رواية مهرة والامبراطور البارت الرابع 4 بقلم مي مالك
(الفصل الرابع)
_في منزل بدور_
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
أنهى المأذون جملته لتشعر مهرة بأنقباض في صدرها ، سحبت يدها سريعاً من يد مازن الذي نظر لها وأبتسامة مطمئنة تزين وجهه ، ربتت بدور على ظهرها وهي تشعر بخوفها ، أمسكت مهرة القلم بيد مرتعشة ومضت على عقد الزواج
دقيقة وأثنان وأنتهى كل شئ وذهب المأذون داعياً لهم بالرفاء والبنين
تحرك مازن ليوصل المأذون إلى الباب ومعه معتز السكرتير الخاص به الذي كان أحدى الشهود ، أغلق الباب ثم عاد مرة أخرى ، نظر له يامن الذي جاء به ليكون الشاهد الثاني على زواجه من تلك المهرة الجامحة ، هز مازن رأسه ثم قال بهدوء :
"يلا يا مهرة ، عشان مينفعش نتأخر أكتر من كدة ، أنتي عارفة أني سايب ملك لوحدها في البيت"
تنهدت مهرة ثم نهضت وهي تقول :
"الشنط راحت العربية"
قالت بدور هذه المرة :
"أيوة نقلوا شنطك كلها في العربية"
رفع يامن حاجبيه بمرح :
"شنطك !!! ، هما كتير ولا أيه"
قالت وهي تهز رأسها بالسلب :
"لا ده أنا واخدة الحاجات المهمة بس ، لسة في حاجات ليا هنا هبقى أخدها بعدين"
قال مازن بملل :
"طيب خلاص ، ممكن يلا مش عايز أسيب ملك أكتر من كدة"
تحركت مهرة ويامن وراء مازن ، سمع يامن همس مهرة الحانق :
"طلما مستعجل كدة يا أخويا مجبتهاش ليه معاك وخلصتنا"
صعدوا ثلاثتهم في السيارة ومن سوء حظ يامن كان هو من يجلس بجانب الحقائب الكثيرة وهو يشعر بثقل في نفسه من أزدحام المكان
قال مازن وهو ينظر له في المرآة :
"أنت كويس يا يامن شايف أنك مش مرتاح"
ثم أكمل بمرح :
"ياريت حاجات مهرة القليلة دي متكونش مضايقاك"
قال يامن بحنق :
"ياريت أنا إلى مكونش مضايق حاجات مهرة .....هما العمال مكنوش قادرين يحطوا الحاجة في شنطة العرابية"
لتقول مهرة بنبرة هادئة :
"ما شنطة العربية أتملت والباقي حطوه في الكنبة جمبك"
كاد مازن أن يفتعل حادث لولا ستر الله ، ثم قال بنبرة مصدومة :
"يعني كمان شنطة العربية مليانه"
قال يامن بمرح حانق :
"ياريتنا كنا طلبنا نص نقل ولا شركة شحن عشان خاطر شنطك يا ست مهرة"
____________
توقفت السيارة أمام منزل مازن ، هبطوا ثلاثتهم ودلفوا إلى المنزل ، ثوان وجاءت ليان المرحة والتي ما أن أبصرت مهرة ، نظرت إلى يامن ومازن وهي تطلب تفسير لوجود مهرة
نظروا ثلاثتهم لبعض ثم قالت ليان لمهرة :
"هو أنتي نسيتي حاجة هنا يا مهرة ولا أيه !"
