رواية لمن القرار الفصل الخامس والاربعين 45 بقلم سهام صادق
الجزء الاول
*********
لا تعرف كيف ومتي أصبحت داخل المطبخ، تلتقط أنفاسها بصعوبة تنظر نحو السيدة "سعاد" التي اخذت تُطالعها في دهشة بعدما كررت سؤالها لمرات عن هوية من يقف بالخارج ولما تقف أمامها هكذا بملامح باهتة
- لا أنا شكلي كده هسيب اللي في أيدي، وأخرج اشوف بنفسي
ارتجفت شفتي "بسمه" تُحاول إخبارها بهوية الضيف ولكن ضيق أنفاسها واقتحام تلك الليلة التي حاولت نسيانها عقلها..؛ جعلها تقف أمامها دون قدرة علي الهتاف بشئ
تخطتها السيدة سعاد بضعة خطوات، ولكن سرعان ما وقفت مكانها وهي تري كف بسمة يلتقط ذراعها وتنظر إليها راجية
- بلاش تخرجي ليه يا دادة، عنتر جاي يأذيني من تاني والمرادي مش هيسيبني.. ، الحلم هيتحقق.. الحلم كان وحش بلاش يا داده
هتفت عبارتها بأنفاس متقطعة لاهثة غير مرتبة..، ولكن السيدة سعاد فور أن التقطت اسم هذا الرجل علمت هويته..
- عنتر مين، عنتر اللي حاول يعتدي عليكي يا بسمة
حركت رأسها وانسابت دموعها بعدما اطبقت فوق جفنيها بقوة، تُحاول طرد ذكرى هذه الليله وذلك الحلم البشع الذي يُلازمها في أحلامها كلما انتابها شعور الخوف
شعرت السيدة سعاد بالشفقة عليها، تسأل نفسها كيف صدقت حديث تلك التي تُدعي سميرة عندما أتت إلى هنا؛ حتى فقد شككتها في أخلاقها
- لا إحنا نكلم جسار بيه الأول، ونعرف منه إزاي نتصرف
اماءت لها برأسها، وقد عاد شعور الأمان إليها بعدما استمعت لاسمه.. ،زاد شعور الشفقة داخل السيدة سعاد.. ،ف بسمة تضع امال كبيره نحو السيد والسيد لا يراها إلا حالة يشفق عليها إكراماً لطليقته.
..........
غادرت الشركة مثل باقية الموظفين في الوقت المخصص، تتذكر ما فعلته في الصباح وركضها نحو سيارة الأجرة حتى تتخلص من حارسيه وتجاهلها لمكالمته.. ،
لقد اعادها "كاظم" للحظات المغامرة التي افتقدتها منذ سنوات بعدما بدأت تنضج وتتخذ صورة المرأة العاقلة التي يشهد نحوها الجميع بتعقلها في اتخاذ القرارات، ولكن لو رأها اليوم كل من شهد بحنكتها وتعقلها لطالعها في ذهول بعد زيجتها من رجل دفعت نفسها نحوه وارغمته علي زواجها..
تلاشي الحماس من عينيها وهي تتذكر ما فعلته بنفسها, تتسأل داخلها
أين كان عقلها، هل أفتنانها بها ما جعلها تطرق أبوابه، ام إنه بسبب توقها لمشاعر لم تختبرها يوما، أم أنها كلما تقدمت سناً طالبها جسدها بما يحتاجه، وسرعان ما كانت تغمض عينيها من خزيها لا تُصدق إنها سعت للزواج من أجل اسباب لا تفسر إلا شيئاً واحداً إنها امرأة ضعيفة..، وضعت حالها في مكانه مُهينة
- فوقتي متأخر يا جنات، وكأنك مكنتيش أنتِ
لم تلاحظ من شدة شرودها، أحمس الذي وقف يهتف اسمها بعدما عبر الطريق بعد أن شعر باليأس من انتباهها عليه
- جنات، لا ده أنتِ في عالم تاني
طالعته في دهشة من أمرها، لا تُصدق أن شرودها وصل بها لهذه الحالة، فابتسمت نحوه بتوتر تسأله
- أنت واقف من بدري
- من بدري، ده أنا مستنيكي بقالي نص ساعه... وكل ده ليه عشان الست صباح مش هتدخلني البيت غير بيكِ..
التمعت عينين جنات، وقد تجاهلت جميع المشاعر السلبية التي أصبحت تشعر بها
- عملتلي الحمام المحشي اللي بحبه
ابتسم أحمس وهو يجاورها في السير، يخبرها عن الأصناف التي صنعتها لها والدته، فصفقت بيدها متحمسه
- كفايه يا أحمس الريحة وصلت خلاص لمناخيري وبطني بدأت تطالبني بأحقيتها
فضحك أحمس بملء شدقتيه، واكملوا سيرهم نحو السيارة الصغيرة المصطفة جوار الطريق وقد كانت لها قبل أن تعطيها لأحمس مؤقتً حتى يوصل الحلوى التي تصنعها والدته لزبائنها
- هقدم علي موتوسيكل بالتقسيط
هتف بها أحمس وهو يقود السيارة، فطالعته بنظرات متسائلة
- أنتِ محتاجاها دلوقتي يا جنات، في الأول اقنعتيني أنك خلاص هتتجوزي واحد يقدر يشتري ليكِ عربية بديله
استمعت لعبارته تتذكر، كيف حاولت اقناع حالها ومن حولها أن زيجتها من كاظم النعماني لها فوائد كثيرة، أسهم ستمتلكها في مشروعه الجديد.. بدلاً عن الأرض التي تشارك فيها والدها قديما مع والد كاظم، وعيشة في منزل ضخم وحياة تحلم بها الكثيرات..
اردف أحمس ساخراً، بعدما وجدها تلتف برأسها وتطالع الطريق
- والباشا بصراحه مقصرش، عيشك عيشة مكنتيش تحلمي بيها
تمالكت دموعها، وانفرجت شفتيها في ضحكة قوية تخفي خلفها بؤسها وحماقتها
- بتحب كاظم اوي يا أحمس
امتقع وجه أحمس من سيرته، يهتف بمقت
- أنا لحد دلوقتي مش عارف عقلك كان فين يا جنات
واستطردت بحديثه، وهو مازال يركز بعينيه نحو الطريق وقد ازداد حنقه من نتائج هذه الزيجة التي اتضح فشلها منذ البداية
- جنات اللي الكل بيثق في رجاحة عقلها، تسعي ورا راجل وتقبل علي نفسها تكون لا شئ.. عشان هدف مش مقنع
- بتجلدني ذاتياً يا أحمس
تمتمت عبارتها بمزاح مصطنع، حتى لا تجعله ينتبه على حزنها ولكن أحمس لم يكن تركيزه معها، وقد اخذ الغضب يحتل قسمات ملامحه وهو يواصل القيادة
- حتي فتون دخلت دايرة مش بتاعتها، وكل ده عشان إيه عشان الحب ولا الفلوس نفسي افهم عقلكم كان فين
انتظرته حتي يفرغ كل ما يعتلي صدره، فاردف مستاءً يبحث عن جوابً يقنعه
- ليه واحده لسا في بدايه عمرها، تتجوز راجل كان متجوز قبلها ومخلف طفله.. ، ليه تعيش مع راجل عايزها تكون زي سيدات المجتمع عشان تليق بمستواه
ارتفع حاجبي جنات في دهشة، وقد علمت سبب حنقه الأن
- بلاش توقع نفسك في طريق مش ليك مع فتون يا أحمس، سليم النجار لو للحظة شك في مشاعرك من ناحيتها.. انسى أن يكون ليك مستقبل في مهنتك.. بسببه أنت حطيت رجلك علي بداية الطريق
توقف أخيراً بالسيارة أمام أحد محلات البقالة و التي تتعامل معهم والدته في صنع اطباق الحلوى المغلفة و الأرز بالحليب، وقد علقت عيناه بعينين جنات التي طالعته بأسي
- فتون بتحب سليم يا أحمس
تفهم حديثها، ولكنه أبي أن يعترف به.. فهتف بمرارة حقيقية
- أو يمكن تكون بتحب الحياة اللي عيشها فيها
- بلاش توهم نفسك يا أحمس، لسا المستقبل قدامك طويل وهتكتشف بعدين إن مشاعرك ناحيتها غلط
تمني ذلك داخله، وغارد من السيارة حتى يتمم مع البائع طلبيته
......
زفر عنتر أنفاسه المعبأة بدخان سيجارته ضجراً من انتظاره الذي طال، فمنذ ثلاث ساعات وهو ينتظر داخل السياره بعدما غادر المنزل بعد أن طردته تلك السيدة الهوجاء وذلك العجوز
- كله يهون عشانك يا جميل، تستهلي إني استحمل شوية
وقضم فوق شفتيه، وقد عاد خياله يُخيل له بعض اللقطات التي يتوق لها بشدة جسده
- بنت الإيه احلوت واتدورت
و فاق من أفكاره أخيراً وقد التقطت عيناه السيارة القادمه نحو بوابة المنزل، فاندفع خارج السيارة ثم القى عقب سيجارته أرضاً ودهسها بقدمه واتجه بخطواته نحو هدفه..، فلن يظل في السيارة كل هذا الوقت ويعود خالي الوفاض
هتف اسمه عالياً وهو يقترب من سيارته التي توقفت أمام البوابه، و تقدم منه يبتسم إليه بسماجة بعدما خرج جسار من سيارته هو الأخر
- عايز إيه يا عنتر، مش في محضر تعهد وقعت عليه ولا تحب نروح القسم سوا
تفاجأ عنتر من حديثه الهجومي قبل أن يهتف بشئ، فتمتم وهو يهندم لياقة سترته
- طيب اعرف نيتي الأول يا جسار باشا ولا هتعمل زي اللي مشغلهم عندك، حقيقي المقابله مكنتش لطيفة خالص وتزعل
امتقعت ملامح جسار وهو يستمع إليه، فاقترب منه بجمود يعيد سؤاله مجدداً
- عايز إيه يا عنتر، وبلاش تزعلني منك.. واعرف إني عامل حساب لوالدك الراجل الطيب لحد دلوقتي
- عايزها يا باشا
تجمدت عينين جسار نحوه ، وسرعان ما كان عنتر يتلاشى ردة فعله متمتماً
- عايز اتجوزها يا باشا ولا الجواز حرام
..........
شعرت بالخجل من تصرفات اشقاءها خاصة علي طاولة الطعام التي أعدها الخدم بالكثير من الأصناف..، سليم رجل منظم يعشق النظام والهدوء ولكن اشقاءها الصغار كانوا أبعد عن صوره الأطفال اللذين اعتاد سليم علي رؤيتهم..
طالعته بنظرات خائفة ولكن وجدته يُطالع والديها مبتسماً، حتى ان والدها الذي عاتبه في البدايه لعدم الوفاء بكلمته ومجيئه لبلدتهم الريفيه وعمل عرس صغير لأبنته أمام الأهل والأقارب حتى يفتخر به ولكن العتاب تلاشي من بضعة كلمات استطاع فيهم سليم إرضاء والدها..
- والله يا بني أنا محروج منك، دول مش عيال دول قرود
ابتسم سليم وهو يرمق الصغار وخجل الفتيات الأكبر سنًا من تصرفات اشقاءهم، فهم يتحملون عبئ مسئوليتهم وعلي ما يبدو أن زوجته قديماً كانت تُعاني الأمر مثلهن.. الأم تنجب والأكبر سنًا يُربي ويُطعم
- ربنا يبارك يا حاج عبدالحميد، حقيقي نورتوا البيت.. لو كنت اعرف أنكم جاين كنت بعت ليكم عربيه بسوق
فضحك الحاج عبدالحميد وهو ينظر لصغاره
- ده احنا عايزين أتوبيس يا بني
ابتسم سليم وهو ينظر نحو حماته التي أنشغلت في تهدأت ذلك الطفل ضعيف الجسد
- هو ماله، في حاجة تعباه
وهنا قد علقت عينين السيدة عبله به، تُخبره عن حالة صغيرها، وعن عملية القلب التي يحتاجها، ففلذة كبدها لديه ثقب بالقلب وقد أتوا العاصمه اليوم من أجل زيارة احد الأطباء في احد المستشفيات الحكومية...
