رواية العزباء كاملة بقلم سيد داود المطعني
بنتك رايحة تتقدم لزميلها في الشغل، وانتي نايمة على روحك يا هانم..
_ تتقدم لزميلها! تتقدم له ازاي؟ أنا مش فاهمة حاجة..
_ انتي هتستعبطي عليا يا ست انتي؟ يعني مش عارفة إنها رايحة تطلب إيده، تخطبه يعني؟
(الأم بتضرب بإيدها على صدرها، متفاجئة، مش مستوعبة اللي حصل)
_ بنتي أنا تعمل كده؟ بنتي تتقدم لشاب تخطبه؟ طيب ليه؟ قصرنا معاها في ايه؟
(الأب غضبان جدا، وعيونه كلها شر، والشياطين بتوسوس له يرتكب جناية)
اندفع ناحية التليفزيون، وقطع الفيشة بتاعته، وبدأ يعري السلك، وحط الفيشة في بريزة الكهربا، واتأكد أنها متوصلة..
لف أطراف السلك على دايرتين، لكل صباع من صوابع إيديها دايرة، وبعدين ركن السلك على جنب، ومشى ناحية مراته، اللي واقفة خايفة، بتترعش، مش عارفة هو ناوي على إيه..
_ إياك تيجي ناحية السلك ده، وحذاري تتصلي بالبنت وتسأليها، ولا تخليها تعرف أن أنا عرفت..
(الأم مرعوبة، بتبكي بحرقة، وبتنزل على رجليها، وتمسك إيده تبوسها، وتتوسل إليه)
_ أرجوك متعملش فيها حاجة، البنت هتموت يا سايح، البنت هتموت، حرام عليك..
(الأب بيسحب إيده بقوة وبيرميها على الأرض)
_ سيبي إيدي، داهية تقرفك وتقرف بنتك في يوم واحد، والله لو كان اللي سمعته صح، لأخلي الكهربا تنشف جسمها، وجسمك انتي كمان..
_ بنتي متعملش كده، متعملش كده يا سايح، متخليش الشيطان يزن عليك..
(سايح بيمسك مفاتيحه، ويمشي ناحية الباب، ويوقف يبص لمراته)
_ أنا رايح لها الشغل، وهقفل عليكي الباب بالمفتاح من برة، بس أقسم بالله ما تتصلي بحد من قرايبك، وألاقيه جاي يكلمني يا عزة، لأخليكي ساعة ع الكهربا زيها.
(الأب يغلق الباب خلفه بقوة، وتجلس المرأة على الكنبة مغلوبة على أمرها)
____________________________________
في شركة التأمين، مكاتب الموظفين تتوزع على عدة صفوف، في كل صف أربع مكاتب..
رانيا سرحانة قدام اللاب توب على مكتبها، بتاكل في ضوافرها، حواليها تلاتة من زميلاتها، وبتبص ناحية زميل ليها في الصف اللي قصادها على طول..
ياسمين بتغمز لها:
_ صحي النوم يا بنتي، هتفضحينا بالشكل ده.
_ هقوم أكلمه دلوقتي يا ياسمين، مش قادرة بصراحة..
_ يخرب عقلك يا رانيا، مستر عمر لو شافك هتبقى مصيبة
(تدخلت زميلة أخرى)
_ استني البريك يا رانيا، بلاش تبوظي الدنيا..
_ ما انتي عارفة أنه بيروح الكافيه في البريك، علشان يشرب شيشة..
_ انزلي وراه الكافيه يا رانيا، ده أفضل مكان تكلميه فيه..
(الزميلة الرابعة زينب ترفض ما يخططوا له)
_ حرام عليكو اللي انتوا بتعملوه في البنت ده يا ياسمين، هتخلوها تتنازل عن كرامتها بالشكل ده..
_ مفيش حد طلب رأيك يا زوزو .. خليكي في شغلك
_ بطلي لماضة وطولة لسان، اللي عايزة تروج للفكرة دي تبدأ بنفسها، بلاش تخلوا رانيا تتورط في خطوة زي ده..
_ يا زوزو هو انتي ليه مش عايزة تسمعي الكلام، يا حبيبتي قلت لك خليكي في حالك..
(زينب متضايقة جدا، وبتبص لرانيا نظرات شفقة، ورانيا مركزة معاها)
_ أنا نصحتك يا رانيا وانتي حرة، هشام لو رفض طلبك، كرامتك راح تتهان، ونفسيتك هتتدمر، وفضيحتك هتبقى بجلاجل، ده غير إن أبوكي لو عرف ممكن يقتلك، وانتي عارفة كده كويس..
