رواية زوجتي الدميمة الفصل الثالث عشر 13 كاملة - أميرة مدحت
ردت عليهم بهدوئهـا المعتاد:
-ظافر بيحب آسيا، وهو عايش
في عذاب كون أنه متجوز أتنين، وأنه شايف أنه بيحب واحدة والتانية لأ، أنا واثقة
إني كان مُمكن يجي على نفسـه ويطلقهـا في الآخر عشاني، بس حرام، كده هما الأتنين
هيتعذبوا، وأنا كده مش هبقى مبسوطة في الآخر، إنما دلوقتي كل حاجة هتتغير للأحسن،
وأنا هبدأ حياتي من جديد.
همست "فوزية"
بذهول:
-معقولة تفكري التفكير ده.
سألهـا "يوسف"
بلهجة حزينة وهو يدقق في ملامح وجههـا:
-وإنتي كده أرتحتي يا
بنتي؟؟..
ردت عليـه بصدق:
-آه، أرتحت أوي، وسعيدة
بإللي أنا عملتـه، لأني واثقة إني عملت الصح.
وقف "يوسف"
وأتجـه نحوهـا بخطوات هادئة، وقف قابلتهـا وهو يقول لهـا:
-شوفي يا إيمان، إنتي سبتي
أثر حلو جوا كُل شخص في البيت ده، يوم ما تحسي إنك محتاجة أي حاجة، قولي وإحنا
هنفذ، إنتي زي بسمة بنتي بظبط.
وقفت "فوزية"
أمامهـا لتجذبهـا نحوها وتحتضنهـا بعاطفة مرددة والدموع في عينيهـا:
-أنتي فعلاً زي بنتي، أوعي
يابنتي تبقي حاسـه بأي حاجة وحشة من ناحيتنـا، ربنا يعلم إني حبيتك أد إيه وإني
حاسـه بالذنب من ناحيتك.
تراجعت عنهـا وهي تقول
ببسمة صغيرة:
-مقدرش أحس بأي حاجة وحشة
من ناحيتكم، كفاية إنك كنتي حنينة عليا زي أمي الله يرحمهـا.
هتف "يوسف" بلهجة
جادة:
-طب لحظة واحدة.
قالهـا وهو يتحرك إلى الدرج
متوجهًا نحو غُرفة نومـه، غاب لعدة دقائق.. ثم عاد إليهم وهو يحمل ظرف، مد يده
نحوهـا بالظرف مرددًا بلهجة آمرة:
-خُدي دول يا إيمان.
أخذت الظرف منـه وهي تسأله
بدهشة:
-إيه الظرف ده؟؟..
رد عليهـا بصوتٍ أجش:
-دول 6 ألاف جنية، عشان
تتصرفي في أكلك وشربك والذي منـه.
كادت أن تعترض ولكن لهجتـه
تحولت إلى صرامة مرددًا:
-أنا كلمتي متنزلش الأرض
أبدًا، خُديهم يا إيمان ولو أحتجتي حاجة قوليلي.
هزت رأسهـا بإستيحاء،
ودعتهـا "بسمة" مرددة:
-أنا هبقى أزورك يا إيمان.
إبتسمت لهـا قائلة:
-ده شئ يسعدني.
تحرك "كريم"
نحوهمـا وهو يقول بصوتٍ خشن:
-يالا يا إيمان، عشان أوصلك.
هزت رأسها نفيًا وهي تقول:
-مفيش داعي، أنا هاخُد
تاكسي.
أشار بيده قائلاً بصوتٍ جاد:
-يالا يا إيمان، أنا إللي
هوصلك.
قال كلمتـه الأخيرة وهو
ينحني بجسده قليلاً لـ يأخذ حقيبة سفرهـا، بينما وضعت الظرف بداخل حقيبة يدها، ثم
تحركا معًا نحو الخارج تحت أنظار "فوزية" الحزينة.. و"يوسف"
غير مُصدق ما يحدث حولـه.. و"بسمة" المذهولة!!..
ألتفتت "فوزية"
فجأة وهي تتساءل:
-هو ظافر فين؟؟.. وآسيا
مصحيتش ليـه لغاية دلوقتي!!..
تابعت بحدة:
-وبعدين دول أتطلقوا إمتى،
وإحنا سيبنهم نايمين والساعة دلوقتي عاشرة الصُبح!!..
******
أنتظر على أحر من الجمر
لحظة خروجهـا من الغيبوبة المؤقتة، اطلق تنهيدة حـارة نابعة من قلبـه العاشق، في
نفس الوقت بدأت "آسيا" في أستعادة وعيهـا، وتأوهت بأنين واهن، أنتبـه
"ظافر" إلى حركة أصابع يدهـا، فنهض من على المقعد وجلس بجوارها على طرف
الفراش، أمسك كف يدهـا بحنو بين راحتيـه هامسًا لهـا:
-آسيا، سمعاني؟؟..