شعرت فتون بالصدمه وهي تستمع للأمر لأول مرة، تنهض من فوق مقعدها متسائله
- أنا أزاي معرفش حاجة زي ديه
طالعتها السيدة "عبلة" ، وقد شعرت بفداحة ما فعلت بعدما رمقها زوجها بنظرة قوية، فالرجل فتح له محل الأعلاف الخاص بالمواشي, بعد أن رفض أن يعيش بعائلته في مزرعته ويعمل بها ويأكل من خيراتها، تكفل بمصاريف تعليم أولاده، وفي توفير منزل آدمي إليهم وفرشه باثاث أصبح اهل القرية يحسدونهم عليه
- ازاي يا حاج عبدالحميد متقولش ليا حاجة زي ديه
اطرق الرجل رأسه في خزي، كحال السيدة عبلة
- كفايه عليك اللي بتعمله معانا يا بني
تحولت جلسة الطعام لعتاب، ولكن كل شئ قد تم حله بمجرد مكالمة وقف يُجريها ويُعطي أوامره لأحدهم حتى يبدء باتخاذ الإجراءات في ذلك المشفى التي يعمل بها صديقه رسلان
تهللت ملامح السيدة عبله، تنظر لابنتها ثم احتضنتها بقوة
- ابن أصول وراجل، متأخرش عننا في حاجة، قولت لابوكي يكلمه لكن اتحرج واه مكسفناش
علقت عينين فتون به وهي تستمع لمدح والدتها عنه، وكيف سوف تفخر به وسط جاراتها حينا عودتها
انقضت الجلسة العائلية في ساعه مبكرة، فاهلها لا يحبون السهر.. وقد وزعت اشقاءها علي الغرف وقد ازداد ذهولهم نحو هذه الحياة التي تعيشها شقيقتهم الكبرى
وها هي تجلس وسط شقيقاتها اللاتي يصغرونها بالعمر ، حالمين بحياة كهذه
- جوزك حلو اوي يا فتون
والأخرى تهتف ممتعضة، وهي تنظر نحو دبلة خطبتها
- ياريتني ما كنت قبلت بخطوبة الواد سيد، وكنت جيت عيشت معاكِ هنا، ويا سلام لو لقيت واحد حلو وغني من معارف جوزك
واصغرهم سنًا تهتف بتعقل
- انتوا تافهين كده ليه، اهم حاجة الحب والسعادة مش الفلوس
دلفت والدتهم الغرفة فجأة ، بعدما اهتمت بنوم أصغر صغارها، تنظر إليهم وهي لا تُصدق أن ابنتها الكبرى تجلس هكذا منذ ساعات دون أن تذهب لرؤية زوجها
- أنتِ لسا قاعده وسطيهم، وبتسمعي كلامهم الفارغ
تذمروا من حديث والدتهم، فرمقتهم السيدة عبلة بمقت
- مش عجبكوا كلامي، قومي يا بنت بطني روحي شوفي جوزك وسيبك منهم
- سليم عارف إني هبات معاهم النهاردة
لطمت السيدة عبلة صدرها مع شهقة خرجت من بين شفتيها غير مصدقة ما تسمعه
- تنامي بعيد عن جوزك..، إيه الخيبه اللي بقيتي فيها ديه.. قومي تعالي عايزاكي في كلمتين
واقتربت منها تنتشلها من مكانها، وقد هتفت إحدى شقيقاتها معترضه
- ما هي طول الوقت معاه، إحنا مش بنشوفها خالص
ولكن من نظرة واحده رمقتهم بها السيده عبله، ابتلعوا حديثهم وانشغلوا في العراك مع بعضهن
اقتربت فتون من والدتها، تعترض ثانية علي نهوضها من بينهم
- بلاش خيابه، الست الناصحه تفضل ديما جانب جوزها.. ، مش كفايه لحد دلوقتي بطنك ما شليتش منه حتت عيل..
واستطردت في حديثها، تُخبرها عن سبب إنجابها الكثير بمعتقداتها القديمة التي عفا عنها الزمن
- الراجل لازم يتربط بالعيال، وأنت يا بنت بطني مش متجوزه أي راجل..
- عشان كده جبتينا تمانية، وظلمتينا
امتعضت ملامح السيدة عبله وهي تستمع لعبارتها
- اومال اربط ابوكم إزاي، وهو شايف نفسه عليا..بسبب حلاوته.. ،ده انتِ متعرفيش انا عملت إيه عشان اتجوزه
ارتفع حاجبي فتون في ذهول، فلأول مرة تخبرها والدتها عن هذا الأمر , ولكن قبل أن تسألها ماذا فعلت حتى تحصل على والدها..،
كانت السيدة عبلة تدفعها لخارج الغرفة
- روحي لجوزك وبلاش خيبة، مش هتفرحي لما تطلقي مرة تانية
طعنتها عبارة والدتها، ولكنها تجاوزتها كما تجاوزت الكثير من قبل..
دلفت للغرفة بملامح متجهمة، وقد أخذ يُنهي مكالمته مع صغيرته التي باتت الليله برفقة والدتها خارجاً
طالعها في دهشة.. فقد قررت أن تغفو الليلة جوار شقيقاتها
- مش قولتي هتنامي مع اخواتك
سألها وقد اقترب منها، ينظر داخل عينيها بعدما لم يسمع جوابها
- مالك يا فتون؟
حاولت نفض بعض المشاعر السلبيه عنها، وعادت لدروسها التثقيفيه تبتسم إليه
- سليم أنا بحبك اوي
التمعت عيناه وهو يسمع عبارة حبها، ثم ضافت هذه المرة بمرح
- مش عارفه هحبك اكتر من كده ازاي، قلبي ممكن ينفجر فجأة
وهنا لم يتحمل المزيد من حديثها، فجذبها إليه في عناق يبث فيه مشاعره وقد تناسي شعور الحنق خاصة بعد حديثهم داخل السيارة.
.............
فتحت جنات باب المنزل الخاص بها في البناية القديمة التي كانت تقطن بها قبل زواجها منه..، وقد ظنتها السيدة صباح مجدداً..،
فمنذ دقائق قد أتت إليها بطبق طعام .. حتى إذا جاعت ليلاً تُخرجه من البراد وتسخنه ولكن تلك المرة لم تكن السيدة صباح بل كان هو، اخر من توقعت أن يهتم لامرها... ؛ فقد ظنت سيكون خير من سعيد لبداية ابتعادها عنه بعدما الصقت حالها به واجبرته علي زواجها
- كاظم!
رمقها كاظم بنظرات قوية، يتأمل هيئتها، ثم دفعها للداخل ماقتاً تلاعبها معه
- الأستاذة حظرت رقمي مش كده
طالعته في توتر قليلاً، و اجبرت حالها علي الثبات ثم رفعت عيناها إليه تُحادثه في قوة
- ولا كلمه عايز اسمعها، تدخلي تغيري هدومك من سكات وحسابنا في بيتنا يا جنات هانم
ضاقت عيناها وهي تسمعه ورغماً عنها كانت تضحك بقوة
- بيتنا، قصدك بيتك لوحدك يا كاظم باشا... وانا اه بطلع من حياتك..، ولو سامحت ميصحش وجودك هنا.. ناس كتير متعرفش إنك جوزي
ضاقت عينين كاظم وهو يرمقها ، يعقد ساعديه أمام صدره متسائلاً
- وده دور جديد بتلعبي معايا يا جنات
تجهمت ملامحها وهي تسمع عبارته، ودون شعور منها كانت تدفعه بقبضتيها
- أنا ازاي كنت غبيه ومش شايفه اد إيه انت راجل سئ ومعقد ومعندكش مشاعر، انت فعلا صورة ابشع من جودة النعماني
احتقنت ملامحه وهي يستمع لتلك الحقيقة التي يعلمها، هو بالفعل ابشع من والده، هو لا يرحم لا يسمح لاحداً ان يقف أمامه و يُناطحه
فكيف يصبر علي تحملها..، هل بعد كل ما فعله بها لم يكسرها، التقط قبضتيها في قبضه واحده ينظر إليها بقوة
- اللعبه أنتِ اللي بدأتيها، وأنا اللي هنهيها يا جنات
- مريض
- بلاش تشوفي الصوره البشعه مني يا جنات
- هو في ابشع من كده
تراجع للخلف، ينظر إليها، يُطالع ذبول ملامحها, يُعطيها خياراً أخر
- وممكن تشوفي وش أفضل من كده
تعلقت عيناها به، تنظر إليه منتظرة أن تسمع المزيد من حديثه .. فالتمعت عيناه واقترب منها
- خروجك من حياتي متوقف علي حاجة واحده يا جنات
وانتظرت سماع هذا الشئ الذي سيكون مقابل حريتها، لتتجمد ملامحها في ذهول غير مصدقة ما تسمعه منه
يتبع بإذن الله (قراءة متتعة)
*********
لا تعرف كيف ومتي أصبحت داخل المطبخ، تلتقط أنفاسها بصعوبة تنظر نحو السيدة "سعاد" التي اخذت تُطالعها في دهشة بعدما كررت سؤالها لمرات عن هوية من يقف بالخارج ولما تقف أمامها هكذا بملامح باهتة
- لا أنا شكلي كده هسيب اللي في أيدي، وأخرج اشوف بنفسي
ارتجفت شفتي "بسمه" تُحاول إخبارها بهوية الضيف ولكن ضيق أنفاسها واقتحام تلك الليلة التي حاولت نسيانها عقلها..؛ جعلها تقف أمامها دون قدرة علي الهتاف بشئ
تخطتها السيدة سعاد بضعة خطوات، ولكن سرعان ما وقفت مكانها وهي تري كف بسمة يلتقط ذراعها وتنظر إليها راجية
- بلاش تخرجي ليه يا دادة، عنتر جاي يأذيني من تاني والمرادي مش هيسيبني.. ، الحلم هيتحقق.. الحلم كان وحش بلاش يا داده
هتفت عبارتها بأنفاس متقطعة لاهثة غير مرتبة..، ولكن السيدة سعاد فور أن التقطت اسم هذا الرجل علمت هويته..
- عنتر مين، عنتر اللي حاول يعتدي عليكي يا بسمة
حركت رأسها وانسابت دموعها بعدما اطبقت فوق جفنيها بقوة، تُحاول طرد ذكرى هذه الليله وذلك الحلم البشع الذي يُلازمها في أحلامها كلما انتابها شعور الخوف
شعرت السيدة سعاد بالشفقة عليها، تسأل نفسها كيف صدقت حديث تلك التي تُدعي سميرة عندما أتت إلى هنا؛ حتى فقد شككتها في أخلاقها
- لا إحنا نكلم جسار بيه الأول، ونعرف منه إزاي نتصرف
اماءت لها برأسها، وقد عاد شعور الأمان إليها بعدما استمعت لاسمه.. ،زاد شعور الشفقة داخل السيدة سعاد.. ،ف بسمة تضع امال كبيره نحو السيد والسيد لا يراها إلا حالة يشفق عليها إكراماً لطليقته.
..........
غادرت الشركة مثل باقية الموظفين في الوقت المخصص، تتذكر ما فعلته في الصباح وركضها نحو سيارة الأجرة حتى تتخلص من حارسيه وتجاهلها لمكالمته.. ،
لقد اعادها "كاظم" للحظات المغامرة التي افتقدتها منذ سنوات بعدما بدأت تنضج وتتخذ صورة المرأة العاقلة التي يشهد نحوها الجميع بتعقلها في اتخاذ القرارات، ولكن لو رأها اليوم كل من شهد بحنكتها وتعقلها لطالعها في ذهول بعد زيجتها من رجل دفعت نفسها نحوه وارغمته علي زواجها..
