اخر الروايات

رواية بنكهة عشق الفصل الثاني 2 بقلم عائشة حسين

رواية بنكهة عشق الفصل الثاني 2 بقلم عائشة حسين


الفصل الثاني
إن جهلت كل لغات الحب أبجدية قلبي تعرفك
_______
اجتمعوا حول السفرة لتناول طعام الغداء ذلك التجمع الوحيد لهم خلال اليوم والذي لا يقبل نعمان أن يتخلى عنه أحد، نظر لشتى الأنواع على السفرة برضا فما كان ليرضى بأقل من ذ لك..
جاءت مروة تعلن بمشاكستها حضورها :أنا جيت،.. انحنت تطبع قبلة على خد والدها قائلة :أنا أقدر أفوت الغداء.
من بعيد جائتها سخرية أخيها تهرول قبل أن يصل المائدة:صباح الحوارات
زجرته بنظرة غاضبة، لكنها لم تستطع أن تعلن تأففها من حضوره و سماجته :أنت جيت يا اهلا.
مط شفتيه قائلًا بتهذيب كاذب :شكرًا..
قاطعهما والدهما :بس بقا خناق أنتوا على الأكل.. هتفت العمة لأخيها:كل يا حاج بالهنا والشفا
رفع الأب حاجبه غير مستسيغًا الأمر الذي يعرف كنهه قبل أن يحسم الأمر :فين براء.؟
ابتسم مروان بإستمتاع وهو ينظر لأخته التي تغضنت ملامحها بالضيق وعمته التي كتمت غيظها بإعجوبه، أكد بإهتمام يماثل والده :فينها صحيح دا الأكل ميحلاش غير بوجودها.
أكدت العمة وهي تماثلهم جلوسًا :بتقول ملهاش نفس...
حضورها تحمل طبقها جعل الجميع يصمت حذرًا، أكتفى الأب بنظرة رعد لها جسد العمة خوفًا بينما هلل مروان :روروووو
ابتسمت له براء بخجل قائلة :ازيك يا مروان.
أشار لها أن تجلس بجانبه فرفضت بأدب، وأندفعت تُقبل كف عمها هامسة :ازيك يا حبيبي.
أشار عمها لمروة :وسعي للغالية..
شعرت مروة بالغضب يفور في أعماقها، لكنها بخبث قالت في مهادنة لاتعكس كم الحقد الذي تحمله لبراء :ياسلام عيوني.
فهمها مروان فغمز لها، أما براء فجلست بجانب عمها تدلله كما تفعل وهو كان أكثر من قانع بعطاياها.
هتف مروان بجرأة تكرهها براء وتحاول تجنبها قدر الإمكان :مفيش دلع لمروان الغايب.
صمتت بخجل، مما جعل والده ينهره :احترم نفسك.
أطاع مروان بأهداب ترفرف بأدب مزيف ناحية براء :حاضر
بينما همست مروة داخلها بغيرةشديدة :سمج إنت وهي.
أما العمة فاحتفظت بالصمت والمراقبة كنسر يتحين الفرص.
بعد الغداء هتف نعمان وهو يجفف كفيه بالمنشفة :براء اعمليلي كباية شاي حلوة من أيدك وتعالي ورايا.
أومأت براء بإبتسامة، غادرت تصنع له كوب الشاي وعندما انتهت ذهبت به إليه، رأها قادمة فرفع عينيه عن الأوراق قائلًا :اقفلي الباب وراكي كويس.
أغلقت خلفها واتجهت تضع كوب الشاي، جلست أمام مكتبة تنتظر ما يقوله :حسابات كتير قوي محتاجك تساعديني فيها.
همست بطاعة وهي تقف لتقترب منه :تأمرني ياعمي. نهض ليدعها تجلس مكانه، ربت على خصلاتها متسائلًا بود حقيقي :محتاجه حاجه يا حبيبة عمك ناقصك فلوس هدوم.. دهب..؟
ضحكت بإستمتاع وهي تستند بذقنها علي كفها المضموم :دهب مره واحد.؟
أشار عمها بفخر لا يخلو من مودته الشديدة لها:شاوري بس وشوفي عمك هيعمل ايه.
تناولت ظاهر كفه تقبلها قائلة بإمتنان:ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك.
انحنى يطبع قبلة فوق رأسها قائلا :ولا يحرمني منك...ثم حسها قائلا :يلا خلصي بقا.
قالت بإهتمام :حاضر ياعمي.
