الفصل الثامن
مر الاسبوع رائعا على كل من مازن وسالي ... اقتربا من بعضهما بشكل اكبر وعاشا أوقات جميلة سويا ... تعرف مازن من خلالها على سالي وأدرك مدى جمال شخصيتها وطيبة قلبها ... كان يشعر اتجاهها بخليط من المشاعر المختلفة ما بين الشفقة والعطف والإعجاب ... وكان في داخلة شعور غريب يحثه على الاقتراب منها بشكل اكبر ... شعور لم يدرك ماهيته الى حد الان ... اما سالي فكانت تشعر بسعادة كبيرة لا توصف وكأنها تعيش للمرة الاولى حياتها بحق ... تعلقت بمازن كثيرا وباتت ترى الدنيا من خلاله ... أحبته بشده ولم يحتاج حبها له للتفكير كثيرا من اجل التأكد منه ... فمشاعرها كانت عفوية واضحة لا تقبل خطأ ...
************************************
مساءا
كانت سالي تقف امام البحر تتابع أمواجه بذهن شارد حينما شعرت بشخص ما يطوق خصرها بيديه ...
" بتفكري بايه ...؟"
سألها مازن بجدية لتجيبه بخفوت :
" بفكر فبكره ...."
" ماله ...؟"
سألها بتعجب لتجيبه بتوتر :
" خايفة منه ..."
اختلج قلبه داخل صدره لما قالته فسألها مرة اخرى بقلق :
" خايفة من ايه ...؟"
استدارت ناحيته مواجهه اياه برأس منخفض نحو الأسفل ودموع القهر تنساب على وجنتيها ...
رفع ذقنها بأنامله ليتفاجأ بدموعها هذه ... سألها بصدمة حقيقية :
" سالي انتي بتعيطي ليه ...؟"
اجابته ببكاء :
" خايفة لتسبني ... خايفة ليطلع كل ده حلم مؤقت وأول منرجع هفوق منه وارجع زي الاول ...لوحدي ..."
" هش ... اسكتي ..."
وضع اصبعه على فمها مانعا اياها من اكمال حديثها ... ضمها بقوة الى صدره وهو يهتف بها :
" مفيش حاجة هترجع زي الاول ... كوني واثقة من ده ..."
"توعدني بكده ...؟"
سألته بلهفة ليجيبها بصدق جلي :
" بوعدك يا سالي ..."
**************************************
خرج من مكتب جده وشياطين الغضب كلها متجمعة حوله ... دلف الى غرفته وأخذ يدور فيها بعصبية شديدة ... حمل المزهرية الموجوده على احدى الطاولات ورماها أرضا ... جلس على سريره وهو يضع رأسه بين كفيه ... انه تورط وانتهي الامر ... فهاهو سوف ينفذ كلام ذلك العجوز ويتزوج من ابنة شريكه ... ويصبح تحت سيطرته الكامله ... زفر انفاسه بضيق وهو يعود الى الوراء قليلا متذكرًا حديثه مع وسام ابن عمه حينما حدثه بجدية قائلا :
" نقتله ..."
تراجع وسام الى الخلف لا إراديا وهو يقول بعدم تصديق :
" نعم ياخويا ...!"
أردف بعدها قائلا بجدية ودهشه حقيقية :
" انت بتتكلم بجد ولا بتهزر ..."
" وانا من امتى بهزر ...... كلامي جد الجد..."
وسام متسائلا بشرود :
" تقتله ... طب ازاي ...؟"
اقترب منه فادي اكثر مجيبا إياه بثقة وعدم خوف :
" ازاي دي تسيبها عليا... المهم انت موافق ...؟ "
شرد وسام بحديثه محاولا ان يوزن الامر داخل رأسه ... لحظات قليله وانتفض من مكانه قائلا بعصبية شديده ...:
"لا يا فادي الا القتل انا مليش فيه ..."
فادي محاولا تهدئته قليلا وإقناعه :
"طب اهدى شويه وخلّينا نتكلم بالعقل ..."
وسام بنبرة قاطعة :
" مفيش كلام فالموضوع ده ... انا مش هشيل ذنب حد ... حتى لو كان جدك بكل جبروته وقسوته ...عاوز تقتله يبقى اقتله لوحدك ... مدخلنيش معاك في المصيبة دي ..."
"جبان ... وهتفضل طول عمرك جبان ..."
قالها فادي بنفور وهو يخرج من مكتب وسام متجها الى الفيلا والأفكار ما زالت تعصف به ...
****** ****** ****** ****** ****** ******
دلف مازن الى مكتب صديقه هاني والذي نهض من مكانه ما ان رأه مستقبلا اياه بحرارة :
"الف حمد لله على السلامة ... واخيرا رجعت ..."
ضمه مازن وهو يرد عليه :
" الله يسلمك ..."
جلسا الاثنان على مكتب هاني وأخذا يتحدثا في مختلف الأمور ... تحدث هاني متسائلا :
" اخبار اسبوع العسل ...؟ نفذت اللي اتفقنا عليه ...؟!"
اومأ مازن برأسه دون ان يجيبه مما جعل هاني يعاود سؤاله بتعجب :
" مالك يا مازن ...؟! شكلك مش طبيعي ... هو فيه حاجة حصلت ..؟!"
تنهد مازن بصوت مسموع ثم قال بشيء من الاٍرهاق :
" محتار يا هاني ... محتار جدا ..."
" محتار فايه ...؟"
اجابه مازن موضحا ما قاله :
" من ساعة مرحت معاها وانا حاسس بحاجات غريبة ... حاجات مش لاقيلها تفسير ..."
" حاجات زي ايه ...؟!"