تلاشي الحماس من عينيها وهي تتذكر ما فعلته بنفسها, تتسأل داخلها
أين كان عقلها، هل أفتنانها بها ما جعلها تطرق أبوابه، ام إنه بسبب توقها لمشاعر لم تختبرها يوما، أم أنها كلما تقدمت سناً طالبها جسدها بما يحتاجه، وسرعان ما كانت تغمض عينيها من خزيها لا تُصدق إنها سعت للزواج من أجل اسباب لا تفسر إلا شيئاً واحداً إنها امرأة ضعيفة..، وضعت حالها في مكانه مُهينة
- فوقتي متأخر يا جنات، وكأنك مكنتيش أنتِ
لم تلاحظ من شدة شرودها، أحمس الذي وقف يهتف اسمها بعدما عبر الطريق بعد أن شعر باليأس من انتباهها عليه
- جنات، لا ده أنتِ في عالم تاني
طالعته في دهشة من أمرها، لا تُصدق أن شرودها وصل بها لهذه الحالة، فابتسمت نحوه بتوتر تسأله
- أنت واقف من بدري
- من بدري، ده أنا مستنيكي بقالي نص ساعه... وكل ده ليه عشان الست صباح مش هتدخلني البيت غير بيكِ..
التمعت عينين جنات، وقد تجاهلت جميع المشاعر السلبية التي أصبحت تشعر بها
- عملتلي الحمام المحشي اللي بحبه
ابتسم أحمس وهو يجاورها في السير، يخبرها عن الأصناف التي صنعتها لها والدته، فصفقت بيدها متحمسه
- كفايه يا أحمس الريحة وصلت خلاص لمناخيري وبطني بدأت تطالبني بأحقيتها
فضحك أحمس بملء شدقتيه، واكملوا سيرهم نحو السيارة الصغيرة المصطفة جوار الطريق وقد كانت لها قبل أن تعطيها لأحمس مؤقتً حتى يوصل الحلوى التي تصنعها والدته لزبائنها
- هقدم علي موتوسيكل بالتقسيط
هتف بها أحمس وهو يقود السيارة، فطالعته بنظرات متسائلة
- أنتِ محتاجاها دلوقتي يا جنات، في الأول اقنعتيني أنك خلاص هتتجوزي واحد يقدر يشتري ليكِ عربية بديله
استمعت لعبارته تتذكر، كيف حاولت اقناع حالها ومن حولها أن زيجتها من كاظم النعماني لها فوائد كثيرة، أسهم ستمتلكها في مشروعه الجديد.. بدلاً عن الأرض التي تشارك فيها والدها قديما مع والد كاظم، وعيشة في منزل ضخم وحياة تحلم بها الكثيرات..
اردف أحمس ساخراً، بعدما وجدها تلتف برأسها وتطالع الطريق
- والباشا بصراحه مقصرش، عيشك عيشة مكنتيش تحلمي بيها
تمالكت دموعها، وانفرجت شفتيها في ضحكة قوية تخفي خلفها بؤسها وحماقتها
- بتحب كاظم اوي يا أحمس
امتقع وجه أحمس من سيرته، يهتف بمقت
- أنا لحد دلوقتي مش عارف عقلك كان فين يا جنات
واستطردت بحديثه، وهو مازال يركز بعينيه نحو الطريق وقد ازداد حنقه من نتائج هذه الزيجة التي اتضح فشلها منذ البداية
- جنات اللي الكل بيثق في رجاحة عقلها، تسعي ورا راجل وتقبل علي نفسها تكون لا شئ.. عشان هدف مش مقنع
- بتجلدني ذاتياً يا أحمس
تمتمت عبارتها بمزاح مصطنع، حتى لا تجعله ينتبه على حزنها ولكن أحمس لم يكن تركيزه معها، وقد اخذ الغضب يحتل قسمات ملامحه وهو يواصل القيادة
- حتي فتون دخلت دايرة مش بتاعتها، وكل ده عشان إيه عشان الحب ولا الفلوس نفسي افهم عقلكم كان فين
انتظرته حتي يفرغ كل ما يعتلي صدره، فاردف مستاءً يبحث عن جوابً يقنعه
- ليه واحده لسا في بدايه عمرها، تتجوز راجل كان متجوز قبلها ومخلف طفله.. ، ليه تعيش مع راجل عايزها تكون زي سيدات المجتمع عشان تليق بمستواه
ارتفع حاجبي جنات في دهشة، وقد علمت سبب حنقه الأن
- بلاش توقع نفسك في طريق مش ليك مع فتون يا أحمس، سليم النجار لو للحظة شك في مشاعرك من ناحيتها.. انسى أن يكون ليك مستقبل في مهنتك.. بسببه أنت حطيت رجلك علي بداية الطريق
توقف أخيراً بالسيارة أمام أحد محلات البقالة و التي تتعامل معهم والدته في صنع اطباق الحلوى المغلفة و الأرز بالحليب، وقد علقت عيناه بعينين جنات التي طالعته بأسي
- فتون بتحب سليم يا أحمس
تفهم حديثها، ولكنه أبي أن يعترف به.. فهتف بمرارة حقيقية
- أو يمكن تكون بتحب الحياة اللي عيشها فيها
- بلاش توهم نفسك يا أحمس، لسا المستقبل قدامك طويل وهتكتشف بعدين إن مشاعرك ناحيتها غلط
تمني ذلك داخله، وغارد من السيارة حتى يتمم مع البائع طلبيته
......
زفر عنتر أنفاسه المعبأة بدخان سيجارته ضجراً من انتظاره الذي طال، فمنذ ثلاث ساعات وهو ينتظر داخل السياره بعدما غادر المنزل بعد أن طردته تلك السيدة الهوجاء وذلك العجوز
- كله يهون عشانك يا جميل، تستهلي إني استحمل شوية
وقضم فوق شفتيه، وقد عاد خياله يُخيل له بعض اللقطات التي يتوق لها بشدة جسده
- بنت الإيه احلوت واتدورت
و فاق من أفكاره أخيراً وقد التقطت عيناه السيارة القادمه نحو بوابة المنزل، فاندفع خارج السيارة ثم القى عقب سيجارته أرضاً ودهسها بقدمه واتجه بخطواته نحو هدفه..، فلن يظل في السيارة كل هذا الوقت ويعود خالي الوفاض
هتف اسمه عالياً وهو يقترب من سيارته التي توقفت أمام البوابه، و تقدم منه يبتسم إليه بسماجة بعدما خرج جسار من سيارته هو الأخر
- عايز إيه يا عنتر، مش في محضر تعهد وقعت عليه ولا تحب نروح القسم سوا
تفاجأ عنتر من حديثه الهجومي قبل أن يهتف بشئ، فتمتم وهو يهندم لياقة سترته
- طيب اعرف نيتي الأول يا جسار باشا ولا هتعمل زي اللي مشغلهم عندك، حقيقي المقابله مكنتش لطيفة خالص وتزعل
امتقعت ملامح جسار وهو يستمع إليه، فاقترب منه بجمود يعيد سؤاله مجدداً
- عايز إيه يا عنتر، وبلاش تزعلني منك.. واعرف إني عامل حساب لوالدك الراجل الطيب لحد دلوقتي
- عايزها يا باشا
تجمدت عينين جسار نحوه ، وسرعان ما كان عنتر يتلاشى ردة فعله متمتماً
- عايز اتجوزها يا باشا ولا الجواز حرام
..........
شعرت بالخجل من تصرفات اشقاءها خاصة علي طاولة الطعام التي أعدها الخدم بالكثير من الأصناف..، سليم رجل منظم يعشق النظام والهدوء ولكن اشقاءها الصغار كانوا أبعد عن صوره الأطفال اللذين اعتاد سليم علي رؤيتهم..
طالعته بنظرات خائفة ولكن وجدته يُطالع والديها مبتسماً، حتى ان والدها الذي عاتبه في البدايه لعدم الوفاء بكلمته ومجيئه لبلدتهم الريفيه وعمل عرس صغير لأبنته أمام الأهل والأقارب حتى يفتخر به ولكن العتاب تلاشي من بضعة كلمات استطاع فيهم سليم إرضاء والدها..
- والله يا بني أنا محروج منك، دول مش عيال دول قرود
ابتسم سليم وهو يرمق الصغار وخجل الفتيات الأكبر سنًا من تصرفات اشقاءهم، فهم يتحملون عبئ مسئوليتهم وعلي ما يبدو أن زوجته قديماً كانت تُعاني الأمر مثلهن.. الأم تنجب والأكبر سنًا يُربي ويُطعم
- ربنا يبارك يا حاج عبدالحميد، حقيقي نورتوا البيت.. لو كنت اعرف أنكم جاين كنت بعت ليكم عربيه بسوق
فضحك الحاج عبدالحميد وهو ينظر لصغاره
- ده احنا عايزين أتوبيس يا بني
ابتسم سليم وهو ينظر نحو حماته التي أنشغلت في تهدأت ذلك الطفل ضعيف الجسد
- هو ماله، في حاجة تعباه
وهنا قد علقت عينين السيدة عبله به، تُخبره عن حالة صغيرها، وعن عملية القلب التي يحتاجها، ففلذة كبدها لديه ثقب بالقلب وقد أتوا العاصمه اليوم من أجل زيارة احد الأطباء في احد المستشفيات الحكومية...
شعرت فتون بالصدمه وهي تستمع للأمر لأول مرة، تنهض من فوق مقعدها متسائله
- أنا أزاي معرفش حاجة زي ديه
طالعتها السيدة "عبلة" ، وقد شعرت بفداحة ما فعلت بعدما رمقها زوجها بنظرة قوية، فالرجل فتح له محل الأعلاف الخاص بالمواشي, بعد أن رفض أن يعيش بعائلته في مزرعته ويعمل بها ويأكل من خيراتها، تكفل بمصاريف تعليم أولاده، وفي توفير منزل آدمي إليهم وفرشه باثاث أصبح اهل القرية يحسدونهم عليه
- ازاي يا حاج عبدالحميد متقولش ليا حاجة زي ديه
اطرق الرجل رأسه في خزي، كحال السيدة عبلة
- كفايه عليك اللي بتعمله معانا يا بني
تحولت جلسة الطعام لعتاب، ولكن كل شئ قد تم حله بمجرد مكالمة وقف يُجريها ويُعطي أوامره لأحدهم حتى يبدء باتخاذ الإجراءات في ذلك المشفى التي يعمل بها صديقه رسلان
تهللت ملامح السيدة عبله، تنظر لابنتها ثم احتضنتها بقوة
- ابن أصول وراجل، متأخرش عننا في حاجة، قولت لابوكي يكلمه لكن اتحرج واه مكسفناش
علقت عينين فتون به وهي تستمع لمدح والدتها عنه، وكيف سوف تفخر به وسط جاراتها حينا عودتها
انقضت الجلسة العائلية في ساعه مبكرة، فاهلها لا يحبون السهر.. وقد وزعت اشقاءها علي الغرف وقد ازداد ذهولهم نحو هذه الحياة التي تعيشها شقيقتهم الكبرى
وها هي تجلس وسط شقيقاتها اللاتي يصغرونها بالعمر ، حالمين بحياة كهذه
- جوزك حلو اوي يا فتون
والأخرى تهتف ممتعضة، وهي تنظر نحو دبلة خطبتها
- ياريتني ما كنت قبلت بخطوبة الواد سيد، وكنت جيت عيشت معاكِ هنا، ويا سلام لو لقيت واحد حلو وغني من معارف جوزك
واصغرهم سنًا تهتف بتعقل
- انتوا تافهين كده ليه، اهم حاجة الحب والسعادة مش الفلوس
دلفت والدتهم الغرفة فجأة ، بعدما اهتمت بنوم أصغر صغارها، تنظر إليهم وهي لا تُصدق أن ابنتها الكبرى تجلس هكذا منذ ساعات دون أن تذهب لرؤية زوجها
- أنتِ لسا قاعده وسطيهم، وبتسمعي كلامهم الفارغ
تذمروا من حديث والدتهم، فرمقتهم السيدة عبلة بمقت
- مش عجبكوا كلامي، قومي يا بنت بطني روحي شوفي جوزك وسيبك منهم
- سليم عارف إني هبات معاهم النهاردة
لطمت السيدة عبلة صدرها مع شهقة خرجت من بين شفتيها غير مصدقة ما تسمعه
- تنامي بعيد عن جوزك..، إيه الخيبه اللي بقيتي فيها ديه.. قومي تعالي عايزاكي في كلمتين
واقتربت منها تنتشلها من مكانها، وقد هتفت إحدى شقيقاتها معترضه
- ما هي طول الوقت معاه، إحنا مش بنشوفها خالص
ولكن من نظرة واحده رمقتهم بها السيده عبله، ابتلعوا حديثهم وانشغلوا في العراك مع بعضهن
اقتربت فتون من والدتها، تعترض ثانية علي نهوضها من بينهم
- بلاش خيابه، الست الناصحه تفضل ديما جانب جوزها.. ، مش كفايه لحد دلوقتي بطنك ما شليتش منه حتت عيل..
