رواية الميراث ابناء المافيا الفصل التسعون 90 والاخير بقلم منة ابراهيم
#الميــراث.
#أبنـــاء_المافيــــا.
#نهــــــاية الحكـــــاية.
#منة إبراهيم ✍🏻💕
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
"وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ"
+
هو أن أهل النار يعترفون بأن من أسباب دخولهم جهنم كان مشاركتهم في الأحاديث الباطلة، والوقوع في الجدل السقيم، والسخرية.
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
سَتَنْتَهِي الحَرْبُ...
ويتصافحُ القادَةُ،
+
وتبقى تلكَ العجوزُ تنتظرُ ولدَها الشهيد،
وتلكَ الفتاةُ تنتظرُ زوجَها الحبيب،
وأولئك الأطفالُ ينتظرونَ والدَهمُ البطل...
+
لا أعلمُ مَن باعَ الوطن،
ولكنّني رأيتُ مَن دفعَ الثمن.
+
_محمود درويش
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
_"إياد، أنا عارف إني كنت مقصر معاك جامد، و لما أكون موجود معاك كنت ببقى موجود بـ الجسد بس بدون روح، سامحني! عارف أن أعتذاري جاي متأخر، و متأخر جدًا جدًا، بس أنا متأكد أن أخواتك هيعوضوك و هتعيشوا مع بعض، لو كنت بتقرأ الرسالة دي ده معناه إني يأما مُت أو أتقبض عليَّ..و كمان أنا سايبلك مبلغ كويس عشان تحقق بيه حلمك....أنا عارف إنك نفسك من و أنتَ صغير تكون هاكر كبير....حقق حلمك و أنا هكون مبسوط يا إياد...وسامحني لو مكنتش الأب اللي كان نفسك فيه...!!"
+
أنتهى إياد من قراءة الرسالة، و مسح دموعهُ بكف يدهُ قائِلًا بينهُ و بين نفسهُ:
+
_"مسامحك يا بابا....ياريتك كنت معانا دلوقت"
+
وكان يوسف بجانبهُ يقرأ رسالة والدهُ وعيناهُ تفيض بـ الدمع.
+
_"و أنت بقى يا باشمهندس يوسف...أنا عارف أنك زعلان مني و زعلان أوي و متضايق كمان عشان وزّعت كل واحد فيكم على حد معين، بس صدقني يا حبيبي أنا كنت خايف عليكم أكتر من حياتي، أعدائي كانوا كل يوم بيطلعوا من تحت الأرض و أنا ندمان أشد الندم عشانكم...أنا مكنتش عايز أعمل كده بس خوفي هو اللي أجبرني...يوسف أنا آسف....آسف عشان مكنتش الأمان ليك وسط ضياعك و خوفك، أنا آسف يا حبيبي و لو رجع بيَّ الزمن كنت هخدكم في حضني و مش هبعدكم عنه أبدًا!"
+
أستنشق ماء أنفهُ و هو يبكي و لأول مرة يشعر بـ ذلك الشعور، شعور الفقد، نهض يوسف من مكانهُ، و صعد لـ غرفتهُ، بينما عند خاطر، الذي كان متماسكًا وهو يقرأ رسالة والدهُ أكثر من أخوتهُ:
+
_"و أنت يا خاطر، أوعى تحس في يوم من الأيام إني نسيتك أو إنك مش أبني....لأ..أنتَ أكتر واحد أنا حبيتك وسط أخواتك كلهم، عارف ليه؟!..عشان أنتَ و معتز أكتر أتنين واخدين صفة من والدتكم وهي العقلانية، أنما جنان يوسف و إياد و فهد بلا شك دي أكيد صفة مني..."
+
ضحك خاطر على تلك الكوميديا السوداء، و أكمل قراءة وهو يحاول أن لا يسقط و لو دمعة فقط:
+
_"أسمعني يا خاطر يا حبيبي....متزعلش عشان كل اللي بيحبوك بيبعدوا عنك،كل واحد في الدُنيا دي ليه عمر و مسيره هيموت و الناس تنساه ومحدش يفتكره غير كل فين وفين أو حتى صدفة، أنا مش عايزك تتعلق بالدنيا أو الناس اللي فيها، لأن وارد أقرب الناس ليك يجرحوك..زيّ!!"
+
ومع إنهاء الرسالة، أنفجر خاطر باكيًا ووضع كفهُ على وجههُ، ثم تحرك بالمقعد داخل الغرفة، فـ هو كان يجلس في الشرفة، أقترب من المكتبة خاصتهُ و أخذ دفترًا و بدأ بالكتابة:
+
- سأشتاق لـ ناس كانت سعادتنا...كانت حياتنا...كانت كل شيئ.
.
.
.
.
.
+
_"أنا عارف أنك أتعذبت في حياتك كتير أوي، بس خليك فاكر إن التعب ده لا يأتي بعده ألا الراحة، ورب الخير لا يأتي إلا بالخير، فهد أنا عايزك تكون قريب من معتز، أنا عارف إنك حنين بس مش بتحب تظهر ده قدام حد، فهد أنا عايزك تثق في أخواتك، و أوعى تفكر أنهم هيكونوا زي الناس اللي قبلتهم قبل كده في حياتك، متنساش إن ربنا قال "سَنَشُدُ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ"...مش عايزك تسند على حد غير أخوك، و أوعى تفرط فيه...و كمان أنا عايزك تفتح قلبك و متبقاش كتوم، حط في بالك إن فيه ناس بتحبك و بتخاف عليك...و سامحني يا حبيبي...كان نفسي أشوفكم و أنتوا بتكبروا قدام عينيَّ و نعيش حياة أفضل من كده!"
+
كانت ملامحهُ عابسة أكثر من المعتاد و حزينة للغاية، فـ أردف و هو ينظر لـ صورة والدتهُ في الهاتف:
+
_"أوعدك يا بابا...إني هخلي بالي منهم و مش هسمح لغبائي يتغلب عليَّ تاني!!"
+
و عند معتز، كان يجلس في غرفة حمزة و يقرأ في الورقة بأعين جاحظة و يد مرتجفة و حمزة كان بجانبهُ يراقبهُ بقلق بالغ.
+
_"أما أنتَ، أنا والله العظيم ما عارف أقولك أيه يا معتز!، بس كل اللي أقدر أقوله هو حب الأب لأبنائه بتبقى فطرة،و أنا مش عارف ازاي دفنتها جوايَّ...وحل محلها كره...كره كبير جدًا يا معتز، و أتحول لـ كره أشد لما عرفت الحقيقة، أنا بكتبلك الرسالة دي بعد مكالمة عمك معتز ليا، لو عشّت، هطلب منك تعمل فيا نفس اللي أتعمل فيك، بس لو أنت بتقرأ الرسالة دي و أنا مش موجود معاكم، عايزك تسامحني و تخلي بالك من أخواتك، و أرجوك متتنازلش عن أي حاجة أنا كتبتهالك، أنا عارف إن كنوز الدنيا مش هتصلح اللي فات، بس أنا عارف إنك قلبك طيب زي والدتك وهتسامحني،مش عايز منك حاجة غير إنك تشيل كرهك ليا من قلبك!"
