اخر الروايات

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم رحاب عمر

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم رحاب عمر 


 الفصل الثالث والعشرون

دخل حازم الفيلا و البشري تشع من عينيه , اتاه صوت دردشة نور و والدته من المطبخ

ترك الفستان علي احد الكراسي بالريسبشن و اتجه اليهم

عندما رأته سناء قالت : خير يا ابني راجع من الشغل بدري ليه

وقبل ان يرد حازم , قامت نور بملامح مشمئزة متجاهله تواجده و اتجهت خارج المطبخ

علي الرغم من تضايق حازم من موقفها و لكنه آثر الصبر فهي في كل الاحوال اخته الصغيرة المدللة , وهو سبب ضيقها هذا

برم شفتيه و هز رأسه استنكارا لموقفها و رد علي والدته بحزن: تعالي شوفي الفستان اللي جبته بره ده

سناء بتعجب : فستان ايه؟

حازم وهو يتجه للخارج : طيب بس تعالي

خرج من المطبخ فوجد نور تمسك بالفستان بفرحة و تتأمله ببهجه

اقبل نحوها تتبعه سناء , نظر لها نظره عاتبه و هو يرفع احد حاجبيه منتظر منها لفظ اعتذار و لكنها قالت لها بتذمر : طيب و باقي الحاجات؟

حازم و قد بدأ غضبه ينشب : كل حاجه هتبقي تمام لكن في المعقول , هتفرحي و كل اللي انتي عاوزاه هتلاقيه بس بشكل ميزنقنيش

نور بتأفف : يعني ايه؟

حازم : يعني هجيب شركة حفلات تظبط الريسيبشن و الجنينه بالانوار و الكراسي والترابيزات زي القاعه بالظبط و هنجيب اكل من مطعم مستوي , ودي جي برضه ....

قاطعته نور: ده اسمه ترقيع , هو انت فاكر الفيلا دي فيلا حقيقية و لا الجنينه اللي قد الاوضة دي تنفع

وقبل ان يتكلم حازم بما لا يحمد , نهرتها سناء بلهجة حازمة : نور , انتي عمرك ما هتحمدي ربنا علي حاجه , هو ده اللي هيتعمل و لو مش عاجبك انتي حره , وسواء الخطوبه دي و لا غيرها مفيش غير كده حتي لو معانا فلوس الدنيا كلها , مفيش غير كده , يعني بدل ما تقولي شكرا لأخوكي انه بيحاول يفرحك رغم ضيقته تقولي ترقيع

ضربت نور الأرض بقدمها و قالت : اذا كان مي اللي حالتهم الماديه مش قوي عملت في قاعه و هبه و كل صحابي

سناء: هم عملوا في الفرح انما انتي لسه خطوبه

لم تجد نورما تر به فأخذت ذاتها الغاضبه و دخلت لغرفتها بعد ان صفعت الباب بعصبية

كان حازم يتمالك اعصابه بصعوبه , حتي ان عروقه برزت بوجهه الاحمر بشدة و بدأ يلهث و هو يزم شفتيه و يحدق بغيظ مكتوم لباب غرفة اخته

سناء وهي تهز رأسها بأسي علي ابنتها : معلش يا حازم هنعمل ايه ربنا يهديها , وبعدين كنا أجرنا فستان و وفرت فلوسه للأكل ولا اي حاجة تانيه

حازم و هو يجلس علي احد الكراسي: انا مشترتش حاجه , دي حسناء اللي فصلته من ورايا , شافت نور اختارت الفستان ده فراحت اشترت قماش و فصلته

اتسعت عيني سناء بدهشة ممزوجه بالاعجاب الشديد و اقتربت من الفستان تتفحصه بيديها و عينيها و هي تقول بلهجه متعجبه / حسناء , بجد , ده كأنه جاهز

حازم / هي اللي قالتلي علي اننا نحاول نعملها جو القاعه في البيت , بس منعرفهاش , هي هتفصل كسوة للكراسي و هتطبخ عندها في البيت هي و نرمين

سناء/ طيب ما ده برضه هيكلف , ماكنا شوفنا قاعه صغيره و قدمنا جاتوه و كانز وخلاص

حازم باستهزاء: هأ ... بنتك كانت عاوزة تعمل في قاعه ب60 ألف غير البوفيه المفتوح..وغيره و غيره

سناء و هي تخبط علي صدرها : ليه , لاقين فلوسنا

حازم : المهم علشان محسش اني ظلمتها و حرمتها من فرحتها , كلمي نرمين و حسناء و شوفوا هتعملوا ايه

سناء : ماشي يا ابني و هنشوف خلاتك يجوا يسعدونا في الطبيخ

حازم / بلاش خلاتي علشان هيقعدوا يسألوا علي حسناء و سبب وجودها في البيت و هيبقي موقفها محرج ليها و بعين بالنسبة لنور مش هي كانت قالت انها مش هتوافق

سناء/ لا نرمين قعدت معاها و اتفهمت معاها و قالتها انها موافقه بس عاوزة تعمل خطوبه

حازم : ماشي , لما بس محمد يجي من المؤتمر و نقرأ الفاتحه كده نبقي نشوف هنعمل ايه

.....................................

وصل اليوم التالي , كانت حسناء في شدة فرحتها , متشوقه بأن تلتهم xxxxب الساعه المسافه المتبقيه بها حتي تدق الساعه التاسعه صباحا , كما وعدها حازم بأن يأتي ليبدأ بمساعدتها في تجهيز غطاء المقاعد

كانت رأسها مزدحمة بالأفكار التي رسمتها و تخيلتها و الكلام الذي يمكن ان يدور بينها و بين حازم , حقيقة رغم شدة فرحتها الا انها كانت في قمة ارتباكها و توترها , كلما تخيلت الموقف يهتز قلبها حبا و ذعر , هاهو حال المحبين , قلوبهم متأرجحة مرتعشة

دخلت المطبخ و اطمئنت علي ما جهزته من اشياء لتبهره بثاني شئ , ثم اتجهت لتصلي صلاة الضحي و ترتدي اسدالها لتنتظر حازم

انهت ما بيدها و جلست مقابل الساعه تراقبها بملل , قالت لها بفرحة / يلا بسررررعه , انتي ماشية بالراحة ليه

سمعت صوت سياره حازم بالخارج , يبدو انه هو الأخر متعجل لتلك الجلسة التي تجمعهم

انتفضت متفاجأة من صوت السياره , قفزت بخفة الاطفال الصغار تماشيا مع قفزة قلبها المسرور و بدأت تفرك يديها بعصبية و توتر و قلبها ينبض بسرعه و ملامح وجهها تهلل بفرحة و عينيها تحدقان بشدة