واستطردت في حديثها، تُخبرها عن سبب إنجابها الكثير بمعتقداتها القديمة التي عفا عنها الزمن
- الراجل لازم يتربط بالعيال، وأنت يا بنت بطني مش متجوزه أي راجل..
- عشان كده جبتينا تمانية، وظلمتينا
امتعضت ملامح السيدة عبله وهي تستمع لعبارتها
- اومال اربط ابوكم إزاي، وهو شايف نفسه عليا..بسبب حلاوته.. ،ده انتِ متعرفيش انا عملت إيه عشان اتجوزه
ارتفع حاجبي فتون في ذهول، فلأول مرة تخبرها والدتها عن هذا الأمر , ولكن قبل أن تسألها ماذا فعلت حتى تحصل على والدها..،
كانت السيدة عبلة تدفعها لخارج الغرفة
- روحي لجوزك وبلاش خيبة، مش هتفرحي لما تطلقي مرة تانية
طعنتها عبارة والدتها، ولكنها تجاوزتها كما تجاوزت الكثير من قبل..
دلفت للغرفة بملامح متجهمة، وقد أخذ يُنهي مكالمته مع صغيرته التي باتت الليله برفقة والدتها خارجاً
طالعها في دهشة.. فقد قررت أن تغفو الليلة جوار شقيقاتها
- مش قولتي هتنامي مع اخواتك
سألها وقد اقترب منها، ينظر داخل عينيها بعدما لم يسمع جوابها
- مالك يا فتون؟
حاولت نفض بعض المشاعر السلبيه عنها، وعادت لدروسها التثقيفيه تبتسم إليه
- سليم أنا بحبك اوي
التمعت عيناه وهو يسمع عبارة حبها، ثم ضافت هذه المرة بمرح
- مش عارفه هحبك اكتر من كده ازاي، قلبي ممكن ينفجر فجأة
وهنا لم يتحمل المزيد من حديثها، فجذبها إليه في عناق يبث فيه مشاعره وقد تناسي شعور الحنق خاصة بعد حديثهم داخل السيارة.
.............
فتحت جنات باب المنزل الخاص بها في البناية القديمة التي كانت تقطن بها قبل زواجها منه..، وقد ظنتها السيدة صباح مجدداً..،
فمنذ دقائق قد أتت إليها بطبق طعام .. حتى إذا جاعت ليلاً تُخرجه من البراد وتسخنه ولكن تلك المرة لم تكن السيدة صباح بل كان هو، اخر من توقعت أن يهتم لامرها... ؛ فقد ظنت سيكون خير من سعيد لبداية ابتعادها عنه بعدما الصقت حالها به واجبرته علي زواجها
- كاظم!
رمقها كاظم بنظرات قوية، يتأمل هيئتها، ثم دفعها للداخل ماقتاً تلاعبها معه
- الأستاذة حظرت رقمي مش كده
طالعته في توتر قليلاً، و اجبرت حالها علي الثبات ثم رفعت عيناها إليه تُحادثه في قوة
- ولا كلمه عايز اسمعها، تدخلي تغيري هدومك من سكات وحسابنا في بيتنا يا جنات هانم
ضاقت عيناها وهي تسمعه ورغماً عنها كانت تضحك بقوة
- بيتنا، قصدك بيتك لوحدك يا كاظم باشا... وانا اه بطلع من حياتك..، ولو سامحت ميصحش وجودك هنا.. ناس كتير متعرفش إنك جوزي
ضاقت عينين كاظم وهو يرمقها ، يعقد ساعديه أمام صدره متسائلاً
- وده دور جديد بتلعبي معايا يا جنات
تجهمت ملامحها وهي تسمع عبارته، ودون شعور منها كانت تدفعه بقبضتيها
- أنا ازاي كنت غبيه ومش شايفه اد إيه انت راجل سئ ومعقد ومعندكش مشاعر، انت فعلا صورة ابشع من جودة النعماني
احتقنت ملامحه وهي يستمع لتلك الحقيقة التي يعلمها، هو بالفعل ابشع من والده، هو لا يرحم لا يسمح لاحداً ان يقف أمامه و يُناطحه
فكيف يصبر علي تحملها..، هل بعد كل ما فعله بها لم يكسرها، التقط قبضتيها في قبضه واحده ينظر إليها بقوة
- اللعبه أنتِ اللي بدأتيها، وأنا اللي هنهيها يا جنات
- مريض
- بلاش تشوفي الصوره البشعه مني يا جنات
- هو في ابشع من كده
تراجع للخلف، ينظر إليها، يُطالع ذبول ملامحها, يُعطيها خياراً أخر
- وممكن تشوفي وش أفضل من كده
تعلقت عيناها به، تنظر إليه منتظرة أن تسمع المزيد من حديثه .. فالتمعت عيناه واقترب منها
- خروجك من حياتي متوقف علي حاجة واحده يا جنات
وانتظرت سماع هذا الشئ الذي سيكون مقابل حريتها، لتتجمد ملامحها في ذهول غير مصدقة ما تسمعه منه
يتبع بإذن الله (قراءة متتعة)
الجزء الثاني
**********
لم يأتي في مخيلتها يوماً، أنها ستهوي أرضاً من شدة الضحك، بل و سوف تسلب الضحكات أنفاسها وتسقط دموعها دون أن تعرف لها معنى
حدقها بنظرات طويلة وهي يستمع لصوت ضحكاتها التي اشعرته بمدى استخفافها بحديثه؛ فتوقفت عن الضحك وهي تراه مكفر الوجه، يقبض فوق كفيه بقوة..،
اعتدلت في وقفتها تُحاول التقاط أنفاسها وقد زين ثغرها ابتسامه واسعة
- مكنتش اعرف إن كاظم باشا بيعرف يقول نكت زي الناس العادية
ازدادت تقسيمات كاظم تجهماً من عبارتها، فاسرعت في وضع يدها فوق شفتيها قبل أن تعود لهسترية الضحك التي رافقتها منذ لحظات
- مش قادرة اتمالك نفسي
والتفت بجسدها، تتحاشا النظر إليه.. تعيد عليه حديثه
- عايزني اخضع واستسلم ليك، عايزني مجرد ست بتلبي رغباتك لحد ما تزهق مني، فتقولي مع السلامة مع مبلغ مالي حلو عشان اقدر اعرف كويس اد إيه أنت راجل كريم..
ومخرجتنيش من الجوازة ديه خسرانه
عقد ساعديه أمام صدره ينتظر فروغها من حديثها الذي رافقته بلعناتها عن حقارته
- إزاي بتقدر تكون بالحقارة ديه، ازاي للحظه افتكرت إن عندك قلب ممكن يحب
- جنات
صرخ اسمها عالياً، واقترب منها يقبض فوق كتفيها بقوة..، يزجرها بنظراته الحادة
- أنتِ ليه فاكراني راجل مغفل، وهصدق الدور اللي عايشاه
اتسعت عيناها ذهولاً وهي تسمع كلماته، هل لهذه الدرجة هو أعمى البصيرة؟
- اوعي تكوني فاكرة إني مصدق الدور اللي عايشه فيه البطولة ..، مهما عملتي هفضل شايفك في صورة واحده وأنتِ اكيد عارفاها
دمعت عيناها، وهي تري نظراته القاسية نحوها بعد سماعها لعباراته القاسية
- اختارتي تلعبي معايا، رغم إني حذرتك..عرضت عليكِ الفلوس لكنك كنتِ..
- بس كفاية
دفعته عنها صارخة، لا تستوعب مدي القسوة التي تُغلف قلبه.. تنظر إليه ؛ فتصدمها نظراته المستخفه
- طماعة، مخادعة، صائدة ثروات.. مش هو ده اللي أنت عايز تقوله
تقدم منها، يشبع عينيه من صورتها المهزومة أمامه.. يمدَّ كفيه هذه المرة نحو وجنتيها.. ؛ فانتفضت عنه ولكن تمكن في جذبها إليه بتصميم، فحاولت نفض جسدها عنه تنظر إليه بملامح جامدة
- في يوم قولتلك بلاش تدخلي عرين الأسد لكنك صممتي يا جنات
تلاقت عيناهم، وقد عادت قوتها الواهية تضج في عينيها.. تسأله بنبرة تحمل الأمل
- ليه؟
وسؤالها كان مبهم بالنسبة إليه، طالعها وقد ضاقت عيناه وكأنه لا يفهم عبارتها المنفردة، فابتلعت لعابها قبل أن تمنحه تكملة عبارتها وقد ضاع أملها
- ليه عايز تكمل معايا حتى لو كوضع مؤقت..
وبمرارة اردفت وهي تتحاشا النظر إليه
- عشان تشبع غريزتك وتكتفي مني، رغم إنك تقدر تعمل كده حتى لو هتتجوز كل ليلة ست وتطلقها
انتظرت ان تسمع جوابه، شعرت وكأنها تسير لأميال بعيدة وهي تنتظر سماع جوابه..
- السبب إنك عجباني يا جنات
وقبل أن تقودها عبارته نحو الأفق، كان يُتمم حديثه
- في كيميا غريبه بينا، كيميا الجسد.. لكن اكيد ده ليه وقت وينتهي
- بالبساطة ديه!
ابتسم وهو يري تعبيرات وجهها التي تطربه، يمنحها رده
- خدي الموضوع وكأنه صفقه، والمرادي مش هتطلعي من الأتفاق خسرانه..، واظن إن من حقي استمتع بميزات الجوازة..
تركته يهذي بحديثه، الذي أصبحت تعلم تماماً سببه..، كاظم النعماني رجلا معقداً، معقداً بجدارة حتى إنه لن يمنحها يوماً جوابً يطرب به قلبها، دارت بجسدها تبتعد عن نظراته التي تجردها من ذاتها
- وأنا ليه اقبل علي نفسي كده، عشان طماعه مثلا وعايزه فلوس.. احب اقولك إني برفض عرضك يا كاظم باشا..
شعرت بانفاسه تداعب عنقها، فجذبها إليه هامساً، وقد اخذت يديه طريقها نحو جسدها
- اوعي تقوليلي إنك مش بتحسي بالكيميا اللي بينا يا جنات
اغمضت عينيها، وقد اخذ الضعف يغزو جسدها..، لكنها كانت قادرة علي التحكم باحتياجات جسدها، تركته يشعر بانتصاره قليلاً..، تركته يغزو جسدها.. وقد وجدت شفتيه طريقها
وفي اللحظه التي كاد أن يظن إنه اخضعها وانتصر، كانت تنتفض من بين ذراعيه.. تلتقط أنفاسها بعدما دفعته بكل قوتها
- لو كنت ضعفت من البداية قدامك.. لأنك فرصة اتحطت قدامي، تسميها بقى فرصه، استغلال، بجري ورا الحصان الرابح.. اي مسمي عايز تسميه هقبله منك.. لأني لحد دلوقتي بسأل نفسي ازاي رخصت نفسي كده
تجمدت عيناه وهو يري خيوط اللعبه تنسحب من بين اصابعه، هل رفضت عرضه للتو، هل أظهر احتياجه الغريزي دون أن يحصل على ما يريده..؟
وببطء كان يُدير جسده ويتجه نحو باب المنزل يتمتم وكأنه لم يسمع حديثها
- مستنيكِ في العربية
غادر قبل أن تستوعب ما نطقه، لتقف محدقة ب باب المنزل المفتوح تضغط فوق شفتيها بقوة
- ده فاكرني هنفذ اوامره، طيب يا كاظم باشا خليك مستني في عربيتك كتير
ولكن بعد نص ساعه، كانت تخرج من البناية..، طالعت الطريق واتجهت نحو سيارته المصطفة تصعدها مغلقة الباب خلفها بقوة
- اوعي تفتكر إني بنفذ اوامرك
وكاظم ينظر نحو ملامحها بتفحص، قبل أن ينطلق بسيارته يخفى خلف ملامحه الجامده.. ابتسامة لو لم يتمكن من محوها, لظنته إنه سعيد برضخوها وعودتها معها
.........
