رواية زوجتي الدميمة الفصل الرابع 4 كاملة - أميرة مدحت
لتحميل رواية زوجتي الدميمة
أخفض عينيهِ وهو يغمغم:
-إنتي أتغيرتي أوي يا آسيا، بس أنا مش هسيبك إلا لما ترجعي زي آسيا إللي كُنت أعرفها.
تنهد تنهيدة حــارة وهو ينحني برأسه ليُقبَّل جبينها قُبلة عميقة، فكر أن يخلع حجابها حتى تستطيع النوم بإريحية، ولكن تراجع عن الفكرة سريعًا حتى يجعلهـا تطمئن بأنه لم يمسها، أنتبه إلى يدها المُصابة، فـ زفر بإختناق وهو يمسح على وجهه بعنف، نهض من مكانه متوجهًا نحو الكومود ليجلب حقيبة الإسعافات الأولية.
*****
في صباح يوم التالي، جلست "إيمان" على الأريكة وهي تمسك قدح من القهوة، أرتشفت منها عدة قطرات، ثم تركتها على الطاولة أمامهـا وهي تحتضن نفسها بذراعيهـا، حاولت التظاهر بقوة، ولكن بداخلهـا هشة، لأولُ مرة تشعر بذلك الخذلان، إبتسمت بسخرية لحالهـا، دائمًا كانت تشعر بأنه لا يحبها، على رغم من أحترامه الشديد معها، إلا أنها لم تشعر بـ ذرة حُب يحملها لهـا، وقبل أن تغمض عينيهـا.. أستنشقت رائحة عطر رجولي وسمعت صوتٍ أجش وهو ييقول:
-صباح الخير.
التفتت برأسهـا لتجد صاحب الصوت هو "كريم".. إبن عم زوجهـا، ردت عليه بخفوت:
-صباح النور.
جلس على أريكة أُخرى ثم قال مُبتسمًا لهـا:
-عامله إيه؟؟..
كادت أن تبتسم بتهكم ولكن تمالكت نفسها وهي تُجيبه:
-الحمدلله.
نظر لها بصمت ثم قال بعد لحظـات:
-كان الله في عونك، وبجد أنا بحيكي على أنك أستحملتي أن جوزك يتجوز بنت عمه عشان الخطر إللي هي فيه، وأنك أدتيله فُرصة.
همست بجدية رغم أن لهجتها تحمل السُخرية:
-تفتكر دي هتبقى جوازة مؤقتة؟؟..
سحب نفسًا عميقًا وزفره على مَهَل ثم صمت ولم ينبس بأي كلمة، فهو يعلم مقصدهـا.. خاصةً أنه كان شاهد على قصة حُب إبن عمـه مع "آسيا"، ولولا الظروف لكانت "آسيا" الآن زوجتـه، ولكن أجاب بهدوء بعد دقيقة من الصمت:
-طالمًا عمي ومراته قالوا أن دي هتبقى جوازة مؤقتة، يبقى خلاص ده إللي هيحصل، وخصوصًا أن من شكل آسيا إمبارح في كتب الكتاب، أن الجوازة دي مغصوبة عليها عشان الخطر إللي هي فيه.
همست بصوتٍ هادئ:
-محدش عارف إيه إللي هيحصل.
هبت واقفة وهي تغمغم:
-معلش أنا هقوم أدخل أوضتي عشان تعبانة شوية، عن إذنك.
إبتسم لها وهو يرد:
-أتفضلي.
بادلته إبتسامة شاحبة ثم تحركت نحو الدرج لتصعد عليه متوجه نحو غُرفتهـا حتى تجلس مع نفسها قليلاً قبل أن يستيقظ الجميع.
بينما لم تختفي إبتسامة "كريم" من على وجهه، أخفض رأسه بإختناق وهو يتذكر بُكائها ليلة الأمس، مُنذ عام كان رأهـا لأولُ مرة في إحدى المطاعم جالسة تأكل برفقة أصدقائهـا، علم من النادل أنهـا تأتي كل أسبوع إلى ذلك المطعم.. أوقات تأتي بمفردها وأوقات أُخرى تأتي برفقة أصدقائهـا، مُنذ ذلك اليوم وهو يأتي كي يراها ويرى إبتسامتها التي كانت من أهم الأسباب جعلته عاشقًا، يأتي متأملاً إياها وبجمالها البسيط وملامحها الرقيقة، لم يكن لديه الشجاعة أن يتقدم إليها.
وبعد شهر ونصف، أختفت فجأة!!.. لم تُعد تأتي المطعم، أنتظرها شهور بفارغ الصبرولكن لم يراها، واليوم الذي رأها فيه وجدهـا خطبيبة إبن عمه، ليصفعـه الواقع صفعةً عنيفة، ويتحطم قلبه بقوة.
******
كانت تركض بطريق أشبه بالصحراء حيث يلاحقها ظلاً مُخيفًا وأشخاص أصبحت تبغضهم، لهثت وتنفست بصعوبة بالغة، حتى تمكن ذلك الظل بالإقتراب منهـا، ليظهر آخر شخص تُريده، وعندما نظرت أمامها وجدت نفسها وقعت في حفرة عالية عميقة لا نهاية لهـا، ليظهروا الأشخاص ويبتسمون لها بتشفي وتلمع أعينهم بوميض مُخيف في الظلام.
وهنـا صرخت.. صرخت بعنف وهي تُريد أن تخرج من كابوسهـا، أنتفض "ظافر" من على الأريكة ليركض نحوهـا وقبض على ذراعيهـا ليهزهـا بقوة صارخًا فيهـا بخوف:
-فوقي يا آسيا، فوقي ده كابوس، آسيا بقولك فوقي.. ده مش حقيقي.
فتحت عيناها فجأة ومختنقة لاهثة بصعوبة من ذلك الكابوس الذي أصبح من حياتهـا، ظلت تنظر له بعينين واسعتين، جذب رأسهـا إلى صدره ليضمهـا بقوة وهو يهمس بألم:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، أهدي يا آسيا، ده كان كابوس، كابوس وأنتهى.
أخذت تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة وقد تندى جبينها بالكثير من حبات العرق، كادت أن تستسلم لتلك الضمة المليئة بالحنان، ولكن أنتفضت ودفعته بكُل قوة لقوول بتشنج:
-أبعد عني، متلمسنيش.
تركهـا وهو يُلقي عليها نظرة مليئة بالحزن والألم على حالتهـا التي وصلت إليهـا، هبطت من على الفراش وهي تركض إلى المرحاض، ليهز رأسه بيأس، رفع رأسه للأعلى ثم أغمض عينيه بقوة وهو يتمنى أن تعود كما كانت.\\
الفصل الخامس من هنا