لتقول مهرة بأبتسامة سمجة :
"لا يا حبيبتي أنا جيا أقعد هنا"
صمتت قليلاً ثم قالت ببرود :
"على طول"
"يعني أيه !! ، لا فهميني عشان مش فاهمه ....أيه إلى بيحصل يا مازن"
تحدث مازن هذه المرة :
"مهرة أطلعي لملك دلوقتي وسبيني أتفاهم مع ليان"
تحركت مهرة إلى غرفة ملك ولكنها قالت بصوت عال :
"سلام يا أخت جوزي"
وتحركت تصعد السلم ، لتقول ليان بغيظ :
"أيه إلى بتقوله البت دي يا مازن"
أمسك مازن يد ليان وأقترب من أحد الأرائك يجلسها عليها وهو بجانبها ، جلس يامن بجانبهم لغرض الأستماع للحديث وأنقاذ أخيه أذا تطلب الأمر ، قال مازن بضيق :
"أنا هفهمك يا ليان ، بصي أنا عارف أنك كام يوم وهترجعي لبيتك ويامن كذلك وأنا مش هعرف أربي ملك لوحدي"
لتقول ليان بحدة :
"ومين قال أنك هتربيها لوحدك ، كنت هبقى معاك ، كنت هاجي وأقعد معاك أنا وزياد وأربيها ، مش تعمل العملة السودة دي ، تروح تتجوز ومين دي ، دي تقريباً مبتفهمش حاجة غير في اللبس وأزاي تهتم بنفسها"
ليقول يامن بحنق :
"ولله وأنتي أيه إلى مضايقك أنها بتهتم بنفسها !! ، عادي ما أنتي كنتي بتهتمي بنفسك ولا سندريلا ، هوب أتجوزتي وخلفتي ومحدش عارف أيه إلى جرالك ، وهيا برضو أتجوزت ولله وأعلم خلفت ولالا ولسة زي ما هيا"
ولأنها أنثى تركت الموضوع الأساسي وأستدارت ليامن تواجهه بغضب :
"يعني أنا بعد الجواز بقيت وحشة يا يامن"
"ولله أنا مقولتش كدة ، أنا قولت البت خرجت من جواز ولسة حلوة وإلى يشوفها ميصدقش أنها 27 سنة ، وأنتي وهيا الفرق بينكم سنة ولا سنتين ، بس هيا مهتمه بنفسها ، وأنتي كل إلى بتعمليه بتطبخي وتاكلي"
نهضت ليان من وسطهم وهي تقول بحزن :
"ماشي يا يامن ميرسي على الأهانة ، وأفتكر يا مازن أني قولتلك أن مهرة دي مش كويسة وكلها أسبوع وتصدق كلامي"
وتركتهم وصعدت إلى غرفتها ، نظر مازن إلى يامن الذي قال :
"تفتكر زعلت"
هز الثاني كتفيه وهو يقول :
"معرفش ، بس أنت عارف أختك قموصة ، وبعدين النسوان مش بتحب المقارنة"
صمت قليلاً ثم لطمه على مؤخرة رأسه وهو يقول :
"ألا صحيح يا يامن يا حبيبي ، أيه حلوة ومهتمه بنفسها والحاجات إلى بتقولها على مراتي دي !! ، أنت أهبل"
نهضت يامن وهو يقول بضيق :
"يعم في أيه أنت هتقرفنا من أولها ، أنا خارج"
"في داهية"
(المشاعر الأخوية الجياشة )
___________
في المساء
ظلت ليان تجلس في غرفتها ولم تخرج للغذاء ، ولم يكلف مازن نفسه للصعود لها وأكتفي بصعود يامن الذي ردته حانقاً من أفعالها الطفولية ، تناولوا الغذاء بهدوء مريح للجميع وسط فرحة ملك بعدما علمت بمكوث مهرة الدائم معها ، وبعد الغذاء جلست مهرة في غرفتها تفرغ حقائبها لتأتي ملك وتطلب منها مشاهدة أحدى أفلام الرسوم المتحركة معها ، لتوافق مهرة لكن بشرط أنهاء واجباتها المدرسية المتأخرة ، وبعد أنهاء الواجبات ها هم يجلسون أمام التلفاز ومهرة تتابع البحث في الهاتف وهي تقول :
"عايزة تتفرجي على كارتون أيه يا لوكة"
قالت ملك بعد تفكير عميق :
"ممكن نتفرج على سندريلا أو سنو وايت"
"أيه الكارتونات البناتي دي !! ، لا بقولك أيه أنا مش بحب الكارتونات بتاعت الأمير والمسخرة دي ، ممكن نجيب تنة ورنة أو Frozen ، أو تنانين وفرسان قرية بيرك
فكرت ملك قليلاً :
"طيب خلاص كارتون تنة ورنة"
__________
(بعد قليل)
زفر مازن بضيق وهو ينظر للمرة الذي لا يعرف الكم للحاسوب ويجده مازال يحمل النظام الخاص بشركة مازن منذ ساعتان ، فالأنترنت بطئ بشكل يهلك الأعصاب هو لم يكن أبداً بمثل هذا البطئ ، ما الذي جد !