" يعني مثلا انا المفروض أكون بمثل عليها ... بس انا حاسس اني مش بمثل ... المفروض أكون قرفان منها ... بس انا مش قرفان ..."
كان يتحدث بحيرة شديدة جعلت هاني يتطلع اليه بنظرات ذات مغزى ليسأله هاني بضجر :
" بتبصلي كده ليه ...؟"
" بحاول أفهمك ..."
اجابه هاني ببساطة ثم أردف متسائلا :
" هو ده بس اللي محيرك...؟!"
هز مازن رأسه نفسا وأكمل :
" لا ... مش ده بس ... حاسس اني بظلمها معايا ... مدايق عشان بخدعها ... هي متستاهلش مني ده ... "
" مازن ...!!! اوعي تكون حبيتها ..."
تطلع مازن اليه بصدمة شديده ثم نفى ما قاله بسرعة :
" حبيتها ايه بس ... انت تجننت يا هاني ...!!"
" وليه لا ... كلامك بيدل على كده ... انا عارف انوا وضعها مختلف ... بس ده ميمنعش انك تكون حبيتها ..."
تطلع مازن اليه بحيرة اكبر وسؤال واحد اخذ يتردد داخل عقله .. هل من الممكن ان يكون احب سالي ...؟! هل من المعقول شيء كهذا ...؟!
في هذه الأثناء رن هاتفه وايقظه من شروده ... تطلع اليه ليجد المتصل دينا ... تأفف بضجر وهو يغلق الخط في وجهها ...
" مين اللي بيتصل ...؟"
سأله هاني ليجيبه مازن بضجر :
" دينا ...دي عاشر مرة تتصل بيا ..."
" وانت مبتردش عليها ليه ...؟"
" قرفتني يا عم ... وانا مليش خلق ليها ..."
رماه هاني بابتسامة تهكمية جعلت مازن ينهض من مكانه فورا خارجا من مكتب هاني بعد ان ألقى التحية بسرعة ...
**************************************
احتضنت رزان سالي بقوة وهي تبتسم بسعادة .... ابتعدت عنها بعد لحظات وهي تهتف بها بحبور :
" وحشتيني ... وحشتيني اووي يا سالي ..."
" وانتي اكتر يا رزان ..."
" هاا احكيلي ... اخبارك ايه ... انبسطتي ...؟! شكلك مبسوطة ..."
ابتسمت سالي بخجل ثم قالت بصوت خافت :
" انبسطت اووي ...."
ابتسمت رزان بخبث من هيئة سالي الخجله ووجنتيها المحمرتين ثم قالت :
" شكل الأوضاع معاكي عاليه اووي ..."
" بس يا رزان ..."
نهرتها سالي بتوتر لتقهقه رزان عاليا ... توقفت أخيرا عن ضحكها وهي تقول :
" بتتكسفي يا حلوة ... "
" رزان ...!!!"
" خلاص خلاص ... سكت ..."
اردفت بعدها متسائلة :
" امال مازن فين ...؟"
اجابتها سالي :
" راح يشوف صحبه ..."
هزت رأسها بتفهم ثم اخرجت دواء من حقيبتها وأعطته لسالي فأخذته سالي منها وهي تسألها بتعجب :
" ايه ده ....؟"
اجابتها رزان بصوت منخفض :
" دي حبوب لمنع الحمل ... خديها بانتظام ..."
شهقت سالي بقوة ثم قالت بصدمة :
" مش عاوزاني احمل يا رزان ... ليه ...؟"
ارتبكت رزان من سؤال سالي ... حاولت استعادة رباطة جأشها وهي تجيبها بجدية :
" عشان مينفعش الاستعجال فالمواضيع دي يا سالي ... انتي لسه متعرفيش مازن كويس عشان تخلفي منه ... لازم تتأكدي انوا بيحبك وهيحافظ عليكي ... وساعتها ابقي احملي وجيبي عيال منه ..."
" بس ..."
قاطعتها رزان:
"مفيش بس ... اسمعي كلام اختك يا سالي ... محدش هيخاف عليكي قدي ... اشربي الحبوب دي ارجوكي ..."
سالي باستسلام :
" حاضر ..."
ابتسمت رزان بارتياح فهاهي الأمور تسير جيدا مثلما ارادت ...
*************************************
وقف مازن بسيارته امام احدى العمارات ... اخذ يتطلع الكارت الموجود بيده بتركيز شديد ... هبط اخيرا من سيارته واتجه الى داخل العمارة ...
بعد حوالي ثلث ساعة كان مازن جالسا امام طبيب كبير في العمر نوعا ما والذي سأله بجدية :
" خير يا استاذ ... ايه هي مشكلتك ...؟"
اجابه مازن بتردد :
" هي مشكلة زوجتي الحقيقة ..."
عاد الطبيب وسأله بجدية :
" مالها زوجة حضرتك ....؟"
تنحنح مازن بحرج ثم اجابه :
" عندها تشوهات في وشها وجسمها ...."
هز الطبيب رأسه بتفهم ثم سأله :
"كتير ..."
" ايوه ... الصراحة هما كتير ..."
" طب مجبتهاش معاك ليه ...؟"
" قلت اسمع تشخيصك الاول ... عشان لو مفيش امل أقفل الموضوع من سكات ...."
اخرج مازن من جيبه صورة التقطت لهما سويا وأعطاها الى الطبيب والذي تناولها منه واخذ يتطلع فيها بتركيز شديد ... تحدث اخيرا بعد لحظات من التوتر الشديد الذي شعر به مازن :
" دي تشوهات سببها جروح في الوش وإصابات اظن انها نتيجة حادثة ..."
" معنى كلامك ده ايه ...؟ فيه امل انها تتعالج ..."