الساعة تعلن دقاتها في الثالثة والنصف فجراً ، وها هو يفتح عينيه ببطء يبحث عنها جواره بعدما شعر بأن دفئ جسدها تلاشي عنه..
وقعت عيناه عليها، وهي تجلس أرضاً وفوق ساقيها تضع جهاز الحاسوب خاصتها.. وجوارها مفكرة تدون بها معلوماتها..، اضاءه خافته تأتي من شاشة حاسوبها ومن إضاءة الشرفة وحدهما ما كانت تعتمد عليهم..
اعتدل في تسطحه متعجباً من قدرتها علي المواصله في هذه الإضاءة، وكيف تجلس أرضاً بكامل تركيزها.. فهمس اسمها بخفوت وهو يزيح الغطاء عنه
- فتون
طالعته فور أن استمعت لصوته، فاردف وهو يشعل الإضاءة حتى تنير الغرفة بأكملها
- ليه قاعده في الضلمة كده
- عندي بحث لازم اعمله، مش عارفه أنا نسيته إزاي
هتفت بها وهي تفرك خصلاتها، وقد عادت لمطالعة ما أمامها
- في الضلمة يا فتون، بتعملي البحث في الضلمة.. كنتِ نزلتي المكتب، أو فتحتي حتى النور
تنهد حانقاً بعدما لم يحصل علي جوابً منها، بل انغمست في مطالعة شاشة الحاسوب والتدوين
جاورها في رقدتها، فاتجهت بنظراتها إليه مصدومة من فعلته
- مالك بتبصيلي كده ليه، هاتي اللابتوب وخليني اشوف معاكِ ماشية صح ولا هانم هتقصر رقبتي في المهنه ..
ضحكت علي كلماته، تعطيه المهمه التي تعلم تماماً إنه سينجزها بطريقة بارعة
وبالفعل بدأت معاونته لها، كانت مندمجه معه في تدوين بعض النقاط الهامه التي سوف تسير عليها وتتمكن من سردها باستفاضه..
و في ساعة واحده استطاع أن يعطيها بحثها كاملاً ولكنه يحتاج للتدوين والترتيب
تهللت اساريرها وهي تري الأمر قد حل، وقد رتب لها أفكارها
- ياريتك كنت فضلت محامي، و ياسلام لو تدرس لينا في الجامعه
ضحك ملء شدقيه، وهو يعطيها حاسوبها
- حاولي تستغلي ده، قبل ما عالم البيزنس ياخدني خالص..
- لكن اي قضية مهمه أنت بتحلها مع حازم قبل المرافعة
ابتسم وهو يري تركيزها في بعض ما أصبح يدور بالمؤسسة، وانحني صوبها يداعب خصلاتها
- ما دام مركزه وصاحيه في التوقيت ده، قومي استعدي.. كلها دقايق والفجر يأذن.. بدل ما كل يوم حجه مش قادرة اصحى يا سليم
شعرت بالخجل وهي تستمع لعبارته، فضحك بقوة علي هيئتها
- كسولة
وها هم ينتهوا من فرضهم، ولكن عيناها ظلت عالقة به وقد طال مكوثه فوق سجادة الصلاة.. التف إليها بعد وقت..، وتعجب من نظراتها إليه، كان يعلم ما يدور بخلدها ولكنه كان ذكي في إقلاب الحديث بالطريقة التي يُريدها
- لا مبحبش النظرات ديه، وقومي كملي بحثك بدل ما تيجي بكره تقولي أنت السبب في ضياع مستقبلي
لم تتحمل سماع المزيد من كلماته المعطاءة، فاندفعت صوبه تُلقي بجسدها بين ذراعيه وقد افقدته توازنه من فعلتها
- أنا مبقتش اشوفك سليم الزوج وبس،أنا بقيت اشوفك كل حاجة في حياتي... أنا معرفتش طعم الحياة والسعادة غير معاك
ضمها إليه، يخشى عليها أن تعود دماء صفوان القديمه له ثانية، دماء والده التي كان يمقتها, ولكنه سار على دروبه من قبل ..، بل وكأن نسخة أكثر دهاءً وتملكً في نيل مبتغاه مهما كان الثمن
سيطر على أفكاره وما أخذته نحوه، وابعدها عنه برفق ينظر لملامحها البسيطة الهادئة
- بنسى نفسي وأنتِ في حضني يا فتون
تخضبت وجنتيها وهي تسمعه، فمدّ كفيه نحو خديها يداعبهما
- كملي بحثك، وأنا هنزل المكتب اراجع أوراق المناقصة
وبهدوء كان ينسحب من الغرفة، يغلق الباب خلفه يستند فوق الجدار.. يُحاول طرد عبارة "حامد الأسيوطي"شقيق شهيرة
فهل ستنتصر الدماء التي تسير بعروقه، ويعود كما كان رجل يبحث عن امتلاك ما يرغبه، ينال ثم يُلقي ما ناله دون رحمه..؟
هل سيفعل بها هذا الأمر كما فعل بنسائه من قبل..؟
إنه وصل لقلب فتون الصغيرة مجدداً، وجعلها متيمة بعشقه وازال صورته السيئة من عينيها..،
فهل اقترب وقت ضجر قلبه ورغبته بالتجديد..، وها هي العبارة تعود وتقتحم عقله
" الأصل غلاب يا ابن صفوان النجار"
..........
انتظرت السيدة "عبلة" بفارغ الصبر مغادرة زوج ابنتها المنزل، لتتمكن من الانفراد بها ومعرفة سبب رؤيتها له في الصباح يخرج من غرفة مكتبه ويصعد لغرفته ثم بعد ثلاثون دقيقة كان يُغادر المنزل
طالعت الغرفة، والفراش المرتب..بعدما أندفعت للداخل حانقة من خيبة ابنتها في نجاح زيجتها كما رأت أمامها اليوم..
وما زاد من صدمتها، أن ابنتها تغفو فوق فراشها بمنامة طفولية محتشمه..، فلطمت صدرها وهي تتجه صوبها حتى تُيقظها
- عايزه تطلقي مرة تانية، يا خيبتك في بنتك الكبيرة يا عبلة
انتفضت فتون من غفوتها في ذعر ، ومازال النعاس يثقل جفنيها.. تنظر إلى والدتها التي وقفت فوق رأسها تهتف بعبارات لا تستوعبها
- جوزك كان نايم بره الاوضه ليه يا بنت بطني ، وليه مقومتيش معاه شوفتي محتاج إيه..،خيبه عليكِ.. مش هتتعلمي ابدأ ازاي تكوني زوجه
عبارات وعبارات تدافقت فوق رأسها، وهي حتى الأن لا تفهم سبب اقتحام والدتها غرفتها وحديثها بهذا الشكل
- هو سليم خرج
هتفت عبارتها وهي تلتقط هاتفها، تنظر للوقت.. ثم حكت رأسها تستعجب مغادرته باكراً عن موعده
طالعتها السيدة عبلة في مقت وتبرم.. تنتظر سماعها ولكنها لم يكن لديها جواب علي اسئلتها التي تشعرها كم هي خائبة الرجا
- جوزك لو ضاع منك، هتبقى خايبة يا بنت عبدالحميد.. ومحدش هيقبل يتجوز واحده اتطلقت مرتين
هل كان ينقصها لتذكرها بأن في عمرها هذا ولم تتجاوز بعد الثانية والعشرون من عمرها تطلقت وتزوجت مرة أخرى.. وربما كما تري والدتها من وجهة نظرها إنها ستعود لها مطلقة مجدداً
- ده اخواتك بقى وخدينك قدوة دلوقتي، ومعلقين أحلامهم عليكِ..
والحقيقة المرة التي كانت تتجرعها مع كل كلمة تنطقها والدتها، إنهم يعلقون امالهم علي سليم النجار وامواله،
وبمرارة كانت تهتف وهي تنفض الغطاء عنها
- أنتم معلقين أمالكم علي سليم مش عليا
- وماله مش جوز بنتِ
تمتمت بها السيدة عبلة، وهي تلتف بعينيها في ارجاء الغرفة.. ثم أندفعت صوب أحد الأبواب، ولكن سرعان ما كانت تُغادر ما أندفعت داخله ووجدت به ضالتها تنظر إليها مبتسمه وهي تقبض بيدها فوق احد اثواب النوم
- كده قلبي اطمن
علقت عينين فتون بالثوب الذي تحمله والدتها، وقد هدأت ثورتها بعدما تأكدت أن ليس هناك خلافات بين ابنتها وزوجها
- ابوكِ واخواتك ماشين النهاردة وأنا هفضل هنا مع أخوكِ لحد ما يعمل العملية واطمن عليه
.........
دلف غرفة مكتبها ، بعدما سمحت له سكرتيرتها بالدلوف.. ،
فعلقت عيناه بها وهي بهيئتها العملية وجلوسها فوق مقعدها الجلدي الوثير.. تدقق النظر في الأوراق التي أمامها
رفعت عيناها نحوه، بعدما شعرت بعدم تحركه ووقفته التي طالت قرب باب الغرفة، ولكن فور أن تلاقت عيناها بعينيه رأت تلك النظرة التي لم تكن تظن أنه سيأتي يوماً وتراها في عينين أحدهم،
إنها أمرأة محظوظه ولكنها لم تشعر يوماً بذلك الحظ الناقص..، هي قدوة ومثال للمرأة الناجحه التي تتمنى الكثيرات أن تسير علي دروبها ولكنها وحيدة، احبها رجلاً يتمتع بالشباب, يعرف كيف يعطي امرأته الحب ولكنه يصغرها بسنوات عديدة
اقترب منها بعدما شعر أن حاجز الصمت لن ينكسر بينهم، وجلس قبالتها فوق سطح مكتبها, يلتقط خصلات شعرها مداعبًا
- الزوجة هي اللي بتتذمر من انشغال جوزها عنها، لكن في حالتنا إحنا الموضوع مختلف
ضحكت علي دعابته، وهي تفهم مغزى حديثه
- الزوج كسول زيادة عن اللزوم، عايز يفضل طول الوقت في السرير
ارتفع حاجبيه، بعدما راق حديثها له وخاصة عندما أتى ذكر احب النقاط إليه
- مش معقول أكون متجوز أجمل ست، واحب الخروج من البيت
ضحكت وهي تتراجع للخلف..، تسترخي في جلوسها وقد أزالت عن عينيها عويناتها الطبية
- كاظم بيشتكي من تأخير الشغل، بلغته أن العطله من عندكم أنتم.. فاتوقع هتلاقي منه اتصال قريب
وعلي ذكر اسم شقيقه، كان الهاتف يعلو رنينه..، فحدق بنظراتها العابثة وهو يعتدل في وقفته
- اممم، السيدة خديجة النجار بتبيع جوزها..
فتعالت ضحكاتها ،وهي تشير نحو هاتفه
- رد علي تليفونك يا بشمهندس
وبعبارات موبخة من شقيقه الأكبر، وقف يستمع.. يُعلل له السبب الذي لا يراه شقيقه إلا استخافً منه ومن عدم قدرته علي النجاح في شئ
تجمدت ملامح "أمير" وقد ابتعد عنها..، وتلاشي مزاجه السعيد وعبثه..
وهي كانت اذكي من أن لا تبدء في فهم شخصية الرجل الذي تزوجته..