مهرة الذي جدت على المنزل
نظر قليلاً للحاسوب ورأى أن التحميل مازال في المنتصف ، ليتنهد بحنق ويخرج من مكتبه صاعداً إلى غرفة مهرة
دق الباب بهدوء وهو يحاول أبعاد أي عصبية عنه ، فهو لا يريد أن يشاكلها منذ أول يوم
دق مرة ثانية وثالثة ولكن هي لا تجيب ، فتح الباب بعصبية ليجد الأريكة متحركة من مكانها لتصبح أمام التلفاز ورأس مهرة بشعرها الهائج يظهر من الأريكة ، أقترب منها بخطوات هادئة ، ليجد أبنته تضع رأسها على فخذي مهرة والأثنان نائمين بعمق ، لم يحدث هذا أبداً ....لم تكن أبنته من محبين مشاركة أفلامها المفضلة مع شخص ما
أقترب من مهرة أكثر ليوقظها لتذهب إلى فراشها ولكن لا حياة لمن تنادي ، وبلحظة مجنونة أبعد خصلات شعرها عن وجهها ليدقق في ملامحها بأستمتاع ، أكتشف أنها لا تشبه مريم ، عندما يقترب منها يجد تفاصيل كثيرة مختفية ، فهي صاحبة وجنتي كبيرة ، ورموشها كثيفة ، بعيداً عن شعرها الطويل الذي يشبه سواد الليل وهو يرقد على جانبيها بلا أهتمام لكن يعطيها جاذبية خاصة ، وكأنها ساحرة شريرة خرجت من الظلام للتو ، ليست ملاك أبداً ، لم يتمكن من منع أبتسامته الصغيرة من الخروج مع تشبيه بأنها ساحرة فهي تملك لسان الساحرات السليط والملاوع في كثير من الأحيان ، لكن يجب أن يعترف أن أبنته تحبها وبشدة
حمل طفلته وذهب بها إلى غرفتها ، ثم عاد لمهرة وحاول أيقاظها عدة مرات حتى فقد الأمل أن تستيقظ ، ليحملها بين ذراعيه ، وهنا يعرف أن الفرق بينها وبين مريم لم يكن شكل فقط ، بل أنه وزن ، فمهرة أثقل من مريم بكثير ، وضعها على الفراش ، وأمسك هاتفها يغلق الأنترنت ليكتشف سجل التحميلات فهي كانت تحمل أكثر من 20 فيلم رسوم متحركة في وقت واحد ،
أيتها الشمطاء وأنا بالأسفل أتوسل للأنترنت كي يفتح النظام
أغلق التلفاز وحمل أكواب المشروب الغازي الفارغة بيد وبالأخرى صحن حبوب الذرة الذي تبقى منه القليل ، خرج من الغرفة وأغلق الباب بقدمه ولم يتمكن من أغلاق النور بسبب أمتلاء يده
هبط للأسفل وترك هذه الأشياء في المطبخ بعدما أخذ القليل من حبوب الذرة في يده ليأكلها ، ثم ذهب إلى مكتبه الحبيب ليجد أنه تم تحميل النظام ومراجعة عدد العمال وأجمالي النشاطات اليوم في الشركة
نظر للحاسوب وقال بأبتسامة واسعة :
"أهو ده الشغل ولا بلاش مش الشلل إلى كنت فيه"
___________
(في الصباح)
خرجت للركض كعادتها وهي تشعر بالحيوية والنشاط وبعد قليل عادت لتجدهم يستعدون للأفطار ، ألقت تحية الصباح وذهبت لغسل يدها سريعاً ثم عادت وجلست بين مازن وملك مما أدي إلى ضيق ليان وهي تشعر بمهرة تحاول الأقتراب من مازن دون أن يلاحظ
لتقول مهرة لمازن بهدوء :
"هو أنت خدت ملك من عندي أمبارح"
هز رأسه وهو يرفع فنجال القهوة إلى فمه ، ثم قال قبل أن يرتشف منه :
"ونقلتك على السرير وظبطت الكركبة إلى كنتوا عملينها"
أكتفت مهرة بهز رأسها بضيق ولم تعترض ، ليقول مازن موضحاً :