حركت رأسهـا باهتزازة تكاد
تكون محسوسة، تنفس الصعداء لإفاقتهـا، لحظات وكانت تفتح عيناهـا ببطء شديد، همست
بتعب:
-أنا فين؟؟..
همس لهـا بسرور:
-حمدلله على السلامة.
تنفس بإرتياح قائلاً:
-الحمدلله، كان هيجرالي
حاجة لو كنتي روحتي مني، مكنتش هستحمل.
حدقت في وجهه وبدأت تجتمع
الدموع في عينيهـا قائلة بهمس وعلى ملامحهـا الوهن والألم:
-ليــه؟؟.. ليه سبتني أعيش،
أنا تعبانة وعايزة أرتاح.
تحولت نبرتـه إلى حدة
قائلاً:
-وعشان ترتاحي تموتي كافرة
يا آسيا!!..كويس إني لحقتك، كنتي هتقولي إيه لربنـا لما تقابليه، إنك مش راضية عن
إللي بيحصلك!!..هتعترضي على قضاء ربنـا؟؟..
أنهمرت الدموع من عينيها،
ليهدأ من لهجتـه ثم قال برفق:
-آسيا، ده أختبار من ربنا،
عاوز يشوف قوتك ومدى تحملك، فـ تقومي تتصرفي التصرف ده!!.. أستغفري ربنا يا آسيا،
أستغفري.
أغمضت عيناها وهي تستغفر،
بينما دموعهـا لم تتوقف أبدًا عن النزول، بعد دقائق همست بألم:
-أظن دلوقتي غيرت رأيك فيا
بعد ما شوفتني آآ..
لم تستطع أن تكمل جملتهـا،
حيثُ زاد بُكائهـا وهي تتذكر شعورهـا حينما رأهـا بذلك الشكل، ترك يدهـا ليمسك
وجههـا بين راحتيـه وبدأ يمسح دموعهـا بأنماله قائلاً بوجع:
-إنتي عبيطة، لو فاكرة حاجة
زي دي ممكن تغيرني من ناحيتك، تبقي عبيطة، أنا حبيت روح آسيا.. مش شكل آسيا..
هزت رأسهـا بعنف وهي تهمس
بقهر:
-أنا أتغيرت يا ظافر، كل
حاجة أتغيرت فيا، شكلي ورحي وتصرفاتي، كل حاجة يا ظافر.
أغمضت عيناها بعنف وهي تقول:
-حاسه إني أندبحت، قلبي
بيموت يا ظافر بس ببطء، وده بيتعبني أكتر.
هتفت بألم يفطر القلوب:
-لو فضلت أوصفلك إحساسي من
هنا لبكرا مش هعرف، أي واحدة مكاني لو حصلهـا حاجة واحدة بس من إللي حصلي هتقع.
حاول التماسك أمامهـا
مرددًا:
-بس إنتي قوية، أقوى واحدة
شوفتهـا في حياتي، كفاية إنك قدرتي تستحملي طول الفترة إللي فاتت، وماتقلقيش أنا
هفضل جمبك، وعُمري ما هسيبك أبدًا، وصدقيني هترجعي زي الأول وأحسن كمان، أنا بوعدك
بـ ده.
همست بصوتٍ ميت:
-طب ومراتك؟؟..
رد عليهـا بحذر:
-إيمان طلبت الطلاق يا آسيا.
أتسعت عيناها برعب وهي تقول:
-وطلقتهـا؟؟..
أخفض رأسه فـ تأكدت من
شكوكهـا، هزت رأسهـا بنفي قائلة ببكاء وبلهجة تحمل العتاب واللوم:
-أكيد بسببي، أكيد بسببي
أنا، ليه توافق يا ظافر أنك تطلقهـا؟؟..
همس لهـا بحزن عميق:
-ممكن تهدي يا آسيا، أهدي
وأسمعيني.
صمتت وهي تبكي بصمت، فـ قال
وهو يبلع غصة مريرة:
-آسيا، إيمان عارفة إني
بحبك من قبل ما أتجوزهـا، إيمان شافت إنك محتجاني، شافت الحب في عينيا إللي حاولت
على أد ما أقدر أخبيـه عشان أراعي إحساسهـا، إيمان مشيت وهي راضية، عارفة لو كنت
حسيت بنسبة واحد فالمية أن الكلام ده مش من قلبهـا، مكنتش هتطلقهـا وهكمل معاهـا
زي ما بدأت، وعلى العموم هي من شوية بعتتلي رسالة، بأنها هتبقى تجيلك المستشفى
عشان تطمن عليكي وتتكلم معاكي شوية.