نظرت للساعه بتعجب , لقد وصل باكر ما يقرب من الساعه

قالت للساعه بمزاح :معقوله حازم جه , يظهر حاسس بيا و بقلبي المسكين

وقفت تنظر له من خلف النافذه عبر الفتحات الضيقه بين الاخشاب , انها الفرصه الافضل التي يمكنها ان تراه بحريه بها و تروي روحها به , فبالتأكد ستخجل من ان تنظر له مباشرة اثناء جلوسهما

ظلت تراقبه و هو يخرج هاتفه و يتصل بشخص ما , وكان ظنها صحيحا حين خمنت انه يتصل بها

اسرعت ترد عليه : السلام عليكم

حازم : و عليكم السلام , ازيك يا حسناء

حسناء/ الحمد لله

حازم بتساؤل / جاهزة دلوقتي و لا لسه

حسناء/ لا جاهزة دقايق و هكون عندك

حازم / ماشي

اغلقت الهاتف ثم اسرعت تكمل مشاهدتها لحبيبها من خلف النافذه , تبث له نظرات مشبعه بالاشتياق و دقات قلبها تهتف مع خلايا جسدها جميعا بإسمه رافعه رايات حبه المعلن أمام عقلها المنصاع الخاضع لقلبها الشغوف

دقائق و شعرت به وقد بدأ يمل الوقوف وحده , فسحبت نفسها بصعوبه تنتزع عينيه من علية بجهد و اتجهت نحوه بقدمين متسابقتين ايهما تصل اليه اولا

فتحت الباب فأستقبلها بإبتسامته و من ثم غض بصره , فبادلته بدورها نفس العمل

قال لها / هنقعد فين , نخلينا هنا جنب البيت بتاعك و لا نروح في بلكونه الفيلا الكبيرة

حسناء بخجل وصوت يتخلله ارتعاشة فرحة مع ارتباك/ لا خلينا هنا جنب البيت

بدأ يساعدها في نقل بعض ما يلزمهم ليبدأوا عملهم , وكانت تلك فرصه مناسبه كي تسيطر حسناء علي انفعالاتها المتضاربه بشدة و مشاعرها الفياضة التي تملأ صدرها تجاهه

وبعد قليل كانوا يجلسلان متقابلان تفصل بينهم منضدة متوسطة الحجم

وقبل ان تبدأ حسناء في قص اول قطعه قال حازم و هو ينهض : اه صحيح

ثم اكمل كلامه و هو يتجه نحو السيارة / خدي يا حسناء حطي الحاجات دي في اطباق و كوبيات

قامت حسناء من مكانها تلتقط منه بعض الاكياس و هي تقول باستفهام : ايه ده

حازم / دي شوية تسالي و مكسرات نسلي وقتنا بيهم و بيبسي و الذي منه

حسناء و هي تتجه للداخل / ماشي دقايق و هكون عندك

حازم باستهزاء / دقايق و لا ساعه زي من شويه

ابتسمت حسناء بخبث و هي تتابع سيرها و تقول لنفسها / مش كنت بصبح عليك , ما هو انا مش بعرف ابصلك وجها لوجه يا مؤدب

ثم تابعت تنهر نفسها و هي تفرغ محتويات الاكياس / يعني مش مكسوفة من نفسك يا حاجة حسناء و انتي بتعترفي انه مؤدب مش بيبصلك و انتي قاعدة تبحلقيله من ورا الشباك , وا كسفتاه

افرغت ما لديها و همت ان تلقي بالاكياس الفارغة بالقمامة ولكنها لاحظت انبعاث عطر حازم منهم , قربتهم من انفها الصغير و ظلت تستنشقهم بعمق

قالت متذكره / اه صحيح , انا كنت خبيت زجاجة البرفيوم بتاع حازم يوم ما راح مقابلة الشركة , ياه انا كنت ناسياها خالص , كويس جدا دي هتعمل شغل جامد

اسرعت حاملة مابيدها نحوه حتي لا يتغيب مجيئها ,وضعتهم علي كرسي بجوارهم , كان حازم يتحدث في الهاتف , فبدأت هي في مزاولة عملها حتي ينتهي و يساعدها

انهي مكالمته قم قال لها : متحمسة قوي كده , طيب استني اشربي الحاجه الساقعه

حسناء / احنا قدامنا شغل كتير علشان نلحق نخلص

حازم / طيب يلا وريني هعمل ايه

بدأت حسناء تشرح له كيفية امساك القماش حكي تستطيع هي الاسراع في القص و يكسبوا بعض الوقت في صالحهم

كانت حسناء تلاحظ مدي حرصه الا يتماس ايديهم , وعندما تقترب هي بالمقص من يده يحاول الامساك بحذر بطرف اصابعه ,

كانوا لا يتحدثون في اي امور جانبيه , ما تطلبه حسناء من حازم فقط في انجاز عملهم حتي تحدثت حسناء وهي تخطف نظره له بعد ان انتظرت طويلا في ان يبدأ هو بالحديث / اه صحيح , الفستان عجب نور؟

حازم و هو يحتفظ بوجه نظرة / اه عجبها

حسناء/ خدت بالها انه متفصل

حازم / لا متقلقيش

حسناء / هي الشبكة هتكون امتي

حازم / ان شاء الله هحاول اخليها بعد اسبوعين , العريس في مؤتمر و هيجي كمان اسبوع و علي ما نتفق كده هيكون بعد اسبوعين

حسناء بنبره تحمل بعض الارتياح / طيب كويس , هنلحق نجهز براحتنا

حازم / ان شاء الله و انا هساعدك في كل حاجه ونخلص بس العمل ده و ماما و نرمين هيجوا يتفقوا معاكي هتعملي ايه علشان يساعدوكي و ربنا يجازيكي خير علي موقفك ده و عقبال يارب ما نعملك قريب يارب

ردت عليه حسناء بصوت يفجر بين حروفه غيظ مكبوت/ انت معندكش دم , مش عندك اي احساس دي دعوة تقولهالي , ايه يا اخي حرام عليك انا اقدملك خير و انت تردهولي بالشر , اتقي الله يا ظالم

فاقت من شرودها علي صوته / صحيح انتي جبتي فلوس الفستان و القماش ده منين

حسناء بارتباك / من معايا

حازم / مش انتي اعطيني الفلوس اللي معاكي علشان تبقي نصيبك في الشركة

حسناء / ما كان معايا حسبه احتياطي

قاطعها حازم / احسبي انتي صرفتي كام و اول ما اطلع من ظروف شبكة نور تاخديهم

حسناء باستحياء / لا دي هديتي لنور مش هاخد حاجه

حازم / نعم ؟ لا طبعا كفايه وقفتك جنبي و حرصك علي سعادتها دي اكبر هديه

حسناء / لا ده واجب عليا , انتوا ياما بقدمولي و انا عايشه من خيركم

حازم بصوت ينبض بحب مخفي بين الحروف بحياء/ عيب يا حسناء انتي واحده مننا , والله انتي عندي زي نرمين