"أنا كنت طالع عشان أشوف أيه إلى مخلي النت معلق عندي كدة ، روحت أسالك لقيتك نايمة ، بس خدت تليفونك وقفلت النت عشان أعرف أشتغل أنتي كنتي بتحملي حاجات كتير أوي في وقت واحد"
حمحمت مهرة بحرج وهي تقول مشيرة إلى ملك :
"دول لملك ، أنا كنت بحملهم لملك"
رفع حاجبه بمكر ثم قال :
"ده كان كله أجنبي ، هو أنتي متعرفيش أن ملك بتسمع مدبلج بس"
أخفضت رأسها بحرج ، ليلاحظ مازن نظرات ليان الغاضبة ، كادت ليان أن تتكلم وتعبر عن غضبها ، لكن قاطعها مازن وهو يقول :
"بس كويس أنك حملتيهم ، أكيد عشان ملك تتأقلم مع الأنجليزي ، أحسن دي مش بتحبه خالص ، ممكن لو دخل في الحاجات إلى بتحبها ، تتقبل اللغة وتحبها"
فهمت مهرة أنه يحاول أنقاذها من ليان التي من الواضح من هيئتها أنها تنوي أفتعال مشاكل ، لم تعيرها مهرة اهتمام و بدأت تعمل شطائر المربي لملك في حين كانت تراقبها عيون متربصة منتظرة منها غلطة بسيطة ، وضعت مهرة الطعام في صندوق الغذاء البلاستيكي (الانش بوكس) ، ووضعتهم في حقيبة ملك ، لتقول ملك ببراءة :
"ميرسي يا خالتو"
"مش قولنا بلاش خالتو دي يا لوكة ، أنا مش كبيرة للدرجه دي أنا لسة صغيرة"
لتقول ليان بحنق :
"صغيرة !! ، أومال هتكبري أمتى لما يكون عندك 60 ، 70 سنة"
نظرت لها مهرة بتحدي وهي تقول :
"لا أنا هعيش وهموت صغيرة حتي بعد 70 سنة هفضل ألعب بالمراجيح وأتفرج على كارتون وأفرح لما أشتري بلالين وورد ، هفضل زي ما أنا لأن العمر مجرد رقم بالنسبالي"
نظرت لها ليان مطولاً ثم أكملت طعامها ببرود وكأنها لم تستمع شيئاً ، لكن مازن ويامن نظروا لبعضهم نظرة ذات معان كثيرة ، وهم يشعرون بأن الكلام موجهه لليان ليجعلها تفيق من غفلتها
__________
مر اليوم بهدوء وفضلت مهرة البقاء بغرفتها ، متجنبة ليان بأقصى الطرق ، فهي لا تريد أفتعال مشاكل من الآن ، بعدما عادت ملك من المدرسة بدأت بمساعدتها في عمل الواجبات المدرسية ، ثم قررت أن تبدأ معاها بدراسة مادة الأنجليزي فكلما كانت صغيرة كلما كان تحسنها في اللغة أحسن وأسرع
__________
كان مازن يجلس يتابع أعماله على حاسوبه ، في أنتظار تجهيز الغذاء ، في حين دق جرس الباب معلناً عن زائر غريب ، فتحت العاملة الباب بتلقائية ، لتكشف عن هوية الزائر ، كان شادي ووالدته يعرفون مازن وعائلته بحكم جيرتهم الذي دامت 3 سنوات لا يعرفون فيها سوى أن مازن لا يحب الزوار ووجه دائماً متهكم وعلامات الأشمئزاز طابعة على وجه كالصمغ ، دلفت والدة شادي أولاً وكانت تدعى (صفاء) وورائها (شادي) الذي كان تقريبا في منتصف العشرينات ، وقفت في نصف المنزل وهي تقول بأدب :
"أهلاً أستاذ مازن أسفة أني جيت من غير معاد ، بس الموضوع ميحتملش"
عقد حاجبيه بدهشة ، حيث لا يوجد بينه وبينهم أي علاقة من الأساس ، لكنه قال بنبرة باردة كعادته :
"لا عادي ، أتفضلي أقدر أساعد حضرتك أزاي ؟"