(رانيا بتترعش، خايفة، بتبص على ياسمين وزميلتها)
_ بابا صعب أوي، ولو عرف هتبقى مصيبة
_ هو بابا هيعرف منين يا رانيا؟ ثم انك بتشتغلي، ومرتبك حلو أوي، وهشام عينه منك، بس ظروفه صعبة شوية، وعمره ما هيفتح معاكي كلام، وبما انك بتحبيه، وهتقدريه تدعميه ماليا، يبقى من حقك تتقدمي له وتطلبي ايده، وكمان تخطبيه..
(رانيا تبص عليهم)
_ تفتكروا أنه هيوافق؟
_ ويرفض ليه يا رانيا؟ ده حد محترم وبيحبك، واحنا عارفين، وعمره ما هيقولك بحبك علشان ظروفه..
(زينب تشعر بالغضب، ورانيا بالخوف، وياسمين تحاول إقناعها)
_ عارفة يا رانيا، لو أنا حسيت إن رامي بيحبني نفسه يرتبط بيا، والله أتقدم له بنفسي، وأطلب ايده، وادعمه بالفلوس اللي عايزها..
_ ياسمين انتي باباكي سهل، بس أنا بابا صعب أوي، ولو عرف اني عملت حاجة زي كده ممكن يقتلني بجد
_ متخافيش يا رانيا، باباكي عمره ما هيعرف، لأننا احنا الأربعة بس اللي عارفين انك عايزة تعملي كده، ومفيش حد فينا هيقول له، يبقى هيعرف منين؟ بالعقل كده، يعرف منين؟
_______________________________________
مستر عمر جاي من بعيد، متضايق جدا، شايفهم، ومتنرفذ عليهم..
_ ما تشوفي شغلك يا آنسة ياسمين وكفاية رغي..
_ آسفة يا مستر، كنت يسأل رانيا عن حاجة
_ من أول ما وصلتوا الشغل وانتوا نازلين لوكلوك لوكلوك .. كل ده بتسأليها عن حاجة؟
_ من غير غلط يا مستر يا عمر لو سمحت، انت طلبت نبطل كلام وانا اعتذرت..
_ شوفي شغلك علشان بعد كده هتزعلي
(نظر عمر لرانيا هادئا)
_ بعد إذنك يا آنسة رانيا، ركزي في الشغل شوية
_ حاضر يا مستر .. أنا آسفة
_ ولا يهمك .. شدي حيلك
_ حاضر
(تركهم عمر، وعيون ياسمين كلها حقد على هدوءه مع رانيا)
________________________________________
أم رانيا في البيت خايفة على بنتها، والباب مقفول عليها من برة..
رايحة جاية في الشقة مش عارفة تتصرف، عايزة تنقذ بنتها، خايفة تتصل بحد من قرايبها، جوزها يعمل مصيبة تانية..
بس هو بابا رانيا عرف ازاي ان البنت هطلب إيدها زميلها النهاردة؟
_ مين قال لك يا سايح؟ مين اللي نقل لك الكلام؟ البنت حكت لي في غيابك، وزميلاتها مفيش واحدة فيهم تعرفك..
يا ريتني ما وافقت يا بنتي، يا ريتني ما اقتنعت بكلامك..
_ بس البنت معذورة بردو، اه معذورة، هي عايزة تتجوز الشاب ده، وهو عينه منها, بس ظروفه زي البنت ما بتقول صعبة شوية، يبقى مش عيب إنها تطلب إيده، هي مش قاصر، وهتساعده من حر مالها..
_ لااااا ... غلط .. غلط .. كرامة بنتي هتروح كده، وكرامة جوزي..
_ مش كده وبس .. دي كمان حياتها هتروح هدر .. بنتي هتضيع مني، وجوزي هيضيع مني، أنا لازم تتصرف، لازم أتصرف واللي يحصل يحصل..
(الأم بتطلع الفون بتاعها، بتحاول تتصل منه، لكن مفيش شبكة اتصال، مؤشر الشبكة في خطوط الفون كلها صفر..
غريبة، هي شركات الاتصالات قطعت الشبكة عن كل الخطوط..
حاولت تشوف المشكلة في تليفونها، لقت أن الفون من غير خطوط..
_ نهار أسود، ده سايح خد الخطوط من التليفون، عامل حسابه على كل حاجة .. أروح منين ولا آجي منين، ولا اعمل ايه..