+
أغلق معتز الرسالة ووضعها في الظرف قائِلًا بأعين شاردة و ثبات:
+
_"أنا مكنتش بكرهه....أنا مكنتش فاهم بس... و أنا عرفت الحقيقة و ده كفاية!"
+
أبتلع ريقهُ بصعوبة و أردف و هو يرمق شقيقهُ و تنفسهُ مضطرب:
+
_"أنا مكنتش... بكرهه... يا حمزة.!"
+
نهض حمزة من مكانهُ بسرعة فـ كالعادة هو لا يتحمل رؤية أشقائهُ بهذا الشكل، و عانقهُ بقوة قائِلًا بحنان:
+
_"أهدى....خُد نفس الأول و بعد كده أتكلم براحتك..شهيق..زفير!"
+
فعل معتز كما يفعل أخيهِ و هدأ بنسبة قليلة و لكنها أفضل من لا شيء، أبتعد عنهُ و خرج من الغرفة بدون كلام، و أما عن حمزة فهو بدأ قرأ الرسالة الخاصة بهِ بعد خروج معتز ببعض الوقت:
+
_"هتلاقي فلاشة في نفس الظرف، حطها في أي لاب و عايز أخواتك كلهم يسمعوا الكلام ده!"
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
بعد ساعة....
+
كان جميع الأخوة متجمعين في الصالة، ينتظرون مجيء معتز لـ بدأ تشغيل الڤيديو، و ما إن آتى حتى أشغل حمزة المسجل و ظهر أمامهم والدهم أدهم و هو يجلس خلف مكتبهُ على الكرسي الجلدي و يقول وهو ينظر لـ الكاميرا و يبتسم بحنان:
+
_أزيكم يا ولاد...عاملين أيه؟!.
+
صمت قليلًا ثم تحدث قائِلًا وهو يرفع أصبعهُ بتحذير:
+
_أوعا يا حمزة يكون حد من أخواتك مش موجود...لو في حد ناقص متكملوش الڤيديو.
+
تنهد حمزة ثم أخرج من جيبهِ نظارتهُ السوداء الشمسية، حتى لا يبكي أو أحد يروا دموعهُ أذا نزلت دون أرادة منهُ أثناء مشاهدة والدهُ.
+
_أنا أب فاشل، الجملة دي بيقولها كتير من الأبهات أو الأمهات لما بيشوفوا تربية أبنهم أو بنتهم و يقولوا أنا معرفتش أربي، لكن الأب الفاشل الحقيقي هو اللي مقدّرش النعمة اللي أيدو، و بدأ يفرط فيكم واحد ورا التاني، أنا آسف يا ولاد...آسف لكل فرد منكم، آسف على كل حاجة....أنا أب فاشل....سامحوني معرفتش أكون الأب و السند ليكم...كنت زائر أكتر من أب و كنت عدو لـ معتز بدل ما أكون الأمان ليه....آسف يا معتز...سامحوني يا ولاد...و مش عايزكم تسمحوا لحد أنه يدمر علاقتكم...«تنهد ثم أكمل» أنا لما حسيت إني خلاص هموت...كتبت كل حاجة لمعتز مش عارف أنا عملت كده ليه بس كان فيه أحساس جوايا بيقولي أعمل كده و لما عرفت الحقيقة كتبت المستشفى بتاعت والدتك بأسمك..لأن ده المكان اللي أنا والدتك أتقابلنا فيه....خلي بالك من المكان ده يا معتز.....و طبعًا أنتوا مستغربين ليه الوصية أتفحت بعد سنة....الغرض من ده هو لأني كنت عايز يكون بينكم علاقة كنت عايزّكم تبقوا سند لـ بعض و تحبوا الخير لـ بعض برضو عشان لما الوصية تيجي تتفتح محدش فيكم يتخانق مع التاني عشان شوية ورق...."
+
صمت يبتلع لعابهُ ثم أكمل بنبرة مرتجفة:
+
_"و سامحوني يا ولاد...معرفتش أكون الأب اللي كان نفسكم فيه...وصيتي الأخيرة ليكم....هي عايزّكم تقطعوا علاقتكم بكل الناس.. لأن حقيقي التعامل مع الناس بقي متعب ومرهق جداً ،كمية قصص وقفش وقمص وجدال خايب ملوش أي لازمة ، وناس تتدخل في خصوصياتك وناس تتهمك بدون وجه حق....أنا عايز أكون مطمن عليكم عشان كده أرجوكم أسمعوا كلامي...تخيل تبقي مطالب تجادل مع ده وتبرر لده وتشرح لده وتصالح ده،وأنت أساساً فيك اللي مكفيك والطاقة إللي عندك يدوب تمشيك...أحنا ف زمن بقي صعب علي الكل فـ أنتوا مش حمل إن كل واحد فيكم يهدر طاقتك ومجهوده فـ إنه يراضي كل البشر أنتَ يا دوب تدور علي راحة بالك وسلامك النفسي....بس دي وصيتي الأخيرة ليكم....سلام.!!"
+
أنطفئ الڤيديو و أصدرت الشاشة صفيرًا غريب فـ نهض فهد كي يغلقها سريعًا لأن الصوت مزعج لكن قبل أن يغلقها هتف معتز بتلهف:
+
_"أستنى يا فهد.."
+
نظر لهُ فهد مستغربًا و رمق شاشة التلفاز مجددًا و لمعت عيناهُ حين وقعت عيناهُ على الصور التي تُعرض أمامهم، كانت لـ والدهم و والدتهم و هم يحملون أطفالًا صغار.
+
و لم يكن هما فقط بل كانت صورة العائلة كلها و أزواج الأعمام أيضًا و من ضمنهم كانت...والدة خاطر الثانية «زينب».
+
لو طالت المسافات
+
وبعدتنا الأيام
+
ما بينا ألف حاجة
+
تبيِّن الاهتمام
+
مين قال إن التلاقي
+
لُقا وسلام بالإيد
+
فيه قلوب بتحس بينا
+
لز حتى من بعيد
+
دايماً جوانا كلام
+
قصص محتاجة تتقال
+
وناس غاليين علينا
+
ما بيروحوش من البال
+
ده مافيش للدنيا معنى
+
او مانتش لاقي ليك
+
حد أما تغيب عليه
+
يفضل يسأل عليه
+
ودي سنة الحيــــاة
+
نبعد نتوه ونمشي
+
في مليون أتجـــــاه
+
ودي سنة الحيـــــاة
+
الغالي بيفضل غالي
+
وإنت بقلبك معاه
+
نتمنى لحظة تجمعنا بحبايبنا
+
لا بعاد ولا غربة
+
ولا شوق في قلوبنا
+
بنتمنى لحظة تجمعنا بحبايبنا
+
لا بعاد ولا غربة ولا شوق في قلوبنا
+
ده لقـانا بمعاد
+
ودي سنة الحيـــــاة
+
نبعد نتوه ونمشي
+
في مليون اتجاه
+
ودي سنة الحياة
+
الغالي بيفضل غالي
+
وإنت بقلبك معاه
+
عض خاطر على شفتيهِ لمنع نفسهُ من البكاء و تحديدًا أمام أخوتهُ، ولكن هيهات فـ أحتضنهُ يوسف بسرعة حين لاحظهُ، و أما عن معتز فهو لم يقل حالًا عنهُ و لكنهُ تماسك بصعوبة.
