رواية مهرة والامبراطور البارت الثاني 2 بقلم مي مالك
(الفصل الثاني)
ركض يامن إلى مازن ليجده أمامه ، أشار يامن إلى الخلف وهو يقول بفزع :
"عفريت ، في عفريت برة يا مازن"
ضربه على رأسه وهو يقول بنبرة غاضبة :
"عفريت أيه يا أهبل أنت ، هو الشرب أثر على دماغك ، أوعى خليني أشوف مين"
وأقترب من الباب وفتحه ، ثم أتسعت حدقتاه بصدمة وهو يجد زوجته تقف أمامه .....لا ليست زوجته .....يستحيل ذلك الشبه بينهم .....أنها هي بالفعل
حمحمت الفتاة بحرج وهي تقول بأقتضاب :
"البقية في حياتك أستاذ مازن"
أفسح لها الطريق دون أن يتحدث ، لتدخل هي بهدوء ، أغلق الباب وألتفت لها أشار لــ يامن بالسكوت ثم أشار إلى مقعد في بهو المنزل وهو يقول بأدب :
"أتفضلي"
جلست الفتاة على المقعد ثم جلس هو على الأريكة وكذلك يامن ، قال مازن بهدوء :
"مين حضرتك ؟"
رفعت الفتاة رأسها قليلاً وهي تقول بكبرياء :
"مهرة"
"ودا أسم ولا صفة"
قالها مازن بسخرية وهو يتأمل ملامحها التي تكاد نسخة طبق الأصل من زوجته الراحلة .....قامتها القصيرة .....بشرتها القمحية .....أنفها الصغير .....شفتاها الممتلئة .....عيناها البنية الباردة ....الفرق بينهم ذلك الكعب العالى الذي لم ترتديه مريم سوى مرة أو مرتان في حياتها ....وذلك الشعر الأسود الطويل الذي يصل إلى أسفل ظهرها بقليل ، وبعض المنحنيات التي لفتت نظر مازن
أبتسمت له وهي تلاحظ عيناه الشاردة بملامحها ، ثم قالت بنبرة غريبة :
"لا صفة"
رفع مازن حاجبه ولم يعلق في حين فاجئتهم الصغيرة ملك بصراخها :
"مااااامااااا"
وأقتربت من مهرة وأحتضنتها بعفوية ، نظر مازن إلى أبنته بضيق بشوبه الحزن ، ثم بدأ في الأنفعال وأبعد ملك عن مهرة التي رمشت تحاول أستيعاب ما حدث
نظرت ملك إلى أبيها في دهشة ، ثم ألتفتت لمهرة قائلة بعتاب :
"كدة يا مامي تسبيني لوحدي"
كانت مهرة تحاول تجميع الكلامات لكن لم يخرج سوى بعض الهمسات الغير مفهومة ، لتقول ملك بخذلان :
"أيه يا مامي هو أنا مش وحشتك !!"