زجرته حسناء ثانية / نرمين ؟ ؟؟ نرمين بس ؟؟؟ و انا اللي بقول انت الضحكة اللي منوره حياتي و انت القلب اللي محببني في ايامي , انت الورده اللي مجمله حياتي و انت تقولي نرمين , بجد قليل الذوق

فاقت من شرودها علي مزاحه و هو يتململ في جلسته بشكل كوميدي: طيب بما انك معاكي فلوس يعني , معكيش سلفة أحلق شعري

ابتسمت و قالت : تحت امرك , معايا ثلاثه جنيه الا ربع

تابع بجديه مصطنعه / لا ده مبلغ كبير خساره يابنتي , هاتيهم احطهملك في نصبيك في الشركة

قالت هي الاخري بنفس اللهجه / لا متقلقش انا معايا خمسه جنيه وبريزة عامله حسابي هحطهم في الشركة

حازم و هو يبتسم لمبادلتها مزاحه / يعني مسألتنيش علي الشركة و لا عملت ايه و لا وصلت لحد فين

حسناء / صحيح الشركة اللي لسه مردتش عليك , مردوش؟

حازم بلهجة تبرز مدي فرحته بنجاحه / لا ردت الحمد لله , ردت الاسبوع اللي فات و اللي انتي كنتي زعلانه فيه ومقموصه و مخصاماني زي العيال الصغيرة

ابتسمت بحياء و قالت / انا مكنتش زعلانه ولا حاجه , انا كنت بس مشغوله في الفستان

حازم معترضا بمزاح وهو يشير بسبابته بالنفي / لا لا كنتي زعلانه و مقموصه يا ام قمصه

حسناء / علي فكره انا والله مش بزعل من اي حد , الزعل ملهوش لازمة , انت بس اللي بزعل منه

رفع احد حاجبيه باستنكار بعدما احدثت العباره الاخيره صدي رنين تنبيه بقلبه / اشمعني انا ؟

تداركت حسناء زلة لسانها اللعين , فتفجرت عروقها تبعث بالدماء لوجهها الفاضح في الحال, وتوترت جلستها وتضارب انفاسها , حاولت البحث عن اي حروف تجمعهم لتحصل علي كلمة تخرج بها من موقفها الحرج ولكنها لم تجد سوي كلمة واحدة خرجت بالكاد من بين شفتيها المرتجفتين / يعني

وقف قلب حازم يرقص و يقفز و يزرغد من مظهر حسناء الفوضوي هذا , وكان كمن يتربص له ليأخذ عليه حجه بشئ يكتمة داخله ,ولكن يبدو ان التوتر ذاته بدأ يتسرب لحازم ,وأعراض الحب المكبوت داخله تتسرب عبر نظراته , تململ في جلسته و مسح شعره بيده ثم هم ان يتحدث بشئ مشابه لما قالته بل و اكثر , فكثيرا ما تمني ان تسنح الظروف له بذلك و لكنه سمع صوتها يخرج من فمها ضعيف هزيل مهتز / ببقي خايفه تتخلي عني و ارجع اضيع في الدنيا لوحدي

تبدل حال حازم فورا من الهايم الولهان و كأنه تعرض لصدمه كهربائية , فبعد ان ظنه اعتراف غير مباشر لحبها اكتشف انه مجرد سكين مغروس بقلبها يؤلمها كل لحظة و يتزايد عندما تخاف من خسرانها وجوده و بقائها و حدها

نظر لها بعدستي عينيه المتسعتين بشده و ترك مابيده علي المنضدة و قال لها بدهشة و كلماته تخرج من قلبه لا اراديا و ليس من لسانه ونبرة صوته تنتمي لعالم العاشقين / نعم ؟؟؟؟؟ حسناء ايه ايه اللي انتي بتقوليه ده ؟؟ اياك تنطقي الكلام ده تاني ابدا ابدا , انا لا يمكن اتخلي عنك في يوم و لا اقدر استغني عنك , حسناء انت جزء لا يتجزأ من حياتي , بل انت اهم ما في حياتي كلها , انا اه كنت في البدايه حاسس انك واحده غريبه لكن دلوقتي انتي جزء مني , انتي جزء من لحمي و دمي , انا حياتي من غيرك ما تكملش و انتي الوحيده اللي بتفهميني و بتقدريني و بتحسي بيا و بتدعميني في كل حاجه ... و تيجي تقوليلي اتخلي عنك؟....... ارجوكي يا حسناء امحي التخاريف دي من دماغك نهائيا , والله لو حسيت انك خايفه في يوم من اني اتخلي عنك يا حسناء هزعل جدا جدا

صمت برهه ثم أكمل بنبره كلها أسي و يأس / انا فكرت انك حاسه بالأمان يا حسناء , كلامك ده زعلني جدا , لا ده دبحني يا حسناء

كانت كلماته تخرج من قلبه لقلبها مباشرة , كانت كمثل الرواء الذي يروي بذور حبه بقلبها , مثل الضوء الذي يبعث الأمل داخل قلبها , كمثلج يثلج قلبها المحترق بنار الشوق , كرحيق ينعش روحها المحتضرة من شدة ما تعاني و تآسيه من يوم ما تعلقت به , كمنجد أنجدها من ما كانت يهلكها و يقتلها كل لحظة من حبها التي وقعت به فجأه , لم تتحكم في دموعها و بدأت تنساب علي و جنتيها من أول كلمة نطق بها

و ضع حازم أصبعيه علي جبهته المنكسه للأسفل من شدة صدمته ثم تنهد بقوه , ثم قال لها و هو ينهض : انا هروح أصلي الظهر يا حسناء و هرجع

حسناء برجاء و قلبها يكاد يموت خوفا من رحيله / بس متتأخرش

حازم و هو ينصرف للخارج / حاضر , وادخلي و اقفلي علي نفسك

حسناء / حاضر

........................................