+
كانت عيناه شاخصة على صوّر والدتهُ، و قلبهُ متلهف للغاية، كم يحبها بل يعشقها فهي فقيدة قلبهُ وحبيبتهُ التي لن يرى مثلها، أردف بصوت منخفض للغاية و مبحوح:
+
_"الله يرحمك يا أمي!"
+
في حد ساعات بيكون جنبك
+
وما بتشفهــــــوش
+
ما تحسش أبداً بوجوده
+
مع إنه قريـــــب
+
وفي حد يفارق ويسيبنا
+
إنما بيعيش جوا قلوبنا
+
وتغيب الشمس إنما إسمه
+
عمره ما بيغيــــــب
+
في فرق ما بين جسم بيمشي
+
وروح ما بتمشيـــــــش
+
واللي إنت أكيد سايبه ما بينا
+
ضد النسيــــان
+
فرحت كتير وأهو جيه دورنا
+
ومعاك هنكمل مشوارنا
+
أصل مفيش في الدنيا دي أغلى
+
من روح إنســـان
+
وعشان أجيال بعدنا جايين
+
يفضلوا فاكرين يفضلوا عارفين
+
وعشانك حتة منــــا
+
وعشان تفضل ما بينــــا
+
يفضل إسمك معانــــــا
+
سنين وسنيــــــــن
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
في صباح يومٍ جديد...في المقر...مكتب اللواء..
+
_"أيه؟!....يعني أيه يا حمـــــزة؟؟...إستقالة؟؟"
+
تنهد حمزة بصوت مسموع، و هتف بهدوء:
+
_"أنا عارف يا فندم إنك مصدوم من القرار ده...أنا عشت هنا أجمل أيام حياتي....الضابط لما يخرج عملية ميكونش ضامن هو هيرجع ولا لأ....وفي نفس الوقت مش فارق معاه حياته لأنه عارف أنه بيأدي وجبه تجاه وطنه....أنا يا فندم القرار ده صعب عليَّ زيّي زيّك...بس أعذرني...أنا بس عايز أعوّض الأيام اللي جاية مع أخواتي بعيد عن الخطر.....و برضو هكون دايمًا في الخدمة!"
+
تنهد اللواء و هتف بإستسلام و نبرة حزينة:
+
_"خلاص يا حمزة....أنا زعلان أوي عشان هفقد واحد من أبنائي المتميزين بس ده قرارك و أنا مش هغصب عليك.!"
+
تنهد حمزة بصوت مسموع و إرتياح قائِلًا:
+
_"شكرا يا فندم!"
+
-بس أنا هخليك معاش مبكر و بلاش إستقالة، عايز الأجيال الجاية يشوفوا إسمك و يتعلموا منك.
+
أبتسم حمزة و آدي التحية العسكرية ثم خرج من المكتب، و أثناء سيرهُ في الممر قابل إسلام الذي ما إن رآهُ حتى عانقهُ بقوة قائِلًا:
+
_"وحشتني يا أبن الأية!"
+
-و أنتَ كمان هتوحشني أوي يا إسلام.
+
أبتعد إسلام عنهُ مستغربًا و هتف بتعجب:
+
_"هتوحشني؟!...ليه أنتَ رايح فين؟!."
+
تحدث حمزة بتثاقل:
+
_"أنا همشي...ومش هرجع تاني!"
+
أردف إسلام بصدمة:
+
_"أنتَ بتقول أيه؟!...أنتَ بتهزر صح؟!"
+
-أنا آسف يا إسلام...صدقني أنا بعدت بس مش خوفًا على نفسي..لأ، أنا بس عايز أعيش معاهم بعيد عن الخطر.
+
تنهد إسلام بحزن ثم أردف بإبتسامة حنونة و هو يربت على كتفهُ:
+
_"خلاص يا حمزة....أنا مش هضغط عليك...بس أفتكر دايمًا إنك كنت في المكان ده....وهيفضل أثرك موجود حتى بعد مرور السنين!"
+
كاد يرحل من أمام حمزه لكن الأخر أمسكهُ و عانقهُ بقوة قائِلًا بحزن:
+
_"أنا آسف يا صاحبي.."
+
بادلهُ إسلام العناق و هتف بإبتسامة:
+
_"و لا يهمك يا عم...المهم إنك تكون بخير و أخواتك كمان!"
+
ربت حمزة على كتف صديقهُ قائِلًا بتأثر:
+
_"أنتَ أخويا الكبير يا إسلام....سامحني يا صاحبي لو زعلتك في يوم من الأيام....أنتَ كنت واقف جانبي و في ضهري دايمًا....كُنا بنحكي لبعض كل حاجة...و أنتَ عمرك ما قولت لأ."
+
إيه يا عم ده مالها العالم برة عاملين كده ليه؟
وأنا وإنت يا صاحبي مالنا مش لايقين كده ليه؟
مش شبه الناس دي في حاجة ولا فاهمين منهم حاجة
ولا عارفين نسلك وسط الهوجة هنعمل إيه؟
+
صاحبي يا صاحبي إنت اللي لوحدك شبهي
ده في ناس في كروش بتعبي
وفي ناس بتنسى تربي
صاحبي يا صاحبي إنت اللي مقوي لي قلبي
إنت اللي ساندني وجنبي
وطول ما إنت كتف في كتفي
نقدر ع الدنيا، نقدر ع الدنيا يا صاحبي
+
أبعدهُ إسلام عنهُ قليلًا قائِلًا:
+
_"أنتَ زيك زي أسلم بالظبط...مفيش فرق بينكم!"
+
أبتسم حمزة بإتساع و بادل صديقهُ بل أخيهُ العناق، ربما يكون العناق النهائي بينهم و لكنهم سيظلون دائمًا أصدقاء إلى الأبد.
.
.
.
.
.
و في الخارج....
+
خرج حمزة من المقر و هو يصفر بإستمتاع و توقف فجأة حين سمع صوت طفولي صغير:
+
_"خالو حمزة..."
+
برّق حمزة بصدمة قائِلًا بتوتر:
+
_"هو في أيه؟!...خال مين و الناس نايمين؟!...يكونشي معتز أتجوز؟!...بس لو أتجوز هبقى عم مش خال!"
+
نفض أفكارهِ الغبية و ألتفت و ما إن وقعت عيناهُ علـىٰ سلمـىٰ حتى أبتسم لاشعوريًا و فتح ذراعيهِ لها و هي ركضت نحوهُ بسرعة و هو ألتقطها بسرعة و عانقها بحب و بدأ يدور بها تحت أنظار آدم المصوبة نحوهم.