تدركت مهرة نفسها لتقول بسرعة :
"لالالا يا حببتي وحشتيني طبعا"
أبتسمت الصغيرة وهي تحيط رقبة مهرة بذراعيها ، في حين نظرت مهرة إلى مازن الذي أنكس رأسه يعبر عن حزنه من فعلة أبنته ، وسط دهشة ليان من تلك الغريبة ، وحرج يامن الذي لا يعرف ماذا يفعل
تحرك مازن أخيراً وأبعد ملك قائلاً لها ببعض الحزم :
"يلا دلوقتي يا لوكة روحي نامي"
"بس أنا عايزة أقعد مع مامي شوية"
قال لها بضيق :
"نامي دلوقتي وبكرة نشوف موضوع مامي ده"
باغتها يامن بحملها كالعصفور وهو يمازحها بنبرته الضاحكة ، ضحكت بفرحة وتركته يصعد بها إلى غرفتها ، في حين أن مهرة ظلت تتابعهم بعيناها إلى أن قاطعتها ليان قائلة بدهشة :
"مين حضرتك"
نظرت لها تتفحصها ثم قالت بهدوء :
"مهرة أخت المرحومة مريم"
ثم وضعت قدم على الأخرى وهي توضح الشبه بينهم قائلة :
"توأمها"
عقدت ليان حاجبيها بدهشة ثم قالت :
"حضرتك أتأخرتي أوي مريم ماتت بقالها أسبوع"
حمحمت مهرة بحرج ثم قالت ببرود :
"الحقيقة أنا كنت مسافرة برة مصر وأول ما مام.....خالتو قالتلي أن مريم ماتت أنا ظبطت أموري وجيت على طول"
ليقول مازن بفظاظة :
"وخالة حضرتك مجتش ليه ؟؟"
قالت بأختصار :
"تعبانة"
___________
دلفت إلى غرفتها وهي تشعر بالأرهاق ، بعد الكثير من العناد أصر مازن أن تمكث بالمنزل على الأقل حتى الصباح ، القت بنفسها على الفراش بأرهاق وهي تنزع عنها الحذاء ذو الكعب العالي وتتمدد على الفراش بأرهاق من السفر
__________
في الصباح
أنهت فترة ركضها الصباحية أخيراً ، أزاحت السماعات عن أذنها وهي تتحرك لتدخل المنزل ، تحركت بضع خطوات لتسمع صوت مازن يناديها ، نظرت له لتجده يهبط السلم بخطوات متزنة وهادئة
نظر للباب وهو يقول :
"كنتي فين ع الصبح كدة"
أجابت بأدب كبير لا يناسبها :
"كنت بجري"
ليستفسر بضيق واضح :
"أنتي ليه جهزتي ملك للمدرسة"
"أنا صحيت لقيتها عندي وبتقولي أحنا مش هنروح المدرسة ، بعدين قالتلي أنها واخده أجازة من المدرسة لحد ما أرج......لحد ما مامتها ترجع وبما أنها رجعت فهي كانت عايزة تروح المدرسة ، معرفتش أقولها أيه ولا أتصرف أزاي"
"قومتي أنتي من نفسك كدة لبستيها وحضرتي لها اللبن وجهزتي حاجتها ولا كأنك أمها"
شعرت مهرة بأنها ستخوض مشاجرة ، والآن هي ليست في مزاج لذلك ، لتقول ببرود :
"بقولك أيه بنتك عندك أهي عايز توديها المدرسة تقعدها جمبك أنت حر متصدعنيش"
وذهبت صاعدة إلى غرفتها ، وهو ينظر أمامه بصدمة عندما عرف أن الشبة بين مهرة ومريم يكاد يكون الشبة شكلاً فقط ، فمهرة صاحبة لسان حاد ولا تعرف كيف تتحدث بأحترام ....من الجيد أنها ذاهبة اليوم حتى لا يتضطر ليعلمها بنفسه كيف تحترم الأخرين