افترقا الاثنين و كل منهم يعيش حال علي نقيض الأخر

اتجه حازم للمسجد و هو يتحدث مع نفسه و هو يشعر بدوران شديد / أنا تقريبا عشمت نفسي قوي , وظني الاولاني طلع صحيح , هي بتحبني حب احتياج مش اكتر , وكل اللي بتعمله معايا ده رد جميل مش حب ولا حاجه

شعر بغصة غليظة تسد حلقه , سحب كميه كبيره من الهواء حوله عله يزيلها و لكن دون جدوي

دخل المسجد , كان ما يزال هناك متسع من الوقت قبل صلاة الظهر

توجه لمكان الوضوء , فتح صنبور المياه و وضع رأسه تحت المياه لتختلط مع دموعه فتخفيها عن نفسه و تحافظ علي هيبته التي يجسدها مظهره الجاد و ملامحه الصلبه خافيه خلفها قلبها الرقيق الحساس

بينما حسناء كانت تقف بالمطبخ تدور حول نفسها بفرحه , تزرغد بصوت مكتوم تشارك قلبها حفلته الداخلية

شرعت مسرعه تنهي ما كانت جهزته ليلة أمس من بعض الاطعمة

حتي رفع أذان الظهر , فأنهت مابيدها سريعا و اتجهت لسجادتها تؤدي فريضتها قبل وصول حازم

انهت صلاتها و ظلت بإنتظاره ,ولكن انتظارها طال , بدأ القلق و الخوف يتخلل قلبها قالت لنفسها / ممكن يكون زعل من كلامي , ومش هيرجع , بس انا قلت ايه يزعل ؟ انا قلت الحقيقه , معرفش ماله زعل جامد قوي كده

نظرت للساعه فوجدت صلاة الظهر انتهت منذ نصف ساعه

خرجت من المنزل تنتظره بقلب مشتعل بالقلق بالخارج , دقائق و لمحته يفتح البوابه , تنهدت بإرتياح شديد وقالت بهمس / الحمد لله

أقدم نحوها , ثم قال / معلش اتأخرت عليكي

حسناء / ولا يهمك

ثم قامت تلملم الأقمشة من علي المنضده و قالت له / دقايق و جايه

دلفت للداخل و عادت بعد دقائق تحمل بعض الأطعمة التي لا تستطيع تناولها ألا بأبهظ الاسعار في افخم المطاعم

وضعته علي المنضده أمامه , فقال لها / انا مش جعان

اعترضت بثقه و قالت / لا لازم تاكل , ده الأكل اللي ناوية اطبخه في شبكة نور و عاوزة رأيك فيه و لو عجبك انا مجهزة وجبات جوه لمامتك و نور و نرمين و جوزها

نظر حازم للطعام تحت عيون حسناء المراقبه المترقبه لردة فعله

رأت نظره الاعجاب في عينيه و هو ينظر للطعام فقالت له / يلا سمي

أمسك حازم بملعقه و بدأ في تناول الطعام و حسناء هي الاخري , مضغ حازم بعض اللقيمات ثم قال لحسناء و هو ينظر لها نظرة اعجاب شديد

قال لها / انتي اتعلمتي الطبيخ علي ايد مين

حسناء بإنكسار / انا كنت بشتغل في مطعم .............

حازم بتشجيع/ شئ رائع ده المطعم ده مش اي حد يقدر يدخله ,بس بجد انتي مبدعة في الطبيخ

حسناء بإمتنان / شكرا , مادام عجبك يبقي ندوق مامتك و اخواتك

حازم / تمام

...................................

دخل حازم فيلته و هو يحمل الأكياس التي بها وجبات مغلفة بشكل يوهم الناظر انها من أحد المطاعم الفارهه من شكل تغلف الوجبات

وجد سناء تجلس مع نور في حديقة الفيلا فاقبل نحوهم

سناء / انت اتأخرت كده ليه يا حازم , مش قلت منطبخش و جايب أكل من بره ,

حازم و هو يضع الأكياس أمامها / اتفضلي

مسكت نور الكيس و ظلت تلفه حول نفسه تبحث عن اسم المطعم

فقال حازم موضحا / ده واحد صحبي كان شغال في مطعم ....... و هو اللي هجيبه يطبخ في خطوبة نور

سناء / ما كنا طبخا احنا يا حازم , ده هيكلفنا كتير

نور بأسلوب تحذير / ماما

ثم بدأت تفتح في الاكياس و هي تقول / لما نشوف الاول ألأاكل مستوي و لا ايه

فعلت سناء هي الاخري مثلما فعلت نور, ولم يستطيعا انكار اعجابهم الشديد بالطعام الشهي

نور / تمام , يبقي كده لسة الكوافير بس

حازم / ابقي زوقي نفسك بقي يا نور , الاكل هيتكلف كتير غير شركة الاناره و شركة اللي هتجهز الكراسي و غيره

نور بعصبية / لا كله الا الكوافير

حازم برجاء / بصي انا مش ناقص و لا كلمة النهاردة , لا مزاجي يسمح و لا انا قادر افتح عيني

ثم ولاها ظهره و صعد إلي غرفته حاملا علي رأسه هم كبير بعد صدمته من كلام حسناء و خيبة أمله بإعترافها من انها تخاف من تخليه عنها

دخل غرفته و بدل ملابسه و ألقي بجسده علي السرير, عقد ذراعيه خلف رأسه و ظل شاردا يحدق في سقف الغرفة و ملامحه متجهمة حزينة

ظل يمرر شكل حسناء و كلامها أمام عينيه , قال بأسي وهو يهز رأسه / وانا اللي كنت ناوي اكلم ماما و اخطبها , يظهر كنت فاهم تصرفاتها غلط

............................

كانت حسناء ملقاه بتعب علي السرير بعدما نال جسدها قسطا كافيا من التعب بعد انصبابها علي الحياكة بعدما انهي حازم معها تقطيع الاقمشة و تركها تحيكها

أعادت بعقلها كلامه الدافئ الذي ألقاه علي مسامعها بلهجة حانية تبعث في نفسها الاطمئنان و الحنان

تذكرت عطره الذي تحتفظ به , ابتسمت و هي تقوم تجر جسدها المنهك ثم اتجهت لخزنه ملابسها و اخرجته منها

نثرت بعض منه علي يدها , استنشقته بعمق شديد ثم قالت / ياه الريحه دي جميله , يكفي انها بتحسسني بوجودك

ثم بدأت تنثر منها علي ارجاء الغرفة و الاثاث و المفروشات , ونزلت بالطابق السفلي و فعلت مثلما فعلت بالأعلي, وكأنها تحاول استشعاره حولها ليزيدها حبا في الحياه

ثم صعدت ثانية لفراشها , اخرجت صورته من تحت وسادتها وقالت له / تصبح علي خير يا زومة ثم ابتسمت لطيفه في عقلها و استسلمت لنوم عميق , بإنتظارها احلام سعيده تجمع بينها و بين حبيبها........

....................

حازم بعصبيه عبر الهاتف/ تعالي اقنعيها احسن اكسر دماغها

حسناء / طول بالك و اهدي بس كده

حازم بعصبيه شديد / دماغها فاضيه , يعني وفرنالها كل اللي عاوزاه و دلوقتي تقول لو مفيش كوافير مش عارف اسمه ايه مش هكمل الخطوبه بعد ما كلمنا الناس و قرأنا الفاتحه

حسناء / سبني بس كده و هتصرف معاها , تعالي بس خدني نروح نجيب شويه مستحضرات تجميلو مسكات من اي محل و هقنعهالك

حازم بنفاذ صبر / ارجوكي يا حسناء , احسننور اختي دي هتجبلي الضغط قريب

حسناء / بعيد الشر , اهدي بسو الموضوع ابسط من كل العصبية دي

.......................