+
أردف حمزة وهو يغمز لها:
+
_"أيه رأيك نسيب العجوز ده و نروح نعمل مفاجأة لـ جلاب المصايب...أقصد بابا فهد!"
+
صفقت الصغيرة بحماس قائلة:
+
_"ماشي...يلا بينا!"
+
شوّح حمزة لعمهُ و فر من أمامهُ سريعًا، فـ ضحك آدم من كل قلبهُ على تصرفات إبن أخيهِ ثم سار وراءهُ.
.
.
.
.
.
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
دخل حمزة المنزل، فـ عم صوت طفولي صاخب في المكان ولم يكن إلا صوت سلمــىٰ الصغيرة، نزل إياد و كان معهُ يوسـف الذي لا يفهم شيء، و لكن ما إن وقعت عيناهُ على الصغيرة حتى أبتسم لا أراديًا.
+
حمل إياد الصغيرة وهتف بمرح وهو يداعبها:
+
_"هي دي بقى اللي فهد كان زعلان علشانها!"
+
تحدث حمزة و هو يضم ذراعيهِ لـ صدرهُ قائِلًا:
+
_"آه يا سي إياد....بقى الأوزعة دي يتعلق بيها و أحنا لأ!!"
+
قال إياد بدعابة وهو ينظر لها :
+
_"نفسي أعرف فيها مش فيا!"
+
رمق يوسف شقيقهُ الصغيرة بنصف عين قائِلًا:
+
_"مفيهاش حاجة... عندها شعر و مناخير وودن و أنتَ نفس الكلام!"
+
تنهد إياد بحزن ثم هتف وهو يرمق الصغيرة:
+
_"أستنى بس أنتَ يا يوسف....أنتِ ليه شعرك أطول من شعري؟؟"
1
أقترب آدم من حفيدتهُ بسرعة قائِلًا وهو يضع كفوفه أمام وجه أياد:
+
_"ﷲ أكبر في عينك....هتحسد البت ولا أيه؟!"
+
-مش قصدي حاجة يا عم آدم.
+
وضع حمزة يدهُ تحت ذقنهُ قائِلًا بحزن مصطنع:
+
_"ليه معنديش أخوات بنات رقيقات بدل الشنبات اللي أنا قاعد معاهم....على رأي الأغنية...البنات البنات ألطف الكائنات قولوا يا تلميذات، طاطا تيتي طاطاطا!"
+
نزل فهد على أصواتهم العالية و كذلك معتز، و تقدم فهد نحوهم ولكن معتز ذهب للحديقة الخلفية، و يبدوا أنهُ لم ينتبه لوجود عمهُ و حفيدتهُ، لاحظهُ آدم فـ همس لـ حمزة قائِلًا:
+
_"أنا رايح أشوف أخوك يا حمزة ماله؟!"
+
-البيت بيتك يا عمي.
+
ذهب آدم إلى الحديقة الخلفية حيث معتز تاركًا وراءهُ أربعة من الأخوة يداعبون فتاة صغيرة لطيفة، و ما إن رأت فهد حتى قالت بسعادة:
+
_"بابــــــــا فهـــــــد!"
+
عانقها فهد بسعادة و دار بها كما فعل حمزة معها هاتفًا بحزن مصطنع:
+
_"مبدهاش بقى بابا فهد دي...أبوكِ طلع عايش و أنا دلوقتي خالك بس بس خال من بعيد.!"
+
أنزلها فهد و هي قالت بتفكير:
+
_"هما مش بيقولوا الخال والد!"
+
أبتسم جميع الأخوة عليها، و كذلك فهد الذي نزل لمستواها قائِلًا:
+
_"أيوا يا ستي...الخال والد....بس أنا أبقى إبن عم والدتك يعني خالك من بعيد زي ما قولت!"
+
قالت سلمــىٰ ببراءة:
+
_"مليش دعوة...أنتَ برضو هتفضل بابايا التاني....أنت عشت معايا الأيام اللي كان بابا المفروض يكون معايا فيها!"
+
لازال فهد محافظًا على إبتسامتهُ الحنونة التي لا تظهر إلا نادرًا، فـ هتف بهدوء:
+
-مفيش حد هيقدر ياخد مكان بابا...مهما حصل يا عسل.
+
أبتسمت الصغيرة لهُ و هو رمق أخوتهُ قائِلًا:
+
_"تعالوا نشوف خاطر يا عيال!"
+
حملها بين ذراعيهِ و صعد لـ الأعلى و خلفهُ يوسف و إياد الذي همس لـ شقيقهُ قائِلًا:
+
_"مش بتفكرك بحاجة البنت دي يا يوسف!"
+
نفى يوسف بتردد و ربت إياد على كتفهُ قائِلًا بنبرة دافئة:
+
_"إن شاء ﷲ هتفتكر كل حاجة!"
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
عند معتز و آدم في الحديقة الخلفية...
+
تركهم حمزة يصعدون لـ خاطر، وذهب هو نحو عمهُ و توأمهُ و ما إن دخل حتى أبتسم بهدوء بعدما رآى عمهُ يحتضن أخيهِ بقوة و كأنهُ يعوضهُ عن كل شيء.
+
تحدث آدم بحنان وهو يربت على ظهر معتز:
+
_"أبوك أكيد دلوقت مرتاح بعد مسامحتك ليه يا معتز...أنا فخور بيك أوي يا إبني!"
+
أزدادت إبتسامة معتز إتساعًا و لكن حمزة لم يترك الأمر هنا بل تحدث بمشاكسة قائِلًا:
+
_"بتخوني يا عمو آدم....ماشي يا آدومة!"
+
ضحك آدم بصوت مرتفع و عانقهم هما الأثنان معًا، تحت سعادة و فرح كل منهم، فـ هتف آدم بإبتسامة حنونة:
+
_"أنتوا كلكم ولادي....و مفيش فرق بينكم!"
+
كان عناق يجتمع فيه السكينة و الراحة و الدفء و الحنان، كان عناق لـ بداية جديدة...توّضح أن القادم سيكون أفضل، أبتعدوا عن بعضهم و جلس معتز بجانب شقيقهُ و آدم كل أمامهم على الكنبة الأمامية.
+
و هتف حمزة بدون تميهد و إبتسامة بلهاء شقّت وجههُ :
+
_"أنا طلعت معاش مبكر يا جدعان....كبرت بدري!"
+
ضحك معتز بصوت مرتفع أثار ريبة حمزة و آدم ثم أردف وهو يضرب كتف حمزة:
+
_"حلوة النكتة دي!"
+
أبعد حمزة يد شقيقهُ بضيق ثم هتف:
+
_"معتز....أنا مش بهزر!"
+
توقف معتز عن الضحك عندما شعر أن الحديث جاد، فـ أردف آدم بهدوء لا تخلو من الحنان:
+
_"طب و أنتَ ليه عملت كده؟؟...أنتَ أكتر واحد عارف قد أيه أنتَ تعبت عشان توصل للي أنتَ فيه ده!"