تنهد بعمق وهو يذهب إلى المطبخ ليطلب من العاملة وضع الطعام على السفرة وإيقاظ يامن وليان
__________
أنهو الأفطار بسلام لتتحرك ليان إلى المطبخ لتحضير الشاي الأخضر الخاص بها ، ونهض يامن ليعود إلى غرفته ليكمل نومه
نهض مازن يعدل بياقته وأساور سترته ، نظرت له مهرة تتأمله لبرهة بتلك العيون الرمادية المشبعة بالأخضر .....طوله المهيب ....بشرته البيضاء التي تزينها لحية بنية خفيفة .....ملامحه القاسية .....أنفه المدبب ....صدره العريض ..... شعره البني
قاطع تأملها وهو يقول بفظاظة :
"في حاجة يامهرة"
أخفت توترها قائلة :
"أحممم لا خالص ، عن أذنك"
وتحركت إلى غرفتها هي الأخرى وبدأت بتجهيز نفسها للذهاب إلى خالتها لقضاء بعض الوقت معاها قبل العودة إلى إيطاليا
__________
(بعد ساعتان)
وقفت السيارة أمام منزل كبير نسبياً ذو بوابة حديدة ويضم حديقة صغيرة بها ورود كثيرة ، خرجت مهرة من سيارة الأجرة ومعها حقيبتها ، تنهدت براحة وهي تشم رائحة الهواء النقي ، تقدمت وفتحت البوابة بمفتاحها الخاص ، ودلفت إلى المنزل الذي يعبر عن معني الذوق الرفيع ، أبتسمت وهي تتذكر تلك المرة التي قررت بها شراء ذلك المنزل لخالتها ووالدتها الروحية الذي كان بمثابة منزل أحلامها ، تقدمت من المنزل وهي تنظر للباب المغلق ثم قالت بعفوية :
"أخرجي الآن أيتها الروح المجنونة"
بعدما أستدعت روحها المجنونة ، وقد لبي النداء ، طرقت على الباب بطريقة تشبه الطبول ، فتحت أحدى العاملات الباب وهي تنظر لها بسعادة :
"ست مهرة ، عاش من شافك يا غالية"
أحتضانتها العاملة بأشتياق ، لتقول مهرة بسرعة :
"فين دودو بسرعة عايزة أفاجئها"
"ست بدور فوق في أوضتها"
ألقت حقيبتها على الأرض وركضت بأتجاه السلم لتصعد إلى خالتها الحبيبة ، طرقت الباب بهدوء لتسمع صوت خالتها يأذن لها بالدخول ، لتدخل برأسها أولاً لتجد خالتها تجلس على مقعدها المفضل وتنظر إلى الشرفة بشرود لتقاطع مهرة شرودها قائلة :
"ترااااا مفاجئة"
أنفجرت أسارير الخالة بدور وهي تسمع صوت حبيبتها الغالية مهرة ، لتلتفت وهي تفتح ذراعيها قائلة بفرحة :
"حبيبة قلب خالتها جت ، كنت عارفة أنك مش هتخيبي ظني"
عانقتها مهرة بحب شديد وهي تقول :
"أزاي بقى طالما قولتي تعالي يا مهرة يبقى أمرتي وعلى مهرة السماع والطاعة"
خرجت بدور من العناق الحميم وجلست على الفراش تتبعها مهرة ، قالت بدور :
"روحتي عزيتي جوز أختك"
هزت مهرة رأسها بأيجاب وهي تقول :
"أيوة أول ما نزلت من الطيارة روحت له على طول والوقت كان أتأخر فعقدت هناك لتاني يوم بعدين جيت"
"قعدتي مع راجل غريب في بيت واحد !!"