طرقت نور الغرفة و انتظرت الرد و لكنها لم تسمع شئ

قالت لها سناء افتحي و ادخلي يا حسناء

فتحت حسناء علي وجل ثم دخلت , وجدت نور تجلس و علي محياها علامات الاكتئاب

جلست حسناء بجوارها , مررت يدها علي ظهرها بحنا و قالت لها / نور اهدي و صدقيني كل حاجه هتبقي احسن اكتر ما انتي عاوزة

لم ترد نور ولكن بدأت ملامحها تنكمش بغضب , أكملت حسناء كلامها / بصي انا اعرف واحده كانت شغالة في ككوافير ....... و ممكن تيجي تزينك

نور بغضب / حازم مش عاوز يجيبها البر و مصممم ينكد عليا بأي حاجه , حتي لو جبتيله حل مثالي هيطلعلك بعد كده حاجه

حسناء / يا نور متكبريش العمل علشان ربنا يتمللك علي خير , وعلي فكره انا اللي كنت شغاله في الكوافير

نظرت لها نور نظرة تكذيب ممزوجه بأخري استحقار و قالت بلهجه غير محببه لحسناء/ مش بتقولي انك صيدلانيه

حسناء بخجل و هي تحجب نظرتها بالنظر أرضا / هوايه يعني يا نور , كنت بشغل وقت فراغي

نور / انا مش هعمل كوافير الا في......

حسناء / طيب بصي نعمل بروفه علي السريع , هعملك الميك اب و التسريحه و لو عجبك يبقي تمامو ولو مش عجبك قولي لحازم اني مش نافعه

نظرت نور بتبرم للجهه الاخري فتابعت حسناء / مش هنغرم حاجه واخيرا انصاعت نور لطلب حسناء ولكن علي غير اقتناع

بدأت حسناء في فرد شعر نور المتعرج , ولكنها شعرت بحراره شديده , فنزعت حجابها و اسدالهاحتي تأخذ كامل حريتها في العمل و تنتج من نور اجمل عروسه أنيقه

وبعد ما يقرب من الساعتين كانت نور بشكل جديد و طله جديد تشبه فنانات السينما

نظرت لنفسها بالمرآه بإنبهار و قالت لحسناء / انا مكنتش مصدقه انك ممكن توصليني للشكل ده نهائي

حسناء برجاء/ خلاص بليز حاولي تهدي و تفرحي بقي وصدقيني كل شئ بيتحل بالهدوء

نور و هي تسرع بفرحه للخارج وتنادي والدتها , فتحت الباب وتركته مفتوحا خلفها و اسرعت للأسفل

اسرعت حسناء تغلق الباب حتي لا يراها حازم و لكن اقترابها من الباب سمح لحازم رؤيتها و هو ينزل الدرج ليري ماذا أبدعت بنور

صدمت عينيها بعينيه , شعرت بإنتفاضته عندما وقعت عينيه عليها , ارتدت للخلف بسرعه و اسرعت ترتدي اسدالها و حجابها

ولكن حازم و الذي طبعت صورة حسناء بين جفونه جعلته كالمغيب عقليا , يسير ولا يري اي شئ أمامه

وقف مقابل سناء المندهشة من نور دون ان يتحدث , قالت له / ايه رأيك يا حازم

حازم بلا مبالاه دون ان ينظر لنور / تمام , المهم البرنسيسه توافق علي ان حسناء هي اللي تزوقها

نور / خلاص وافقت

لمح حسناء تقبل من الاعلي تتأمل الأرض أمامها بخجل من الموقف الذي تعرضت له , قالت لسناء / ايه رأيك يا طنط

سناء/ بجد تسلمممم ايدك يا حسناء

نور / تيجي هنا من اليوم الشبكة من بدري

حسناء/ لا انا مش حابه اجي بدري علشان الجو حر والميك اب ممكن يبوظ كل ما كان قبل القعده علطول يبقي افضل و برضه علشان مبقاش مرهقه و اقدر اطلع زي النهارده ( ثم غمزت لسناء بطرف عينيها)

نور / اوك انتي أدري بقي , المهم انا مش هقبل اي تقصير يومها

حسنا ء / متقلقيش

ثم التفتت لحازم الذي كان مازال تحت تأثير خدر النظرة التي ادهشته بشدة وقالت / بعد اذنك يا بشمهندس ممكن تروحني بقي احسن ورايا شويه شغل

حازم بلامبالاه / ماشي

...................................

أعاد حازم حسناء لمنزلها و عاد ادراجه نحو اكمال عمله بالشركة , كان يسير و شكل حسناء يلازمها

قال له و هو يسير / انتي مصممه تعذبيني يا حسناء , انا مش قادر ابعد صورتها عن دماغي لكن كلامك اللي قولتيه من ايام بيصدمني و و بيعذبني و بيخليني احس ان الدنيا سودة


..........................

نرمين / السلام عليكم ازيك يا مبدعه

حسناء / الحمد لله

نرمين / ها هنيجي كمان ساعه انا و ماما زي ما اتفقنا

حسناء / تنوريني يا باشا

نرمين / معلش بقي يا حسنا تعبينك معانا , بس نعمل ايه بقي نور المتعبه

حسناء / لا يا ستي لا متعبه ولا حاجه من حقها تفرح

نرمين / ربنا يخليكي يا حسناء و عقبال ما نفرحلك , طيب حازم اتصلنا عليه قالنا ساعه و هيجي يا خدنا اجهزي كده علي ما نيجي , بس مش كده بدري قوي وممكن الاكل يخسر

حسناء / لا بدري و لا حاجه , لسه 3 ايام بس , نبدأ نجهز الحاجات اللي ممكن نحتفظ بيها في الفريزر و برضة نغسل الخضار و نجز الصلصه و نعين اللحمة متبله في الفريزرو كد..

نرمين / انتي أدري بقي , احنا هنيجي تقوليلنا اعملوا و احنا هنفذ

حسناء / تيجوا بالسلامة

نرمين / طيب يلا بقي اقوم ألبس كده


.................................