وقفت العمة خلف الباب تسترق السمع، تريد أن تعرف سر خلوتهما كل مدة، أخيها لا يفصح وابنة أخيه تحتفظ بسر الأمر بجدية واهتمام ولا تبوح بأي كلمة.
لتجد شهاب كلمات مروان المستهزئة لها رصدًا :أممم شكلك حلو ياعمتو.
عنفته مروة التي أتت على الفور :أخرس بقا.
جلسوا، تقول عمته بحيرة شديدة وغيظ مختنق بالصمت :نفسي أعرف ايه مابينهم.. ثم تابعت بشهقة فزع وضربة على صدرها :خايفة يكتبلها كل حاجه الراجل كبر ويعملها ويسيبنا كده.
ضحك مروان بإستمتاع قائلًا وهو ينخف دخان سيجاره :ياريت واتجوزها أنا وأخد كل حاجه براء والفلوس وأعيش ملك.
صرخت مروة بعمتها :قوليله يبطل سماجه.
تعالت ضحكات مروان المستمتعة، بينما نهضت العمة مستغيثة :منكم لله، الواد مخه طق والبنت ولا فاهمة حاجه مش فالحة فحاجه،ظل مروان يلعب بمفاتيحه مستفزًا أخته التي اندفعت لحجرتها مختنقة بحقدها
____________________
نهض من رقدته، يمسح وجهه بكفه مبعدًا عن عينيه آثار النوم.. نظر لشاشة هاتفه لينهض بعدها ويغادر حجرته متجهًا للمطبخ.. تفاجئ به جالسًا حول طاولة صغيرة يمسك بكتاب وأمامه كوب القهوة.
ضرب عاصم وجهه ثم صرخ به معنفًا
:سلامٌ قولا من رب رحيم، دول بيطلعوا أمتي دول.
رفع نظراته يهتف ببرود ومازال ثابتًا :لما أمك تطفش.
زفر عاصم بضيق من كلماته قبل أن يجلس أمامه متسائلًا:جيت من بدري.؟
قلّب صفحات الكتاب الموضوع أمامه ثم قال أن يلتفت لعاصم المنتبه له :اه ولقيتك نايم فسيبتك.
وضع الآخر الكتاب مغلقًا له، سحب سيجارًا وبدأ في اشعاله قائلًا وهو ينظر للمطبخ بتحقير :هي أمك مش طابخه ولا إيه.؟
فرك عاصم وجهه يسترد جزءًا من وعيه وطاقته ليحاور الأخر الذي يعرفه تمامًا سيبدأ الهجوم، وسلاطة اللسان :راحت عند خالي انهردا.
اسند عاصم جانب وجهه على كفه ناظرًا لأخيه الذي هتف وهي يلقى بعقب سيجاره أرضًا فلا مبالاة :مروحتش تتغدى مع أمك يعني.؟ .
اجابه و كفه تسحب سيجارًا من علبة الآخر الذي ما إن رآه حتى ضحك بقوة حتى سعل
:مروان قاعد.
إجابه مختصرة فهمها أخيه وتجاهل.
، تركه عاصم يفرغ شحنة الغضب والحزن بداخله وإن كان سيكون هو فريسته تلك الليلة، هتف من بين ضحكاته :إنت كبرت وبقيت تدخن، وماما سمحتلك.؟
رمى عاصم السيجار ودهسه قائلًا بضيق:يخربيت تقل دمك ياشيخ.
انفتح الباب فنهض عاصم من جلسته يقول بتأفف :هقوم أغير وننزل قبل الحرب العالمية التانية ما تبدأ.
ابتسم جلال بإستمتاع، والتلذذ يقفز من نظراته وهو يميل ليستقبل الأتية التي ما إن لمحته حتى بصقت اسمه بنبرة صارخة :جلال.
هز لها جلال رأسه وهو يهديها أروع ابتساماته الجميلة التي تعشقها منه :ازيك يا مرات أبويا.
ضربت على فخذيها صارخة بإستغاثة :هي ليلة باينه من أولها يالهوي.
ولولتها أثارت ضحكاته، نهض تاركًا المطبخ ليقف أمامها وهي جالسه بالصالة، يهتف ببرود وهو يدس كفيه بجيب بنطاله يميل غائظًا لها :وحشتيني وحشتيني.
أشاحت برأسها تمصمص قبل أن يطلق لسانها سهامه الصائبة :داهية تاخدك إنت والي جابتك.