(أم رانيا بتنفجر في البكاء, وبتفتح نوافذ شقتها، زي اللي رايح يصطاد فكرة من السما)
رجعت ناحية الكهرباء، فتحت لوحة التحكم، وفصلت الكهربا عن شقتها كلها)
_ كده يرجع بالبنت، ميعرفش يكهربها
_ يارب جيب العواقب سليمة يارب .. يارب يكون هشام ده غايب يارب .. يارب ميكونش راح الشغل النهاردة
____________________________________
عربية فيات قديمة، سايح بيسوق متعصب، والطريق زحمة قدامه، وعينه مليانة شر..
التليفون بيرن، بيرفعه يرد يشوف مين اللي بيتصل..
_ ألو .. انت فين؟ بتقول ايه؟ بنتي دخلت الكافيه اللي جنب الشركة؟ دي سنين أبوها أسود من قرن الخروب؟ اقفل .. اقفل..
(سايح يرمي الفون من إيده، ويطلع راسه من العربية، ويزعق في العربيات اللي حواليه)
_ افتح الطريق يا حيوان منك ليه بدل ما أطلع عين أبوكم هنا..
(سواق ميكروباص بيتضايق من الشتيمة، وبيقرب منه بالعربية، ويزنق عليه)
_ مالك يا راجل يا نص عمر، تحب أدوس فوق دماغك بالجزمة..
_ انت ولد قليل الأدب ومش متربي..
_ ليه؟ هو انا اللي كنت شتمتك الأول يا نص محترم..
(سواق تاني بيقرب من الناحية التانية بيسأل صاحبه)
_ في ايه يا بيكا؟ زعلان مع عم خفرع ليه؟
_ ده راجل غتت ونازل شتايم في سواقين الميكروباص بالأب والأم.
_ لالالالا عيب يا بيكا، ده راجل كبير أد والدك، خليه يشتم براحته، وانا هخليه يلبس في الحيط..
_ لا يا عم لا تلبسه في الحيط ولا تحطه في دماغك أصلا، ده جزمة قديمة، وانت دماغك متكلفة..
(سايح بيتضايق عليهم، وبيطلع وشه م العربية، وبيتف على بيكا)
_ اتفووو عليك وعلى أهلك انت وهو يا شوية حيوانات، وحياة ديني لأعلمك الأدب يا صايع منك ليه.
( سواق الميكروباص بيتضايق، وبيزنق عليه يطلعه برة الطريق، وبيتزل من للعريية، وصاحبه بيوقف عربيته، وبيتجمعوا ينزلوا سايح م العربية)
_ انزل يا راجل يا ناقص
(سايح يينزل من عربيته، راجل عمره خمسة وخمسين سنة، على اتنين شباب في الخمسة وعشرين)
سايح ببص على بيكا، بيضربه بالقلم، خلاه يدوخ ويوقع على الأرض..
ويمسك في رقبة زميله التاني، اللي بدأ يخاف لما شاف صاحبه مغمى عليه، ومستسلم لقبضة سايح، وبيحاول يبعد رقبته ويهرب منه..
الناس بتتجمع تحاول تفض الاشتباك..
وكل حد رجع عربيته..
____________________________________________
على ترابيزة في مدخل الكافيه، رانيا وياسمين وزميلتهم التالتة قاعدين، ورانيا مرتبكة..
هشام قاعد على ترابيزة صغيرة واحدة، بيشرب شيشة، وبيتصفح الفون بتاعه..
ياسمين بتضرب رانيا على كتفها..
_ يلا قومي بلاش نضيع وقت..
_ أنا خايف يا ياسو خايفة
_ يا بنتي متبقيش غبية، دي فرصتك علشان تكوني قيادية في جمعية العزباء..
_ أنا مش مستوعبة اني هطلب إيده والله..
_ لو ضاعت الفرصة دي يا رنوش هتندمي طول عمرك .. مؤتمر جمعية العزباء اللي جاي، هيتعمل له شو إعلامي كبير، وأول بنت هتخطب حد بتحبه وبيحبها هتكون قيادية في جمعية العزباء، خصوصا لو اتجوزته، وانتي الفرصة قدامك سهلة أهو، واحد يعرفك كويس، وبيعزك أوي، وانتي روحك فيه أساسا، وعندك الفلوس اللي تقدري تساعديه بيها..
_ بس كرامتي يا ياسو، كرامتي، وبابا لو سمع هيدبحني..
_ يا بنتي بطلي خوف بئى، بابا عمره ما هيسمع، خصوصا إنك هتخلي هشام يروح يخطبك منه..
_ ما اهو لو هشام خطبني، مش هكون قيادية في الجمعية..
_ متخافيش، احنا هنكون شهود على انك اتقدمتي له الأول...(رانيا تبص ناحية هشام وتبص عليهم، وياسمين تدفعها علشان تقوم)
رانيا قامت ومشت خطوات ناحية هشام اللي قاعد سرحان وبيتصفح الفون بتاعه ..