وبعد ان كانت تحيك مع حازم في الحديقه و تحدثت معه و اخبرته انها تخشي ان يتخلي عنها و قد شعرت به تغير بشدة

كان يلازمها بشكل شبه يومي في الفتره الاخيره اثناء تجهيزها لخطوبة نور , كانت تلاحظ بعينه طيف حزن دفين , نظرته شارده , كان كثير ما يشرد بوجهها دون تركيز , كأنه يحاول ان يبعث له عبر نظراتها شئ ما , كان لا يتحدث الا قليلا في الاشياء المهمة فقط , مغيب التركيز , وكأن هما يلف قلبه وحزن يسكن صدره , حرج بقلبه يقلق مضجعه و يرهق تفكيره

وفي يوم خطبة نور صباحا , كانوا وحدهما اثناء ما كانت تشوي اللحم و سناء و نرمين ينظفون المنزل و يعدونه للحفله

كان كعاده صامتا جامدا يقوم بما تطلب منه بشكل ألي , حزنه يبث من عينيه نظرت له بأسي و كأنها تشعر به و قالت له بعد تردد / مالك؟

انتبه من غيبوبته علي صوتها و قال و هو ينفض رأسه : اه؟ مفيش

فقالت له ثانية / لا فيه , انت ايه مزعلك

قال و هو ينظر للجهه الاخري/ لا مش زعلان ولا حاجة

قامت من مكانها و اتجهت نحوه حتي اصبحت قريبه منه و قالت بإصرار/ لا زعلان , وزعلان جامد كمان , وعارفه كمان زعلان من ايه , بس انت اللي فهمتني غلط

نظر لها بعمق و اعجاب وقال لها / تعرفي انك الوحيده اللي بتفهميني في الدنيا دي , حتي ماما نفسها مسألتنيش اني زعلان ليه

طأطأت حسناء رأسها بخجل و توردت وجنتيها , وبعد لحظات نظرت له ثانية عندما وجدته لا يتحدث فوجدته يصوب تجاهها نظرات عميقه و بسمة اعجاب مرسومة علي شفتيه فأعادت تختبأ بنظرها أرضا فقال لها / انا دلوقتي معدتش زعلان

فإبتسمت بحياء و قالت بصوته يتخلله اهتزاز / كويس ده اللي احنا عاوزينه

ظل مصوب تجاهها نظره ثوان ثم قال لها بلهجه حانية / حسناء ممكن اتكلم معاكي بصراحه بس ياريت كلامي ميأثرش علي علاقتنا حتي لو الكلام مش عجبك , وتفضلي زي ما انتي متتغيريش

وقبل ان ترد عليه سمعوا بوق سيارة نرمين يعلن وصولهم وينذرهم لينهوا حوار تمنته حسناء بشدة

مرت ساعات هذا اليوم , مليئة بالتوتر و الانشغال والارتباك و انتهت بحفلة علي مستوي مناسب الي حد ما

حدث بها الكير من الاحداث التي لا يمكككككن تناسيها


وبعد ان غادر الجميع بقيت نور و حسناء و سناء , عاد حازم من الخارج بعد ان اوصل خالته لمنزلها بالسياره

ما ان رأته حسناء يدخل حتي همت واقفه و هي تقول لسناء / طيب استأذن انا يا طنط

سناء/ طيب ما تخليكي معانا النهارده

حولت حسناء نظرها لحازم و همت ان تتحدث ولكنه سبقها بصوته المجهد للغاية ك يااااريت يا حسناء و الله مش قادر

سناء / خلاص يا حسناء , نامي النهنارده هنا حتي ترتاحي شويه

سمعت نور اتصالا صادرا من هاتفها فقامت من رسها و هي تحمل فستانها قليلا عن الارض حتي تستطيع المشي و قالت ك هطلع اشوف مين بيرن ,. وشكرا يا حازم علي اللي عملته علشاني

حازم وهو ينظر لحسناء بابتسامة ممتنه ك والله المفروض تشكري حسناء هي صاحبه الفضل كله

وقفت نور تنظر لوجوههم باستفهام فقال حازم بصوت فرح ك حسناء هي اللي فصلتلك الفستانو هي اللي عملت الكسوة بتاعت الكراسي غير طبعا الميك اب و هي برضه اللي طبخت مع نرمين و ماما و خالتك

نور و عينيها يتطاير منها الشرر و بلهجة غير مراعية لأي شخص : نعم ؟ يعني استغفلتوني و ضحكتوا عليا , وبرضه صممت علي بخلك

حازم : نور , مش كل اللي انتي عاوزاه لقيتيه

نور / لا , ومحدش اساسا اعجب بالفستانو المي اب و لاا لال و خلتوني مهزأة الزمن بسبب بخلك يا حازم

وقفت حسناء مصدومة من لام نور تتابعها بعينان مندهشتان

سناء / نور مش اليوم عدي و خلاص

نور / وانتي يا حسناء مش هسامحك ابدا , لولا انتي كان زمان حازم زنق نفسه و عمل اللي انا عاوزاه لكن انتي حقدتي عليا اني افرح و خلتيه يعملي خطوبه ترقيع و فاكره نفسك اسطورة الزمن اللي انقذتي الموقف و وقفتي جانبه

وقف حازم أمام حسناء و كأنه يحميها من مدافع نور الحارقه و بدأ جسده يهتز بعنف ينذر بتهور مقبل و انفلات تحكم بالاعصاب و اقتراب مصيبة

قامت حسناء تجر نور بعيدا و قالت بلهجة عنيفة : حسناااااااء , امشي من هنا , يلا روحي حالا , مش هتباتي هنا

حازم بعصبية / انتي مان يا ماما , بدل ما تقوليلها معلش علي الكلام قليل الذوق من بنتك عديمة الاحترام تقوليلها تروح

التفت لحسناء فوجدها انسحبت من خلفه و لمحها و هي تخرج من بوابة الفيلا

هرول حازم خلفها , يلاحقها بنداءاته المتتالية

وقفت عند بوابه السيارة و هي تدير وجهها بعيدا عن حازم , اقترب منها و التف ليقف امامها , نظرت أرضا و صوت بائها المكتوم يصل لقلبه يمزقه , دنا منها برأسه و قال لها بصوت ملئ بالحنان : حسناء , معلش انااسف بالنيابه عنهم كلهم , معلشي امسحيها فيا , خساره تعبك في واحده متستهلش زي نور , واوعدك هعوضك عن تعبك ده

لم ترد حسناء بشئ سوي الدموع المتزايدة

تنهد حازم بأسي , فالموقف اصعب من ان يداويه ببعض الكلمات الحانيه , قال لها : طيب تعالي اروحك ترتاحي زمانك تعبانه

فتح لها السيارة و انتظرها تركب ثم غلق الباب لهاواستدار ليجلس خلف عجله القيادة

بدأ يقود بهدوء و هي تبكي بجواره بحرقه , كان يحاول تجميع بعض الكلمات يخفف عنها ما هي به ولكككنه لم يجد ما يناسب صعوبة الموقف , فألتزم بصمته حتي وصل لمنزلها

نزلت حسناء من السياره و تبعها حازم , وقبل ان تدخل قال لها بحنان وأنه يحاول فتح الحديث معها : حسناء هتنامي دلوقتي

ردت حسناء بإيماء من رأسها فقال لها بنفس اللهجة ك ماشي يلا ريحي و انا هجيلك الصبح

ردت ثانية بإيماء ايضا و هي تتابع سيرها نحو باب المنزل فقال لها طيب استني عاوزك لحظكة