اقتربت منه ،بعدما انتهت المكالمه أخيراً ودون أن تنتظر سماع شيئاً منه، جاورته فوق الأريكة التي تحتل غرفتها
- في قانون البيزنس، يا اما تنجح وتظهر لمنافسينك قوتك وذكائك أو تنسحب وتبقى مجرد شخص تابع بيحركك غيرك
- أنا مجرد تابع لكاظم وجوده باشا.. العيل الفاشل اللي قبل ما يوكلوا ليه حاجة مستنين فشله
- أنت مش فاشل يا أمير، أنت حاطت نفسك في خانة الفشل
طالعها في صمت، وقبل أن تنهض من جواره.. كان يجتذبها إليه.. يخبرها بالطريقة التي يجيدها إنه ناجح بشدة.. ناجح لدرجة استطاع الزواج من المرأة التي لم يتمكن احد للوصول إليها ولم تعري نفسها إلا أمامه.. ليته فقط يعرف من هذا الرجل الذي اغتصبها يوماً وجعلها تعيش سنوات من عمرها في مرارة ترمم فيها حالها
انتفضت عنه وهي تلهث أنفاسها، لا تصدق إنه جعلها تنجرف معه في غرفة مكتبها.. لتنهض من جواره وهي تغلق أزرار قميصها بعجالة
- أمير إحنا في المكتب
- وفيها إيه يا خديجة أنتِ مراتي
التفت إليه بعدما استمعت لعبارته التي نطقها بهدوء
- مراتك في السر يا أمير..، علاقتنا مش لازم حد يعرف بيها
وبهدوء أشد كان يُخبرها، وهو يقترب منها مجدداً
- ومين قال إن علاقتنا هتفضل في السر
لتتجمد ملامحها، وقبل أن تسأله عن معنى حديثه والشئ الذي يسعى إليه.. كانت سكرتيرتها تدلف غرفة المكتب بعد طرقة واحده طرقت بها فوق الباب
لتقع عيناها نحو رئيستها, وذلك الشريك الذي يقف قربها..
.........
زفرت أنفاسها ضجراً وهي تطرق الأرض بحذائها، ومن مكالمة لأخرى كان يُنهيها كان ضجرها يزداد حتى نهضت من فوق الأريكة التي تجلس عليها في غرفة مكتبه بالطابق السفلى
- مش معقول هفضل قاعده في البيت، عشان ساعدتك موجود ومينفعش اخرج طول ما الباشا قاعد
طالعها بنصف عين ثم عاد نحو أوراقه متمتماً
- تقدري تقومي تعملي اي حاجة في البيت..، أو ممكن نطلع اوضتنا
احتدت عيناها بعدما استمعت لعبارته الأخيرة، واقتربت منه تلطم فوق سطح مكتبه بقوة وهي تميل بجسدها صوبه
- بتحلم أني ارجع لصورة الست اللي أنت عايزاها..
ترك أوراقه ومال هو الأخر فوق سطح مكتبه
- تعرفي اكتر حاجة بقيت بستمتع بيها، التحدي اللي بشوفه في عينك...، وانا راجل مبحبش اللعب مع الخصم الضعيف..
- اللعبه خلصت، وانت انتصرت عايز إيه تاني نفسي افهم
وبابتسامة عابثه كان يمنحها نفس الجواب
- عايزك لحد ما أنا اللي اقول دورك أنتهي من حياتي يا جنات
- أنت إيه بالظبط..، مش عارفه اوصفك بأي لقب.. مريض ولا متملك ولا عديم القلب.. صحيح تربية جودة النعماني هيطلع إيه
- جنات
صرخ بها قبل أن ينتفض من فوق مقعده، فانتفضت هي الأخري مبتعده، تتراجع للخلف وهي تراه يقترب منها بتلك الشرارات التي خرجت من حدقتيه
- اختارتي تدخلي العيلة ديه بأرادتك، فضلتي تدوري وتلعبي وتتوسطي لسليم النجار عشان توصلي لهدفك..، محدش ضربك علي ايدك يومها
شعرت بقبضته تفتك ذراعها، حاولت تحرير ذراعها ولكنه اخذ يضغط بقوة فوقه
- طلاق مش هطلق، وهتفضلي محبوسه في البيت لحد ما أنا اقرر امتى اخرجك من حياتي
وسحبها بقسوة نحو الشرفة التي تطل علي الحديقه، يشير نحو الاربعة الرجال الواقفين
- عارفه مهمتهم إيه؟
طالعته في ذهول، وقد علقت عيناها بالاربعة رجال بالاضافه لحارس البوابة
- أنت هتسجني
- لو مشيتي معايا بالعقل يا جنات، هتعيشي في راحه
دفعته بكل قوتها بعدما عادت تتمالك صدمتها
- اعيش معاك ازاي، وأنت عايزني مجرد ست في حياتك تلبي رغباتك لحد ما ترميني بنفسك.. ليه عايز تعمل فيا كده
والإجابة بالتأكيد ستكون كما أخبرها مراراً، سيتركها حينا يرغب، حينا يشعر بالضجر والشبع منها.. حينا تنطفئ شهوته نحوها وتصبح امرأة غير كافيه بالنسبه له، ولكن تلك المرة صمت عن الجواب والتف بجسده وعاد نحو مكتبه يهتف بجمود
- حضري نفسك، معزومين علي الغدا عند جودة باشا
........
دمعت عيناها من فرط الضحك، وهي تري زوجها يُحاول الحديث باللغة النوبية مع الصغير ذو الملامح السمراء الجميله، الذي أخذ يُعلمه بضعة كلمات, وقد تناسي أخيراً الصغير وجع قدمه التي اخذ يضمدها له تحت نظرات والدته الشاكرة..
- خلصنا المهمه يا بطل
اتجهت عينين الصغير نحو قدمه الملتفة بالشاش الطبي..، ينظر إليه متعجبً متى فعل هذا، ثم أتجهت عيناه نحو والدته التي هتفت بكلمات شاكرة
- إحنا لازم نكرمك يا دكتور، كفايه اللي عملته معانا
داعب رسلان رأس الصغير، الذي وقف مستنداً علي كف والدته
- انا عملت وجبي، والحمدلله ربنا ستر ومتعورش جامد
- بس إحنا لازم نكرمك ونضيفك في بلادنا
ألحت المرأة بكرم أصلها وطيبته، ولكن في النهايه سارت مغادرة تلوح بيديها تتمنى لهم حياة سعيدة، والصغير يصرخ بعلو صوته
- أنا هكون دكتور زيك لما اكبر
ضحك رسلان من قلبه وهو يتمنى له أن يحقق حلمه يوماً، فاقتربت منه ملك وقد لمعت بريق السعادة في عينيها
- الولد جميل ولذيذ اوي
فالتف رسلان بجسده نحوها، يضمها إليه ويسير مغادراً المكان بعدما التقطوا الكثير من الصور به
- إيكادولي
فحدقت به، وقد وقفت عن السير تنظر إليه تستفهم معنى الكلمه، فتعالت ضحكاته مما جذب أنظار بعض السائحات نحوه بهيام
- ضحكتك يا دكتور
تمالك صوت ضحكاته بصعوبه، يمازحها
- مالها ضحكتي، فيها كهربا مثلا
- لا ديه ضاعت منك خالص
تلاشي عبارتها ، يقربها إليه اكثر وكأنه يخشى ابتعادها
- إيكادولي يعني بحبك
........
توقف جسار أمام سيارته بعدما خرج من شركته، ليتفاجئ بوجود عنتر أمامه..، وكأنه كان بانتظاره
- بقالي يومين مستني ردك يا باشا
طالعه جسار وهو لا يستوعب قدومه إليه مرة ثانية، خاصه بعدما اوصل رساله إلى والده, ليبعده عن طريقه وطريق بسمه لأنها تحت حمايته
- أنا جاي طالب الحلال يا باشا وعلي سنه الله ورسوله، إيه اللي يمنع...
احتدت عينين جسار، قبل أن يتجاوزه ويتجه لفتح باب سيارته
- اللي يمنع إنك راجل مغتصب، حاولت تعتدي عليها.. خمورجي بتاع ستات، عايز تسمع كلام تاني ولا كفاية
حدقه عنتر بملامح جامدة، يُحاول تجاوز حديثه حتى ينال مبتغاه
- إن الله غفور رحيم يا باشا، وأنا توبت وربنا بيقبل التوبة
- طلبك مرفوض
القى عبارته وفتح باب سيارته وكأنه يُنهي الحديث بينهم هكذا، نحو هذا الأمر الغير مرحب به
- شكلك يا باشا طمعان فيها ومكسوف تقولها
وفي لحظة لم يكن يتوقعها عنتر .. طاح وسقط أرضاً يمسح الدماء عن فمه، شبَّ العراك بينهم وقد هرول حراس الأمن نحو رب عملهم
هذي عنتر بعبارات نسجها، وقد علقت بعض الكلمات في أذن بعض العاملين بالشركة
والصورة كانت واضحة بالنسبة للعاملين عن رئيسهم، السيد جسار لديه عشيقة في منزله، وقد أخذها من حبيبها الذي وقف يلهث أنفاسه، يمسح الدماء عن فمه وانفه بعدما اجتذبه حراس الأمن بعيداً عن سيدهم الغاضب
- اتجوزها بدل ما أنت عايش معاها في الحرام يا باشا
يتبع بإذن الله ( قراءة متتعة)
**********
لم يأتي في مخيلتها يوماً، أنها ستهوي أرضاً من شدة الضحك، بل و سوف تسلب الضحكات أنفاسها وتسقط دموعها دون أن تعرف لها معنى
حدقها بنظرات طويلة وهي يستمع لصوت ضحكاتها التي اشعرته بمدى استخفافها بحديثه؛ فتوقفت عن الضحك وهي تراه مكفر الوجه، يقبض فوق كفيه بقوة..،
اعتدلت في وقفتها تُحاول التقاط أنفاسها وقد زين ثغرها ابتسامه واسعة
- مكنتش اعرف إن كاظم باشا بيعرف يقول نكت زي الناس العادية
ازدادت تقسيمات كاظم تجهماً من عبارتها، فاسرعت في وضع يدها فوق شفتيها قبل أن تعود لهسترية الضحك التي رافقتها منذ لحظات
- مش قادرة اتمالك نفسي
والتفت بجسدها، تتحاشا النظر إليه.. تعيد عليه حديثه
- عايزني اخضع واستسلم ليك، عايزني مجرد ست بتلبي رغباتك لحد ما تزهق مني، فتقولي مع السلامة مع مبلغ مالي حلو عشان اقدر اعرف كويس اد إيه أنت راجل كريم..
ومخرجتنيش من الجوازة ديه خسرانه
عقد ساعديه أمام صدره ينتظر فروغها من حديثها الذي رافقته بلعناتها عن حقارته
- إزاي بتقدر تكون بالحقارة ديه، ازاي للحظه افتكرت إن عندك قلب ممكن يحب
- جنات
صرخ اسمها عالياً، واقترب منها يقبض فوق كتفيها بقوة..، يزجرها بنظراته الحادة
- أنتِ ليه فاكراني راجل مغفل، وهصدق الدور اللي عايشاه
اتسعت عيناها ذهولاً وهي تسمع كلماته، هل لهذه الدرجة هو أعمى البصيرة؟
- اوعي تكوني فاكرة إني مصدق الدور اللي عايشه فيه البطولة ..، مهما عملتي هفضل شايفك في صورة واحده وأنتِ اكيد عارفاها
دمعت عيناها، وهي تري نظراته القاسية نحوها بعد سماعها لعباراته القاسية
- اختارتي تلعبي معايا، رغم إني حذرتك..عرضت عليكِ الفلوس لكنك كنتِ..
- بس كفاية
دفعته عنها صارخة، لا تستوعب مدي القسوة التي تُغلف قلبه.. تنظر إليه ؛ فتصدمها نظراته المستخفه
- طماعة، مخادعة، صائدة ثروات.. مش هو ده اللي أنت عايز تقوله
تقدم منها، يشبع عينيه من صورتها المهزومة أمامه.. يمدَّ كفيه هذه المرة نحو وجنتيها.. ؛ فانتفضت عنه ولكن تمكن في جذبها إليه بتصميم، فحاولت نفض جسدها عنه تنظر إليه بملامح جامدة
- في يوم قولتلك بلاش تدخلي عرين الأسد لكنك صممتي يا جنات
تلاقت عيناهم، وقد عادت قوتها الواهية تضج في عينيها.. تسأله بنبرة تحمل الأمل
- ليه؟
وسؤالها كان مبهم بالنسبة إليه، طالعها وقد ضاقت عيناه وكأنه لا يفهم عبارتها المنفردة، فابتلعت لعابها قبل أن تمنحه تكملة عبارتها وقد ضاع أملها
- ليه عايز تكمل معايا حتى لو كوضع مؤقت..
