رواية زوجتي الدميمة الفصل السادس عشر 16 كاملة - أميرة مدحت
هزت "آسيا" رأسهـا بذهول صادم، لم تتوقع أن يكون ذلك الشخص من ضمن تلك العصابة، عضت على شفتهـا السفلى محاولة التفكير، وبالفعل بدأت تجمع الخيوط، بينمـا "ظافر" يحترق بداخلـه، يود أن يراه لكي يقبض على عنقـه ويخنقـه حتى يجعلـه يذهب إلى رحلة دون عودة، مسح على وجهه بقوة محاولاً تمالك أعصابـه الثائرة، في حين دخل أحد الأفراد من العساكر بناء على أوامر وكيل النيابة ليأخذ المتهم ثم خرجا بهدوء، سحبت نفسًا عميقًا وهي تعود للجلوس وكذلك "ظافر"، ثم قالت بشرود:
-أنا كده فهمت، وتقريبًا ربط الخيوط ببعضيهـا.
تسائل وكيل النيابة بلهجة جادة قائلاً بإهتمام:
-طب أتفضلي قولي، وإيه حكاية شادي؟؟..
قصت عليـه كل شئ بخصوص ذلك المدعو "شادي"، ثم تابعت بهدوء:
-بس شادي من الصعب أنه يكون بيرتكب الجرايم دي، ممكن يبقى والده له دخل بالموضوع، أولاً لأن والده فاتح كذا شركة ومحدش يعرف فتحهم إزاي، ثانيًا شادي مش بيشتغل أصلاً، طول الوقت قاعد في بيتـه أو مع أصحابـه، وثالثًا بقى وده الأهم.. إني سمعت قبل كده إن والده عنده رجالة كتير يعني مُمكن وببساطة يبقى شادي خد 3 من رجالة والدهُ وأتفق معاهم أنهم يأذوني بالشكل ده، هو ممكن يبقى عارف بإللي والدهُ بيعملـه وممكن لأ.
هتف "وكيل النيابة بتفكير:
-معاكي حق، مش معقول شخص عمل كل ده عشان يتجوزك ومازال بيحارب، وفالآخر يجي يقرر أنه يقتلك عشان شوفتي جريمة قتل.
هتف "ظافر" بجدية:
-معلومة عاوز أقولهـا مش عارف إذا كانت هتفيد ولا لأ، بس هو جه يوم ما تعبت عشان يزورهـا، بس أنا إللي قابلـتـه عشان هي كانت لسه مافقتـش، وأتفاجأ لما قولتلـه إني أتجوزتهـا.
هتف وكيل النيابة:
-طب ده معنـاه أنـه ميعرفش عن جريمة القتل.
تـابع وهو يهز رأسـه قائلاً بتعجب:
-والله يا مدام آسيا كان الله في عونك، قصتك بتتكرر كل خمسين سنة، بس على العموم أنـا دلوقتي هبدأ إجراءات القبض على شـادي، واحقق معاه وهبدأ في إجراءات تانية، لأن القضية خلاص، كل حاجة قربت تتكشف وفي حاجات أتكشفت بعد ما الأستاذ ظافر جبلي المستندات، وأنا هاراجع تانـي على المستندات، يمكن نلاقي خيط يربط ما بين القضية ووالد شادي، بس أسمه إيـه الثلاثي؟؟..
ردت عليـه بتنهيدة:
-أسمـه شادي بكر العراقي.
أومـأ وكيل النيابة برأسه هاتفًا بجدية:
-تمام، تقدروا تتفضلوا، وحدلله على سلامتك يا مدام آسيا.
قال جملتــه الأخيرة وهو يمد يده لمصافحتهـا، فـ صافحتـه بهدوء وكذلك "ظافر" ثم نهضت من مكانهـا وخلفهـا زوجهـا لـ يخرجــا من المكان.
******
بعد نصف ساعـة، وصلا إلى المنزل، نهضت "بسمة" من مكانهـا بلهفة وهي تراهـا أمامهـا، ركضت نحوهـا لتحتضنهـا بقوة وهي تصرخ بإسمهـا بسعادة، أتى "يوسف" وزوجتـه حينما سمعا صوت أبنتهم، أرتسمت البهجة على وجهه وهو يقول:
-حمدلله على السلامة يا آسيا، البيت كان وحش أوي من غيرك.
تراجعت "بسمة" عنهـا، لتستقبلهـا "فوزية" بالأحضان أيضًا وهي تقول بسعادة:
-وحشتيني يا حبيبتي، وحشتيني.
أبتعدت عنهـا لتمسك وجههـا قائلة بحنان:
-أوعي تفتكري إنك لوحدك، كلنا جمبك، أنا زي مامتك وعمك زي أبوكي، وبسمة أختك، أوعي تحسي إنك لوحدك، وإحنا مش هنسيبك أبدًا.
تجمعت الدموع في عيناهـا بعد أن تذكرت والدتهـا، لاحظ "ظافر" ذلك.. فهتف بجدية:
-طيب يا جماعة، معلش هي محتاجة دلوقتـي ترتاح وتنام.