وقفت حسناء دون ان تلتفت له فاقترب قائلا ك معلش يا حسناء و الله انا مش عارف اقولك ايه , بتأسفلك نيابة عنهم و لازم اخلي نور تيجي تبوس راسك حق اللي عملته و متزعليش من ماما هي بس متعصبة

ردت ايضا بإيماءة و تابعت سيرها ثانية فقال لها حازم بحنان / اقفلي علي نفس كويس

دخلت حسناء لتسبح في دموعه و ترت حازم بالخارج لا يستطيع ان يذهب و يترها بحزنها فبالاضافه انها ظلمت و كوفئت من نور علي تعبها الاهانة و الكلام الجارح , فهي حبيبته التي تسكن قلبه , دموعها بالنسبه لها حرق لصدره و حزنها خناجر تدس بقلبه و ظلمها بهذا الشكل يشعل نيران داخله ولكن ليس بيده ما يفعله من اجلها سوي الكلمات التي

ظل يزرع المنطقه التي امام البيت ذهابا و ايابا و قلبه يكاد يلفظ من صدره شفقة علي حال حبيبتة الوحيده الجريحه و وبعد فتره ليست بالقليلة اقترب من باب المنزل وقرع الجرس و هو يقول لنفسه / مش هقدر اسيبها ده

انتفضت حسناء والتي كانت ذائبه بروحها في دموعها علي كرسي الصالون

مسحت دموعها و قامت بفزع تسير بهدوء نحو الباب , نظرت من عدسة الباب بحذر فرأت حازم يقف بالخارج

ففتحت الباب بهدوء و هي تمسح بقايا الدموع من علي وجهها

قال حازم بمزاح / مش خايفه لأون حرامي

قال بصوت ياد يفهم من شدة بكاءها : ما انا شت من العين السحرية الاول

حازم برجاء / طيب بما انك لسة ما نمتيش ممكن تعمليلي فنجان قهوة احسن مصدع جدا و هروح البيت مش هلاقي حد يعملي

حسناء ك حاضر

و انسحبت للداخل بهدوء فقال لها / هستناي بره

وضعت حسناء القهوة علي الموقد ثم اتجهت للصنبور تغسل وجهها حتي تهدأ قليلا

حملت القهوة و اتجهت للخارج حيث حازم فوجدته يجلس علي مقعد و يضع اخر مقابله علي بعد مناسب , ان منحني يضع فيه علي رأسه من شدة تعبه

اقتربت منه و قالت له بهدوء اتفضل

التقط منها القهوة و قال لها قبل ان تنصرف / تعالي اقعد عاوز في حاجه

جلست حسناء بهدوء , ساد الصمت دقائق قبل ان تتنهد حسناء بشدة , نظر لها حازم نظرة عميقة تحمل الكثير من الاحاسيس ثم قال لها / بس انتي بصراحه يا حسناء ابهرتيني بمواهبك دي كلها , بجد انتي عبقريه

نظرت له حسناء ثم التفتت بعينيها بعيدا دون ان ترد عليه

فال لها ك انتي اتعلمتي الحاجات دي لوحدك

ردت بعد اطلقت تنهديه اخري : لا

نظر لها حازم نظرة مستفهمة منتظر توضيحها

تنهدت حسناء ثانية و نظرت بحزن دفين شديد للنجوم و قالت بألأم و كأنها تسترجع آلام الماضي لتضيفها لآلام الحاضر ك الحككككايه طويله طويله طويله , انا اشتغلت 3 سنين في مصنع ملابس ... و سنه في مصنع فستاين زفاف... و سنه في مطعم ... و سنه في كوافير و مركز تجميل ...

ان عيني حازم تزداد اتسعا مع كل مكلمة تخرج من شفتيها

قال لها مستفهما ك طب ليه ده كله , ودارست و بعدين كنتي ركزي في اتجاه واحد ,

حسناء بحزن شديد / ما هي دراستي السبب في ده كله , علشان اكمل دراستي من غير ما احتاج لجوز امي نت بشتغل في الاجازة يوم كامل و في الدراسة نت ب بشتغل 3 ساعات او ربع يوم علشان اقدر امل ,

ثم صمتت قبل ان تضح باستهزاء / وكنت زي بنت بفكر اني اول ما هخلص هتخطب و اتجوز فحاولت اتعلم الحاجات دي كلها علشان يوم فرحي محجش لمصاريف كتير و اقوم انا بكل حاجه , افصل فستاني بنفسي و اعمل لنفسي الكوافير و الطبخ و كل حاجه زي ما عملت مع نور ككككده

ثم صمتت بسبب اختناق صوتها بالبكاء و عدم قدرتها علي مواصلة الكلام

قال لها حازم كي لا تبدأ في البكاء ثانية / تعرفي جوز امك ده يستاهل جايزة, لأن صنع منك انسانه متميزة

نظرت له حسناء بملامح منكمشة بسبب نوبه البكاء التي ستبدأها وقالت ببكككاء / لا , لا , لا ده يستاهل جهنم في الدنيا قبل الأخره ,

ثم انفجرت بعصبيه و بكاء شديد / ده مش انسان و لا حتي حيوان , الحيوانات احسن منه كفايه حرمني من بيت بابا و حرمني من امي و حنانها و في الاخر حرمني من ثقتها في و اتهمني بأبشع التهم و احقرها و بسببه مرميه في الشارع و عايشه لاجئه عند ناس غريبه و واجب عليا اتحمل اي حاجه ممن تحصلي علشان اقدر امل حياتي من غير تشرد

قالت كلماتها بصعوبه من كثره البكاء ثم خبأت وجهها بين فيها و ظلت تطلق آهات مريره و جسدها يهتز بشدة

نظر لها حازم بشفقه وتعجب , حاول ان يتحدث لها او ان يقول لها علي الاقل انتي لست لاجئه هنا ولكن كلماته حبست في حلقه خلف غصة في حلقه و دموعه بدأت تجمع داخل عينيه

وقف كمكبل اليدي أمام حبيبته و التي تعترف بمدي حاجتها له و مدي ضعفها و ضعف موقفها امام أمواج الحياه المتراطمة دون شفقه ,

قام بهدوء و انتزع جاكت سترته ثم دنا منها و ووضعه علي كتفيها و كأنه يريد ان يمدها ببعض الحنان و الدفء الروحي , كأنه يريد يشعرها بقربه بإحساسه بإحساسها و وجقوفها بجانبها ولا يمن التخلي عنها , ثم عاد ليجلس مقابلها

فوجئ منها بشئ لم يتوقعه , بل توقع عكسه , وجدها مدت يديها و ضمت الجاكت جيدا عليها و كككككككأنها تريد تخبره بشل غير مباشر انها حقا تحتاجه , تحتاج وجوده , تحتاج قربه , تحتاج دفئه

بعدها بدأت تهدأ نسبيا فقال لها برجاء / حسناء انتي مش عايشه لاجئ ولا حاجه , اياك تنطقي الكلمة دي تاني , انتي كده بتدبحيني , البيت ده بتاعك , الفيلا دي كمان بتاعتك