ابتسم ليستفزها أكثر قائلًا وهو يخرج من جيبه سيجارًا آخر ويشعله أمام عينيها :ماهي خدتها الداهية يامرات أبويا وإلا مكانش أبويا الله يرحمه جبلنا داهية تانيه .
اختتتمها بهزة رأس وتقليب لنظراته كما اليأس، فانتفضت من جلستها تسأله بغضب مستعر وشرر متطاير من نظراتها يكاد يحرقه :قصدك إيه يا موكوس يا خايب.
انفلتت ضحكاته فجاء عاصم راكضًا يحمل قميصه على كتفه، يهدئ من روعها هتفت تخبره :سمعت أخوك بيقولي إيه.؟
سحبه عاصم من ذراعه لكنه رفض أن يخرج قبل أن يقول هو يلوح مودعًا :تصبحي على خير يا مرات أبويا.
سحبه عاصم للخارج وأغلق خلفهما، لأمه عاصم وهو يقف ليرتدي قميصه :بطل تستفزها علشان تحبك.
لاح الحزن بنظرات جلال قبل يهمس بوجع قل ما يظهره لأحد:عمرها ما هتحبني ولا أنا هحبها.
عاتبه عاصم بلين :خد بالك دي أمي.
بحدة طفيفة هتف جلال :خد بالك إنت أخويا وبره كل الحسابات.
تفهم عاصم ما يقول جلال فهو يعرف أن العداء الشديد بينهما سيظل قائمًا مهما حاول هو وأن حبل الكره الموصول بينهما لن ينقطع لكن لا يفعل سوى أن يتفاداه ويبقي على علاقته مع أخيه ويصرّ على وجود جلال فحياته حتى وإن رفضت أمه، وللحق جلال يقتحم حياته دون إذن منه يرفض تماما أن يغيب عن حياته وأن ينزلق في وحل الكره الخاص بوالدته.
انتفض عاصم على صرخة والدته لينظر لوجه جلال المبتسم بإنتصار يسأله وهو يقيد ياقتي قميصه :هببت ايه.؟
ابعد جلال كفي عاصم عن قميصه قائلا بهدوء قاتل :قولت ميصحش ادخل بإيدي فاضيه جبتلها حاجه شبهها.
نظر عاصم إليه بحيرة، لكن سرعان ما أجاب جلال بإستمتاع قاطعًا حيرته:جبتلها حرباية.
أكد بهزة رأس مستفزة جعلت عاصم يتركه مغتاظًا ويركض ناحية باب شقتهم، حاول جلال إيقافه وهو يقول من بين ضحكاته :يابني دي بلاستيك أجيب حقيقية ليه وأمك موجوده.
صرخ به عاصم غاضبًا:غور يالاااا من وشي.
تابع جلال هبوطه الدرج وهو يدندن سعيدًا بما حققه.
فجأة انقطع التيار الكهربائي فسب هامسًا وهو يسارع بإخراج هاتفه :وشك الفقر يا أنوار
اصطدم بها تدخل البناية لاهثة فسقط هاتفه من كفه أرضًا بينما تشبثت به هي،كطوق نجاة سألت بإرتجاف :عاصم.
كادت تسقط لولا أن مد ذراعه وضمها إليه من خصرها، تسارعت نبضات قلبه كما أنفاسها، هربت الكلمات وتركته أسير القرب والصمت، لحظات يستوعب ما يحدث ومشاعره التي تبعثرت، أفاق على تملصها ما إن خافت ولم يجب تساؤلها، كادت تصرخ كمم فمها، تسارعت أنفاسه ولم يقدر، هزت رأسها تتملص من كفه فأبعدها عنه وقد أُستهلك لكن قبل أن يتركها ويرحل كانت كفه خلف رأسها تتفقد شئ لم تعرفه لكنه بدأ وكأنه يبحث عن شئ، ما إن وجده حتى همس بسعادة لم تستطع نبرته المبحوحة تخبأتها :
تمام.
اختفى مع احتفال الشارع بحضور التيار الكهربائي، تركها ترتعش، نظراتها تدور باحثة عنه فلم تجده رحل تاركًا عبق أنفاسه وعطره يلتصق بها،نست ما جاءت لأجله وغادرت للمنزل مسرعة الخطى.