أشارت إلى ذراع أبنها المختفي نصفه بين الجبس ويغطيه حامل يعلقه في رقبته ، ثم قالت بنبرة حانقة وقت تخلت عن الأدب البادي في أول الحديث قائلة :
"أخت حضرتك المحترمة ضربت أبني ولوت له دراعه كسرتهوله"
أشار إلى صدره وهو يقول بصدمة غير مصدق تماماً ما تهذي به تلك العجوز الخرفاء :
"أختي أنا !! ، أنتي بتقولي أيه أنتي أكيد غلطانة"
ليقول شادي بنبرة ضعيفة :
"لا أنا شوفتها هي كانت طالعة من البيت الصبح وكانت بتتمرن حوالين الكومباوند ، جيت سلمت عليها عادي بحكم أننا جيران ، لقيتها ضربتني ورمتني في الأرض ومشيت"
نظر له مازن وهو يضيق عيناه بعدم أقتناع ، لتقول صفاء وقد فهمت مقصده :
"لو حضرتك مش مصدقني أجيب لك الأشاعة إلى تأكد أن أبني دراعه أتكسر"
قال يامن بسرعة الذي كان يستمع للحديث منذ بدايته :
"لالا أحنا مصدقين حضرتك وكل حاجة ، بس أختنا مش بتخرج تعمل تمارين أصلا"
هبطت ليان على صوت الباب وكانت تعتقد أنه شخص آخر ، لكنها وجدت هذان الزائران الغريبان ، نظرت لهم ليقول مازن :
"هي دي يابني !!"
هز شادي رأسه بالسلب وهو ينظر لليان :
"لا مش هيا"
نظر مازن ويامن لبعضهم ، ثم قال مازن لشادي :
"ثانية كدة ، هي قصيرة وشعرها طويل أوي وبشرتها قمحاوية كدة ، وكانت لابسة تيرنج أسود"
"بالظبط"
أغمض مازن عينه يحاول أستيعاب أن زوجته المصون ضربت جارهم ، ثم قال ليامن :
"يامن لو سمحت روح نادي لي مهرة كدة"
بعد قليل جاءت المصيبة أو مهرة الذي هبطت وما أن أبصرت شادي أبتسمت له بسخرية :
"أيه هي العلقة بتاعت الصبح مكفتكش فجي لحد البيت عشان أضربك تاني"
نظرت لها صفاء بغضب وهي تقول :
"أزاي يا مدام يا محترمة تمدي أيدك على حد بالشكل ده ، فين الأدب ، أنا لولا أستاذ مازن كنت روحت بلغت البوليس وعملت فيكي محضر"
هزت مهرة ذراعيها وهي تقول بالامبلاة :
"طب وجيتي ليه ما كنتي تروحي ، ولا عايزاني أروح معاكي"
نظرت صفاء لمهرة وهي تحاول أكتشاف نوع الحيوان الواقف أمامها يبطش بها دون حياء أو أدب ، ليقول مازن :
"مهرة ......
أوقفته بيدها وهي تقول :
"ثانية يا مازن ، المدام جيا تشتكي لأبنها وبتقول عليا مش مؤدبة طب ما تشوفي آدب أبنك الأول بعدين لقحي على غيرك يا حجة"
صرخت بها صفاء بحدة :
"أنا أبني محترم غصب عنك وعن ....
قاطعتها مهرة بغضب من صراخها :
"طب وطلما محترم جيتي ليه يا حجة ، ما تروحي تبلغي فيا ولا عايزة أسمي ثلاثي ، وبعدين أنتي واثقة كدة ليه أنه محترم ، هو بيشتغل شيخ بعد الظهر"
صرخت مهرة بشادي :
"ما تقول يا ننوس مامي عملت أيه ، ولا أقول أنا"
همس شادي بنبرة ضعيفة :
"يلا يا ماما نروح قولتلك بلاش"
نظرت صفاء لأبنها بحدة وهي تقول :
"طلما مش غلطان يبقى تاخد حقك"
عدلت مهرة شعرها وهي تعدل وقفتها المغرورة قائلة بسخرية :
"وهو بذمتك في واحد مش غلطان يبيقى واقف شبه الفار المبلول كدة ، أنت عملتها على روحك قبل ما تيجي يا بني ، أنا ش ....."