وبمرارة اردفت وهي تتحاشا النظر إليه
- عشان تشبع غريزتك وتكتفي مني، رغم إنك تقدر تعمل كده حتى لو هتتجوز كل ليلة ست وتطلقها
انتظرت ان تسمع جوابه، شعرت وكأنها تسير لأميال بعيدة وهي تنتظر سماع جوابه..
- السبب إنك عجباني يا جنات
وقبل أن تقودها عبارته نحو الأفق، كان يُتمم حديثه
- في كيميا غريبه بينا، كيميا الجسد.. لكن اكيد ده ليه وقت وينتهي
- بالبساطة ديه!
ابتسم وهو يري تعبيرات وجهها التي تطربه، يمنحها رده
- خدي الموضوع وكأنه صفقه، والمرادي مش هتطلعي من الأتفاق خسرانه..، واظن إن من حقي استمتع بميزات الجوازة..
تركته يهذي بحديثه، الذي أصبحت تعلم تماماً سببه..، كاظم النعماني رجلا معقداً، معقداً بجدارة حتى إنه لن يمنحها يوماً جوابً يطرب به قلبها، دارت بجسدها تبتعد عن نظراته التي تجردها من ذاتها
- وأنا ليه اقبل علي نفسي كده، عشان طماعه مثلا وعايزه فلوس.. احب اقولك إني برفض عرضك يا كاظم باشا..
شعرت بانفاسه تداعب عنقها، فجذبها إليه هامساً، وقد اخذت يديه طريقها نحو جسدها
- اوعي تقوليلي إنك مش بتحسي بالكيميا اللي بينا يا جنات
اغمضت عينيها، وقد اخذ الضعف يغزو جسدها..، لكنها كانت قادرة علي التحكم باحتياجات جسدها، تركته يشعر بانتصاره قليلاً..، تركته يغزو جسدها.. وقد وجدت شفتيه طريقها
وفي اللحظه التي كاد أن يظن إنه اخضعها وانتصر، كانت تنتفض من بين ذراعيه.. تلتقط أنفاسها بعدما دفعته بكل قوتها
- لو كنت ضعفت من البداية قدامك.. لأنك فرصة اتحطت قدامي، تسميها بقى فرصه، استغلال، بجري ورا الحصان الرابح.. اي مسمي عايز تسميه هقبله منك.. لأني لحد دلوقتي بسأل نفسي ازاي رخصت نفسي كده
تجمدت عيناه وهو يري خيوط اللعبه تنسحب من بين اصابعه، هل رفضت عرضه للتو، هل أظهر احتياجه الغريزي دون أن يحصل على ما يريده..؟
وببطء كان يُدير جسده ويتجه نحو باب المنزل يتمتم وكأنه لم يسمع حديثها
- مستنيكِ في العربية
غادر قبل أن تستوعب ما نطقه، لتقف محدقة ب باب المنزل المفتوح تضغط فوق شفتيها بقوة
- ده فاكرني هنفذ اوامره، طيب يا كاظم باشا خليك مستني في عربيتك كتير
ولكن بعد نص ساعه، كانت تخرج من البناية..، طالعت الطريق واتجهت نحو سيارته المصطفة تصعدها مغلقة الباب خلفها بقوة
- اوعي تفتكر إني بنفذ اوامرك
وكاظم ينظر نحو ملامحها بتفحص، قبل أن ينطلق بسيارته يخفى خلف ملامحه الجامده.. ابتسامة لو لم يتمكن من محوها, لظنته إنه سعيد برضخوها وعودتها معها
.........
الساعة تعلن دقاتها في الثالثة والنصف فجراً ، وها هو يفتح عينيه ببطء يبحث عنها جواره بعدما شعر بأن دفئ جسدها تلاشي عنه..
وقعت عيناه عليها، وهي تجلس أرضاً وفوق ساقيها تضع جهاز الحاسوب خاصتها.. وجوارها مفكرة تدون بها معلوماتها..، اضاءه خافته تأتي من شاشة حاسوبها ومن إضاءة الشرفة وحدهما ما كانت تعتمد عليهم..
اعتدل في تسطحه متعجباً من قدرتها علي المواصله في هذه الإضاءة، وكيف تجلس أرضاً بكامل تركيزها.. فهمس اسمها بخفوت وهو يزيح الغطاء عنه
- فتون
طالعته فور أن استمعت لصوته، فاردف وهو يشعل الإضاءة حتى تنير الغرفة بأكملها
- ليه قاعده في الضلمة كده
- عندي بحث لازم اعمله، مش عارفه أنا نسيته إزاي
هتفت بها وهي تفرك خصلاتها، وقد عادت لمطالعة ما أمامها
- في الضلمة يا فتون، بتعملي البحث في الضلمة.. كنتِ نزلتي المكتب، أو فتحتي حتى النور
تنهد حانقاً بعدما لم يحصل علي جوابً منها، بل انغمست في مطالعة شاشة الحاسوب والتدوين
جاورها في رقدتها، فاتجهت بنظراتها إليه مصدومة من فعلته
- مالك بتبصيلي كده ليه، هاتي اللابتوب وخليني اشوف معاكِ ماشية صح ولا هانم هتقصر رقبتي في المهنه ..
ضحكت علي كلماته، تعطيه المهمه التي تعلم تماماً إنه سينجزها بطريقة بارعة
وبالفعل بدأت معاونته لها، كانت مندمجه معه في تدوين بعض النقاط الهامه التي سوف تسير عليها وتتمكن من سردها باستفاضه..
و في ساعة واحده استطاع أن يعطيها بحثها كاملاً ولكنه يحتاج للتدوين والترتيب
تهللت اساريرها وهي تري الأمر قد حل، وقد رتب لها أفكارها
- ياريتك كنت فضلت محامي، و ياسلام لو تدرس لينا في الجامعه
ضحك ملء شدقيه، وهو يعطيها حاسوبها
- حاولي تستغلي ده، قبل ما عالم البيزنس ياخدني خالص..
- لكن اي قضية مهمه أنت بتحلها مع حازم قبل المرافعة
ابتسم وهو يري تركيزها في بعض ما أصبح يدور بالمؤسسة، وانحني صوبها يداعب خصلاتها
- ما دام مركزه وصاحيه في التوقيت ده، قومي استعدي.. كلها دقايق والفجر يأذن.. بدل ما كل يوم حجه مش قادرة اصحى يا سليم
شعرت بالخجل وهي تستمع لعبارته، فضحك بقوة علي هيئتها
- كسولة
وها هم ينتهوا من فرضهم، ولكن عيناها ظلت عالقة به وقد طال مكوثه فوق سجادة الصلاة.. التف إليها بعد وقت..، وتعجب من نظراتها إليه، كان يعلم ما يدور بخلدها ولكنه كان ذكي في إقلاب الحديث بالطريقة التي يُريدها
- لا مبحبش النظرات ديه، وقومي كملي بحثك بدل ما تيجي بكره تقولي أنت السبب في ضياع مستقبلي
لم تتحمل سماع المزيد من كلماته المعطاءة، فاندفعت صوبه تُلقي بجسدها بين ذراعيه وقد افقدته توازنه من فعلتها
- أنا مبقتش اشوفك سليم الزوج وبس،أنا بقيت اشوفك كل حاجة في حياتي... أنا معرفتش طعم الحياة والسعادة غير معاك
ضمها إليه، يخشى عليها أن تعود دماء صفوان القديمه له ثانية، دماء والده التي كان يمقتها, ولكنه سار على دروبه من قبل ..، بل وكأن نسخة أكثر دهاءً وتملكً في نيل مبتغاه مهما كان الثمن
سيطر على أفكاره وما أخذته نحوه، وابعدها عنه برفق ينظر لملامحها البسيطة الهادئة
- بنسى نفسي وأنتِ في حضني يا فتون
تخضبت وجنتيها وهي تسمعه، فمدّ كفيه نحو خديها يداعبهما
- كملي بحثك، وأنا هنزل المكتب اراجع أوراق المناقصة
وبهدوء كان ينسحب من الغرفة، يغلق الباب خلفه يستند فوق الجدار.. يُحاول طرد عبارة "حامد الأسيوطي"شقيق شهيرة
فهل ستنتصر الدماء التي تسير بعروقه، ويعود كما كان رجل يبحث عن امتلاك ما يرغبه، ينال ثم يُلقي ما ناله دون رحمه..؟
هل سيفعل بها هذا الأمر كما فعل بنسائه من قبل..؟
إنه وصل لقلب فتون الصغيرة مجدداً، وجعلها متيمة بعشقه وازال صورته السيئة من عينيها..،
فهل اقترب وقت ضجر قلبه ورغبته بالتجديد..، وها هي العبارة تعود وتقتحم عقله
" الأصل غلاب يا ابن صفوان النجار"
..........
انتظرت السيدة "عبلة" بفارغ الصبر مغادرة زوج ابنتها المنزل، لتتمكن من الانفراد بها ومعرفة سبب رؤيتها له في الصباح يخرج من غرفة مكتبه ويصعد لغرفته ثم بعد ثلاثون دقيقة كان يُغادر المنزل
طالعت الغرفة، والفراش المرتب..بعدما أندفعت للداخل حانقة من خيبة ابنتها في نجاح زيجتها كما رأت أمامها اليوم..
وما زاد من صدمتها، أن ابنتها تغفو فوق فراشها بمنامة طفولية محتشمه..، فلطمت صدرها وهي تتجه صوبها حتى تُيقظها
- عايزه تطلقي مرة تانية، يا خيبتك في بنتك الكبيرة يا عبلة
انتفضت فتون من غفوتها في ذعر ، ومازال النعاس يثقل جفنيها.. تنظر إلى والدتها التي وقفت فوق رأسها تهتف بعبارات لا تستوعبها
- جوزك كان نايم بره الاوضه ليه يا بنت بطني ، وليه مقومتيش معاه شوفتي محتاج إيه..،خيبه عليكِ.. مش هتتعلمي ابدأ ازاي تكوني زوجه
عبارات وعبارات تدافقت فوق رأسها، وهي حتى الأن لا تفهم سبب اقتحام والدتها غرفتها وحديثها بهذا الشكل
- هو سليم خرج
هتفت عبارتها وهي تلتقط هاتفها، تنظر للوقت.. ثم حكت رأسها تستعجب مغادرته باكراً عن موعده
طالعتها السيدة عبلة في مقت وتبرم.. تنتظر سماعها ولكنها لم يكن لديها جواب علي اسئلتها التي تشعرها كم هي خائبة الرجا
- جوزك لو ضاع منك، هتبقى خايبة يا بنت عبدالحميد.. ومحدش هيقبل يتجوز واحده اتطلقت مرتين
هل كان ينقصها لتذكرها بأن في عمرها هذا ولم تتجاوز بعد الثانية والعشرون من عمرها تطلقت وتزوجت مرة أخرى.. وربما كما تري والدتها من وجهة نظرها إنها ستعود لها مطلقة مجدداً
- ده اخواتك بقى وخدينك قدوة دلوقتي، ومعلقين أحلامهم عليكِ..
والحقيقة المرة التي كانت تتجرعها مع كل كلمة تنطقها والدتها، إنهم يعلقون امالهم علي سليم النجار وامواله،
وبمرارة كانت تهتف وهي تنفض الغطاء عنها
- أنتم معلقين أمالكم علي سليم مش عليا
- وماله مش جوز بنتِ
تمتمت بها السيدة عبلة، وهي تلتف بعينيها في ارجاء الغرفة.. ثم أندفعت صوب أحد الأبواب، ولكن سرعان ما كانت تُغادر ما أندفعت داخله ووجدت به ضالتها تنظر إليها مبتسمه وهي تقبض بيدها فوق احد اثواب النوم
- كده قلبي اطمن
علقت عينين فتون بالثوب الذي تحمله والدتها، وقد هدأت ثورتها بعدما تأكدت أن ليس هناك خلافات بين ابنتها وزوجها
- ابوكِ واخواتك ماشين النهاردة وأنا هفضل هنا مع أخوكِ لحد ما يعمل العملية واطمن عليه
.........