****'*****************
عادت إليها روحها المفقودة في تيه الغربة، تنفست مع هواء بلدها الإطمئنان والراحة، هدأت نفسها قليلًا ، جابت ما حولها بنظرة غامضة تفكر كل مايحدث حولها يدفعها للصمت والخوف
كانت تنظر للترحاب الشديد بقلق، حدثها يشتعل بالترقب، زوجه أخيها تكاد تحملها على رأسها هي وابنتها، وهذه أختها تصرّ بشدة أن تذهب معها لمنزلها وتقيم عندها، العالم يدور من حولها وهي ساكنة لا تستطيع حتى الدوران معهم، بؤرة القادم المجهول تبتلعها، هل سيبقى كل ذلك إن علموا بعودتها النهائية.؟ تركها للعمل، ورغبتها في الإستقرار هنا. ابتلعت ريقها وأغمضت عينيها، التفكير ينهشها وهي التي كانت تظن أنها سترتاح، لكن كيف وهي حافظة نقود، ومتجر هدايا، الساحر الذي يحقق لهم أمانيهم وهذا ما أدركته متأخرًا جدًا
أجفلها سؤال زوجة أخيها
:إجازتك طويلة ولا قصيرة يا حنان.؟
عقدت حاجبيها تتسائل داخلها بماذا ترد.؟
بماذا تجيب عليهم والجميع يسلط نظراته عليها في إهتمام وكأن ما ستنطقه يتوقف عليه الكثير.
لم تدري بنفسها إلا وهي تمرر إليهم ما يريحهم ويحجبها عنهم لوقت كاف تفكر فيه
:لسه مقررتش.؟
تنفس الجميع الصعداء بينما نهضت هي من بينهم مستأذنة :تعبانه جدًا.. عايزه أرتاح بعد إذنكم.
هتفت زوجة أخيها بترحاب :أكيد يا حبيبتي البيت بيتك، طبعاعارفه أوضتك.
هزت رأسها واندفعت تسحب فتاتها من وسط الأطفال ولم تنس أن تجر حقائبها تحت نظرات الجميع الخائبة وأمانيهم التي تحطمت في لحظة.
تريد الإختباء والإختلاء بنفسها قليلًا عن الجميع تحتضن صغيرتها وتغادر إلى لا وعي، تاركة شكوكها ومخاوفها على أرصفة الواقع تنتظر.
بالخارج كانت أختها توصي زوجة أخيها وهي تغادر أيضًا قائلة؛ :أوعوا تفتحوا الشنط من غيري يا هبة.؟
هزت هبة رأسها مؤكدة :لا هستناكي.
تبادلوا القبلات وغادرت تاركة هبة تغلق الباب وتستدير لزوجها تبثه شكوكها:مش مرتاحه لأختك.
اعتدل يحثها، ليصرفها عن التفكير الزائد :بقولك ايه قومي سخنيلنا الأكل وبعدين نشوف.
نهضت من جلستها مستعدة طائعة :حاضر.. بس مش هتستنى أختك.؟
لوح بيده في لا مبالاة وهو ينهض :لا سيبيها براحتها أنا جعان هستناها ليه.؟ يلا يلا أنا رايح اغير هدومي
هزت رأسها بإستحسان قائلة :حاضر دقايق ويكون الأكل عالسفرة.
___________
أثناء سيرها وعودتها للمنزل، رنى لمسامعها صوت منفر ملأ ملامحها تقزز
: ازيك يا دكتورة.. وشك ولا القمر.
توقفت عن السير تزفر أنفاسها بحنق من مطاردات ذلك المعتوه لها وتعمده مضايقتها، هتفت من بين أسنانها بصبر : نعم عايز إيه..؟
أقترب منها، دار حولها قائلًا : بنمسي بس يا دكتورة.
: طيب شكرًا..
قالتها واندفعت بسرعة مبتعدة عنه، لكنه أبى أن يتركها، وقف أمامها قائلًا بإبتسامته السمجة والتي تمقتها : استني عايزك في موضوع بس..
من بعيد لمحها يوسف واقفه معه يبدو على ملامحها الضيق والغضب، تعكر مزاجه ممايراه.. فاندفع مسرعًا حتى إعترض وقوفهما، نظر لكليهما متسائلًا : في حاجه يا جميلة.؟
ارتخت ملامحها براحة ورضا حينما رأته، هتفت تطمئنه : مفيش حاجه يا حضرة الضابط الاستاذ عماد : مكانش عارف طريق بيتهم منين وبيسألني.