كان يحاول ان يخبرها بشئ ما يضمر بداخل قلبه و لكن خوفه من ذنب الافصاح حجمه عن التحدث بشكل غير مباشر , انتظر منها اي ردة فعل تخبره انها فهمت مقصده ولكنها لم تحرك ساكن

فتابع هو لامه / ومعلش متزعليش من ماما و الله بتحبك و هي قالت كده علشان مضربش نور ,

حسناء / مامتك مش زعلانه منها , هي دايما بتعاملني ويس مش هقف لها علي موقف في وقت غضب

تابع حازم بلهجه متردده / وبرضه نور هي لسانها طويل بس مش عاوزك تزعلي نفسك و اعتبريها مش موجوده

حسناء و هي تتنهد / مينفعش ازعل منها اساسا , انا في مرحله مينفعش اخسر فيها حد اي كان الشحص ده بيعاملني ازاي , لازم اعدي , كفايه اني بوظت حياتي مره و خسرت نفسي كل حاجه حتي امي نفسها بسبب ضيق مخي

نظر لها حازم بتعجب فوضحت بمتابعتها للكلام/ جوز امي ده مكنش وحش بالشكل ده بس انا بتخلفي خليته يكرهني و خسرت ل حاجه

انا لما بابا مات ماما منتش عاوزة تتجوز و بدأت تشتغل في مصنع الملابس الجاهزة اللي بعد ده اشتغلت فيه , بس تعبت جامد و للأسف اخوالي انوا بخلا و ماما انت بتتحرج تاخد من اعمامي , فاضطرت توافق علي الجواز من واحد ان غني و مراته و ولاده ماتوا في حادثه و المهم انا متقبلتش وجوده نهائي نهائي و خاصة انه عاش معانا في شقة بابا فبدأت ل ما اشوفه ازعق و اشتم جامد و ماما حاولت تهديني تير و هو نفسه حاول كتير انه يكسبني بس انا متقبلتوش نهاائي و زودتها جامد لحد ما جدتي اخدتني عندها وعيشت معاها , ومن غبائي بقيت لما ماما تيجي تزورني بقيت اغلط فيها هي , للاسف نت طفله مش فاهمة حاجه

جدتي كانت بتقبض معاش قليل و ماما بتساعدها لحد ما دخلت الثانوي و جدتي ماتت , فاضطريت اتنقل اعيش مع ماما وجوزها و برضه مقدرتش اتقبله نهائي و مش بعطيه وش حلو وماما حاولت تتفاهم معايا بس انا بقيت ازعق معاها جامد لحد ما زهقت مني وقالتلي انتي انانيه و اني مش بفكر الا في احاسيسي و في ماضي مشي و بسبب دماغي هخسر المستقبل و ان جوزها هو السبيل الوحيد اللي يكككفينا شر سؤال الغير , بس برضه مسمعتهاش و بدأت اشد مع جوزها بس مككنتش بشم او حاجه بس في يوم قلتله و احنا بنتناقش / علشان تكون عارف انا صاحبة الفضل عليك يكفي انك عايش في بيت بابا , من غيره كان زمانك في الشارع

وطبعا كان رده انه حلف ما يصرف جنيه علي تعليمي و اني اطلع من التعليم و يجوزني و انه مش هيدفع جنيه في جوازيو ألم صدقه من قرايبي علشان اتجوز, فانا قلتله انا مش عاوزه منك جنيه و طلعت اشتغل لحد ما اتخرجت , وطبعا ماما تعبت جامد و بدأت تتحجز في المستشفي و يجيلها غيبوبه سكر , وهو كان افتقر من كتر شرب السجاير و لعب القمار , وفي يوم ماما كانت محجوزة في المستشفي لقيته جايب اصحابه يلعبوا قمار في البيت , فرحت قولت لماما فعلشان يهرب من الموقف قالها انه شافني واحد جايلي في الشقه فاضطر يجيب اصحابه يلعبوا في البيت حفاظا عليا و طبعا جاب اصحابه يشهدوا ضدي معاه , ماما صحتها كانت متدهوره بشكل كبير و مش قادرة تحقق معايا و معاه فأنا سكت و وفوضت امري و ظلمي لله و لكن هو زاد فيها كل ما ماما تحجز في المستشفي يجيب اصحابه طول النهار و انت عارف الاشكال اللي زي دي الواحد يخاف يكون في البيت و هما موجودين , فأنا دورت علي شغل في صيدليه طول النهار و مرجعش غير الساعه 11 بالليل بيكون جوز ماما خرج راح شغله بعد ما فلس اشتغل غفير في شركة

حازم بأسي / وفين باقي اهلك اعمامك و اخوالك

حسناء بخيبة أمل : اخوالي بخلاء بشكل فظيع غير ان عندهم اولاد شباب و جربت اكتر من مره الجأ ليهم اتهربوا مني وقالولي عيشي و انتي مش حالة نادرة و في بنات غيري كتير عايشين في ظروف زي ظروفي , انما اعمامي مليش غير عمين عايشين خارج مصر و لما لقوا ماما اتجوزت طبعا اخدوا موقف ضدها و واحد مات و التاني معرفش حاجه عنه بقالي سنين , هو كان بيسأل عليا دايما و كان عاوز ياخدني بس ماما خافت اني استغني عنها و اروح عنده و انساها خاصة انها ملهاش اولاد غيري فبقيت تحاول تبعده عني و لما يتصل متعرفنيش لحد ما اخباره انقطعت عني

حازم / طيب ملكيش اي اصحاب كنتي تلجأي ليهم

انا اتربيت عند جدتي في الهرم و لما اتنقلت عند ماما في الدقي بدأت اشتغل فمكنتش فاضية اكون صداقات , مفرومة بين شغل و مذاكرة

حازم بشفقة / حياتك كانت صعبه قوي الله يكون في عونك

حسناء / حياتي كانت صعبة بس انا خليتها اصعب و اصعب , كل واحد بيقابله مصاعب في حياته و لازم كل انسان يبتلي بإبتلاء بس الانسان بتفكيره و عقله ممكن يحاول يتأقلم مع حياته و ممكن بغبائه يخلي حياته مستحيلة و يخسر كل الحاجات الحلوة , انا متقبلتش وجود جوز ماما فخسرت بيتي و امي و حياتي كلها و تعبت و اشتغلت من و انا في الثانوي والجامعه و خسرت الوقت اللي فيه الضحك و الرفاهية الحقيقية مع اني لو كنت جيت علي نفسي شوية وتقبلته كنت عيشت حياه طبيعيه , كل واحد بإيده يحول حياته لجنه بإنه يتحمل شويه او يحولها لنار بإنه يضيق تفكيره علي قد نفسه




الرابع والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close