عاد يمسك كف يدهـا ورفعه
ليقبله قائلاً بندم:
-آسيا أرجوكي تسمحيني على
أي حاجة عملتهـا، أرجوكي.. أنا قلبي واجعني أوي.
تنهدت بوهن وهي تهز رأسهـا
قائلة بتعب:
-سامحتك يا ظافر على إللي
عملتـه فيا زمان، لأني لو كنت مكانك كنت هتصرف نفس تصرفك، بس مش مسمحاك من ناحية
إللي عملتـه في إيمان، بس يمكن لما أتكلم معاهـا، ممكن أقدر أسامحك.
أضافت بهمس وهي تضع يدهـا
على جبينهـا:
-المهم.. في حاجة لازم
تعرفهـا.
عقد ما بين حاجبيـهِ
وسألهـا بإهتمام:
-في إيـه؟؟.. قولي إللي
إنتي عيزاه من غير خوف.
تنهدت تنهيدة بطيئة قبل أن
تغمغم:
-دلوقتـي، لازم تاخد
المستندات، وتوصلهـا لوكيل النيابة دلوقتي.
سألهـا بجدية:
-طب فين المستندات دي؟؟..
ردت عليه بهدوء:
-هقولك.
******
بعد مرور فترة وجيزة، وصل
"ظافر" إلى منزلـه راكضًا إلى غُرفة "آسيا"، ركضت وراءه
"بسمة" التي صاحت بضجر:
-إنت كنت فين يا ظافر؟؟..
وآسيا فين؟؟..
رد عليها وهو يصعد على
الدرج:
-مش وقت أسئلتك خالص يا
بسمة، سبيني دلوقتي.
قالهـا وهو يقترب من غُرفة
"آسيا" في حين قالت "بسمة" بتردد:
-في حاجة غلط بتحصل، أنا
هاروح لماما أقولهـا أنه جه وهي تتصرف معاه.
في ذات الوقت، دخل
"ظافر" الغرفة بعد أن ضغط على زر الإضاءة، وهو يتذكر مكان المستندات
حينما قالت:
-تحت خامس بلاطة من مدخل
أوضة النوم ناحية الشمال.
أنحنى بجسده ليبعد البساط
المفترش عن الأرضية، جلس على ركبتـه وهو يتأمل تلك البلاطة المقصودة، فوجدهـا
بالفعل غير مثبتة بالأرضية كالبقية، حاول أنتزاعهـا وبعد حظات نجح في ذلك، ليجد
مجموعة أوراق مغلفة بورق بلاستيكي شفاف.
ضع الأوراق بجانبه وهو
يُعيد ترتيب كل شئ حتى لا يُثير أي شكوك من أهل بيتـه، ثم التقط الورق وفتـح أزرار
سترتـه وخبأ الورق بداخلـه ثم عاد يُغلق أزرار سترتـه، فمن المتوقع أن تكون العين
عليـه، خرج من الغُرفة، لـ يجد والده واقفًا ينظر له بحدة، هبط إلى الأسفل ليقول
"يوسف":
-إنت كنت فين يا ظافر؟؟.
ورايح فين دلوقتي؟؟..
خرجت والدتـه من المطبخ وهي
تسأله بحدة:
-إنت كنت فين يا ظافر؟؟..
وإيـه إللي حصل بظبط بينك إنت وإيمان؟؟.. وآسيا فين؟؟..
رد "ظافر" بصوتٍ
أجش:
-يا جماعة إيـه الأسئلة دي
كلهـا، على العموم بإختصار شديد، آسيا حاولت تنتحر إمبارح بليل، وأنا وديتهـا
المستشفى، وإيمان وكريم كانوا معايا، بس الحمدلله لحقناهـا وإيمان طلبت الطلاق
وأكيد قالتلكم الأسباب ودلوقتي أنا جاي عشان أخد حاجة وأرجع المستشفى على طول،
فلما أوصل هناك هكلمكم، بس ياريت تحاولوا متقولوش لـ طنط كريمة على إللي حصل
لآسيا، لأنها ممكن تتعب، لو سألت قولولهـا أنها تعبت شوية لكن متقولوش على إللي
حاولت تعمله في نفسهـا.
أشار "يوسف" بيده
قائلاً:
-طيب روح إنت، وإحنا لينا
كلام تاني بعدين.
******
بعد مرور ساعة، كان هناك
شخص غريب يدخل غرفة "آسيا" وهو يرتدي معطف طبي، وقف أمام فراشها متأملاً
وجههـا، وبهدوء مريب وحذر شديد أخرج إبرة طبية تحتوي على مادة سامة سريعة الأنتشار
في الدم، و........