قالت مهرة بسرعة :
"لالا مكنش لوحده ده كان معاه أخته وأخوه ....وبنته"
لتقول بدور بحزن :
"هي كمان خلفت"
"ملك وعندها 7 سنين"
رمشت بدور عدة مرات وهي تحاول السيطرة على بكائها ، نظرت لها مهرة بحزن فهي تعلم ما يحزنها لكن ليس بيدها شئ ، لتقول فجأة بمشاغبة :
"أنما جوزها إلى أسمه مازن ده رخم رخامة"
نظرت لها بدور بتركيز لتكمل مهرة وهي تتذكر مازن :
"وقتم كدة ومش بيضحك"
لتقول بدور بعدم فهم :
"يضحك أزاي يا بنتي ومراته لسة ميته"
"بس برضو يا ماما مش بالقتامة دي"
ضربتها بدور وهي تقول :
"وأنتي مالك أنتي بيضحك ولا مش بيضحك ، هااا"
قالت مهرة بسرعة وهي تحاول أنقاذ نفسها :
"لا ولله مش عشان حاجة ، أنا بس صعبانة عليا بنته"
ثم وضعت رأسها على قدم بدور قائلة بأبتسامة باهتة :
"وبعدين أنا خلاص منفعش فـــ جواز تاني ، بقيت زي ما بيقولو منتهية الصلاحية"
شعرت بدور بضيق في صدرها وهي ترى مهرتها الصغيرة فتاة يافعة يغمرها الألم من زواجها الأول وكما تدعى مهرة والأخير ، قالت بدور وهي تملس على شعرها :
"ربنا يرزقك بأبن الحلال يا مهرة يابنتي"
رفعت مهرة رأسها وهي تقول بحنق :
"يا دودو بطلي الدعوة دي ، قولتلك خلاص أنا لا عايزة أبن حلال ولا غيره ، أنا عايزة أعيش حياتي ، مش هدفن نفسي بالحيا تاني"
"خلاص يا ستي ، بصي بقى أنا أنهاردة هعملك الأكل بنفسي ، عشان ترمي عضمك الطري ده"
نهضت مهرة بفرحة وهي تقول :
"أيوة كدة ركزي في الأكل مش جواز ونيلة"
_________
(بعد مرور عدة أيام)
"يوووووه يا ماما أنتي كل مرة أنزل فيها تعملي المناحة دي"
أكتفت بدور برميها بنظرة نارية ، جلست مهرة بجانبها وهي تقول بهدوء :
"يا ماما يا حببتي أنتي عارفة أني ورايا شغل مهم ومش هقدر أعطله أكتر من كدة"
أنفجرت بدور قائلة بغضب :
"شغل أيه وزفت أيه ، يعني بنتي مشوفهاش في السنة غير أسبوع أسبوعين ، فين حقي منك ، أنتي كل وقتك مدياه لشغلك ، طب وأنا فين يا مهرة"
عانقتها مهرة وهي تقول بحزن :
"ولله أنتي في قلبي يا دودو ، بس أنتي عارفة الشغل بالنسبة لي أيه ، وقولتلك كذا مرة تعالي عيشي معايا في إيطاليا أنتي إلى مش موافقة"
"وأنا قولتلك مليون مرة لا ، أنا مش هسيب البلد دي وأبقى بعيد عن جوزي حبيبي ، على الأقل عشان وقت ما حس أني لوحدي أروح أزوره ، أنما هناك أروح فين وأجي منين في بلد لا أعرف بيتكلموا أزاي ولا حتي عايشين أزاي"
"أنتي عارفة يا ماما أني مش بحب البلد دي ولا بحب أعيش فيها بعد إلى حصل"
"وهو أيه إلى حصل أطلقتي ، ما كل البنات بتطلق ، فهميني عاملة أيه في طليقك وخايفة أنه يقفشك في البلد ، عشان كدة هربانة زي الحرامية"
أنتصبت مهرة وهي تقول بحدة :
"ماما !! ، أنتي عارفة أنا أيه إلى حصلي بسبب طليقي و....