+
تنهد حمزة و هتف بنبرة هادئة:
+
_"أنا لما كنت في المستشفى....خاطر قالي كلمتين أنا خوفت بسببهم...قالي أنا عايزك تبعد عن شغلك...عشان نقدر نعيش مع بعض من غير ما يكون فيه خطر على حياتنا...صدقوني أنا ماخوفتش على نفسي أكتر ما أنا كنت خايف عليكم...خوفت لـ أرجع و أنا ميت و معيشكم في قلق و خوف طول الوقت....أنا بعدت عشان أقدر أعوض الأيام اللي بعدناها عن بعض بدون خطر و لا مافيا و لا أي حاجة من دول!"
+
أبتسم معتز بحزن و هتف:
+
_"أنا عارف أنتَ بتحب شغلك قد أيه...بس أنا متأكد أن أنت مش ندمان على عملته!"
+
أومئ حمزة مؤكدًا حديث شقيقهُ، و آدم أمامهم يراقبهم بإبتسامة و عيناهُ تعانقهم بحنانهُ الذي لا يستطيع أحد أن يكذبهُ.
.
.
.
.
.
غرفة خاطر...
+
كان يجلس في الشرفة، و مع الأسف كان يستمع لكل كلمة يقولها حمزة معتز و آدم، لوهلة شعر أنهُ السبب في ترك حمزة لعملهُ فـ أحتل الحزن ملامحهُ و لكن لم يدم طويلًا بسبب الباب الذي فُتح ودخول إياد و يوسف و فهد و سلمـىٰ.
+
أبتسم خاطر لها كـ رد فعل تلقائي منهُ و صاحت الصغيرة قائلة وهو تشع يدها على خصرها بغضب لطيف:
+
_"أيه ده بقى؟!...التاني كان شعره أبيض!"
+
تحدث إياد ببلاهة:
+
_"ما هو ده، بس خاطر عامل صبغة!"
+
لاحظ خاطر أن فهد شارد الذهن و ليس معهم، فـ هتف بمشاكسة:
+
_"اللي واكل عقلك مين يا فهد.....في حد في حياتك و لا أيه؟!"
+
رمقهُ فهد بغيظ قائِلًا:
+
_"طب بالله عليك يا شيخ...دي شكل حياة حد يدخلها دي؟!...أسكت يا خاطر و مضحكش الناس علينا!"
+
حاول خاطر كتم ضحكاتهُ فـ هتف بإبتسامة مستفزة:
+
_"ربنا يكون في عون اللي هتتجوزك!"
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
في المساء...يعد رحيل آدم و سلمـىٰ.
+
حمزة خرج من غرفتهُ و توجه لـ غرفة يوسف، طرقها بخفة و من ثم أمسك المقبض، وفتح الباب قائِلًا بهدوء:
+
_"أزيك يا يوسف!....ممكن أتكلم معاك شوية؟!"
+
أومئ يوسف بهدوء و جلس حمزة أمامهُ على طرف السرير قائِلًا بإبتسامة:
+
_"أنا عارف إنك فاكرنا كويس...مفيش داعي إنك تمثل علينا أكتر من كده....و بالذات عليَّ أنا..."
1
أنزل يوسف رأسهُ بخجل و هتف حمزة:
+
_"عرفت لما لقيت دموعك نازلة و أنت بتقرأ الرسالة.!"
+
صمت لـ بعض الوقت و هتف بنبرة دافئة:
+
_"أسمعني كويس يا يوسف....المشاعر اللي بتكتمها...مبتختفيش
هي بس بتتغير شكلها،تتحول لتعب في الجسم،ضيق في التنفس،
توتر من غير سبب،أو حتى سكون غريب جواك بيخليك تحس إنك مطفي، أوقات بنفتكر إن الكتمان قوة، لكن الحقيقة إن الكتمان بيكسرك بالبطئ....كل مرة تقول "مش مهم"أو مش هتكلم دلوقتي....بيفضل جواك حمل بيتراكم على صدرك سنة ورا سنة....أنا مش ضد الكتمان...بالعكس في ناس بيكتموا مشاعرهم جوا قلوبهم بس عشان اللي قدامهم يكونوا مبسوطين....بس الكتمان بيكسر أوقات يا يوسف....أنا مش هضغط عليك و أقولك أحكيلي اللي حصل معاك لما كنت مع خالك...لأ..كل أما تحس أن الدنيا ضاقت بيك....أفتكر إن ليك رب تشتكيله...و أخ تسند عليه!"
+
أبتسم يوسف بأمتنان ثم عانق شقيقهُ بحب قائِلًا بنبرة مليئة بالمشاعر:
+
_"أنا كان عندي حلم، وهو أن يكون عندي أخ....بس أنتوا طلعتولي من حيث لا أدري....شكرا لوجودكم يا أجمل أخوات!"
+
بادلهُ حمزة العناق و هو يبتسم بحنان، و من ثم وضع يوسف رأسهُ على كتف شقيقهُ قائِلًا بشرود:
+
_"الكلام ده أنا ماقولتوش لحد قبل كده يا حمزة.....بس عارف الإحساس ده...لما تحس إن الدنيا بتضيق عليك من كل ناحية، وإن كل اللي كنت فاكر إنهم سندك ممكن يخذلوك في لحظة؟ الألم بيمسك في الروح كأنك متعلق في هاوية مش عارف هتوصل لإيه....كل حاجة كنت مستني انها تحصل، كل حب كنت متأمل فيه، بيتحول لخيبة مريرة، زي جرح بيزيد مع كل نفس.! "
+
أبتلع ما في جوفهُ ثم تابع بنبرة تحمل بين طياتها حزن دفين:
+
_"الفقد موجع لدرجة بيخليك تحس إن قلبك مش قادر يكمل ضرب، والخذلان بيقــتل جواك أي طاقة للحب أو الثقة من تاني... ساعات بتبقى حاسس إن الدنيا ما فيهاش حاجة تستاهل، وإن كل اللي حواليك مش حاسين بيك ولا فاهمين وجعك....فبتقرر تكتم جواك وتسكت، كأن الكلام بقى مالوش معنى، وكل محاولة إنك تشرح وجعك بتبقى عبث.. الصمت بيريحك من إنك تشوف نظرات الشفقة أو تسمع كلمات المواساة الفارغة اللي ما بتخففش حاجة.... بتبني حوالين قلبك جدران عالية، لأنك خلاص تعبت من إنك تجري ورا الأمل وتخسر زي كل مرة....بتعيش في دايرة الوحدة، وكأنك بتقول لنفسك إن ما فيش حد يستحق يعرف اللي جواك، وإنك الوحيد اللي تقدر تشيل همك بنفسك!!"
+
أبتعد يوسف عن شقيقهُ قائِلًا ببسمة مشرقة نابغة من كامل أعماق قلبهّ:
+
_"بس ده خلاص مبقاش موجود....عشان أنتوا موجودين!"