دلف غرفة مكتبها ، بعدما سمحت له سكرتيرتها بالدلوف.. ،
فعلقت عيناه بها وهي بهيئتها العملية وجلوسها فوق مقعدها الجلدي الوثير.. تدقق النظر في الأوراق التي أمامها
رفعت عيناها نحوه، بعدما شعرت بعدم تحركه ووقفته التي طالت قرب باب الغرفة، ولكن فور أن تلاقت عيناها بعينيه رأت تلك النظرة التي لم تكن تظن أنه سيأتي يوماً وتراها في عينين أحدهم،
إنها أمرأة محظوظه ولكنها لم تشعر يوماً بذلك الحظ الناقص..، هي قدوة ومثال للمرأة الناجحه التي تتمنى الكثيرات أن تسير علي دروبها ولكنها وحيدة، احبها رجلاً يتمتع بالشباب, يعرف كيف يعطي امرأته الحب ولكنه يصغرها بسنوات عديدة
اقترب منها بعدما شعر أن حاجز الصمت لن ينكسر بينهم، وجلس قبالتها فوق سطح مكتبها, يلتقط خصلات شعرها مداعبًا
- الزوجة هي اللي بتتذمر من انشغال جوزها عنها، لكن في حالتنا إحنا الموضوع مختلف
ضحكت علي دعابته، وهي تفهم مغزى حديثه
- الزوج كسول زيادة عن اللزوم، عايز يفضل طول الوقت في السرير
ارتفع حاجبيه، بعدما راق حديثها له وخاصة عندما أتى ذكر احب النقاط إليه
- مش معقول أكون متجوز أجمل ست، واحب الخروج من البيت
ضحكت وهي تتراجع للخلف..، تسترخي في جلوسها وقد أزالت عن عينيها عويناتها الطبية
- كاظم بيشتكي من تأخير الشغل، بلغته أن العطله من عندكم أنتم.. فاتوقع هتلاقي منه اتصال قريب
وعلي ذكر اسم شقيقه، كان الهاتف يعلو رنينه..، فحدق بنظراتها العابثة وهو يعتدل في وقفته
- اممم، السيدة خديجة النجار بتبيع جوزها..
فتعالت ضحكاتها ،وهي تشير نحو هاتفه
- رد علي تليفونك يا بشمهندس
وبعبارات موبخة من شقيقه الأكبر، وقف يستمع.. يُعلل له السبب الذي لا يراه شقيقه إلا استخافً منه ومن عدم قدرته علي النجاح في شئ
تجمدت ملامح "أمير" وقد ابتعد عنها..، وتلاشي مزاجه السعيد وعبثه..
وهي كانت اذكي من أن لا تبدء في فهم شخصية الرجل الذي تزوجته..
اقتربت منه ،بعدما انتهت المكالمه أخيراً ودون أن تنتظر سماع شيئاً منه، جاورته فوق الأريكة التي تحتل غرفتها
- في قانون البيزنس، يا اما تنجح وتظهر لمنافسينك قوتك وذكائك أو تنسحب وتبقى مجرد شخص تابع بيحركك غيرك
- أنا مجرد تابع لكاظم وجوده باشا.. العيل الفاشل اللي قبل ما يوكلوا ليه حاجة مستنين فشله
- أنت مش فاشل يا أمير، أنت حاطت نفسك في خانة الفشل
طالعها في صمت، وقبل أن تنهض من جواره.. كان يجتذبها إليه.. يخبرها بالطريقة التي يجيدها إنه ناجح بشدة.. ناجح لدرجة استطاع الزواج من المرأة التي لم يتمكن احد للوصول إليها ولم تعري نفسها إلا أمامه.. ليته فقط يعرف من هذا الرجل الذي اغتصبها يوماً وجعلها تعيش سنوات من عمرها في مرارة ترمم فيها حالها
انتفضت عنه وهي تلهث أنفاسها، لا تصدق إنه جعلها تنجرف معه في غرفة مكتبها.. لتنهض من جواره وهي تغلق أزرار قميصها بعجالة
- أمير إحنا في المكتب
- وفيها إيه يا خديجة أنتِ مراتي
التفت إليه بعدما استمعت لعبارته التي نطقها بهدوء
- مراتك في السر يا أمير..، علاقتنا مش لازم حد يعرف بيها
وبهدوء أشد كان يُخبرها، وهو يقترب منها مجدداً
- ومين قال إن علاقتنا هتفضل في السر
لتتجمد ملامحها، وقبل أن تسأله عن معنى حديثه والشئ الذي يسعى إليه.. كانت سكرتيرتها تدلف غرفة المكتب بعد طرقة واحده طرقت بها فوق الباب
لتقع عيناها نحو رئيستها, وذلك الشريك الذي يقف قربها..
.........
زفرت أنفاسها ضجراً وهي تطرق الأرض بحذائها، ومن مكالمة لأخرى كان يُنهيها كان ضجرها يزداد حتى نهضت من فوق الأريكة التي تجلس عليها في غرفة مكتبه بالطابق السفلى
- مش معقول هفضل قاعده في البيت، عشان ساعدتك موجود ومينفعش اخرج طول ما الباشا قاعد
طالعها بنصف عين ثم عاد نحو أوراقه متمتماً
- تقدري تقومي تعملي اي حاجة في البيت..، أو ممكن نطلع اوضتنا
احتدت عيناها بعدما استمعت لعبارته الأخيرة، واقتربت منه تلطم فوق سطح مكتبه بقوة وهي تميل بجسدها صوبه
- بتحلم أني ارجع لصورة الست اللي أنت عايزاها..
ترك أوراقه ومال هو الأخر فوق سطح مكتبه
- تعرفي اكتر حاجة بقيت بستمتع بيها، التحدي اللي بشوفه في عينك...، وانا راجل مبحبش اللعب مع الخصم الضعيف..
- اللعبه خلصت، وانت انتصرت عايز إيه تاني نفسي افهم
وبابتسامة عابثه كان يمنحها نفس الجواب
- عايزك لحد ما أنا اللي اقول دورك أنتهي من حياتي يا جنات
- أنت إيه بالظبط..، مش عارفه اوصفك بأي لقب.. مريض ولا متملك ولا عديم القلب.. صحيح تربية جودة النعماني هيطلع إيه
- جنات
صرخ بها قبل أن ينتفض من فوق مقعده، فانتفضت هي الأخري مبتعده، تتراجع للخلف وهي تراه يقترب منها بتلك الشرارات التي خرجت من حدقتيه
- اختارتي تدخلي العيلة ديه بأرادتك، فضلتي تدوري وتلعبي وتتوسطي لسليم النجار عشان توصلي لهدفك..، محدش ضربك علي ايدك يومها
شعرت بقبضته تفتك ذراعها، حاولت تحرير ذراعها ولكنه اخذ يضغط بقوة فوقه
- طلاق مش هطلق، وهتفضلي محبوسه في البيت لحد ما أنا اقرر امتى اخرجك من حياتي
وسحبها بقسوة نحو الشرفة التي تطل علي الحديقه، يشير نحو الاربعة الرجال الواقفين
- عارفه مهمتهم إيه؟
طالعته في ذهول، وقد علقت عيناها بالاربعة رجال بالاضافه لحارس البوابة
- أنت هتسجني
- لو مشيتي معايا بالعقل يا جنات، هتعيشي في راحه
دفعته بكل قوتها بعدما عادت تتمالك صدمتها
- اعيش معاك ازاي، وأنت عايزني مجرد ست في حياتك تلبي رغباتك لحد ما ترميني بنفسك.. ليه عايز تعمل فيا كده
والإجابة بالتأكيد ستكون كما أخبرها مراراً، سيتركها حينا يرغب، حينا يشعر بالضجر والشبع منها.. حينا تنطفئ شهوته نحوها وتصبح امرأة غير كافيه بالنسبه له، ولكن تلك المرة صمت عن الجواب والتف بجسده وعاد نحو مكتبه يهتف بجمود
- حضري نفسك، معزومين علي الغدا عند جودة باشا
........
دمعت عيناها من فرط الضحك، وهي تري زوجها يُحاول الحديث باللغة النوبية مع الصغير ذو الملامح السمراء الجميله، الذي أخذ يُعلمه بضعة كلمات, وقد تناسي أخيراً الصغير وجع قدمه التي اخذ يضمدها له تحت نظرات والدته الشاكرة..
- خلصنا المهمه يا بطل
اتجهت عينين الصغير نحو قدمه الملتفة بالشاش الطبي..، ينظر إليه متعجبً متى فعل هذا، ثم أتجهت عيناه نحو والدته التي هتفت بكلمات شاكرة
- إحنا لازم نكرمك يا دكتور، كفايه اللي عملته معانا
داعب رسلان رأس الصغير، الذي وقف مستنداً علي كف والدته
- انا عملت وجبي، والحمدلله ربنا ستر ومتعورش جامد
- بس إحنا لازم نكرمك ونضيفك في بلادنا
ألحت المرأة بكرم أصلها وطيبته، ولكن في النهايه سارت مغادرة تلوح بيديها تتمنى لهم حياة سعيدة، والصغير يصرخ بعلو صوته
- أنا هكون دكتور زيك لما اكبر
ضحك رسلان من قلبه وهو يتمنى له أن يحقق حلمه يوماً، فاقتربت منه ملك وقد لمعت بريق السعادة في عينيها
- الولد جميل ولذيذ اوي
فالتف رسلان بجسده نحوها، يضمها إليه ويسير مغادراً المكان بعدما التقطوا الكثير من الصور به
- إيكادولي
فحدقت به، وقد وقفت عن السير تنظر إليه تستفهم معنى الكلمه، فتعالت ضحكاته مما جذب أنظار بعض السائحات نحوه بهيام
- ضحكتك يا دكتور
تمالك صوت ضحكاته بصعوبه، يمازحها
- مالها ضحكتي، فيها كهربا مثلا
- لا ديه ضاعت منك خالص
تلاشي عبارتها ، يقربها إليه اكثر وكأنه يخشى ابتعادها
- إيكادولي يعني بحبك
........
توقف جسار أمام سيارته بعدما خرج من شركته، ليتفاجئ بوجود عنتر أمامه..، وكأنه كان بانتظاره
- بقالي يومين مستني ردك يا باشا
طالعه جسار وهو لا يستوعب قدومه إليه مرة ثانية، خاصه بعدما اوصل رساله إلى والده, ليبعده عن طريقه وطريق بسمه لأنها تحت حمايته
- أنا جاي طالب الحلال يا باشا وعلي سنه الله ورسوله، إيه اللي يمنع...
احتدت عينين جسار، قبل أن يتجاوزه ويتجه لفتح باب سيارته
- اللي يمنع إنك راجل مغتصب، حاولت تعتدي عليها.. خمورجي بتاع ستات، عايز تسمع كلام تاني ولا كفاية
حدقه عنتر بملامح جامدة، يُحاول تجاوز حديثه حتى ينال مبتغاه
- إن الله غفور رحيم يا باشا، وأنا توبت وربنا بيقبل التوبة
- طلبك مرفوض
القى عبارته وفتح باب سيارته وكأنه يُنهي الحديث بينهم هكذا، نحو هذا الأمر الغير مرحب به
- شكلك يا باشا طمعان فيها ومكسوف تقولها
وفي لحظة لم يكن يتوقعها عنتر .. طاح وسقط أرضاً يمسح الدماء عن فمه، شبَّ العراك بينهم وقد هرول حراس الأمن نحو رب عملهم
هذي عنتر بعبارات نسجها، وقد علقت بعض الكلمات في أذن بعض العاملين بالشركة
والصورة كانت واضحة بالنسبة للعاملين عن رئيسهم، السيد جسار لديه عشيقة في منزله، وقد أخذها من حبيبها الذي وقف يلهث أنفاسه، يمسح الدماء عن فمه وانفه بعدما اجتذبه حراس الأمن بعيداً عن سيدهم الغاضب
- اتجوزها بدل ما أنت عايش معاها في الحرام يا باشا
يتبع بإذن الله ( قراءة متتعة)