رد "يوسف" بـ بسمة:
-معاك حق، خليهـا ترتاح دلوقتي.
قبض "ظافر" على كف يدها ثم تحركا نحو الدرج، ظل ينظر إليهـا بتأمل وعلى شفتيـهِ بسمة صغيرة حتى صلا إلى غُرفتهـا، وقفت "آسيا" تنظر أمامهـا بشرود وهي تحاول أن لا تذرف الدموع، أقترب منها "ظافر" ليجذبهـا نحوه مُحتضنًا إياهـا بحنوٍ مُثير، لم تتحمل فـ بكت، أنهمرت دموعهـا الحـارة وهي تهمس:
-كان نفسي أشوفهـا قبل ما تسبني، كان نفسي أشوفهـا وأحضنهـا أوي يا ظافر.
همس لهـا برفق:
-أدعيلهـا، أدعيلهـا يا آسيا.
ظلا هكذا لبعض الوقت، حتى أبتعدت فجأة بعد أن تذكرت شيئًا، حدجهـا بإستغراب شديد ليجدهـا تتح خزانة ملابسهـا وأخرجت منهـا الصندوق، نظرت للصندوق نظرات لامعة ليسألهـا بتعجب:
-في إيـه يا آسيا؟؟.. وإيه الصندوق ده؟؟..
ردت عليهِ بخفوت:
-ماما الله يرحمه، من فترة أدتني الصندوق ده، ووصتني إني مفتحهوش إلا لو..
صمتت عاجزة عن نطق الكلمة التي تمزق قلبهـا، دنا منهــا ليجعلهـا تجلس على الفراش، وضعت الصندوق بجانبهـا ثم فتحتـه وهي ترتجف، لتتسع عينيهـا وهي تجد بعض أسوار وسلاسل وخواتم من الذهب وبعض من النقود وورقة صغيرة، أمسكت الورقة بتلهف واضح وبدأت القراءة بهمسٍ خافت ولكن أستطع "ظافر" أن يسمع كل حرف قالتـه..
"آسيا.. يوم ما تقرأي الورقة دي مش هكون معاكي، أنا عارفة إنك أد إيه تعبانة ومحتاجة وجودي، خصوصًا بعد إللي حصلك، إلللي عاوزة أقولـه أبعدي عن الحُزن عشان أبقى مرتاحة وأنا هناك، والدهب ده، عيزاكي تبعيـه وتاخدي الفلوس إللي فالصندوق؛ عشان تقدري تعملي العملية، عيزاكي ترجعي أحسن وأحلى من الأول، كان نفسي أبقى معاكي وإنتي بتعملي العملية لكن ده مش بإيدي يا حتة من قلبي، وصيتي ليكي أنك تبعدي عن الحزن، الحزن هيخلي الأيام تجري وإنتي مش حاسـه ويوم ما تفوقي هتلاقي إنك ضيعتي من عمرك فترة كبيرة، فترة مش هتقدري تعوضيهـا"
قالت آخر حرف لتغمض عينيهـا بعدهـا وهي تعود للبُكاء، أرتفعت شهاقتهـا وهي تحتضن الورقة بألم، بينما "ظافر" يحدق في الذهب والمال بوجهٍ جامد، لحظات وكان يرمقهـا بقلبٍ عاشق، قالت بصوتٍ مُتقطع:
-ظافر، أنا هبيع الدهب ده.
تحولت نظراتـه إلى الحدة وهو يقول:
-نعــم!!!.. إيـه إللي بتقوليـه ده؟؟..
هتفت بألم:
-عشان أعمل العملية، عشان أنفذ كلام ماما الله يرحمهـا.
حاول أن يتمالك أعصابـه وهو يهتف بصرامة:
-إنتي هتعملي العملية يا آسيا، بس مش هتبيعي الدهب.
نظرت لـه بخوف مرددة:
-يعني إيـه؟؟..
رد عليهـا بهدوء:
-يعني إنتي متجوزة يا آسيا، وأنا من واجبي كـ زوج أجيب الفلوس عشان تعملي العملية، غير كده لأ.
أضاف برفق:
-دي حاجة مامتك، أحتفظي بيهم، كفاية أنهم بتوع والدتك.
نظرت له بدهشة وهي تسأله:
-هتجيب الفلوس منين؟؟..
أقترب منهـا وهو يرفع يده نحوها، نزح بأطراف أنمالــه دموعها وهو يبتسم لهــا، همس بصوتٍ واثق:
-ماتقلقيش أنا هتصرف.
سـار بإبهامـه على شفتهـا العليـا، ثم هبط للسفلى، لم يستطع المقاومة كثيرًا فانحنى على شفتيهـا طابعًا عليهمـا أول قبلة رقيقة تحمل شغفًا وعشقًا نحوهـا، أغمضت عيناهـا وأستسلمت لذلك الخدر المغري في قبلتـه، لحظات.. تراجع بحذر للخلف وهو يسند جبينـه على جبينهـا هاتفًا بإبتسامة عذبة:
-مش عايزك تخافي ولا تشيلي هم حاجة طول ما أنا موجود.