1
و قبل أن يتحدث حمزة، دخل معتز الغرفة و هتف وهو يعطي بعض الأوراق لـ حمزة:
+
_"كويس يا حمزة أني لقيتك....خد دي أوراق التنازل عن البيت و الشركة....أتنازلت عليهم ليك...."
+
كان حمزة ينظر لـ الأوراق بصدمة و هتف بغضب:
+
_"أيه ده يا معتز!!....هو مش أبوك قال متتنازلش عن حاجة!"
+
تنهد معتز قائِلًا:
+
_"يا حمزة صدقني أنا سامحته....و كمان أنا روحت المقابر و إستأذنت منه إني أتنازل عن البيت و الشركة.."
+
__فلاش باك...قبل ساعات محددة.
+
كان يقف أمام القبر و يرمقهُ بنظرات حزينة، و على الجانب الثاني كان قبر والدتهُ بجانبهُ، أبتسم بحزن دفين قائِلًا:
+
_"صدقني أنا مش عارف أقولك أيه؟!...بس كل اللي أقدر أقوله....إني أنا مش زعلان منك والله العظيم و لا بكرهك....أنا بس ماكنتش فاهم....و النهاردة فهمت....أنا بس أكتر حاجة مضيقاني هي إنك قولتلي الكلام ده بعد ما أنت مت يا بابا....«أبتسم بحنين» يـــــاه دي أول مرة أقولها و أنا مش خايف أو متوتر....الأحساس ده طلع حلو أوي....وخلاص يا بابا اللي فات مات هو آه نعم هيفضل عالق في الذاكرة....بس أنا هنسى علشانك....و علشان ماتعبش أكتر من كده!"
+
ثم أخرج من حقيبتهُ أوراق و هتف و دموعهُ متجمعة في عيناهُ قائِلًا بكوميديا سوداء:
+
_"و آه....كنت هتنسيني يا أدهم أنا كنت جاي ليه....أنا هتنازل عن الشركة و البيت....واللهِ انا ما قصدي أزعلك...بس أنتَ عارف إني مش بفهم في حوار الشركات و الصفقات دي...أنا كل اللي بفهم فيه هو الدم...حقن...قلب مفتوح....و كده يعني...هو أنا خسرت شوية ورق...بس كسبت حتة من قلبي"
1
صمت يرمق القبرين بأعين دامعة قائِلًا:
+
_"هتوحشوني...."
+
_«مهما كبر الإنسان....سيظل طفلًا أمام والداهُ».
+
__العودة للوقت الحالي.
.
.
.
.
.
بعد مـــــرور ثلاثة أشهر....
+
في هذا الوقت، كان خاطر بين العلاج و دعم أخوتهُ لهُ و طبعًا هذا كان لهُ تأثير عالي جدًا حيث أصبح بعد علاج و مشقة يسير مثل السابق و لكنهُ يستند على عكاز.
+
_"أبـــحـــــر يا أبـــــو البــحـــــــور"
+
كان يغنيها فهد وهو ينظر لـ المياة واقفًا على حافة القارب، و في ثواني كان يوسف آتى من الداخل وهو يبتسم بسماجة قائِلًا بضحك:
+
-ألحقوا يا جــــدعان...الكتعة بتغني.
+
نظر لهُ فهد بغضب قائِلًا:
+
-لأ ما هو مش عشان أنا ساكتلك يبقى تهزأ فيا براحتك...أنا فهد آه لكن راجل أوي.
+
هتف يوسف بغيظ:
+
-آه ما هو واضح يا أخويا.
+
_"فـــــهد"
+
صوت مرتفع كان يصرخ بأسم فهد، و لم يكن إلا لـ خاطر،أجابهُ فهد و هو يتنهد:
+
-عايز أيه؟!.
+
أردف خاطر ببعض الغباء أكتسبهُ من يوسف و إياد:
+
-أنت فين؟!
+
_"بحاسب على كلامي وجاي...هكون فين يعني يا خاطر...ما أنا مرزوع أهو جنبكم!"
+
-طيب انجز عشان احنا واقفينلك ع الواحدة برة!
+
نبس "فهد" بنبرة مغتاظة و صوت منخفض:
+
-أبو دي رحلة عـ أبو شكلي.
+
و ظهر حمزة و هو يمسك بـ "البندقية" و ينظر لـ البحر، حينها هتف فهد بخوف:
+
-في أيه؟!..هو في قرش و لا أيه؟!.
+
_"لأ!"
+
-أومال ماسك دي ليه؟!.
+
رمقهُ حمزة بنظرة أخافتهُ:
+
_"ده للأحتياط بس عشان لو حد ضايقني.واخد بالك أنت معايا.!"
+
أبتلع فهد ريقهُ، ثم هتف ببعض الهدوء المصطنع:
+
-على فكرة يا حمزة...أنا شايف أننا مكانش لازم نطلع كلنا على نفس السفينة...عشان أحنا كتير يعني....مش ناوي ترمي حد في البحر؟!.
+
أجاب حمزة بدون تفكير:
+
-أنا مش بفكر غير فيك بصراحة.
+
بينما تحدث معتز الذي كان يصتاد الأسماء بإحترافية،وهو ينظر لـ فهد قائِلًا بضحك:
+
_"زعلتِ يا بيضة؟!"
+
رمقهُ فهد بضيق:
+
_"و أنتَ مالك ياض!"
+
ردّ معتز بنبرة مستفزة:
+
_"الشارع اللي قدامك يا خفيف!"
+
و قبل أن تبدأ معركة بينهم، صاح حمزة بضيق:
+
_"أنتوا هتسكتوا و لا أرميكوا من هنا!"
+
رمقهُ معتز بغيظ قائِلًا:
+
_"واطي و تعملها!"
+
تجاهلهُ حمزة و بدأ بمراقبة البحر، بينما بدأ معتز بإصتياد الأسماك، و إياد بجانبهُ يراقبهُ، فـ هتف بهدوء:
+
_"معتز..."
+
-نعم!
+
_"عارف...الأخ ده عامل زي البحر، هادي و ساحر و ملحه ده علاج للأيام الصعبة اللي بنعشها.!"
1
صمت يتابع تعابير وجه معتز ثم هتف بضحك:
+
_"على فكرة أنا قصدي عليك أنت وحمزة وخاطر....الباقي على ﷲ حكايته!"
+
هز معتز رأسهُ بيأس قائِلًا:
+
_"طب سبني أتأثر الاول بكلامك!"
+
ضحك إياد بخفة و سمعوا هما الأثنان صوت أخيهم يوسف وهو يقول:
+
_"ما تيجوا نلعب يا جماعة....لا حول ولا قوة الا بالله....ايه الهدوء اللي على المركب ده!"
+
تحدث حمزة موافقًا:
+
_"ماشي....بس نلعب أيه!"
+
نبس إياد بحماس:
+
_"هنلعب صراحة...بس من غير إزازة...وهنبدأ بـ حمزة بما إن هو الكبير...بس عايزين إجابة نموذجية!"
+
-أسأل يا أخويا!.