_ هشام ..
(هشام بيرفع دماغه وبيتفاجئ بيها واقفة ومتلخبطة، وبتبص وراها على ياسمين واللي معاها)
_ أهلا رانيا .. في حاجة ولا إيه؟
_ ممكن أنزل .. قصدي اقعد .. ممن اقعد؟
_ اه طبعا اتفضلي
_ ميرسي
(قعدت مروة قصاده وهي متوترة)
_ تشربي ايه؟
_ ملوش لزوم .. أي حاجة أي حاجة .. ولا اقولك بلاش
_ آنسة رانيا، في حاجة؟
_ لا أبدا ..
_ أومال مالك كده؟ في ايه؟
_ هو انا ينفع أتكلم معاك في حاجة كده؟
_ اه طبعا بكل سرور..
(تليفون هشام بيرن، ووشه بيتغير، بيستأذن منها ويقوم يرد بعيد عن المكان، وبيسيب الشيشة قدام رانيا)
_________________________________
خارج الكافيه، أبو رانيا بيركن عربيته، وبينزل يبص حواليه على الشركة، ويبص على الكافيه اللي جنبه..
بيطلع الفون من جيبه ويتصل بحد..
_ الكافيه اسمه أرابيا؟ .... تمام أنا داخل أهو ... لالالا بلاش تظهر معايا علشان البنت متعرفش انك انت اللي بلغتني..
أنا هدخل لها، بنت الرفضي دي..
____________________________________
جوة الكافيه، هشام لسة بيتكلم في الفون، ورانيا بتتلفت حواليها، مكسوفة أنها وحدها ع الترابيزة، والشيشة بتاعته قدامها، وهو بيحكي فون بعيد ..
اتنرفذت، وقامت مندفعة ناحية باب الخروج التاني، اللي بيتكلم جنبه هشام علشان يلاحظها..
(هشام شافها خارجة، وحاول يوقفها)
_ رانيا .. استني يا رانيا.
(رانيا مشت مندفعة بدون ما تعبره، وهو وراها)
ياسمين والبنت اللي معاها اتضايقت
_ أووووف .. الغبية بوظت كل حاجة ..
(قام البنتين وخرجوا، وكان أبو رانيا داخل يدور عليها في الكافيه)
فتش في كل الترابيزات والأماكن، وبنته مش موجودة
_ اه يا كداب يا ابن الرفضي، بتلعب بيا..
(بيطلع الفون بتاعه، وبيتصل بنفس الشخص)
_ انت بتكدب عليا؟ البنت مش في الكافيه ... بتقول ايه؟ مش عندك في الشركة كمان؟ أومال راحت فين؟ انت تنزل لي تحت حالا..
(سايح بيقفل الفون، ويروح ينتظر عند عربيته)
_____________________________________
عند الأسانسير..
هشام بيعتذر لرانيا، وبيحلف لها إنه منتظره من الصبح، وخايف منه في نفس الوقت..
_ ولا يهمك يا هشام .. حصل خير
_ ممكن أعرف كنتي عايزاني في ايه؟
_ لا خلاص..
_ بس أنا مصمم أعرف..
_ ما اهو مش هينفع عنها
_ بصي .. فاضل ساعة على ميعاد البريك، تيجي نتكلم فوق..
_ تمام
(هشام بيفتح بها الأسانسير وبيطلعوا)
وفي نفس اللحظة بينزل عامل بوفيه الشركة من الأسانسير التاني..
_________________________________
في الشارع، قدام عربية سايح أبو رانيا..
بيطلع عامل بوفيه الشركة وبيروح ناحيته:
_ ازيك يا عم سايح..
_ انت بتكدب عليا يا لوح؟ مفيش حد في الكافيه..
_ ممكن يكونوا مشيوا يا عم سايح والله..
_ اسمع ياض انت .. انا حاسس انك بتلعب بيا
_ والله ما بلعب يا عم سايح
_ انت عارف انا ممكن أعمل فيك ايه لو كنت كداب؟
_ عارف يا عم سايح، الشباب اللي شغالين معاك في الورشة بيحكولي عنك كتير
_ اطلع دلوقتي على شغلك، وعينك عليهم، ولما البنت تكلمه، بلغني..
_ حاضر يا عم سايح، وان اتفقت مع البنات عن موعد تكلمه فيه، بردو هبلغك
_ جدع ياض
(ركب عم سايح عربيته، ورجع العامل للشركة)
دخل بوفيه الشركة وشاف رانيا وهشام لأول مرة قاعدين مع بعض في البوفيه..