نطقتها بتهكم صريح وابتسامة سخرية تزين ثغرها،.. ضرب يوسف على كتف عماد متسائلًا : عرفته ولا أدلك أنا يا عماد.؟
نظر عماد لكليهما بغيظ غير منطوق، نظرات مشتعلة تكاد تحرقهما ومن بعدها غادر وتركهما…
شيعته جميلة ببعض الكلمات الساخرة : خلي بالك يا أستاذ عماد لا تقع في الحفرة الي جايه.
كتم يوسف ضحكاته بصعوبة، التفت يسألها بإهتمام : ضايقك ولا عملك حاجه..؟
أشرأبت بعنقها في تفاخر ثم قالت : ميقدرش اصلا… كنت فتحتله دماغه زي علبة الصلصة.
ابتسم يوسف معجبًا سعيدًا بمحاورة تلك المجنونة الشقية، أشار لها : اوصلك للبيت..؟
رفعت حاجبها تقول بإستهزاء : ليه فاكرني عماد…متخفش عليا يا حضرة الضابط أنا بعشر رجالة
ضحك يوسف على مزحتها واشار لها مرة أخرى : امشي يلا الليل بدأ ييجي…
غادرت امامه وتبعها هو في طريقه
****'****
بعد صلاة العشاء، نهضمت جميلة من جلستها أثر طرقات على باب المنزل، فتحت الباب تستقبل الآتي والذي لم يكن إلا يوسف، رغم بريقع عينيها السعيد برؤيته امام منزلها إلا إنها خبأت فرحتها واستقبلته بجفاء : اهلا وسهلا يا مرحب
هتف ضاحكًا، يشاكسها : إنتِ تاني..؟
فتحت الباب على مصرعيه قائلة ببرود : المرة دي إنت الي عندنا..
ابتسم بود واستأذنها بتأدب خفق له قلبها : ممكن ياآنسة جميلة تنادي أم عامر اسلّم عليها.
أجابته بإهتمام ونظراتها تتنقل بين امها الساجدة على سجادتها ويوسف الواقف أمامها منتظرًا : دقيقة اهي هتخلص صلاة.
أومأ متفهمًا وانتظر قدومها، حتى نهضت السيدة مسرعة تسبق اللهفة خطواتها ومن إن رأته حتى بشت وهللت : حضرة الضابط منورنا يا مرحب يا مرحب.
أقترب يوسف ببشاشة يطبع قبلة على مقدمة رأسها قائلًا : ازيك ياعمة وحشاني.
سحبته من يده للداخل بينما تركت جميلة الباب مفتوحًا، اجلسته بعد أن رتبت مكان جلسته قائلة : اتوحشتك ياغالي.. غيبتك طولت المرة دي..
نظر للواقفة بجمود تتابع حوارهما بإهتمام، ولسانه يقول : ظروف البلد متلخبطة ادعيلنا ربنا ينصرنا..
رفعت السيدة كفيها متضرعة : ربنا ينصركم يا ولدي ويحميكم ويكفيكم شر ولاد الحرام.
نظرت لجميلة الساكنة بمغزى : يلاا يا جميلة ضايفي حضرة الضابط.
ما إن ابتعدت عنهما حتى هتف يوسف ونظراته تشيّع رحيلها بإهتمام : دي جميلة.؟
ضحكت السيدة قائلة : كبرت ماشاء الله… تابعت السيدة بتفاخر :_أولى طب .
تمتم يوسف بإبتسامة : ماشاء الله.. الواحد كأنه مش عايش في البلد ولا حاسس.
ربتت السيدة على كتفة : الله يعينك يا ولدي بتغيب كتير وترجع إجازات صغيرة، الجيش واخدك منينا.
تركت البراد يستريح على الموقد واقتربت من الباب تتابع الحوار بلهفة..
هتفت السيدة بحماس وهي تنظر ليوسف بمودة : مش ناوي تفرحنا بيك وبعيالك يا ولدي.
ابتسم لها قائلًا بقلة حماس : إنتِ عارفة يا عمة الي زينا حياتهم مش ملكهم علشان يدوها لحد، أرواحنا على كفنا..
صمت قليلًا مفكرًا ثم تابع برضا : أجازة هتلاقيني وأجازة هيقلولك البقية فحياتك.
تغضنت ملامح السيدة بحزن قبل أن تقول : بعيد الشر عنك يا ولدي.
تابع يوسف ضاحكًا : يعني اتجوز علشان أرملها ويتم ولادها.
شهقت المرأة بجزع ونهته عن المواصلة : متقولش كده يا ولدي ربنا يحفظك.