قاطع حديثها رنين هاتفها ، أمسكته لتجد رقم غريب أجابت بنفس نبرتها الحادة وهي تقول :
"الوو"
وصلها صوت طفولي تعرفه قليلاً ، ثوان وتغيرت ملامحها ثم قالت :
"طيب طيب مسافة السكة وأكون عندك"
وأغلقت الخط ، قالت بدور بقلق :
"في أيه ، مين كان بيكلمك"
نظرت مهرة إلى الهاتف وهي تقول بعصبية :
"ملك ، أتصلت بيا وبتقولي أن أبوها ضربها وقاعدة تعيط وعايزني"
"وهيا معاها رقمك"
"أيوة أدتها رقمك وقولتلها لو أحتاجت حاجة تكلمني ، وأنا خدت الخط الكام يوم إلى هقعدهم في مصر بدل ما أشتري خط جديد"
وضعت هاتفها في جيب بنطالها الجلدي الضيق وهي تقول :
"أنا ماشية ، هاخد عربية من الجراش"
هزت بدور رأسها بإيجاب ، لتذهب مهرة بخطوات سريعة وطرقعة كعبها العالي على الأرض المسطحة تعبر عن مدى غضبها من ذلك المدعو مازن
_________
وصلت إلى منزل مازن ، ترجلت من السيارة وتركتها ولم تهتم بركنها ، دقت الباب بعنف لتفتح لها أحدى العاملات ، أزاحتها ودلفت إلى المنزل لتجد مازن يقف أعلى السلم ، أقتربت من السلم بغضب واضح ، ليقول لها بحدة :
"أنتي إيه إلى رجعك تاني"
صعدت درجات السلم بعنف وهي تقول بنبرة شيطانية :
"أصلي نسيت حاجة ، وهي أني أعلمك أزاي تتعامل مع بنتك"
لم تعجبه لهجتها ليقول بنبرة نارية :
"لا للأسف مش محتاجة ، ولو ده إلى أنتي جيا عشانة يبقى أخرجي"
لتقترب من وجه بعفوية وهي تقول بنبرة باردة كالثلج :
"مش قبل ما أخد إلى أنا عايزاه"
ثم صاحت بصوت جهوري تنادي على ملك ، خرجت الصغيرة من غرفتها وعلى وجهها أثر الدموع نظرت لها مهرة لترى أحدى وجنتي الصغيرة الزرقاء أثر ضرب والدها ، تحسستها بصدمة وهي تقول :
"أنت أزاي تعمل كدة يا متوحش"
"ميخصكيش دي بنتي وبربيها"
هدرت بعنف :
"مش لما تتربى أنت الأول"
أقترب منها ينوي أخراج غضبه عليها هي الأخرى ، لتقول هي دون أن ترمش :
"أيه هتطلع عقدك عليا أنا كمان"
قال من بين أسنانه :
"لأخر مرة بنصحك تخرجي وتسيبي بنتي ، وألا هتندمي"
"هخرج ومعايا ملك"
نظر لملك بغضب ثم أقترب منها لتبتعد الصغيرة بخوف ، نظر لها بحزن فهذه أول مرة تخاف منه صغيرته ، قالت له مهرة بحدة :
"هيا مش عايزاك على الأقل دلوقتي ، سيبها معايا يا مازن بدل ما أخدها من وشك خالص"
وأمسكت يد ملك وهبطت بها درجات السلم ، وسط صدمة مازن الذي أُخذت منه أبنته أمام عينه قابلتهم ليان التي جاءت من الخارج للتو ، حاولت أيقافهم وهي تستعين بمازن الذي كان ينظر لملك بحزن وهو يرى نظراتها الخائفة منه ، والذي لم يراها منها قط سوى الأن ، بعدما تجرأ وضربها ، ذهبت مهرة وظل هو يقف مكانه كالصنم إلى أن تحرك أخيراً وذهب إلى غرفته وأغلق الباب وراءه وسط صراخ ليان بأن يفهمها ماذا يحدث ؟ ، لكنها لم تحصل على أجابة
__________
(بعد قليل)
وصلت إلى منزل بدور مرة أخرى ، لكن تلك المرة معها الصغيرة ملك الذي نظرت للمنزل بأنبهار وهي تقول :
"هو ده بيت مين يا مامي"
"أمممم ده بيت قريبتي ، وأنا جبتك عندها عشان هيا كان نفسها تتعرف عليكي من زمان"
ودقت الباب لتفتح لها بدور بنفسها ، نظرت للصغيرة وهي تقول بتوقع :
"ملك !!"