+
_"قولي...لو أنتَ و فهد في غابة....و طلع عليكم أسد..و الأسد ده بيجرى على أخوك...هتنقذ نفسك و لا فهد!"
+
-هاخد الأسد و أجرى طبعًا..
+
و ما إن نطق هذه الجملة، حتى أنفجر الأخوة ضحكًا حتى فهد ضحك هو أيضًا، فـ وجه إياد السؤال الثاني إلى معتز قائِلًا:
+
_"طب و أنت يا معتز....عمرك أتأمرت على حد قبل كده؟!"
1
و في خلال لحظات أتاه الرد من معتز قائِلًا:
+
_"العيش اللي بيتأمر مش أنا يا حبيبي!"
+
فهد بضحك:
+
_"والله رد مقنع!"
+
نظر لهم إياد بغيظ وهتف لـ فهد:
+
_"طب و أنتَ...لو خيروك بين إنك تكون بدون أخوات و لا بدون إنترنت!"
+
-بدون أخوات...
+
رمقهُ حمزة و جميع الأخوة بنظرة حادة فـ أبتلع ريقهُ و هتف:
+
_"أ..اقصد بدون إنترنت!"
+
أبتسم إياد قائِلًا وهو يحرك حواجبهُ بمشاكسة:
+
_"أيوا كده...«ثم نظر لـ خاطر» قولي يا خاطر أيه أكتر موقف كوميدي حصل في حياتك!"
+
-كنت في تالتة ثانوي و راجع من المدرسة بعد ما عرفت نتيجتي...فـ عمي راجح أول ما عرف أخدني بالحضن بقى و كان مبسوط..."
+
__فلاش باك...
+
_"مبروك يا حبيبي ألف ألف مبروك..."
+
تحدث خاطر و كان سعيدًا للغاية:
+
_"الله يبارك فيك يا بابا!"
+
أردف راجح بإبتسامة خفيفة قائِلًا:
+
_"يلا بقى فرحني عشان تدخل طب وتبقى دكتور قد الدنيا!"
+
تغيرت ملامح خاطر و قبل أن يتحدث قال راجح بعصبية:
+
_"عارف ياض لو أعترضت هعمل فيك أيه؟!"
+
-سبني أتكلـ..
+
_"لأ، هتدخل طب يعني طب!"
+
أبتلع خاطر ريقهُ وهتف بإبتسامة بلهاء:
+
-يا بابا أنا أدبي.
1
__العودة للوقت الحالي.
+
-أنا لما كنت في أعدادية قالي أدخل اللي أنتَ عايزه....المشكلة إني قعدت تلات ايام أقنعه إني أدبي و أقتنع الحمدلله.
+
كان الأخوة لا يتوقفون عن الضحك بسبب تلك الذكرى و كذلك خاطر، فـ هتف إياد موجهًا سؤالهُ لـ يوسف:
+
_"طب و أنتَ يا يوسف...أكتر موقف مضحك حصل معاك!"
+
-إن أحنا قاعدين من غير مشاكل!
+
نظر لهم إياد بضيق قائِلًا:
+
_"أيه يا جدعان الأجابات دي؟!"
+
تحدث حمزة بضحك:
+
_"هو مش أنتَ اللي قولت عايز إجابات نموذجية!"
+
و قبل أن يرد إياد عليهِ، شعروا جميعهم بـ إصتدام شبه قوي أسفل القارب،نظر فهد لـ البحر بحذر و من ثم نظر لـ أخوتهُ قائِلًا ببلاهة:
+
_"لا تخافوا ولكن احذروا!"
+
و مع نطقهُ هذه الكلمات أهتز القارب و سقط فهد في المياة، لأنهُ كان بجانب الحافة مباشرةً، فـ صرخ يوسف بقلق:
+
_"فهــــــــــد..إلحقه بسرعة يا حمزة!"
+
تحدث حمزة وهو يقوم بتصويب فاه البندقية نحو السمكة الكبيرة:
+
_"سيبه خليه يتربى شوية!"
+
وأطلق على السمكة فـ سقطت في عمق البحر و ظهر الدماء على فوق المياة، مال معتز برأسهُ قائِلًا لـ فهد الذي يعوم بطريقة مضحكة للغاية:
+
_"أنتَ كويس ياض....لسه فيك الروح!"
+
-هي هتخرج دلوقت حالًا لو ما طلعتونيش....طلعـــــــــــوني.
+
ثم صرخ بأعلى صوتهُ عندما رآى سمكة كبيرة و بدأ بالولولة:
+
_"يالهوي يا خرابي يا جزمتي يا شرابي!"
+
تحدث حمزة وهو يقوم بتصويب السلاح على السمكة الثانية:
+
_"بطل ياض ولولة و إسترجل كده!"
+
أردف معتز وهو يترك الصنارة جانبًا:
+
_"حاول تلهي سمكة القرش و أنا هطلع الواد ده...!"
+
بينما إياد كاد يموت ضحكًا على فهد قائِلًا بصعوبة:
+
_"فهد عمال يقول «بُق بُق بُق»...مفكر نفسه بيغرق و هو بيعوم زي القرد أهو!"
+
أردف خاطر وهو يحاول تمالك نفسه من مظهر فهد:
+
_"طلع يا يوسف موبيلك وصوّره....اللحظة دي مش هتتكرر في تاريخ الكابتن فهد نهائي!"
+
و بالفعل أخرج يوسف الهاتف و بدأ يصور فهد صورة تذكارية أو تهديدية أيهما أقرب، ثم و بلا تردد قفز حمزة قبل أن يفعلها معتز، و أستطاع أن يخرج فهد و من ثم صعد هو للقارب.
+
تبدلت ملامح الأخوة، و أصبحوا خائفين للغاية من أن يحدث لأخيهم مكروه، جثى معتز عل ركبتيهِ بعدما وجد فهد فاقد الوعي، بدأ بالضغط على صدرهُ و قبل أن يفعل لهُ تنفس إصطناعي دفعهُ فهد قائِلًا بغيظ:
+
_"أوعى يا عم كتك القرف....أنتَ هتبوسني؟!"
+
نظر لهُ حمزة بصدمة:
+
_"يعني أنت كويس؟!"
+
هز فهد رأسهُ بإبتسامة حمقاء، فـ ضربهُ خاطر وهو مغتاظ قائِلًا:
+
_"يا أخي وقعت قلبي في رجليا!"
+
-بحب أعمل دراما يا جدعان...و بعدين أنا نفسي أعرف أزاي القلب بيوقع في الرجل؟!.
+
تحدث خاطر بعدما تنهد:
+
_"هي بتتقال كده.!"
+
-ممكن أسأل سؤال.
+
تحدث جميع الأخوة قائلين بصوت واحد:
+
_"أسأل!"
+
وضع فهد يدهُ تحت ذقنهُ قائِلًا؛
+
_"هو ليه جامعة القاهرة في الجيزة؟!"
+
عقد يوسف ما بين حاجباهُ قائِلًا:
+
_"أيه السؤال ده؟!"