أوقفها مازن وهو يسحبها إلى الأعلى حتى ينهي هذا الموضوع ، فمن الواضح أن شادي مخطئ ومهرة لن تصمت ، فتح باب غرفتها وأدخلها ثم قال :
"متخرجيش من هنا"
وأغلق الباب ثم هبط إلى صفاء مدافعاً عن زوجته التي كان محل أدانتها هو أسلوبها الهمجي في رد الفعل سواء بيدها أو لسانها ، أنهى الموضوع وذهبت صفاء وهي تتواعد لشادي ، جلس مازن على الأريكة لتقول ليان بضيق :
"أيه الأرف ده ، شوفت مهرة كانت بتتكلم أزاي ، دي كانت بتردح"
ضحك يامن وهو يقول بمرح :
"والنبي جدعة ده خلت الواد شبه الفار المبلول فعلاً ، أول ما شافها مقدرش يتكلم لا هو ولا أمه ، صحيح أنا هموت وأعرف هو عملها أيه عشان تضربه كدة"
نظر مازن له ثم نهض صاعداً إلى غرفة مهرة ليستفسر عن ما حدث ، دلف إلى الغرفة دون أن يدق الباب ، نظرت له مهرة بضيق ثم نهضت من على الأريكة وهي تقول :
"أفندم !!"
أشار مازن إلى الأسفل وبنبرة غاضبة قال :
"أقدر أفهم أيه إلى عمله الراجل ده يوصلك أنك تكسري دراعه"
قالت له ببرود :
"لمس أيدي بطريقة ضايقتني ونظراته معجبتنيش روحت أديته جزاءه وضربته"
صرخ بها بحدة :
"طب ولما يحصل حاجة زي كدة المفروض تقولي للرجالة إلى في البيت وهما يجيبوا لك حقك ، أنتي قولتيلي وأنا مجبتش حقك !!"
هزت مهرة رأسها بالسلب ليكمل مازن صراخة الذي أزداد حدة :
"يبقى المفروض أنك تقوليلي وأنا أروح أكسحه عشان حاول يتعدي على حرمة بيتي ، أنما بعملتك دي أنتي متدنيش الحق أني حتي أدافع عنك ، جايبلي مشكلة الراجل يقولي مراتك كسرتلي دراعي !!! ، شكلك نسيتي بس أنا هفكرك ، أنتي مراتي وواجبي أني أبقى سندك وضهرك حتي لو الجواز مش حقيقي"
نظرت له طويلاً ترغب في البكاء والصراخ بأنها تريد حمايته وسنده لها ....تريد ذلك بشدة تؤلمها ....تريد التوقف عن لعب دور المصارع أتجاه أي رجل تراه
وبرغم كل صراعتها الداخلية قالت ببرود :
"متقلقش عليا يا مازن أنا متعودة أبقى الراجل والست"
أقترب منها وأمسك رأسها بقوة قائلاً بغضب حارق :
"لا يا حبيبتي الكلام ده قبل ما تبقى مراتي ، أنما أنتي دلوقتي مراتي ومسؤلة مني ، حتي لو موضوع الجواز ده صوري ، مع أني ممكن أخليه حقيقي في أي وقت ، لكن ......
قاطعته مهرة وهي تقول بنبرة لعوب :
" حقيقي !! ، وده مين بقى إلى هيسمح لك أنه يكون جواز حقيقي ، أنت فاكرها سايبة"
ليقول بنبرة ساخرة :
"سايبة مين أنتي مراتي يا ماما ، هتروحي تبلغي عني وتقوليلهم جوزي خد حقوقه"
نظرت له قليلاً ثم وبلحظة جنون مزقت الكنزة القطنية التي كانت ترتديها ، ولم تكتفي بذلك بل دفعت مازن للوراء ليسقط على الفراش الذي كان وراءه ، صعدت فوقه وجلست على معدته مجبرة أياه على النوم ، ثم أقتربت منه قائلة بفحيح أفعى :
"تفتكر لو صوت دلوقتي ولميت أخواتك عليك وأحنا في الوضع المخل ده ، وقولتلهم أخوكم إلى وعدني أنه مش هيجي جمبي بيتهجم عليا ، الراجل إلى مش قد كلمته أهو ، وأروح أخربش نفسي كام خربوش كدة وأروح أبلغ عنك أنك راجل غير متحضر وبتستخدم أسلوب غير أدمي في التعامل معايا ، وأروح لمنظمات حقوق المرأة والأنسان وأتكلم عنك وكلهم يجرو وراك ويقولو رجل الأعمال مازن ريان الهمجي .....