انقبض قلب الواقفة بفزع ورعب من كلماته التي رغم ما بها من وجع إلا إنه كان مبتسمًا راضيًا يتحدث عن موته بلا مبالاة وكأنه ينتظره.. أدمعت عيناها حزنًا وضيقًا وكلما ذكر كلمة عن رحيله القريب عن عالمهم ضاق صدرها وأنطفأت بهجة روحها، اقتربت منطفئة الحماس تصب الشاي داخل الاكواب، ثم حملت الصينية وغادرت لتضعها أمامه.
امسك يوسف بواحدة ممازحًا : طلعتي بنت أم عامر..
سرعان ما استعادت روحها المتمردة واجابته بشموخ أحاطه الاستهزاء : شوفت بقا سبحان الله.
ابتسم يوسف بحنو وهو يرتشف من كوب شاييه، الذي ما إن تذوقه حتى هتف : تسلم يدك يا دكتورة مظبوط.
انتهى من شايه وقال مازحًا وهو يعلن مغادرته عقب نهوضه : مسبتش حاجه اهو علشان تتجوزي.
ضحكت أم عامر على مزحته وتزمتت الواقفة وإعتراضًا واضح على كلماته.
من إن غادر واغلقت خلفه حتى تسللت لحجرتها من جديد، على مكتبها كانت تخط بعض الكلمات فوق اوراقها الملونة ومن ثم تطويها وتُلقي بيها داخل العلبة الزجاجية.
سرها الصغير الذي أخفته عن العالم،
............
ظلت بحجرتها غافية فوق غمامتها الوردية حتى أفاقت على طرقات خافتة على باب حجرتها، تركت اللاب توب الخاص بها جانبًا ونهضت تفتح الباب الذي تؤكد دائما أن يكون موصدًا عليها، تنهدت بضيق لم تستطع إظهاره وهي ترى مروان يستند بجزعه على إطار الباب، عدلت من وضع عويناتها قائلة بإرتباك من تفحصة الجرئ لها :في حاجه يا مروان.؟
أجابها بإبتسامة ونظرات جريئة صوبت ناحيتها دون خجل أو مداراة :ما تيجي تسهري معانا بدل ما إنتِ حابسه نفسك كده.
أعتذرت بلطف قائلة :لا معلش مشغولة.
برفق حاولت إغلاق الباب لكنه أعاد فتحه بسطوة ونظرات وقحة، شعرت منها أن ليلتها لن تمر بسلام :مشغولة فأية لسه الدراسة.؟
انتفض جسدها خوفًا، تشبثت بالباب في قوة، وثباتها يعلن عدم صموده كثيرًا:معلش هنام تعبانه.
ابتسم كصياد لعين ترك صيده بنشوة :تمام تصبحي على خير.
ثم أكد بنفس الابتسامة والنبرة التي دبت الرعب في قلبها :ابقى اقفلي الباب كويس عليكي.
نظرته المودعة حملت استهزاءًا ومتعة بينما اغلقت هي الباب بسرعة واستندت تلتقط أنفاسها المتسارعة كناجيه من حرب لم يقتلها العدو بل حاصرها بين دروبه.
هدأت قليلًا وعادت لجهازها بحال غير الذي كان، يعتلي ثغرها ابتسامة.
قابلته أخته تمرر سخريتها وتشفيها:زحلقتك صح.؟
أجابها بلا مبالاة :عادي.. مسير الفأر يدخل المصيدة.
سألته بعدم تصديق واستهزاء صريح:نفسي افهم عاجبك فيها ايه..؟
ضحك قائلا :كلها على بعضها.
تعجبت :أمال لو حلوة.
رسم جسدها بالهواء ونظراته تائهة في المجهول بينما لسانه ينطق بوقاحة :دي عود بطل.
عضت شفتيها بغيظ قائلة :كل الناس بتحبها معرفش على ايه.؟
أجابها وهو يقترب منها يقرصها من خديها مصرحًا وهو يهز رأسه بتأكيد:حبيبتي بطلي حقد شوية وغل وهتبقي حلوة وجمالك يظهر إنما طول ما إنتِ كده تعالي قابليني.
ختم كلماته بضحكة عالية زادت من حقدها وغلها ناحية براء أضعافًا مضاعفة.
تفكر ولا تفعل سوى أنها تفكر كيف تقلب حياة براء لجحيم كيف تأخذ كل الحب لها وحدها.
_________________
انتهى


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close