+
-و ليه نادي الأهلي في الزمالك مع إن الزمالك مش في الأهلي؟!.
+
تحدث إياد بحزن قائِلًا:
+
_"يعني هي جت على كده....دول خدوا الفرقة كلها!"
1
صاح معتز قائِلًا ببلاهة:
+
_"هي دي هلاوس؟!"
+
نظر لهُ حمزة و هتف:
+
_"مش عارف «و من ثم نظر لـ فهد» بس فهد نسي أهم سؤال!"
+
رمقوهُ جميع الأخوة بفضول، وهو هتف بإبتسامة حمقاء:
+
_"ليه الأب بابا و الأم ماما و الأخ مش خاخا؟!"
+
ومن ثم أمسكهُ من ياقة قميصهُ قائِلًا:
+
_"رجالة...عايزين من الواد ده حاجة!"
+
نفى الأخوة، و حمل حمزة أخيهِ قائِلًا وهو ينوي رميهُ مرة أخرى:
+
_"تعالى يا معتز نرميه أنا و أنت.!"
+
آتى معتز و أمسك فهد من قدمهُ تحت ضحكات الأخوة الصاخبة، و وجه فهد المثير للضحك.
+
في قلب نحب معاه حياتنا
+
وفي قربو بنحس براحتنا
+
وبننسى كل العمر جنبه
+
ويعوضنا حب كل وقت فاتنا
+
في قلب بيبقى هو بيتنا
+
يفهمنا وكإنه مرايتنا
+
ونغني ويّا بعض غنوة
+
مليون لحظة حلوة
+
جايّة في حكاياتنا
+
في القلب مكان ودنيا ثانية
+
وسنين علشانه لسه جاية
+
مع بعض نحس ثانية ثانية
+
إننا عايشيـــــــــن
+
في مكان في القلب أنت خدته
+
وأنا قلبي معاك لقى سعادته
+
وده عمر جديد معاك بدأته
+
في غمضة عيـــــــن
+
في مكان يدخل قلبك
+
من الدنيا بيشدَّك
+
ياخذك عالمستقبل
+
وتعيش أحلى سنيـــــــــن
+
في القلب مكان ودنيا ثانية
+
وسنين علشانه لسه جاية
+
مع بعض نحس ثانية ثانية
+
إننا عايشيـــــــــــن.
+
و قف حمزة بجانب الحافة، ينظر للبحر بشرود، قائِلًا بينهُ و بين نفسهُ:
+
_"عارفين أنتوا العلاقات اللي ريحتها عاملة زي المسك.....هي دي نفسها علاقتك بأخوك....الواحد ساعات بيزعل لما ميكونش عندوا أخوات..و أنا ربنا أبتلاني بست مجانين....بس الجنان على زي العسل....الأخ ده نعمة كبيرة مش كل الناس بتدركها....خسران اللي يبيع أخوه...لأنه باع جزء من روحه!"
+
و أثنا وقوفهُ آتى معتز و سحبهُ نحو الداخل قائِلًا:
+
_"تعالى يا حمزة العيال بيلعبوا صلّح....تعالى ألعب معانا!"
+
وضع حمزة يدهُ فوق رأسهُ قائِلًا بتعب:
+
_"آه يانا.....آه يانا يا أخويا يا أبويا يا كل العيلة!"
.
.
.
.
+
في حكمة بتقول لك إيه
+
إللي ما عندوش أخ في ضهره
+
بيفضل مهما يغطوه مكشوف
+
ولا له ولا عزوة تشيل عنه
+
ولا حد يقف له في أي ظروف
+
وحداني ولو حواليه ألوفات
+
وفقير وإن كان المال ألوفات
+
إنسان بتروح له تقول محتاج
+
يديك من غير ما تكون مكسوف
+
وده مين يشبه لك في الدنيا
+
وفي غلاوتك يا ابن أمي ودمي
+
وقت لما تضيق بيا الدنيا
+
مالقيش غير أخويا يشيل همي
+
دمنا واحد أصلنا واحد
+
إتنين طالعين من بيت واحد
+
ومافيش ولا قبلك ولا بعدك
+
أفرد له رقبتي وأنا مغمي
+
طول عمري بحبك من قلبي
+
وطول عمرك سداد في الأزمة
+
إيه تسوى الدنيا أخويا بعدك
+
دي كنوز الدنيا مالهاش لازمة
+
مع إن الخناقات والحوارات
+
اللي بتعملها بتقفلني
+
نتخانق مين لبس الساعة
+
ونتخانق مين لبس الجزمة
+
لكن في الجد وفي الشدة
+
إنت إللى ألاقيه واقف ثابت
+
إنت اللي بتفضل ما بتمشيش
+
حتى لو الناس كلها سابت
+
ماهو أخوك عمره ما هيشوف زعلك
+
ويبص بعيد أو ما يهموش
+
الأخ النعمة إللى تصونها
+
أصل الأصحاب كلها خابت
+
من يوم ما وعينا على الدنيا
+
وعرفنا هموها وبلاويها
+
أنا وأنت يا صاحبي اتأكدنا
+
ما لناش غير بعض سند فيها
+
نبعد والدنيا تفرقنا ونرجع
+
على الأصل وع المبدأ
+
يا ما شوفنا بلاوي تهد جبال
+
وايديك في إديا نعديها
+
عن أول يوم تبعد عني علشان
+
شغلانة في حتة بعيدة
+
أو لما دخلت الجيش ومشيت
+
وما نزلتش تحضر جنبي العيد
+
أو عن تفخيمك من نفسك
+
وإن أنت عملت البحر طحين
+
وأنا عارفك غلبان فباسيك
+
علشان ما تصدعنيش وتزيد
+
بس انت وعهد الله في قلبي
+
أغلى الغالين يا ابن الغالين
+
انت اللي فضلت في عز العوز
+
وقت لما ماكنش في ناس تانيين
+
شلتني ياما وشلتك ياما
+
وعارفين بعضنا على ايه كويس
+
ولو أخوك جنبك وايديك في ايديه
+
ما تخافش خلاص من بني أدمين
+
وكبرنا يا خويا وزي زمان
+
وافقين مع بعض في أي مكان
+
بيروح وبيجي علينا الناس
+
ونحب فلان ونعادي فلان
+
بس اللي يفكر يجي عليك
+
أنا أموت ولا إنه يصيبك ضر
+
وأنا عارف برده إنك سداد
+
وأبوك خلفّته كلها جدعان
+
بأتمنى يا أخويا وبدعيلك
+
ربنا يحميك وما يبعدناش
+
نفضل مع بعض بخير وتمام
+
وعيون الخلق ما تحسدناش
+
نتخانق حبه ونتصالح
+
علشان أصلنا أصلاً صالح
+
على قد ما طال العمر وزاد
+
في قلوبنا الكره ما يدخلهاش
+
وختاماً.....أخوك يعني اللي من دمك
+
أخوك يعني اللي شال همك
+
أخوك عزوة وسند وأمان وورثك من أبوك وأمك
1
#الميراث
#الحلقة_90
#نهاية الحكاية