هزت مهرة رأسها بإيجاب ، لتبتسم بدور وتهبط إلى مستوى الصغيرة قائلة بحب :
"أزيك ، أنا أبقى تيته ....زي تيته نورا بالظبط"
صمتت الصغيرة لثوان ثم قالت بطفولية :
"اااااه فهمت"
ثم عانقتها الصغيرة بعفوية ومهرة تتابع الحديث بصمت ثم نادت بأسم أحدى العاملات أعطتها حقيبة بلاستيكية بيضاء وهي تقول :
"خدي الهدوم دي طلعيها أوضتي ، وهاتي لي كيس تلج"
ثم سحبت ملك وأجلستها على الأريكة تبعتهم بدور بأبتسامتها الحانية ، جاءت العاملة بالثلج الذي أخذته مهرة ووضعته على وجنتي الصغيرة ، قالت بدور بضيق وهي تشير إلى اللون الأزرق الموجود على وجنتي الصغيرة :
"مازن إلى عمل كدة"
ثبتت الثلج بيدها ثم نظرت إلى بدور قائلة بغضب :
"أيوة ، ومش كدة وبس ده طردني من البيت"
"أومال خدتي ملك أزاي !!"
تنهدت مهرة قائلة :
"مهو عشان أنا حلوفة متأثرتش بالطرد وناديت على ملك وخدتها من قلب بيته وهو واقف ومقدرش يتكلم"
"جبروت"
أبتسمت مهرة في حين نظرت لها بدور ببعض الحزن وهي ترى ملامح الأنوثة والخجل تختفي من أبنتها
___________
(في المساء)
جلس يامن بجانب مازن وهو يربت على يده قائلاً بحزن :
"متقلقش كدة يا مازن ، وبعدين هيا راحت فين يعني ، دي مع خالتها مش حد غريب"
لتقول ليان بغيظ :
"لا غريبة يا يامن ، تعرف أيه هيا عن ملك ، ولا تعرف أيه عن معاملة الأطفال ، شكلها متفهمش حاجة غير في الشغل وبس ، ولله وأعمل بتعمل في البنت دلوقتي"
نظر لها يامن بغضب وهو يقول :
"يابوتجاز أحنا بنهدي النفوس ، بطلي عمايلك دي مازن مش ناقص"
ثم ألتفت لمازن وهو يكمل :
"متقلقش هتعمل فيها أيه ، هيا كلها يومين وهترجعها ، هيا أساساً جيا مصر زيارة يعني يومين تلاته وهتسافر تاني وترجعلك ملك"
نظر له مازن بتوهان وهو يقول :
"تفتكر ممكن تقول أيه لملك عني ، ممكن تكرها فيا"
هز يامن رأسه بالنفي قائلاً بهدوء :
"مظنش ، مش هتستفيد حاجة ، معلش أنت مأذتهاش في حاجة عشان تبوظ علاقتك ببنتك"
وضع مازن رأسه بين كلتا يديه بحسرة وهو يندم ألف مرة أنه ضرب صغيرته
__________
كانت جالسة على الفراش ، ترتدي نظاراتها الطبية ، وهي تضع الحاسوب على قدمها تتابع أخر التقدمات في الشركة التي تعمل بها ، طرق الباب بهدوء ، لتنظر مهرة للباب قليلاً ثم تأذن للطارق بالدخول ، دخلت ملك بأبتسامة جميلة وقد راح اللون الأزرق من وجهها إلى حد كبير ، نزعت مهرة النظارة عن وجهها وهي تبتسم بحنان ، لتقول ملك :
"تيتة بدور نامت وأنا مش عارفة أنام ، ينفع أنام جمبك"
أشارت مهرة إلى الفراش وهي تقول :
"أتفضلي يا حببتي"
تمددت ملك بجانب مهرة على الفراش ....لتشعر مهرة أنها الفرصة المناسبة لتقول لها :
"ملوكة أنا عايزة أتكلم معاكي"
جلست ملك على الفراش بتركيز ، أبتسمت لها مهرة ثم حمحمت قائلة بنبرة شبه هادئة :
"أنا مش ماما ، ماما راحت عند ربنا"