نظرت له وهي ترى مدى تأثير كلامها عليه ....فمن الواقع أنه صدم نهائياً من تفكيرها ، لتكمل مخططها الشرير :
"ده ممكن يعملوا هاشتاج على التويتر يطالبوا به بمقاطعت شركتك و عدم التعامل معاها ، وأنت عارف المصرين ما يصدقوا يلاقوا راجل مش كويس وسطهم ، بيسلخوه"
ثم أقتربت من أذنه وهي تقول بخبث :
"فــ متحاولش تتعامل معايا بذكاء عشان مهما كنت ذكي أنا أذكي منك"
ثم أبتعدت عنه وجلست على طرف الفراش وهي تضع قدم على الأخرى قائلة بنبرة ملاوعة :
"يلا أخرج برة يا زومي عشان عايزة أغير التيشرت إلى أنت قطعتهولي"
نهض من على الفراش وتحركت بخطوات سريعة خارج الغرفة وهو يقول بتمتمه :
"دي أكيد مجنونة ، دي مش ممكن تكون طبيعية"
وقبل أن يخرج سمع جملتها الأخيرة الموجهه له :
"شرفت أوضتي المتواضعة يا زوما"
أغلق مازن الباب وهو يشعر بالصدمة الشديدة ، ولأول مرة يقول أن ليان صادقة ليس مجرد نفسنه بنات ، فمهرة خطيرة وغالباً مريضة نفسية ، لا يمكن أن يكون هذا عقل لأمرأة سوية أبداً ، قاطع تفكيرة ملك التي أمسكت بطرف قميصه القطني وهي تنادي بأسمه ، هبط لمستواها وهو يقول بحب :
"أيه يا قلبي"
أعطته الكشكول الذي بيدها وهي تقول بالأنجليزية مشيرة إلى نفسها :
" I'm malak"
أبتسم لها وهو يداعب وجنتيها بساعدة :
"برافو يا قلبي ، بقيتي شاطرة أهو وبتحبي الأنجليزي ، هتجيلك منحة أمريكا أمتى يا سعدية"
عقدت الصغيرة حاجبيها بعدم فهم ، ليقول مازن معدلاً :
"بس شاطرة يا حبيبتي مين عملك كدة"
"مهرة"
أكتفي بهز رأسه ، وهبط ليستعجل الغذاء
__________
بعد قليل أنهوا الغذاء بصمت وسط نظرات مازن الغريبة أتجاه مهرة ، فيبدوا أن الهدوء والسكينة الذي أنعم عليه بهم مع مريم ، سوف يدفع ثمنهم مع مهرة ، كان يجلس بهدوء يشاهد التلفاز بملل حتى دق الباب ، وكالعادة تحركت العاملة لتفتح الباب ، وسط دهشة مازن بالزوار التي أصبحت تأتيه كثيراً وهو كما يقولون لا يطرق أحدهم بابه ، سوى في الظروف القاهرية
دلف عمه هاشم إلى المنزل بهيبته الوقورة التي يتميز بها عادة ، نهض مازن أحتراماً له وهو مندهشاً قليلاً من زيارته المفاجئة على غير العادة ليقول بعدما دعاه للجلوس :
"خير يا عمي هو في حاجة ولا أيه"
ربت هاشم على فخذه وهو يقول بنبرة غريبة :
"خير يا حبيبي أن شاء الله "
صمت قليلاً ثم قال وهو يحاول الحفاظ بقدر الأمكان على نبرته الهادئة :
"أيه يا مازن موضوع أنك أتجوزت ده"