنا بعت العربية بتاعتي، عشان تعرفي تعملي العملية يا آسيا.
شهقت بصدمة وهي تتراجع قائلة بهمس:
-إيــــه!!..